المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفريغ (لمَ الخوف من الشريعة) خطبة الجمعة للشيخ محمد حسان



صمت النبلاء
20 Dec 2011, 04:03 PM
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ند له ولا ضد له ولا والد له ولا زوج له ولا ولد له:{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(1)اللَّهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4)}.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله البشير النذير السراج المزهر المنير خير الأنبياء مقاماً وأحسن الأنبياء كلاماً لبنة تمامهم ومسك ختامهم رافع الإصر والأغلال الداعي إلى خير الأقوال والأحوال والأعمال الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فختم به الرسالة وعلم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وفتح به أعين عمياً وآذاناً صُماً وقلوب غلفى وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء وأيتها الأخوات الفاضلات وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً وأسأل الله الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذا البيت الحبيب إلى قلبي على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أحبتي في الله..:
لما الخوف من الشريعة؟
هذا هو عنوان لقاءنا مع حضراتكم في هذا اليوم الكريم المبارك وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم جوابي على هذا السؤال المهم الآن في العناصر والمحاور التالية:
أولاً: الشريعة لغة واصطلاحا.
ثانيا: خصائص الشريعة
وأخيراً رسالة مهمة إلى الإسلاميين.
فأعيروني القلوب والأسماع والله اسأل أن يجعلنا جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
أولا: الشريعة لغة واصطلاحاً:
الشريعة في اللغة لها أكثر من معنى، من بين هذه المعاني (الابتداء)
تقول العرب: شرع فلان في الحديث أي ابتدأ فيه.. شرع فلان في السير أي ابتدأ فيه.
فالمعنى الأول من معاني الشريعة في اللغةـ الابتداء.
وسأبين العلاقة الوطيدة والوثيقة بين هذا المعنى اللغوي وبين المعنى الاصطلاحي الآن فانتبه معي أيها الحبيب اللبيب.
المعنى الثاني من معاني الشريعة في لغة العرب: الظهورـ والبيان ـ والوضوح.
وهو مأخوذ من قول العرب شق الإهاب.
أي الجلد حتى ظهر اللحم وبان واتضح.
والمعنى الثالث من معاني الشريعة في اللغة: تطلق العرب اسم الشريعة على الماء المورود الكثير الدائم الجريان.
والمعنى الرابع من معاني الشريعة في اللغة: نهج الطريق الواضح.
هذه هي معاني الشريعة في لغة العرب. فما هو المعنى الشرعي والاصطلاحي للشريعة؟
قال ابن الأثير الشريعة والشرع: هو ما شرعه الله لعباده من الدين.
انتبه لهذا المعنى الاصطلاحي لأن الحرب الآن شرسة وأخطر ما في الحرب أنها حرب اصطلاحات ومصطلحات قد لا يعرف كثير ممن يروجونها حقيقة المصطلح لا لغة ولا اصطلاحا.
الشريعة اصطلاحاً: هي ما شرع الله انتبه ما شرع الله لا أقول ما شرع مجلس الشعب ولا مجلس الشورى ولا اللجنة التأسيسية التي ستشكل لوضع الدستور كلا.
بل الشريعة: هي ما شرع الله.
الله الملك الذي له الخلق والأمر الذي له الخلق والحكم { أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ..}[الأعراف:54.
أنا أخاطب الأمة كلها ..
الشريعة: هي ما شرع الله لعباده من الدين فكل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقيدة والعبادة والعمل والأخلاق فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أكرر
كل ما ثبت في كتاب الله جل وعلا وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور العقيدة أو العبادة أو التشريع أو الأخلاق أو المعاملات أو العمل أو غير ذلك فهو من الشريعة بمعناها الواسع.
أظن أن العلاقة بين المعاني اللغوية والمعنى الاصطلاحي صارت واضحة بينة لحضراتكم جميعاً.
فأول معنى من معاني الشريعة في لغة العرب الابتداء والشريعة كذلك أول من شرعها ابتداء هو الله.
هذا هو معنى الابتداء فالشريعة ابتداء أنزلها الله جل وعلا كما سأبين لحضراتكم الآن.
والمعنى الثاني: الظهورـ والوضوح ـ والبيان.
وكذلك شريعة الملك الرحمن شريعة واضحة بينة لأهل العلم والفضل يعرفون هذه الشريعة يعرفون ما هو قطعي الدلالة وما هو ظني الدلالة ويعلمون ما ثبت فيها من كتاب أو سنة أو إجماع.
فهي واضحة بينة كالماء المورود أي كالماء العذب الذي يتدفق في نهر جار لا يشوبه كدر من باطل ولا شوب من هوى أو ضلال وكذلك هي نهج الطريق الواضح .
فهي الطريق الواضح البين لسعادة الخلق في الدنيا ولنعيم الله الدائم الأبدي في الآخرة.
ولما لا وهي شريعة الرب العلي الذي خلق الإنسان والكون والحياة وهو وحده جل علاه الذي يعلم ما يسعد الخلق وما يشقيهم. قال سبحانه:{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14].
فهو سبحانه يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون حتى لا يقول إنسان متعجل لا يعرف مقام الأدب مع الله سبحانه وتعالى ولا مع شريعته المحكمة حتى لا يقول هذا الجاهل أننا نعيش الآن عصر الذرة وعصر الفضائيات وعصر الانترنت وهذه الشريعة التي تتحدث عنها لا تصلح إلا لبيئة الصحراء لبيئة الجمال والبغال والحمير والله لا يقول ذلك إلا جاهل بشرع الملك القدير.
فتعالى معى بعد هذا التعريف اللغوي والاصطلاحي لنقف على خصائص شريعة
الرب العلي.
والخصيصة الأولى أيها المسلمون: أنها شريعة ربانية منزلة من عند رب البرية.
استهل خصائص الشريعة في محورنا الثاني بربانيتها لأقطع الطريق مباشرة على أولئك الذين يريدون أن يعقدوا مقارنات ساذجة بين شريعة الملك وبين قوانين البشر
فالفرق بين شريعة الملك وبين قوانين البشر التي يضعها البشر حين يُعرضون عن منهج الله جل وعلا الفرق بينها وبين شريعة البشر والفارق بينها وبين شريعة رب البشر كالفرق بين الله وبين خلقه وكفضل الله على كل خلقه.
فصنع البشر يعتريه تلك السمات التي يتسم بها البشر من جهل وقصور وضعف وعجز فالإنسان يا إخواني ولو كان عبقريا فذا إن عاش في زمان فوضع القوانين لهذا الزمان بحسب رؤيته لا يعيش هذا الإنسان الواضع لهذا القانون في زمان غيره ومن ثم يأتي قانونه قد يصلح لزمانه الذي يعيش فيه من جانب ولا يصلح من جوانب أخرى.
وإن عاش الإنسان في مكان فهو لا يرى في نفس الوقت ما يجري في مكان غيره فهو محكوم بقصر عمره ـ محكوم بجهله ـ محكوم بضعف إدراكه ـ محكوم بشهواته ونزواته ورغباته.
ومن ثم محال أن يضع البشر لبني البشر منهجا ينبغي أو يجوز أن نقارنه بمنهج خالق البشر الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون.
فشريعة الله شريعة ربانية منزلة من رب البرية سبحانه وتعالى قال جل وعلا:{ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}[المائدة:49:50].
من أحسن من الله حكما؟ من أحسن من الله تشريعاً؟ من أحسن من الله حكماً وتشريعاً؟ من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله علم أشياء وغابت عنه أشياء؟
من الذي يجرؤ أن يزعم ويدعي أن الله جل وعلا لم يكن يعلم ما يحتاج إليه البشر في قرننا الحادي والعشرين فالله جل جلاله اللطيف الخبير العليم الحكيم الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو قدر له الملك أن يكون لعلم كيف كان يكون { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}[الأنعام:59]. {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}.
الله جل وعلا هو العليم الذي يعلم ما كان وما هو كائن الآن وما سيكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال الله جل وعلا حكاية عن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم:{ يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ..} لمن..؟ لمن..؟ لمن..؟ {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ}[يوسف:39:40].
فشريعة الله أيها الأفاضل شريعة ربانية المصدر..
انتبه لكل لفظة ربانية الغاية ربانية الوسيلة.
شريعة الله ربانية المصدر ومصدرية الشريعة دليل جمالها وجلالها وكمالها.
والله لا تنسى مني هذه العبارة..
أنا لا احتاج بعد أن أقول إن الشريعة مصدرها من عند الله ربانية المصدر لا أحتاج أن أتحدث بعد ذلك عن خصائص ومحاسن الشريعة يكفى أن تعلم أنها من عند الله لتكون على يقين مطلق أنها شريعة لها كل الجلال والجمال والكمال.
فمصدرية الشريعة دليل جمالها ودليل جلالها ودليل كمالها ولم لا وهي شريعة الملك العلي الأعلى جل في علاه.
قال الله جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}[الشورى:52].
فالشرع: روح. الشرع: نور. الشرع: هدى. الشرع: رحمة. الشرع: حكمة. الشرع: مصالح. الشرع: شفاء.
قال شيخي ابن القيم: (الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد فهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها)
تدبروا هذا الكلام الغالي قال جل وعلا{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الشورى:52].
قال جل وعلا:{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}
ليس لكل الخلق وليس لكل الناس بل لمن يقر ويذعن ويعتقد أنه شرع العلي الأعلى{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}.
وقال جل وعلا:{ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[الأعراف:54].
فالشريعة ربانية المصدر ربانية الغاية ربانية الوسائل
نعم ليس عندنا ما يسمى بالمذهب الميكافيللي الغاية تبرر الوسيلة أبدا
بل الوسائل عندنا في شرعنا المُحكم لها نفس أحكام المقاصد ولذلك قلت وأقول انتبهوا معي لا يجوز أن ننحرف عن الإسلام وسيلة ونحن نتجه إلى الإسلام غاية بل يجب أن تكون الوسيلة منضبطة بالإسلام ومنضبطة بشرع الله جل وعلا
أنا لا أريد أن أطيل النفس في كل خصيصة من خصائص الشريعة لأن الموضوع طويل جليل.
إذن الخصيصة الأولى وهي تقطع قول كل خطيب أنها ربانية المصدر إلهية المصدر شريعة الله جل وعلا شريعة من عند الله تبارك وتعالى المؤمن والمسلم مع شرع الله المنزل شعاره السمع والطاعة ولو خرج عليه أبناء الفرقة الماسية الذين يدخلون فضائية ويخرجون منها إلى فضائية أخرى يعلنون الحرب بلا هوادة على شرع الله وعلى دين الله جل وعلا.
المسلم لا يتأثر بهذا الطرح الرخيص.
المسلم لا تزعزعه هذه الحرب الهوجاء على كتاب ربنا وعلى سنة نبينا وعلى شرع ربنا أبداً.
بل لا تزيده الحرب إلا قوة ولا تزيده الحرب إلا ثباتاً ولا تزيده الحرب إلا إصرارا على نصرة دين الله ولو ولو قُطعت من الحلقوم وسفكت منا الدماء فلن نفرط في شريعة رب الأرض والسماء وشرع إمام الأنبياء وسيدالأتقياء وليعلم هذه الحقيقة أولئك الذين يعلنون الحرب بلا هوادة على ديننا وإسلامنا وعلى المنتسبين إلى شرع ربنا جل وعلا.
لا ينبغي أن نحمل الشريعة خطأ محمد حسان محمد حسان في الوحل والطين والتراب إن أخطأ فليتحمل هو نتيجة خطأه أما أن تحمل شريعة ربنا خطأ محمد حسان أو غيره فهذا لا يجوز بحال من الأحوال وهم أنفسهم لا يقبلون هذا لو أخطأ واحد منهم وعممنا الخطأ على الجميع لقامت الدنيا ولم تقعدبإعلان الحرب على أولئك المنغلقين والمتطرفين والأصوليين والرجعيين والفضوليين والفوضويين والرجعيين والمتخلفين والمتأخرين إلى آخر هذه التهم المعلبة التي سئمنا منها طيلة السنوات الثلاثين الماضية ولازالت تعلن الحرب بنفس الكلمات وبنفس الطريقة الرخيصة على الإسلاميين والقصد أنها معلنة على الإسلام أقول ذلك بلا مواربة بلا لف أو دوران.
المرحلة لا تحتمل اللف والدوران بل توجب علينا جميعاً أن نكون صادقين في الطرح وأن نكون واضحين في الطرح.
وأنا أقول دوماً لا ينبغي أن نمارس الآن لغة الاتيكيت الفكري أو ما يعرف عند أولئك بدبلوماسية الحوار
بل يجب علينا أن نكون صادقين صرحاء واضحين مؤدبين.
فأنا لا أحب العنترية الجوفاء قط. بل اطرح ما عندي بكل عز وبكل استعلاء { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}[آل عمران:139].
لكن بلا كبر إنما بتواضع بانكسار لله جل وعلاوبتواضع لإخواننا جميعا بل ولأي مسلم مهما كان انتماؤه وأي كان توجهه بل ورب الكعبة نمد أيدينا أيضاً لأهل المعاصي بل ورب الكعبة ندعو أيضاً غيرنا من غير المسلمين لأن ربنا بعث نبينا رحمة للعالمين لا للمسلمين فحسب.
ثانياً: من أهم خصائص الشريعة انها شريعة عالمية.
عالمية؟
نعم..
يعني ليس للمسلمين فقط؟
أبداً..
ما أدلتك؟
خذوا سيلا من الأدلة على أن شريعتنا ليست شريعة العرب فقط وليست شريعة المسلمين فحسب بل هي شريعة محكمة أنزلها ربنا جل وعلا على قلب نبينا لتسعد بها البشرية كلها فوق ظهر الأرض.
الإنسانية أيها الأفاضل تربطها خصائص واحدة ولا فرق بين إنسان وإنسان في هذه الإنسانية العامة إلا بالتقوى.
{يا أيها الناس} انظروا إلى هذا النفير العام { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} هذه هي الغاية {لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:13].
وفي مسند أحمد بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم خطب الصحابة في أوسط أيام التشريق فقال:[أيها الناس آلا ربكم واحد آلا إن أباكم واحد آلا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا أسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم].
لذلك أول آية في كتاب الله كلنا يحفظها في سورة الفاتحة:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]. ولم يقل الحمد لله رب المسلمين الحمد لله رب المؤمنين الحمد لله رب الموحدين بل { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]
فالله رب الكافر ورب المؤمن على السواء
أنزل شريعة محكمة على قلب نبينا لتكون مصدر سعادة للعالمين على السواء.
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1].
تدبر معي قول الله جل وعلا:{ قُلْ} قل يا محمد {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}
تدبروا القرآن:{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}[الأعراف:158].
وتدبر قول الله جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ:28]. وقال جل وعلا:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107].
فشريعة الله رحمة للعالمين رحمة لكل أهل الأرضإن فاءوا إلى ظلالها
فورب الكعبة أنا أقول لن تشعر البشرية المنكودة الآن بالأمن والأمان وبالرقاء والاستقرار وبراحة البال وانشراح الصدر واستقرار الضمير إلا إذا عادت لشرع خالقها الملك القدير.
آلا ترون البشرية كلها الآن إلا من وحد الله وآمن برسوله..
آلا ترون أن البشرية تهذي كالسكران وتضحك كالمجنون وتجري كالمطارد تئن من الألم تبحث عن أي شيء وهي في الحقيقة تملك من أمور الدنيا كل شيء ولكنها حين انحرفت عن شرع ربها فقدت كل شيء.
{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى(123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا(124)}[طه:123:124].
إنه الضنك حرمان من نعمة الأمن وقد صنعت البشرية القنبلة الذرية والجرثومية
الأمن تحرم البشرية منه وقد صنعت من وسائل الحرب الحديثة ما يطير له العقل واللب معا ومع ذلك فقدت البشرية مع كثرة هذه الأسلحة فقدت نعمة الأمن فقدت نعمة الأمان البشرية فقدت نعمة الرخاء مع كثرة الأسواق المشتركة وغير المشتركة مع كثرة البنوك التي ترونها في أبنية فخمة ضخمة حرمت من نعمة الرخاء.
أزمة تهدد العالم كله..
لا أقول تهدد اليونان ولا أقول تهدد أوربا ولا أقول تهدد أمريكا بل تهدد العالم كله.
وآخر الإحصائيات تقول بأن ثلث سكان العالم يتعرضون للجوع.
هذه البشرية { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124]. وربنا تبارك وتعالى أنزل هذه الشريعة المحكمة لا أقول الصالحة لكل زمان ومكان فحسب بل أنزلها لتصلح كل زمان ومكان.
فشريعة ربنا شريعة عالمية واسمع لسيد البرية وهو يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة:[فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب] وفي لفظ البخاري [ونصرت بالرعب مسيرة شهر].
[وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة وخُتم بي النبيون].
[وأرسلت إلى الخلق كافة] لذا يقول نبينا في صحيح مسلم:[والذي نفسي بيده لا يسمع بي] فاشترط السماع وهذه تحملنا أمانة كبيرة آلا وهي أمانة الدعوة والبلاغ لنقيم حجة الله على خلق الله في أرض الله [والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار].
فيجب على أمة النبي المختار أن تحمل الأمانة وأن تحمل مشعل الهداية وأن تتحرك في الأرض لتقيم حجة الله على خلقه بالبلاغ والبشارة والنذارة وأسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم شرف الدعوة إليه وكرامة البلاغ عنه ودلالة الخلق عليه بحق إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فمن أعظم خصائص شريعتنا أيها الأفاضل أنها شريعة عالمية أنزلها على قلب نبينا لتسعد البشرية بها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

صمت النبلاء
20 Dec 2011, 04:05 PM
ثالثاً: من أهم خصائص الشريعة أنها شريعة تتسم بالتكامل والشمول
هذه ميزة من أعظم خصائص شريعتنا
أي قانون على وجه الأرض إن صلح لزمان لا يصلح لغيره وأنتم ترون هذه التفسيرات للمواد القانونية وهذه التوضيحات وهذه التعديلات الدستورية إلى غير ذلك قد يصلح قانون في زمان ولا يصلح في آخر ٌقد يصلح قانون لمكان ولا يصلح لآخر لأن واضع القانون وهو الإنسان محكوم
أما واضع الشرع ومنزل الشرع هو الذي يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون فهو { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك:14]. فشريعة الله شريعة كاملة شريعة شاملة قال جل وعلا :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا }[المائدة:3].
شريعة الله جل وعلا تدبر معي لها حكم واضح وتصور كامل شامل في كل جزئيات الحياة حتى لا يتوهم مسلم أن شريعة الله تحكم العبادات فقط لا بل شريعة الله تتسم بالشمول وبالتكامل علاقة العبد بربه شريعة الله لها في هذه العلاقة لها حكم واضح وتصور كامل شامل.
علاقة العبد بالكون والحياة حكم شريعة الله لها حكم واضح وتصور كامل شامل.
العلاقات الاجتماعية العلاقات الاقتصادية العلاقات السياسية العلاقات الأسرية كالزواج والطلاق وأحكام المرأة وأحكام الطفل إلى غير ذلك.
شريعة الله لها أحكام واضحة ولها تصور شامل كامل في كل جزئية من هذه الجزئيات ومن ثم لا يجوز للمسلم على الإطلاق أن يأخذ حكم من هذه الأحكام من مجلس شعب أو من مجلس شورى أو من هيئة أو من برلمان.
وإنما يجب عليه أن يذعن لشرع الله جل وعلا في كل جزئية من جزئيات حياته في أكلك في شربك في حبك في بغضك في جلوسك في قيامك في عطاءك في منعك في زواجك في تطليقك في حبك في ولائك وبرائك في موالاتك ومعاداتك لا تتوهم أبداً أن شرع الله بمنأى عنك بل شريعة الله تصونك وشريعة الله تحوطك.
بل اسمح لي أن أقول..
حتى اللحظات التي يقضيها المسلم في الخلاء وفي دورة المياه شريعة الله جل وعلا لها في هذه اللحظات حكم وتصور شامل كامل.
فأنا أعجب.!
كيف تضع شريعة الله أحكام لحظات يمكثها المرء في الخلاء أو في دورة المياه لقضاء حاجته..
نعم كيف تدخل وبأي قدم تدخل وكيف تخرج وبأي قدم تخرج وهل تستقبل القبلة أم تستدبر القبلة وماذا تقول وأنت جالس وما هي آداب الجلوس في هذا المكان
أنا أتساءل مع العقلاء ومع أحبابي من أهل الدين أتضع شريعة الله أحكام واضحة شاملة كاملة للحظات يقضيها الإنسان في الخلاء لقضاء حاجته وتنسى شريعة الله أن تضع هذه الأحكام الواضحة وهذا التصور الشامل الكامل لأمور العقيدة وأمور العبادة وأمور الدين وأمور الدنيا وأمور الدولة؟
شريعة الله خلق ومعاملة وسلوك شريعة الله دنيا وآخرة شريعة الله لها حكم في كل شيء قال جل وعلا:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة:208]. أي في الإسلام بمجموع حياتكم.
لا تأخذوا من شرع الله ما ترغبونه وتتركوا من شرع الله ما لا ترغبونه حتى لا تقع فيما عابه ربنا جل وعلا على بني إسرائيل { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[البقرة:85].
لا تأخذ من سورة البقرة قول الله تعالى:{ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} لتقرأها ولتستشف بها ولتتبرك بها ثم تترك في نفس السورة في آخرها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} لا تأخذ من سورة البقرة في أمر الله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وتترك في نفس السورة قول الله جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ}. لا تأخذ من سورة المائدة قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}[المائدة:6]. لا تأخذ هذا الأمر من هذه السورة الكريمة وتضيع في ذات الوقت قوله تعالى في نفس السورة:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}{ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
لا تأخذ شيئاً من الشرع وتترك أشياء أخرى وأنت مختار ليس مكرها ولا مضطرا بل المؤمن شعاره مع شرع الله المحكم السمع والطاعة فوق أي أرض وتحت أي سماء قال جل جلاله:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}[النساء:65]. قال جل وعلا:{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلالا مبينا}. قال جل وعلا:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } وما أكثر هؤلاء!!{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا(60)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}[النساء:60:61]
هذا حكم الرب العلي جل جلاله وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله من شريعة ربانية المصدر ربانية الغاية ربانية الوسائل تعالوا إلى ما أنزل من شريعة عالمية تعالوا إلى ما أنزل الله من شريعة متكاملة شاملة { تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}هذا حكم الرب العلي جل جلاله ليس اجتهاداً مني ولا من عالم من العلماء فالذي يصد ويعرض عن شرع الله بشهادة القرآن إنما هو منافق خبيث ولو ظل يهتف بلسانه ألف مرة بأنه آمن بالله وآمن برسوله بل وبما أنزل الله على الرسل من قبل رسوله { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ } وما أكثر هؤلاء!!{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا(60)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61)}[النساء:60:61]
شريعة الله جل وعلا شريعة تتسم بالتكامل والشمول في كل جزئية من جزئيات الحياة وكتب الفقه تأكد هذا المعنى بجلاء تقفون على مجلدات ضخمة في كل جزئيات الحياة ومن يتغنون الآن بأن الشريعة ليست مقننة أي لم تحول مواد الشريعة إلى مواد قانونية هم أنفسهم يعلمون أن كل مواد الشريعة مقننة وقد وضعت في أدراج مجلس الشعب من سنوات طويلة من أيام الدكتور صوفي أبو طالب وقد قننت كل مواد الشريعة أي تحولت إلى مواد قانونية لكنها حبيسة الإدراج لا تحتاج فقط إلا إلى التطبيق.
شريعة الله شريعة كاملة شريعة شاملة لها حكم في كل جزئية من جزئيات الحياة ولا يجوز لمسلم البتة أن يحيد عن شرع الله ليأخذ قانون البشر الذي يتسمبالضعف والعجز وقلة الإدراك لأن سمات القانون من سمات واضعه ولا شك ولا ريب أن الذي انزل الشريعة له كل جلال وله كل جمال وله كل كمال ومن ثم تتسم شريعته سبحانه وتعالى بالجلال والجمال والكمال
رابعاً: شريعة الله تتسم بالتوازن والاعتدال لا إفراط ولا تفريط
ربما يتجه قانون من قوانين البشر إلى تقديس الجانب المادي في حياة الإنسان فترون الماديات تحكم كل العلاقات في مجتمع ما
ومنطق هؤلاء كمنطق القدامى{ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ}[المؤمنون:37].
سوق هنا فقط تربح فيه وحصل فيه من المكاسب ما استطعت فإنه لا جزاء ولا حساب فهم يهتمون بجانب البدن بجانب الشهوات بجانب الدنيا ويغلبون هذا الجانب في حياة الإنسان جدا
ترى في ذات الوقت فريقاً آخر يقدس جانب الروح ويعلي شأن الروح ترى في ذات الوقت فريقاً ثالثاً يعلي شأن العقل فهذا الفريق فهذا الفريق الأول يعلي شأن المادة حتى ترى الإنسان لا يعيش إلا من أجل شهواته ونزواته ورغباته كما قال ربنا:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّيَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:179].
وترى الفريق الثاني يعلي جانب الروح حتى يصير الإنسان كائنا مشلولا لا علاقة له بالدنيا ولا بعمارة الكون ويفرض على نفسه رهبانية ابتدعها من عند نفسه ما أنزلها ربنا وما افترضها عليه.
وترى فريقاً ثالثاً يعلي جانب العقل ويصبح العقل طاغوت جديد يحكم على النصوص ولو كانت في القرآن والسنة ليصبح الإنسان بإعلائه هذا الجانب العقلي بلا ضوابط وبلا قيود كائنا مغرورا يحكم على أي نص فيقبل ما يريد أو ما يوافق عقله وهواه ويرد ما لا يريد ما لم يتفق مع عقله ولا مع هواه.
لكن شريعة الملك جل علاه شريعة تتسم بالتوازن والاعتدال لأن الذي شرعها هو من خلق الإنسان هو الذي يعلم أن الإنسان مزدوج الطبيعة فيه الطين وفيه نفخة من روح رب العالمين قال الله جل وعلا للملائكة:{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)}[ص:71:72].
فالإنسان بدن وروح طين وروح لا يستطيع أن يعيش بالبدن وحده ولا يملك أن يعيش بالروح فقط لا يمكن لطائر جبار أن يحلق في أجواء الفضاء بجناح واحد ولو نجح في ذلك لفترة ولو طالت فإنه حتماً سيسقط لينكسر جناحه الآخر ومن ثم لا يمكن أبدا أن يظل الإنسان يعيش من أجل نزواته وشهواته ورغباته.
والدليل على ذلك ما تسمعونه من حالات الانتحار الفردي والجماعي عند أولئك الذين أعطوا البدن كل ما يشتهيه.
ولا يستطيع الإنسان أيضاً أن يعيش بالروح منقطعا عن الدنيا بعيدا عن النساء وبعيداً عن الطعام والشراب والطيبات فيأتي الإسلام ليمنح الإنسان هذا التوازن والاعتدال بلا إفراط ولا تفريط بين الروح والبدن بين الدين والدنيا بين النزعة الفردية والنزعة الجماعية بين العمل للدنيا والعمل للآخرة.
{ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}[القصص:77].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(9)}[الجمعة:9].
طيب إذا انتهت الصلاة{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10)}[الجمعة:10].
هذا هو الإسلام يقول سيدنا رسول الله مبيناً هذا التوازن والاعتدال في دعائه النبوي الجميل في صحيح مسلم:[اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها ميعادي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر].
وكان كثيراً ما يدعوا الله بهذا الدعاء القرآني الجميل:{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(201)}[البقرة:201].
هذا هو التوازن والاعتدال في شريعة الكبير المتعال ولا يتسع الوقت للتفصيل في كل جزئية من جزئيات الحياة ترى هذه السمة بل أنا أؤكد لكم أن التوازن والاعتدال ليست سمة في شريعة الله فقط ! بل التوازن والاعتدال سمة في الكون كله لأن خالقه هو الله ليل ونهار ظلام ونور حر وبرد ماء ويابس هذا هو التوازن هذا هو الاعتدال
فالتوازن ليس سمة شريعة ربانية فحسب بل هو سمة الكون الذي أبدعه الخالق سبحانه وتعالى :{ مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ(3)ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ(4)}[الملك:3:4] ولما لا وهو إبداع وخلق الملك القدير سبحانه وتعالى.
مضى الوقت سريعا لكن أختم بهذه الخصيصة وأقول من أعظم خصائص الشريعة أيضاً:أنها شريعة تتسم باليسر ورفع المشقة والحرج.
لا حرج فيها إن وجدت تعنتاً مني فاعلم بأنه لا علاقة له بالشريعة بل هو فهم خاطئ مني للشريعة.
أرجوا أن تنتبهوا لهذا..
لا تحكموا على الشريعة بالعنت لضيق أفق بعض المنتسبين للشريعة لا
الشريعة عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها
فإن وجدت شيئا يخالف العدل والرحمة والمصلحة والحكمة بضوابط الشرع فاعلم بأنه ليس من شريعة الرب العلي الأعلى وليس من شريعة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم
لذا أخاطب إخواني من أهل العلم ومن طلبة العلم وأقول لهم
يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا
إن أردت أن تلزم نفسك بالشدة فلا تلزم بها غيرك
إن أردت أن تأخذ بالأحوط فلا تلزم بهذا الأحوط غيرك فشريعتنا لا حرج فيها
بل إذا ضاق الأمر فيها اتسع ألم تسمع قول ربي :{ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة:286]. ألم تدبر قول ربي :{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا(7)}[الطلاق:7]. ألم تستجب لدعاء علمنا إياه ربنا:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَاعَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} ما أن فرغ الصحابة مع نبيهم الكريم من هذا الدعاء إلا وقال ربنا: (نعم قد فعلت)
والحديث رواه مسلم نعم وفي لفظ (قد فعلت).
فلا حرج في شريعة ربنا أبدا
ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما قال:[إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين]. قال:[ إنما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا منفرين].
قال صلى الله عليه وسلم حين جاء الرهط الثلاثة والحديث في الصحيحين من حديث أنس:[جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة فلما أخبروا عنها كأنهم تقالوها وأين نحن من رسول الله وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال أحدهم: أما أنا أصلي الليل ولا أرقد أبدا. وقال الآخر: أما أنا أصوم الدهر ولا أفطر أبدا. وقال الثالث: وأما أنا اعتزل النساء ولا أتزوج أبدا. فجاء بأبي وأمي وروحي وقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني]
إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة
والحديث في الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة وفي الصحيحين أيضاً:[أنه دخل المسجد النبوي يوماً فوجد حبلاً مربوطاً بين ساريتين بين عمودين قال: ما هذا؟ قالوا: حبل لزينب يا رسول الله إذا فترت تعلقت به. تقف تصلي بين يدي الله إذا تعبت تتعلق بالحبل لتكره نفسها على القيام بين يدي الله فقال النبي: حلوه. ثم قال فليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد].
قال للمريض صلي قائما فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب أيها الصائم إن لم تستطع الصوم لظروف المرض أو لسبب السفر فأفطر { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:184].
يا من لم تجد الماء وتريد رفع الجنابة أو الوضوء تيمم { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة:6].
بل يا من كنت تصلي من الليل وحبسك المرض لا تخف إن استطعت أن تصلي إن فاتتك صلاة الليل بالليل وقد أعدت عليها فصلي بالنهار اثنتي عشر ركعا فإن لم تستطع فاعلم أن أجرك ثابت لا ينقص
كما في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري:[إذا مرض العبد أو سافر كُتب له من الأجر ما كان يعمل وهو مقيم صحيح]
أي يسر هذا؟
أي يسر هذا والأدلة على ذلك لا تحصى ولا تعد؟
فشريعتنا ليست منغلقة وأنا أخاطب أولئك الذين يعزفون على وتر الرعب والتفزيع والتخويف من شريعة الملك أخاطبهم وأقول لهم الذي يحترم نفسه ويحترم قلمه ويحترم عقول من يخاطبهم ويحترم عقول الشعب المصري العبقري الذكي
لا تختزل شريعة الله في الحدود
وهل نخجل من الحدود لا ورب الكعبة
ورب الكعبة لا نخجل من الحدود
ورب الكعبة لا نخجل من جزئية شرعها ربنا ونبينا
بل نعلنها ورؤوسنا تعانق كواكب الجوزاء
تختزل الشريعة الغراء في الحدود للتخويف للرعب الذي أصاب الناس الآن
ألحق لو وصل الإسلاميون إلى الحكم كارثة مصيبة.
ستجلد الظهور وستقطع الأيدي وسيلقى ماء النار على وجوه النساء السافرات
مهلا مهلا يا سادة
ما هذه السذاجة؟
حدود الله حين تطبق لابد أن نطبق لها الضمانات وأن نهيئ لها القلوب والعقول والبيئة وأنا أعلنها ومن أراد أن يُراجع ذلك فليراجعه في كتاب شيخنا بن القيم (إعلام الموقعين).
لقد أوقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه الملهم المسدد الموفق المؤيد الذي انزل الله القرآن موافقا رأيه من فوق سبع سموات أوقف حد السرقة في عام المجاعة
بل لما جاءوا له بصبيان وفتيان لحاطب بن أبي بلتعه وقد سرقوا ناقة فسألهم عمر وعلم أنهم ما سرقوا الناقة إلا ليأكلوا كاد الجوع أن يقتلهم في الصحراء فسرقوا هذه الناقة وذبحوها ليأكلوا منها فما أقام عمر الحد عليهم بل هدد حاطب ابن أبي بلتعة وقال له لو سرقوا لأقمت الحد عليك
لا تخافوا لا تخافوا من أولئك الذين يريدون أن يخوفوا الناس من الدين لا تخشى من الدين أبداً
الشريعة أمن ورب الكعبة لا أقول كلاماً بلاغياً ولا إنشائياً الشريعة أمن الشريعة أمان الشريعة روح الشريعة نور الشريعة شفاء الشريعة هدى الشريعة رخاء الشريعة سعادة الشريعة نماء الشريعة سعادة في الدنيا ونجاة في الآخرة.
شرع الله سبحانه وتعالى لا تفرطوا فيه ولا تضيعوه فالحرب شرسة والمرحلة خطيرة ولابد لكل مؤمن أن يتخلص من السلبية وأن يعبر بإيجابية بكلمة مهذبة وبسلوك حضاري إسلامي رائع ليثبت للدنيا كلها أنه لن يُفرط أبداً في دينه ولن يفرط أبداً في شريعة ربه ولا في شريعة نبيه وسيضحي بأغلى ما يملك وبكل ما يملك من أجل نصرة هذا الدين
والله تعالى أسأل أن يقر أعيننا جميعاً بنصرة الإسلام وعز المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

صمت النبلاء
20 Dec 2011, 04:07 PM
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن سيدنا محمد عبد الله ورسوله إمام الغر الميامين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد..
فأود أن أوجه رسالة مهمة إلى الإسلاميين على ما يطلق عليهم في وسائل الإعلام وإلا فأنا لا أفرق أبداً بين المسلمين وددت رب الكعبة أن لو تخلصت الأمة من هذه المسميات ومن هذه الرايات في الوقت الذي أقر فيه بأن هذه المسميات لا حرج في وجودها ما لم تتحول إلى عصبية بغيضة فلقد وجدت هذه المسميات في عهد النبوة وجد المهاجرون وجد الأنصار وجد أهل الصفة وجد أهل بيعة الرضوان كل فصيل من هذه الفصائل كان له مسمى وكان الصحابة يعرفونه ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المسميات إلا حينما تحولت إلى نعرة وإلى عصبية حين نادى المهاجرين يا للمهاجرين ونادى الأنصاري يا للأنصار قال النبي: دعوها فإنها منتنة.
واسمحوا لي أن أقول أيضاً لإخواننا الإسلاميين دعوا العصبية فإنها منتنة
أنا أتألم غاية الألم ما كنت أود وأنا أقولها لله وأنا عاهدت الله أن لا أجامل مخلوق على وجه الأرض على حساب ديني أبداً كنت أود أن لا أرى منافسة في الإعادة بين إخواننا الإسلاميين أيا كان حزبهم الذي ينتسبون إليه وينتمون إليه
لما المنافسة ليتفتت الصوت الإسلامي لصالح الغير
هل هي الدنيا؟
هل هو الكرسي؟
إذن ما هي الغاية التي من أجلها دخلت هذا المجلس وبذلت المال والجهد؟
أنا أقول لك أخي ووالله أنا لك ناصح أمين فأنا لا أنتسب لأي حزب ولا أنتمي لأي جماعة بل جماعتي التي اشرف بالانتماء لها هي جماعة المسلمين
فأنا أنصحك صادقا خالصا لله إن كانت نيتك الآن قد تحولت وصار دخولك للبرلمان من أجل كرسي زائل أو من أجل دنيا فاتخذ القرار الآن بقوة ورجولة واترك هذا المنصب وهذا المجلس ولا تخرج من بيتك حتى تصحح النية وتطهر السريرة والطوية واعلم بأن الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى
اخلص النية لو أخلصت النية في دخول البرلمان لو رأيت أستاذ من إخواني الأفاضل ممن يجيدون التجربة ممن يشهد لهم بالدين والكفاءة والله الذي لا إله غيره لو قدمت نفسي عليه وأنا أعلم يقينا أنه أفضل للدين وللأمة مني اسمع الحكم لو قدمت نفسي وأنا أعلم أن أخي أفضل دين وأمانة وكفء للمكان مني فقد خنت الله ورسوله والمؤمنين
يا اخوانا القضية مش قضية كراسي
والله بكيت بالدمع على موقفين على موقف يتنافس فيه إخواننا من المسلمين والإسلاميين في مكان ما ليسقط أحدهما الآخر
أين التجرد أين الإخلاص أين صحة النية طهارة السريرة والطوية أين العمل لصالح للدين ثم لصالح مصر
أنا أريد أن تسأل نفسك في حجرتك الخاصة أنا داخل البرلمان ليه منظرة عشان يتقال النائب لدنيا
أسألك بالله إن كانت نيتك هذه فلا تدخل أنت أدرى بنفسك مني لا النية أشهد الله لله ثم لنصرة دين الله ثم لصالح مصر وإلا فأنت أعلم أيها الشيخ أننا كنا لا نريد هذه الأماكن ولم نسعى لها قط.
كانت نيتك كذلك فتوكل على الله وأسأل الله أن يقدر لك ما يرضيه عنك مش ما ترضى عنه أنت. بل ما يرضيه عنك
لكن هذا التنافس الذي لا أراه شريفا هذا يفتت الصوت المسلم أو الصوت الإسلام وقد وقع هذا بالفعل
ثم أنا أقول لإخواني واحفظوها مني الابتلاء بالتمكين أخطر من الابتلاء بالتعذيب والتهويل
كنا نطرد ونحارب ونمنع من المساجد وكلكم يعلم هذا لا نقول ذلك دعاية رخيصة فنحن لا نحتاج إلى هذه الدعايات الرخيصة ورب الكعبة
فأنا أقول الآن كنا نبتلي بهذه الألوان من الابتلاءات وكنا نصبر لأن الابتلاء بالشدة يستجمع الإنسان فيه قواه ويستعين فيه بربه وسيده ومولاه على الصبر فيصبره ربه.
أما الابتلاء بالتمكين والنعيم فيلهي وينسي ويطغي فأنتم الآن مبتلون بأشد ابتلاء وأخطر ابتلاء آلا وهو ابتلاء التمكين ومكمن الخطر أن العيون والقلوب والعقول متعلقة بكم الآن ويتصور كثير من آبائنا وإخواننا وأمهاتنا وبناتنا أنه بمجرد وصول الإسلاميين للحكم في نفس الشهر من كان يأخذ ألف جنيه سيصل راتبه إلى خمسة آلاف جنية
إنها فتنة .. فتنة شديدة.
أنتم مبتلون الآن بالتمكين اسأل أن يتم علينا وعليكم الفضل والنعمة
فاحذروا عليكم مسئولية عظيمة وأمانة كبيرة جددوا النية وأخلصوا السريرة وطهروا الطوية وابتغوا بعملكم وجه رب البرية ولا تحيدوا أبداً عن منهج سيد البشرية ولا تميعوا ولا تتنازلوا عن الأصول ولا تضيعوا الثوابت والأركان من أجل الحصول على كرسي زائل أو منصب فان.
بل تمسكوا بأصولكم وحافظوا على ثوابتكم وحافظوا على منهجكم ولا تميعوا القضايا فإن الأعين ترصد أقوالكم وحركاتكم وتضخم الخطأ الصغير لتجعله كبيرة من كبائر الذنوب
لا يتسع الوقت لضرب بعض الأمثلة عن التجرد لأني أخشى أن أطيل على حضراتكم أكثر من ذلك
وأوجه رسالة أخيرة إلى أولئك الذين يعلنون الحرب الآن بضراوة على وصول الإسلاميين ومنهم من أصبح يشكك الآن في اختيار الشعب وفي إرادة الشعب ويصر على اتهام الشعب بالجهل وهو ورب الكعبة الجاهل
أنا قلت أن الشعب المصري شعب عبقري أنا لا أقول ذلك دغدغة للمشاعر فلست من هواة المناصب ولا من أهلها
الشعب المصري شعب عبقري أنا أشبهه ببذور الزهور . بذور الزهور توضع في الأرض ويوضع عليها التراب ويوضع عليها الطمي لكن بذور الزهور لم تستسلم تراها بعد أيام قد شقت الطمي وخرجت من تحت أطباق التراب لترى زهرة جميلة أخاذة المنظر أخاذة الشذى والعبير
هذا هو الشعب الذي يدهش العالم كله ويفاجئ العالم بمواقفه
الشعب الذي رد ردا عمليا عبقريا صامتا بدون جعجعة فأرجوا أن لا تتصور النخبة في الفضائيات أنها تعبر بكلماتها عن طموحات شعبنا انزلوا إلى الشارع انزلوا إلى الأرض الإسلاميون الذين من الله عليهم في المرحلة الأولى كانوا ولا زالوا في الشارع على الأرض لسنوات طويلة على مع المرضى مع الجوعى على قدر إمكانياتهم وعلى قدر استطاعتهم فلا ينبغي أبداً أن تجهلوا الشعب لا يجوز أبدا أن نحكم على شعبنا بالجهل ولا يجوز أن نتهم الشعب بأنه أعطى الصوت بكيس سكر وزجاجة زيت عيب هذا عيب
شعبنا شعب عبقري يصمد حين يعلم أن صمته هو الواجب لأنه لا قيمة لكلمته ويتكلم حين يعلم أن كلمته صارت واجبة لأنه يعلم تأثيراً لكلمته
المرحلة المقبلة نريد لشعبنا المسلم الذكي العبقري أن يحافظ على نجاحها أيضا وأنا اشكر للمرة الثانية الجيش والقضاء الذي جعلهم الله سبحانه وتعالى سببين رئيسين في نجاح المرحلة الأولى لكن الشكر الأول بعد شكري لله عز وجل لشعب مصر الذي صبر ووقف في طوابير طويلة تمتد إلى 2 كيلوا من أجل أن يثبت لأولئك الذين تكلموا كثيراً وصدعوا الرؤوس أن هذا الشعب لا يستطيع أحد أن يضحك عليه والله ولو كان عالما من العلماء وأنا اقسم بالله وأنا أقسم بالله ولو كان عالماً من العلماء.
حافظوا على نجاح هذه العملية حتى يعود الأمر إلى الاستقرار شكلوا لجان شعبية لأنني أخشى في المرحلتين المقبلتين من بعض المشاكل لأنه يراد الآن أن لا تتم هذه المرحلة وأرجوا أيضا من إخواننا في المجلس العسكري ألا يتحدث كل واحد منهم بما يريد بما يخالف القوانين ونصوص الدساتير
لأننا لا نريد كل أسبوع أو كل يوم فتنة تحدث
أنا أناشد المجلس العسكري الآن أن ينتدب واحد منهم ليتحدث واحد فقط باسمهم ليصبح فلان هو المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى أما أن يخرج كل يوم لواء من المجلس الأعلى ليتكلم بتصريحات وليصدر قرارات تصطدم مع القوانين ومع الدساتير وتثير فتنة مصر لا تحتمل هذه الفتن كل يول وليلة أو كل أسبوع وأسبوع
والله أسأل أن يحفظ مصر وأن يجعلها أمناً أماناً سخاءا رخاء وجميع بلاد المسلمين وأن يختار لها الولاية الصالحين المصلحين في الولاية العامة والخاصة
اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا
اللهم اجعل مصر أمنا أمانا سخاء رخاء اللهم انزل على مصر من رحماتك اللهم انزل على مصر من بركاتك اللهم احمي مصر الخونة والخائنين وقيض لمصر الصالحين المصلحين اللهم ارزق بلادنا الرخاء والاستقرار
اللهم أحفظ نساءنا واستر بناتنا وأصلح شبابنا واحفظ أولادنا يا أرحم الراحمين
اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع المبارك ذنباً إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا ديناً إلا قضيته ولا ميتا لنا إلا رحمته ولا عاصياً بيننا إلا هديته ولا طائعا بيننا إلا زدته وثبته يا رب العالمين ولا حاجة هي لك رضى ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين
يا رب اجعل جمعنا هذا مرحوما وتفرقنا من بعده معصوما ولا تجعل فينا شقياً ولا محروما
اللهم احقن دماء المسلمين في سوريا اللهم احقن دماء المسلمين في اليمن وفي كل مكان يا أرحم الراحمين اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وهذا وما كان من مدد وتوفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويرمى به في جهنم ثم أعوذ بالله أن أذكركم به أن أذكركم به وأنساه.

صمت الدموع
20 Dec 2011, 04:54 PM
جزاك الله كل خير وارك الله فيك وكتب الله اجرك ونفع بك ..

شامخه بديني
20 Dec 2011, 09:49 PM
جزاكم الله خير لاحرمتم الاجر

عبدالله الكعبي
24 Dec 2011, 07:34 PM
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا على الموضوع