المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوريا والمشروع الصفوي الإيراني (2)



ام حفصه
15 Nov 2012, 01:50 PM
على مَدار تاريخ العلاقات السوريَّة - الإيرانيَّة نجدُ أنَّ اللاعب الأساس في العلاقات بين البلدَيْن هي إيران، وأنَّ سوريا لا تُمثِّل أكثر من

حليفٍ إستراتيجيٍّ يجبُ أنْ يكون بجانبك طوال الوقت، حيث لا تستطيعُ أنْ تستَغنِيَ عنه، بل إنَّ الهدَف أنْ يصيرَ طوع يدَيْك على

غِرار حزب الله في لبنان، فمن تَحالُفات مصالح سياسيَّة واقتصاديَّة مع إيران، إلى تحالُفٍ إستراتيجي وَثِيق قائم على التَّوازُنات الإقليميَّة،

إلى ارتِفاع الحضور الإقليمي لإيران والتَّراجُع النسبي لسوريا لدى السياسة الخارجيَّة الإيرانيَّة. وازدادَتِ الهوَّة اتِّساعًا، ابتِداءً من الاحتِلال الأمريكيِّ لأفغانستان، ثم احتلال العراق 2003 ليقلب التَّوازُنات في المنطقة رأسًا على

عَقِبٍ، وليبرز تَناقُضات حتى في التَّحالُف الإيراني - السوري، فبعد سُقوط صدَّام حسين، وسُقوط العراق في المستنقَع الأمريكي -

الإيراني، بدَا الأمر وكأنَّ سوريا قد استَنفَدتْ غرضها من علاقتها مع إيران بانتِهاء نِظام صدَّام حسين، وعبَّر عن ذلك عبدالحليم خدام

النائب السابق للرئيس السوري بشار الأسد - وذلك بعد أنْ قطَع الصِّلة مع النِّظام القائم، ودعا للانقِلاب عليه - بقوله: "في الماضي

كان هُناك تحالفٌ إستراتيجيٌّ، وكان لسوريا مَصالِحُ ولإيران مَصالِحُ، وكانت نُقطة الالتِقاء الأساسيَّة لهذا التحالُف صدَّام حسين، لكنَّ

الأمور تحوَّلت بعدَ ذلك نتيجةَ غيابِ نُقطةِ الالتِقاء الأساسيَّة، وضعْف سوريا التي لم يَعُدْ لديها أيُّ إستراتيجيَّة"، وهكذا تَراجَعَ الدَّوْرُ

السوري الإستراتيجيُّ بالمنطقة، وفي المقابل تَزايَد الدَّوْرُ الإيراني، مُرورًا بعام 2005 والانفجار اللبناني الكبير والمتمثِّل في اغتِيال

رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، فتَزداد الأمورُ تعقيدًا لسوريا، ثم سحب قوَّاتها من لبنان، والذي مثَّل أقصى مُنحَدرٍ يبلغه النُّفوذ

السوري هناك منذُ عُقودٍ، وعلى الجانب الآخَر كان الانسِحاب السوري مفيدًا لإيران من زاوية أنَّ الجيش السوري الموجود في لبنان

كان الطَّرَفَ الوحيد القادر - نظريًّا - على نزْع سِلاح حزب الله في حال حُدوث تَوافُقٍ إقليمي ودولي حول هذا الموضوع. وإذا كان الأمر في النهاية يتعلَّق بمشروعٍ صفوي إيراني رافضي يمتدُّ من إيران فالخليج فالعراق فسوريا ولبنان وفلسطين، فإنَّه مع

وُصول الرئيس محمود أحمدي نجاد للسُّلطة تطوَّر هذا المشروع، مع الإعلان عن السِّياسات العامَّة للخطَّة التنمويَّة الخامسة، وقد تَمَّ

إعلان هذه السِّياسات العامَّة ضِمنَ إطار مِيثاق أفق العشرين عامًا (الأفق العشريني) وبمحوريَّة التقدُّم والعدالة، وتتضمَّن السياسات

العامَّة للخطَّة التنمويَّة الخامسة 45 بندًا تتوزَّع على فُصول: الشُّؤون الثقافيَّة، الشُّؤون العلميَّة والتقنيَّة، الشُّؤون الاجتماعيَّة، الشُّؤون

الاقتصاديَّة، الشُّؤون السياسيَّة، الشُّؤون الدِّفاعيَّة والأمنيَّة. وبالجملة فهذه الخطَّة استَهدفَتْ أنْ تكون إيران بِحُلول عام 2025 "في المركز الأوَّل اقتصاديًّا وعلميًّا وتقنيًّا على الصعيد الإقليمي"،

وتَمَّ تحديدُ مفهوم هذا الإقليم بأنَّه "منطقة جنوب غرب آسيا"، التي تشمَلُ كلاًّ من آسيا الوسطى والقوقاز، و"الشرق الأوسط ودول

الجوار". وعندما ناقشَت صحيفة "كيهان" الناطقة باسم مرشد الثورة الإيرانيَّة الخطَّة المذكورة من خِلال مقالةٍ نشرَتْها، أشارَتْ إلى أنَّ الأولويَّة

الأولى لإيران في تلك المنطقة هي للخليج (الذي وصفَتْه بالفارسي) لأسبابٍ تتعلَّق بالنِّفط، وبالموقع الإستراتيجي، وبأنَّ أغلبيَّة سكَّان

الدول المطلَّة عليه تتحدَّث بالفارسيَّة ومذهبها شِيعي، واعتبرت أنَّ هذا الأمر من شأنه "أنْ يُعمِّق من نُفوذ إيران في المنطقة"، خاصَّة أنَّ

"نجاح نموذج الديمقراطيَّة الدينيَّة كنموذجٍ محلي ودِيني في العِراق سيكون مُبشِّرًا بنُفوذٍ مَعنوي مُتَزايِد لإيران في هذا النِّظام".

ام حفصه
15 Nov 2012, 02:02 PM
​بهاء الدين الزهري
أمَّا فيما يخصُّ الشرق الأوسط (الذي وصفَتْه المقالة بالعربي)، فقد جعلَتْه يأتي في الأولويَّة الثانية في إطار منطقة جنوب غرب آسيا؛ بسبب

السياسة التوسُّعيَّة الصِّهيَوْنيَّة، وتهديد مَصالح إيران؛ حيث يتعارَضُ هنا المشروعُ الصَّفوي مع المشروع الصِّهيَوْني اليهودي الأمريكي في المطامع

النِّفطيَّة والإستراتيجيَّة بالخليج، وكذلك بسبب وُجود "الحزام الذهبي لإيران والعراق وسوريا ولبنان، وهو في الواقع نوعٌ من الائتِلاف المذهبي

السياسي والاقتصادي والإستراتيجي"، حيث يتعارَضُ هنا المشروع الصَّفوي مع المشروع الصِّهيَوْني اليهودي، بل يتقاطعان، ولأنَّ دعْم إيران للبنان

وفلسطين يزيدُ من نُفوذ إيران في المنطقة، وأخيرًا لأنَّ قَضايا الإرهاب والتسلح أدَّت إلى احتِدام التنافُس الإقليمي. مثْل هذا التفوُّق المطلوب لإيران بعدَ خمسة عشر عامًا من الآن حسَب الوثيقة، والمؤسس على قاعدةٍ قوميَّة مذهبيَّة وفْق مقالة كيهان؛ يعني: أنْ

تشتبك إيران مع الوطن العربي عبْر دائرتين أساسيَّتين: دائرة الخليج، ودائرة الشرق الأوسط. والآن وبعد الثورات العربيَّة، فلا بُدَّ من تغيُّر إستراتيجي في التعامُل مع الدول العربيَّة، وبغضِّ النظَر عن كَوْنِ التعامُل الإيراني مع الثورات قد يبدو

مُتَناقضًا أم لا، لا سيَّما مصر، والتي إذا ما قُدِّر لها أنْ تعودَ إلى موضع الصَّدارة والرِّيادة في قيادة الدول العربيَّة، فإنَّ ذلك ولا شكَّ يُمثِّل تهديدًا

قويًّا للمشروع الإيراني، وأمَّا الثورة السوريَّة فتتمثَّل خُطورتها في كَوْنِها تقَع في عُمق إقليم الشرق الأوسط، أو عُمق الحزام الذهبي على حدِّ تعبيرهم. ولم يكن يضرُّ من شيءٍ النظام المستبد العلوي البعثي الأسدي؛ إذ هو كان بِمَثابة الألعوبة في أيدي إيران، وأمَّا إذا ما تمَّت إزالة هذا النِّظام

الموالي، فالخوف من صُعود نظامٍ ليس فقط مُعاديًا للمشروع الإيراني، بل يكون هذا النظام إسلاميًّا سنيًّا، فنجدُ المخاوف الإيرانيَّة من الثورات

العربيَّة - وخاصَّة السوريَّة هنا - تُماثِل المخاوف الإسرائيليَّة من هذه الثورات. ونظَرًا لتقاطُع المصالح الدوليَّة، ووجود المُؤثِّرات الكثيرة في الأرض السوريَّة، كما أشَرْنا إليها في مقالٍ سابق، فإنَّ إيران تُمثِّل نوعًا من التوازن في

وسط هذه العلاقات، أو تُمثِّل متغيرًا رئيسًا فيها؛ نظرًا لعلاقاتها القويَّة بروسيا والصين والهند، بل بتركيا وأفغانستان وباكستان وجمهوريَّات وسط آسيا

من ناحية، وفي الناحية الأخرى يَقِفُ المؤثِّر الأمريكي، وتقَعُ سوريا في وسط هذا الصِّراع الدولي، والذي سوف يستفيدُ منه النظام السوري بأقصى

ما يُمكِنه لإفشال الثورة، والإبقاء على نفسه، والمحافظة على قوَّته الراهنة. لا سيَّما وأنَّ هذه الدول جميعًا بالرغم من علاقاتها القويَّة بأمريكا، فإنَّه قد مَضَى عهدُ دولة القُطب الواحد، والهيمنة الأمريكيَّة، فنجد هذه الدول

جميعًا تقومُ بدور التوظيف المُتَبادَل لجميع القضايا الدوليَّة؛ بحيث يصبُّ في مصلحتها أولاً، أو تُحقِّق من ورائه مَكاسِبَها الخاصَّة، (انظر مقال:

علاقات إيران الدولية والإقليمية وتأثيراتها على الأمن القومي العربي؛ للدكتورة/ نيفين عبدالمنعم مسعد). ومن هنا نستطيعُ أنْ نفهَمَ التحرُّكات الإيرانيَّة الإقليميَّة والدوليَّة، كما نفهَمُ التحرُّكات الإسرائيليَّة اليهوديَّة، تمامًا كما نفهَمُ التحرُّكات الأمريكيَّة، مع

التحرُّكات الأوروبيَّة سواءً، فكلٌّ منهم لدَيْه مشروعٌ استعماريٌّ توسُّعي، إمَّا على نِطاقٍ إقليمي أو على نِطاقٍ دولي.

ومن هنا أيضًا نستطيعُ أنْ نفهم التدخُّل السافر الفاجر من إيران حزب الله، ومن حزب الله إيران، والحرس الثوري الإيراني، والجيش الإيراني،

والميليشيات الإيرانيَّة، والإمدادات العسكريَّة واللوجستيَّة والأمنيَّة لتأييد النظام السوري، وقمْع الثورة السوريَّة.

والآنَ يستطيعُ النظام السوري اللعبَ على تقوية وَضْعِه أمام إيران، وإظهار مَكانته الرئيسة في العلاقات بينهما، وأنها ليست من طَرَفٍ واحدٍ كما آلَتْ

إليه في مَطلَع الألفيَّة ومُنتَصَفِها، فهي علاقةٌ تَقُوم على مَصالِح إستراتيجيَّة قويَّة، لا يستَغنِي عنها الطَّرفان، والمتوقَّع أنْ تخضَعَ إيران لهذا التصوُّر،

فهي بالفعل لا تستطيعُ الاستغناءَ عن سوريا في مشروعها الإقليمي، وكما نقَلت الواشنطن بوست عن منى يعقوبيان - وهي خبيرةٌ سابقة في شُؤون

الشرق الأوسط لدى قِسم المعلومات التابع لوزارة الخارجيَّة الأميركيَّة - قولها: إنَّ سوريا تُعَدُّ أهم بوَّابةٍ للعالم العربي بالنسبة لإيران، وخط مُواجَهة مع إسرائيل.
وأضافت: "إنَّه إذا ما خَسِرَ الإيرانيُّون النِّظام السوري، فإنَّ "ذلك سيُشكِّل نكسةً كبيرة لطهران"، فإيران في أشدِّ الحاجة اليومَ إلى سوريا، خاصَّة بعد هذه الثورات العربيَّة، والتي كانت أنظِمَتُها في تَحالُفٍ قويٍّ مع الولايات المتحدة الأمريكيَّة، ومهما يكنْ من أمرٍ فلا بُدَّ من الأخْذ في الاعتِبار أنَّ

النَّظرة الإيرانيَّة على عكس النظرة السوريَّة ليست ابتناءً على المصالح، ولكن على الاحتواء التام المطلق، بحيث يصبح التدخل الإيراني في سوريا

كما هو في لبنان، وهو ما لم يتمَّ لها بعدُ.

رياض أبو عادل
13 Dec 2012, 10:15 AM
http://ts3.mm.bing.net/th?id=H.4925546596205678&pid=15.1&H=160&W=160

عبدالله الكعبي
19 Dec 2012, 05:40 PM
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا في الموضوع