بسم الله الرحمن الرحيمقال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء:19] وقال سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)[النساء:129]. أي يتعذّر عليكم التسوية بين النساء في كل الأحوال وقد يقع منكم التفاوت أو التمييز في المحبة والعاطفة فلا تبالغوا في الميل إلى المرأة فتصير المرأة الأخرى كالمعلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة ، وإن أصلحتم أموركم وعدلتم فيما تملكون واتقيتم الله حق تقاته فالله يغفر لكم سيئاتكم ويشملكم برحمته ويتجاوز عما ارتكبتم مع النساء من جور وقسوة وسوء تصرف.
اقتضت الحكمة الإلهية العالية تحقيق التكامل والتآزر بين خلق الله تعالى من الذكر والأنثى ، لأن الحياة الإنسانية تتطلب التعاون ، ودوام العشرة الزوجية ، وبقاء النوع الإنساني ، ولكن الله تعالى خلق كلاً من الرجل والمرأة بطبع معين ، والمرأة لينة لطيفة وديعة ، وذلك من أجل إنجاز مهمتها ، وحينئذٍ قد تخطئ المرأة أو تتناقض بين ماضيها وحاضرها ، أو في أقوالها وأفعالها ، فما على الرجل أن يقسو عليها أو يهددها أو يسيء إليها ، وإنما عليه الإحسان إليها ، والعفو عنها ، ومعاشرتها معاشرة خيّرة كريمة ، بطيب القول وحسن الفعل بقدر الإمكان.
ولا يبادر الرجل إلى تتبع هفوات المرأة وأخطائها الصغيرة.. فما منا أحد معصوم عن الخطأ ، فعليه الصبر عليها والتسامح معها والعفو عنها فإن ساءه خلق منها أو طبع سرّه من خلق آخر أو طبع آخر ، حتى تستمر العشرة الزوجية ويدوم الحال.
وما أجمل هذه النسبية في الآداب والأخلاق حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام ، فيما رواه مسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر».
أي: لا يبغض رجل امرأة في عموم الأحوال فإنه إن ساءه منها خلق أو طبع سرّه منها خلق أو طبع آخر ، وهذا هو مفاد نظرية النسبية والوسطية المتوازنة بين الأشياء كلها.
ومثّل هذا في خاتمة وصايا النبي عليه الصلاة والسلام الأساسية في حجة الوداع ، عن عمر بن الأحوص قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هنَّ عوانٍ عندكم ليس تملكون منهن بإذن الله شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجرهن في المضاجع واضروبهن ضرباً غير مبرِّح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ».
عوان: أسيرات ، فقد شبه الرسول الله عليه الصلاة والسلام المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير ليعطف عليها الرجل فلا يقسو عليها والضرب الجائز : هو الضرب الخفيف غير المؤذي. وقوله تعالى : (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
ثم تابع الحديث السابق بيان الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوج والزوجة فقال :« ألا إن لكم على نسائكم حقاً فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من لا تكرهون ... وحقهن عليكم : أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن » .
أي أن من حقوق الزوج على زوجته : عفة الفراش فهو أساس الطهر ، واستقرار الحياة الزوجية إلى غير ذلك من الحقوق..
ومن حق المرأة على زوجها: الإحسان المادي إليها في شأن الطعام والكسوة ، أي والمسكن وكذلك الإحسان في المعاملة ، وهذه الحقوق هي ترجمة واضحة لصريح الآية القرآنية: () فالحياة الزوجية السعيدة تتغذى على حسن العشرة والتعامل ، والفعل الجميل والقول اللطيف اللين.
•أهم المصادر والمراجع:
- خلق المسلم: د. وهبة الزحيلي.
- الآداب الشرعية: الإمام ابن مفلح.
- التفسير المنير: د. وهبة الزحيلي.
- كيف تكسب زوجتك: سعود الراجحي.