ام حفصه
18 Mar 2013, 08:41 AM
http://up.ala7ebah.com/img/er000251.jpg
إفشاء السلام
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
معنى السلام:
السلام: تحية، وأمان، ودعاء بالسلامة.
نقل ابن حجر[1] عن ابن دقيق العيد أنه قال: "السلام يطلق بإزاء معان، منها السلامة، ومنها التحية، ومنها أنه اسم من أسماء الله".
وقال ابن حجر[2]: "وقد اختلف في معنى السلام: فنقل عياض، أن معناه: اسم الله. أي: كلاءة الله عليك وحفظه، كما يقال: الله معك ومصاحبك. وقيل: معناه السلامة... فكأن
المسلم، أعلم من سلم عليه، أنه سالم منه، وألا خوف عليه منه".
وقد ذكر هذين المعنيين النووي في "شرح صحيح مسلم"[3]، وذكرهما ابن القيم، ورجح أن السلام يشملهما معاً، وأن الحق في مجموع القولين، حيث قال[4]: " وأما معنى
السلام المطلوب عند التحية، ففيه قولان مشهوران. أحدهما: أن المعنى: اسم "السلام عليكم. والسلام هنا: هو الله - عز وجل -. ومعنى الكلام: نزلت بركة اسمه عليكم، وحلت
عليكم، ونحو هذا.....
والقول الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة، وهو المطلوب المدعو به عند التحية"
ثم قال بعد أن ذكر أدلة القولين: "وفصل الخطاب في هذه المسألة أن يقال: الحق في مجموع القولين، فكل منهما بعض الحق، والصواب في مجموعهما.... فقد تضمن "سلام
عليكم" اسماً من أسماء الله، وطلب السلامة منه".
حكم ابتداء السلام وردّه:
نقل ابن عبد البر وغيره إجماع المسلمين على أن ابتداء السلام سنة، وأن ردّه فرض.[5]
وقال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغّب فيها، وردّه فريضة، لقوله - تعالى -: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها([النساء: 86]"[6]
وقال الصنعاني: "والأمر[7] دليل على وجوب الابتداء بالسلام، إلا أنه نقل ابن عبد البر وغيره: أن الابتداء بالسلام سنة، وأن رده فرض"[8].
وقال النووي: "اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة، ليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فإن كان المسلّم جماعة، كفى عنهم تسليم واحد منهم، ولو سلموا كلهم كان أفضل....
وأما ردّ السلام، فإن كان المسلّم عليه واحداً تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة، كان رد السلام فرض كفاية عليهم، فإن رد واحد منهم، سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه
كلهم، أثموا كلهم، وإن ردوا كلهم، فهو النهاية في الكمال والفضيلة"[9]
ومن آداب السلام التي تورث المحبة، وتزيد في الألفة: المصافحة عند اللقاء[10] مع التبسم والبشاشة وطلاقة الوجه.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا"[11]
وفي حديث آخر: "إن المؤمن إذا لقي المؤمن، فسلم عليه، وأخذ بيده فصافحه، تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر"[12]
وروى البخاري[13] عن قتادة قال: "قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ? قال: نعم"
والمصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي كما قال ذلك النووي[14]، وهي مستحبة عند كل لقاء.[15]
وتسن مصافحة الرجل الرجل، ومصافحة المرأة المرأة، للأحاديث السابقة .[16]
ويسن مع المصافحة: البشاشة وطلاقة الوجه. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق[17] "[18]
وللسلام أحكام وآداب كثيرة، ليس هذا مجال بحثها، أو بسط القول فيها، والغرض هنا هو التنبيه على أهمية السلام، ومكانته في الإسلام.
أثر السلام في تحقيق المحبة بين المسلمين:
السلام هو شعار المحبة والسلام، وهو رسالة يعبّر فيها المسلّم عن محبته وتقديره للمسلّم عليه، ويعلن فيها تأمينه وتأنيسه والدعاء له بالسلامة، فيطمئن إليه الآخر، ويستأنس
به، ويبادله الشعور بمثله، فيرد عليه التحية بمثلها أو أحسن منها.
ولأجل هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإفشاء السلام، وبين أنه من أهم أسباب تأليف القلوب، وتحصيل المودة بين المؤمنين، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "والذي
نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ? أفشوا السلام بينكم"[19]
وإفشاء السلام، معناه: إشاعته وإذاعته وبذله لكل مسلم، صغيراً كان أو كبيراً، قريباً أو بعيداً، معروفاً أو مجهولاً.
ويؤكد ذلك ما ثبت في الصحيحين [20] عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيّ الإسلام خير ? قال: "تطعم
الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس،
وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام" الحديث.[21]
وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار[22] "[23]
قال ابن القيم: " وبذل السلام للعالم: يتضمن تواضعه، وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذُل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه.
والمتكبر ضدّ هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه كبْراً منه وتِيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد ? "[24]
والأحاديث في هذا المعنى من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، كثيرة.
قال ابن حبان: " السلام مما يَذْهب إفشاؤه بالمكْتَنّ من الشحناء، وما في الخلد من البغضاء، ويقطع الهجران، ويصافي الإخوان....
والبشاشة إدام العلماء، وسَجيّة الحكماء، لأن البشر يطفيء نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصينٌ من الباغي، ومنجاة من الساعي. ومن بَشّ للناس وجهاً، لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك"[25].
إفشاء السلام
د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
معنى السلام:
السلام: تحية، وأمان، ودعاء بالسلامة.
نقل ابن حجر[1] عن ابن دقيق العيد أنه قال: "السلام يطلق بإزاء معان، منها السلامة، ومنها التحية، ومنها أنه اسم من أسماء الله".
وقال ابن حجر[2]: "وقد اختلف في معنى السلام: فنقل عياض، أن معناه: اسم الله. أي: كلاءة الله عليك وحفظه، كما يقال: الله معك ومصاحبك. وقيل: معناه السلامة... فكأن
المسلم، أعلم من سلم عليه، أنه سالم منه، وألا خوف عليه منه".
وقد ذكر هذين المعنيين النووي في "شرح صحيح مسلم"[3]، وذكرهما ابن القيم، ورجح أن السلام يشملهما معاً، وأن الحق في مجموع القولين، حيث قال[4]: " وأما معنى
السلام المطلوب عند التحية، ففيه قولان مشهوران. أحدهما: أن المعنى: اسم "السلام عليكم. والسلام هنا: هو الله - عز وجل -. ومعنى الكلام: نزلت بركة اسمه عليكم، وحلت
عليكم، ونحو هذا.....
والقول الثاني: أن السلام مصدر بمعنى السلامة، وهو المطلوب المدعو به عند التحية"
ثم قال بعد أن ذكر أدلة القولين: "وفصل الخطاب في هذه المسألة أن يقال: الحق في مجموع القولين، فكل منهما بعض الحق، والصواب في مجموعهما.... فقد تضمن "سلام
عليكم" اسماً من أسماء الله، وطلب السلامة منه".
حكم ابتداء السلام وردّه:
نقل ابن عبد البر وغيره إجماع المسلمين على أن ابتداء السلام سنة، وأن ردّه فرض.[5]
وقال القرطبي: "أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغّب فيها، وردّه فريضة، لقوله - تعالى -: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها([النساء: 86]"[6]
وقال الصنعاني: "والأمر[7] دليل على وجوب الابتداء بالسلام، إلا أنه نقل ابن عبد البر وغيره: أن الابتداء بالسلام سنة، وأن رده فرض"[8].
وقال النووي: "اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة، ليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فإن كان المسلّم جماعة، كفى عنهم تسليم واحد منهم، ولو سلموا كلهم كان أفضل....
وأما ردّ السلام، فإن كان المسلّم عليه واحداً تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة، كان رد السلام فرض كفاية عليهم، فإن رد واحد منهم، سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه
كلهم، أثموا كلهم، وإن ردوا كلهم، فهو النهاية في الكمال والفضيلة"[9]
ومن آداب السلام التي تورث المحبة، وتزيد في الألفة: المصافحة عند اللقاء[10] مع التبسم والبشاشة وطلاقة الوجه.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا"[11]
وفي حديث آخر: "إن المؤمن إذا لقي المؤمن، فسلم عليه، وأخذ بيده فصافحه، تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر"[12]
وروى البخاري[13] عن قتادة قال: "قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ? قال: نعم"
والمصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي كما قال ذلك النووي[14]، وهي مستحبة عند كل لقاء.[15]
وتسن مصافحة الرجل الرجل، ومصافحة المرأة المرأة، للأحاديث السابقة .[16]
ويسن مع المصافحة: البشاشة وطلاقة الوجه. لقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق[17] "[18]
وللسلام أحكام وآداب كثيرة، ليس هذا مجال بحثها، أو بسط القول فيها، والغرض هنا هو التنبيه على أهمية السلام، ومكانته في الإسلام.
أثر السلام في تحقيق المحبة بين المسلمين:
السلام هو شعار المحبة والسلام، وهو رسالة يعبّر فيها المسلّم عن محبته وتقديره للمسلّم عليه، ويعلن فيها تأمينه وتأنيسه والدعاء له بالسلامة، فيطمئن إليه الآخر، ويستأنس
به، ويبادله الشعور بمثله، فيرد عليه التحية بمثلها أو أحسن منها.
ولأجل هذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإفشاء السلام، وبين أنه من أهم أسباب تأليف القلوب، وتحصيل المودة بين المؤمنين، فقال - عليه الصلاة والسلام -: "والذي
نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ? أفشوا السلام بينكم"[19]
وإفشاء السلام، معناه: إشاعته وإذاعته وبذله لكل مسلم، صغيراً كان أو كبيراً، قريباً أو بعيداً، معروفاً أو مجهولاً.
ويؤكد ذلك ما ثبت في الصحيحين [20] عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيّ الإسلام خير ? قال: "تطعم
الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس،
وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام" الحديث.[21]
وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: "ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار[22] "[23]
قال ابن القيم: " وبذل السلام للعالم: يتضمن تواضعه، وأنه لا يتكبر على أحد، بل يبذُل السلام للصغير والكبير، والشريف والوضيع، ومن يعرفه ومن لا يعرفه.
والمتكبر ضدّ هذا، فإنه لا يرد السلام على كل من سلم عليه كبْراً منه وتِيهاً، فكيف يبذل السلام لكل أحد ? "[24]
والأحاديث في هذا المعنى من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله، كثيرة.
قال ابن حبان: " السلام مما يَذْهب إفشاؤه بالمكْتَنّ من الشحناء، وما في الخلد من البغضاء، ويقطع الهجران، ويصافي الإخوان....
والبشاشة إدام العلماء، وسَجيّة الحكماء، لأن البشر يطفيء نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصينٌ من الباغي، ومنجاة من الساعي. ومن بَشّ للناس وجهاً، لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك"[25].