المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا وافق يوم عيد يوم جمعة هل تترك الجمعة؟(رسالة)



عبدالله الكعبي
25 Oct 2012, 10:31 PM
سؤال :وردنا من بعض الإخوة الفضلاء :

تردد على مسامعنا أنه إذا اجتمع يوم عيد مع يوم الجمعة سقطت الجمعة
عمن صلى العيد وتعينت الظهر وبالغ بعضهم فقال بل لا تجب حتى صلاة الظهر فما قولكم ؟

بسم الله
الحمد لله .سوء الفهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أصل كل خطا في الأصول والفروع .

قال الشافعي رحمه الله في الأم ( إذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلى الإمام العيد ثم أذن لمن حضره من غير أهل المصر أن ينصرفوا إن شاؤا إلى أهليهم ولا يعودون إلى الجمعة والاختيار لهم أن يقوموا حتى يجمعوا أو يعودوا بعد انصرافهم إن قدروا حتى يجمعوا وإن لم يفعلوا فلا حرج إن شاء الله ,ولا يجوز لأحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة ) انتهى كلامه.
*****

قال مالك وأبو حنيفة ( المكلف مخاطب بهما جميعا أي العيد والجمعة ,العيد على أنه سنة والجمعة على أنها فرض ولا ينوب أحدهما عن الآخر وهذا هو الأصل إلا أن يثبت في ذلك شرع يجب المصير اليه ومن تمسك بقول عثمان رضي الله عنه فرأى أن مثل هذا ليس هو الرأي وإنما هو توقيف وليس هو بخارج عن ألأصول كل الخروج وأما إسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي بدله لمكان صلاة العيد فخارج عن ألأصول جدا ) والترخيص إنما يكون لغير أهل المصر من القرى والبوادي البعيدة
وهو قول عثمان وعلي رضي الله عنهما .
*****

وأما ما استدل به من قال بسقوط الجمعة اكتفاء بالعيد فهو بعيد :


1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون)
رواه أبوداود وغيره .


اولا

من المخاطب بهذاالحديث؟

الجواب

المخاطب هم أهل العوالي والمقيمين في الأماكن النائية عن المدينة. بدليل قول أبي عبيد : شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب وقال : إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له. رواه مالك في الموطأ.

*****

وقد أخرج الطحاوي في مشكله بسنده عن ذكوان قال ( اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنكم أصبتم خيرا وذكرا وإنا مجمعون فمن شاء أن يجمع فليجمع ومن شاء أن يرجع فليرجع ) فهذا كان الصريح في أن الحكم لغير أهل المدينة في الرجوع الى أهليهم .

*****

ثانيا

من المقصود بقوله عليه السلام ( وإنا مجمعون ) ؟

الجواب

أهل المدينة ومن في حكمهم كأهل الأمصار ومن لا يشق عليه الحضور للجمعة .

إذن بطل استدلالهم بالحديث الأول ونحوه عن زيد بن أرقم .

*****


2- عن وهب بن كيسان قال : أجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار فخرج فخطب ثم نزل فصلى ولم يصل الناس يوم الجمعة فذكرت
ذلك لابن عباس فقال أصاب السنة .

*****

والجواب عن هذا من أوجه الأول: انه موقوف ولايحتج به لمعارضته أثر علي وعثمان وكذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي قال ( وإنا مجمعون وابن الزبير لم يجمع ) .


الثاني: أن ابن الزبير كان يرى أن وقت صلاة الجمعة هو نفسه وقت صلاة العيد فاجتزأ بالجمعة عن العيد لأنه رأى أن المقصود من العيد متحقق في صلاة الجمعة وصلاها حين تعالى النهار أي قريب الظهر, والراجح أن وقت الجمعة وقت الظهر لا وقت العيد فبنى مسألة على مسألة أخرى واجتهد في موضوع التداخل في العبادات, والصحيح أنه لا تداخل بين العيد والجمعة لانفكاك السبب وصفة كل واحدة مختلفة عن الأخرى.

*****

الثالث: أن ابن الزبير كان متغلبا في مكة فهو الحاكم فيها فأطاعوه.

الرابع: قولابن عباس: أصاب السنة . يحتمل أن يكون المراد أصاب السنة بإقامته صلاة العيد مع أنه أقامها على هيئة الجمعة حيث بدأ بالخطبة قبل
الصلاة وصلاة العيد تكون الخطبة فيها بعد الصلاة كما هو معلوم.

الخامس: أيهما أقرب لفعل النبي وقوله ابن الزبير أم عثمان ؟

الجواب

لا شك :أن صنيع عثمان أقرب الى صنيع النبي صلى الله عليه وسلم .

*****

السادس: أن الصحابي قد يتأول أمرا ويقول هو السنة فلا يعد في حكم المرفوع , مثال ذلك ابن الزبير كان إاذ دخل المسجد والإمام راكع ركع دون الصف ودب راكعا حتى يدخل في الصف ويقول ( تلك السنة ) مع أن السنة هي قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة ( زادك الله حرصا ولا تعد ) أي لاتعد الى الدب وأنت راكع, فقول ابن عباس ( السنة ) من هذا القبيل, وقد قال ابو هريرة ( لا تكبر حتى تأخذ مكانك من الصف ).

*****

السابع: سلمنا جدلا بعموم الحديث فهو محتمل والدليل إذا تطرق اليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

الثامن : قال الله تعالى ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله ) لم يخص عيدا من غيره إلا ما خص الدليل كقوله عليه السلام ( ليس على مسافر جمعة) مثلا

*****

التاسع: من الناحية المقاصدية ,كيف يسوغ الترخص لغير موجب فلو استقرأنا الرخص لوجدناها متعلقة برفع الحرج وليس في حضور الجمعة لأهل المصر أي مشقة او حرج بينما أهل القرى البعيدة يلحقهم حرج ومشقة بحضور الجمعة بعد العيد ,ثم إن الجمعة شعيرة وفي عدم إقامتها بسبب الاجتزاء بإقامة شعيرة أخرى تغليب شعيرة على أخرى أي إظهار شعيرة على حساب شعيرةأخرى مع أن الجمعة فرض عين ,والعيد مختلف فيها فالجمهور على أنها سنة مؤكدة ,والجمع بين الشعيرتين مقدم على إهمال واحدة منهن ولو كنا مهملين من الشعيرتين إحداهما فإهمالنا للعيد أولى من إهمالنا الجمعة فقد قال صلى الله عليه وسلم ( من ترك ثلاث جمع تهاونا وكسلا طبع الله على قلبه ) ولم يقل ذلك في صلاة العيدين ,فالقول بسقوط الجمعة عن أهل المصر يتنافى مع مقاصد الشريعة وأسرار التشريع .

*****

وبعد هذا نسوق كلاما لبعض الفقهاء:

قال الرافعي وهو شافعي ( إذا وافق يوم العيد يوم جمعة وحضر أهل القرى فلهم أن ينصرفوا ويتركوا الجمعة في هذا اليوم على الصحيح المنصوص في القديم والجديد, وعلى الشاذ: عليهم الصبر للجمعة ).

*****

قال الطحاوي في مشكل الآثار

( المرادون بالرخصة في ترك الجمعة هم أهل العوالي الذين منازلهم خارجة عن المدينة ممن ليست الجمعة عليهم واجبة لأنهم في غير الأمصار والجمعة
إنما تجب على أهل الأمصار).

*****

قال في الشرح الكبير وهو من كتب المالكية

الأعذار التي لا يجوز لأجلها ترك الجمعة أو شهود عيد وافق الجمعة وإن أذن الإمام إذ لا حق للإمام في ذلك . قال الدسوقي :أي أن إذن الإمام لا ينفعهم ولا
يكون لهم عذرا للتخلف عن الجمعة

*****

وبعد هذا العرض نقول على أهل العلم أن يبنوا للناس هذا الحكم وألا يسمحوا لأحد ممن يدعي العلم أن يأخذ بالأقوال الشاذة التي لم تفهم على الوجه الصحيح وأن يستخدم أغلاط العلماء في الترخص عن فريضة عظيمة كالجمعة , قال صلى الله عليه وآله وسلم ( أعظم الصلوات عند الله صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة ) صححه الألباني

*****

فشرفت الفجر يوم الجمعة بشرف الجمعة فكيف يسوغ بعد ذلك أن يقال أن صلاة الجمعة سقطت عمن حضر العيد من أهل المصر ,وأقبح من ذلك وأبعده القول بسقوط الظهر فهو قول خطأ من قائله مهما كان لما قدمناهوقد قال صلى الله عليه وسلم ( خمس صلوات كتبهن الله على عباده ) فأين المخصص لهذا الحديث, لا نجد مخصصا الا الفهم السقيم .

ولو سلمنا جدلا بقوة دليل المخالفين فإنها لاتعدوا من جنس المتشابه وأدلتنا في وجوب الجمعةعلى أهل المصر محكم
والمتشابه يرد الى المحكم كما هو معلوم بالا ضطرار

*****

نقد ما احتج به المخالفون :

1- حديث زيد بن أرقم (الأول):

حديث ضعيف الإسناد فقد تفرد به عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة. قال ابن المنذر: لا يثبت هذا الحديث فإن إياس مجهول, قال ابن القطان (هو كما قال تهذيب التهذيب 1\715) وقال ابن خزيمة في صحيحه لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح .

*****

2- الشاهد المروي عن أبي هريرة كذلك ضعيف. قال الحافظ في تلخيص الحبير(صحح الدارقطني إرساله وكذا صحح ابن حنبل إرساله ), وفي عون المعبود شرح سنن ابي داوود (3\289) قال الخطابي : في إسناد حديث أبي هريرة مقال. وقال ابو عمر بن عبد البر في التمهيد (10\273): الرخصة إنما اريد بها من لم تجب عليه الجمعة ممن شهد العيد من أهل البوادي.

*****

3- وأما حديث ابن عمر ففي إسناده مندل بن علي وهو ضعيف لا يحتج بحديثه راجع تهذيب التهذيب 7998.
فهو حديث ضعيف .

*****

4- وأما حديث ابن عباس فهو من طريق محمد بن المصفى,وقد قال الحافظ في التقريب(صدوق له أوهام) وأيضا في سنده أبو صالح باذام,وكان الشعبي يمر بأبي صالح فيأخذ بإذنه فيهزها ويقول( ويلك تفسر القرآن وأنت لا تحفظ القرآن ) قال الكلبي: قال لي أبو صالح : كلما حدثتك فهو كذب. راجع تهذيب التهذيب 770.

*****

5- وحديث ذكوان أبي صالح ضعيف للانقطاع .

*****

6- وفي البيهقي: أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحق ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ الربيع بن سليمان أنبأ الشافعي أنبأ إبراهيم بن محمد حدثني إبراهيم بن عقبة عن عمر بن عبد العزيز قال : ( اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس ، من غير حرج ).

*****

وروي ذلك بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان رضي الله عنه مقيداً بأهل العالية موقوفاً عليه. وأما أثر ابن الزبير فقد اضطرب في إسناده.

*****

وأثر علي محمول على أهل البوادي والقرى كأهل العالية فقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرني بعض أهل المدينة واحدا منهم أن النبي اجتمع
في زمانه يوم جمعة ويوم فطر فأذن للأنصار في الرجوع الى العوالي وترك الجمعة فلم يزل الأمر على ذلك .

*****

7- وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة والعيد بسبح والغاشية وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد قرأ بهما أيضا في الصلاتين ).

*****

8- وعن طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة :عبد مملوك وامرأة أو صبي أو مريض) رواه أبوداود باسناد صحيح على شرط الشيخين .

قال النووي: فمفهوم هذا الحديث أن الجمعة لا تجب على هؤلاء الأربعة فقط وليس من حضر العيد واحدا منهم .

*****

9- قال ابن حزم الظاهري في المحلى( إذا اجتمع يوم عيد في يوم جمعة صلي للعيد ثم للجمعة ولا بد ولا يصح بخلاف ذلك أثر ,والجمعة فرض والعيد تطوع والتطوع لا يسقط الفرض ).

*****

10- والقول بلزوم الجمعة وعدم سقوطها بحال رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ذكرها صاحب الإنصاف, وهو قول الأئمة الثلاثة ابو حنيفة ومالك والشافعي
رحم الله الجميع.

*****

11- ولخص مذاهبهم النووي رحمه الله فقال: (فرع) في مذاهب العلماء في ذلك ، قد ذكرنا أن مذهبنا وجوب الجمعة على أهل البلد، وسقوطها عن أهل القرى ، وبه قال عثمان بن عفان، وعمر بن عبد العزيز، وجمهور العلماء، وقال عطاء بن أبي رباح : إذا صلوا العيد لم تجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ولا الظهر ولا غيرهما إلى العصر، لا على أهل القرى ولا أهل البلد .

قال ابن المنذر : وروينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير رضي الله عنهم

*****

وقال أحمد : تسقط الجمعة عن أهل القرى وأهل البلد ، ولكن يجب الظهر .

وقال أبو حنيفة : لا تسقط الجمعة عن أهل البلد ولا أهل القرى . واحتج الذين أسقطوا الجمعة عن الجميع بحديث زيد بن أرقم . ثم ذكره وذكر حديث أبي هريرة
، وصحح الأول ، وضعف سند الثاني ، واحتج لأبي حنيفة بأن الأصل الوجوب، واحتج عطاء ثم ذكر فعل ابن الزبير، وقول ابن عباس : أصاب السنة وأنه على شرط مسلم .

واحتج أصحابنا بحديث عثمان ، وتأولوا الباقي على أهل القرى ، لكن قول ابن عباس : من السنة . مرفوع وتأويله أضعف ( ). اهـ .

*****

12- قال الشيخ الفقيه عبد الله بن جبرين رحمه الله : القول المختار : وبعد هذه الجولة والمراجعة لكتب الأئمة ، والتعرف على مذاهب العلماء وأقوالهم ، يترجح لي قول الشافعية ، ولعله رواية عن الإمام أحمد ، وإن كانت غير المشهورة ، فتكون الرخصة خاصة بمن يأتي إلى العيد من مكان بعيد ، كأهل العوالي ونحوهم ، وذلك من باب التخفيف عليهم ، فإنهم يأتون من مسيرة ساعتين أو نحوها ، فقد يسير بعضهم قبل الفجر بساعة أو أكثر ، ويضطرون إلى الرجوع إلى أهليهم على أرجلهم ، أو على رواحل عادية كالحمر والإبل ، وذلك قد يستغرق ساعتين أو نحوها ، فلو لزمهم الرجوع إلى الجمعة لساروا راجعين نحو ساعتين ، ثم رجعوا مثلها ، فينقضي عيدهم ذلك كله في ذهاب ورجوع

*****

وفي هذا من المشقة والصعوبة ما يخالف تعاليم الإسلام ، وما جاء فيه من السهولة والتيسير ، ونفي الحرج والضرر عن المسلمين ، كما قال تعالى: [
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] { سورة البقرة : 185 [ وقال تعالى: } مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ] { سورة المائدة : 6[
والله هو الهادي والموفق للصواب ..

فراشة فلسطين
26 Oct 2012, 08:50 PM
بارك الله فيك وجزاك كل خير

فله المميزة
27 Oct 2012, 12:03 PM
جزاك الله خير

رونق الامل
30 Oct 2012, 09:42 PM
بارك الله فيكم

رياض أبو عادل
31 Oct 2012, 03:32 PM
http://www.mekshat.com/pix/upload04/images199/mk50153_domain-6f07493f90.gifhttp://img820.imageshack.us/img820/5908/91337554.png