السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عادل بن عبد الله العبد الجبار
أحمد الله وأثني عليه وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ...
دمعة جمانة تفاصيل قصة أهديها لكل مؤمن ومؤمنة في زمان نحن في أمس الحاجة للذكرى والتذكير فتحت رُكام الليالي تندرسُ القصص إلاهذه القصة.. وتلوذُ حوادث الزمان فرا راً من الذاكرة إلاهذه الحادثة فكانت د رَّةً ثمينة وياقوتة ًغالية وغصناً زاكياً فواحاً وهي بحق رسالة إلى الباحثين عن السعادة الحقيقية والحياة الطيبة وحديث إلى من شعر بالشقاء فأحاط به ال من كل حدب وصوب ودعوة صادقة لمن فقد بالمعصية كل معاني الأمن والاستقرا ر هذ ا طريق التوبة واضح لكل عينين وهذ ا سبيل النجاة ينتظر السالكين فمن بين هذا الوجود اكتب هذه القصة فلو قلبت كتاباً بعد كتاب وصفحة بعد صفحة أبحث عن قصة من القصص تحكي لنا التوبة في أصدق معانيها وأقوى عباراتها ، ونهاية عاقبتها ، لن أجد أفضل من عصر طالما اشتقنا إلى أهله ومن عاش فيه إنه جيل الصحابة والصحابيات فإليك هذه القصة ممزوجةً بالحب مقرونةً بالود مكلّلةً بالصدق مجلّلةً بالوفاء فأيُ حبٍ إلا حب الله وأي ودٍ إلا في طاعته وأي وفاء إلا في الالتزام بأوامره اقرأ هذه القصة بقلب حي ودمع صادق ، كيف لا ؟ وقلبك بتوحيد الله نطق ومن ناره خاف وفي جنته قد رغب ومن نحن ؟ ومن نكون ؟ والخطايا من سلمنا منها فنحن المذنبون أبناء المذنبين .
دمعة جمانة متى ؟ولماذا ؟ومن أي شيء ؟وفي أي عصر ؟ ومن مَنْ ؟ وماذا حصل إنها حوادث متلاحق وروايات مختلفة فكيف كانت ؟؟ إنها قصة حقيقية وتوبة صادقة وألمٌ أرَّق فؤادها وأقضَّ مضجعها إنها قصة بكت منها العين ورقَّ لها القلب فتحت للتائبين باباً وللضالين طريقاً أتريد معرفة هذه القصة وتفاصيلها التي هي محضٌ من العبرة والعظة؟!في صحيح مسلم :» أن امرأة من غامد من الأزد .. دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بين يديه أصحابه فسألته... فما سؤالها ؟ استفتته فما فتياها ؟
قالت : يا رسول الله ... طهرني ... طهرني!!
قال : ويحكِ ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه
قالت : يا رسول الله ، أتريد أن تردني كما رددت ( ماعزاً ) وكان ممن زنى في عهده
فقال رسول الله : وما ذاك يا أمة الله ؟!
قالت : إنها حبلى من الزنا ..!!
فقال : آأنت .. آأنت ؟؟
قالت : نعم !! وإنه لفي بطني أي أحمل في بطني جنيناً هو من الزنا
فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها أن تتوب لعلها أن ترجع إلى الله قال تعالى ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ماتفعلون..) وقال تعالى ( وتُوبوا إلى الله جميعاًً أيُها المؤمنون لعلكم تفلحون)
أصرت المرأة عليه بإقامة الحد وحدُّها أن تُرجم بالحصى حتى تموت لأنها (محصنة)أي :متزوجة قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إن الله بعث محمد بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده " متفق عليه خرجت المرأة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من حالها ( الفقر ) أي كانت فقيرة دلَّ على ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحد الصحابة بكفالتها والقيام بمؤنتها ومصالحها فأمضت مدة الحمل تسعة أشهر لتضع مولوداً ذكراً فجاء من كفلها من الأنصار مخبراً رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها وضعت مولودها .فقال : نرجمها يا رسول الله ؟!فقال صلى الله عليه وسلم : لا .. لا .. نرجمها كيف ؟ وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه ؟ اتروكها !! .
وفي رواية أخرى : ( أنها لما ولدت جاءت بالصبي قد لفَّته في خرقة تقف به أمام سيد الرحماء من البشر قائلةً له : يا نبي الله هذا قد ولدته فقال رسول الله..
( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)فخرجت من عند رسول الله وبين يديها الصغير تحمله لتمضي مدة الرضاعة ( سنتين كاملتين ) كما قال تعالى :
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) . فلما فطمته أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي وفي يده كسرة خبزة يأكل منها .
آه ... لا أعلم أكانت تحمله بين يديها وهو يأكل خبزته أم كانت ممسكةً بيده اليسرى وخبزته بيده اليمنى قد رفعها إلى فمه يأكل منها فكلا المشهدين مؤثر ومبكي قالت المرأة بإصرار وعزيمة : يا رسول الله هذا هو قد فطمتُه وقد أكل الطعام كما ترى فالتفت إلى صحابته وقال : » من يكفل هذا الولد وأنا أضمن لـه الجنة « قال أحد الصحابة : أنا يا رسول الله فدفعه إليه .
تأمل يا رعاك الله سنتان كاملتان بقي معها كم داعبته ؟؟ كم قبلته ؟؟ كم ارتمى في أحضانها ؟؟ كان إذا جاع ناداها وإذا مرض بكى عندها عاشت وعاش معها طفولته مع أم صادقة مع أم تائبة مع أم حنون وكفى كان إذا بكى مسحت دمعته وخففت لوعته فلئن كانت الدنيا مصائب فإن أمه سلوانُها عامان قضاها كم يقضيها الصغار مع أمهاتهم وكلنا نعرف ذلك وفي هذه اللحظة تتخلى عنه ويتخلى عنها بعد أن كان ينام في حجرها وبين يديها وقد ضمته إلى فؤادها وقلبها وأرضعته من حنانها وشفقتها قبل حليبها وأنه وإن كان يذكرها بشؤم المعصية ، إلا أنها أحبته رحمةً به لعلها أن تنال به رحمة ربها لعل الله أن يعفو ويتوب عليها وإلا فما ذنبه ؟؟ وما خطيئته ؟؟ قال تعالى (ولاتزر وازراة وزر أخرى) أمه ..أمنيتُه الأولى فكيف الدنيا من بعدها ؟ تعبت من مولده وقبل ذلك حمله وألمه وهمه وحزنها على ما حصل من خطأ وزلل أمه النعمة الكبرى والحنان الأوفى حملته تسعة أشهر وما زالت تُعطي وتُعطي برحمةٍ أوصلت ليلها الحزين بنهارها الكئيب لأجل أن تعيش ويبقى ... وكأن لسان حاله يقول لها (أمــاه )
إنَّ القلبَ قد آتى إليكِ باكياً يخشى عليكِ من ألمٍ ومن مصائبَ أتيا