المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع د. كمال الجعيثي حول مرض التوحد و اكتشافه



رونق الامل
20 Jan 2013, 07:37 PM
http://up.ala7ebah.com/img/Sfe99675.jpg


بعضهم زائغ البصر، لا يمكنه التخاطب معك موجها إليك بصره، والبعض الآخر يثير الأرض من حوله شقاوة ممزوجة بسلوكيات عنيفة قد تؤذيه ومن حوله، وفريقٌ ثالث يصرخ أو يتمايل مع أي صوت دون أن تعرف السبب، وكثيرون منهم لا يشعرون بالألم وفقا لتفاعلات أعضائهم مع الأغذية التي يتلقونها.
هم مرضى التوحد، الذين لا يعرفهم الكثير منا، وأحيانا نغض الطرف عنهم، أو نبعث لهم بنظرات شفقة لن تنفعهم بقدر نفعها إذا ما غلفت بفهم احتياجاتهم، ومحاولة توفيرها ليكونوا قادرين على الاندماج والتفاعل في المجتمع، بعيدا عن حالة الانزواء والانطواء التي تعد أهم سماتهم الشخصية والاجتماعية.
"لها أون لاين" أرادت التعرف أكثر على مرض التوحد عبر استضافتها د. كمال الجعيثي مسؤول العيادة الطبية في جمعية الحق في الحياة لرعاية مرضى التوحد والداون في قطاع غزة، والذي عرّف لنا التوحد وأسبابه وأعراضه، وأطلعنا على دور الأسرة والمؤسسات المعنية في اكتشاف مرضاه وتأهيلهم بما يتناسب مع قدراتهم العقلية والجسدية.

- عرِّف لنا د. كمال مرض التوحد؟
حقيقة إن مرض التوحد هو مرض سلوكي بالدرجة الأولى، وليس عقلي كما هو شائع لدى الكثيرين في العالم، وينتج عن خلل في وظائف الدماغ؛ مما يجعل الطفل يعاني من إعاقات في التطور والنمو خلال الأعوام الثلاثة الأولى من عمره، ومن الملاحظ أن الطفل يفقد قدرته على التواصل اللفظي والكلام بعد بلوغه سن 18 شهرا، يبدأ بعدها يعاني من صعوبات في التطور والنمو خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية المتبادلة، واللغة بالإضافة إلى السلوك فيصبحون منغلقين على أنفسهم، وأحيانا يتسمون بالعدائية ويفقدون المهارات اللغوية التي اكتسبوها.

- بعض العلماء يشير إلى أن سبب الإصابة بمرض التوحد عائد إلى البيئة الخارجية والعوامل الوراثة، هل تؤيد ذلك؟ وكيف يتم اكتشاف المرض؟
حقيقة لا أؤيد هذه الدراسات، فبعض النظريات فرضت أن من أسباب اضطراب التوحد التهابات الحمل أو التهاب السحايا لكن تلك الفرضيات ألغيت لعدم صحتها، وأعتقد أن الخلل لدى مرضى التوحد يكمن في الفلق الصدغي للمخ المسؤول عن السلوكيات، ومما يدلل على ذلك ردة الفعل التي تخرج عن المصاب بالتوحد فهي إما قوية أو غير مبالية.
أما عن كيفية اكتشاف المرض، فتكون عبر إخضاع الطفل وذويه قبل تشخيص حالته لاختبار به 25 سؤالا تقريبا يستفسر عبره الطبيب عن وضع الأبناء، ومن ثمَّ يتم تحديد حالة الطفل والتساؤل حول مدى استجابته لاسمه حين المناداة عليه، ومدى تقبله للعناق والمكوث في حضن أمه أو أي شخص من العائلة وتجاوبه وفهمه لما يقوله الآخرون، هذه التساؤلات هي عبارة عن الأعراض الأولية التي تظهر على مرضى التوحد، والإجابة عليها تحدد إصابة الطفل بالتوحد من طيف التوحد من عدمه.

- ما أهم الاضطرابات في المهارات الاجتماعية لدى مرضى التوحد؟
أهم الأعراض التي تُشير إلى اضطرابات في المهارات الاجتماعية لدى الأطفال التوحديين وكما أشهدها حقيقة يوميا في العيادة الطبية لجمعية الحق في الحياة تتراوح بين عدم استجابة الطفل لمناداة اسمه، وعدم الاتصال البصري المباشر، والانكماش على الذات ورفضه للعناق، بالإضافة إلى عدم إدراكه لمشاعر الآخرين، وعدم شعوره بالملل إذا بقيَّ فترة طويلة يلعب بمفرده.

- وماذا عن المهارات اللغوية؟
كما أسلفت فإن الطفل يفقد القدرة على التواصل اللفظي منذ الشهر 18، ومع تقدم العمر به يفقد القدرة على ترتيب جمل والحديث بها، رغم معرفته السابقة بها، أما عن حديثه فيتحدث بصوت غريب بإيقاعات مختلفة ونبرات شتى وأحيانا يُشبه صوته الإنسان الآلي، كما أنه لا يتمكن من الاستمرار في الحديث ويكرر كلمات وعبارات ومصطلحات لا يعرف كيفية استخدامها.

- كيف يؤثر ذلك على سلوك مريض التوحد وتفاعله مع المجتمع المحيط به؟
لا شك أن عدم القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية المتبادلة، بالإضافة إلى عدم القدرة على التواصل اللفظي والبصري سينعكس سلبا على سلوك مريض التوحد فيبدو انطوائيا ساكنا أو العكس، فيكون نشيطا دائم الحركة، لدرجة التخريب والاعتداء على الآخرين بالضرب أو العض، ولكن أؤكد أن المشاكل السلوكية لدى مرضى التوحد تكون وفقا لدرجة الكهرباء، فالذين يعانون من زيادة كهرباء يكون سلوكهم العنيف تخريبي مؤذي، سواء لأنفسهم أو للآخرين، بينما الأقل يكون سلوكهم خفيفا وقد لا يُلاحظ.

- نلاحظ أن من الأعراض المرضية لمرضى التوحد عدم الإحساس لديهم ما أسباب ذلك؟
نعم مرضى التوحد يكاد شعورهم بالأشياء من حولهم معدوما، والأسباب حقيقة كما أثبتتها دراسات حديثة حساسية هؤلاء من المادة الموجودة في الدقيق الأبيض ومشتقاته، ومادة الكازين المتواجدة في الحليب والشوكولاته، ينتج عن تحللها مواد مورفينية وهيروينية بنسب معينة يمتصها الجسم، و تؤثر على دماغ وطبيعة السلوكيات، لكن المصابين بالتوحد أمعائهم لديها القدرة على امتصاص هذه المواد بأضعاف مضاعفة عن الناس العاديين بقدر 2000 مرة تقريبا، وقد أكدت هذه النتائج أبحاث أجريت على 5000 طفل من مصابي التوحد، وتم مقارنتهم مع أعراض مدمني المخدرات، فكانت النتيجة أن الأعراض مشتركة كالحركة الزائدة أو قلتها، وعدم التركيز والخمول والسلوكيات الغريبة؛ وذلك بسبب قلة أو زيادة الكهرباء لديهم، وتبين أن لديهم بعض المشكلات الحسية كالاستجابة غير المعتادة للأحاسيس الجسدية، مثل أن يكون حساسا أكثر من المعتاد للمس، أو أقل حساسية من المعتاد للألم، أو النظر، أو السمع، أو الشم.
وحقيقة حاولت من خلال عملي في العيادة الطبية لجمعية الحق في الحياة الراعية لمرضى التوحد ومتلازمة داون أن أطبق نتائج الدراسة بتنفيذ برنامج غذائي "حمية" على عدد من أطفال التوحد في الجمعية وكانت النسبة رائعة 80% استطاعوا أن يتخطوا عدم الإحساس بعيدا عن التدخل والعلاجي الكيميائي فقط من خلال الحمية.

- في ظل ما تحدث عن أعراض وسمات مرضى التوحد، هل يمكن أن نجد لديهم مواهب خاصة يمكن استثمارها لتحسين تفاعلهم مع غيرهم؟
دعيني أقول: إن كل إنسان لديه مواهب بالفطرة في أي من المجالات التي يتعرض إليها، ولكن بروز المواهب وتنميتها لا يكون بالصدفة، أو دون توجيه ورعاية واهتمام، ومرضى التوحد لا يختلفون في إمكانية وجود مواهب لديهم عن غيرهم ولكنها تخضع لمعايير، أولا: ذاتية تكمن في التشخيص الطبي وبيئية، بتهيئة البيئة المناسبة لاستقبال هذا المريض، أقول: إن بعض مرضى التوحد المصابين بالتخلف العقلي من الصعوبة بمكان اكتشاف مواهبهم وتنميتها، ولكن من يتمتعون بنسبة من الذكاء نجد أنه يمكن استثمار طاقاتهم، والتاريخ يُشير إلى أن العالم أينشتين كان توحديا، ما أود أن أطرحه أن الإبداعات تتفجر بالاكتشاف المبكر، والمتابعة الحثيثة من الأهل، بعد تقبلهم وجود هذا الشخص في العائلة، ومن المؤسسات المعنية بالفئات المختلفة من ذوي الاحتياجات الخاصة، أؤكد من خلال متابعتي يوما ما بين 2- 3 حالات لمرضى التوحد خاصة الأطفال أن 30% منهم يتمتعون بنسب مختلفة من الذكاء تصل إلى العبقرية في مجال معين، ولا أنفي في المقابل وجود النسبة الأكبر منهم يعانون من التخلف العقلي.

- هل من سلوكيات خاطئة قد تجعلنا نعتقد أن هذا الطفل مريض بالتوحد؟
نعم فالخطير الذي اكتشفته من خلال متابعتي لأطفال التوحد في جمعية الحق في الحياة: أن بعض الأطفال تأتي بهم أسرهم معتقدين إصابتهم بمرض التوحد، ولكنهم مصابون "بطيف التوحد" وقد لاحظت أن الكثير من هؤلاء الأطفال تضعهم أمهاتهم أمام شاشات التلفزيون المخصصة للأطفال لساعات طويلة ،ريثما تنهي أعمال المنزل، يتوحد الطفل مع هذه القنوات ويبدأ يتراجع في تواصله اللفظي ويفقد السيطرة على سلوكه، ولكن بعد فترة من التدريب والبعد عن مشاهدة تلك القنوات يعود الطفل إلى طبيعته، فالأجدر بالأمهات أن تعتني بأطفالهم وتعمد إلى تطوير علاقاتهم الاجتماعية والنفسية واللغوية، بدلا من إهمالهم إلى أن يصبحوا أطفالا توحديين.


- كيف تُقيم دور الأسرة والمؤسسات الخاصة بعناية ذوي الاحتياجات الخاصة بمرضى التوحد؟
للأسف الدور سوداوي بعض الشيء، فالأسر لا تكتشف مبكرا إصابة طفلها بمرض التوحد؛ نتيجة عدم الوعي بأعراضه وسماته التي يصبغ بها الطفل منذ الشهر 18 بعد ميلاده، أما على صعيد المؤسسات المعنية فللأسف لا يوجد في قطاع غزة مؤسسة واحدة تُعنى بمرضى التوحد، باستثناء جمعية الحق في الحياة التي أفردت برنامجا خاصا لتأهيل مرضى التوحد عبر العلاج السلوكي والبناء التعليمي والعلاج الطبي والعلاج الوظيفي والرعاية الاجتماعية للمرضى وأسرهم؛ لتتمكن من تطوير مهارات أطفالهم وتوجيهها بما يعود عليهم بالفائدة سواء على مستوى العلاقات الأسرية من حيث التواصل أو على صعيد الأنشطة الوظيفية لمن يتمتعون بنسب من الذكاء العقلي.
وأعتقد أن المشكلة الأساسية في عدم الاهتمام بمرضى التوحد وتأهيلهم عدم وجود مؤسسات قادرة على استيعابهم، فجمعية الحق في الحياة لا تتمكن من استيعابهم جميعا خاصة في ظل محدودية الإمكانات المادية التي تُكرسها لإيجاد مشاريع تؤهل مرضى التوحد، المطلوب إيجاد مؤسسات أخرى حكومية أو خاصة وتمكينها بميزانيات تستطيع من خلالها إعادة تأهل مرضى التوحد ليكونوا نافعين، أولا: لأنفسهم، ومن ثم لأسرهم ومجتمعهم.

- هل تعتقد أن عدم الاكتشاف المبكر طبيا للإصابة بالتوحد مشكلة يُعاني منها قطاع غزة؟
بكل تأكيد، فبعض الأطباء لا يعرفون عن مرض التوحد شيئا؛ مما يؤثر على عملية الاكتشاف المبكر والتأهيل والمعالجة الطبية لهؤلاء المرضى، والتي تكون بإزالة المعادن الثقيلة من جسم الطفل التوحدي، في حال ارتفاع نسبتها في دمه، وبرأيي أن الاكتشاف المبكر يؤدي إلى تدخل مبكر؛ لتحسين مستوى التحصيل اللفظي والكلامي، بواسطة برامج خاصة من قبل أخصائيين كبرامج السمع والنطق؛ وذلك لإيصالهم لأدنى مستوى طبيعي للحياة، ويمكن أن يُحقق الاكتشاف المبكر معالجة إيجابية ناجعة للسلوك السلبي والنمطي لدى مرضى التوحد من خلال تدريبات على تحسين السلوك.






لها أون لاين

ام حفصه
20 Jan 2013, 07:50 PM
http://up.ala7ebah.com/img/C3u00834.jpg

رونق الامل
19 Feb 2013, 01:51 PM
http://up.ala7ebah.com/img/IIQ07787.gif