فله المميزة
04 Sep 2012, 09:16 AM
أهمية الجدية في الحياة الزوجية
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_الحب_340_309_.jpg
كثير من البيوت تهددها المشكلات الزوجية، فهي مقامة على شفا جرف هار لو أطلت المشكلة عليه لانهار، ولو أصابته آفة لربما توقف القطار ليدع كل شريك شريكه الآخر يكمل المشوار بعيدًا عنه، فهل يا ترى بنيت هذه البيوت على الجدية؟ وهل يمتلك الزوجان فيها رغبة مشتعلة تدفعهم للاستمرار؟ فما أحوجنا لامتلاك هذه الجدية التي تنم عن رغبة حقيقية في الاستمرار والبقاء جنبًا إلى جنب في طريق الحياة.
إن بيوتنا في حاجة ماسة لأن تظللها سحائب الجدية والتي تظهر واضحة في قول الله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}، وفيها نجد التعبير (يدع الفعل {أَفْضَى} بلا مفعول محدد، يدع اللفظ مطلقًا، يشع كل معانيه، ويلقي كل ظلاله، ويسكب كل إيحاءاته، ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانات والتصورات، والأسرار والهموم، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب.
يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمتهما فترة من الزمان.. وفي كل اختلاجة حب إفضاء، وفي كل نظرة ود إفضاء، وفي كل لمسة جسم إفضاء، وفي كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء. وفي كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء، وفي كل شوق إلى خلف إفضاء، وفي كل التقاء في وليد إفضاء.
كل هذا الحشد من التصورات والظلال والأنداء والمشاعر والعواطف يرسمه ذلك التعبير الموحي العجيب:
{وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} .. فيتضاءل إلى جواره ذلك المعنى المادي الصغير، ويخجل الرجل أن يطلب بعض ما دفع، وهو يستعرض في خياله وفي وجدانه ذلك الحشد من صور الماضي، وذكريات العشرة في لحظة الفراق الأسيف!
ثم يضم إلى ذلك الحشد من الصور والذكريات والمشاعر عاملاً آخر، من لون آخر: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقًا غَلِيظًا} هو ميثاق النكاح، باسم الله، وعلى سنة الله، وهو ميثاق غليظ لا يستهين بحرمته قلب مؤمن وهو يخاطب الذين آمنوا، ويدعوهم بهذه الصفة أن يحترموا هذا الميثاق الغليظ)
[في ظلال القرآن، سيد قطب، ص (1/606-607)].
فهيا بنا نحاول من خلال تلك الكلمات أن نحافظ على مؤسستنا الزوجية، ونعمل على حمايتها بسياج من الجدية يضمن لها البقاء والاستمرار بإذن الله.
• معنى الجدية (الرغبة في الاستمرار):
إلى الأزواج في كل مكان، هل توافقونني الرأي أننا بدون دوافع لا يكون عندنا رغبة في عمل أي شيء؟
فعندما يكون لدينا دوافع وبواعث نفسية يكون عندنا حماسة أكثر وطاقة أكبر، بعكس ما إذا كانت عزيمتنا هابطة فلا يكون عندنا طاقة، ويتجه تركيز اهتمامنا نحو السلبيات فقط فإذا توفر لدى الزوجين الرغبة الشديدة والمشتعلة لاستمرار حياتهما الزوجية فستستمر الحياة وستنجح بهذه الدوافع القوية، فالرغبة في استمرار الحياة الزوجية هي أول قاعدة لنجاح العلاقة الزوجية، إذًا سر نجاح الحياة الزوجية هو الرغبة المشتعلة في استمرارها وإنجاحها، وهذا ما نقصده (بالجدية في الحياة الزوجية).
ولكن السؤال: كيف نحافظ على هذه الرغبة في الاستمرار؟ إن هناك مجموعة من المفاتيح التي تفتح أبواب الطاقة الدائمة التي تمد علاقتنا الزوجية بالرغبة في الاستمرار، نضعها الآن بين أيديكم على أن يأخذها كل زوجين بقوة:
المفتاح الأول: الصبر:
يعد الصبر من أهم المفاتيح التي تؤكد على رغبة الطرفين في الاستمرار، فبدونه تصبح الحياة الزوجية وشيكة الانتهاء، فعلينا أن ندرب أنفسنا جيدًا عليه، ففي بعض الأحيان قد لا يستجيب شريك حياتك لك بطريقة مرضية بالنسبة لك، أو قد يخطئ في حقك، وفي هذه الحالات علينا أن نتمهل ولا نتسرع، ونأخذ نفسًا عميقًا ثم نفكر في الأسباب، ونسأل أنفسنا لماذا يفكر الطرف الآخر بهذه الطريقة؟ ثم نفكر في الطريقة الأمثل لعلاج المشكلة (فصبر جميل).
المفتاح الثاني: الصراحة:
إننا لا نكاد نتأمل علاقة زوجية ناجحة، إلا ونجد الصراحة ركنًا من أركان نجاحها، فالصراحة بين الزوجين هي دعامة الشعور بالراحة والأمان تجاه الطرف الآخر، ومن ثم ينبغي أن نتخذ من الصراحة مفتاحًا من مفاتيح استمرار حياتنا الزوجية، (فتصارحا يرحمكما الله).
المفتاح الثالث: القبول:
يعد القبول من أهم مقومات النجاح في الحياة الزوجية، لأنه ينشأ من فهم كل طرف لطبيعة الآخر، فليس هناك إنسان كامل ولا منزه من العيب، وحينما يدرك الزوجان ذلك يتقبل كل منهما الآخر، فالإيجابيات تجبر السلبيات، والحسنات تذهب السيئات، والفهم العميق لطبيعة الاختلاف بين البشر يجعل كل طرف يقبل اختلاف الآخر عنه في بعض الهوايات والأهداف والقرارات، فإذا حدث هذا القبول أشبع حاجة نفسية ماسة لدى الزوجين ودعم رغبة كل زوج في استمرار الحياة مع زوجه (فالقبول إشباع).
المفتاح الرابع: الحاجة إلى الطمأنة:
غالبًا ما تواجهننا مشكلة تقف كحجر عثرة في طريق حياتنا الزوجية، وهي اعتقادنا بأن الطرف الآخر مدرك تمامًا لاهتمامنا بأمره وتقديرنا له، ولكن من السذاجة أن نظن ذلك فعلاً، (فمثلما يحتاج النبات إلى المزيج من الماء في اليوم الحار، يحتاج الأزواج إلى المزيد من الطمأنة والمساندة العاطفية خلال الأزمات وأوقات الضغوط.
فمن الصعب على المرأة أن تظل منفتحة ومستقبلة عندما لا تشعر باهتمام زوجها الكافي بما تقول، أو يصلها إحساس بأنها تتحدث لكون تلك طبيعتها فحسب.. ومن الصعب على الرجل أن يظل مساندًا أو متفهمًا عندما يعتقد أنه ينظر إليه بوصفه الطرف الشرير، بينما هو يحاول بالفعل حل المشكلة أو التعبير عن رغبته في أن يترك بمفرده لجمع شتات نفسه، فالمرأة تريد أن تشعر بأهميتها، بينما يريد الرجل أن ينظر إليه باعتباره الرجل الصالح.
وقد تنتهي المناقشة بعدم الاتفاق عندما نحاول إقناع شريكنا بوجهة نظرنا، فما يحيل النقاش إلى شجار هو عدم إدراكنا لمدى حاجة شريكنا إلى أن يسمع أو تحترم وجهة نظره.
عادة ما يندفع الرجال الموجهون بالتيستوستيرون بشكل نمطي لحل المشكلة، في حين لا تشعر النساء بوجود من يستمع إليهن، فالمرأة تتحدث عن المشكلة أكثر من أن تسأل بشكل مباشر عما تريد، أو أن تقترح حلاًّ لمشكلتها.
وعلى ذلك، فإن أفضل الطرق لتقليص الشجار هو أن يأخذ كلا الطرفين وقتًا للتواصل مع شريكه، وأن يظهر كل منهما للآخر تفهمه وتقديره لوجهة نظره، وتحتاج المرأة على وجه الخصوص إلى أن تشعر بتفهم شريكها لمشاعرها، وإدراكه لصحة رؤيتها، في حين يحتاج الرجل إلى أن يشعر باستيعاب المرأة وتقديرها لقيمة ما يقول)
[لماذا يتصادم المريخ والزهرة، د.جون جراي، ص (158- 159)].
المفتاح الخامس: المساواة:
المفتاح الخامس الذي يؤدي إلى نجاح العلاقات واستمرارها هو (المساواة في تحمل المسئولية الخاصة بما يحدث في العلاقات، ثم ممارسة الصفح، وكون الفرد مسئولاً يعد نقيضًا للشعور، كما لو كان الفرد ضحية، وتعد ممارسة الصفح مما يفوق المستحيل عندما لا تتمكن من إدراك كم أنك وشريكتك مسئولان معًا بنفس القدر.
هل سبق لك أن شعرت بمثل هذا "لقد أعطيت وأعطيت، ثم لم أحصل على أي مقابل" أو "لقد كان يومي سعيدًا تمامًا إلى أن أفسدت أنت ذلك"؟ يعد هذا هو جانب الإحساس بأننا ضحية، ويعد إشارة إلى أن الشريكين لا يتحملان المسئولية بالتساوي.
يعتقد من يشعرون بأنهم ضحايا بأنهم ليسوا مسئولين عما يحدث لهم، أو عما يشعرون به، ويشعر أمثال هؤلاء بأنهم عديمو القوة التي تمكن من إحداث أي تغيير، وهم يتجاهلون مسئوليتهم عن إثارة الإساءة في علاقاتهم، وهذا الاتجاه الخاص بالشعور بأن الشخص ضحية لا يهدم العلاقات فقط، ولكن يهدم حياتنا أيضًا.
لا يعترف من يرون أنهم ضحية بأنهم لو عالجوا الأمور بطريقة مختلفة؛ لتوصلوا إلى نتائج أفضل، ولا يرغبون في الاعتراف بمدى مساهمتهم بأنفسهم فيما حدث لهم من مشكلات.. إنهم لا يودون معرفة كم أنهم يسيئون تفسير المواقف، ويجعلونها تسوء أكثر، وعلاوة على ذلك فإنهم يرفضون الاستفادة بطريقة إيجابية من الخبرة السلبية.. ويتعللون بماضيهم كمبرر؛ لأنهم لم يكونوا صادقين مع أنفسهم.
والشعور بالاستياء واللوم إشارة تدل على إحساس الفرد بأنه ضحية، مما يعني أن هناك رفضًا لتحمل المسئولية.
عندما نستاء من شخص ما فإننا نكون بطريق ما أو بأخرى رافضين قبول هذا الشخص الذي نشعر نحوه بالامتعاض، كذلك لا نستطيع الثقة فيه، لأننا لا نفهم كم أننا كنا سببًا في إثارة سلوكه ولا نقبل هذا الشخص أيضًا، لأننا لا نتوقع بطريقة خاطئة أن يعرف ما نحن بحاجة إليه، وأن قراءة أو معرفة ما يدور بالذهن سهلة أحيانًا على امرأة أو أخرى غيرها، بينما قد يكون من المستحيل على الرجل أن يقرأ ما يدور بذهنها، والعكس صحيح.
عندما نستاء من شخص ما، فإننا لا نضع في الاعتبار لماذا صدر منه ما قد صدر، ولا نحاول أن نتحقق من السبب الذي جعله يشعر بذلك، وببساطة، يمكننا القول بأننا نشعر وكأننا ضحايا وأن هذا الشخص هو المعتدي الشرير)
[الرجال والنساء والعلاقات بينهما، د.جون جراي، ص (57-58)].
المصادر:
·الرجال والنساء والعلاقات بينهما، د.جون جراي.
·لماذا يتصادم المريخ والزهرة؟ د.جون جراي.
·في ظلال القرآن، سيد قطب.
منقووووووووول
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_الحب_340_309_.jpg
كثير من البيوت تهددها المشكلات الزوجية، فهي مقامة على شفا جرف هار لو أطلت المشكلة عليه لانهار، ولو أصابته آفة لربما توقف القطار ليدع كل شريك شريكه الآخر يكمل المشوار بعيدًا عنه، فهل يا ترى بنيت هذه البيوت على الجدية؟ وهل يمتلك الزوجان فيها رغبة مشتعلة تدفعهم للاستمرار؟ فما أحوجنا لامتلاك هذه الجدية التي تنم عن رغبة حقيقية في الاستمرار والبقاء جنبًا إلى جنب في طريق الحياة.
إن بيوتنا في حاجة ماسة لأن تظللها سحائب الجدية والتي تظهر واضحة في قول الله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}، وفيها نجد التعبير (يدع الفعل {أَفْضَى} بلا مفعول محدد، يدع اللفظ مطلقًا، يشع كل معانيه، ويلقي كل ظلاله، ويسكب كل إيحاءاته، ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانات والتصورات، والأسرار والهموم، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب.
يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمتهما فترة من الزمان.. وفي كل اختلاجة حب إفضاء، وفي كل نظرة ود إفضاء، وفي كل لمسة جسم إفضاء، وفي كل اشتراك في ألم أو أمل إفضاء. وفي كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء، وفي كل شوق إلى خلف إفضاء، وفي كل التقاء في وليد إفضاء.
كل هذا الحشد من التصورات والظلال والأنداء والمشاعر والعواطف يرسمه ذلك التعبير الموحي العجيب:
{وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} .. فيتضاءل إلى جواره ذلك المعنى المادي الصغير، ويخجل الرجل أن يطلب بعض ما دفع، وهو يستعرض في خياله وفي وجدانه ذلك الحشد من صور الماضي، وذكريات العشرة في لحظة الفراق الأسيف!
ثم يضم إلى ذلك الحشد من الصور والذكريات والمشاعر عاملاً آخر، من لون آخر: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقًا غَلِيظًا} هو ميثاق النكاح، باسم الله، وعلى سنة الله، وهو ميثاق غليظ لا يستهين بحرمته قلب مؤمن وهو يخاطب الذين آمنوا، ويدعوهم بهذه الصفة أن يحترموا هذا الميثاق الغليظ)
[في ظلال القرآن، سيد قطب، ص (1/606-607)].
فهيا بنا نحاول من خلال تلك الكلمات أن نحافظ على مؤسستنا الزوجية، ونعمل على حمايتها بسياج من الجدية يضمن لها البقاء والاستمرار بإذن الله.
• معنى الجدية (الرغبة في الاستمرار):
إلى الأزواج في كل مكان، هل توافقونني الرأي أننا بدون دوافع لا يكون عندنا رغبة في عمل أي شيء؟
فعندما يكون لدينا دوافع وبواعث نفسية يكون عندنا حماسة أكثر وطاقة أكبر، بعكس ما إذا كانت عزيمتنا هابطة فلا يكون عندنا طاقة، ويتجه تركيز اهتمامنا نحو السلبيات فقط فإذا توفر لدى الزوجين الرغبة الشديدة والمشتعلة لاستمرار حياتهما الزوجية فستستمر الحياة وستنجح بهذه الدوافع القوية، فالرغبة في استمرار الحياة الزوجية هي أول قاعدة لنجاح العلاقة الزوجية، إذًا سر نجاح الحياة الزوجية هو الرغبة المشتعلة في استمرارها وإنجاحها، وهذا ما نقصده (بالجدية في الحياة الزوجية).
ولكن السؤال: كيف نحافظ على هذه الرغبة في الاستمرار؟ إن هناك مجموعة من المفاتيح التي تفتح أبواب الطاقة الدائمة التي تمد علاقتنا الزوجية بالرغبة في الاستمرار، نضعها الآن بين أيديكم على أن يأخذها كل زوجين بقوة:
المفتاح الأول: الصبر:
يعد الصبر من أهم المفاتيح التي تؤكد على رغبة الطرفين في الاستمرار، فبدونه تصبح الحياة الزوجية وشيكة الانتهاء، فعلينا أن ندرب أنفسنا جيدًا عليه، ففي بعض الأحيان قد لا يستجيب شريك حياتك لك بطريقة مرضية بالنسبة لك، أو قد يخطئ في حقك، وفي هذه الحالات علينا أن نتمهل ولا نتسرع، ونأخذ نفسًا عميقًا ثم نفكر في الأسباب، ونسأل أنفسنا لماذا يفكر الطرف الآخر بهذه الطريقة؟ ثم نفكر في الطريقة الأمثل لعلاج المشكلة (فصبر جميل).
المفتاح الثاني: الصراحة:
إننا لا نكاد نتأمل علاقة زوجية ناجحة، إلا ونجد الصراحة ركنًا من أركان نجاحها، فالصراحة بين الزوجين هي دعامة الشعور بالراحة والأمان تجاه الطرف الآخر، ومن ثم ينبغي أن نتخذ من الصراحة مفتاحًا من مفاتيح استمرار حياتنا الزوجية، (فتصارحا يرحمكما الله).
المفتاح الثالث: القبول:
يعد القبول من أهم مقومات النجاح في الحياة الزوجية، لأنه ينشأ من فهم كل طرف لطبيعة الآخر، فليس هناك إنسان كامل ولا منزه من العيب، وحينما يدرك الزوجان ذلك يتقبل كل منهما الآخر، فالإيجابيات تجبر السلبيات، والحسنات تذهب السيئات، والفهم العميق لطبيعة الاختلاف بين البشر يجعل كل طرف يقبل اختلاف الآخر عنه في بعض الهوايات والأهداف والقرارات، فإذا حدث هذا القبول أشبع حاجة نفسية ماسة لدى الزوجين ودعم رغبة كل زوج في استمرار الحياة مع زوجه (فالقبول إشباع).
المفتاح الرابع: الحاجة إلى الطمأنة:
غالبًا ما تواجهننا مشكلة تقف كحجر عثرة في طريق حياتنا الزوجية، وهي اعتقادنا بأن الطرف الآخر مدرك تمامًا لاهتمامنا بأمره وتقديرنا له، ولكن من السذاجة أن نظن ذلك فعلاً، (فمثلما يحتاج النبات إلى المزيج من الماء في اليوم الحار، يحتاج الأزواج إلى المزيد من الطمأنة والمساندة العاطفية خلال الأزمات وأوقات الضغوط.
فمن الصعب على المرأة أن تظل منفتحة ومستقبلة عندما لا تشعر باهتمام زوجها الكافي بما تقول، أو يصلها إحساس بأنها تتحدث لكون تلك طبيعتها فحسب.. ومن الصعب على الرجل أن يظل مساندًا أو متفهمًا عندما يعتقد أنه ينظر إليه بوصفه الطرف الشرير، بينما هو يحاول بالفعل حل المشكلة أو التعبير عن رغبته في أن يترك بمفرده لجمع شتات نفسه، فالمرأة تريد أن تشعر بأهميتها، بينما يريد الرجل أن ينظر إليه باعتباره الرجل الصالح.
وقد تنتهي المناقشة بعدم الاتفاق عندما نحاول إقناع شريكنا بوجهة نظرنا، فما يحيل النقاش إلى شجار هو عدم إدراكنا لمدى حاجة شريكنا إلى أن يسمع أو تحترم وجهة نظره.
عادة ما يندفع الرجال الموجهون بالتيستوستيرون بشكل نمطي لحل المشكلة، في حين لا تشعر النساء بوجود من يستمع إليهن، فالمرأة تتحدث عن المشكلة أكثر من أن تسأل بشكل مباشر عما تريد، أو أن تقترح حلاًّ لمشكلتها.
وعلى ذلك، فإن أفضل الطرق لتقليص الشجار هو أن يأخذ كلا الطرفين وقتًا للتواصل مع شريكه، وأن يظهر كل منهما للآخر تفهمه وتقديره لوجهة نظره، وتحتاج المرأة على وجه الخصوص إلى أن تشعر بتفهم شريكها لمشاعرها، وإدراكه لصحة رؤيتها، في حين يحتاج الرجل إلى أن يشعر باستيعاب المرأة وتقديرها لقيمة ما يقول)
[لماذا يتصادم المريخ والزهرة، د.جون جراي، ص (158- 159)].
المفتاح الخامس: المساواة:
المفتاح الخامس الذي يؤدي إلى نجاح العلاقات واستمرارها هو (المساواة في تحمل المسئولية الخاصة بما يحدث في العلاقات، ثم ممارسة الصفح، وكون الفرد مسئولاً يعد نقيضًا للشعور، كما لو كان الفرد ضحية، وتعد ممارسة الصفح مما يفوق المستحيل عندما لا تتمكن من إدراك كم أنك وشريكتك مسئولان معًا بنفس القدر.
هل سبق لك أن شعرت بمثل هذا "لقد أعطيت وأعطيت، ثم لم أحصل على أي مقابل" أو "لقد كان يومي سعيدًا تمامًا إلى أن أفسدت أنت ذلك"؟ يعد هذا هو جانب الإحساس بأننا ضحية، ويعد إشارة إلى أن الشريكين لا يتحملان المسئولية بالتساوي.
يعتقد من يشعرون بأنهم ضحايا بأنهم ليسوا مسئولين عما يحدث لهم، أو عما يشعرون به، ويشعر أمثال هؤلاء بأنهم عديمو القوة التي تمكن من إحداث أي تغيير، وهم يتجاهلون مسئوليتهم عن إثارة الإساءة في علاقاتهم، وهذا الاتجاه الخاص بالشعور بأن الشخص ضحية لا يهدم العلاقات فقط، ولكن يهدم حياتنا أيضًا.
لا يعترف من يرون أنهم ضحية بأنهم لو عالجوا الأمور بطريقة مختلفة؛ لتوصلوا إلى نتائج أفضل، ولا يرغبون في الاعتراف بمدى مساهمتهم بأنفسهم فيما حدث لهم من مشكلات.. إنهم لا يودون معرفة كم أنهم يسيئون تفسير المواقف، ويجعلونها تسوء أكثر، وعلاوة على ذلك فإنهم يرفضون الاستفادة بطريقة إيجابية من الخبرة السلبية.. ويتعللون بماضيهم كمبرر؛ لأنهم لم يكونوا صادقين مع أنفسهم.
والشعور بالاستياء واللوم إشارة تدل على إحساس الفرد بأنه ضحية، مما يعني أن هناك رفضًا لتحمل المسئولية.
عندما نستاء من شخص ما فإننا نكون بطريق ما أو بأخرى رافضين قبول هذا الشخص الذي نشعر نحوه بالامتعاض، كذلك لا نستطيع الثقة فيه، لأننا لا نفهم كم أننا كنا سببًا في إثارة سلوكه ولا نقبل هذا الشخص أيضًا، لأننا لا نتوقع بطريقة خاطئة أن يعرف ما نحن بحاجة إليه، وأن قراءة أو معرفة ما يدور بالذهن سهلة أحيانًا على امرأة أو أخرى غيرها، بينما قد يكون من المستحيل على الرجل أن يقرأ ما يدور بذهنها، والعكس صحيح.
عندما نستاء من شخص ما، فإننا لا نضع في الاعتبار لماذا صدر منه ما قد صدر، ولا نحاول أن نتحقق من السبب الذي جعله يشعر بذلك، وببساطة، يمكننا القول بأننا نشعر وكأننا ضحايا وأن هذا الشخص هو المعتدي الشرير)
[الرجال والنساء والعلاقات بينهما، د.جون جراي، ص (57-58)].
المصادر:
·الرجال والنساء والعلاقات بينهما، د.جون جراي.
·لماذا يتصادم المريخ والزهرة؟ د.جون جراي.
·في ظلال القرآن، سيد قطب.
منقووووووووول