المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هو الشهيد ؟



magma2001
11 Mar 2005, 11:38 PM
تعريف الشهيد في اللغة كما جاء في القاموس الفقهي لسعيد أبو حبيب 202 هو : من شهد ويأتي بمعنى الشاهد ومن قتل في سبيل الله تعالى ويجمع على شهداء ، وأشهاد ، ومنه الشاهد : الحاضر ويجمع على شهود وأشهاد ، وهو أيضاً من يؤدي الشهادة

أما الشهيد في الاصطلاح فهو

عند الحنفية : قال صاحب العناية شرح الهداية بهامش فتح القدير 2/142 وحاشية ابن عابدين 2/268 قال : هو من قتله المشركون أو وجد مقتولاً في المعركة وبه أثر أية جراحة ظاهرة أو باطنة كخروج الدم من العين أو نحوها

وقالوا أيضاً في تبيين الحقائق للزيلعي 1/247: كل من صار مقتولاً في قتال أهل الحرب أو البغاة أو قطاع الطريق بمعنى مضاف إلى العدو كان شهيداً ، بالمباشرة أو التسبب ، وكل من صار مقتولاً بمعنى غير مضاف إلى العدو لا يكون شهيداً

قال في البحر الرائق 2/211 : وفي التجنيس رجل قصد العدو ليضربه فأخطأ فأصاب نفسه فمات يغسل ، لأنه ما صار مقتولا بفعل مضاف إلى العدو ولكنه شهيد فيما ينال من الثواب في الآخرة لأنه قصد العدو لا نفسه ، وأطلق في قتله فشمل القتل مباشرة أو تسببا لأن موته مضاف إليهم ، حتى لو أوطؤا دابتهم مسلما أو انفروا دابة مسلم فرمته أو رموه من السور أو ألقوا عليه حائطا أو رموا بنار فأحرقوا سفنهم أو ما أشبه ذلك من الأسباب كان شهيدا ، ولو انفلتت دابة مشرك ليس عليها أحد فوطئت مسلما أو رمي مسلم إلى الكفار فأصاب مسلما ، أو نفرت دابة مسلم من سواد الكفار أو نفر المسلمون منهم فألجئوهم إلى خندق أو نار أو نحوه أو جعلوا حولهم الشوك فمشى عليها مسلم فمات بذلك لم يكن شهيدا ، خلافا لأبي يوسف لأن فعله يقطع النسبة إليهم وكذا فعل الدابة دون حامل ، وإنما لم يكن جعل الشوك حولهم تسبيبا لأن ما قصد به القتل فهو تسبيبي وما لا فلا وهم إنما قصدوا به الدفع لا القتل

عند المالكية : قال الدردير في الشرح الكبير 1/425 هو : من قتل في قتال الحربيين فقط ، ولو قتل ببلد الإسلام بأن غزا الحربيون المسلمين ، أو لم يقاتل بأن كان غافلاً أو نائماً ، أو قتله مسلم يظنه كافراً ، أو داسته الخيل ، أو رجع عليه سيفه أو سهمه ، أو سقط في بئر أو سقط من شاهق حال القتال

عند الشافعية : قال ابن حجر في الفتح 6/129 هو : من قتل في حرب الكفار مقبلاً غير مدبر مخلصاً

وقال في مغني المحتاج 1/350 : هو الذي يقتل في قتال الكفار مقبلاً غير مدبر لتكون كلمة الله هي العليا ، وكلمة الذين كفروا السفلى دون عرض من أعراض الدنيا

عند الحنابلة : قال صاحب كشاف القناع 2/113 بتصرف هو : الذي يموت في المعترك مع الكفار ، رجلاً كان أو امرأة بالغاً أو غير بالغ ، سواء قتله الكفار ، أو عاد عليه سلاحه فقتله ، أو سقط عن دابته ، أو وجد ميتاً ولا أثر به إذا كان مخلصاً

قال ابن قدامة في المغني 2/206 : فإن كان الشهيد عاد عليه سلاحه فقتله فهو كالمقتول بأيدي العدو ، وقال القاضي يغسل ويصلى عليه لأنه مات بغير أيدي المشركين أشبه ما لو أصابه ذلك في غير المعترك ، ولنا ما روى أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأه ، فأصاب نفسه بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أخوكم يا معشر المسلمين فابتدره الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ) فقالوا يا رسول الله أشهيد هو ؟ قال ( نعم وأنا له شهيد ) وعامر بن الأكوع بارز مرحبا يوم خيبر فذهب يسفل له فرجع سيفه على نفسه فكانت فيها نفسه ، فلم يفرد عن الشهداء بحكم ولأنه شهيد المعركة فأشبه ما لو قتله الكفار

ومما تقدم من تعريف الشهيد يتبين أن الجمهور خلافاً للحنفية لم يجعلوا لليد الفاعلة للقتل دوراً في تحقق الشهادة ، سوى ما جاء عند الحنفية بأن الشهيد الذي قتله المشركون أو وجد قتيلاً في أرض المعركة

وقول الجمهور هو الراجح ، وقول الحنفية يرده ما جاء في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ثم ذكر الحديث وفيه ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا السائق قالوا عامر بن الأكوع – أخو سلمة - قال يرحمه الله ، قال رجل من القوم وجبت يا نبي الله لولا أمتعتنا به ، فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيراً ، فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، قال فلما قفلوا قال سلمة رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحباً وهو آخذ بيدي قال ( ما لك ؟ ) قلت له فداك أبي وأمي زعموا أن عامراً حبط عمله ، قال ( من قاله ؟ ) قلت قاله فلان وفلان وفلان وأسيد بن الحضير الأنصاري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كذب من قاله إن له لأجرين وجمع بين إصبعيه إنه لجاهد مجاهد )

وروى أبو داود في سننه حديث 2539 عن أبي سلام عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : أغرنا على حي من جهينة ، فطلب رجل من المسلمين رجلاً منهم فأخطأه ، وأصاب نفسه بالسيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أخوكم يا معشر المسلمين ) فابتدره الناس فوجدوه قد مات ، فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه ، فقالوا يا رسول الله ، أشهيد هو ؟ قال ( نعم وأنا عليه شهيد )

وبهذا يتبين أنه ليس شرطاً أن يقتل المجاهد بسلاح العدو حتى يقال عنه شهيد ، إنما الشهيد من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، وقتل في أرض المعركة بأية طريقة كانت فإنه ينطبق عليه وصف الشهيد

ومن توقف عن القول بجواز العمليات الاستشهادية شبهته فيها أن المجاهد يقتل نفسه ، فتوقفه ليس له ما يبرره ، فإن كان توقف لهذه الشبهة فليعلم أنه لا تأثير لها في استحقاق الشهيد للشهادة

فالشرع يفرق بين حكم متماثلين ظاهراً بسبب القصد والنية ، فهذا زواج المحلِل محرم والزواج الشرعي مباح ، والسبب أن قصد المحلِل التحليل أو هو قصد للطرفين سواءً سراً أو علانية ، فأثرت النية في العقد فأبطلته ، وحينما فارقت النية المنهي عنها العقد في الزواج الشرعي جاز ذلك العقد ، وكذلك اللفظ أو العرف أو الإشارة تؤثر بالعقود ، فلو أن رجلاً اقترض من آخر ألف روبل وأراد أن يردها له ألفاً ومائة بدون اتفاق جزاءً له بالحسنى فهذا جائز ، ولكنه لو اتفق معه أو أشار له أو تعارف أهل البلد بأنه لا بد من رد القرض أكثر من أصله لكان ذلك رباً محرماً ، وأيضاً لو صلى إمام رياءً وخلفه مأموم مخلص ، لبطلت صلاة الإمام وقبلت صلاة المأموم ، فالعمدة في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء عن عمر في الصحيحين ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )

فالنية هي مناط تغير الحكم والتفريق بين المتماثلين ظاهراً في الأحكام الشرعية ، ومن المتماثلات لقتيل المعركة التي فرق بينها الشارع ، قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين عن أبي موسى ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) فهذا بينه وبين من قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فرق رغم تشابه الظاهر ، وهو ما جاء عند مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أول ثلاثة تسعر بهم النار فذكر منهم مجاهد وقال : ( فيؤتى به فيعرف نعمة الله فيعرفها فيقال ماذا فعلت فيقول قاتلت فيك فيقول كذبت بل قاتلت ليقال شجاع فيؤخذ فيلقى في النار على وجهه ) ، فهذا ظاهره يشبه ظاهر من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، ولكنه لاختلاف الباطن استحق النار والأول استحق الجنة

وجاء أيضاً في التفريق بين المتشابهين في الظاهر ، ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة غزاها ( من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا ) ، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جرح فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه ، فأقبل الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعاً فقال أشهد أنك رسول الله فقال ( وما ذاك ؟ ) قال قلت لفلان من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه ، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين فعرفت أنه لا يموت على ذلك فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك ( إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنما الأعمال بالخواتيم ) ، ومثيل لهذا ظاهراً ما جاء في الصحيحين وقد قدمناه بأن عامر ابن الأكوع ارتد عليه سيفه فقُتل بسيفه وفعل نفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ( إنه شهيد وأنا عليه شهيد ) ، فالأول قُتل بسلاحه في أرض المعركة جزعاً فوجبت له النار ، والثاني قتل بسلاحه في أرض المعركة خطأ فوجبت له الجنة

هذه الأمثلة تدل دلالة واضحة على أن الحكم الشرعي للشهيد لا يتغير ولا يعتبر باليد القاتلة للمجاهد ، ولا بأداة القتل إذا كان ذلك لوجه الله و بنية خالصة لإعلاء كلمة الله ، فالذي قتله العدو مع سوء نيته كان في النار ، وآخر قتله العدو مع إخلاصه فهو في الجنة ، وآخر قتل نفسه جزعاً فهو في النار ، والرابع قتل نفسه خطأً فهو في الجنة ، والذي أعان على قتل نفسه لنشر الدين فهو في الجنة كالغلام ، وفيما قدمنا من أدلة عبرة للمعتبر وبيان لمن أراد الحق

ذكر ابن حجر في الفتح 6/43 أربعة عشر وجهاً لسبب تسمية الشهيد بذلك ثم قال " وبعض هذا يختص بمن قتل في سبيل الله ، وبعضها يعم غيره وبعضها قد ينازع فيه

وعد النووي في المجموع 1/277 وشرح مسلم 1/515 سبعة أوجه فقال : هي:-
1- لأن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم شهدا له بالجنة
2- لأنه حي عند ربه
3- لأن ملائكة الرحمة تشهده فتقبض روحه
4- لأنه ممن يشهد يوم القيامة على الأمم
5- لأنه شُهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله
6- لأن له شاهداً بقتله وهو دمه
7- لأن روحه تشهد دار السلام (أي الجنة) ،وروح غيره لا تشهدها إلا يوم القيامة

magma2001
11 Mar 2005, 11:42 PM
الانتحار في اللغة : هو قتل النفس كما جاء في القاموس المحيط 616

وفي الشرع : هو أن يقتل الإنسان نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال ، أو قتل النفس في غضب أو ضجر أو جزع ، أو يقال كل قتل للنفس بغير دافع ديني مجاز بالنصوص

وهذا العمل لا خلاف بين العلماء على تحريمه وأن صاحبه مرتكب لكبيرة مستحق للنار إما خالداً فيها إذا استحل ذلك ، أو يمكث فيها بغير خلود

قال تعالى ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ، ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيرا )



--------------------------------------------------------------------------------

إن العمليات الاستشهادية متفرعة عن جواز الاقتحام على العدو منفرداً والاقتحام على العدو منفرداً لا خلاف بين العلماء في جوازه وفضله لما صح فيه من أدلة ، ويتفرع عن الاقتحام على العدو منفرداً مع غلبة الظن بالهلاك العمليات الاستشهادية وبما أنه يجوز الأصل فيجوز الفرع أيضاً ، كما أنه يجوز فعلها مع النية الخالصة فقط لأن المجاهد له غرض بالشهادة ، وفرق بين قولنا يجوز وقولنا الأفضل ، ولكن الأفضل ألا تفعل هذه العمليات حتى يحقق من أراد القيام بها عدة أمور

أولاً : الإخلاص وابتغاء وجه الله وقصد إعلاء كلمة الله والقيام بواجب الجهاد والرغبة بالشهادة ، وشرط الإخلاص هو الوحيد من الشروط الذي يعتبر شرط صحة فمتى انتفى فالعمل باطل

ثانياً : أن يغلب على ظن المجاهد أن القتل الذي سيحدثه في الأعداء أو الدمار لا يمكن تحقيقه بأية طريقة أخرى تضمن له سلامته أو غلبة الظن بالسلامة

ثالثاً : أن يغلب على ظن المجاهد أن العملية ستحدث نكاية بالعدو أو رعباً أو تجرئة للمسلمين على الأعداء

رابعاً : لا بد للمجاهد من استشارة أهل الرأي والمعرفة بالحرب ، وخاصة أمير الحرب في مكانه لأنه ربما يفسد على المجاهدين ما أعدوا له طويلاً فينبه الأعداء

خامساً : لا يُقدم على مثل هذه العمليات إلا في ظروف الحرب لأنه لا يصار إليها إلا لتحقيق مصالح للمجاهدين ولدفع العدو الصائل ، وإذا لم تعلن الحرب فإن ضررها على المسلمين أعظم من نفعها فيجب تركها

ومن لم يتحقق فيه إلا الإخلاص والنكاية فعمله جائز ولكنه ليس أفضل ممن حقق الشروط ، وهذه الشروط التي ذكرناها إنما هي شروط تكميلية ليكون العمل على أحسن حال ومن فقدها إلا الإخلاص والنكاية فلا يعني ذلك أن عمله ضاع ولا يوصف بأنه شهيد

والعلماء حكموا على مسألة الاقتحام على العدو بغلبة الظن ، فمن غلب على ظنه أنه يقتل فهو كمن تيقن ذلك وكلاهما يأخذ الحكم نفسه ، فلا فرق بين غلبة الظن واليقين بالموت في هذه المسألة عندهم

كما أن من أعان على نفسه بالقتل فهو كمن قتل نفسه ، والذي أعان على نفسه عندما انغمس في العدو حاسراً وتيقن الموت ، لو كان فعله هذا في غير الجهاد لعده جمهور العلماء منتحراً لأن القاتل والمعين في الجناية سواء ، ولا فرق بين الذي أعان على نفسه بالانغماس وبين من قتل نفسه بالعملية الاستشهادية فكلهم في الجناية سواء ، إلا أنهما لما كانا في الجهاد ولله فعلا ذلك ضحك الله منهما ورضي عنهما

إنه لا اعتبار لليد القاتلة للمجاهد في استحقاق الشهادة فسواءً قتل نفسه بالتفجير أو رجع عليه سلاحه أو قتله العدو أو قتله المسلمون خطأً أو ضرورة كالتترس أو أشار على عدوه أو أصحابه بطريقة قتله لمصلحة الدين كالغلام أو ابن الزبير ، كل هذه الصور متشابهة من حيث الحكم وصاحبها شهيد ، فلا مبرر من توقف البعض عن القول بالجواز بسبب اختلاف اليد القاتلة ، فلا تأثير لليد القاتلة بالعمليات الاستشهادية بل إنها جائزة وربما تكون واجبة في بعض الأحيان ، وهذه العمليات كغيرها من المسائل يتردد حكمها بين الأحكام التكليفية الخمسة على حسب حالها وحال القائم بها وما يحيط بها من ظروف وما يتبعها من آثار

نقلا عن موقع مجاهدون
من هم الشهداء


يقول سيد قطب رحمه الله [فالذين يخرجون في سبيل الله والذين يضحون بأرواحهم في معركة الحق هم عدة اكرم القلوب وأزكى الأرواح واطهر النفوس ، هؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتا .. انهم أحياء . فلا يجوز أن يقال عنهم أموات .. لا يجوز أن يعتبروا أمواتا في الحس والشعور ولا أن يقال عنهم أموات بالشفة واللسان .. انهم أحياء بشهادة الله سبحانه فهم لا بد أحياء] (طريق الدعوة في ظلال القرآن (1/344)

وصدق سيد قطب رحمه الله ، فالذين يخرجون للقتال في سبيل الله بعد أن تركوا أوطانهم وأموالهم وديارهم وأحبابهم وخلافهم وكل ما يملكون ابتغاء مرضاة الله ورفع رأيته لا شك انهم [اكرم القلوب وأزكى الأرواح واطهر النفوس] .. فهؤلاء هم الإخفاء الأتقياء الذين لا يعرفهم أحد ، همهم نصرة هذا الدين ورفع لوائه عالياً خفاقاً ، بهم تحمي الديار وتعيش الأجيال هادئة مطمئنة على أموالها وأعراضها ، هؤلاء مصابيح الهدى كما قال صلى الله عليه وسلم [إن الله عز وجل يحب الأتقياء الأبرياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وان حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل فتنة عمياء مظلة] (رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

magma2001
11 Mar 2005, 11:45 PM
انهم أولئك الذين [تغلي صدورهم كالمراجل حرقة على هذا الدين وعيونهم لا تجف عبراتها حزناً على حال المسلمين فانطلقوا متخففين من حطام الدنيا] وهم يرددون :

سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوى الردى

فإما حياة تسر الصديـق وأما ممات يغيظ العدى

ونفس الأبي لها غايتان بلوغ المنايا ونيل المنى

بل كأن الشاعر يعنيهم عندما قال :

قد قدموا روحهم لله واحتسبوا ولم يزعزعهم مكر وطغيان

على الجبال وعين الله تحرسهم على الهضاب ليوث أينما كانوا

إن الجهاد على الأيام شرعتهم هم الأسود في الظلماء رهبان

تلك البطولات تحكي عز مجدهم وكم تغني بهم سار وركبان

حي الشهيد ففي الفردوس منزله جنات عدن بها حور وولدان

وعند ربهم أحياء يرزقهم يغشاهم منه أنعام ورضوان

هي المكارم أشلاء وتضحية وكم لها في ظلال السيف الحان

انهم .. فتية آمنوا بربهم وتمسكوا بهدي نبيهم وساروا على درب أصحابه رضوان الله عليهم فلم يعودوا يطيقوا العيش في بيوتهم آمنين وإخوان لهم في العقيدة يقتلون ويذبحون هنا وهناك وهم لا يحركون ساكنا

انهم الذين عقدوا البيعة بينهم وبين ربهم .. تنازلوا عن الدنيا وملذاتها وكل ما تحويه من نعيم زائل وشهوات فانية مقابل الجنة واعظم بها من منزلة وان كان ذلك في ميزان كثير من الناس هو خسارة وتضييع للمستقبل ولكن هؤلاء لا يدركون حقيقة هذا الدين ولا طبيعته .. لان أولئك اختاروا الموت من اجل الحياة الحقيقية {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا} بينما هؤلاء البشر اختاروا الحياة لدنيا ليموتوا كما تموت البعير فلا نامت أعين الجبناء

انهم فتية نظروا إلى واقع الأمة الإسلامية تتمزق أشلاء فآلوا على أنفسهم أن يقتلوا في سبيل رفع راية لا إله إلا الله حتى يكون الدين كله لله ورحم الله الإمام ابن تيمية عندما قال [فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله ولهذا قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فان تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله .. الآية} (مجموع الفتوى : 28 / 469)

انهم الذين استجابوا لأمر الله وهو يخاطبهم {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليما} و{وان تتولوا يستبد ل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} {ومالكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} فقالوا [لبيك اللهم لبيك

بنوا الإسلام هبوا من رقاد وقد أضناهم ليل الرقود

فلا تعجب لصحوهم ولكن تعجب أن يظلوا في همود

لقد نفروا وقالوا الموت أولى بأهل الحق في ظل البنود

فأما أن نعيش بظل دين نعز به وبالنهج الرشيد

وأما أن نموت ولا نبالي فلسنا نرتضي عيش العبيد

وأخيراً .. انهم أولئك الذين مضوا إلى الله عز وجل الذي لا يضيع سعيهم أن غمطوا حقهم في الأرض فلن يضيع لهم مثقال في الميزان الحق ، وان لم يحتفل بهم أهل الأرض فقد ابتهج بهم الملأ الأعلى واستبشرت بهم الملائكة بأرواحهم فما يضرهم بعد ذلك أن نساهم أهل الأرض أو طعنوا فيهم ، فربهم الذي وفقهم للجهاد في سبيله ورزقهم الشهادة بفضله قد منّ عليهم بالجنة والدرجات العلى

مضى الأبطال شباناً وشيبا كما يمضي الودود إلى الودود

إلى الجنان والجنات دار بها نزل ومأوى للشهيد

واعجب من تشوقهم لعدن تشوقهم إلى الله المجيد

إذا لا قوه قالوا في رجاء أعدنا كي نقاتل من جديد

فنقتل فيك مرات لترضى ففي الرضوان نطمع بالمزيد

هو الإسلام علمهم صموداً كذاك يكون أبطال الصمود

ورباهم رجالا لم يهابوا فما هانوا لطاغية لدود

من هؤلاء الشهداء
بقلم الشهيد عبد الله عزام رحمه الله



لقد شاءت إرادة الله أن تحيا الأمم بالنماذج الفذة ، وأن تبنى الأمجاد بالقمم ، وأن تنصر المبادئ بتضحيات الأفراد الأفذاذ ، هؤلاء يكونون غرباء في مجتمعاتهم ولكن المجتمعات بهم تحفظ وبأمثالهم تنصر وترزق

هؤلاء هم الأذكياء .. لأنهم عرفوا طريقهم إلى الله وإن كان غيرهم يرثي لحالهم ويسخر من تفكيرهم

هم السادة .. وإن كان أهل الدنيا المحرومون من لذة العيش الحق يردون هؤلاء عن أبوابهم ويدفعونهم من مجالسهم

هم القادة .. لأنهم يملكون نياط القلوب ويأسرون الأفئدة بحبهم

وقادة الدنيا هم المنبوذون حقا ؛ لأنهم كما قالت أم هارون الرشيد عندما رأت الآلاف المؤلفة تجتمع حول رجل فقالت : من هذا ؟ قالوا : هذا عبد الله بن المبارك عالم خراسان . فقالت : هؤلاء هم الملوك وليس أمثال هارون الذي لا يستقبل الناس إلا بجنود وشرط

هم الملوك .. كما قال ابن المبارك عندما سئل من الملوك ؟ قال : هم الزهاد ، فقيل له : فمن السفلة ؟ فقال : هم الذين يصلحون دنيا غيرهم بإفساد دينهم

هم الذي يخطون تاريخ الأمم .. لأن صروح المجد لا تبنى إلا بالجماجم والأشلاء

هم الذين يحفظون شجرة هذا الدين من أن تضمحل أو تذوي .. لأن شجرة هذا الدين لا تروي إلا بالدماء

هم الخالدون بذكرهم في الأرض والسماء .. لأن بذكرهم تحيا القلوب وإذا رؤوا ذكر الله

وفوق هذا كله جنة عرضها السماوات والأرض تنتظرهم ، وحور تشتاق للقائهم وتتحرق للقرب منهم

هم المجاهدون في سبيل الله يأتون في المرتبة بعد النبيين والصديقين ، بل تمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادة في سبيل الله .. ففي الصحيحين : والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل

وفي الصحيحين : لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

وفي البخاري : طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعت رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع

وتلاحظ العبارة النبوية الكريمة [إن كان في الحراسة كان في الحراسة] أي حيثما أقامه الأمير أقام وحيث أمره أن يبقى لزم مكانه وصبر ، والأحاديث في فضل المجاهد كثيرة لا نستطيع أن نلم بها في هذه العجالة وقد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه خير الناس : ألا أخبركم بخير الناس ؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله ، ألا أخبركم بالذي يتلوه رجل معتزل في غنيمة له يؤدي حق الله تعالى فيها ، ألا أخبركم بشر الناس رجل يسأل بالله ولا يعطي به .. رواه مالك والترمذي والنسائي

هؤلاء يقتلون لتحيا أمتهم ويحيون هم أنفسهم هؤلاء عشاق الموت لتوهب لهم الحياة وكما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رسالة ربنا أنه [من قتل منا صار إلى الجنة ، فلنحن أحب في الموت منكم في الحياة] أخرجه البخاري تعليقا

هؤلاء يبحثون عن الموت وكما قال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه

ولتلاحظ معي : ممسك بعنان فرسه فهو لا يرخي العنان كناية عن تمام استعداده يطير على متنه فهو في سرعة استجابته كالطير لا يركض ولا يسرع فقط بل يطير طيرانا

كلما سمع هيعة : أي فزعة ترعب الأمة وترهبها فهو يفزع ويسرع ويهرع من أجل أمن الأمة واطمئنانها

يبتغي الموت مظانا : أي حيثما ظن مكان الموت أسرع إليه ومضى مسرعا يطلب الموت

ومن هؤلاء إن شاء الله شهداؤنا الذين مضوا بعد أن بلغوا أمتهم ومجتمعهم وأسرهم واجباتهم بالدم لا بالمداد .. ان المبادئ أثمن من الحياة .. وان العقائد أثمن من الأجساد .. وان القيم أعظم من الأرواح

ورأيت معظم الشهداء الذين عشت معهم تجمعهم صفات على رأسها

حفظ اللسان عن المسلمين .. سلامة الصدر على المسلمين .. العمل بصمت والبعد عن ضجيج الإعلام .. طاعة الأمير – إن كان في الساقة كان في الساقة – قلة النقاش فيما يوجهون إليه .. الحياء الجم والأدب الرفيع والاحترام الشديد للعلماء والكبار والمسؤولين .. الحرص الشديد على البقاء داخل الجبهة والنفور من جو الراحة والدعة والاستقرار .. ألسنتهم لا تلهج إلا بذكر محاسن المسلمين ، ولا يرون للجبهات ولا للمجاهدين إلا فضلا عليهم ، ويرون أنفسهم صغارا بجانب هؤلاء الذين صمدوا صمود تنوء به الراسيات ، ورحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده

السراب
12 Mar 2005, 02:29 AM
http://members.lycos.co.uk/edborders/b278.gif
أهلا اخي الكريم magma2001


جزاك الله خير على هذا الموضوع الرائع

جعل ما نقلت في موازين حسناتك يارب

تحياتي
http://members.lycos.co.uk/edborders/b278.gif

منير 83
12 Mar 2005, 04:23 AM
اخ مقما 2001 جزاك الله خير على هذا التوضيح الطيب

أبوالزبير
12 Mar 2005, 02:08 PM
أخي الحبيب في الله magma2001

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً على هذا الموضوع الرائع والمتميز والإيضاح الأروع فبارك الله فيك على ماأفدت به ولا حرمت أجره .