المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب دفع العقوبات عن الأمم



سنا البرق
01 Jan 2005, 06:46 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله، والصلاة والسلام على إمام العلماء، وقدوة الدعاة والمجاهدين، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أمابعد،،،



إن من جوانب تدبر القرآن الكريم: تتبع السنن والعقوبات التي وقعت على الأمم، بسبب انحرافها عن الصراط المستقيم، وهذه العقوبات كثيرة متنوعة قص الله بعضها في كتابه، وأمر بتدبرها، وأخذ العبرة حتى لا نقع فيما وقعوا فيه، فيحلّ علينا ما حلّ بهم. وذكر سبحانه بعض العوامل التي إذا أخذ بها الأفراد والمجتمعات والأمم؛ رفعت عنهم العقوبات ودفعت، قال سبحانه:{ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ[137]}[سورة آل عمران].



ولما قص لنا حال الأمم الماضية أمرنا بأخذ العبرة وعدم السير على طريقهم ومنهجهم، فقال سبحانه: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[69]}[سورة التوبة].



إن الأمة في الأزمنة المتأخرة تعرضت لعقوبات ربانية -وهي في ازدياد- ونحن نعيش مرحلة صعبة، ومن تدبر حال الأمة وحالها مع هذه الأزمات، يأخذه الخوف والعجب من صنعها ومواقفها، وإن المخرج من هذه الفتن لن يكون إلا بالعمل بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ففيهما النور والهدى، ومن خلال تدبر كتاب الله في معرفة الأسباب والعوامل لدفع العقوبات عن الأمم نخلص إلى أهمها، وهي كالتالي:



السبب الأول:الإيمان بالله وبوعد الله: وعد الله أن أي أمة آمنت بالله حق الإيمان، ولم تفرط بهذا الإيمان الذي هو سر قوتها ونصرها على أعدائها، وعدها بالنجاة وقت الأزمات، فقال:{ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ[103]}[سورة يونس]. ويقول سبحانه:{ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[18]}[سورة فصلت].



السبب الثاني: الإصلاح، والدعوة إلى الله، ومحاربة الفساد: قال سبحانه: [فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون]هود[116-117] وتدبر هذا السبب العجيب للنجاة [النهي عن الفساد والإصلاح ] ولايمكن إصلاح من غير نهي عن الفسادوهذا بنص القرآن. ، والإصلاح يبدأ من أنفسنا فإذا صلحت استطعنا إصلاح غيرنا فالله الله بتقوى الله عزوجل فإن لن يغير حالنا وينجينا إلا إذا بادرنا بإصلاح أنفسنا قال سبحانه:{...إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ...[11]}[سورة الرعد].

والخطير في الأمر أن سبب هلاك الأمم السابقة هو ردّ ورفض دعوة المصلحين والناصحين، قال سبحانه:{ إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى[48]}[سورة طه]. فالعذاب على من أعرض، ولم يستجب للناصحين. وقال سبحانه:{ إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ[14]}[سورة ص]. وقال سبحانه:{ فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ[136]}[سورة الأعراف].



السبب الثالث: البعد عن الغفلة واللهو والعبث، والاستمرار على الطاعة والذكر: قال سبحانه:{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[96]أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ[97]أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ[98]أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ[99]}[سورة الأعراف].



ويقول سبحانه مبينًا أن الغفلة والنسيان سبب من أسباب العقوبة:{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ[44]}[سورة الأنعام].

قال الحسن رحمه الله:' مكر بالقوم ورب الكعبة أُعطوا حاجتهم، ثم أُخذوا'. ويقول قتادة رحمه الله:' بغت القوم أمر الله وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغِرّتهم ونعمتهم فلا تغتروا بالله، إنه لا يغتر إلا القوم الفاسقون'.



وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ[44]}[سورة الأنعام].]رواه أحمد.



السبب الرابع:التوبة والاستغفار من الذنوب، والإقلاع عنها فرادى وجماعات، وعدم المجاهرة والإعلان بما يغضب الله؛ فإن المعاصي نذير شؤم على الأمة كلها: يقول سبحانه:{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[33]}[سورة الأنفال]. قال ابن عباس في تفسير هذه الآية:'كان فيهم أمانان: النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم، وبقي الاستغفار'.

والرسول صلى الله عليه وسلم لما سألته زوجه رضي الله عنها، فقالت: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ: [ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ]رواه البخاري ومسلم. والخبث هو كل ما يغضب الله من المعاصي والموبقات والجرائم التي يعلن بها ويسر.



السبب الخامس: الدعاء والتضرع والاستغاثة بالله: فإن الله لا يرد من سأله:{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ...[62]}[سورة النمل]. ويقول سبحانه:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...[60]}[سورة غافر]. وقد بين سبحانه أن سبب هلاك بعض الأمم تركها التضرع واللجوء إليه وقت الأزمات والحاجات، فقال سبحانه:{ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[43]}[سورة الأنعام].



ويقول سبحانه:{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ[94]}[سورة الأعراف]. يقول الحافظ ابن كثير:'وتقدير الكلام: أنه ابتلاهم بالشدة ليتضرعوا فما فعلوا شيئاً من الذي أراد الله منهم '. والدعاء من أعظم مظاهر عبودية المؤمن لربه، وفيها يظهر حاجته وعجزه وذلته بين يديه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل عند نزول النوازل والحوادث يهرع لدعاء ربه، والتضرع بين يديه .

سنا البرق
01 Jan 2005, 06:48 PM
السبب السادس:الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فإذا ادلهمت الخطوب، وخيف من نزول العقوبات الربانية؛ فإن من أعظم أسباب رفع العقوبات والنجاة وقتها هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول جل وعلا:{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ[165]}[سورة الأعراف]. وقال صلى الله عليه وسلم: [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ]رواه الترمذي وأحمد.



وقال صلى الله عليه وسلم: [مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا]رواه البخاري .



فإذا أردنا النجاة والنصر والفوز، فلنحيي هذه الشعيرة في حياتنا حتى ننجوا جميعًا في بيوتنا وأعمالنا وأسواقنا، لنقف صفاً واحداً ضد من يريد خرق السفينة، لنقف مع الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر علّ الله أن يرحمنا، ويرفع عنا مقته وغضبه .



السبب السابع:رفع الظلم، ونشر العدل، وإعطاء الحقوق إلى أهلها، وعدم فرض الضرائب والمكوس: فإن هذا كله مؤذن بعقوبة عاجلة، قال سبحانه:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ[102]}[سورة هود]. وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ[102]}[سورة هود].]رواه البخاري ومسلم.



وإن أعظم الظلم هو الشرك بالله، وعبادة غيره، فالأمم الماضية كانت تمارس أنواعاً من الظلم أعظمها وأخطرها الشرك بالله، فقال سبحانه:{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ[13]}[سورة يونس]. وقال سبحانه:{ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ[67]}[سورة هود]. وقال سبحانه:{ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ[94]}[سورة هود]. وقال سبحانه مبينًا سبب هلاك القرى والديار:{ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا[59]}[سورة الكهف].



السبب الثامن:وحدة الصف والكلمة، وعدم التفرق والتشرذم: فالفرقة والتنازع عقوبة في ذاتها كما قال سبحانه:{ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ[65] }[سورة الأنعام]. فالله الله يا أمة الإسلام.. أن ينقض علينا عدونا، ونصاب بالوهن والضعف بسبب انشغالنا بالطعن والتجريح في بعضنا شعوبًا ودولاً، أفراداً ومجتمعات.



ولنكن كالبنيان المرصوص، ولنعمل بوصية ربنا حيث قال:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[103]}[سورة آل عمران].

والله سبحانه قد نهانا عن التفرق والتشرذم، فإنها سبب للضعف، وطريقة ومنهج الظالين من الأمم، قال سبحانه:{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ[46] }[سورة الأنفال]. ونمتثل أمره سبحانه لمّا قال:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[105]}[سورة آل عمران].



السبب التاسع:عدم الغرور والعجب والتفاخر والتكبر والتعالي على الخلق: فإنه سبحانه أنزل عقوبة بأفضل الخلق بعد الأنبياء:صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فقال جل وعلا:{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ[25]}[سورة التوبة].



ويقول سبحانه عن سبب عقوبة أمة من الأمم وهم قوم عاد أنهم اغتروا، وتكبروا بقوتهم، ونسوا أن الذي أعطاهم القوة هو القوي العزيز سبحانه، فقال:{ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ[15]}[سورة فصلت]. وإننا والله لما نسمع ما يتبجح به أعداء الله من اليهود والنصارى، ونرى غطرستهم وكبرهم وخيلائهم نقول: إنها والله البشارة بقرب زوال ملكهم ومجدهم؛ لأنها سنة لاتتبدل، وقد أهلك الله قريش لما خرجت كبراً وبطراً تريد حرب المؤمنين يوم بدر، فقال سبحانه:{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[47]}[سورة الأنفال].

وهذا قارون.. أهلكه الله وهو في أبهة مجده، وفي قمة غطرسته، فقال سبحانه:{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ[76]} إلى أن قال سبحانه:{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ[81]}[سورة القصص].



من خطبة:'أسباب دفع العقوبات عن الأمم' للشيخ/ناصر بن يحيى الحنيني

أبو طالب الأنصاري
01 Jan 2005, 07:21 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جزاك الله خيرا أخى سنا البرق على النقل الطيب جعله الله فى ميزان حسناتك

أسأل الله أن يدفع عن أمة التوحيد الغلاء و الوباء و الفناء وأن يحفظنا بحفظه سبحانه

تم دمج الموضوعين حتى تعم الفائدة

سنا البرق
04 Jan 2005, 11:08 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وأنت كذلك أخي الفاضل .