المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرارة الفِشار



فله المميزة
03 Mar 2012, 09:28 AM
(كانت الزوجة في المطبخ، بينما يراعي الزوج الطفل الصغير.
فنادى زوجته قائلًا: دعينا نتبادل المهام، أنت تراعين الصغير، وأقوم أنا بإعداد الفشار.
قالت الزوجة في حزم: أنا أقوم بإعداد بعض الفشار، وأضافت بصوت عال: إنك دائمًا تحرق الفشار.
اعترض الزوج على ما قالته زوجته، وتوجَّه للمطبخ، ونظر من فوق كتفها وهو يقول: (لا، لم يسبق لي أن أحرقت الفشار، أنا أفضل من يقوم بإعداده)، ثم تبادلا الأدوار، حيث أكمل الزوج إعداد الفشار، وعادت الزوجة كي ترعى طفلها.
بحثت الزوجة عن وسيلة كي تتولى المهمتين معًا؛ لذلك اصطحبت الطفل عائدة إلى المطبخ وهي تقول لابنها: هل تريد مساعدة أمك في إعداد الفشار؟ دعنا إذًا لا نترك أبيك يفعل هذا.
حينما سمع الزوج ذلك ازداد إصرارًا وقال: "إنني خبير في إعداد الفشار، بل أعده أفضل منك".
وبدأت المناقشة تشتعل أسرع من أزيز الفشار في الإناء، فكلا الزوجين مُصرٌ على رأيه، حتى احترق الفشار في نهاية الأمر.
قالت الزوجة: ألا ترى، ألم أخبرك بذلك؟
ولكن الزوج لم يعترف بخطئه: أنا لم أحرق الفشار، فأنا لا أستخدم هذه الآنية في إعداده....
وهكذا أنتجت شرارة الفشار، هذا الانفجار العائلي) [حتى يبقى الحب، محمد محمد بدري، ص(491)].
طبيعة العصر الحالي وتحدياته:
يُخطئ من يظن أن الحياة خالية من التحديات والمصاعب، فنحن نعيش في عصر مليء بالعقبات والتي تحتاج من الإنسان أن يتعامل معها بإيجابية ومبادرة، وحينما نتكلم عن الحياة الزوجية، نجد أنه بعض الأحيان يقع الزوجان في خطأ حينما يظن أحد منهما أن عش الزوجية يجب أن يكون خاليًا من النقاشات والاختلافات في وجهات النظر.
إن الزوج والزوجة يُكمل كل منهما الآخر، فما ينقص الزوج تُكمله الزوجة وما في الزوجة من نقص يسد ثغرته الزوج وهكذا تتكامل الحياة السعيدة بين الزوجين، فلابد أن يعلم الأزواج أنه (ليس ثمة حياة دون مشاكل، وحالما يصل المرء لحل إحدى تلك المشاكل، تبرز مشكلة جديدة على الفور.... ولكن بعضنا يتوقع أن الزواج ينبغي أن يكون مقترنًا بالسعادة.... ولذا نرى مثل هؤلاء يستسلمون من الأزمة الأولى، بل ربما انتهى الامر بينهما بالطلاق.....) [بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا إنكلمان، ص(49)].
فالأزواجيتناسون أن الانسان ـ رجلًا كان أو امرأة ـ ليس بالإنسان الكامل وأنه لابد من (مواقف الضعف أو العج، ولذلك فإن من المفيد للزوجين عندما تكون الأمور هادئة بينهما، أن يتفقا على بعض الكلمات التي يحبان سماعها أو لا يفضلان سماعها من الطرف الآخر، ويمكنهما الاتفاق على طريقة معينة للتعامل عندما يكون أحدهما أو كلاهما في حالة انزعاج أو غضب، فقد يتفقان مثلًا على أن تترك الزوجة زوجها وتذهب للقيام بأعمالها، عندما تراه في حالة غضب أو انزعاج، وأن لا تسأله ما السبب حتى يرتاح وعندما يبادر هو فيخبرها بالأمر في الوقت المناسب.....) [التفاهم في الحياة الزوجية، د. مأمون مبيض، ص (208- 209)، بتصرف].
إن المشكلة مهما عظُمت، ومهما كبُرت، فلا تمثل معيار النجاح في الوصول لحل جذري للمشكلة، ولكن الذي يُحدد النجاح في حل المشكلة هو مدى استعداد وتعاون الزوجين في حل المشكلة، وأن يكون متفاهمين، (ويعيشا في جو يسوده التشجيع والتعاون يمكن للمشكلة مهما بلغت حدتها، أن تدعم وتقوي من عمق العلاقة الزوجية إذا واجه الزوجان المشكلة معًا....) [حان الوقت لزواج أفضل، د. جون كارلسون- د.دينكماير، ص (103)].
الخطأ من صفة البشر:
أريد أن أسأل بعض الأسئلة للزوجين:
ماذا تفعل أيها الزوج إذا أخطأت زوجك، ونسيت أن تضع الملح على الطعام؟
هل أيها الزوجة تلومي زوجك، إذا نسي أن يأتي إليك بالطماطم، لأنه كان على عجلة من أمره حتى يأتي في ميعاد الغداء ليأكل معكِ؟
هل تنتظرا أن يُخطئ أحد منكما، فيقوم الآخر بلومه لومًا شديدًا؟
إن هذه الأسئلة تُعبر عن تفاعلات يومية بين الزوج وزوجته، فالخطأ سمة البشر، والزوج أو الزوجة الخاليان من العيوب، خارجان عن الفطرة، فالله تعالى يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، فالإنسان من فطرته أنه ضعيف، ففيه نقص، فالكمال لله عز وجل، ولذا كان على الزوجين أن يتقبل كل منهما الآخر، فهذا يقبل بعيوب حبيبة عمره زوجته، وهي تتغاضى عن نقائص زوجها، أما إذا أصبح الزوجان متربصان لبعضهما، كالذئب الذي ينتظر أن تحيد الغنم عن قطيعها ثم ينقض عليها، فبهذا تكون الحياة الزوجية على شفا جرف هار.
إن الزوجين المختلفين هما الزوجان اللذين ينعمان ببيت متكامل، (فإنه لا يمكن أن يتفق اثنان في كل شيء، وإلا لكانا شخصًا واحدًا، وليعلم كل منكما أن طول العشرة هو سبيل التعود على طباع شريك الحياة، أما محاسبة المرء لشريك حياته على كل صغيرة وكبيرة فإنها تهدد الكيان الزوجي، ولنا في المعلم الأكبر صلى الله عليه وسلم خير قدوة فما أكثر المواقف التي يقابلها بالسكوت البليغ أو التبسم الشفيق أو الإغضاء الرحيم أو الدعابة الحلوة التي تغير وجه الموقف كله) [حتى يبقى الحب، د. محمد محمد بدري، ص (676)].
مشكلات في عصر النبوة:
لقد كانت حياة الحبيب صلى الله عليه وسلم مع زوجاته حافلة، بالمشكلات اليومية، ولكن كان صلى الله عليه وسلم يتعامل معها بحكمة بالغة، فمنها:
1. خلاف النفقة:
فقد حدث بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين زوجاته رضي الله عنهن خلاف حول النفقة، فجاء كل واحدة منهن تسأل النبي صلى الله عليه وسلم النفقة ومتاع الدنيا، والمصطفى عليه الصلاة والسلام، ليس عنده شيء لكي يعطيه لهن، فهو لم يكن أبدًا بخيلًا عليهن، ويروي تلك الحادثة جابر فيقول:
(دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم قال: فأذن لأبى بكر فدخل ثم أقبل عمر، فاستأذن فأذن له فوجد النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ جالسًا حوله نساؤه واجما ساكتًا، فقال لأقولن شيئًا أضحك النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها [(يَجَأ عُنُقهَا) هُوَ بِالْجِيمِ وَبِالْهَمْزَةِ يُقَال (وَجَأَ يَجَأ) إِذَا طَعَن]َ.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هن حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فقلن والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا أو تسعًا وعشرين ثم نزلت عليه هذه الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28] حتى بلغ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29]، قال فبدأ بعائشة فقال: يا عائشة إنى أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك، قالت: وما هو يا رسول الله فتلا عليها الآية، قالت أفيك يا رسول الله أستشير أبوي بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت.
قال: لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها إن الله لم يبعثني معنتًا ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلما ميسرًا) [رواه مسلم].
2. الصلح بين علي وفاطمة رضي الله عنهما:
(عن سهل بن سعد قال جاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيت فاطمة، فلم يجد عليًّا فى البيت فقال: أين ابن عمك؟ قالت كان بينى وبينه شيء، فغاضبنى فخرج فلم يقل عندي، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لإنسان انظر أين هو؟
فجاء فقال يا رسول الله، هو فى المسجد راقد، فجاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب، قم أبا تراب) [رواه البخاري].
(وبنظرة سريعة إلى هذا الموقف يتبين لنا كيف أن السيدة فاطمة لم تُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بطبيعة الخلاف وماهيته، بل كا ما أعلمته إياه هو مجرد وجود خلاف فحسب، كما يتبين حسن تصرف الإمام علي بن أبي طالب الذي لم يدع مجالًا لاتساع شُقة الخلاف والغضب، فترك زوجته وذهب إلى أفضل مكان ترتاح فيه الأعصاب وتصفو النفوس.
كما يتبين لنا كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم حكيمًا، إذ لم يسأل ابنته عن أسباب الخلاف وتفاصيله، كما لم يُعاتب أو يلوم الإمام عليًا بل داعبه ولاطفه بأسلوب كان له أبعد الأثر في زوال رواسب الغضب والضيق، وهذا ما يجب علينا اتباعه أزواجًا وزوجات وآباء في مثل هذه المواقف، سواء كان التوتر من جانب الزوجة أم من جانب الزوج) [فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة، محمد الخشت، ص(140)].
ماذا بعد الكلام؟
إن احتواء المشاكل في الحياة الزوجية من المهارات التي يجب على الزوجين اتقانها ولذلك:
ـ أغلقا أي ملف مفتوح بينكما حول مشكلة ما، بالتوصل إلى اتفاق نهائي حولها.
ـ لا تفترضا سوء النية لبعضكما، بل عليكم بافتراض حسن النية في كل فعل.
ـ تجنبا ما يغضب بعضكما البعض، والأشياء التي تؤدي إلى التوتر.
المصادر:
· فن العلاقات الزوجية في ضوء القرآن والسنة والمعارف الحديثة، محمد الخشت.
· حتى يبقى الحب، محمد محمد بدري.
· بلوغ النجاح في الحياة الزوجية، كلاوديا إنكلمان.
· حان الوقت لزواج أفضل، د. جون كارلسون- د.دينكماير.
· التفاهم في الحياة الزوجية، د. مأمون مبيض.
منقوووووووووووووول

الدكتور
03 Mar 2012, 09:44 PM
بارك الله فيكم أخت فلة المميزة ونفع بكم

فله المميزة
05 Mar 2012, 07:26 AM
بارك الله فيك اخي الكريم على المرور

أنهاري
06 Mar 2012, 08:33 AM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك

فله المميزة
08 Mar 2012, 07:14 AM
بارك الله فيك اختي الكريمة اسعدني تواجدك

رونق الامل
08 Mar 2012, 10:46 AM
مواضيعك مميزة أختي فله المميزة
جزيت خيراً

فله المميزة
09 Mar 2012, 06:56 PM
بارك الله فيكِ أختي رونق اسعدني تواجدك وفقك الله