الجواب من العلاَّمة الألباني هل من قُتل في المجابهات التي تحدث
بين بعض أفراد الشعب وبين الشرطة والجيش في مصــر هل هو شهيــد أم ليس بشهيد ([1]) • السؤال : هنالك يا عمّ ! الشيخ من يقول : من يُقتل الآن على الساحة المصرية بين الحكومة والأخوة ، بعض الأخوة يقول : إنه شهيد ! ، والحديث يقول : « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار » فأرجو الإيضاح بارك الله فيك ؟
• الإجابة : أولاً الجواب عن هذا السؤال باختصار ؛ أن من يقتل في هذه المجابهات التي تقع بين الدولة وبين بعض أفراد الشعب المسلم ، وأستدرك على نفسي فأقول : بين الدولة التي لا تحكم بما أنزل الله ، وبين بعض أفراد الشعب الذي يطالب الدولة بأن تحكم بما أنزل الله كما يقع من قتلى بين الطرفين ؛ فليس فيهم من يصح أن يقال فيه إنه شهيد ؟!!! .
ذلك لأن الشهادة تنقسم في الشرع إلى قسمين اثنين :
• شهادة حقيقية .
• شهادة حكمية .
أما الشهادة الحقيقية : فهو المسلم يخرج من بيته ؛ من بلده مجاهدًا في سبيل الله لا يبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورًا ، ولا نصر شيء إلاَّ رفع كلمة الله أن تكون هي العليا ، ومن خرج من داره ، أو من بلده بهذا القصد العظيم ثم قُتل في المعركة فهو شهيد ، وهو الشهيد حقيقة ، وهو الذي لا يصلى عليه ، ويدفن في ثيابه دون أن يكفَّن - خلافًا لما هو الواجب على سائر موتى المسلمين من وجوب الصلاة عليهم وجوبًا كفائيًا إذا قام به البعض سقط عن الباقين ؛ وتكفينهم ؛ ودفنهم في مقابر المسلمين - أما الشهيد ، الشهيد حقيقة ، وهو كما ذكرت آنفًا : هو الذي يموت في ساحة المعركة ، فهذا لا يكفَّن ولا يغَّسل ولا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ! ، وإنما في مصرعه ! ، في المكان الذي استشهد فيه ، هذا هو الشهيد حقيقة .
هناك شهادة أخرى يسميها الفقهاء بالشهادة حكمًا وليس حقيقة ، فهؤلاء أقسام كثيرون ؛ وكثيرون جدًا ، فالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول « من مات في بطنه فهو شهيد » فالمقصود بالبطن هنا الإسهال الشديد ، أو البِطنة بالانتفاخ ! ، بحيث يكون سبب موته هو هذا .
فهو شهيد ! ، لكن هذا شهيد حكمًا ، وليس شهيدًا حقيقة ؛ بمعنى أنه يعامل بما يعامل به كل المسلمين ، لابد من غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ، وهكذا أنواع كثيرة ، حتى قال - عليه [ الصلاة ] والسلام : « من مات غرقًا فهو شهيد » ، « من مات تحت الهدم فهو شهيد » ،« من مات بالسِمْن - مرض السمن - فهو شهيد » ، « المرأة جمعاء تموت وهي حبلى - بسبب هذا الحمل - أو وهي تضع فتموت ... » فكل هذه أنواع شهداء ، لكن هؤلاء شهادة حُكمية ، وليست شهادتهم شهادة حقيقية ! .
آخر ما أذكره من الأمثلة قوله - عليه الصلاة السلام - : « من مات دون ماله فهو شهيد ... »
هؤلاء الذين أنت تسأل عنهم لا يصدق فيهم لا الشهادة الحقيقية ! ، بل ؛ ولا الشهادة الحكمية ؟!! .
هؤلاء نحن ننصحهم ، ونحن نعرف منهم أن الغيرة هي التي تضطرهم إلى أن يقاوموا المخرج بعينهم ! ،
تفهمون هذا الكلام ؟
يقاومون القوة الطاغية المادية بأسلحة لا تسمن ولا تغني من جوع ! ،
هؤلاء نحن ننصحهم أن لا يخالفوا هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وسنته في إيجاد الأرض المسلمة وإقامة الدولة المسلمة على الأرض المسلمة ، ماذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - هل أول ما دعا الناس إلى أن يعبدوا الله ويجتنبوا الطاغوت استعمل السلاح بالسهام والحراب والسيوف ؟ الجواب : لا ، لكنه كما تعلمون والأمر ربما يحتاج إلى شيء من التفصيل إنه بدأ بالدعوة في مكة واستمر على ذلك ثلاثة عشر سنة ولقي من المشركين ما لقي من الأذى ومن الضرر هو وأصحابه حتى أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين ، وحتى هاجر هو - عليه الصلاة والسلام - إلى المدينة وهناك بدأ يقيم أو يضع الأساس للدولة المسلمة ، وحتى لا يجب على الطائفة المؤمنة ، الطائفة المنصورة التي تحدَّث عنها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الأحاديث الصحيحة ؛ حينما قال : « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله » .
يجب على هذه الطائفة المنصورة من جهة أن يصبروا على أذى غيرهم لهم ، وأن يصبروا على الطغيان الذي يصيبهم من الحكَّام ومِن مَن يُحكمون من هؤلاء الحكَّام من الجيش والشرطة ونحو ذلك ، وألاَّ يستعجلوا الشيء قبل أوانه ! ،
لا يستعجلوا النصر قبل اتخاذ أسبابه ! ، فإنه قد قيل قديمًا : من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه ! ،
والله - عز وجل - يقول في القرآن الكريم : " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ "[الأنفال : 60] ، هذه الآية الكريمة كما ذكرنا من قبل معناها واضح لدى كل عربي ، ولا فرق في ذلك بين عالم وطالب علم ، أو غير طالب علم ما دام أنه يفهم اللغة العربية ، " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ " [الأنفال : 60] ، هذا المعنى واضح ؛ لكن .. قد لا يكون واضحًا لدى كل عربي على هذا الإطلاق الذي شرحته آنفًا ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : « ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي » والرمي اليوم كما تعلمون يختلف عنه حينما نطق النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث ، فالرمي هناك كان له نوعان فقط ؛ الرمي بالحراب أولاً ، ثم بالسهام نادرًا ؛ لأن السهام صنعت للطِعان ، والرمي والحراب للرمي ؛ والسيف للضرب ، لكن أحيانًا وبخاصة حينما تكثر السهام وتقل الحراب فقد يستعمل السهم مكان الحربة ، المهم أن الرمي المعروف يومئذٍ في عهد العرب في الجاهلية وفي الإسلام وفيما بعد ذلك إنما هو بالحراب ، الآن الحراب لا تكاد تصنع شيئًا بالنسبة للرصاص الذي تطور إلى ما يسمى ( الرشاش ) مثلاً ونحو ذلك من الأسلحة التي تطلق في لحظة واحدة عشرات الرصاصات ! ، ولابد والحالة هذه أن يصيب الهدف إما بالرصاصة الأولى أو الثانية أو .. أو .. إلى آخره ، ولذلك أطلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما قال : « ألا إن القوة الرمي ... » فالرمي بالحراب الآن لا يفيد إذا بدك ترمي بالرصاص ، فالرمي ينبغي أن يكون بالرصاص المستعمل الآن في القتال ، أذن .. يدخل في عموم الآية : " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ " [الأنفال : 60] ، أي من القوة المعروفة اليوم ، وبخاصة من الرمي المعروف اليوم ، هذا يفهم بسهولة من معنى هذه الآية لكن هناك شيءٌ قد لا يتنبه له كثيرٌ من الناس فأنا يجب علي التنبيه على ذلك فأقول : وهنا نقطة ؛ هذه نقطة هامة جدًا بالنسبة لهؤلاء الإسلاميين المتحمسين لإقامة الدولة المسلمة ولكنهم لا يحسنون الوسائل التي تساعدهم على تحقيق بغيتهم ؛ ألا وهو : إقامة الدولة المسلمة ، فهؤلاء أُلفت نظرهم إلى المعنى الكمين في خطاب ربِّ العالمين " وَأَعِدُّواْ " فقط ، أقف عند هذا الخطاب " وَأَعِدُّواْ " لمن الخطاب ؟ الخطاب لم يكن للأصحاب المضطهدين الضعفاء من قريش في مكة ؛ وإنما كان خطابًا موجهًا للأقوياء الذين كانوا يعيشون مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في المدينة وكانوا باستطاعتهم أن يحققوا نسبة كبيرة جدًا من هذا الأمر " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ " [الأنفال : 60] ؛ إذن .. " وَأَعِدُّواْ " الخطاب أولاً للمؤمنين حقًا الذين التفوا حول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ونصروه بأموالهم ، وأولادهم ، وأنفسهم ، وكل عزيز لديهم ، هذا الخطاب حينما يوجد قومٌ ؛ أو طائفةٌ هم في أن يكونوا مستعدين ليتلقواْ مثل هذا الخطاب الإلهي أولئك الذين يؤمرون بأن يُعِدوا ما استطاعوا من قوة ، فهل هناك طائفة ربوا على الكتاب والسنة سنين طويلة كما ربى أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أصحابه الأولين المهاجرين في مكة وصبروا معه وأوذوا في سبيل الله - عز وجل - ثم هاجروا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وصبروا وصابروا ، وأعدوا بعد ذلك ما استطاعوا من قوة ، هل هناك طائفة اليوم على وجه الأرض يمكن أن يقابلوا بمثل هذا الخطاب ؟ أنا جوابي : لا ؟!
لسببين اثنين :
أولاً : نحن معشر المسلمين اليوم أن نقيس طائفةً على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد نقيس فردًا أو أفرادًا على بعض الأفراد من أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - ومع ذلك يكون القياس مع الفارق ، يكون القياس كما يقول الفقهاء أحيانًا أو بعض الفقهاء : من باب قياس الحدادين على الملائكة ؛ من باب قياس الحدادين على الملائكة ، مفهوم هذا الكلام ولا مش مفهوم ؟ مفهوم .. وهذا فيمن ؟ في النخبة أقول ، في أفراد من المسلمين المبعثرين اليوم ممكن أن نقيسهم من أفراد على أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - ومع ذلك يكون قياس مع الفارق ! ، قياس من قبيل قياس الحدادين على الملائكة ! ؛ شو جاب لجاب ؟ أما أن نجد طائفةً كأصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - على وجه الأرض هؤلاء لا وجود لهم ( ! ).
{ }وأنا أرجو أن ينبهني أحدكم هنا ولا هناك ولا هناك ويقول لا أنت مخطئ ؛ هناك طائفة تحققت فيها تلك الأوصاف التي كانت في أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - وحينئذٍ هم أهلٌ بأن يخاطبوا بالآية الكريمة " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم " هل أنتم تصححون رأيي أم تخطئونه ؟ لابد أنكم في موقف من موقفين ؟!
فإن رأيتم أن قولي لا يوجد اليوم [ من ] يمكن قياسهم على أصحاب الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ إن كنتم ترون رأيي هذا فالحمد لله ، وإن كنتم ترون أني مخطئ فدلوني على هذه الطائفة ؟!! أين هي ؟ هنا الطائفة لابد لي من التفكير بفرق كلامي هذا ؛ كلامي هذا لا ينافي ولا يعارض بوجهٍ من وجوه المعارضة الحديث الذي ذكرناه من قبل « لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ... » لأن الظهور قد يكون تارةً بالحجة ، وتارة بالقوة ! ، أمَّا الطائفة المنصورة بالحجة فهذه موجودة دائمًا على وجه الأرض ، أمَّا الطائفة المنصورة بالقوة المادية فهذه قد وقد ! ، وأكبر دليل عندكم الآن ؛ ها هم الكفَّار مسيطرون على بلاد الإسلام ، وها هم الآن المسلمون في البوسنة والهرسك وهي جوار في بلدي التي هي ألبانيا ، فأين الطائفة المنصورة بالقوة وليس فقط في الحجة ؟ لا وجود لها ! ، ايش الموجود ؛ هو الموجود الذي كان في حرب الأفغان كانت لمامات أفراد من هنا وهناك ؛ أصحابين عواطف إسلامية طيبة وغيرة على الدين و .. و .. إلى آخره ، وذهبوا وجاهدوا كلهم بنيتهم ، لكن ماذا كانت العاقبة ؟ لا شيء ! ، ما هو السبب ؟ الطائفة المنصورة بالقوة غير موجودة اليوم ولذلك يسيطر الكفر في كل البلاد ! ، إذا عرفنا هذه الحقيقة وخلاصتُها أن هناك أفرادًا يمكن أن يقاسوا على بعض أفراد [ أصحاب ] الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم [ ورضي الله عنهم ] - مع القياس الفارق الذي ذكرنا ، لكن لا يوجد هناك طائفة أي أصحاب بعضهم مع بعض يمكن قياسهم على أولئك الأصحاب لنقول لهم قال لكم ربكم " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم " هؤلاء غير موجودين .
إذن .. ما هو الواجب ؟ الواجب هو السعي على سنن الرسول - عليه [ الصلاة ] والسلام - وعلى هديه وسنته لإيجاد هذه الطائفة التي ستكون منصورة بالإضافة إلى نصرتها بالحجة نصرتها بالقوة ، هذا السعي هو الواجب الآن ، فانظروا الآن في كل الثوْرات التي تقام في [ أي ] أرض من بلاد الإسلام ؛ هل هناك طائفة بمعنى الكلمة ؛ أنهم ربوا كما رباهم رسول الله [ - صلى الله عليه وآله وسلم - ] أصحابه من قبل ؟ وأنشأهم ورباهم على عينه ؟ فإذا قال لهم : موتوا في سبيل الله يموتون في سبيل الله ( ! )
هذه الطائفة اليوم لا وجود لها !! ، أذًا علينا أن نسعى لإيجادها ، ما هو الطريق ؟ أنا أكني عن الطريق بكلمتين ؛ وهذه لنا فيها محاضرات كثيرة ، فأشير إلى تلك المحاضرات بهاتين الكلمتين ، الطريق شيء تسميه بـ ( التصفية والتربية ) نحن الآن بعد أربعة عشر قرنًا من [ هجرة ] رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا نتلقى الإسلام غضًا طريًا كما بيَّنة رسول الله [ - صلى الله عليه وآله وسلم - ] وهذا له ارتباط بكلمتي السابقة ، نحن تلقينا القرآن غضًا طريًا بألفاظه ولكن مع الأسف الشديد بمعانيه تلقيناه فرقًا وشيَعًا وأحزابًا ، أذن .. هذه الشيعة وهذه الأحزاب لن تنجح ولو كانت تنتمي إلى الإسلام ! ، وإنما ينجح منها حزبٌ واحد كما قال - تعالى - : " فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ " [المائدة : 56] أكذلك الآية ؟ طيب ؛ أين حزب الله الذي يعيش في لبنان باسم حزب الله وهو حزب شيعي وقد يكون رافضي ! ، حزب الله هو الذي يتمسك بكتاب الله ، وبحديث رسول الله [ - صلى الله عليه وآله وسلم - ] ، وعلى منهج السلف الصالح ، أربطوا هذا الكلام الموجز بالكلمة السابقة ، فاليوم إذا نظرنا إلى كل الثوْرات التي قامت على كثيرٍ من أراضي الإسلام نجدها لم تحقق هاتين الركيزتين ( التصفية والتربية ) قد يكون هناك أفراد صفوا شيء من الإسلام مثلاً عرفوا التوحيد على وجهه الصحيح أنه توحيد ربوبية ؛ توحيد الإلهية أو العبادة ، وتوحيد الصفات ، لكن ربما تراهم لا يحسنون صلاة الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ما يحسنون صيام الرسول - عليه الصلاة والسلام - لماذا ؟ لأن هناك مذاهب أربعة ؛ تسمى بمذاهب أهل السنة والجماعة ، وكل مذهب يرى رأيًا في كثير من المسائل وقلما يتفقون ، فإذن .. أين هذه التصفية ؟ في السماء حققت ولا نُشِّئَتْ طائفة على الكتاب والسنة ! ؛ وإنما على مذهب فلان .. ومذهب فلان .. ومذهب فلان ، فلابد من تحقيق هاتين الركيزتين ( التصفية والتربية ) فكل الجماعات التي أثاروا مشكلة أو فتنة أو ثورة ؛ إلى آخر وقت ثورة الجزائر ! هؤلاء ما قاموا بهذه التصفية والتربية ، والآن أظنكم تفهمون أن الكلمتين دول تحت منهم كلام واسع جدًا .. جدًا ، وفعل وتطبيق أوسع بكثير ؛ بكثير جدًا ، أي إعادة الإسلام بمفهومه الصحيح إلى ما كان عليه في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - أربعة عشر قرنًا بيننا وبين هذا ؛ كم يحتاج هذا إلى زمن ؟ وكم يحتاج إلى عديد بل مئات الألوف من العلماء في سائر أقطار الدنيا الإسلامية ؟ أين هذا ؟ فالتصفية هذه ثم تربية المسلمين على هذا الإسلام الصحيح حينئذٍ ؛ يومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله .
فالسؤال الذي كان : أن هؤلاء الذين كانوا يضطهدون في مصر مثلاً ويُقتلون ويجابهون من قبل الجيش أو الشرطة المصرية أو .. أو .. إلى آخره ، هل هؤلاء شهداء ؟ أجبنا بأنهم ليسوا شهداء ! ، لماذا ؟
لأنهم أولاً : لم يقعوا قتلى في ساحة المعركة ، أي : ساحة المعركة حيث يعلن الجيش المسلم برياسة مبايعة من قبل المسلمين عامة ؛ يعلن الجهاد على طائفة من الكفار والمشركين في سبيل الله ، ثم يقع في هذه المعركة شهداء من المسلمين أو قتلى من المسلمين فهؤلاء هم شهداء ، الذين يقعون حينما يتقاتلون مع الجيش النظامي أو الشرطة النظامية سواء في مصر أو في غيرها ، فهؤلاء ليسوا شهداء ؛ حسبهم .. حسبهم - وهذا الله أعلم بهم - أن يقال أنهم قتلوا في سبيل الله .
وثمة فرق كبير جدًا بين أن نقول : قتلوا في سبيل الله ، وبين أن نقول : قتلوا شهداء في المعركة في سبيل الله ! ، لماذا ؟ قلت لكم آنفًا بأن الشهادة تنقسم إلى قسمين : حقيقية وحكمية ، فإذا قلنا في هؤلاء : ماتوا في سبيل الله ؛ أي شهادة حكمية ، ألحقناهم بمن نص عليهم الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنهم شهداء كالذي يُقتل هدمًا أو غرْقًا أو دفاعًا عن ماله وعن نفسه ، هؤلاء حسبهم أن يحكم فيهم أنهم ماتوا في سبيل الله ، أما أنا فلا أعتبر ذلك ! ،
أقول حسبهم بالنسبة لغايتهم ومقصدهم ، وإلاَّ فانظروا الآن كم وكم من قتيل ! يقع بسبب هذه الثورات التي تقع باسم الخروج على الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله([2]) .اهـ
قام بتفريغه والتعليق عليه
سمير بن سعيد السلفي الأثري القاهري
10/ شوال / 1434
.................................................. .......................................
1 - تنبيه مهم :
انتشر على بعض الشبكات العنكبوتية ولاسيما موقع اليوتيوب على وجه الخصوص فتوى للعلاَّمة الألباني - رحمه الله - فيما يخص الوضع الكائن في مصر - حرسها الله وسائر بلاد المسلمين من كيد الخوارج المارقين - وعند مقارنتها بأصل الفتوى التي نحن بصددها وجدت أن الفتوى الأخرى قد بُتر ! منها كلام طويل للشيخ - رحمه الله - يوضح مقصوده ويجلِّيه ، وقد أحدث هذا البتر خللاً عظيمًا وأثرًا سيئًا في نفسي عند سماعي للفتوى الصحيحة الغير مبتورة - والغير مبثوثة أو منشورة ! - حيث أن البتر الذي حدث في الفتوى المشار إليها آنفًا - القصيرة المشهورة ! - والتي كانت مدتها سبع دقائق ! قد أحدث خللاً ليس بالطفيف في إجابة الشيخ عند بعض المواطن من فتواه ، وقد سألت عن مصدر هذه الفتوى ورقمها بعض أصحابنا لمَّا وجدتها متداولة بين أوساط السلفيين بكثرة فلم يجدوا لها أثرًا ! ، وبعد البحث والتأمل في برنامج أهل الحديث والأثر وقعت على الفتوى بتمامها وكمالها ومدتها حوالي ثلاثين دقيقة ! أو يزيد ، فعزمت على تفريغها التعليق عليها بما يناسب المقام من أقوال أهل العلم والفضل ووضع عنوان مناسبٍ لها ، وثمة شيء أحب أن أنبه عليه وهو : أن بعض الناس مع بتره لهذه الفتوى القيمة كما قد أشرت آنفًا ، والتي تنطبق تمامًا بتمام على واقع بلدنا ومصرنا العزيزة الغالية وما تحياه من اعتداء سافر من قبل خوارج العصر ( الخوَّان المفلسين ) على الشرطة والجيش بله والشعب ! ؛ فإن هذه الفتوى جاءت في وقتها - كما يقال - لتعالج قضية هي من أخطر وأكثر القضايا المعضلة بين الناس اليوم ، والتي أصبحت حديث الناس في إثبات الشهادة الحقيقية - زعمًا من بعض الجهلة المغرر بهم وغيرهم ! - لمن مات في هذه المظاهرات الآثمة الوافدة علينا من بلاد الكفر ! والتي لا يعرفها الإسلام ولا تمت له بأدنى صلة ؟! ، هذا وقد كتب البعض عنوانًا فيه نوع استفزاز للقارىء والسامع ! ، وفيه تدليس على الشيخ - رحمه الله - وتلبيس على السامعين وذلك العنوان وجدته في موقع اليوتيوب أيضًا ! ؛ يقول فيه صاحبه : أن من مات في هذه المظاهرات لا يكون شهيدًا ولو طلعت الشمس من مغربها ؟!! وكأنه ينسب عبارة ( ولو طلعت الشمس من مغربها ) للشيخ - رحمه الله - فجلب على الشيخ بسبب هذه الزيادة المدرجة ! السب واللعن والشتم من قبل بعض مجاهيل الشابكة وما أكثرهم ! ، فأردت أن أنبه وأشير لهذه الأمور بين يدي هذه الفتوى المهمة على عجالة لأن هذا التنبيه من الأهمية بمكان ؛ والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم الوكيل .
2 - سلسلة الهدى والنور للعلاَّمة الإمام المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - ، الشريط رقم ( 705 ) ، عنوان السؤال : هل كل فتنة يسمى قتيلها شهيد ؟ .
نكمل الحلقة القادمة بإذن الله ....