السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

رأس مال المسلم في هذه الدنيا وقت قصير.. أنفاس محدودة وأيام معدودة فمن استثمر تلك اللحظات

والساعات في الخير فطوبى له ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر

زمناً لا يعود إليه أبداً، فــــــوقتــنـــا هــــــــو حياتنا، لهذا أطرح هذا الموضوع وهو أهمية الوقت

واهتمام القرآن الكريم به. جعل الله الوقت نعمة امتن بها على عباده

فقال تعالى: "وَسَخر لَكُمُ الشمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخرَ لَكُمُ الليْلَ وَالنهَارَ (33) وَآتَاكُم من كُل مَا

سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدواْ نِعْمَة اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِن الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفار

(34)" إبراهيم.

فالوقت هو النعمة التي يتساوى بها الغني والفقير وألقي لكل واحد بمقدار عمره وهو الشيء الوحيد

الذي لا يباع ولا يهدى ولا يمكن لأحد الحصول عليه وقد بين صلى

الله عليه وسلم هذه النعمة بقوله "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" فالمؤمن في

الأصل لا وقت فراغ لديه قال تعالى: "فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى

رَبكَ فَارْغَبْ" (الشرح 7-8) أي إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع شواغل الحياة

فتوجه بقلبك كله إلى من يستحق أن تنصب فيه وتكد وتجهد العبادة

والتجرد والتطلع والتوجه إليه.

إن الله أقسم بالوقت وبأجزاء معينة منه قال تعالى: "والْعَصْر(1) إِن الإِنسَانَ لَفِي خُسْر (2) إلا الذِينَ

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَق وَتَوَاصَوْا بِالصبْرِ (3)"

أقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين وزمن
الشقاء.

ومعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه دل ذلك على أهميته وعظمته وليلفت الأنظار إليه وينبه على

جليل منفعته ، وبين سبحانه وتعالى أن هذه الحياة ليست لقضاء

الوقت بشيء غير نافع. فقال تعالى: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُون" (المؤمنون 115).

وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال،

عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين

اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به" فالعمر هو الوقت الذي يجب الحرص عليه وأننا مسئولون

عنه وسنحاسب عليه في ذلك الموقف العظيم.

وقال صلى الله عليه وسلم دالاً أمته على اغتنام الأوقات "اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك،

وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك،

وحياتك قبل موتك".

فعمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا وحصاد ما زرع يكون في الآخرة فلا يحسن للمسلم أن

يضيع أوقاته وينفق رأس ماله فيما لا فائد به ومن جهل قيمة

الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه ولكن بعد فوات الأوان.

وفي هذا يذكر القرآن موقفين للإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم الموقف الأول:

ساعة الاحتضار حيث يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة ويتمنى

لو منح مهلة من الزمن وأخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات.

الموقف الثاني في الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل

النار النار وهناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى

حياة التكليف ليبدأوا من جديد عملا صالحاً قال تعالى: "وَالذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ

فَيَمُوتُوا ولا يُخَففُ عَنْهُم منْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُل كَفُورٍ، وَهُمْ

يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الذِي كُنا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمرْكُم ما يَتَذَكرُ فِيهِ مَن تَذَكرَ

وَجَاءكُمُ النذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظالِمِينَ مِن نصِيرٍ" سورة فاطر.

ولقد اهتم الإسلام وجاءت شعائر الإسلام تثبت قيمة الوقت، فالصلوات الخمس لها أوقات معينة لا تصح

قبله وتحرم بعده إلا لعذر وكذلك صوم رمضان له وقت معين

وحج البيت والزكاة وغيرها من شعائر الإسلام.

لذلك علينا أن نستغل الأوقات وأن نجعل حياتنا كلها لله فلا نضيع من أوقاتنا ما نتحسر عليه يوم القيامة

فالوقت سريع الانقضاء وهو يمر مر السحاب فلتحسن أخي

المسلم أختي المسلمة استغلال وقتك فيما يعود عليك وعلى أمتك بالنفع في الدنيا والآخرة فما أحوج

الأمة إلى رجال ونساء يعرفون قيمة الوقت ويطبقون ذلك في الحياة! فالوقت هو الحياة