تقرير: أهالي غزة يترقبون الموت وينطقون "الشهادة" قبل إيوائهم للفُرُش

الثلاثاء3 من محرم1430هـ 30-12-2008م




مجازر غزة





مفكرة الإسلام: أفاد تقرير صحافي حول حجم المعاناة التي يقاسيها أهالي قطاع غزة الفلسطيني تحت القصف الوحشي العنيف الذي لم ينقطع لليوم الرابع على التوالي, بأن أهالي القطاع يترقبون الموت في كل لحظة وينطقون بالشهادة قبل إيوائهم للفُرُش.


ويقول التقرير إنه عند انتصاف كل ليلة يبدأ أهالي غزة في نطق الشهادة وقد غادر النوم أجفانهم، وفي تلك اللحظات التي يدب فيها الرعب إلى قلوبهم تهتز منازلهم ومقاعدهم بعنف، عندما تبدأ الطائرات والمقاتلات الحربية الإسرائيلية من نوع "إف 16" تسديد ضرباتها وقصفها الجوي على كافة أرجاء القطاع من شماله إلى جنوبه.

ويضيف التقرير إن المتجول في أرجاء القطاع لا يستطيع أن يمنع نفسه من شم رائحة الدم الممزوجة بالبارود.. أشلاء وجثث شهداء وجرحى متناثرة في ممرات المستشفيات والطرقات؛ حيث صارت ثلاجات الموتى غير كافية للعدد الهائل والمتزايد من القتلى, والذي زاد حتى اللحظة حسب الإحصائيات الطبية عن 380 شهيدًا وأكثر من 1750 جريح.

وقد خلت شوارع غزة تمامًا من حركة الناس والسيارات إلا من وجوه قليلة دفعها الحال إلى الاصطفاف أمام مخابز قليلة لازالت تعمل لعلها تجد ضالتها في أرغفة خبز تائهة هنا أو هناك.



إنهم يقصفون كل شيء.. لا مؤسسات حماس:

وعبر شهود عيان عن حالة الرعب والفزع التي تجتاحهم وذويهم جراء معاينة القصف الوحشي الذي لا يتوقف, ومشاهدة جثث وأشلاء القتلى ليلاً ونهارًا.

وقال معين الأغا صاحب محل للستائر والديكور في غزة: "إنهم يقصفون كل شيء ولا يدمرون فقط مؤسسات حماس، فالصاروخ الذي يطلق على مؤسسة لحماس يدمر عشرة بيوت بجانبه، ولا أدري كيف لإسرائيل أن تقول: إنها لا تستهدف المدنيين ومنشآتهم".

ويضيف: "منزلي يبعد حوالي 400 متر عن مجمع الوزارات الذي قصف الليلة الماضية، ولكن شبابيك منزلي تهشمت بالكامل وتطاير الزجاج فوق رؤوس أطفالي المرعوبين".. بحسب العربية نتبحسب العربية نت.

وتساءل: "من أين لي أن آتي بزجاج الآن خاصة أنه مفقود منذ زمن في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل علينا منذ عامين".

ويشير إلى أن أحد أطفاله يتلعثم منذ الصباح ولم يتوقف عن البكاء خوفًا من أصوات الزلازل التي أصبحت لا تفارق غزة لا ليلاً ولا نهارًا.

الاحتلال يقتل النساء والأطفال ولا يفرّق:

أما أم محمد التي تعمل مدرسة في إحدى المدارس الخاصة في غزة فقالت: إن حجم القتل الذي تنفذه إسرائيل لا تتضرر منه حماس فقط بل الناس العاديون، مشيرة إلى أن أعدادًا كبيرة من الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية هم موظفون بسطاء يعملون في مؤسسات حماس من أجل لقمة العيش دون الانتماء إليها.

وتساءلت: "ما ذنب عائلة بعلوشة التي قتلت فيها خمسة شقيقات وجميعهن أطفال عندما قصف مسجد في مخيم جباليا، وإسرائيل تعرف أن المخيم مكتظ بمدنيين" ..

وأشارت إلى أنها كانت تحمل بعض التحفظات على حركة حماس سابقًا، ولكن عندما يطال القتل الآن كل الشعب الفلسطيني فهذا يعني أننا جميعا مستهدفون ولا مجال لمعارضة حماس في هذه اللحظات، بل نحن نتمنى من الله أن يحميها ويحمي كافة أطفال وشيوخ ونساء وأبناء الشعب الفلسطيني".

الاحتلال يسعى لتجهيل الفلسطينيين:

وأبدى صهيب سليم الذي يدرس في الجامعة الإسلامية تأثرًا بالغًا وشديدًا على استهداف إسرائيل لجامعته الإسلامية, مشيرًا إلى "أننا نفقد أصدقاءنا وإخوتنا وحتى مستقبلنا التعليمي والدراسي".

وتابع: "يبدو أن لإسرائيل خطة ممنهجة تسعى من خلالها إلى تجهيل الشعب الفلسطيني.. فالجامعة هي صرح علمي لجميع الفلسطينيين دون استثناء ولا مبرر لاستهدافها".

استهداف المساجد:

ويبدي أبو حازم استغرابه الشديد من استهداف إسرائيل للمساجد، موضحًا أن تدمير إسرائيل لستة مساجد حتى الآن يعني أن لا خطوط حمراء أمام إسرائيل وهذا يجعلنا نشعر بخوف شديد مما هو قادم، وما حدث لعائلة بعلوشة هو دليل كبير على حجم المأساة التي تواجه الفلسطينيين.


عائلة بعلوشة.. مثال على المأساة:

أما عائلة بعلوشة المنكوبة فيقع منزلها قرب مسجد "عماد عقل" في جباليا شمال قطاع غزة. وقد شن الاحتلال غارة جوية أمس الأول استهدفت خلالها المسجد ما أدى إلى انهيار جدرانه على منزلهم موديًا بحياة خمسة شقيقات تم دفنهن جميعًا في مقبرة جماعية بناءً على مشيئة والدتهن.

أما الأخت الوحيدة الناجية ـ وهي طفلة لا يتجاوز عمرها عشرة أعوام ـ فقد تم انتشالها من تحت أنقاض المنزل.

وقالت الطفلة بعد انتشالها: "إنها كانت نائمة وجميع أسرتها عندما بدأت الغارات الجوية والقصف الوحشي يهز أركان المنزل.. مضيفة: "بعد ذلك لم أر إلا غبارًا كثيفًا وألسنة لهب تتصاعد ودمًا وترابًا وحجارة تتساقط على جسدي ليأتي بعد ذلك رجال الإسعاف لانتشالي من تحت الأنقاض".

وتقول باكية: "لم أرَ شيئًا أمامي.. وكل ما أذكره أنني ناديت على أخواتي ولم أتلق إجابة.. لم يرد عليّ أحد".


أوضاع إنسانية متدهورة:

ومن ناحية أخرى تعيش الأسر الفلسطينية تدهورًا صعبًا في الحالة المعيشية بلا استثناء, حيث أوشكت المدن الفلسطينية على العودة إلى العصر الحجري كما توعد بعض القادة الصهاينة بإعادة القطاع إلأى هذا العصر أو 60 عامًا إلى الوراء، حيث يندر على المجتهد في البحث أن يجد "بابور جاز" لشرائه مما كانت تستخدمه الجدات في الخمسينيات والستينيات.. فيما يندر وجود الحطب اللازم لإشعال النار لأن إسرائيل جرفت معظم بيارات غزة خلال الانتفاضة الثانية منذ عام 2000.

ومشكلة خطيرة أخرى تواجه أهل غزة هي عدم القدرة على الحصول على سيولة نقدية؛ لأن البنوك لا تملك تلك السيولة، ففي غزة من يملك دولارًا أو مليون دولار، كلهم سواسية في وجه القمع والقتل والخوف وقلة الموارد وانعدام الحاجات الأساسية.


ملابس الغزاويين عوضًا عن الحطب:

وفي ظل أزمة الوقود أقدمت بعض العائلات الغزاوية على حرق ملابسها القديمة لاستخدامها كوقود عوضًا عن الحطب المفقود الآن في غزة، وإن وجد فبأثمان باهظة.

"سعاد" ربة منزل وأم لعشرة أطفال عادت كما تقول إلى العصر الحجري وإلى طريقة الطبخ التقليدية على نار الحطب. ولكن سعاد لا تستطيع أن توفر الحطب لأنه غير متوفر وإن وجد فقد ارتفع ثمنه.

وتضيف سعاد: "أحضرت ملابس أطفالي القديمة وأحرقتها وأشعلت النار حتى أتمكن من الطبخ. لم يكن أمامي طريقة أخرى حتى أطعم أطفالي.. كيف لي أن أطعمهم وأنا لا أملك غازًا ولا حتى حطبًا لأشعل به النار؟!".