المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألا من عزة في زمن الإنكسار ؟!



ام حفصه
11 Nov 2011, 02:24 PM
أ. سمية الرافعي.

حدثني من أثق بخبره بهذه الحادثة، يجسدها رجالٌ أخيار في بلاد غابت عنها شمسُ الإسلام زمناً إلا من أرواح بعض المنتسبين إليه، إذ أن بعضهم مسلم بالاسم والرسم فقط؛ فلا يقيم عبادة، ولا يظهر شعيرة إلا على استحياء، ولو عَلِمَ ما سَيُخلِفُ من أثر ما توانى وكسل، والكيّس من نظر إلى الغايات نظر الراغب فيما عند الله عز وجل، الطامح لأعلى الجنان ورضا المنان سبحانه وتعالى.

مجريات هذه القصة وقعت قبل خمسة عشر عاماً، حين قدر الله عز وجل على صاحبها أن يجري عملية جراحية في أمريكا يرافقه صديقه؛ فأدخل للمشفى، وتقرر وقت إجراء العملية، وفي صباح اليوم المقرر ، وبينما هو ينتظر الدخول إلى غرفة العمليات والمرضى حوله في جزع وبكاء، وخوف من مستقبل العملية وتوابعها .
كان حال صاحبنا حال المؤمن بقدر الله عز وجل وقضائه النافذ الواقع وإن التُمست الحيل، وتُعُلِق بسائر العلل؛ فيقول: كنت في هذه اللحظات مطمئنا، وكان معي بلوغ المرام أٌهَمِشُ عليه شرح الشيخ ابن باز - غفر الله تعالى له- أقضي به وقت الانتظار ، وكانت الممرضة الموكلة بي تراقبني متعجبة من فعلي ، وأنا الذي يكتب من اليمين إلى اليسار بخط صغير متقن على هامش الكتاب الضيق ، غير آبه بما سأقدم عليه، حتى سألتْ صديقي المرافق عن فعلي، وهي التي تظن أني اكتب وصيتي! فشرح لها ما أكتب، وسبب الاطمئنان الذي أشعر به، وأن ذلك مرجعه إلى الإيمان بقضاء الله عز وجل وقدره.

حان موعد الدخول لغرفة العمليات ، وبعد ساعات انتهت العملية ، وصاحبنا ما زال بين قدر الله عز وجل ورحمته ولطفه، انتهت العملية إلا أن الخطر زاد ودخل في غيبوبة بسبب المُخدر ، استمر من العاشرة صباحاً حتى العصر؛ فأدخلوه العناية المركزة، وعقد الأطباء اجتماعاً عاجلاً للتشاور في حالته، وكلهم خوف من تطور الحالة وإصابته بموت دماغي! فرحماك ربي بعبدك!

وبعد ساعات من الترقب والقلق بدأت الأجهزة تشير إلى تحسن الحالة وبداية إفاقة من الغيبوبة، تنفس الجميع الصعداء وتفرقوا ، إلا الممرضة المتابعة للمريض كان لا بد أن تراقب حالته وتستمر معه إلى أن يفيق تماما، تراقبه وكأنها تترقب أمراً ما، وبفضل الله تعالى ولطفه أفاق وأعادوه لغرفة التنويم قُبيل المغرب ، رافقته الممرضة وهي حاملٌ مرهقة من العمل طوال النهار فاستأذنتْ بعد الاطمئنان على المريض.

أفاق المريض وتذكر أنه لم يصل الظهر والعصر، وقد دخل وقت صلاة المغرب ؛ فطلب من مرافقه أن يحضر له إناء وماء ليتوضأ، أقترح عليه أن يترخص ويتيمم؛ فرفض المريض إلا أن يتوضأ وبالفعل أُحضر طلبه، وبدأ المرافق يصب له الماء ليتوضأ وهو على سريره في منظر غريب لمن لا يعرف الوضوء، وبينما هما كذلك إذ دخلت الممرضة لترى عجباً!! وفي اندهاش تسأل: ماذا يفعل؟! فأخبرها المرافق أنه يتوضأ للصلاة.
اعتذرت وخرجت على أن تعود بعد انتهائهما؛ فلديها أسئلة ضرورية تريد أن تطرحها على المريض تتعلق بإفاقته وسبب الغيبوبة التي أصابته.

توضأ وقضى فرضه وأمّه صاحبه بقية الفروض، ثم استدعى الممرضة وكانت في غاية الذهول، شخص مر بمرحلة الخطر للتو أفاق من غيبوبة لم يسأل عن حالته ! ولا عن نجاح العملية ! ولا عن الغيبوبة وسببها ! وهل تؤثر عليه مستقبلاً يغتسل في الغرفة ! والسرير منحرف باتجاه غير ما وضع عليه، لماذا؟!

‫قال المريض لمرافقه: أخبرها أن اطمئناني قبل العملية الذي عجبت هي منه سببه ما فعلته بعد العملية مباشرة؛ وهو الصلاة.

قلتُ: نعم والله، إنها الراحة والسكينة، الهدوء والخشوع في ذل العبد لله عز وجل، وخضوعه بين يديه، ومناجاته له على كل حال؛ فمن عرف مولاه في الرخاء عرفه مولاه في الشدة، ألا فلنحنِ الجباه تحية وإجلالاً، وذلاً وانكساراً للعلي الكبير، اللطيف الخبير سبحانه جلّ في علاه.

رأى المرافق إقبال الممرضة، وتعلقها بما فعلا حيث قالت: يأتي لهذا المشفى عرب وسعوديون ولأول مرة أرى هذه الأفعال؛ فبقي معها يحدثها حتى الفجر، ثم استأذنت وكانت مجازة يومها التالي، لكنها عادت في المساء لتقابلهما وتحكي لهما ما حصل بعد أن تركتهما، تقول: قابلتُ أصحابي وأخبرتهم بما رأيت من عجب؛ فأخبروني أن الرجل في الإسلام يتزوج أربع نساء -أرادوا تنفيرها من الإسلام أو أنه لم يعلق بأذهانهم إلا هذا الحكم الغريب على ثقافتهم -، وما كنت أعرف عن المسلمين إلا أنهم لا يأكلون الخنزير فقط ؛ لأنهم في المشفى ينبهوننا على ذلك؛ فذهبت إلى البيت منهكة، وزوجي يريدني ولا أستطيع تلبية رغبته، وكنت أخاف أن أتمنع فيذهب لبنات الهوى وينقل لي ولطفلي الإيدز.‫

أصبحتُ أُلح عليه أن يعاشر صديقتي ؛ لأنها مأمونة وأعرفها جيداً؛ فتذكرت كلام أصحابي عن الإسلام ، واقتنعت أن تعدد الزوجات هو حكم عظيم يميز الإسلام عن غيره!
ظن المرافق أن موضوع التعدد سيؤثر على نظرتها للإسلام، وأنها تسخر منه؛ فأخذ يبين لها الحكمة منه، وحكمه فأسكتته وأقسمت أن هذا الحكم هو الصحيح، وتقول: لا تعلمون كم أعاني من القلق وإني لأتمنى أن يعاشر زوجي معي ثلاثاً ولا يعاشر هو غيرهن، وأنهن سليمات من الأمراض بدلاً من القلق الذي أعيشه على نفسي وطفلي!

تأثرتْ هذه الأمريكية كثيراً بموقفهما، وبدأت تفكر بهذا الدين العظيم، وتقرأ عنه بشغف ونهم وعاد صاحبنا معافى إلى بلده، وعلم بتواصلها مع المركز الإسلامي هناك ، ثم أسلمت وزوجها بعد أشهر من عودته!

كما تطلع الشمس بضوئها ؛ فتملأ الكون بهجة وسعادة بعد ليل مظلم ، كذلك الإسلام عندما يلامس قلوباً أجدبت فصار أصحابها كالأنعام بل هم أضل!
أيها المسلمون: ربما تحولت سيوفكم إلى خشب، وتكالبت عليكم الأمم؛ إلا أن لكم ديناً عظيماً ليس في المشرق والمغرب من ديار إلا وأهلها بحاجة له، "فيا له من دين لو كان له رجال".

* ما جاء في هذه القصة على لسان صاحبها، وكان دوري إعادة صياغة بعض الجُمل وإخراجها.

منقول ------

زمرد
11 Nov 2011, 05:15 PM
قصه جميله..
بوركتي على جهودك

خزااامى
17 Nov 2011, 10:09 AM
قصة راائعة جداً ....

باارك الله فيك ....

فله المميزة
17 Nov 2011, 11:56 AM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

صمت الدموع
17 Nov 2011, 09:31 PM
جزاك الله كل خير وكتب الله اجرك ..

رونق الامل
10 Jun 2012, 03:13 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .