المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حائر بين بين امي العجوز وزوجتي .



سهام الليل
26 Dec 2004, 10:48 PM
ورقة الحب أم ورقة الإخلاص _قصة قصيرةمنقول من قصص قصيرة لعبد الوهاب آل مرعي
تَتَناثر حباتٌ من السكر الملوَّن على وجه الكعكة،... المنزل يكاد يغص بالضيوف، والضيوف يبدون جميعاً سُعداء، فالخطبة في أغلب أحوالها حدثٌ يبتهج له جميع الحضور.
أحمد يجلس وحيداً، ويعبث مع نفسه بعدِّ حبات السكر على الكعكة... وهو الوحيد الذي يشعر بالقلق هنا، وجهه ملائكي، وعيناه نجمة بارعة الضياء، وصادقة في الدلالة على جميع ما يختلج في أعماق نفسه... كلَّف نفسه مدَّ يده للكعكة، ليلتقط إحدى حبيبات السكر.
... لكن موقفه الحرج جعله يحجم عن كل عمل لأن الشرط الذي سَيَطْرحَهُ على أُذُنيَ مخطوبته، يُعد ظلماً صارخاً في أوساط الفتيات، إنَّهن يتندَّرن بكل من تَقْبل به، ويصفونها سريعاً بالمعتوهة... لقد خَطَبَ الكثير من الفتيات، وللأسف لا تسمع إحداهن بهذا الشرط إلا وتطير طيور عقلها من رأسها، ويطير معها كل آمال الأسرة الوليدة، وينتهي كل شيء، إلى لا شيء.
... سمع أحمد بطرق أقدام امرأةٍ قادمةٍ، وأحس بوخز إبرة في قلبه مع كل طرقة بقدمها ــ المكعوب ــ
... وأخيراً دخلت، الله ما أجملها... لقد رآها من قبل، ولكن على عجلٍ من أمره
... تبدو كبنات الملوك، شعرها الأسود مُلقىًبعفوية مقصودة خلفها، إنها أنيقة، وطويلة أيضاً، وهو أيضاً طويل...
... تقدمت أكثر، وغرقت في خجلها أكثر وأكثر، وبقيت واقفة مرتبكة.
...لم تكن تدري ماذا تفعل، أو ماذا تقول؟
...وهو أيضاً لم يُدْلِ بأي دلو.
سُمِعَ صوت أمها من الخلف وهي تقول:
ــ «اجلسي يا نسرين»
... كانت كلمة أمها هي الكلمة المناسبة في ذلك المكان المناسب.
...ابتسم أحمد لحظِّه السعيد... هل حقاً ستكون هذه الفاتنة أنيسة المستقبل، وهي هي قَدَرَهُ السعيد...
...لم تزل عيناها ترمق الأرض ولم تزل عيناه ترمق كل شيء فيها...
آية إعجابه بدت في خجلها الفطري، كم يُحِبُّ أحمد الخجلاوات من الجنس اللطيف، حَسِبَهَا عملة فُقِدَتْ من قديم، بعد الغزو الطافح على قيم المجتمع القديمة.
... بجواره باقة من الورد أحضرها، في حين أن الكعكة تبدو مصنوعة في المنزل، وربما بيد نسرين ذاتها... الله ...ما ألطفها...
على أحمد أن يقدِّم الوردة ، وعلى نسرين أن تقدم الكعكة...أو ... لا ... لا ... عليه أن يقدم هو الكعك وعليها أن تقدم الورد. لقد نسي ما عليه أن يقوم به، وما عليها أن تقوم به، لقد ارتجف قليلاً لهذه الإشكالية الصعبة، بسبب تلك التوصيات الدقيقة التي قُذفت في أذنه بأفواه بعض قريباته المراهقات، إياك أن تخطىء أمامها في أي هذه الأمور... ستسقط من عينها وإلى الأبد!!
... أخيراً قدَّم أحمد الوردة، موهماً نفسه أن أحاديث الفتيات زور مبين.
...اقتربت الوردة من وجهها البظ، تبدو الوردة ذابلة باهتة ... دخل أحمد في سعادة كبيرة، لن يَحْرمه من هذا الحلال أي أحد، لن يفرق بينهما أبداً إلا الموت.
... لم ترفع عينها إليه، ولكنها ابتسمت خلسة، تبدو سعيدةً كذلك، مدَّت يدها للوردة،
... إنها فرصة أحمد ليوغل في أعماق هذه الإنسانة عن طريق عينيها.
... فجأة!! توقف أمام أحمد كل شيء...
تحولت سعادته إلى رماد...
عاد القلق إلى نفسه فجأةً ظالمة.
...كاد ينفجر بالبكاء
... لقد تذكر الشرط... ما باله نسيه كل هذه الدقائق، وقد كان من قبل منتصباً أمامه... لقد بدا له الشرط الآن بصورة مغايرة تماماً لما سبق، كان من قبل مجرد شرطٍ يعني قبوله بقاء هذا الزواج، ويعني رفضه انتهاء الزواج.
ولكنه الآن شرط أقسى بكثير، إنه يعني حرمانه ممن سكنت قلبه، وانتشر حبها في كل جوانحه... الدقائق القليلة رسمت لوحة جديدة للحياة في عينيه... هل سيتنازل أخيراً عن شرطه المقدس، هل سيستسلم لحبه الجديد.. طأطأ أحمد رأسه، إنه الآن في حرج وتوتر، استغلت نسرين ذلك الوضع، لقد ظنّت أن حَرَجَهُ ذلك عمل مصطنع، توقعت أنه ينتظر منها مشاركة ما في هذه الجلسة.
...حَمَلَتْ قطعةً من الكيك... وقَرَّبتها وقالت مبتسمة:
ــ تفضل!!
ــ التفت لصفحة وجهها... ... ابتسمت إليه،
أدهشه كل ذلك، عادت له أحلامه الوردية... كاد ينسى الشرط الذي تذكره منذ لحظة... نظر إلى قطعة الكيك... نظر إلى حبات السكر...
كل شيء بدا له جميلاً... تبدو نسرين ذكية ومؤدبة، وتبدو أيضاً ودودة وتحب الخدمة... لن يفرط فيها... ولن يُدخل على نفسه الحرج ويذكر لها الشرط، سيتناسى الشرط... سيذكره لها لاحقاً، فإن قبلت به قبلت، وإن لم تقبل فلن يفرط فيها من أجل شرط كهذا... ابتسم ثانية... مدَّ يده للكيكة... تناولها... أراد أن يقذفها في فمه... ولكن عاد له الشرط مكشِّراً عن نابيه... إنه الآن صامد كالطود لقد بدت له والدته، تخيَّلها واقفة أمامه..
تذكر كلماتها الأخيرة قبل أن تودِّعه ليجيء إلى هنا... لقد تقدمت نحوه، كانت تسير بهدوئها المعهود، عصاها تقرع الأرض أمامها، وعيناها الذابلتين تبدوان من خلف نضّارتها الكثيفة، وخصلة صغيرة من شعرها الأشيب تسقط على وجهها منفلتة من تحت خمارها، تذكَّر جيداً عندما مدت يديها ومسحت بهما على وجهه ثم على جانبي صدره، وأمسكت في النهاية بيديه ثم قالت:
ــ «يا بني، هل ستخبرها بالشرط»
ــ «بالطبع ، بالطبع يا أمي»
ــ «وماذا لو رَفَضَت»
ــ «لن أتزوجها أبداً، سيكون حالي معها، تماماً كحالي مع من خطبتهن من قبل، هذا شرط جوهري يا أمي.»
ــ (بارك الله فيك يا ولدي)
... تذكر أحمد والده، عندما تقدمت به عربته، ويداه تلفان دولاباهما، وهو مبتسم ، تذكر حين قال:
ــ «على البركة يا أحمد... بارك الله لك،... إنني أحس بالأسف من أجلك.
كثيراً ما تخطب ثم يفشل الزواج، بسبب الشرط القاسي... واصل يابني زواجك هذا، حتى...»
ــ (حتى ماذا،)
ــ (حتى ولو لم يتحقق الشرط)
ــ (كلا يا أبي، لا تقل هذا الكلام)
... أحمد الآن في موقف لا يحسده عليه أحد، كل الفتيات في هذا الزمن لا يمكن قبولهن بشرط أحمد.
عادت الكعكة لمكانها في الصحن، وابتعدت البسمة من بين شفتي أحمد، لقد قرر إلقاء شرطه على نسرين، وليكن ما يكن
ــ (هل لديك شروط يا نسرين)
ــ (كان لي شروط، فيمن سأقبله زوجاً من قبل)
ــ (والآن)
ــ (أظن أنه لم يعد لي شروط، كل شروطي وجدتها فيك أنا أبحث عن رجل صادق، رجل مخلص، رجل لا يعرف الخداع ولا المكر، رجل يعرف ماله ويعرف ما عليه، وإن وقعت زوجته في خطأ فهو يعرف كيف يسامحها، وإن أعادت خطأها فهو يعرف كيف يسامحها، وإن أعادت خطأها فهو يعرف كيف يردعها... لقد عرفت كل ذلك فيك عندما رأيتك لأول مرة، منذ أسبوع
... لقد كانت عيناك أصدق كتاب قرأت فيه ، لقد تَسَلَّلتُ من خلالهما إلى أعماقك ... أنت مؤمن يا أحمد، أليس كذلك)
... هذا الكلام أذهل أحمد جعله يزداد تعلقاً بنسرين، ويزداد حباً لها، لم يعد قادراً على تناسيها، ولكن شرطه يقف عقبة كئود .قال لها أخيراً .
ــ «هل تعرفين شرطي»
ــ «تفضل»
ــ «أبي المشلول، وأمي العجوز، ليس لهما أحد غيري، يجب أن يعيشان معي في نفس المنزل .هل تقبلين بذلك»
... توقفت دقات قلب أحمد خوفاً، وهو ينتظر الرد... قطبت نسرين بجبينها قليلاً... لم ترد ... طأطأت رأسها..لم ترد.. بردت قدما أحمد... لقد أحس أنه خسر كل شئ، البداية غير مشجعة .
رفعت نسرينة رأسها... تبدو دمعة صغيرة على جفنيها، قالت بصدق:
- «لقد ازداد حُبِّي لك يا أحمد، أنت بارٌ بوالديك، البار بوالديه مخلوق حلَّت فيه البركة، البار بوالديه لن يظلم زوجته، ولن يظلم نفسه، وسيكون أبناءه بارون بوالديهم ذات يوم قريب. أنا لا أدري لماذا تخبرني بأن والديك سيعيشون معك، هذا أمر مسلّم بالنسبة لي، وأين تراهم سيعيشون . أنا سأكون خادمة لهم، قبل أن أكون زوجة لك.»
...قام أحمد والدهشة تكاد تمتلكه .....

وتوتا ياتوتا ..... انتهت

القصة نقلت بتصرف .....

ــــــــ
القــــــ1 صة الاولى من
سلسلة الادب القصصي الذي نريد يخدم فكرة,. يعمرقلب يحقق , . هدف يضئ طريق .....

المشكاه
27 Dec 2004, 02:55 AM
اختنا سهام الليل

جزاك الله خيرا على مشاركاتك المستمره

وابداعاتك المتواصله

فلاحرمك الله الأجر

http://www.egyptsons.com/misr/images/smilies/132.gif

الشعلة
27 Dec 2004, 03:43 AM
جزاك الله خيرا

سهام الليل

مشاركه جميله

وهج السنابك
27 Dec 2004, 11:27 PM
السلام عليكم ...بارك الله فيكي اختي سهام ...جزاك الله خيرا ...مشاركه ممتازه