المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زمنٌ تباعُ بِـهِ القلوبُ وتُشْـتَرَى



ألام الفراق
05 Jan 2005, 10:42 AM
عندما يبكي الرجـالُ ـ في زمن ٍ تباعُ بِـهِ القلوبُ وتُشـترى ـ تكونُ الكارثة
، كارثة إنسانية وعاطفية أن ترى الزوجةُ زوجها يبكي ، حصنها المنيع يبكي ! ،
كارثة أن ترى الفتاةُ أباها يبكي ، مُعجِبها الأول يبكي ! ،

كارثة أن ترى رجلاً يبكي أمامك في حين أنكَ تعدُه الأقوى عزماً والأربط جأشاً والاشد تحملاً في هذا العالم ، يبكي أمامك بكاءً بلا صوت ، زفراتٌ تخرجُ من بين أضلعهِ تكادُ أن تهشمَ صدره ، تعقبها دمعاتٌ متساقطة كأنها حبات البرد. إنها كارثة بما تعنيهِ الكلمة.
ما رأيتُ أبي يبكي قط إلا في موقفين ، الموقفُ الأولُ حينما كنتُ أرافقه في الحجِ وكنت في السادسة عشر من عمري أنذاك ، رأيتُ الدمعَ يتساقطُ من عينيهِ ، فسألته لِمَ يا أبي تبكي ! فقال تذكرتُ ساعةَ المحشر فوجدتُ اباكَ ضعيفاً لا يقوى على أهوالِ ذلك اليوم فما تمالكَ نفسه ،

وأمّـا الموقف الثاني فكان يوم أن ماتتْ جدتي ، فبعد أن أنزلها قبرها ـ رحمها الله ـ وتولى المشيعون بقى أبي لوحدهِ عندَ قبرها ، عدتُ ادعوه فوجدتـُه قائماً يدعو لها والدمعُ قد بللَّ لحيته ، غفرَ اللهُ لأبي ولجدتي ورحمَـهما وكلَّ المسلمين والمسلمات.

بكاءُ الرجُلِ العظيم ليس عيباً لكنه نادر ، والأعرافُ القبلية والعادات المتوارثة وحتى التركيبة الخَلْـقية للرجل تجعله قوياً شديداً لذا يُقال بين الناس " لا تبكي فالبكاء للبنات " ،
وللبكاء حالات كما أن للفرح حالات ، فبكاء الرجلُ العظيم ليس كبكاء الخائف الذليل أو كبكاء المرأة ولهذا يُقالُ " دمعة الرجل غالية "
.
تختلف دمعاتُ الرجال بإختلافِ أحوالهم وصفاتهم وتلعبُ قوةُ العظيم وقوةُ الحدث الدورَ الأبزر في مسألة كتمان هذا البكاء ،
وفي هذا يقولُ أبو الطيب المتنبي :
بادٍ هواكَ صَـبَرت أَم لم تصبِرا ، وبُكاكَ إن لم يَجْـرِ دَمْعُكَ أَو جَرَى ..
كم غَرَّ صَبرك وابتسـامُكَ صاحِباً ، لَمَّا رآهُ وفي الحَشا ما لا يُرَى .

اليوم وقد كنتُ اتذكرُ بعضاً من صروفِ الدهر رأني ابني عبدالرحمن ( باكياً ) ، فقال أتبكي يا أبي؟! قلتُ أوَ تشك لحظةً أن أباك يبكي (أمــرَ الفُـؤادُ لِسـانَه وجفونَـه ، فكَتَمنهُ وكَفَى بِلفظِكَ مُخْـبرا ) ! فقـال : بكى الرسولُ وبكى الصحابة ، قلتُ : بكى أبي و معلمي ايضاً ، وأخبرته سبب الدمعات التي رأها على خديِّ ابيه. إيه يا هــاذي الدنيا ماضيكِ جميلٌ مندثر ، وحاضركِ كئيبٌ مستقر ، ومستقبلكِ مجهولٌ منتظر ، (بِـأَبي وأُمّـي واضحٌ فـي نهجكِ ، زمنٌ تباعُ بِـهِ القلوبُ وتُشْـتَرَى ).





منقوووووووووووووووول

لمسة الحنان
05 Jan 2005, 01:21 PM
صدقت ....صدقت.....يا اخي آلام الفراق....

اننا حقا في زمن تباع به القلوب وتشترى......

سلمت على النقل....

ابو عبد الرحمن
05 Jan 2005, 11:33 PM
صدقت وجزاك الله خيرا


صراحة موضوع يستاهل يستاهل يستاهل انه ينقل


ولا حرمك الله اجره

nadiaja@bezeqint.net
06 Jan 2005, 12:56 AM
بسم الله الرحمن الرحيم .
نحن في زمن نحتاج فيه الى الكلام الذي يشفي الصدر . بارك الله فيك وفي قلمك .
ناديه .ج

صقر الأحبة
06 Jan 2005, 01:53 AM
ألام الفراق




بارك الله فيك على هذا النقل المفيد





وبالفعل دموع الرجال نادراً ما تنهمر ولكن ردة فعلها قوية للغاية



صقر الأحبة

عب فل
06 Jan 2005, 06:26 PM
قال الثوري : البكاء عشرة أجزاء ؛ تسعة لغير الله ، وواحد لله ، فإذا جاء الذي لله في السنة مرة فهو كثير .

وهذا أيوب السختياني : كان في ثوبه بعض الطول لستر الحال ، وكان إذا وعظ فرقَّ ؛ فَرَقَ من الرياء ، فيمسح وجهه ويقول : ما أشد الزكام!!

وقال ابن الجوزي : كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك ، فإذا جاء الليل فكأنه قتل أهل القرية .

نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... ... الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ... ويجمعني والهم بالليل جامع

يقول زين القراء محمد بن واسع : لقد أدركت رجالاً ، كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة ، قد بلّ ما تحت خدَّه من دموعه ، لا تشعر به امرأته ، ولقد أدركت رجالاً ، يقوم أحدهم في الصف ، فتسيل دموعه على خده ، ولا يشعر به الذي إلى جنبه .
تحياتى لكم

شارية الجنة
06 Jan 2005, 10:03 PM
أجمل البكاء هو من خشيه الله،،
كتب الله لك ما نقلت فى ميزان حسناتك
ودمتم فى حفظ الله

ألم الفراق
07 Jan 2005, 11:02 PM
مواضع متميزة الام الفراق ، دلالة على سعة إطلاع وعمق فكر ، أجد متعة في متابعة مواضيعك.

قال الثوري : البكاء عشرة أجزاء ؛ تسعة لغير الله ، وواحد لله ، فإذا جاء الذي لله في السنة مرة فهو كثير .

ماأجمل هذا الكلام ، شكر الله لك عب فل