بسم الله الرحمن الرحيم
تأمــــلات مجــــاهــد..
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
بعد فتـرة الترقّب والجمود ..
والمتابعة لأحوال الأمّـة وماتمرّ فيه من ابتلائات..
والمتابعة لأحوال النّـاس وتقلّباتهم ..
تجد العجب في هذه الأمــة..
تظلّ تتسائل ..أليس منكم رجل رشيد؟
يحتار العقل ..حين يرى أصحاب العقل والفكر قد فقدوا عقولهم..
ويحتار القلب..حين يرى أصحاب القلوب والإيمان قد غفلت قلوبهم..
حتى صاروا وبالا على إخوانهم..
أترى..! هل هذا زيادة في التمحيـص؟ وزيادة في التنقيـة لمن يريد الله اصطفائهم!
لم يعد يستطع الإنسان أن يثق بأحد..
كيف لا..وصديقي قد ساروته الشكوك حولي بعد أن كنت قدوته!
كيف لا..وأمّي باتت تدعوا لي بالهدايـة بعد أن كانت تدعوا لي بالتوفيق والثبات على الدرب!
كيف لا..وأحبابي بدأوا يختفون شيئا فشيئا حتى لم يعودوا يعرفونني!
دنيـا عجيبــة..وغفلة رهيبــة..
استطاع النفاق من خلالها شقّ الصفوف وغرس السموم..
وللأسـف ..حتى فيمن عرف عنهم مناصرة الحقّ الذي معي!
سكتت طويلا..وتأملت كثيرا..
تكلمت حتى وعيت أنني خبر آحاد ليس بصحيح!
مع أنّي عدل ثقة..
لكن تواترت الأخبار من أهل الفسق والنفاق حتى غدت صحيحة لايمكن ردّها!
فحيل بيني وبين قومي ولم أعد أستطع نشر الحقّ الذي معي
بل..لم أستطع الذبّ عن عقيدتي وعن صحّة منهجي!
كنت أسمع من أهل العقل والإدراك
أنّه عند الخصام لابدّ من السماع للطرفين
ومن حكم بظاهر ماقيل له أو رآه من أدلّة من طرف واحد أصبح ظالما
كتاب ربّي قد ربّانا جميعا وأعطانا خير عبرة في نبيّ الله داوود حين حكم بين الأخوين بعد سماعه لأخ واحد فقط
عاتبه الله ..حتى تاب إليه وأناب
سبحان الله
قد يكون هذا الحكم منسوخا عند من يثقون بخبر الفاسق التي أقلّ أحواله الفسق حين تواتر
فجرّمت أنا دون بيّنة
وعوقبت دون حكم
واتهمت بأباطيل كثيرة دون دليل
حتى غدوت ضالا عن الحقّ
حتى غدوت مجرما لابدّ أن يسفك دمي
حتى غدوت ممّن يفسدون في الأرض الذين لابدّ أن تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف
حتى غدوت خارجا عن دين الله حين دعوت الى تطبيقه وعملت بدعوتي
ومع ذلك
حين أرى بني قومي يتكلمون في عرضي
ويأكلون في لحمي
ويتناقلون الأحاديث الفاسدة حولي
والقصص الكاذبة حول أفعالي وجرائمي
ويحذّرون بعضهم منّي ومن منهجي
أنظر إليهم
فابتســم
وأصمــــت
أصمــت صمتا طويلا
وابتسم ابتسـامة ملؤ عينيها الدموع
ليس لنفسي
بل على حالهم
لأنّهم ينخرون في الجسر الذي نبنيه لهم بدمائنا دون أن يشعروا..!
لأنّهم لم يتبيّنوا حين أتاهم خبرنا فغدوا كالببغاء الذي ينعق بكلّ مايسمع..!
فلم يبق النفاق صورا إلاّ ونفخ فيه وبثّ من خلاله السموم والطعنات
والصور والمشاهدات التي تجرّمني وتجعلني وحشا ليس له بدين الإسلام صلة
يريدون لجسدي أن يهن
ولعزيمتي أن تخفت
ولبركاني أن يهدأ
ولنوري أن يطفأ
ولكنّهم يحلمون
والله يحلمون
وبفكرهم هذا هم واهــمون
فلست جسدا يطعن فيموت
كباقي أمواتهم
بل دمائي تنير الدرب لمن بعدي
وأشلائي تبني جسر التمكين والنصـر لأمّتي
يظنّون إن قتلوني سأموت
بل هم بذلك يهبون لي الحيــاة دون أن يشعروا
(ولاتحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا)
لم أسلك الدرب والله حماسة
ولاشجاعة
ولاحبّا لسفك الدمـاء
بل قياما بأمر الله تعالى حين أمرنا بالنفير لنصرة دينه والذبّ عن أعراض إخواننا
ولإيقاف المدّ الصليبيّ الذي لن يرضى إلاّ أن يرّدنا عن ديننا
(ولايزالون يقاتلونكم حتّى يردّوكم عن دينكم ان استطاعوا)
ولحفـظ دماء إخواننـا المسلمين
الذي اتهمنا بأن سعينا هو لسفك دمائهم بأكذوبة وأفلام وعروض مضحكة
يــــاالله..
كم هو عجيب حال هذه الدنيا
يــاالله..خذني إليك
وألحقني بأحبابي الذين سبقوني
يقيني يذكرني بقولك
(ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون)
ربّـــاه..
قد ضاق الحال..
وقد اشتدّت غربتـي..
وزادت وحشتي ..
وليس لي من أنيس إلاّ أنت..
فرحمـــاك رحمــاك..
رحمــاك بمن هجر لذائذ دنيـاه من أجل نصرة دينك
رحمــاك بمن اختار سبيل الغربة من أجل أن ترفرف راية التوحيد عاليا
رحمــاك بمن جعل عرضه دون إخوانه..ونحره دون نحورهم
رحمـاك بمن خرج لايبتغي إلاّ وجهـك
ربّ
ليس الجاه يخرجني
وليس المال يخرجني
وإنما أخرجني البيع الذي عقدته معك
(إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّـة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون)
فيــــــاربّ ...عجّل بي إليـــــك..
كتبته الأخت \ جهاد الأنصاريه..