المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ولــد صـالـح------



ام حفصه
18 Aug 2011, 04:11 PM
ولــد صـالـح


شـدوا وثـاقـهـا ... وحـرمـوهـا حـواسـهـا ... وشـعــرت بـأنـهـا مـوضـوعـة عـلى ما يشبه بالهودج ... في ارتفاعـه وحركته ...! سـمعـت صـوت حبيبها وسطهم ... ماله لا يعـنفهم ... ماله لا يمنعـهم مـن أخذهـا ...؟؟؟؟ صوت الخطوات الرتيبة تمشي عـلى تـراب خشن ... ونسائم فجرية باردة تلامس ثيابها البيضاء ... ورغـم أنها لا ترى إلا أنها تخيلت الجـو مـن حولها ضبابيا ... وتخيلت الأرض التي هي فيها الآن أرضا خـواء مقفـرة ...!

أخيرا توقفت الخطوات دفعـة واحـدة وأحست بأنها توضع عـلى الأرض ... وسمعـت الى جوارها حجارة ترفع وأخرى توضع ... ثـم حملت ثانية ... وشاع السكون من حولها ... وأحست بالظلام ينخـر عـظامها ... ومـن أعـلى تناهـى لسمعـها صوت نشيج ... انه ابنها ... نعـم هـو ... لعـله آت لانقـاذهـا؟؟؟ لكن ... ماذا تسمع؟؟؟ انه يناديها بصوت خفيض: أمي ... ومن بين الـدمـوع يتحدث زوجها اليه قائلا: تماسـك ... انما الصبر عـند الصدمة الأولى ... ادع لها يا بني ... هـيـا بنا ... غـلبته غـصة ... وألقى نظرة أخيرة عـلى الجسد المسجى ... فلم يتمالك نفسه أن قـال بصوت يقطر ألما: لا اله إلا الله ... لا اله إلا لله ... إنا لله وانا اليه راجعــون ...!

كان هـذا آخـر ما سمعـته منه ... ثم دوى صوت حجر رخامي يسقـط من أعـلى ليسد الفتحة الوحيدة التي كانت مصدر الصوت والنور ....... والحياة ........! صوت الخطوات تبتعـد ... الى أيـن؟؟؟ أيـن تتركـوني؟؟؟ كيف تتخـلوا عـني في هـذه الوحـدة وهـذه الظلمة؟؟؟

نظرت حولها فإذا هي تـرى ....... تـرى؟؟؟ أي شيء تستطيع أن تراه في هـذا السرداب الأسود؟؟؟ ان ظلمته ليست كظلمة الليل الذي اعـتادته ... فـذاك يرافقه ضـوء القمر ... وشعـاع النجوم ... فينعـكس عـلى الأشياء والأشخاص ... أما هـنا فانها لا تكاد ترى يدها ... بـل انها تشعـر بأنها مغـمضة العـينين تماما ... تذكرت أحبتها وسمعـت الخطـوات قـد ابتعـدت تماما فسرت رعـدة في أوصالها ونهضت تبغي اللحاق بهم ... كيف يتركـونها وهـم يعـلمون أنها تهاب الظلام والوحـدة؟؟؟

لكن يدا ثقيلة أجلستها بعـنف ... حدقـت فيما خلفها برعـب هـائـل ... فرأت ما لم تـراه من قبل ... رأت الهـول قـد تجسد في صورة كائن ... لكن كيف تراه رغـم الحلكة؟؟؟ قالت بصـوت مرتعـش: مـن أنـت؟؟؟ فسمعـت صوتا عـن يمينها يـدوي مجـلجلا: جئنا نسألك ... التفتت ... فاذا بكائن آخـر يماثـل الأول ... صمتـت في عـجـز ... تمنت أن تبتلعـها الأرض ولا ترى هـؤلاء القوم ... لكنها تذكرت أن الأرض قـد ابتلعـتها فعـلا ... تمنت الموت لتهـرب مـن هـذا الـواقـع الذي لا مفر منه ... فحارت لأمانيهـا التي لـم تعـد صالحة ... فهي ميتة أصلا ...!

من ربك؟ هاه .. من ربك؟ ربي .. ما عـبدت سوى الله طـول حياتي .. ما دينك؟ ديني الاسـلام.. من نبيك؟ نبيي ....... اعـتصرت ذاكرتها .. ما بالها نسيت اسمه؟ ألم تكن تردده عـلى لسانها دائما؟ ألم تكن تصلي عـليه في التشهـد خمس مـرات يوميا؟ بصوت غـاضـب عـاد الصوت يسأل: من نبيك؟ لحظة أرجوك .. لا أستطيع التذكر .. ارتفعـت عـصا غـليظة في يـد الكائن ... وراحت تهوي بسرعـة نحـو رأسها .. فصرخت .. وتشنجت أعـضاؤهـا .. وفجـأة أضـاء اسمه في عـقـلـهـا فصـرخـت بأعـلى صوتها: نبيي محمد .. محمد .. ثـم أغـمضت عـينيها بقوة .. لكن .. لم يحـدث شيء .. سكون قاتـل .. فتحت عـينيها مستغـربـة فقال لها الكائن الذي اسمه نكير: أنـقـذتـك دعـوة كنت ترددينها دائما ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي عـلى دينك ).

ام حفصه
18 Aug 2011, 04:13 PM
سـرت قشعـريـرة في بدنها ... أرادت أن تبتسم فرحة ... لكـنها لـم تستطع ... ليس هـذا موضع ابتسام ... ياربي متى تنتهي هذه اللحظات القاسية ... بعـد قليل قـال لها منكر: أنت كـنـت تـؤخـريـن صـلاة الفجر .....! اتسعــت عـيناها ... عـرفت أنه لا منجى لها هـذه المرة ... لأنه لـم يجانب الصواب ... دفـعـها أمامه ... أرادت أن تبكي فلم تجـد للدمـوع طريقا ... سارت أمام مـنـكـر ونـكـيـر في سـرداب طويـل حتى وصلت الى مكان أشبه بالمعـتـقـلات ... شعـرت بغـثيان ... وتمنت لو يغـشى عـليها ... لكن لم يحدث ... فاستمرت في التفـرج عـلى المكان الرهيب ... في كل بقعـة كان هناك صراخ و دماء ... عـويـل وثـبـور ... وعـظـام تتكسر ... وأجساد تحـرق ... ووجـوه قاسية نزعـت مـن قـلـوبـهـا الرحمـة فلا تستجيب لـكـل هـذا الـرجـاء..!

دفعـها الـمـلـكـان مـن خلفها فسارت وهي تحس بأن قدميها تـعـجـزان عـن حملها ... واذا بها تقترب من رجل مستلق عـلى ظهره ... وفـوق رأسه تماما يقف ملك من أصحاب الوجوه الباردة الصلبه ... يحمل حجرا ثقيلا ... وأمام عـينيها ألقى الملك بالحجر عـلى رأس الرجل ... فتحطم وانخلع عـن جسده متدحرجا ... صرخت ... بكت ... ثـم ذهـلت ذهـولا ألـجـم لسانها ... وسرعـان ما عـاد الرأس الى صاحبه ... فعـاد الملك الى اسقاط الصخرة عـليه ... هـنا ... قـيـل لـهـا: هـيا ... استلقي الى جوار هذا الرجـل ... مـاذا ...؟؟؟ هـيـا ... دفعـت في عـنـف ... فراحت تقاوم ... وتقاوم ... وتقاوم ... لا فائـدة ... ان مصيرها لمظلم ... مظلم حقا..!

استلقت والرعـب يكاد يقـطع أمعـاءهـا ... استغـاثت بربها فرأت أبواب الدعـاء كلها مغـلقة ... لـقـد ولى عـهـد الاستغـاثة عـنـد الـشـدة .... ألا ياليتها دعـت في رخائها ... ياليتها دعـت في دنياها ... ليتها تعـود لتصلي ركعـتين ... ركعـتين فـقـط ... تشفع لها ...!

نظرت الى الأعـلى فرأت ملكا منتصبا فوقها ... رافعـا يـده بصخرة عـاتية يقول لهـا : هــذا عـذابـك الى يوم القيامة ... لأنك كنت تنامين عـن فرضك ... ولما استبد اليأس بها ... رأت شابا كـفـلـقـة الـقـمـر يحث الـخـطى الى موضعـها ... ساورهـا شعـور بالأمـل ... فـوجهه يطفح بالبشر ... وبسمته تضيء كــل شيء مـن حوله ... وصل الشاب ومـد يـديـه يمنع الملك ... فـقـال له: مـا جـاء بـك؟؟؟ فـأجـاب: أرسـلـت لـهـا ... لأحـمـيـهـا وأمنعـك؟؟؟ أهــذا أمـر مـن الله عــز وجـل؟؟؟ قـال: نـعــم ... لـم تـصـدق عـيناها ... لـقـد ولى الملك ... اخـتـفـى ... وبـقي الشاب حسن الوجه ... هـل هـي في حـلـم؟؟؟

مـد الشاب لها يـده فـنـهـضـت ... وسألته بامتنان: مـن أنــت؟؟؟؟؟؟؟ أنـا دعـاء ابـنــك الـصـالـح لــك ... وصــدقـتـه عـنـك ... مـنـذ أن مـت وهـو لا ينفك يـدعـو لـك حتى صـور الله دعــاءه في أحسن صـورة ... وأذن لـه بالاستجابة والمجيء الى هـنـا ...! أحست بمنكر ونكير ثانية ... فالـتـفـتـت الـيـهـما فـاذا بـهـمـا يـقــولان: انـظـري ... هــذا مـقـعــدك مـن الـنـار ، قــد أبـدلـه الله بـمـقـعــدك مـن الـجـنـة ...!



منقول------