تمنين عليّ مشاعرك ؟!
كتبته : فجر الأمل


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وِدٌ ووِداد ..
محبّـةٌ وإخاء ..
صفاء ووفاء ..

هكذا تبدو للناس علاقتهما ( القوية ) ..

عطاءٌ مُـغدِق ..
وسخاءٌ لا نهاية له ..

سخاءُ مشاعِـر ، وسخاء مادّة .



تمرّ بهما الأيام ..
سماؤهما صافية وشمسهما مشرِقة ..
حرارتها مِن حرارة حُـبهما !

وهكذا تسير حياتهما لا ينغـّـصها منغـّـص
ولا يكدّر صفوها شائبة .

فلمّـا كانت الحياة لا تستمرّ على طريقٍ واحد ..
ولَمّا كانت الليالي والأيام لا تدوم على حال ..

شاء الله أن يقع بينهما خلاف ،

كما يقع خلاف واختلاف بين أي اثنين
ولو كانا توأمين !


حتى النفس التي بين جنبيّ الإنسان ..
يقع بينها وبين صاحبها اختلاف وصِـراع !



أمّـا إحداهما فلسان حالها يقول :


لم أواخذك بالجفاء لأنني =
واثق منك بالوداد الصريح


أمّـا الأخرى فحالها حالٌ آخَـر !

أحضرت معها سجلات الإحسان !
واسترجعت ذكريات الإغداق ..

فبدأت تمنّ على صديقتها !
تمنّ عطاءها ..

فتحت أرشيف ذاكرتها وبدأت تستعرِض عليها
ما كان منها مِن جميل !


ولديها استعداد لإنهاء علاقة وِد جمعت بينهما ،
لسبب صغير أو حتى كبير .




في علاقتنا مع الناس ..
نحتاج كثيرًا لكبح جماحنا !

وفي علاقة الأصدقاء خاصة

نحتاج إلى ( المِـيانة ) وغضّ الطرف عن الهفوات .

صِدق المودّة وصحة المسار في الصداقة ..
تجعلنا على قدم راسِـخ ..
وتجعل الرؤية عندنا واضحة حول
ما ينبغي في العلاقة وما لا ينبغي .

أمّـا الحُـب النرجسي ،
وإظهار المنّ والأذى كذلك ! بعد كل تشويش يحصل بين اثنين ..
فإنّ هذا مما يفسِـد الوِد ..
أفسدت بالمنِّ ما أسديتَ من عمل =
ليس الكريمُ إذا أسدى بمنّـانِ

وأحيانًا قد يزيد العتب
حتى يخرج عن دائرة التصافي ! فيتّـجه ليـُـقال له لوم !
فيبدأ التلاوم مِن أحدهما أو كليهما

وما أحسن قول الشاعِـر :
عَـتَـبْـتم فَلمْ نعلم لِحُسن حديثكم
= أذلك عَـتَـبٌ أم رِضاً و توددُ


ولو أنّ كل صديقتين عرَفت كلُّ واحدةٍ منهما حَـق صاحبتها ..
وتذكّـرت قول الله
{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ }

لهانت عندها بعض الهفوات والنزوات ..

ولطبّـقت قول الشاعِـر :
وكنتُ إذا الصديقُ أراد غيظي =
وشـــرّقني على ظمأٍ بريقي
غفرت ذنوبه وكظمت غيظـي =
مخافة أن أعيشَ بِلا صديقي

إنّ نشوء علاقات قائمة على المصالِح ..
أو علاقات ليس لها هدَف واضح ..
( مجرّد صديقة تسليني ) !
كل هذا يجعل العلاقة فيها توتـّـر ،
وقد ينقطع الحبَـل عند أدنى ضربة !



لو استشعرت كل صديقتين
قوله عليه الصلاة و السلام

[ إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ]

وقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه : [ قال الله تعالى :
وجبت محبتي للمتحابين فيَّ , والمتجالسين فيَّ ,
والمتزاورين فيَّ , والمتباذلين فيَّ
] .
وفى رواية الترمذي قال :
[ يقول الله تعالى :
المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ,
يغبطهم النبيون والشهداء
] .

لو استحضرت هذا الجزاء والإكرام
، لهانت عندها الدنيا ،

وعلِمتْ أنّ صداقتها إن كانت لله وفي ذات الله ..
فلها عند الله عظيم الجزاء .

لا يُـقال يُقبَـل كل خطأ ..
ولا يُـقال يُغضّ الطَـرف حتى تختلِط الأمور ..


ولكن

ما أجمل التصحيح بلا تجريح ..
وما أجملَ العتب مع المودّة ..
لا لومٌ فيه ولا اتّـهام ..


والتعامل مع الناس عمومًا ،
ينبغي أن يكون بحُـسن خُـلق وطِيب معْـشَـر ..
ولربما نجِـد مَن له قليل عمل
وطاعة ولكنه حلو العِـشرة ، وفاضِل
..
له أحسن الأخلاق في التعامل مع الناس ..
[وإن المسلم ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم
لا يفطر والقائم لا يفتر
] كما في الحديث .



فهذه دعوة لصِدق الإخاء ..
وصفاء منبَـع الصِدق في الصداقة ..

فإن كان أساسها متينًا صحيحًا ..
ومبناها أولاً وآخِرًا هو رجاء ما عند الله والدار الآخِـرة
مع ما في النفس مِـن حُب الأُنس
والمشاركة وبُغض التوحّـد ..

فإنها تبقى حتى لو داهمتها ( عوامل التعرية ) !
فإنّ الأنقى هو الأبقى .

مما راق لي