تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : آداب تلاوة القرآن الكريم ----



ام حفصه
18 Jun 2011, 01:52 PM
آداب تلاوة القرآن الكريم
مدح الله تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو القرآن، فقال عز من قائل:{... وإنه لكتابعزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} (فصلت:42،41)، وقال سبحانه:{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً} (الإسراء:10). فهو يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل؛ لذا حري بنا أن نلم بطرف من الآداب التي ينبغي لقارئ القرآن العمل بها والحرص عليها؛ حتى يحصل الانتفاع بالتلاوة، ويعظم الأجر، بإذن الله تعالى. فمن هذه الآداب:

قال النووي: فأول ما يؤمر به ـ أي القارئ ـ: الإخلاص في قراءته، وأن يريد بها وجه الله سبحانه وتعالى، وأن لا يقصد بها توصلاً إلى شيء سوى ذلك.

وفي حديث أبي هريرة (الذي ذكر فيه أول من تسعر بهم النار): "...ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به، فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.." (رواه مسلم).

بتحليل حلاله، وتحريم حرامه، والوقوف عند نهيه، والائتمار بأمره، والعمل بمحكمه، والإيمان بمتشابهه، وإقامة حدوده وحروفه.

فعلى من يحفظ القرآن أو جزء منه أن يواظب على تلاوته ويجدد العهد به بملازمته، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصيًا من الإبل في عقلها " (رواه البخاري). فمتى زال التعاهد زال الحفظ.

فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس ما لأحدهم يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسي". وإنما نهي عن: نسيتها؛ لأنه يتضمن التساهل فيها والتغافل عنها.

لقد أمر الله تعالى بتدبر كلامه فقال عز وجل: {أفَلاَ يَتَدَبَّـرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (النساء: 126). والتدبر هو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه وفي مبادئه وعواقبه، فإن في تدبر كتاب الله مفتاحاً للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم. وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته، فبه يعرف الرب جل جلاله وما له من صفات كمال، وما الطريق الموصل إليه، وكلما ازداد العبد تأملاً فيه، ازداد علما وعملاً وبصيرة؛ ولذلك أمر الله بالتدبر وحث عليه.

وعلى هذا كان سير السلف، فقد روى الإمام أحمد عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل. قالوا: فتعلمنا العلم والعمل.

الأصل فيه قوله تعالى: {لاَ يَمَسُّهُ إلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}. والنهي عن مسه إلا لمتطهر جاء مصرحاً به في الكتاب الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم وفيه: (أن لا يمس القرآن إلا طاهر). فهو ليس كغيره من الكتب؛ لأنه كلام الله عز وجل، فينبغي صونه وتقديسه.

لأن القارئ لما كان مريداً لتلاوة كلام الله حسُن منه أن يطيب فمه وينظفه بالسواك أو بما يحصل به التنظيف. وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على السواك وأكثر من ذلك، ومن أولى الأزمنة باستحباب السواك: عند قراءة القرآن، وقد يُستأنس لذلك بحديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام للتهجد من الليل يشوصُ فاه بالسواك "(رواه البخاري ومسلم).

فالاستعاذة لطرد الشيطان، وليكون بعيداً عن قلب المرء، ليحصل له التدبر والتفهم ومن ثم الانتفاع، قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِالله مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (النحل:98).

أما البسملة: فقد روى أنس - رضي الله عنه - أنه قال: بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسماً، فقلنا: ما أضحكـك يا رسـول الله ؟ قـال: أنزلت عليَّ آنفًا سورة، فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم ). {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ. إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} الحديث (رواه مسلم).

أمر المولى عز وجل بترتيل كتابه، فقال عز من قائل: {وَرَتِّل الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} (المزمل:4)، والترتيل في القراءة: الترسل فيها والتبيين من غير بغي، وذلك بأن يوفي جميع الحروف حقها من الإشباع.

وقد كره السلف العجلة المفرطة؛ لأن مصلحة تدبر القرآن أولى من تكثير التلاوة في مدة أقصر لأجل تحصيل أجر أكبر. قال رجل لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدّبرها وأرتلها؛ أحب إلي من أن أقرأ كما تقول"( ذكره ابن كثير في فضائل القرآن).

وهـذا ثابـت عـن رسولنا - عليه الصلاة والسلام - فقد سئل أنس - رضي الله عنه - كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: " كانت مدًا " ثم قرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم.

وعن البراء - رضي الله عنه - قـال:" سمعـت رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) في العشاء، وما سمعت أحدًا أحسن صوتًا منه أو قراءة"(رواه البخاري). قال الإمام أحمد: يحسن القارئ صوته بالقرآن، ويقرؤه بحزن وتدبر. وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن "(رواه البخاري ومسلم). وفي حديث البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" زينوا أصواتكم بالقرآن "(رواه أبو داود وصححه الألبانى). والمراد: تطريبه وتحسينه والتخشع به.

وكلاهما جاءت به السنة: فالأول: ما رواه عبدالله بن الشخير - رضي الله عنه - أنه قال: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل، يعني يبكي" (رواه أحمد و أبوداود والنسائي). وقال عبدالله بن شداد: "سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف، يقرأ: {إنَّمَا أشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلَى الله...}(يوسف:86)" ( أخرجه البخاري تعليقاً).

والثاني: ما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: " قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ عليَّ". قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل ؟ قال: "نعم". فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا...} (آية:41). قال: "حسبك الآن"، فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان "( رواه البخاري).

جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة، وآثار بفضيلة الإسرار. قال العلماء: والجمع بينهما أن الإسرار أبعد من الرياء، فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء، فالجهر أفضل، بشـرط أن لا يـؤذي غيره من مصلٍ أو نائم أو غيرهما؛ لما روى أبو سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: "ألا كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة"، أو قال: "في الصلاة"(رواه أبو داود وصححه الألباني). ودليل فضيلة الجهر: أن العمل فيه أكبر، ولأنه يتعدى نفعه إلى غيره، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ولأنه يطرد النوم، ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم أو غافل، وينشطه، فمتى حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل.

والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول، فليضطجع"(رواه مسلم). ومعنى "استعجم القرآن عليه": أي: استغلق ولم ينطلق به لسانه. وقد جاءت علة النهي في حديث عائشة رضي الله عنها وفيه:"فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه"(رواه مسلم). وحتى يصان القرآن عن الهذرمة والكلام المعجم.

فلا يقطعها إلا لأمر عارض، فعن نافع قال: "كان ابن عمر - رضي الله عنهما - إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه، فأخذت عليـه يوماً، فقرأ سـورة البقرة حتـى انتهى إلى مكان. قال: تدري فيم أنزلت ؟ قلت: لا. قال: أنزلت في كذا وكذا. ثم مضى"(رواه البخاري). فلم يقطع ابن عمر التلاوة إلا لعبادة وهي نشر العلم.

ففي حديـث حذيفــة وصلاتــه مـع رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "... ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مسترسلاً، إذا مرَّ بآية تسبيح سبح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوذ تعوذ..." الحديث (أخرجه مسلم). قال النووي: فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها.

في كتاب الله خمس عشرة سجدة، فيسن لتالي القرآن إذا مر بها أن يسجد ويقول الذكر الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك: " اللهم احطط عني بها وزراً، واكتب لي بها أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً"، وفي زيادة عند الترمذي: "وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود"( رواه الترمذي وابن ماجة واللفظ له وحسنه الألباني). أو يقول: "سجد وجهي لمن خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته"(رواه أبو داود وصححه الألباني).

وأخيراً على قارئ القرآن أن يختار المكان المناسب للقراءة، فيجلس في المكان النظيف الخالي من المشغلات، مستقبلاً القبلة، واضعاً عينه في المصحف؛ لأن النظر فيه عبادة، جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، إنه جواد كريم.
محمد الحماد

</I>

ام حفصه
18 Jun 2011, 01:54 PM
أداب حامل القرأن!!!للامام النووى رحمه الله





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

والصلاة والسلام على من لا نبيى بعده وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا

أداب حامل القرأن



من أد ب حامل القرأن أن يكون على أكمل الأحوال، وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القُرآن عنه، وأن يكون متصوِّنَاً عن دنيء الاكتساب، شريف النَّفس، مُتَرَفِّعاً عن الجبَابِرة، والجُفاة من أهل الدنيا متواضعاً للصالحين، وأهل الخير والمساكين، وأن يكون مُتخشِّعَاً ذا سكينةٍ ووقار.
*فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : "ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون ".
*وعن الحسن البصريُّ رحمه الله قال : إن من كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار.
*وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال : "حامل القُرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهوا مع من يلهوا، ولا يسهو مع من يسهوا، ولا يلغوا مع من يلغوا تعظيماً لحق القرآن


:ومن أهم ما يُؤمرُ به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن عيشة يكتسب بها، فقد جاء في النهي عن ذلك أشياء كثيرة مشهورة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة، والسَّلف، وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء في جوازه، فجوزه عطاء، ومالك والشافعي، وآخرون إذا استأجره إجارة صحيحة. ومنعه الزُّهريّ، وأبو حنيفة، وآخرون.
والأحاديث الصحيحة تقتضي الجواز.
أمَّا الحديث الوارد بالمنع، فعنه جوابان أوضحتهما مع غيرهما.

وينبغي أن يُحافظ على تلاوته، ويُكثر منها، وقد كانت للسَّلف رضي الله عنهم عادات في قدر ما يختمون فيه، فمنهم من كان يختم في كل شهرين ختمة، ومنهم من كان يختم في كل شهرين ختمة، ومنهم من كان يختم في كل شهر، وكان بعضهم يختم في عشر ليالٍ، وبعضهم في ثمان ليالٍ، وبعضهم في سبعٍ، وبعضهم في ستٍ، وبعضهم في خمس، وبعضهم في أربع، وبعضهم كل ليلة، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمتين، وبعضهم في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وأربع في النهار، وكان أكثرهم يختم في كل سبع ليال، وكثيرون في كل ثلاث، وقد بينت من كل فرقة من هؤلاء جماعة في "التبيان" وذكرت دلائلهم، والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يُحصل له معه كمال فهم ما يقرأه، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، والحُكم بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدِّين والمصالح العامة ؛ فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصداً له، أو لا تفويت وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد يحصل به الملل والهذرمة في القرآن.

وأمَّا وقت الختم فالأفضل أن يكون أول النَّهار أو الليل وقيل الأفضل أن يختتم ختمة أول النَّهار وأخرى أول الليل، وإنَّهُ إن كان أول النَّهار ختم في ركعتين الفجر أو بعدهما، وإن كان أول الليل ففي ركعتي سنة المغرب على من ختم أول النَّهار حتى يُمسي، وعلى من ختم أول الليل حتى يصبح

في المحافظة على قراءة القُرآن بالليل
ينبغي أن يحافظ على قراءة القُرآن في الليل، ويكون إعتناؤه بها فيه أكثر وفي صلاة الليل أكثر ؛ لأن الليل أجمع للقلب، وأبعد من الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات وأصون من تطرق الرياء، وغيره من المحبطات مع ما جاء في الشرع من إيجاد الخيرات في الليل كل إسراء، وحديث النُّزول، وحديث : في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء كل ليلة
·وقد تظاهرة نصوص القُرآن والسُّنّة وإجماع الأمَّة على فضيلة القراءة والقيام بالليل، والحث عليه، وذلك يحصل بالكثير، والقليل، وما كثر أفضل إلا أن يستوعب الليل كله ؛فإنه يُكره الدَّوام عليه، وكذا يُكره إن أضرَّ بنفسه ما دون الجميع
·وقد روى أبو داود في "سننه" أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آياتٍ لَمْ يُكْتَب مِنَ الغَافلِين، وَمَنْ قَامَ بِمائَةِ آيَة كُتِبَ مِنَ القَانِتِين، وَمَنْ قَامَ بَأَلْفِ آية كُتِبَ مِنَ المُقَنْطَرِين)
فإن فاتتهُ وظيفته بالليل فليحرص على قِراءتها في أول النَّهار.
ففي صحيح مسلم عن عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنهُ قَــال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ نَامَ عَنْ حِزبِهِ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ عَنْ شَيءٍ مِنهُ فَقَرَأَهُ بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْر، وَصَلاَةِ الظُّهر، كُتِبَ كَأَنَّمَاَ قَرَأَ مِنَ اللَّيْلِ)

وليحذر كل الحذر من نسيانه، أو نسيان بعضه، ومن تعريضه للنسيان
فقد روى أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (عُرِضَتْ عَليَّ ذُنوبُ أُمَّتي فَلَمْ أَرى ذَنبَاً أَعْظَمَ مِنْ سُورةِ القُرْآن، أَوْ آية أُوتِيهَاَ رَجُلٌ، ثُمَّ نَسِيهَاَ).

ام حفصه
18 Jun 2011, 01:57 PM
الموضوع الأول هى أداب خاصة لحملة القران الكريم
وهذا الموضوع عام لكل الناس كمل ذكره الأمام النووى رحمه الله


أدب الناس كلهم مع القرأن


ثبـت في صحيـح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي قال صلى الله عليه وسلم : (الدِّينُ النَّصِيحة، قُلنا: لمن؟ قال لله وَلِكِتَابهِ وَلرسُوله، ولأئمَّةِ المُسْلمِينَ وَعَامَّتِهمْ).
·قال العلماء : النَّصيحة لكتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيهه لا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر الخلق على مثله، وتعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها، وإقامة حروفه بالتلاوة والذب عنه لتأويل المحرِّفين وتعرّض الملحدين والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه، وأمثاله، واعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه، وإلى جميع ما ذكرنا من نصيحة.

وأجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق، وتنزيهه وصيانته، وأجمعوا على أن من جحد حرفاً مجمعاً عليه أو زاد حرفاً لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر، واجمعوا على أن من استخف بالقرآن أو شيء منه أو بالمصحف، أو ألقاه في القاذورة أو كذب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر، أو نفى ما أثبته أو أثبت ما نفاه وهو عالم أو شك في شيء من ذلك فهو كافر، وكذلك إن جحد شيئاً من كتب الله تعالى كالتوراة والإنجيل وأنكر أصله فهو كافر.

ويحرم تفسيره بغير علم والكلام في معناه لمن ليس من أهله، وهذا مجمع عليه، وإما تفسيره بغير علم، وللعلماء جائز حسن بالإجماع، ويحرم المراء فيه والجدال بغير حق، ومن ذلك أن يظهر له دلالة هي للآية على شيء يخالف مذهبه فيصير إلى خلاف ظاهرها إتباعا لهواه ومذهبه، ويناظر عليه وأما من لا يظهر له ذلك فمعذور.
يُكره أن يقول نسيت آية كذا ؛ بل يقول أُنسيتها أو أسقطتها، ويجوز أن يقول : هذه سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النِّساء، وكذا الباقي، ولا كراهة في شيء من هذا، والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة جداً، وكان بعض السلف يكره هذا ويقولون إنما يُقال السورة التي فيها البقرة، وكذا ما أشبهها، والصواب أنه لا يُكره، ولا يُكره أن يُقال قراءة حمزة.
·وأبي عمرو وقرأه حمزة وغيرهما وكره ذلك بعض السلف والصواب الأول، وعليه عمل السلف والخلف.

لا يُكره النفث مع القراءة للرقية وهو نفخ لطيف بلا ريق.
وقال جماعة من السلف يُكره وهو مذهب أبي جحيفة الصحابي، والحسن البصري، والنخعي رضي الله عنهم.
والمختار الأول فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
ويُكره نقش الحيطان والثياب بكتب القرآن في قبلة المسجد، ولو كتب القرآن على حلواء أو طعام فلا بأس بأكلها، ولو كان على خشبة كره إحراقها، ولو كتبه في إناء ثم غسله وسقاه المريض.
·فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي : لا بأس به وكرهه النخعي.
أما الحروز المكتوبة من القرآن وغيره إذا جعلت في قصبة حديد أو جلد أو نحو ذلك فلا يحرم كتابتها وفي كراهتها خلاف.

لا يمنع الكافر من سماع القرآن، ويمنع من مس المصحف.
وهل يمنع من تعلم القرآن فيه وجهان :؟
لا يجوز تعليمه القرآن إن كان لا يرجى إسلامه وإن رجى فوجهان : أصحهما جوازه.

مختصر التبيان فى اداب حملة القرأن
للامام النووى رحمه الله

ام حفصه
18 Jun 2011, 01:59 PM
حفظ القرآن اثناء النوم



الحمد لله حمدا كثيرا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون ..



نقلت لكم طريقة إبداعية لحفظ القرآن الحفظ أثناء النوم!
من تجربة صاحبها مع الدليل الديني والعلمي ونرجو التوفيق للجميع



سوف أحدثك عزيزي القارئ عن أحدث طريقة مكتشفة للتعلم أثناء النوم ، وإذا تذكرنا أن أحدنا يمضي ثلث عمره في النوم ندرك أهمية هذا الموضوع، لنقرأ ونستفيد..



فقد وجدتُ طريقة مناسبة للحفظ وهي تكميلية أثناء النوم ! ولذلك أخي القارئ أنصحك أن تستفيد من وقت نومك في حفظ القرآن الكريم!



قصة مع القرآن



لقد كنتُ في فترة من الفترات أستمع إلى القرآن وأنا نائم ، وذلك من خلال آلة التسجيل التي أتركها تعمل وأستمع إلى صوت أحد المقرئين وأنام .
وبعد فترة بدأتُ ألاحظ أن عملية الحفظ قد أصبحت أسهل بكثير، بل وبعد عدة سنوات لاحظتُ أن ما حفظته من القرآن قد تثبت في ذاكرتي ، وقد تمضي سنوات لا أراجع سورة محددة ثم أجد نفسي أحفظها على الرغم من عدم المراجعة!!
وقد وجدتُ تفسيراً لهذه الظاهرة ، وهو أن الحفظ أثناء النوم يترك انطباعا وتأثيراً أكبر بكثير من الحفظ أثناء اليقظة ، ولذلك جعل الله النوم آية من آياته العظمى . وعلينا أن نغتنم الوقت لأن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يؤكد على أهمية الوقت بالنسبة للمؤمن .



حقيقة علمية مذهلة



إذا نام أحدنا بمعدل 8 ساعات كل يوم ، فهذا يعني أنه يمضي ثلث عمره في النوم ، بل إن أكثر شيء نصرف فيه الوقت هو النوم ! ولكن هل يعني أن النوم لا فائدة منه؟ أم أنه آية من آيات الله تعالى عندما قال:
(وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)
[الروم: 23] .



إذن النوم سواء كان في الليل أو في النهار فهو آية أي معجزة من معجزات الله التي ينبغي علينا أن نتفكر فيها .
وانظر معي كيف ختمت الآية بكلمة: (يَسْمَعُونَ) وكأن هنالك علاقة بين حاسة السمع وبين عملية النوم، وهذا ما أثبته العلماء بالصورة الحيةَّ!



فقد قام أحد العلماء بمراقبة أشخاص أثناء نومهم ، وقام بتصوير دماغ كل منهم بطريقة المسح بالرنين المغنطيسي ، وقد وجد أن الدماغ ينشط أثناء النوم ! ثم قام بقراءة بعض المعلومات على هؤلاء النائمين ، وكانت المفاجأة أنه وجد استجابة من الدماغ لما يقرأه ، إذن عملية التعلم تحدث مع العلم أن الإنسان نائم ،



ولكن ما هو التفسير العلمي لهذه الظاهرة الغريبة؟



بل إن الأبحاث الجديدة على الدماغ وفي علم النوم بينت أن



الدماغ لا يهدأ حتى وهو نائم ، بل إن الدماغ يقوم بتثبيت المعلومات التي تعلمها في النهار يثبتها أثناء النوم، فسبحان الله!



إن السماع المتكرر للآيات يعطي الفوائد التالية والمؤكدة:



بينت الصور الملتقطة الدماغ أثناء النوم ، أن الدماغ يقوم بنشاطات العلم والتذكر وتثبيت الحفظ أثناء النوم ، ولذلك يقوم العلماء اليوم بابتكار طريقة جديدة للحفظ أثناء النوم ، فهل نسبقهم ونستفيد من هذه الطريقة التي سخرها الله لنا في حفظ القرآن؟



مصدر المعلومة: جامعة هارفارد الأمريكية.



- زيادة في مناعة الجسم .
- زيادة في القدرة على الإبداع .
- زيادة القدرة على التركيز .
- علاج أمراض مزمنة ومستعصية .
- تغيير ملموس في السلوك والقدرة على التعامل مع الآخرين وكسب ثقتهم.
- الهدوء النفسي وعلاج التوتر العصبي.
- علاج الانفعالات والغضب وسرعة التهور .
- القدرة على اتخاذ القرارات السليمة.
- سوف تنسى أي شيء له علاقة بالخوف أو التردد أو القلق .
- تطوير الشخصية والحصول على شخصية أقوى .
- علاج لكثير من الأمراض العادية مثل التحسس والرشح والزكام والصداع .
- تحسن القدرة على النطق وسرعة الكلام .
- وقاية من أمراض خبيثة كالسرطان وغيره .
- تغير في العادات السيئة مثل الإفراط في الطعام وترك الدخان .



هنالك بعض التساؤلات التي يطرحها بعض الإخوة ممن يقومون بحفظ كتاب الله تعالى بالاعتماد على هذه الطريقة الإبداعية ،



كيف كانت تجربتكم مع تأمل النواحي البلاغية للقرآن الكريم وأنتم أهل الاختصاص العلمي؟



* لا يوجد أجمل من اللحظات التي يعيش فيها المؤمن مع القرآن حفظاً وتأملاً وتدبراً . ومن عظمة القرآن أنه يساعدك على تقوية لغتك العربية بمجرد التكرار والحفظ ، بل إن تكرار قراءة القرآن والاستماع إليه تكسب الإنسان الكثير من النواحي اللغوية والبلاغية .



* ولكن عندما كانت تعترضني بعض الكلمات الصعبة كنت ألجأ إلى بعض التفاسير الميسرة ، أو بعض معاجم اللغة مما أجده سهل الوصول إليه .



* وكنتُ أتأمل آية من القرآن لمدة ساعة مثلاً، وأحاول أن أفكر فيها وفي كلماتها ودلالاتها وتجدني أكتسب معاني جديدة بمجرد التأمل ، ولذلك يقول تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن) [النساء: 82].
ولكن بشرط أن نخلص النية لله تعالى وأن يكون هدفك من حفظ القرآن هو وجه الله تعالى، وليس ليقال عنك إنك حافظ للقرآن!



مهما أعطيت من وقتك للقرآن فلن ينقص هذا الوقت!



بل على العكس ستكتشف دائماً أن لديك زيادة في الوقت . أي أننا لو أنفقنا كل وقتنا على سماع القرآن فسوف نجد أن الله سيبارك لنا في هذا الوقت وسيهيئ لنا أعمال الخير وسيوفر علينا الكثير من ضياع الوقت والمشاكل ، بل سوف تجد أن العمل الذي كان يستغرق معك عدة أيام لتحقيقه ، سوف تجد بعد مداومة سماع القرآن أن نفس العمل سيتحقق في دقائق معدودة!!



اللهم اجعلنا من اهل القرآن



منقول للفائدة

ام حفصه
18 Jun 2011, 02:00 PM
http://www.ajurry.com/vb/images/icons/ss70074.gif فتاوى حول بدع وأخطاء متعلقة بتلاوة القرآن والمصاحف ..!!



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




1- تقبيل القرآن :



سؤال


رأيت في الناس ما لم أسمع به قط ولا رأيت وهو تقبيل القرآن ؟
الجواب


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ........ وبعد :


لا نعلم لتقبيل الرجل القرآن أصلاً


وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم 4172




سؤال :


نلاحظ أن بعض الإخوان عندما يقومون بقراءة القرآن الكريم يقوم بتقبيل المصحف ويمسح به على عينيه ووجهه فهل هذا وارد في الشريعة أرجو إفادتي

جواب :


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد :


لا نعلم لذلك أصلاً في الشرع المطهر .


وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم



اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الثاني عشر من الفتوى 1472


2- حكم استئجار قارئ ليقرأ القرآن الكريم على روح الميت



(‏357‏)‏ وسئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن حكم استئجار قارئ ليقرأ القرآن الكريم على روح الميت‏؟‏



فأجاب بقوله ‏:‏ هذا من البدع وليس فيه أجر لا للقارئ ولا للميت ، ذلك لأن القارئ إنما قرأ للدنيا والمال فقط وكل عمل صالح يقصد به الدنيا فإنه لا يقرب إلى الله ولا يكون فيه ثواب عند الله، وعلى هذا فيكون هذا العمل - يعني استئجار شخص ليقرأ القرآن الكريم على روح الميت - يكون هذا العمل ضائعاً ليس فيه سوى إتلاف المال على الورثة فليحذر منه فإنه بدعة ومنكر‏.‏

3ـ ومن البدع / التهليل بدلاً من سجود التلاوة

سؤال :


عندما نقرأ في كتاب الله وتمر علينا سجدة ونحن في مكان غير المسجد والمصلى كالمدرسة وغيرها نقول : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " أربع مرات فهل يجوز ذلك أو لا ؟ وإذا كان لا يجوز فماذا نفعل ؟ أفتونا رحمكم الله .جواب :


إذا مر القاريء بآية سجدة فإن كان في محل يمكن فيه السجود فليسجد استحباباً ولا يجب السجود على القول الراجح لأنه ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ وهو يخطب يوم الجمعة آية السجدة فنزل وسجد ثم قرأ في الجمعة الثانية فلم يسجد وقال : إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء وإذا لم يسجد فإنه لا يقول شيئاً بدل السجود لأن ذلك بدعة ودليله أن زيد بن ثابت قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها ولم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً يقوله بدلاً عن السجود .



فتاوى إسلامية ج 4 ص 52 الشيخ ابن عثيمين4ـ


ومن البدع // الحلف على المصحف لتأكيد اليمين



سؤال :


شخص حلف على المصحف كذب في أيام الطفولة أي كان يبلغ 15 سنة ولكنه ندم على هذا بعد بلوغه سن الرشد وعرف أن هذا حرام شرعاً فهل عليه إثم أو كفارة ؟
الجواب :



هذا السؤال يتضمن مسألتين المسألة الأولى الحلف على المصحف لتأكيد اليمين وهذه صيغة لا أعلم لها أصلاً من السنة فليست بمشروعة .



وأما المسألة الثانية : فهو حلفه على الكذب وهو عالم بذلك وهذا إثم عظيم يجب عليه أن يتوب إلى الله منه حتى أن بعض أهل العلم يقول : إن هذا من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار فإذا كانت هذه اليمين قد وقعت منه بعد بلوغه فإنه يكون بذلك آثم عليه أن يتوب إلى الله وليس عليه كفارة لأن الكفارة إنما تكون في الأيمان على الأشياء المستقبلة وأما الأشياء الماضية فليس فيها كفارة بل الإنسان دائر فيها بين أن يكون آثماً فيها أو غير آثم فإذا حلف على شيء يعلم أنه كذب فهو آثم وإن حلف على شيء يعلم أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق فليس بآثم .



نور على الدرب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ص 43


5ـ ومن البدع //الفصل بين السورتين بالتكبير

سؤال :


بعض قراء القرآن يفصلون بين السورة والأخرى بقول : " الله أكبر " دون بسملة هل يجوز ذلك وهل له دليل ؟
الجواب :


هذا خلاف مافعل الصحابة - رضي الله عنهم - من فصلهم بين كل سورة وأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا بفصل بالتكبير في جميع سور القرآن غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين .


والصواب أنه ليس بسنة لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة " بسم الله الرحمن الرحيم " إلا في سورة براءة فإنه ليس بينها وبين الأنفال بسملة .



فتاوى إسلامية ( 4/48 ) الشيخ ابن عثيمين


6ـ ومن البدع //تعليق اللوحات المكتوب عليها آيات من القرآن في المنازل وغيرها .



سؤال :


ما رأيكم في البطاقات واللوحات سواء الورقية أو المصنوعة من الخيوط والتي يكتب عليها لفظ الجلالة مقروناً باسم النبي عليه الصلاة والسلام (( الله محمد ))

جواب :


هذه المسألة كثرت في الناس على أوجه متعددة ووضع لفظ الجلالة وبجانبه اسم
الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : " ما شاء الله وشئت " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده " .


وإذا كان الهدف من تعليق لوحة عليها اسم النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل التبرك فهذا غير جائز أيضاً لأن التبرك إنما يكون بالتزام سنة النبي عليه الصلاة والسلام والاهتداء بهديه .


وكذلك بالنسبة لتعليق اللوحات المكتوب عليها آيات من القرآن الكريم في المنازل إذ لم يرد في ذلك عن السلف الصالح - رحمهم الله - ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه التابعين ولا أدري من أين جاءت هذه البدعة فهي في الحقيقة بدعة لأن القرآن إنما نزل ليتلى لا ليعلق على الجدران .


ثم إن في تعليقه على الجدران مفسدة لأن من يفعلون ذلك قد يعتقدون أنه حرز لهم فيستغنون بذلك عن الحرز الصحيح وهو التلاوة باللسان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام عن آية الكرسي : " من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح . "


أيضاً قد لا تخلو المجالس غالباً من الأقوال المحرمة وربما كان فيها شيء من آلات اللهو ولا يجوز أن يجتمع كلام الله في أماكن كهذه لذلك ننصح إخواننا المسلمين بعدم تعليق لوحات تحمل آيات الله أو لفظ الجلالة أو اسم النبي عليه الصلاة والسلام .



(( فتاوى إسلامية " 4/479 " الشيخ ابن عثيمين ) )

وقال الشيخ ابن عثيمين أيضاً :


تعليق الآيات القرآنية على الجدران وأبواب المساجد وما أشبهها هو من الأمور المحدثة التي لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح الذين هم خير القرون كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " .


ولو كان هذا من الأمور المحبوبة إلى الله عز وجل لشرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لأن كل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم فهو مشروع على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم ولو كان هذا من الخير لكان أولئك السلف الصالح أسبق إليه منا ومع هذا فإننا نقول لهؤلاء الذين يعلقون هذه الآيات ماذا تقصدون من هذا التعليق ؟ أتقصدون بذلك احتراماً لكلام الله عز وجل ؟ إن قالوا : نعم ، قلنا : لسنا والله أشد احتراماً لكلام الله سبحانه وتعالى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يعلقوا شيئاً من آيات الله على جدرانهم وجدران مساجدهم وإن قالوا : نريد بذلك التذكير والموعظة قلنا : لننظر إلى الواقع فهل أحد من الناس الذين يشاهدون هذه الآيات المعلقة يتعظ بما فيها قد يكون ذلك ولكنه نادر جداً وأكثر ما يلفت النظر في هذه الآيات المكتوبة حسن الخط أو ما يحيط بها من البراويز أو الزخارف أو ما أشبه ذلك .
ونادراً جداً أن يرفع الإنسان رأسه إليها ليقرأها فيتعظ بما فيها .


وإن قالوا : نريد التبرك بها فيقال : ليس هذا طريق التبرك والقرآن كله مبارك لكن بتلاوته وتفقه معانيه والعمل به لا بأن يعلق على الجدران ويكون كالمتاحف .


وإن قالوا : أردنا بذلك الحماية والورد قلنا : ليس هذا طريق الحماية والورد فإن الأوراد التي تكون من القرآن إنما تمنع صاحبها إذا قرأها كما في قوله صلى الله عليه وسلم فيمن قرأ آية الكرسي في ليلة : " لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح " ومع هذا فإن بعض المجالس أو كثيراً من المجالس التي تكتب فيها هذه الآيات قد يكون فيها اللهو بل قد يكون فيها الكلام المحرم أو الأغاني المحرمة وفي ذلك من امتهان القرآن المعنوي ما هو ظاهر .



(( نور على الدرب فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 24 ))

ام حفصه
18 Jun 2011, 02:02 PM
ياحافظ القرآن أبشر


لنشحذ الهمم ونتعهد كتاب ربنا بالحفظ والعمل ونستحضر مايلى:

1- التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم : فقد كان عليه الصلاة والسلام يحفظه، ويراجعه مع جبريل عليه السلام ومع بعض أصحابه.

2- التأسي بالسلف: قال ابن عبد البر: (طلب العلم درجات ورتب لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله، فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه... ا هـ )

3- حفظه ميسر للناس كلهم، ولا علاقة له بالذكاء أو العمر، فقد حفظه الكثيرون على كبر سنهم. بل حفظه الأعاجم الذين لا يتكلمون العربية، فضلاً عن الأطفال.

4- حفظ القرآن مشروع لا يعرف الفشل ... كيف؟!حين يبدأ المسلم بحفظ القرآن الكريم بعزيمة قوية ثم يدب إليه الكسل والخمول فينقطع عن مواصلة الحفظ، فإن القدر الذي حفظه منه لا يضيع سدى، بل إنه لو لم يحفظ شيئاً فإنه لن يحرم أجر التلاوة، فكل حرف بعشر حسنات.

5- حملة القرآن هم أهل الله وخاصته كما في الحديث، وكفى بهذا شرفاً.

6- حامل القرآن يستحق التكريم، ففي الحديث (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ... الحديث) فأين المشمرون؟

7- الغبطة الحقيقية تكون في القرآن وحفظه، ففي الحديث (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب وقام به آناء الليل ... الحديث).

8- حفظ القرآن وتعلمه خير من متاع الدنيا، ففي الحديث (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل) وتذكر أن الإبل في ذلك الزمان أنفس المال وأغلاه.

9- حافظ القرآن هو أولى الناس بالإمامة، ففي الحديث (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) وتذكر أن الصلاة عمود الدين وثاني أركان الإسلام.

10- حفظ القرآن الكريم رفعة في الدنيا والآخرة، ففي الحديث (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين).

11- حافظ القرآن يقدم في قبره، فبعد معركة أحد وعند دفن الشهداء كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الرجلين في قبر واحد ويقدم أكثرهم حفظاً.

12- وفي يوم القيامة يشفع القرآن لأهله وحملته، وشفاعته مقبولة عند الله تعالى، ففي الحديث (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه). فهنيئاً لمن يشفع له هذا الكتاب العظيم في ذلك اليوم العصيب.

13- حفظ القرآن سبب للنجاة من النار، ففي الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) رواه أحمد وغيره. ويقول أبو أمامة: إن الله لا يعذب بالنار قلباً وعى القرآن.

14- إن حفظه رفعة في درجات الجنة، ففي الحديث (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارقى ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها). قال ابن حجر الهيتمي: الخبر خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها.

15- حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة، ففي الحديث – واللفظ للبخاري - : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة) فيا له من شرف أن تكون مع من قال الله فيهم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ } (عبس من الآية 13 :16) .

16- حافظ القرآن أكثر الناس تلاوة له، فحفظه يستلزم القراءة المكررة، وتثبيته يحتاج إلى مراجعة دائمة، وفي الحديث (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).

17- حافظ القرآن يقرأ في كل أحواله، فبإمكانه أن يقرأ وهو يعمل أو يقود سيارته أو في الظلام، ويقرأ ما شياً ومستلقياً، فهل يستطيع غير الحافظ أن يفعل ذلك؟

18- حافظ القرآن لا يعوزه الاستشهاد بآيات القرآن الكريم في حديثه وخطبه ومواعظه وتدريسه، أما غير الحافظ فكم يعاني عند الحاجة إلى الاستشهاد بآية، أو معرفة موضعها.







يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " إن لله تعالى أهلين من الناس أهل القرآن هم أهل الله وخاصته " . ‌ تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2165 في صحيح الجامع

ام حفصه
18 Jun 2011, 02:02 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حيا الله الإخوان على طاعة الله ، احببت أن انقل هذا الموضوع لما فيه من الأهمية ، نرى الآن كثيرا من الناس همهم الوحيد في رمضان ختم القرآن عدة مرات ، حتى انهم اصبحوا يتفاخرون بكثرة الختمات متجاهلين ما هو القصد من قراءة القرآن ،
فرأيت ان انقل هذا الموضوع من بعض الكتب المعروفة ـ مختصر زاد المعاد لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
حتى يستفيد الإخوة و ينبهوا بعضهم البعض و الله الموفق .


{ فصل في هديه صلى الله عليه و سلم في قراءة القرآن }



.... و كان صلى الله عليه و سلم يرتل السورة حتى تكون أطول من أطول منها ، و المقصود من القرآن تدبره و تفهمه ، و تلاوته و حفظه و سيلة إلى معانيه ، كما قال بعض السلف: نزل القرآن ليعمل به ن فاتخذوا تلاوته عملا ، . قال شعبة رحمه الله حدثنا أبو حمزة قال قلت لابن عباس : إني رجل سريع القراءة ، و ربما قرأة القرآن في الليلة مرة أو مرتين ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ،لأن أقرأ سورة واحدة ، اعجب إلي من أن أفعل ذلك الذي تفعل ن فإن كنت فاعلا و لابد ن فاقرأ قراءة تسمع أذنيك ، و يعـيه قلبك .
و قال إبراهيم : قرأ علقمة على عبد الله ، فقال : رتل فداك أبي و أمي ، فإنـــه زيــــن القـــرآن .
و قال عبد الله : لا تـهدُّوا القرآن هـدَّ الشعر ، و لا تنثروه نثر الدَّقـل ، و قفوا عنــــد عجائبه ، و حركوا به القلوب ، و لا يكن هَــمُّ احدكم آخر الســورة .
و قال : إذا سمعت الله يقول : { يــــَأَيـُّهـَـا الـَّذِينَ آمَــنُوا } فــأصغ لها سمعك ، فإنه خير تؤمر به ، أو شر تصرف عنه ، و قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : دخلت عليَّ امرأة و أنا أقرأ سورة هود فقالت لي : يا عبد الرحــمن هكذا تقرأ سورة هــود ؟ و الله إني فيها منذ ستة أشهر و ما فرغت من قراءتها .
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُسِـرُّ بالقراءة في صــلاة الليـل تــارة ، ويجهـر تـارة ، و يطيــل القيام تــارة ، و يخففه تــارة ، و كان يصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر ، قبل أي وجه توجهت به ، فيركع و يسجد عليها إيماء ، و يجعل سجوده أخفض مــن ركوعه .



المرجـــع : مختصر زاد المعاد في هدي خير العباد
لشيخ الإسلام بن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ
اختصار شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
صفحة ــ 34/35
و للاستفادة ارجع إلى زاد المعاد ـ بتحقيق و تعليق شعيب الأرناؤوط و عبد القادر الأرناؤوط
مؤسسة الرسالة ـ المجلد الأول /صـ 326/327


</I>

ام حفصه
18 Jun 2011, 02:03 PM
هذه هي أخلاق أهل القرآن يا أهل القرآن



قال بشر بن الحارث : سمعت عيسى بن يونس يقول : ذا ختمَ العبدُ قبّل الملَك بين عينيه، فينبغي له أن يجعلَ القرآن ربيعاً لقلبه، يَعْمُرُ ماخرِبَ من قلبِهِ، يتأدبُ بآدابِ القرآن،ويتخلّقُ بأخلاقٍ شريفةٍ يتميّز بها عن سائرِ النّاس ممن لايقرأ القرآن .

فأول ماينبغي له أن يستعملَ تقوى الله في السّرّ والعلانية: باستعمال الورع في مطعمه ومشربه ومكسبه، وأن يكونَ بصيراً بزمانه وفساد أهله، فهو يحذرهم على دينه؛ مقبلاً على شأنه، مهموماً بإصلاح مافسد من أمره، حافظاً للسانه، مميِّزاً لكلامه؛ إن تكلّم تكلّم بعلم إذا رأى الكلامَ صواباً، وإن سكت سكت بعلم إذا كان السكوت صواباً، قليلَ الخوض فيما لايعنيه.. يخاف من لسانه أشدّ مما يخاف من عدوّه، يحبس لسانه كحبسه لعدوّه، ليأمن شرّه وسوءَ عاقبتِه؛ قليلَ الضّحك فيما يضحك منه النّاس لسوء عاقبة الضّحك، إن سُرَّ بشيءٍ مما يوافقُ الحقَّ تبسَّم، يكره المزاح خوفاً من اللعب، فإن مزح قال حقاً، باسطَ الوجه، طيّب الكلام، لايمدحُ نفسه بما فيه، فكيف بما ليس فيه، يحذر من نفسه أن تغلبه على ما تهوى مما يُسخط مولاه، ولايغتابُ أحداً ولا يحقر أحداً، ولايشمت بمصيبة، ولا يبغي على أحد، ولا يحسده، ولا يسيءُ الظنّ بأحدٍ إلا بمن يستحق؛ وأن يكون حافظاً لجميع جوارحه عمّا نُهي عنه، يجتهد ليسلمَ النّاسُ من لسانه ويده، لا يظلم وإن ظُلم عفا، لا يبغي على أحد، وإن بُغي عليه صبر، يكظم غيظه ليرضي ربّه، ويغيظَ عدوّه. وأن يكون متواضعاً في نفسه، إذا قيل له الحق قَبِله من صغيرٍ أو كبير، يطلب الرفعة من الله تعالى لامن المخلوقين .

وينبغي أن لا يتأكلَ بالقرآن ولا يحبّ أن تُقضى له به الحوائج، ولا يسعى به إلى أبناء الملوك، ولا يجالس الأغنياء ليكرموه، إن وُسِّع عليه وسَّع، وإن أُمسِك عليه أمسَك. وأن يُلزم نفسه بِرَّ والديه: فيخفضُ لهما جناحه، ويخفصُ لصوتهما صوته، ويبذل لهما ماله، ويشكر لهما عند الكبر. وأن يصلَ الرحم ويكره القطيعة، مَن قطعه لم يقطعه، ومن عصى الله فيه أطاع الله فيه، مَن صحِبه نفعه، وأن يكون حسن المجالسة ل

قال النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن :الباب الخامس في آداب حامل القرآن
قد تقدم جمل منه في الباب الذي قبل هذا ومن آدابه أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن وأن يكون مصونا عن دنئ الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار * فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصحته إذا الناس يخوضون، ويخسوعه إذا الناس يختالون وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار

وعن الفضيل بن عياض قال ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم وعنه أيضا قال حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن بعده عهه التكسب به [ فصل ] ومن أهم ما يؤمر به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها
جعلنا الله تعالى ممن يتأدب بآداب القرآن، ويتخلق بأخلاقه.

عبدالله الكعبي
19 Jun 2011, 01:52 PM
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا على الموضوع

ام حفصه
19 Jun 2011, 01:57 PM
وفيكم بارك الله اخي اليزيدي ---

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:01 PM
أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري
بتعليق الشيخ
عبدالله بن عبدالرحمن الشثري
درس علمي ضمن الدورة العلمية الخامسة عشرة بجامع شيخ الاسلام ابن تيمية - 1429
الرياض .:: جامع شيخ الإسلام ابن تيمية ::.
الحلقات المسجلة

http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52033



http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52101



http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52173




http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52245



http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52308



http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=52358

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:02 PM
قال الإمام ابن القيـــــم رحمه الله تعالى :-


(( لقد مر بي وقت في مكـــــة سقمت فيه ،
ولا أجد طبيباً ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة ،
فأرى لها تأثيراً عجيباً ،
آخذ شربة من مـــــــاء زمـــــــزم
وأقرؤها عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ،
ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع
فأنتفع به غاية الانتفاع ،
فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً
فكان كثير منهم يبرأ سريعاً ))


انظر : زاد المعاد 4/ 178 ، والجواب الكافي ص 21


أسأل الله الشافي المعافي....... شفاء عاجلا لجميع مرضانا ومرضى المسلمين
و صلى الله على نبينا محمد http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif وعلى آله وصحبه أجمعين .......




هل يعالج المسلم نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء؟

هل يمكن للمسلم أن يعالج نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء؟


الشيخ ابن باز :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أحس بمرض ينفث في يديه (ثلاث مرات) بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[1] (http://www.binbaz.org.sa/mat/1899#_ftn1)و(المعوذتين)، ويمسح بهما في كل مرة ما استطاع من جسده عند النوم عليه الصلاة والسلام، بادئاً برأسه ووجهه وصدره، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح، ورقاه جبرائيل لما مرض في الماء بقوله: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) (ثلاث مرات)، وهذه الرقية مشروعة ونافعة. وقد قرأ صلى الله عليه وسلم في ماء لثابت بن قيس رضي الله عنه، وأمر بصبه عليه، كما روى ذلك أبو داود في الطب بإسناد حسن... إلى غير هذا من أنواع الرقية التي وقعت في عهده عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم رقى بعض المرضى بقوله: ((اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)).

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:03 PM
((وحدثنى أخى الشيخ محفوظ الشنقيطي -مدير عام العلاقات بمجمع الملك فهد للمصحف الشريف - عن شيخ القراء بالمجمع الشيخ عامر السيد عثمان -رحمه الله تعالى- أنه فقد حباله الصوتية في السنوات السبع الأخيرة من حياته وكان يدرس تلاميذه القراءة فلا يفصح لهم إلا بشهيق وإيماء .

ثم مرض مرض الوفاة وكان طريح السرير الأبيض بالمستشفى ففوجئ أهل المستشفى بالرجل المريض فاقد الحبال الصوتية يقعد ويدندن بكلام الله بصوت جهورى جذاب مدة ثلاثة أيام ختم فيهن القراءة من سورة الفاتحة إلى سورة الناس ثم أسلم الروح إلى بارئها .)) أ.هـ

سبحان الله .

هذا رجل أكرمه الله بقراءة وتدريس القرآن وتوفاه بعد قراءته وختمه رغم فقد الصوت وأحسب هذا من حسن الخاتمة ولا نزكى على الله أحداً والله حسيبه .

نسأل الله أن يشغلنا بالقرآن والسنة ويجنبنا الرأى والظن والجدل والخوض فيما لا يفيد وأن يحسن خاتمتنا .

اللهم آ مين .

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:07 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:-


خيركم من تعلم القرآن وعلمه


قال الإمام المحدث العلامة الشيخ

محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -

في السلسلة الصحيحة ( حديث رقم 1173) ,


معلقا على الحديث الذي رواه أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان مرفوعا :

(( خيركم من تعلم القرأن وعلمه )) :


وفي هذا الحديث :

إشارة إلى تعلم القرآن , وأن خير المعلمين هو معلم القرآن ,
وأن خير ما تعلم المرء هو تعلم القرآن ,
فياليت طلاب العلم يعلمون ذلك فإن فيه النفع العظيم ,


وإنه مما عمت به البلوى في زماننا هذا
أنك تجد كثيرا من الدعاة أو المبتدئين في طلب العلم


يتصدر للدعوة والفتيا والإجابة على أسئلة الناس
وهو لا يحسن قراءة الفاتحة بالمخارج الصحيحة لكل حرف فتراه ي
نطق السين ضادا والطاء تاء والذال زايا والثاء سينا ,
ويقع في اللحن الجلي فضلا عن اللحن الخفي ,

والمفروض - بداهة -


أن يحسن قراءة القرآن عن حفظه ,
لكي يحسن استخراج الآيات والإستدلال بها في مواعظه ودروسه ودعوته.



فتراه ينشغل بالتصحيح والتضعيف والرد على العلماء والترجيح بينهم ,
وتسمع منه دائما كلمات هي أعلى من المستوى الذي هو عليه فتراه يقول :
’’ أرى , وقلت , وقولي في المسألة كذا , والرأي الراجح عندي كذا ... ‘‘.



ومن عجيب الأمر أنك تجد مثل هؤلاء


لا يتحدث عن مسألة من المسائل المتفق عليها ,
بل دائما - إلا من رحم الله -

يتحدث في مسائل الخلاف حتى يدلي بدلوه فيها
وإن تعسر عليه ذلك تراه يرجح بين الأقوال ,



أعوذ بالله من الرياء وحب السمعة والظهور .


وأنصح نفسي أولا وهؤلاء ثانيا :-
أن خير ما بدأ به طالب العلم هو
حفظ القرآن

لقوله تعالى : << فذكر بالقرآن من يخاف وعيد >>.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


رحم الله الإمام الألباني ونفع الله بعلمه
وجعل الله الفردوس الأعلى من الجنة له مستقراً ومنزلاً


المصدر: -

http://www.alalbany.net/misc007.php

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:09 PM
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=1184&stc=1&d=1237025845



ستجد في المرفقات(أسفل الصفحة) :
v مطوية على صيغة ملف وورد



لفضيلة الشيخ : د / عبد المحسن بن محمد القاسم
إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف


· الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه الطريقة تتميز بقوة الحفظ ورسوخه ، وسرعة الحفظ والانتهاء من ختم القرآن سريعا ، وهذه الطريقة مع التمثيل بوجه واحد من سورة الجمعة ما يلي :

1 ـ تقرأ الآية الأولى عشرين مرة : ( يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) .
2 ـ تقرأ الآية الثانية عشرين مرة : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
3 ـ تقرأ الآية الثالثة عشرين مرة : ( وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).
4 ـ تقرأ الآية الرابعة عشرين مرة : ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ).

5 ـ تقرأ هذه الأربع من أولها إلى آخرها للربط بينها عشرين مرة .

6 ـ تقرأ الآية الخامسة عشرين مرة : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .
7 ـ تقرأ الآية السادسة عشرين مرة ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) .
8 ـ تقرأ الآية السابعة عشرين مرة : ( وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) .
9 ـ تقرأ الآية الثامنة عشرين مرة : مثل ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

10 ـ تقرأ من الآية الخامسة إلى الآية الثامنة : عشرين مرة للربط بينها .


11 ـ تقرأ من الآية الأولى إلى الآية الثامنة : عشرين مرة لإتقان هذا الوجه .

وهكذا تلتزم هذه الطريقة في كل وجه لكل القرآن ولا تزد في اليوم الواحد عن حفظ أكثر من ثمن لئلا يزيد عليك المحفوظ فيتلفت الحفظ .
v إذا أردت حفظ وجه جديد في يوم غد فكيف أفعل ؟

ـ إذا أردت أن تحفظ الوجه الآخر في اليوم التالي فقبل أن تحفظ الوجه الجديد بالطريقة التي ذكرتها لك ، تقرأ من أول الوجه إلى آخره عشرين مرة ليكون محفوظ الوجه السابق راسخا ، ثم تنتقل إلى حفظ الوجه الجديد على الطريقة التي أشرت إليها .








v كيف أجمع بين الحفظ والمراجعة ؟


ـ لا تحفظ القرآن بدون مراجعة ، فذلك لو حفظت القرآن وجهًَِا وجهًا حتى تختم القرآن ، وأردت الرجوع إلى ما حفظته وجدت نفسك قد نسيت ما حفظته ، والطريقة المثلى أن تجمع بين الحفظ والمراجعة ، وقسم القرآن عندك ثلاثة أقسام كل عشرة أجزاء قسم ، فإذا حفظت في اليوم وجها فراجع أربعة أوجه حتى تحفظ عشرة أجزاء ، فإذا حفظت عشرة أجزاء ، توقف شهرًا كاملاً للمراجعة ، وكل يوم تراجع ثمانية أوجه .
ـ وبعد شهر من المراجعة ابدأ في بقية الحفظ تحفظ وجها أو وجهين حسب القدرة ، وتراجع ثمانية أوجه حتى تحفظ عشرين جزءا فإذا حفظت عشرين جزءا ، توقف عن الحفظ مدة شهرين لمراجعة العشرين جزءا ، كل يوم تراجع ثمانية أوجه ، فإذا مضى شهران على المراجعة ، ابدأ في الحفظ كل يوم وجها أو وجهين حسب القدرة ، وتراجع ثمانية أوجه حتى تنتهي من حفظ القرآن كاملاً .

ـ فإذا انتهيت من حفظ القرآن ، راجع العشرة الأجزاء الأولى بمفردها مدة شهر ، كل يوم نصف جزء ، ثم تنتقل إلى العشرين جزءا مدة شهر ، كل يوم نصف جزء ، وتقرأ من العشرة الأجزاء الأولى ثمانية أوجه ، ثم تنتقل إلى مراجعة العشرة الأخيرة من القرآن مدة شهر كل يوم نصف جزء مع ثمانية أوجه من العشرة الأجزاء الأولى ، وثمانية أوجه من العشرين جزءا .


v كيف أراجع القرآن كاملاً إذا انتهيت من هذه المراجعة ؟


ـ ابدأ بمراجعة القرآن كاملا ، كل يوم جزءان ، أن تكرره ثلاث مرات كل يوم وتكون في كل أسبوعين تختم القرآن كاملا بالمراجعة .
وبهذه الطريقة تكون خلال سنة قد حفظت القرآن كاملا بإتقان ، وافعل هذه الطريقة سنة كاملة .


v ماذا أفعل بعد سنة من حفظ القرآن ؟


ـ بعد سنة من إتقان القرآن ومراجعته ، ليكن حزبك اليومي من القرآن حتى مماتك هو حزب النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يحزب القرآن سبعا ، أي كل سبعة أيام يختم القرآن ، قال أوس بن حذيفة رحمه الله : سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف تحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث سور ، وخمس سور ، وسبع سور ، وتسع سور ، وإحدى عشر سورة ، وحزب المفصل من قاف حتى يختم . رواه أحمد .
ـ أي في اليوم الأول يقرأ من <سورة الفاتحة> إلى نهاية <سورة النساء> وفي اليوم الثاني : يقرأ <سورة المائدة> إلى نهاية <سورة التوبة> وفي اليوم الثالث : يقرأ <من سورة يونس> إلى نهاية <سورة النحل> وفي اليوم الرابع يقرأ من <سورة الإسراء> إلى نهاية <سورة الفرقان> وفي اليوم الخامس : يقرأ من <سورة الشعراء> إلى نهاية <سورة يس> وفي اليوم السادس : يقرأ من <سورة الصافات> إلى نهاية <سورة الحجرات> ، وفي اليوم السابع : يقرأ من <سورة ق> إلى نهاية <سورة الناس> .

ـ وحزب النبي صلى الله عليه وسلم جمعه العلماء في قولهم ( فمي بشوق ).

ـ فكل حرف من هاتين الكلمتين هو بداية حزب النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم ، فحرف الفاء في قولهم ( فمي ) رمز لسورة الفاتحة يشير إلى أنه حزبه في اليوم الأول يبدأ من سورة الفاتحة ، وحرف الميم في قولهم ( فمي ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم الثاني يبدأ من <سورة المائدة> وحرف الياء في قولهم ( فمي ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم الثالث يبدأ من <سورة يونس> وحرف الباء في قولهم ( بشوق ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم الرابع يبدأ من سورة <بني إسرائيل> ، والتي تسمى أيضا <سورة الإسراء> وحرف الشين في قولهم ( بشوق ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم الخامس يبدأ من <سورة الشعراء> ، وحرف الواو في قولهم ( بشوق ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم السادس يبدأ من <سورة والصافات> ، وحرف القاف في قولهم ( بشوق ) يشير إلى أن بداية حزبه في اليوم السابع يبدأ من <سورة ق> إلى نهاية <سورة الناس> وأما تحزيب القرآن الحالي فهو من وضع الحجاج بن يوسف .


v كيف أفرق بين المتشابهات في القرآن ؟


ـ أفضل طريقة أنه إذا وقع عندك تشابه في آيتين ، فافتح المصحف على كلتا الآيتين ، وانظر ما الفرق بينهما ، وتأمله ، وضع لنفسك ضابطاً ، وأثناء مراجعتك ، الحظ ذلك الفرق مرارًا حتى تتقن المتشابه الذي بينهما .


v قواعد وضوابط في الحفظ :

1 ـ يجب أن يكون حفظك على شيخ لتصحيح التلاوة .
2 ـ احفظ كل يوم وجهين ، وجها بعد الفجر ، ووجها بعد العصر أو بعد المغرب وبهذه الطريقة تحفظ القرآن كاملا متقنا خلال سنة ، ويكون حفظك متقنا ، أما إذا أكثرت من الحفظ فإن المحفوظ يضعف .
3 ـ الحفظ يكون من سورة الناس إلى سورة البقرة ، لأنه أيسر ، وبعد حفظك للقرآن تكون مرجعتك من البقرة إلى الناس .
4 ـ الحفظ يكون من مصحف موحد في الطبعة ليكون معينا على رسوخ الحفظ وسرعة الاستذكار لمواطن الآيات وأواخر الصفحات وأولها .
5 ـ كل من حفظ في السنتين الأوليين يتفلت عليه المحفوظ ، وهذه تسمى ( مرحلة التجميع ) فلا تحزن من تفلت القرآن منك أو كثرة خطئك ، وهذه مرحلة صعبة للابتلاء ، للشيطان منها نصيب ليوقفك عن حفظ القرآن ، فدع عنك وساوسه ، واستمر في حفظه ، فهو كنز لا يعطى لأي أحد .


الملفات المرفقة


http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=68&d=1171773495

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:10 PM
آداب قراءة القرآن للعثيمين



في آداب قراءة القرآن
الحمد لله الذي لشرعه يخضع من يعبد ، ولعظمته يخشع من يركع ويسجد , ولطيب مناجاته يسهر المتهجد ولا يرقد ، ولطلب ثوابه يبذل المجاهد نفسه ويجهد ، يتكلم سبحانه بكلامٍ يَجِلُّ أن يُشابه كلام المخلوقين ويبعد ، ومن كلامه كتابه المنزل على نبيه أحمد نقرؤه ليلا ونهارا ونردد ، فلا يخلق عن كثرة الترداد ولا يُمَلُّ ولا يُفَنَّد ، أحمده حمد من يرجو الوقوف على بابه غير مُشَرَّد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من أخلص لله وتعبَّد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قام بواجب العبادة وتَزَوَّد ، صلى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكر الصديق الذي ملأ قلوب مبغضيه قرحات تنفد , وعلى عمر الذي لم يزل يُقَوِّي الإسلام ويعضد , وعلى عثمان الذي جاءته الشهادة فلم يتردد , وعلى علي الذي ينسف زرع الكفر بسيفه ويحصد , وعلى سائر آله وأصحابه صلاة مستمرة على الزمان المؤبَّد , وسلم تسليما .
إخواني : إن هذا القرآن الذي بين أيديكم تتلونه وتسمعونه وتحفظونه وتكتبونه ، هو كلام ربكم رب العالمين ، وإله الأولين والآخرين ، وهو حبله المتين ، وصراطه المستقيم ، وهو الذكر المبارَك والنور المبين ، تكلَّم الله به حقيقة على الوصف الذي يليق بجلاله وعظمته ، وألقاه على جبريل الأمين أحد الملائكة الكرام المقربين ، فنزل به على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين ، وصفه الله بأوصاف عظيمة لتعظموه وتحترموه فقال تعالى :
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [ البقرة : 185 ] ،
{ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } [ آل عمران : 58 ] ،
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا } [ النساء : 174 ] ،
{ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ }{ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } [ المائدة : 15 - 16 ] ،
{ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ يونس : 37 ] ،
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ يونس : 57 ] .
{ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } [ هود : 1 ] ،
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] ،
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }{ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } [ الحجر : 87 - 88 ] ،
{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [ النحل : 89 ] ،
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا }{ وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }
[ الإسراء : 9 - 10 ] ،
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا } [ الإسراء : 82 ] ،
{ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا
بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } [ الإسراء : 88 ] ،
{ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى }{ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى }{ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا } [ طه : 2 - 4 ]
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } [ الفرقان : 1 ] ،
{ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ }{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ }{ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ }{ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ }{ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ }{ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 192 - 197 ]
، { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ }{ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } [ الشعراء : 210 - 211 ] ،
{ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } [ العنكبوت : 49 ] ،
{ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ }{ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } [ يس : 69 - 70 ] ،
{ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ ص : 29 ] .
{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } [ ص : 67 ] ،
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ } [ الزمر : 23 ] ،
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ }{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 41 - 42 ] ،
{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا } [ الشورى : 52 ] ،
{ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ } [ الزخرف : 4 ] ، { هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ الجاثية : 20 ] ،
{ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } [ ق : 1 ] ،
{ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ }{ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ }{
إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }{ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }{ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الواقعة : 75 - 80 ] ،
{ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [ الحشر : 21 ] ،
وقال تعالى عن الجن : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } [ الجن : 1 ] ،
وقال تعالى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ }{ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } [ البروج : 21 - 22 ] .
فهذه الأوصاف العظيمة الكثيرة التي نقلناها وغيرها مما لم ننقله تدل كلها على عظمة هذا القرآن ، ووجوب تعظيمه والتأدب عند تلاوته ، والبعد حال قراءته عن الْهُزْء واللعب .
فمن آداب التلاوة إخلاص النية لله تعالى فيها ؛ لأن تلاوة القرآن من العبادات الجليلة كما سبق بيان فضلها ، وقد قال الله تعالى : { فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } [ غافر : 14 ] ، وقال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } [ البينة : 5 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « اقرءوا القرآن وابتغوا به وجه الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه » (1) ، ومعنى يتعجلونه يطلبون به أجر الدنيا .
* ومن آدابها : أن يقرأ بقلب حاضر يتدبر ما يقرأ ويتفهم معانيه ، ويخشع عند ذلك قلبه ، ويستحضر بأن الله يخاطبه في هذا القرآن لأن القرآن كلام الله عز وجل .
* ومن آدابها : أن يقرأ القرآن على طهارة لأن هذا من تعظيم كلام الله عز وجل ، ولا يقرأ القرآن وهو جنب حتى يغتسل إن قدر على الماء ، أو يتيمم إن كان عاجزا عن استعمال الماء لمرض أو عدم ، وللجنب أن يذكر الله ويدعوه بما يوافق القرآن إذا لم يقصد القرآن ، مثل أن يقول : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
_________
(1) رواه أحمد , وإسناده حسن .

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:11 PM
* ومن آدابها : أن لا يقرأ القرآن في الأماكن المستقذرة ، أو في مجمع لا يُنْصَت فيه لقراءته لأن قراءته في مثل ذلك إهانة له ، ولا يجوز أن يقرأ القرآن في بيت الخلاء ونحوه مما أعد للتبول أو التغوط لأنه لا يليق بالقرآن الكريم .
* ومن آدابها : أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند إرادة القراءة لقوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [ النحل : 98 ] ، ولئلا يصده الشيطان عن القراءة أو كمالها ، وأما البسملة فإن كان ابتداء قراءته من أثناء السورة فلا يُبَسْمِل ، وإن كان من أول السورة فليبسمل إلا في سورة التوبة فإنه ليس في أولها بسملة ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أشكل عليهم حين كتابة المصحف هل هي سورة مستقلة أو بقية الأنفال ؟ ففصلوا بينهما بدون بسملة , وهذا الاجتهاد هو المطابِق للواقع بلا ريب , إذ لو كانت البسملة قد نزلت في أولها لبقيت محفوظة بحفظ الله عز وجل , لقوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] .
* ومن آدابها : أن يُحَسِّن صوته بالقرآن ويَتَرَنَّمَ به , لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ما أذن الله لشيء ( أي : ما استمع لشيء ) كما أذن لنبي حسن الصوت يَتَغَنَّى بالقرآن يجهر به » (1) ، « وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فما سمعت أحد أحسن صوتا أو قراءة منه » صلى الله عليه وسلم (2) ، لكن إن كان حول القارئ أحد يتأذى بجهره في قراءته كالنائم والمصلي ونحوهما فإنه لا يجهر جهرا يشوش عليه أو يؤذيه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون ويجهرون بالقراءة فقال : « إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن » (3) .
_________
(1) متفق عليه .
(2) متفق عليه .
(3) رواه مالك في الموطأ , قال ابن عبد البر : وهو حديث صحيح .



* ومن آدابها : أن يرتل القرآن ترتيلا , لقوله تعالى : { وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } [ المزمل : 4 ] ، فيقرأه بتمهل بدون سرعة ؛ لأن ذلك أعون على تدبر معانيه وتقويم حروفه وألفاظه ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه « أنه سئل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كانت مَدًّا , ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم , يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم » (1) ، « وسئلت أم سلمة رضي الله عنها عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : كان يُقَطِّع قراءته آية آية , { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } * { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } * { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } * { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }» (2) ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لا تنثروه نثر الرمل ولا تهذُّوه هَذَّ الشعر , قفوا عند عجائبه ، وحرِّكوا به القلوب , ولا يكن هَمُّ أحدكم آخر السورة ، ولا بأس بالسرعة التي ليس فيها إخلال باللفظ : بإسقاط بعض الحروف أو إدغام ما لا يصح إدغامه , فإن كان فيها إخلال باللفظ فهي حرام لأنها تغيير للقرآن .
_________
(1) رواه البخاري .
(2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي .


* ومن آدابها : أن يسجد إذا مر بآية سجدة وهو على وضوء في أي وقت كان من ليل أو نهار , فيكبِّر للسجود ويقول : سبحان ربي الأعلى , ويدعو , ثم يرفع من السجود بدون تكبير ولا سلام , لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم , إلا أن يكون السجود في أثناء الصلاة فإنه يكبر في الصلاة إذا سجد وإذا قام « لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يكبر كلما خفض ورفع ، ويُحَدِّث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك » (1) ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : « رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود » (2) ، وهذا يعم سجود الصلاة وسجود التلاوة في الصلاة .
هذه بعض آداب القراءة فتأَدَّبوا بها واحرصوا عليها وابتغوا بها من فضل الله .
اللهم اجعلنا من المعظِّمين لحرمتك , الفائزين بهباتك , الوارثين لجناتك , واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
_________
(1) رواه مسلم .
(2) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه .



مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين 242/20
المحقق : فتاوى العقيدة جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان
الناشر : دار الوطن - دار الثريا
الطبعة : الأخيرة - 1413 هـ
عدد الأجزاء :
20

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:11 PM
رمضان والقــــــرآن
إبراهيم بن محمد الحقيل





{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا }
أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله أخشى الناس لربه واتقاهم لمولاه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد: ففي رمضان يقبل كثير من الناس على كتاب الله تعالى قراءة وحفظاً وأحيانا تفسيراً وتدبراً وما ذاك إلا لأن رمضان موسم للخيرات تتنوع فيه الطاعات وينشط فيه العباد بعد أن سلسلت الشياطين ، وفتحت أبواب الجنان ، وغلقت أبواب النيران .
ورمضان هو الشهر الذي أنزل فيه القرآن (هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) البقرة:185 وكان جبريل يدارس فيه رسول الله القرآن فالحديث عن القرآن في رمضان له مناسبته وله خصوصيته لاسيما مع إقبال الناس عليه .


من فضائل القــران
1ـ انه هدى : وصف هذا القرآن بأنه (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) أي يهتدون بآياته ومعانيه حتى يخرجهم من ظلمات الشرك والجهل والذنوب إلى نور التوحيد والعلم والطاعة يهتدون به فيما يعود عليهم بالصلاح في دنياهم وأخراهم كما قال سبحانه (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) الإسراء

2ـ أن عبره أعظم العبر ومواعظه أبلغ المواعظ وقصصه أحسن القصص كما في قول الله تعالى ( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف

3ـ إنه شفاء كما في قوله سبحانه ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) .
شفاء للصدور من الشبه والشكوك والريب والأمراض التي تفتك بالقلوب والأبدان ولكن هذا الشفاء لا ينتفع به إلا المؤمنون كما قال تعالى ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراًً ) [الإسراء] وقال سبحانه ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ )

3 ـ أنه حسم أكثر الخلاف بين اليهود والنصارى في كثير من مسائلهم وتاريخهم وأخبارهم كاختلافهم في عيسى وأمه عليه السلام واختلافهم في كثير من أنبيائهم قال تعالى ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) [النمل] [انظر : تفسير ابن كثير 3/597] .
فأهل الكتاب لو كانوا يعقلون لأخذوا تاريخهم وأخبار سابقيهم من هذا الكتاب الذي ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) [فصلت].
لكن كيف يغفل ذلك أهل الكتاب وكثير من المؤمنين وقد زهدوا في كتابهم وتبعوا اليهود والنصارى حذو القذة بالقذه ؟
فالمؤمن بهذا الكتاب يمتلك من أخبار الصدق ما لا يمتلك اليهود والنصارى عن دينهم الذي زورت كثير من حقائقه وأخباره على أيدي أحبار السوء ورهبان الكذب .

5ـ أن القرآن العظيم حوى كثيراً من علوم الدنيا تصريحاً او تلميحاً أو إشارة أو إيماءً . ولا يزال البحث العلمي في علوم الإنسان أو الحيوان أو النبات والثمار والأرض والبحار والفضاء والأفلاك والظواهر الكونية والأرضية يتوصل إلى معلومات حديثه مهمة ذكرها القرآن قبل قرون طويلة مما جعل كثيراً من الباحثين الكفار يؤمنون ويهتدون قال تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) وقال (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) . فكل ما يحتاج إليه البشر لإصلاح حالهم ومعادهم موجود في القرآن كما دلت الآيتان السابقتان ولا يعني ذلك الاكتفاء عن السنة النبوية لأن من اتبع القرآن وعمل بما فيه لابد أن يأخذ السنة ويعمل بما فيها ذلك أن القرآن أحال على السنة في كثير من المواقع كما في قوله تعالى ( وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) وقوله (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وبين سبحانه انه من أحبه فلابد أن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم كما في قوله ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) واتباع الرسول متمثل في الأخذ بسنته والعمل بما فيها .

6- يتميز القرآن بميزة تظهر لكل واحد وهي : سهولة لفظه ووضوح معناه كما قال تعالى ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) قال ابن كثير رحمه الله (أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراد ؛ ليتذكر الناس) [تفسير ابن كثير 4/411] قال مجاهد (هونا قراءته) [تفسير الطبري 27/96] وقال السدي ( يسرنا تلاوته على الألسن ) [تفسير ابن كثير 4/411] وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله : ( لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع احد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل) [تفسير ابن كثير 4/411] .
وقال سبحانه ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)
هذه آية من أعظم الآيات ودليل من أوضح الأدلة على عظمة هذا القرآن وإعجازه فحفظه وإتقانه أيسر واهون من سائر الكلام وقراءته ميسره حتى إن بعض الأعاجم ليستطيع قراءته وهو لا يعرف العربية سواه وحتى إن كثير من الأميين لا يستطيع أن يقرأ غيره .
وأما المعنى : فنجد أن كلاً من الناس يأخذ منه حسب فهمه وإدراكه ؛ فالعامي يفهمه إجمالاً ، وطالب العلم يأخذ منه على قدر علمه ، والعالم البحر يغوص في معانيه التي لا تنتهي حتى يستخرج منه علوماً وفوائد ربما أمضى عمره في سوره أو آية واحده ولم ينته من فوائدها ومعانيها .

قيل : ( إن شيخ الإسلام أبا إسماعيل الهروي رحمه الله عقد على تفسير قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى) ثلاثمئة وستين مجلساً [السير للذهبي 18/514]
وتصانيف العلماء في سوره أو آية واحده كثيرة ومشهورة وما ذاك إلا لغزارة المعاني والعلوم التي يحويها هذا الكتاب العظيم .


لماذا أنزل القــــــرآن؟
المقصود الأعظم من إنزاله : فهم معانيه ، وتدبر آياته ، ثم العمل بما فيه كما قال تعالى ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) وقال تعالى ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا ) وقال سبحانه ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) وقال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) وكلما تدبر العبد لآياته عظم انتفاعه به وزاد خشوعاً وإيماناً .
ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أخشع الناس وأخشاهم وأتقاهم ؛ لأنه أكثرهم تدبراً لكلام الله تعالى .
قال ابن مسعود رضي الله عنه ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال (إني أشتهي أن أسمعه من غيري) قال فقرأت النساء حتى إذا بلغت ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) رفعت رأسي ، أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل ) رواه البخاري

ولاشك في أن تدبر القرآن والانتفاع به يقود إلى الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة ، يقول الحسن رحمه الله ( يا ابن آدم والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك وليشتدن في الدنيا خوفك وليكثرن في الدنيا بكاؤك) [نزهة الفضلاء 1/448]

كم اهتدى أناس بهذا القرآن كانوا من الأشقياء ؟ نقلهم القرآن من الشقاء إلى السعادة ومن الضلال إلى الهدى ومن النار إلى الجنة .

قوم ناوَؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وناصبوه العداء وأعلنوا حربه ؛ سمعوا هذا القرآن فما لبثوا إلا يسيراً حتى دخلوا في دين الله أفواجاً ، ثم من أتى بعدهم كان فيهم من كان كذلك ، وأخبارهم في ذلك كثيرة ومشهورة .

ولعل من عجائب ما يذكر في هذا الشأن : قصة توبة الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله إذ كان شاطراً يقطع الطريق وكان سبب توبته أنه عشق جاريه فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تالياً يتلوا قوله تعالى ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ ) فلما سمعها قال : بلى يا رب ! قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها سابلة - أي قافلة - فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى نصبح ؛ فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا ، قال ففكرت وقلت : " أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا يخافونني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام " [نزهة الفضلاء 2/600]
فرحم الله الفضيل بن عياض ، قادته آية من كتاب الله إلى طريق الرشاد وجعلته من عباد الله المتألهين ومن العلماء العاملين فهل نتأثر بالقرآن ونحن نقرؤه ونسمعه كثيراً في هذه الأيام ؟!


هل ينتفع أهل الكفر والعصيان بالقرآن؟
الكفار لا ينتفعون بالقرآن بسبب إعراضهم عنه وتكذيبهم له .
أما أهل المعاصي والفجور فهم أقل انتفاعاً به بسبب هجرانهم له ، وانكبابهم على شهواتهم قال تعالى ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ) . هذا حال الكفار والمنافقين قد حجبوا عن الانتفاع به .
أما أهل المعاصي فقد اكتفوا بغيره بديلا ًعنه حتى هجروه ؛ لذا عظمت شكاية الرسول إلى الله تعالى منهم كما في قول الله سبحانه ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً ) ذكر ابن كثير رحمه الله : " أنهم عدلوا عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهوا أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره " [تفسير ابن كثير 3/507]
وكم من أناس في هذا الزمن ولعوا بالغناء والمعازف حتى لا تفارق أسماعهم ! وهجروا كلام الله حتى لا يطيقون سماعه ولا تجتمع محبة القرآن ومحبة الغناء في قلب واحد .
بيوت يحي ليلها ويقضى نهارها في سماع الغناء والمعازف ؛ حتى إن أصواتها لتـنبعث من وراء الجدران ؛ مبالغة في الجهر بالعصيان .
بيوت خلت من ذكر الرحمن ، وعلا ضجيجها بمزمار الشيطان ؛ حتى انتشرت الشياطين في أرجائها وأركانها وجالت في قلوب أصحابها ؛ فحرفتهم عن سبيل الهدى والرشاد إلى سبيل الغي والفساد ، فكثرت فيهم الأمراض النفسية ، والانفعالات العصبية ، والأحلام المزعجة ، فكانوا كمن قال الله فيهم ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمْ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمْ الْخَاسِرُونَ) .
ويخشى على من كان كذلك أن يختم له بالسوء ، وان ينعقد لسانه حال احتضاره عن شهادة الحق ، وقد اشتهرت حوادث كثيرة في ذلك .

وما راجت سوق الغناء والمعازف ، وكثير المغنون والمغنيات إلا بسبب كثرة السامعين والسامعات فلا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم .

أما أهل الإيمان والقران ففرحهم بلقاء الله لا يوصف ، عظموا كتاب الله فرزقهم الله حسن الختام ، وأكثروا قرأته وتدبره والعمل به فاستقبلتهم الملائكة في مواكب مهيبة تبشرهم بالرضى والجنان فشوهدوا حال احتضارهم وهم في أمن وطمأنينة .

هذا الإمام المقرىء المحدث الفقيه أبو بكر بن عياش رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بكت أخته ! فقال لها : " ما يبكيك ؟ انظري الى تلك الزاوية فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة " [نزهة الفضلاء 675]
فهل يستوي هذا مع من سمع آلاف الأغاني وقضى آلاف الساعات في العصيان ؟ كلا والله لا يستويان .

ومما يؤسف له أن يربى الأولاد الصغار على الأغاني والمعازف ، ويفاخر بهم في هذا الشأن كما يفاخر أهل القرآن بأولادهم في حفظ القران !! وتلك مصيبة أن يربى أهل القران على مزمار الشيطان ، وكان الأولى بل الواجب أن يربوا على كلام الله تعالى .
ورمضان أنزل فيه القران ، وهو فرصة لإحياء مساجدنا وبيوتنا بكلام الله تعالى ، لاسيما مع إقبال الناس على القران .
وينبغي للصائمين ألا يذروا في بيوتهم شيئاً يزاحم القران ، لاسيما إذا كان يعارضه ويناقصه ، كما هو الحال في كثير من البرامج الفضائية والتلفازية التي ينشط أهل الشر في عرضها وتزينيها في رمضان ؛ بقصد جذب المشاهدين إلى قنواتهم ، والتي لا تزال تـزاحم القرآن والذكر وسائر العبادات في هذا الشهر العظيم .

أسأل الله الغفور الرحيم أن يتغمدنا برحمته ، وأن يصلح سرنا وعلانيتنا ، وأن ويجعلنا من عباده المقبولين ، إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:13 PM
هذا العمل العظيم كاد أن يصير نسيا منسيا في رمضان !!


قال فضيلة الشيخ العلامة الصالح العثيمين رحمه الله :
" فاجْتهدوا إخواني في كثرةِ قراءةِ القرآنِ المباركِ لا سيَّما في هذا الشهرِ الَّذِي أنْزل فيه فإنَّ لكثْرة القراءةِ فيه مزيَّةً خاصةً.
كان جبريلُ يُعارضُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم القُرْآنَ في رمضانَ كلَّ سنةٍ مرّةً. فَلَمَّا كان العامُ الَّذي تُوُفِّي فيه عارضَه مرَّتين تأكيداً وتثبيتاً.
وكان السَّلفُ الصالحُ رضي الله عنهم يُكثِرون من تلاوةِ القرآنِ في رمضانَ في الصلاةِ وغيرها.
كان الزُّهْرِيُّ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ يقول إنما هو تلاوةُ القرآنِ وإطْعَامُ الطَّعامِ.
وكان مالكٌ رحمه الله إذا دخلَ رمضانُ تركَ قراءةَ الحديثِ وَمَجَالسَ العلمِ وأقبَل على قراءةِ القرآنِ من المصْحف.
وكان قتادةُ رحمه الله يخْتِم القرآنَ في كلِّ سبعِ ليالٍ دائماً وفي رمضانَ في كلِّ ثلاثٍ وفي العشْرِ الأخير منه في كلِّ ليلةٍ.
وكان إبراهيمُ النَخعِيُّ رحمه الله يختم القرآن في رمضان في كلِّ ثلاثِ ليالٍ وفي العشر الأواخِرِ في كلِّ ليلتينِ.
وكان الأسْودُ رحمه الله يقرأ القرآنَ كلَّه في ليلتين في جميع الشَّهر.
فاقْتدُوا رحمَكُمُ الله بهؤلاء الأخْيار، واتَّبعوا طريقهم تلحقوا بالْبرَرَةِ الأطهار، واغْتَنموا ساعات اللَّيلِ والنهار، بما يُقرِّبُكمْ إلى العزيز الغَفَّار، فإنَّ الأعمارَ تُطوى سريعاً، والأوقاتَ تمْضِي جميعاً وكأنها ساعة من نَهار.
اللَّهُمَّ ارزقْنا تلاوةَ كتابِكَ على الوجهِ الَّذِي يرْضيك عنَّا. واهدِنا به سُبُلَ السلام. وأخْرِجنَا بِه من الظُّلُماتِ إلى النُّور. واجعلْه حُجَّةً لَنَا لا علينا يا ربَّ العالَمِين. " آمين

وقال فضيلته رحمه الله :
" فمِنْ آداب التِّلاوَةِ إخْلاصُ النيِّةِ لله تعالى فيها لأنَّ تِلاَوَةَ القرآنِ من العباداتِ الجَليلةِ، كما سبقَ بَيَانُ فضلها، وقد قال الله تعالى {فَادْعُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ } [غافر: 14]، وقال: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينِ } [الزمر: 2].

وقال تعالى: {وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَوةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } [البينة: 5]، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «اقْرَؤُوا القرآنَ وابْتغُوا به وجهَ الله عزَّ وجلَّ مِن قبلِ أن يأتيَ قومٌ يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه»، رواه أحمد. ومعنى يتعجَّلونه يَطْلبون به أجْرَ الدُّنيا.

ومِنْ آدَابِها: أنْ يقرأ بقلْبٍ حاضرٍ يتدبَّرُ ما يقْرَأ ويتفهَّمُ معانِيَهُ ويَخْشعُ عند ذلك قَلْبُه ويَسْتحضر بأنَّ الله يخاطِبُه فيه هذا القرآن لأنَّ القُرْآنَ كلامُ الله عزَّ وجَلَّ.

ومِنْ آدَابِها: أنْ يَقْرَأ على طهارةٍ لأن هذا من تعظيم كلامِ الله عزَّ وجل، ولا يَقْرأ الْقُرآنَ وهو جُنُبٌ حَتَّى يَغْتَسِلَ إِنْ قدِر على الماءِ أو يَتيمَّم إنْ كان عاجزاً عن استعمال الماء لمرضٍ أوْ عَدَم. ولِلْجُنُبِ أن يذْكُرَ الله ويَدْعُوَهُ بِما يُوَافقُ الْقُرْآنَ إذا لم يقصدِ القرآنَ، مِثْلُ أن يقولَ: لا إِله إِلاَّ أنتَ سبحانَكَ إني كنتُ من الظالمين، أوْ يقولَ: ربنا لا تُزغْ قُلوبَنا بعد إذْ هَدَيتْنَا وهَبْ لَنَا من لَدُنْكَ رحمةً إنك أنتَ الوَهَّاب.

ومنْ آدَابِها: أنْ لا يقرأ القرآنَ في الأماكِنِ المسْتَقْذَرة أو في مجمعٍ لا يُنْصَتُ فيه لقراءتِه لأن قراءَتَه في مثل ذلكَ إهانةٌ له. ولا يجوز أن يقرأ القرآن في بْيتِ الخلاءِ ونحوه مما أُعِدَّ للتَّبَوُّلِ أو التَّغَوُّطِ لأنه لا يَلِيْقُ بالقرآنِ الكريمِ.

ومِنْ آدابِها: أن يستعيذَ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ عندَ إرادةِ القراءة لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَـنِ الرَّجِيمِ } [النحل: 98] ولئلاَّ يَصُدَّه الشيطانُ عن القراءةِ أوْ كمالِها. وأمَّا الْبَسْمَلةُ فإنْ كان ابتداءُ قِرَاءتِه منْ أثْنَاءِ السُّوْرَةِ فلا يُبَسْمِلُ، وإنْ كانَ من أوَّلِ السورةِ فَلْيُبَسْمِلْ إلا في سورةِ التَّوْبةِ فإنَّه ليس في أوَّلها بَسْملةٌ. لأنَّ الصحابةَ رضي الله عنهم أشْكَلَ عليهم حينَ كتابةِ المِصْحفِ هل هي سورةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أو بقيَّةُ الأنْفال ففَصَلُوا بينهما بدونِ بَسْمَلةٍ وهذا الاجتهاد هو المطابق للواقع بلا رَيْبٍ إذْ لو كانت البَسْمَلة قد نزلت في أولها لَبَقِيَتْ محفوظة بحفظ الله عزَّ وجل لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ } [الحجر: 9].

ومِن آدَابِها: أن يُحَسَّنَ صوتَه بالقُرآنِ ويترَّنَّمَ به، لمَا في الصحيحين من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ما أذِنَ الله لِشَيْء (أي ما اسْتَمَع لشيءٍ) كما أذِنَ لنَبِيٍّ حَسنِ الصوتِ يَتغنَّى بالقرآنِ يَجْهرُ به». وفيهما عن جبيرِ بن مُطْعمٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يقرأُ في المَغربِ بالطُّورِ فما سمعتُ أحداً أحسنَ صوتاً أو قراءةً منه صلى الله عليه وسلّم. لكِنْ إنْ كان حوْلَ القارأ أحدٌ يتأذَّى بِجهْرهِ في قراءتِه كالنائم والمصِّلي ونحوهما فإنَّه لا يجْهرُ جهْراً يشَوِّشُ عليه أو يؤذيه، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خَرجَ على الناسِ وهُمْ يُصَلُّون ويجهرون بالقراءةِ فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إن المُصَلّي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهرْ بعضُكم على بعضٍ في القرآن»، رواه مالك في المُوَطَّأ. وقال ابن عبدالبر: وهو حديث صحيح.

ومِن آدَابِها: أنْ يُرتِّلَ القرآنَ ترتيلاً لقوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 4] فيقْرأهُ بتَمهُّلٍ بدونِ سُرعةٍ لأنَّ ذلك أعْوَنُ على تدَبُّر معانِيه وتقويمِ حروفِه وألْفاظِه.

وفي صحيح البخاريِّ عن أنس بن مالِك رضي الله عنه أنه سُئِل عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: كانتْ مَدَّاً ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمدُّ بسم الله ويَمدُّ الرحمن ويمدُّ الرحيم،

وسُئِلتْ أمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها عنها عن قراءةِ النبي صلى الله عليه وسلّم فقالت: كان يُقَطِّعُ قراءتَه آيَةً آيةً، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَـلَمِينَ * الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ الرَّحِيمِ * مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدِّينِ ، رواه أحمدُ وأبو داود والترمذي،

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تَنْثُروُه نثْرَ الرَّملِ ولا تهذُّوه هَذَّ الشِّعْرِ، قِفُوْا عند عجائِبِه وحَرِّكُوا بهِ القلوبَ ولا يكنْ هَمُّ أحَدِكم آخِرَ السورةِ. ولا بأْسَ بالسرعةِ الَّتِي ليس فيها إخْلالٌ باللفظِ بإسْقاط بعضِ الحروفِ أوْ إدغام ما لا يصح إدْغامُه. فإنْ كان فيها إخلالٌ باللفظِ فهي حرَامٌ لأنها تغييرٌ للقرآنِ.

ومِنْ آدَابِها: أنْ يسجدَ إذا مرَّ بآيةِ سَجْدةٍ وهو على وضوءٍ في أيِّ وقتٍ كان مِنْ ليلٍ أوْ نهارٍ، فيُكبِّرُ للسجودِ ويقولُ: سبحان ربِّي الأعلى، ويدْعُو، ثم يرفعُ مِنَ السجودِ بدونِ تكبير ولا سلامٍ، لأنَّه لم يردْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم إلاَّ أنْ يكونَ السجودُ في أثْناءِ الصلاةِ فإنه يكَبِّر إذا سَجَد وإذا قام، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه كان يُكبِّر في الصلاةِ كُلَّما خَفَضَ وَرفَعَ ويُحَدِّثُ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم كان يَفْعَلُ ذَلِك، رواه مسلم.

وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم يُكبِّر في كلِّ رَفعٍ وخَفْضٍ وقيامٍ وقعودٍ، رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. وهذا يعُمُّ سجودَ الصلاةِ وسجودَ التلاوةِ في الصلاةِ.

هذه بعض آدابِ القراءةِ، فتأدَّبُوا بِها واحرِصوا عليها وابتغُوا بها من فضلِ الله.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنا من المعظِّمين لحرماتِك، الفائزين بهباتِك، الوارِثين لِجنَّاتِكَ، واغْفِرْ لَنَا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آلِهِ وصحبه أجمعين. "

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:14 PM
رمضان والقرآن
عادل باناعمة



(1-5) تنزل كريم
في ليلة السابع عشر من رمضان و النبي صلى الله عليه وسلم في الأربعين من عمره أذن الله عز وجل للنور أن يتنزل ، فإذا جبريل عليه السلام آخذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له : اقرأ ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما أنا بقارئ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم } فرجع بها رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يرجف فؤاده )) [ البخاري 3 ]
وهكذا نزلت أول آية من هذا الكتاب العظيم على النبي الرؤوف الرحيم في هذا الشهر العظيم .
وهكذا شهدت أيامه المباركة اتصال الأرض بالسماء ، و تنزل الوحي بالنور و الضياء ، فأشرقت الأرض بنور ربها وانقشعت ظلمات الجاهلية الجهلاء .

و من قبل ذلك شهد هذا الشهر الكريم نزولا آخر ، إنه نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، وكان ذلك في ليلة القدر … { إنا أنزلناه في ليلة القدر } { إنا أنزلنا في ليلة مباركة } ، قال ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ليلة القدر ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة [ النسائي و الحاكم ] ، وقال ابن جرير : نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه و سلم على ما أراد الله إنزاله إليه .

إنها تلك " الليلة الموعودة التي سجلها الوجود كله في فرح و غبطة و ابتهال ، ليلة الاتصال بين الأرض و الملأ الأعلى … ليلة ذلك الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته و في دلالته و في آثاره في حياة البشرية جميعا ، العظمة التي لا يحيط بها الإدراك البشري ... والنصوص القرآنية التي تذكر هذا الحدث تكاد ترف و تنير بل هي تفيض بالنور الهادئ الساري الرائق الودود نور الله المشرق في قرآنه { إنا أنزلناه في ليلة القدر } ، و نور الملائكة و الروح و هم في غدوهم ورواحهم طوال الليلة بين الأرض و الملأ الأعلى { تنزل الملائكة و الروح فيها } و نور الفجــر الذي تعرضهالنصوص متناسقا مع نور الوحي و نور الملائكة … { سلام هي حتى مطلع الفجر } " [ الظلال 6/3944 ]
و أي نعمة أعظم من نعمة نزول القرآن ؟ نعمة لا يسعها حمد البشر فحمد الله نفسه على هذه النعمة { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا } .
وهكذا إذن ، شهد شهر رمضان هذا النزول الفريد لكتاب الله ، و من يومذاك ارتبط القرآن بشهر رمضان { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان }
ومن يوم ذاك أصبح شهر رمضان هو شهر القرآن .


(2-5) إكثار و اجتهاد
عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى اللهم عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة [ البخاري 6 مسلم 2308 ].
قال الإمام ابن رجب : دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك ، و عرض القرآن على من هو أحفظ له … و فيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان ، وفي حديث فاطمة عليها السلام عن أبيها أنه أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة و أنه عارضه في عام وفاته مرتـــين [ البخاري 3624 و مسلم 2450 ] [ لطائف المعارف 354،355 ].

قال رحمه الله : و في حديث ابن عباس أن المدارسة بينه و بين جبريل كانت ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا فإن الليل تنقطع فيه الشواغل و يجتمع فيه الهم ، و يتواطأ فيه القلب و اللسان على التدبر كما قال تعـالى { إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا } [ لطائف المعارف 355 ]

وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره .
كان الزهري إذا دخل رمضان يقول : إنما هو قراءة القرآن و إطعام الطعام .
قال ابن الحكم : كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث و مجالسة أهل العلم .
قال عبد الرزاق : كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة و أقبل على قراءة القرآن .
وقال سفيان : كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف و جمع إليه أصحابه .[ انظر اللطائف359،360 ]

وكانت لهم مجاهدات من كثرة الختمات رواها الأئمة الثقات الأثبات رحمهم الله .
كان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين ، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة ، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة ، وقال ربيع بن سليمان : كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا في صلاة ، وروى ابن أبي داود بسند صحيح أن مجاهدا رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب و العشاء ، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل ، وكان علي الأزدي يختم فيما بين المغرب و العشاء في كل ليلة من رمضان ، قال مالك : و لقد أخبرني من كان يصلي إلى جنب عمر بن حسين في رمضان قال : كنت أسمعه يستفتح القرآن في كل ليلة . [ البيهقي في الشعب] قال النووي : وأما الذي يختم القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان ، و تميم الداري ، و سعيد بن جبير رضي الله ختمة في كل ركعة في الكعبة [ التبيان 48 ][وانظر اللطائف 358-360 و صلاح الأمة 3/5-85 ]
قال القاسم عن أبيه الحافظ ابن عساكر : كان مواظبا على صلاة الجماعة و تلاوة القرآن ، يختم كل جمعة و يختم في رمضان كل يوم [ سير أعلام النبلاء20/562 ]


(3-5) تساؤلات
فإن قلت أي أفضل ؟ أن يكثر الإنسان التلاوة أم يقللها مع التدبر و التفكر ؟ قلت لك : اسمع ما قاله النووي .
قال النووي رحمه الله : و الاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص فمن كان من أهل الهم و تدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر و استخراج المعاني و كذا من كان له شغل بالعلم و غيره من مهمات الدين و مصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه ، و من لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ، و لا يقرؤه هذرمة . [ نقله عه ابن حجر في الفتح 9/97 ]
و أما حديث ابن عمرو قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث * [أبو داود 1394و الترمذي 2949وقال حديث حسن صحيح ]فقد أجاب عنه الأئمة رضي الله عنهم .

قال ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداوة على ذلك فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان ، خصوصا في الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أو الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان و المكان ، و هو قول أحمد و إسحاق و غيرهما من الأئمة و عليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره [ لطائف المعارف 360 ]
وقال ابن حجر تعليقا على هذا الحديث :وثبت عن كثير من السلف أنهم قرؤوا القرآن في دون ذلك … وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم ، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب و عرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق … وقال النووي : أكثر العلماء أنه لا تقدير في ذلك و إنما هو بحسب النشاط و القوة فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال و الأشخاص . و الله أعلم . [ الفتح 9/97 ]

و إن قال قائل بعض هذا الذي ذكر لا يقبله عقل و لا يقره منطق ، فإنني أقول له ما قاله الإمام اللكنوي رحمه الله . قال : فإن قلت بعض المجاهدات مما لا يعقل وقوعها قلت : وقوع مثل هذا و إن استبعد من العوام فلا يستبعد من أهل الله تعالى ، فإهم أعطوا من ربهم قوة وصلوا بها إلى هذه الصفات ، و لا ينكر هذا إلا من ينكر صدور الكرامات و خوارق العادات .
وإن الذاكرين لهذه المناقب ليسوا ممن لا يعتمد عليه أو ممن لا يكون حجة في النقل بل هم أئمة الإسلام و عمد الأنام … كأبي نعيم و ابن كثير و السمعاني و ابن حجر المكي و ابن حجر العسقلاني و السيوطي و النووي و الذهبي و من يحذو حذوهم [ إقامة الحجة على أن الإكثار من التعبد ليس ببدعة 101 ]

وقد سبق أن ذكرت كلمة الإمام ابن رجب التي قرر فيها أن مثل هذا الاجتهاد سائغ في الأزمنة المفضلة و الأماكن المفضلة و أما طوال العام فالأولى للمؤمن ألا يختمه في أقل من ثلاث و إن لم يكن ذلك ممنوعا ، قال الذهبي رحمه الله : و لو تلا و رتل في أسبوع و لا زم ذلك لكان عملا فاضلا ، فالدين يسر ، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الرابتة و الضحى و تحية المسجد مع الأذكار المأثورة الثابتة و القول عند النوم و اليقظة و دبر المكتوبة والسحر ، مع النظر في العلم النافع و الاشتغال به مخلصا لله مع الأمر بالمعروف و رشاد الجاهل و تفهيمه و زجر الفاسق ونحو ذلك … لشغل عظيم جسيم و لمقام أصحاب اليمين و أولياء الله المتقين ، فإن سائر ذلك مطلوب فمتى تشاغل العبد بختمة في كل يوم فقد خالف الحنيفية السمحة و لم ينهض بأكثر ما ذكرناه [ السير 3/84-86 ]


(4-5) صور أخرى
وفي رمضان يجتمع الصوم و القرآن ، وهذه صورة أخرى من صور ارتباط رمضان بالقرآن ، فتدرك المؤمن الصادق شفاعتان ، يشفع له القرآن لقيامه ، و يشفع له الصيام لصيامه ، قال صلى الله عليه وسلم : (( الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، و يقول القرآن : رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان )) [ أحمد ] و عند ابن ماجه عن ابن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول : أنا الذي أسهرت ليلك و أظمأت نهارك )) .

" واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان لنفسه جهاد بالنهار على الصيام و جهاد بالليل على القيام فمن جمع بين هذين الجهادين و وفيى بحقوقهما و صبر عليهما وقي أجره بغير حساب " [ لطائف المعارف 360 ]
و من صور اختصاص شهر رمضان بالقرآن الكريم صلاة التراويح ، فهذه الصلاة أكثر ما فيها قراءة القرآن ، وكأنها شرعت ليسمع الناس كتاب الله مجودا مرتلا ، و لذلك استحب للإمام أن يختم فيها ختمة كاملة .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره [ لطائف المعارف 356 ] ومما يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد عن حذيفة قال أتيت النبي صلى اللهم عليه وسلم في ليلة من رمضان فقام يصلي فلما كبر قال الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ثم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها ثم ركع يقول سبحان ربي العظيم مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد مثل ما كان قائما ثم سجد يقول سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقال رب اغفر لي مثل ما كان قائما ثم سجد يقول سبحان ربي الأعلى مثل ما كان قائما ثم رفع رأسه فقام فما صلى إلا ركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة [ أحمد ، باقي مسند الأنصار ، رقم 22309]

وكان عمر قد أمر أبي بن كعب و تميما الداري أن يقوما بالناس في شهر رمضان فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة حتى كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام و ما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر ، و في رواية أنهم كانوا يربطون الحبال بين السواري ثم يتعلقون بها [ لطائف المعارف 356 ] وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال و بعضهم في كل سبع منهم قتادة و بعضهم في كل عشرة منهم أبو رجاء العطاردي [ لطائف المعارف 358 ]
كل هذا التطويل و القيام من أجل تلاوة القرآن و تعطير ليالي شهر القرآن بآيات القرآن .


(5-5) مسارات ثلاثة
وإذا كان هذا شأن القرآن في رمضان فما أجدر العبد المؤمن أن يقبل عليه ، و يديم النظر فيه ، و إني أقترح على الأخ المؤمن الصادق أن يجعل له مع القرآن في هذا الشهر ثلاثة مسارات :

المسار الأول : مسار الإكثار من التلاوة و تكرار الختمات ، فيجعل الإنسان لنفسه جدولا ينضبط به ، بحيث يتمكن من ختم القرآن مرات عديدة ينال خيراتها و ينعم ببركاتها .

المسار الثاني : مسار التأمل و التدبر ، فيستفتح الإنسان في هذا الشهر الكريم ختمة طويلة المدى يأخذ منها في اليوم صفحة أو نحوها مع مراجعة تفسيرها وتأمل معانيها ، و التبصر في دلالاتها و استخراج أوامرها و نواهيها ثم العزم على تطبيق ذلك و محاسبة النفس عليه ، و لا مانع أن تطول مدة هذه الختمة إلى سنة أو نحوها شريطة أن ينتظم القارئ فيها و يكثر التأمل و يأخذ نفسه بالعمل ، و لعل في هذا بعض من معنى قول الصحابي الجليل : كنا نتعلم العشر آيات فلا نجاوزهن حتى نعلم ما فيهن من العلم و العمل .

المسار الثالث : مسار الحفظ و المراجعة ، فيجعل لنفسه مقدارا يوميا من الحفظ و مثله من المراجعة ، و إن كان قد حفظ و نسي فهي فرصة عظمى لتثبيت الحفظ و استرجاع ما ذهب ، و لست بحاجة إلى التذكير بجلالة منزلة الحافظ لكتاب الله و رفيع مكانته ، و حسبه أنه قد استدرج النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى له .

أخي الكريم … هاقد عرفت من فضل القرآن ما قد عرفت ، و علمت من ارتباط هذا الشهر الكريم بالقرآن العظيم ما قد علمت ، فلم يبق إلا أن تشمر عن ساعد الجد ، و تأخذ نفسك بالعزم ، و تدرع الصبر ، و تكون مع القرآن كما قال القائل :

أسرى مع القرآن في أفق فذ تبارك ذلك الأفق
وسرى به في رحلة عجب من واحة الإيمان تنطلق
وارتاد منه عوالما ملئت سحرا به الأرواح تنعتق
يامن يريد العيش في دعة نبع السعادة منه ينبثق
" عباد الله هذا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، و في بقيته للعابدين مستمتع ، و هذا كتاب الله يتلى فيه بين أظهركم و يسمع ، و هو القرآن الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدع ، و مع هذا فلا قلب يخشع و لاعين تدمع ولا صيام يصان عن الحرام فينفع ولا قيام استقام فيرجى في صاحبه أن يشفع .[ لطائف المعارف 364ا/365 ]
فهل للنفس إقبال ؟ و هل للقلب اشتياق ؟ و هل نملأ شهر القرآن بتلاوة القرآن ؟

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:15 PM
الحال مع القرآن في رمضان
د مساعد الطيار


الحمد لله القائل في كتابه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:185) . والقائل : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ × فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ × أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) (الدخان:3 ـ5) . والقائل : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) .
والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي خصَّه الله بوحيه ، وأنْزل عليه خير كتبه ، القائل : ( خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه ) ، ثمَّ أُتمِّم الصلاة على آل البيت الأطهار ، وعلى أصحابه البررة الأخيار ، ثمَّ على التابعين لهم ما تعاقب الليل والنهار ، أما بعد :
فلقد خصَّ الله هذا الشهر الكريم بخصائص ؛ منها : أنه أفضل شهور السنة ، وفيه ليلة القدر ، وفيه نزل القرآن .
ونزول القرآن بنوعيه الجملي والابتدائي كان في ليلة القدر .
أما الجملي فقد أخبر عنه ابن عباس ( ت : 68 ) رضي الله عنهما بقوله : " أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا ، فكان الله إذا أراد أن يُحدِث في الأرض شيئًا أنزل منه ، حتى جمعه " . وهذا القول ثابت عن ابن عباس ، وله روايات متعددة .
وأما ابتداء النُّزول ، فقد نُسِب للشعبي ( ت : 103 ) ، وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن في قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان)(البقرة: من الآية185) .
وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3) .
وهداية الناس والبيان الهدى لهم ، ونذارتهم إنما هي في القرآن النازل على محمد صلى الله عليه وسلم .
وليس يمتنع أن يُراد المعنيان معًا في هذه الآيات ، فتكون دالَّة على النُّزولين ؛ إذ ليس بينهما تعارض ولا تناقض ، والقولان إذا صحَّا في تفسير الآية ، والآية تحتملهما ، ولم يكن بينهما تعارض ، فإنه يجوز حمل الآية عليها كما قرَّره العلماء .
وعلى كل حال فإن التلازم بين القرآن وشهر رمضان ظاهر في هذه الآيات ، فَشَرُفَ الشهر بنُزول القرآن فيه ، لذا صار يُسمى : شهر القرآن .

أحوال الناس في قراءة القرآن
يقع سؤال بعض الناس عن أيهما أفضل ، قراءة القرآن بتدبر ، أو قراءته على وجه الحدر ، والاستزادة من بكثرة ختمه إدراكًا لأجر القراءة ؟
وهاتان العبادتان غير متناقضتين ولا متشاحَّتين في الوقت حتى يُطلب السؤال عن الأفضل ، والأمر في هذا يرجع إلى حال القارئ ، وهم أصناف :
- الصنف الأول : العامة الذين لا يستطيعون التدبر ، بل قد لا يفهمون جملة كبيرة من آياته ، وهؤلاء لاشكَّ أن الأفضل في حقِّهم كثرة القراءة .
وهذا النوع من القراءة مطلوب لذاته لتكثير الحسنات في القراءة على ما جاء في الأثر : (( لا أقول " ألم " حرف ، بل ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف )) .
-الصنف الثاني : العلماء وطلبة العلم ، وهؤلاء لهم طريقان في القرآن :
الأول : كطريقة العامة ؛ طلبًا لتكثير الحسنات بكثرة القراءة والخَتْمَاتِ .
الثاني : قراءته قصد مدارسة معانيه والتَّدبر والاستنباط منه ، وكلٌّ بحسب تخصصه سيبرز له من الاستنباط ما لا يبرز للآخَر ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
وأعود فأقول : إنَّ هذين النوعين من القراءة مما يدخل تحت تنوع الأعمال في الشريعة ، وهما مطلوبان معًا ، وليس بينهما مناقضة فيُطلب الأفضل ، بل كلُّ نوعٍ له وقته ، وهو مرتبط بحال صاحبه فيه .
ولا شكَّ أنَّ الفهم أكمل من عدم الفهم ، لذا شبَّه بعض العلماء من قرأ سورة من القرآن بتدبر كان كمن قدَّم جوهرة ، ومن قرأ كل القرآن بغير تدبر كان كمن قدَّم دراهم كثيرة ، وهي لا تصلُ إلى حدِّ ما قدَّمه الأول .

ومما يحسن التنبيه على أمور تتعلق بتلاوة القرآن في رمضان :
الأمر الأول :
أن يتعرف المرء على نفسه ، فليس الناس ذوي حال واحدة في العبادة ، لكن من الخسارة أن يمرَّ على المسلم رمضان ولم يختم فيه القرآن ، وتلك سُنَّةٌ سنَّها جبريل ـ عليه السلام ـ في مراجعة القرآن في رمضان مع رسول صلى الله عليه وسلم ، وهي سنة ماضية عند المسلمين منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم .
والملاحظ أنَّ كثيرًا من الناس ينشطون في أول الشهر في أعمال الخير ، ومنها تلاوة القرآن ، لكن سرعان ما يفترون بعد أيام منه ، وترى فيهم الكسل عن هذه الأعمال باديًا .
ولأجل هذا فمن اعتاد من نفسه هذا الأسلوب فإن الأَولى له أن يرتِّب قراءته ، ويخصِّص لكل يومٍ جزءًا ، فإنه بهذا سيختم القرآن مرَّة في هذا الشهر ، ولو استمرَّ على هذا الأسلوب في كل شهور السنة لاستطاع ذلك ، والأمر يرجع إلى العزيمة والإصرار .
ولو أنَّ المسلم خصَّص لكل وقت من أوقات الصلوات الخمس أربع صفحاتٍ ، فإنه سيقرأ في اليوم عشرين صفحة ، وهذا ما يعادلُ جزءًا كاملاً في المصاحف الموجَّه المكتوبة في خمسة عشر سطرًا في الصفحة ؛ كمصحف المدينة النبوية .
وبهذه الطريقة يكون مداومًا على عملٍ من أعمال الخير غير منقطع عنه ، و"أحبَّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ " كما قال صلى الله عليه وسلم .

الأمر الثاني :
يحسن بمن يقرأ القرآن عمومًا ، وبمن يقرأه في رمضان على وجه الخصوص = أن يكون معه تفسير مختصرٌ يقرأ فيه ليعلم معاني ما يقرأ ، وذلك أدعى إلى تذوُّق القراءة والإحساس بطعم قراءة القرآن ، وليس من يدرك المعاني ويعلمها كمن لا يدركها .
ومع أهمية هذا الأمر ، فإنك ترى كثيرًا من قارئي القرآن يغفل عنه ، ولو خَصَّصَ القارئُ لنفسه كتابَ تفسيرٍ مختصرًا يرجع إليه على الدوام لأدرك كثيرًا من معاني القرآن .
ولقد عُني المسلمون في هذا العصر بتأليف بعض التفاسير المختصرة ، تجد ذلك في بعض بلدان المسلمين ، ومنها بلاد الحرمين التي أصدرت وزارتها للشؤون الإسلامية كتاب ( التفسير الميسر ) وهو اسم على مسمى ، وهذا التفسير مع أنَّ الغرض منه الإفادة في الترجمة ، إلا أنه نافع لعامة من يريد أن يعرف المعنى الجملي للآيات ، ولا يعرف فضل الجهد الذي بُذِل فيه ، والقيمة العلمية التي يحتويها إلا من مارس التعامل مع اختلاف المفسرين .
والمقصود أن يحرص المسلم على أن يكون له تفسير من هذه المختصرات يقرأ فيه ويداوم عليه كما يقرأ القرآن ليجتمع له في قراءته الأداء وفهم المعنى .

الأمر الثالث :
في حال قراءة القرآن تظهر ـ على وجه الخصوص عند طلاب العلم ـ بعض الفوائد أو بعض المشكلات ، ولابدَّ من التقييد لهذه الفوائد أو المشكلات ؛ لئلا تضيع .
إن هذا القرآن لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق من كثرة الردِّ ، وبما أنه قرآن كريم مجيد ( أي : ذا شرف في مبناه ومعناه ، وذا سعة وفضل في مبناه ومعناه ) ، فإن ما يتعلق به من المعاني والاستنباطات كذلك ، فهي معانٍ واستنباطات شريفة لشرف ذلك الكتاب ، وكثيرة متسعة لا يحدُّها حدٌّ لمجد ذلك الكتاب .
ولما كان هذا حاله ، فَلَكَ أن تتصور : كم من الفوائد التي ستكون بين يدي طلاب العلم لو أن كل عالمٍ كتب ما يتحصَّل له من التدبر أو المشكلات أثناء قراءته لكتاب الله تعالى ؟!

الأمر الرابع :
إن القراءة بالليل من أنفع العبادات ، وكم من عبادة لا تخرج لذتها للعابدين إلا في وقت الظلمة ، لذا كان أهم أوقات اليوم الثلث الأخير من الليل ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا كان ثلث الليل الآخر ينْزل ربنا إلى سماء الدنيا فيقول : هل من سائل فأعطية ؟
هل من مستغفر فأغفر له ؟ … )) .
وكثيرًا ما نغفل عن عبادة الليل خصوصًا في رمضان ـ مع ما يحصل منا من السهر ـ وتلك غفلة كبيرة لمن حُرِم لذة عبادة الليل .
فَشَمِّرْ عن ساعد الجِدِّ ، وأدركْ فقد سبق المشمرون قبلك ، ولا تكن في هذه الأمور ذيلاً بل كن رأسًا ، والله يوفقني وإياك لكما يحب ويرضى .
ولو رتَّب المسلم لنفسه برنامج قراءة للقرآن كل ليلة ؛ لارتبط بعبودية لله ، ولم يكن في لَيلِهِ من الغافلين ، لا جعلني الله وإياك منهم .
ومما قد يغيب عن أذهاننا في أيامنا هذه : أيامِ الإضاءةِ الليلية التي قلبت الليل إلى نهار ، فانقلبت بذلك فطرة الله التي فطر الناس عليها بجعله الليل لهم سباتًا يرتاحون فيه ، أقول إنه قد يغيب عنا لذة العبادة في الظلمة ، لذا لو جرَّب المسلم قراءة القرآن من حفظِه أو الصلاة النافلة الليلية بلا إضاءة ، فإن في ذلك جمعًا لهمِّه ، وتركيزًا لنفسه ؛ لأن البصر يُشغِل المرء في قراءته أو صلاته .
ومن جرَّب العبادة في الظلمة وجدَ لذة تفوق عبادته وهو تحت إضاءة الكهرباء .

الأمر الخامس :
إن من فوائد صلاة التراويح في رمضان سماع القرءان من القراء المتقنين ، ومن أصحاب الأصوات النَّدية ، الذين يقرؤون القرآن ويؤثِّرون بقراءتهم على القلوب ، فتراك تجد بقراءتهم أثرًا في قلبك ، فاحرص على من يتَّصف بهذه الأوصاف ، واعلم أن الناس في قبول الأصوات ذوو أذواق ، فلا تَعِبْ قارئًا لأنه لا يُعجِبك ؛ فإن ذلك من الغيبة بمكان ، لكن احرص على من تنتفع بقراءته ، وهذا مطلب يُحرصُ عليه ، ومقصد يُتوجَّه إليه .
وهاهنا استطرادٌ من باب الفائدة والتذكير أُوَجِّهُه إلى الكرام أئمة الصلوات الذين يؤمون الناس في التراويح الذين منَّ الله عليهم بما أعطاهم من الحفظ وحسن الصوت والقدرة على الأداء المتميِّز في القراءة والتأثير على الناس ، أقول لهم : احرصوا على أن يكون تأثيركم على الناس في سماعهم لكم قراءةَ كلام ربكم ، وإياكم أن يكون تأثيركم عليهم في دعاء القنوت فقط ، فإنَّ في ذلك خللاً كبيرًا ، وأنتم حين تعمدون إلى ذلك تغرسون في الناس ذلك الخلل ؛ إذ كيف يكون تأثرُ الناس بكلام الناس ، ولا يكون تأثرهم بكلام ربِّ الناس ، سبحان الله ! أليس ذلك أمر عجيب يحتاج إلى مدارسة وحلِّ له ؟
ألستم تلاحظون الاستعداد النفسي لبعض الأئمة ولكثير من المصلين للقنوت أكثر من استعدادهم لسماع كلام ربهم ؟!
ألا تلاحظون أنَّ بعض الأئمة يغيِّرون طبقات صوتهم ، ويُلحِّنون في قنوتهم استجلابًا لقلوب المأمومين ، ودعوة لهم إلى البكاء والخشوع ؟!
أين ذلك كله حال قراءة كلام الله سبحانه ، أين ذلك حال سماع كلام الله سبحانه ؟
ذلك ما تُسكب له العبرات ، وتخشع له النفوس الصالحات ، وتَخِفُّ به الأرواح الطاهرات ، فاحرص على الخشوع والتأثر بكلام ربك الذي تكَّلم به فوق سبع سموات ، وسمعه منه جبريل رسول ربِّ البريَّات ، وأداه كما سمعه لخير الكائنات محمد صلى الله عليه وسلم . وهاأنت تسمع من إمامِك ما تكلَّم الله به في عليائه ، أفلا يكون ذلك كافيًا في حضور القلوب ، واقشعرار الجلود ثمَّ ليونتها بعد ذلك ، وطمأنينة النفوس ؟!
إنه كلام الله ، إنه كلام الله ، فأدرك معنى هذه الكلمة أيها المسلم .

الأمر السادس :
يسأل كثيرون عن كيفية التأثر بالقرآن ، ولماذا لا نخشع في صلواتنا حين سماع كلام ربِّنا ؟
ولا شكَّ أن ذلك عائدٌ لأمور من أبرزها أوزارنا وذنوبنا التي نحملها على ظهورنا ، لكن مع ذلك فلا بدَّ من وجود قدرٍ من التأثر بالقرآن ، ولو كان يسيرًا ، فهل من طريق إلى ذلك ؟
إنَّ البعد عن المعاصي ، وإصلاح القلب ، وتحليته بالطاعات هو السبيل الجملي للتأثر بهذا القرآن ، وعلى قدر ما يكون من الإصلاح يبرز التأثُّر بالقرآن .
والتأثر بالقرآن حال تلاوته يكون لأسباب متعددة ، فقد يكون حال الشخص في ذلك الوقت مهيَّئًا ، وقلبه مستعدًا لتلقي فيوض الربِّ سبحانه وتعالى .
فمن بكَّر للصلاة ، وصلى ما شاء الله ، ثمَّ ذكر الله ، وقرأ كتاب ربِّه ، ثمَّ استمع إلى الذكر فإنَّ قلبه يتعلق بكلام الله أكثر من رجلٍ جاء متأخِّرًا مسرعًا خشية أن تفوته الصلاة ، فأنَّى له أن تهدأ نفسه ويسكن قلبه حتى يدرك كلام ربِّه ، ويستشعر معانيه ؟!
ومن قرأ تفسير الآيات التي سيتلوها الإمام واستحضر معانيها ، فإنَّ تأثره سيكون أقرب ممن لا يعرف معانيها .
ومن قدَّم جملة من الطاعات بين يدي صلاته ، فإنَّ خشوعه وقرب قلبه من التأثر بكلام ربِّه أولَى ممن لم يفعل ذلك .
وإنك لتجد بعض المسرفين على أنفسهم ممن هداهم الله قريبًا يستمتعون ويتلذذون بقراءة كلام ربه ، وتجدهم يخشعون ويبكون ، وما ذاك إلا لتغيُّر حال قلوبهم من الفساد إلى الصلاح ، فإذا كان هذا يحصل من هؤلاء فحريٌّ بمن سبقهم إلى الخير أن يُعزِّز هذا الجانب في نفسه ، وأن يبحث عن ما يعينه على خشوعه وتأثره بكلام ربِّه .

الأمر السابع :
يسأل كثير من المسلمين ، كيف أحافظ على طاعاتي التي منَّ الله عليَّ بها في رمضان ، فإنني سرعان ما ينقضي الشهر أبدأ بالتراجع عن هذه الطاعات التي كنت أجد لذة وحلاوةً في أدائها ؟
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رسم لنا منهجًا واضحًا في كل الأعمال ، وقد بيَّنه بقوله : (( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ )) ، ولو عملنا بهذا الحديث في جميع عباداتنا لحافظنا على الكثير منها ، ولما صرنا كالمنبتِّ لا أرضًا قطع ، ولا ظهرًا أبقى .
فلو اعتمد المسلم في كل عبادة عملا يوميًّا قليلاً يزيد عليه في وقت نشاطه ، ويرجع إليه في وقت فتوره ؛ لكان ذلك نافعًا له ، فالمداومة على العبادة ـ ولو كانت قليلة ـ أفضل من إتيانها في مرات متباعدة أو هجرانها بالكلية .
فمن أدَّى فرائضه ، والتزم بالسنن الرواتب ، ثمَّ زاد عليها من أعمال العبادة ما شاء ، فإنه يدخل في محبوبية الله التي قال فيها : (( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبَّه )) .
ففي صلاة الليل يحرص أن لا ينام حتى يصلي ثلاث ركعات ، ولو كانت خفيفات ، فإن أحسَّ بنشاط زاد ، وإلا بقي على هذه الثلاث .
وفي قراءة القرآن يعتمد قراءة جزءٍ كل يوم ، حتى إذا بلغ تمام الشهر ، فإذا به قد ختم القرآن .
وفي الصيام يعتمد ثلاثة أيام من كل شهر ، وإن استطاع الزيادة زاد ، لكن لا ينقص عن الأيام الثلاثة .
وفي النفقة يعتمد مبلغًا ـ ولو يسيرًا ـ بحيث لا يمرُّ عليه الشهر إلا وقد أنفقه .
وهكذا غيرها من العبادات ، يعتمدُ القليل أصلاً ، ويزيد عليه في أوقات النشاط ، فإذا قصرت همته رجع إلى قَلِيلِه ، فيبقى في عباداته من غير كلفة ولا مشقة ولا نسيان وإهمال ، أسأل الله أن يوفقني وإياكم إلى ما يحبُّ ويرضى ، ويجعلنا من أهل القول والعمل .
وإذا تأملت رمضان وجدته أشبه بمحطةٍ يتزوَّد منها الناس وقودهم ، وهو محطة الصالحين الذين يفرحون ببلوغه فيتزودون منه لعباداتهم في الدنيا ، ولجنتهم في الأخرى ، وهو محضن تربوي فريد يدخله كل المسلمين : مصلحوهم وصالحوهم وعصاتهم ، فهلاَّ استطعنا اغتنام هذا الشهر ؟.

وأخيرًا :
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد ، وأن يرفع البلاء عن هذه الأمة ، وأن يهدي قادتها لما يُحبُّ ويرضى ، وأن يرينا في هذا الشهر انتصارات للمسلمين في كلِّ مجال من مجالات الحياة ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين .



</I>

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:23 PM
هل تريد منزلة الملائكة المقربين ؟

إبراهيم بن عثمان الفارس (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=articles&scholar_id=23)

كلنا نعلم أن تحولاً هائلاً قد وقع في الكون بنزول القرآن الكريم ، حيث سارت معه قافلة الحياة ، على هدى ونور من خالقها ومبدعها ، ونشطت مع فجره نفوس لبت نداء ربها فأحياها وجعل لها نوراً تمشي به في الناس. وبقي القرآن بقاء النور في الكون ، لا يتوقف مدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولم نر شيئاً تفجرت به ينابيع الحكمة وامتدت منه أنهار المعرفة في غير انقطاع كما تم للقرآن الكريم { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب } (ص 29 ) .

لقد شغل الناس جميعاً من آمن به وصدقه ومن أعرض عنه وكذبه. وأثر في هذا وذاك ، مطاوعة ومكابرة ، وتأييداً ومعارضة ، ونجاة وهلاكاً ، ورفعاً ووضعاً ، وحرباً وسلماً ، وهزيمة ونصراً ، وظل القرآن في جميع الأحوال وسيظل عزيزاً شامخاً أبياً ، ولو تكسرت من حوله السيوف ، أو ضعفت في الأقبال عليه النفوس { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } (فصلت 41) .

لقد نزل القرآن الكريم وبنزوله طويت الكتب ، وختمت الرسالات ، وحفظت للناس أسباب الحياة ، ولقد بين الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه أن الذين يداومون على تلاوته ، ويعملون بأحكامه ، ويحذرون مخالفته ، أولئك يوفيهم الله ما يستحقونه من الثواب العظيم ، ويضاعف لهم الأجر الكريم { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً يرجون تجارة لن تبور ، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } (فاطر : 29-30 ) ولقد صان الله كتابه عن التحريف والتبديل : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } (الحجر: 9) .

ومضى القرآن في الحياة يعلن الرسالة : رسالة جميع الأنبياء كما جاءت من عند الله ، ويقيم الحجة على الناس جميعاً ، ويدعوهم إلى كلمة سواء .

يدعو الناس في كل زمان ، ويتلى عليهم في كل مكان ، ويهديهم في كل شأن للتي هي أقوم . وبالقرآن وبيانه نستطيع أن نزن الأمور كلها بالميزان الصحيح ، ميزان الله الذي أنزله وحفظه وأبقاه : { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } (الحديد : 25 ) . لقد نزل هذا الكتاب المبين في شهر رمضان الكريم ، في بلد الله الأمين على سيد ولد آدم أجمعين ، فاجتمع الشرف من جميع جوانبه ، شرف الزمان وشرف المكان وشرف الإنسان :


نور الكتاب أضاء فيمن قبلنـــا <><> فمحى الشكوك وبدد الأوهامــا
صاغ الجنود على هدي من شرعه <><> قمماً تضئ وترتفع الأعلامــا
فتحوا البلاد ليملؤها عـــــزة <><> كسوا الوجود محبة وسلامــا
من فوق مئذنة الحضارة أذنــوا <><> للحق لحناً أيقظ النوامـــــا
الله أكبر ، رددوها للــــورى <><> فصحا الجميع وحققوا الأحلامـا



إن القرآن العظيم رسالة ربانية المنهج ، متكاملة المعالم والأغراض ، واضحة المعاني والأهداف ، سهلة الفهم والتطبيق ، ومع ذلك فالناس في الغالب نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا . إن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد بين لنا أن خير الناس وأفضلهم الذي يتعلم القرآن الكريم ويعلمه ، وذلك فيما ثبت عن عثمان رضي الله عنه تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري .

كما بين صلوات الله وسلامه عليه أنه من جوّد القرآن وأحسن قراءته ، وصار متقناً له ماهراً به عاملاً بأحكامه فإنه في مرتبة الملائكة المقربين ، وذلك فيما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأه وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران" رواه البخاري .

ولقد أخبرنا عليه الصلاة والسلام بما أعده الله سبحانه وتعالى لقارئ القرآن من أجر كبير وثواب عظيم ، ومن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" رواه الترمذي ، فكيف نغفل عن هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل ؟!

وأعظم من هذا كله أن القرآن يشفع لصاحبه عند الله يوم العرض الأكبر ، فهل بعد هذا الفضل من فضل ؟!
فعن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه" رواه مسلم .

كما يوضح لنا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أن قراءة القرآن يطيب بها المظهر والمخبر ، فيكون المؤمن القارئ للقرآن طيب الباطن والظاهر ، إن خبرت باطنه وجدته صافياً نقياً ، وإن شاهدت سلوكه وجدته حسناً طيباً ، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها طيب ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" متفق عليه .

ويكفينا فخراً أن نتوج والدينا تاجين من حلي الجنة بقراءة القرآن وتدبره وحفظه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجاً يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا" رواه أبوداود .


فيا أيها القارئ به متمسكـــاً <><> مجلاً له في كل حال مبجلــاً
هنيئاً مريئاً والداك عليهمــــا <><> ملابس أنوار من التاج والحـلا
فما ظنكم بالنجل عند جزائه <><> أولئك أهل الله والصفوة العـلا


وعلاوة على ذلك ، فإن الإنسان بقدر ما يحفظ من آي القرآن وسوره بقدر ما يرتقي في درج الجنان ، وذلك فيما يرويه عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها " رواه أبو داود .

ثم إن صاحب القرآن قلبه عامر به يتدبر آيات الله ، ويتفكر في دلائل قدرته وعظمته ، وبذلك تصفو نفسه ، وتجمل أخلاقه ، وترق أحاسيسه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا بأن حافظ القرآن هم أصفياء الله وخاصته ، وأولياؤه وأنصاره ، وذلك فيما رواه أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله من هم ؟ قال هم أهل القرآن أهل الله وخاصته" رواه ابن ماجه .

وفقني الله وإياك إلى تلاوة كتابه حق تلاوته والعمل بأحكامه وأوامره، واجتناب نواهيه وزواجره.

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:24 PM
{ وفي الأرض آيات للموقنين }

زغلول النجار (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=articles&scholar_id=211)

يستهل ربنا‏ تبارك وتعالى‏ سورة الذاريات بقسمِ منه -وهو سبحانه الغني عن القسم- وجاء القسم بعدد من آياته الكونية على أنَّ وعده لعباده وعدٌ صادق‏,‏ وأن دينه الذي أنزله على فترة من الرسل‏,‏ والذي أتمه في بعثة النبي والرسول الخاتم‏‏ صلى الله عليه وسلم‏‏ والذي سماه الإسلام‏,‏ والذي لا يرتضي من عباده ديناً سواه لهو حقٌ واقعٌ لاشك فيه‏.‏

ثم عاود ربنا‏ تبارك اسمه‏‏ القسم مرة أخرى بالسماء ذات الحبك، على أن الناس مختلفون في أمر يوم الدين بين مكذب ومصدق‏,‏ وأن المكذبين الذين شغلتهم الحياة الدنيا عن التفكير في مصيرهم بعد الموت يُصرفون عن حقيقة هذا اليوم الرهيب‏,‏ ثم تعرض الآيات مصير كل من المكذبين والمصدقين بالآخرة‏,‏ كما تعرض عدداً من صفات كل من الفريقين‏,‏ ثم تعاود السورة في سياقها الاستدلال بعدد من الآيات الكونية الأخرى في الأرض وفي الأنفس وفي الآفاق، على أن وحي الله‏ تعالى‏ إلى عباده في القرآن الكريم حقٌ مطلقٌ يجب على الناس تصديقه كما يصدقون ما ينطقون هم أنفسهم به‏...!!!‏

ومن هذه الآيات الكونية التي استشهد بها الحق تبارك وتعالى‏ على صدق وحيه في آخر رسالاته وكتبه، قوله وهو أصدق القائلين:‏
{ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ }

فما هي آيات الله في الأرض الدالة على طلاقة قدرته‏,‏ وعظيم حكمته‏,‏ وإحاطة سلطانه وعلمه؟ ما هذه الآيات التي استشهد بها‏ سبحانه وتعالى وهو الغني عن كل شهادة على صدق وحيه الذي أنزله على خاتم أنبيائه ورسله؟ هذا الوحي الذي تعهد‏ سبحانه‏ بحفظه فحُفِظَ على مدى أربعة عشر قرناً أو يزيد بنفس اللغة التي أوحِيَ بها‏(‏اللغة العربية‏),‏ سورةً سورة‏,‏ وآيةً آية‏,‏ وكلمةً كلمة‏,‏ وحرفاً حرفا‏,‏ دون أدنى زيادة أو نقصان‏. وهذا وحده من أعظم الشهادات على صدق القرآن الكريم وإعجازه‏,‏ وعلى أنه كلام الله الخالق‏,‏ وعلى صدق الصادق الأمين الذي تلقّاه عن ربه‏,‏ وعلى صدق نبوَّته ورسالته‏ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من تَبِع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين.


الدلالة اللغوية لألفاظ الآية الكريمة

﴿‏الأَرْضِ﴾ في اللغة العربية اسم جنس للكوكب الذي نحيا عليه‏,‏ تمييزاً له عن بقية الكون‏,‏ والذي يجمع تحت اسم السماوات أو السماء‏,‏ ولفظة ‏﴿‏الأَرْضِ﴾‏ مؤنثة‏,‏ والأصل أن يقال لها‏ (‏أرضة‏)‏ والجمع ‏(أرضات‏)‏ و ‏(‏أرضون‏)‏ بفتح الراء أو بتسكينها‏,‏ وقد تُجمع على‏(أروض‏)‏ و‏(آراض‏),‏ ولفظة‏ (الأراضي‏)‏ تستخدم على غير قياس‏.

ويعبر‏(‏بالأرض‏)‏ عن أسفل الشيء‏,‏ كما يعبر بالسماء عن أعلاه‏,‏ فكل ما سَفُلَ فهو‏(‏أرض‏),‏ وكل ما علا فهو سماء‏,‏ ويقال‏: (أرض أريضة)‏ أي حسنة النبت‏,‏ زكية بيِّنة الزكاء أو‏(الأراضة‏),‏ كما يقال‏http://www.awda-dawa.com/vb/images/smilies/frown.gif تأرض‏)‏ النبت بمعنى تمكن على الأرض فكثر‏,‏ و‏(‏تأرض‏)‏ الجدي إذا تناول نبت ‏(‏الأرض‏),‏ ويقال أيضاً‏: (‏الأرض النفضة‏)‏ و‏(الأرض الرعدة‏)‏ أي التي تنتفض وترتعد أثناء حدوث الهزات الأرضية والثورانات البركانية‏.

و‏(الأَرَضَة‏)‏ بفتحتين: دودة‏(دويبة‏)‏ تأكل الخشب‏,‏ يقال‏http://www.awda-dawa.com/vb/images/smilies/frown.gif‏أَرَضَت‏)‏ الأخشاب‏(‏تُؤْرَض‏)(أرضاً‏)‏ فهي‏ (مأروضة)‏ إذا أكلتها‏(الأَرَضَة‏),‏ ولم تسمِّ العرب فاعلاً لهذا الفعل.


الأرض في القرآن الكريم




جاء ذكر الأرض في أربعمائة وواحد وستين ‏(461)‏ موضعاً من كتاب الله‏,‏ منها ما يشير إلى الأرض ككل في مقابلة السماء‏,‏ ومنها ما يشير إلى اليابسة التي نحيا عليها كلها‏,‏ أو إلى جزء منها‏, (واليابسة هي جزء من الغلاف الصخري للأرض، وهي كتل القارات السبع المعروفة والجزر المحيطية العديدة‏),‏ ومنها ما يشير إلى التربة التي تغطي صخور الغلاف الصخري للأرض‏.‏

وفي هذه الآيات إشاراتٌ إلى العديد من الحقائق العلمية عن الأرض، والتي يمكن تبويبها بإيجازٍ على النحو التالي‏:‏

‏(1)‏ آياتٌ تأمر الإنسان بالسَّير في الأرض‏,‏ والنظر في كيفية بدء الخلق‏,‏ وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض.

‏(2)‏ آياتٌ تشير إلى شكل وحركات وأصل الأرض‏,‏ منها ما يصف كروية الأرض‏,‏ ومنها ما يشير إلى دورانها‏,‏ ومنها ما يؤكد على عِظَمِ مواقع النجوم منها‏,‏ أو على حقيقة اتساع الكون و‏(‏الأرض جزء منه‏),‏ أو على بدء الكون بجرم واحد ‏(‏مرحلة الرتق‏),‏ ثم انفجار ذلك الجرم الأول ‏(مرحلة الفتق‏),‏ أو على بدء خلق كل من الأرض والسماء من دخان‏,‏ أو على انتشار المادة بين السماء والأرض‏ (المادة بين الكواكب وبين النجوم وبين المجرات‏),‏ أو على تطابق كل من السماوات والأرض ‏(أي تطابق الكون‏).

‏(3)‏ آيةٌ قرآنيةٌ واحدةٌ تؤكد أن كل الحديد في كوكبنا الأرض قد أنزل إليها من السماء إنزالاً حقيقياً‏.

‏(4)‏ آيةٌ قرآنيةٌ تؤكد حقيقة أن الأرض ذات صدع‏,‏ وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا‏.

‏(5)‏ آياتٌ قرآنيةٌ تتحدث عن عددٍ من الظواهر البحرية المهمة، من مثل ظلمات البحار والمحيطات‏ (‏ودور الأمواج الداخلية والسطحية في تكوينها‏),‏ وتسجير بعض هذه القيعان بحرارة عالية‏,‏ وتمايز المياه فيها إلى كتل متجاورة لا تختلط اختلاطاً كاملاً,‏ نظراً لوجود حواجز أفقية ورأسية غير مرئية تفصل بينها‏,‏ ويتأكد هذا الفصل بين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار‏,‏ مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين مياه البحار المتصلة ببعضها البعض.

‏(6)‏ آياتٌ قرآنيةٌ تتحدث عن الجبال‏,‏ منها ما يصفها بأنها أوتاد‏,‏ وبذلك يصف كلاً من الشكل الخارجي‏ (الذي على ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل‏)‏ والامتداد الداخلي ‏(‏الذي يشكل غالبية جسم الجبل‏),‏ كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وفي اتزان دورانها حول محورها‏,‏ وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخرى‏ وردت بها. كذلك إشارات إلى عدد من الوظائف والصفات الإضافية للجبال من مثل دورانها مع الأرض‏,‏ أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة.‏ أو دورها في إنزال المطر‏,‏ وتغذية الأنهار‏,‏ وشق الأودية والفجاج أو في جريان السيول.

‏(7)‏ آياتٌ قرآنيةٌ تشير إلى نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض‏,‏ وذلك بإخراج مكوناتهما من باطن الأرض‏,‏ أو تصف الطبيعة الرجعية لغلافها الغازي‏,‏ أو تؤكد حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي‏,‏ أو على تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض‏,‏ أو على تبادل الليل والنهار‏,‏ وعلى رقة طبقة النهار حول نصف الأرض المواجهة للشمس‏,‏ أو على أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها‏,‏ ثم محو ضوئه‏.‏

‏(8)‏ آياتٌ تشير إلى رقة الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وإلى تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه‏,‏ وإلى تناقص الأرض من أطرافها‏.‏

‏(9)‏ آياتٌ تؤكد إسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلى دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخورها‏,‏ أو تؤكد علاقة الحياة بالماء‏,‏ أو تلمح إلى إمكانية تصنيف الكائنات الحية‏.‏

‏(10)‏ آياتٌ تؤكد أن عملية الخلق قد تمت على مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة.

‏(11)‏ آياتٌ قرآنيةٌ تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما‏(‏أي الكون كله‏)‏ بعملية معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد‏,‏ أرضاً غير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة‏.‏

هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن‏,‏ بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة المتأخرة منه، عبر جهودٍ مضنيةٍ‏,‏ وتحليلٍ دقيقٍ لكمٍ هائلٍ من الملاحظات والتجارب العلمية في مختلف جنبات الجزء المُدْرَكِ من الكون‏,‏ وأن السبق القرآني في الإشارة إلى مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهى الدقة العلمية واللغوية في التعبير‏,‏ والإحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد جانباً مهماً من جوانب الإعجاز في كتاب الله‏,‏ وهو جانب الإعجاز العلمي‏,‏ ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره‏,‏ إلا أن الإعجاز العلمي يبقى من أنجح أساليب الدعوة إلى الله في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه‏.‏

ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلى الهداية الربانية‏.‏ كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية‏,‏ وذلك لأن ثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية من مثل إشاراته إلى عدد من حقائق علوم الأرض‏,‏ وهي من الأمور المادية الملموسة التي يمكن للعلماء التجريبيين إثباتها لأدعي إلى التسليم بحقائق القرآن الأخرى خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية‏ (من مثل قضايا العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات‏)‏ والتي تمثل ركائز الدين‏,‏ ولا سبيل للإنسان في الوصول إلى قواعد سليمة لها وإلى ضوابط صحيحة فيها، إلا عن طريق بيان رباني خالص لا يداخله أدنى قدر من التصوُّر البشري‏.‏


من آيات الله في خلق الأرض وجعْلها صالحة للعمران

الأرض هي أحد أفراد المجموعة الشمسية التي تتكون من تسعة كواكب‏ أساسية‏,‏ يدور كل منها حول نفسه‏,‏ ويجري في مدار محدد له حول الشمس‏,‏ وهناك مدار للكويكبات بين كل من كوكبي المريخ والمشترى يعتقد أنها بقايا لكوكب عاشر قد انفجر‏,‏ وهناك احتمال بوجود كوكب حادي عشر لم يتم كشفه أو رصده بعد‏,‏ ولكن تم التوقع بوجوده بواسطة الحسابات الفلكية‏.‏

وكواكب المجموعة الشمسية المعروفة لنا هي من الداخل إلى الخارج على النحو التالي‏:‏
عطارد‏,‏ الزهرة‏,‏ الأرض‏,‏ المريخ‏,‏ الكويكبات‏,‏ المشترى‏,‏ زحل‏,‏ يورانوس‏,‏ نبتيون‏,‏ بلوتو‏,‏ بروسوبينا‏(‏ أوبريينا‏).‏

وهناك بعد ذلك نطق المذنبات التي تدور حول الشمس في مدارات مغلقة أو مفتوحة على مسافات بعيدة جداً وتعتبر جزءاً من المجموعة الشمسية‏.‏

ويقدَّر متوسط المسافة بين الشمس وأقرب كواكبها‏(‏عطارد‏)‏ بحوإلى ‏58‏ مليون كيلو متر ‏(بين‏46‏ مليون‏,69‏ مليون كيلو متر‏),‏ ويقدر متوسط المسافة بين الأرض والشمس بحوإلى‏ 150‏ مليون كيلو متر‏,‏ ويبعد بلوتو عن الشمس بمسافة تقدر في المتوسط بحوإلى ‏6000‏ مليون كيلو متر‏,‏ ويقدر متوسط بعد الكوكب المقترح بروسوبينا بحوإلى ضعف هذه المسافة ‏(12‏ بليون كيلو متر‏),‏ ويبعد نطاق المذنبات عن الشمس عشرات أضعاف المسافة الأخيرة‏.‏

وعلى ذلك فالأرض هي ثالثة الكواكب بعداً عن الشمس‏,‏ وهي تجري حول الشمس في فلك بيضاني‏ (‏إهليلجي‏)‏ قليل الاستطالة بسرعة تقدر بحوالي‏30‏ كيلو متر في الثانية ‏(29,6‏ كيلو مترا في الثانية‏)‏ لتتم دورتها هذه في سنة شمسية مقدارها‏365,25‏ يوم تقريباً,‏ وتدور حول نفسها بسرعة مقدارها حوالي‏30‏ كيلو مترا في الدقيقة (27,8‏ كيلو متر في الدقيقة‏)‏ عند خط الاستواء فتتم دورتها هذه في يوم مقداره ‏24‏ ساعة تقريباً‏,‏ يتقاسمه ليل ونهار‏,‏ بتفاوت يزيد وينقص حسب الفصول‏,‏ التي تنتج بسبب ميل محور دوران الأرض على دائرة البروج بزاوية مقدارها ست وستون درجة ونصف تقريباً,‏ ويعزى للسبب نفسه تتابع الدورات الزراعية‏,‏ وهبوب الرياح‏,‏ وهطول الأمطار‏,‏ وفيضان الأنهار بإذن الله‏.‏

والأرض كوكب فريد في كل صفة من صفاته‏,‏ مما أهَّله بجدارة أن يكون مهداً للحياة الأرضية بكل مواصفاتها‏,‏ ولعل هذا التأهيل هو أحد مقاصد الآية القرآنية الكريمة التي يقول فيها الحق‏ تبارك وتعالى { وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ } ولعل من أوضح هذه الآيات البينات ما يلي‏:‏

أولاً:‏ بعد الأرض عن الشمس‏

يقدر متوسط المسافة بين الأرض والشمس بحوالي مائة وخمسين مليوناً من الكيلومترات‏,‏ وقد استخدمت هذه المسافة كوحدة فلكية للقياس في فسحة الكون‏,‏ ولما كانت كمية الطاقة التي تصل من الشمس إلى كل كوكب في مجموعتها تتناسب تناسباً عكسياً مع بعد الكوكب عن الشمس‏,‏ وكذلك تتناسب سرعة جريه في مداره حولها‏,‏ بينما يتناسب طول سنة الكوكب تناسباً طردياً مع بعده عنها ‏(وسنة الكوكب هي المدة التي يستغرقها في إتمام دورة كاملة حول الشمس‏),‏ اتضحت لنا الحكمة البالغة من تحديد بعد الأرض عن الشمس‏,‏ فقد قُدِّرت الطاقة التي تشعها الشمس من كل سنتيمتر مربع على سطحها بحوالي عشرة أحصنة ميكانيكية‏,‏ ولا يصل الأرض سوى جزء واحد من بليوني جزء من هذه الطاقة الهائلة‏,‏ وهو القدر المناسب لنوعية الحياة الأرضية‏,‏ ولتنشيط القوى الخارجية التي تعمل على تسوية سطح الأرض‏,‏ وتكوين التربة‏,‏ وتحريك دورة المياه حول الأرض‏,‏ وغير ذلك من الأنشطة الأرضية‏.‏ ولطاقة الشمس الإشعاعية صور عديدة أهمها‏:‏ الضوء الأبيض‏,‏ والحرارة‏(الأشعة تحت الحمراء‏),‏ والأشعة السينية‏,‏ والأشعة فوق البنفسجية‏,‏ ونسب هذه المكونات للطاقة الشمسية ثابتة فيما بينها‏,‏ وإن اختلفت كمية الإشعاع الساقط على أجزاء الأرض المختلفة بإختلاف كل من الزمان والمكان‏.‏

وحزمة الضوء الأبيض تتكون من الأطياف السبعة‏(‏الأحمر‏,‏ والبرتقالي‏,‏ والأصفر‏,‏ والأخضر‏,‏ والأزرق‏,‏ والنيلي‏,‏ والبنفسجي‏)‏ وتقدر نسبتها في الأشعة الشمسية التي تصل إلى الأرض بحوالي 38%,‏ ولها أهمية بالغة في حياة كل من النبات والحيوان والإنسان‏,‏ وتبلغ أقصى مدى عند منتصف النهار عموماً,‏ وعند منتصف نهار الصيف خصوصاً‏,‏ لأن قوة إنارة أشعة الشمس لسطح الأرض تبلغ في الصيف ضعفي ما تبلغه في الشتاء‏.‏

أما الأشعة تحت الحمراء فتقدر نسبتها في أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض بحوالي 53%,‏ ولها دورها المهم في تدفئة الأرض وما عليها من صور الحياة‏,‏ وفي كافة العمليات الكيميائية التي تتم على سطح الأرض وفي غلافها الجوي‏,‏ الذي يرُُدُّعنا قدراً هائلاً من حرارة الشمس‏,‏ فكثافة الإشعاع الشمسي والتي تقدر بحوالي ‏2‏ سعر حراري على كل سنتيمتر مربع من جو الأرض في المتوسط، يتشتت جزء منها بواسطة جزيئات الهواء‏,‏ وقطرات الماء‏,‏ وهباءات الغبار السابحة في جو الأرض‏,‏ ويمتص جزء آخر بواسطة كل من غاز الأوزون وبخار الماء‏,‏ ومتوسط درجة الحرارة على سطح الأرض يقدر بحوالي عشرين درجة مئوية وإن تراوحت بين حوالي‏74‏ درجة مئوية تحت الصفر في المناطق القطبية المتجمدة و‏55‏ درجة مئوية في الظل في أشد المناطق والأيام قيظاً‏.‏

أما الأشعة فوق البنفسجية فتقدر نسبتها بحوالي9%‏ من مجموع أشعة الشمس التي تصل إلى الأرض؛ وذلك لأن غالبيتها تمتص أو ترد بفعل كل من النطاق المتأين ونطاق الأوزون الذي جعلهما ربنا‏ -تبارك وتعالى‏-‏ من نطق الحماية للحياة على الأرض‏,‏ ويقدر ما يصل إلى الأرض من طاقة الشمس بحوالي ثلاثة عشر مليون حصاناً ميكانيكياً على كل كيلومترٍ مربعٍ من سطح الأرض في كل ثانية، وتقدر قيمته ببلايين الدولارات مما لا قبل للبشرية كلها بتحمله أو وفاء شكر الله عليه‏...!!!‏

ولو كانت الأرض أقرب قليلاً إلى الشمس لكانت كمية الطاقة التي تصلها كافية لإحراق كافة صور الحياة على سطحها‏,‏ ولتبخير مياهها‏,‏ ولخلخلة غلافها الغازي‏.‏

فكوكب عطارد الذي يقع على مسافة تقدر بحوإلى‏0.39‏ من بعد الأرض عن الشمس تتراوح درجة حرارة سطحه بين‏220‏ درجة مئوية في وجهه المضيء و‏27‏ درجة مئوية في وجهه المظلم‏,‏ وكوكب الزهرة الذي يقع على مسافة تقدر بحوالي‏0.72‏ من بعد الأرض عن الشمس تصل درجة الحرارة على سطحه إلى‏457‏ درجة مئوية‏(730‏ درجة مطلقة‏).‏

وعلى النقيض من ذلك فإن الكواكب الخارجة عن الأرض‏(‏المريخ‏,‏ المشتري‏,‏ زحل‏,‏ يورانوس‏,‏ نبتيون‏,‏ بلوتو‏)‏ لا يصلها قدرٌ كافٍ من حرارة الشمس فتعيش في برودة قاتلة لا تقوى الحياة الأرضية على تحملها‏.‏

ولذلك فإنه من الواضح أن بعد الأرض عن الشمس قد قدره ربنا‏ -تبارك وتعالى‏-‏ بدقة بالغة تسمح للأرض بتلقي قدر من طاقة الشمس يتناسب تماماً مع حاجات جميع الكائنات الحية على سطحها‏,‏ وفي كل من مياهها‏,‏ وهوائها بغير زيادة أو نقصان إلا في الحدود الموائمة لطبيعة الحياة الأرضية في مختلف فصول السنة‏.‏

فلو كانت الأرض على مسافة من الشمس تقدر بنصف بعدها الحالي، لزادت كمية الطاقة التي تتلقاها أرضنا منها إلى أربعة أمثال كميتها الحالية ولأدى ذلك إلى تبخير الماء وخلخلة الهواء واحتراق جميع صور الحياة على سطحها‏..!!!‏

ولو كانت الأرض على ضعف بعدها الحالي من الشمس لنقصت كمية الطاقة التي تتلقاها إلى ربع كميتها الحالية‏,‏ وبالتالى لتجمدت جميع صور الحياة واندثرت بالكامل‏.‏

وباختلاف بعد الأرض عن الشمس قرباً أو بعداً يختلف طول السنة‏,‏ وطول كل فصل من الفصول نقصاً أو زيادةً مما يؤدي إلى اختلال ميزان الحياة على سطحها‏,‏ فسبحان من حدد للأرض بعدها عن الشمس وحفظها في مدارها المحدد وحفظ الحياة على سطحها من كل سوء‏...!!!‏

ثانياً:‏ أبعاد الأرض‏

يقدر حجم الأرض بحوالي مليون كيلومتر مكعب‏,‏ ويقدر متوسط كثافتها بحوالي ‏5,52‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ وعلى ذلك فإن كتلتها تقدر بحوالي الستة آلاف مليون مليون مليون طن‏,‏ ومن الواضح أن هذه الأبعاد قد حددها ربنا‏ -تبارك وتعالى-‏ بدقة وحكمة بالغتين‏,‏ فلو كانت الأرض أصغر قليلاً لما كان في مقدورها الاحتفاظ بأغلفتها الغازية‏,‏ والمائية‏,‏ وبالتالي لاستحالت الحياة الأرضية‏,‏ ولبلغت درجة الحرارة على سطحها مبلغاً يحول دون وجود أي شكل من أشكال الحياة الأرضية‏,‏ وذلك لأن الغلاف الغازي للأرض به من نطق الحماية ما لا يمكن للحياة أن توجد في غيبتها‏,‏ فهو يرد عنا جزءاً كبيراً من حرارة الشمس وأشعتها المهلكة‏,‏ كما يرد عنا قدراً هائلاً من الأشعة الكونية القاتلة‏,‏ وتحترق فيه بالاحتكاك بمادته أجرام الشهب وأغلب مادة النيازك‏,‏ وهي تهطل على الأرض كحبات المطر في كل يوم‏.‏

ولو كانت أبعاد الأرض أكبر قليلاً من أبعادها الحالية لزادت قدرتها على جذب الأشياء زيادة ملحوظة مما يعوق الحركة‏,‏ ويحول دون النمو الكامل لأي كائن حي على سطحها إن وجد‏,‏ وذلك لأن الزيادة في جاذبية الأرض تمكنها من جذب المزيد من صور المادة والطاقة في غلافها الغازي فيزداد ضغطه على سطح الأرض‏,‏ كما تزداد كثافته فتعوق وصول القدر الكافي من أشعة الشمس إلى الأرض‏,‏ كما قد تؤدي إلى احتفاظ الأرض بتلك الطاقة كما تحتفظ بها الصوب النباتية على مر الزمن فتزداد باستمرار وترتفع حرارتها ارتفاعاً يحول دون وجود أي صورة من صور الحياة الأرضية على سطحها‏.‏

ويتعلق طول كل من نهار وليل الأرض وطول سنتها‏,‏ بكل من بعد الأرض عن الشمس‏,‏ وبأبعادها ككوكب يدور حول محوره‏,‏ ويجري في مدار ثابت حولها‏.‏

فلو كانت سرعة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس أعلى من سرعتها الحالية لقصر طول اليوم الأرضي‏(‏بنهاره وليله‏)‏ قصراً مخلاً,‏ ولو كانت أبطأ من سرعتها الحالية لطال يوم الأرض طولاً مخلاً‏,‏ وفي كلتا الحالتين يختل نظام الحياة الأرضية اختلالاً قد يؤدي إلى إفناء الحياة على سطح الأرض بالكامل‏,‏ إن لم يكن قد أدى إلى إفناء الأرض ككوكب إفناءً تاماً‏,‏ وذلك لأن قصر اليوم الأرضي أو استطالته‏(بنهاره وليله)‏ يخل إخلالاً كبيراً بتوزيع طاقة الشمس على المساحة المحددة من الأرض‏,‏ وبالتالي يخل بجميع العمليات الحياتية من مثل النوم واليقظة‏,‏ والتنفس والنتح‏,‏ وغيرها‏,‏ كما يخل بجميع الأنشطة المناخية من مثل الدفء والبرودة‏,‏ والجفاف والرطوبة‏,‏ وحركة الرياح والأعاصير والأمواج‏,‏ وعمليات التعرية المختلفة‏,‏ ودورة المياه حول الأرض وغيرها من أنشطة‏.‏ كذلك فلو لم تكن الأرض مائلة بمحورها على مستوى مدار الشمس ما تبادلت الفصول‏,‏ وإذا لم تتبادل الفصول اختل نظام الحياة على الأرض‏.‏

وبالإضافة إلى ذلك فإن تحديد مدار الأرض حول الشمس بشكله البيضاني ‏(الإهليلجي‏),‏ وتحديد وضع الأرض فيه قرباً وبعداً على مسافات منضبطة من الشمس يلعب دوراً مهماً في ضبط كمية الطاقة الشمسية الواصلة إلى كل جزء من أجزاء الأرض وهو من أهم العوامل لجعلها صالحة لنمط الحياة المزدهرة على سطحها‏,‏ وهذا كله ناتج عن الاتزان الدقيق بين كل من القوة الطاردة‏ (النابذة‏)‏ المركزية التي دفعت بالأرض إلى خارج نطاق الشمس‏,‏ وشدة جاذبية الشمس لها‏,‏ ولو اختل هذا الاتزان بأقل قدر ممكن فإنه يعرض الأرض إما للابتلاع بواسطة الشمس حيث درجة حرارة قلبها تزيد عن خمسة عشر مليوناً من الدرجات المطلقة‏,‏ أو تعرضها للانفلات من عقال جاذبية الشمس فتضيع في فسحة الكون المترامية فتتجمد بمن عليها وما عليها‏,‏ أو تحرق بواسطة الأشعة الكونية‏,‏ أو تصطدم بجرم آخر‏,‏ أو تبتلع بواسطة نجم من النجوم‏,‏ والكون من حولنا مليء بالمخاطر التي لا يعلم مداها إلا الله‏ تعالى ,‏ والتي لا يحفظنا منها إلا رحمته‏ -سبحانه وتعالى-‏ ويتمثل جانب من جوانب رحمة الله بنا في عدد من السنين المحددة التي تحكم الأرض كما تحكم جميع أجرام السماء في حركة دقيقة دائبة لا تتوقف ولا تتخلف حتي يرث الله الأرض ومن عليها‏.‏

ثالثاً‏:‏ بنية الأرض‏

أثبتت دراسات الأرض أنها تنبني من عدة نطق محددة حول كرة مصمتة من الحديد والنيكل تعرف باسم لب الأرض الصلب‏ (‏الداخلي‏)‏. ولهذا اللب الصلب كما لكل نطاق من نطق الأرض دوره في جعل هذا الكوكب صالحاً للعمران بالحياة الأرضية في جميع صورها‏.‏

وتقسم النطق الداخلية للأرض على أساس من تركيبها الكيميائي أو على أساس من صفاتها الميكانيكية باختلافات بسيطة بين العلماء‏,‏ وتترتب بنية الأرض من الداخل إلى الخارج على النحو التالي:‏

‏(1)‏ لب الأرض الصلب (الداخلي‏):‏
وهو عبارة عن نواة صلبة من الحديد‏ (90%)‏ وبعض النيكل‏(9%)‏ مع قليل من العناصر الخفيفة من مثل الفوسفور‏,‏ الكربون‏,‏ السيليكون‏(1%),‏ وهو نفس تركيب النيازك الحديدية تقريباً‏.‏ ويبلغ قطر هذه النواة حوالي‏2402‏ كيلو متر‏,‏ ويمتد نصف قطرها من مركزها على عمق‏6371‏ كيلومتراً إلى عمق‏5170‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏.‏

ولما كانت كثافة الأرض في مجموعها تقدر بحوالي‏5,52‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ بينما تختلف كثافة قشرة الأرض بين‏2,7‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏,‏ وحوالي‏3‏ جرامات للسنتيمتر المكعب‏,‏ فإن الاستنتاج المنطقي يؤدي إلى أن كثافة لب الأرض لابد وأن تتراوح بين‏10‏ و‏13,5‏ جرام للسنتيمتر المكعب‏.‏

‏(2)‏ نطاق لب الأرض السائل ‏(الخارجي‏):‏
وهو نطاق سائل يحيط باللب الصلب‏,‏ وله نفس تركيبه الكيميائي تقريباً-وإن كانت مادته منصهرة-‏,‏ ويبلغ سمكه‏2275‏ كيلو مترا‏ (‏من عمق‏5170‏ كيلو مترا إلى عمق‏2885‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏),‏ ويفصل هذا النطاق عن اللب الصلب منطقة انتقالية يبلغ سمكها‏450‏ كيلومتراً تمثل بدايات عملية الانصهار وعلى ذلك فهي شبه منصهرة ‏(وتمتد من عمق‏5170‏ كيلومتراً إلى عمق‏4720‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏)‏ ويكون كل من لب الأرض الصلب ولبها السائل حوالي 31%‏ من كتلتها‏.‏

‏(3),(4),(5)‏ نطق وشاح الأرض‏:‏
يحيط وشاح الأرض بلبها السائل‏,‏ ويبلغ سمكه حوالي‏2765‏ كيلومتراً ‏(من عمق‏2885‏ كيلومتراً إلى عمق‏120‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏),‏ ويفصله إلى ثلاثة نطق مميزة مستويان من مستويات انقطاع الموجات الاهتزازية الناتجة عن الزلازل‏,‏ يقع أحدهما على عمق‏670‏ كيلومتراً‏,‏ ويقع الآخر على عمق‏400‏ كيلومتراً من سطح الأرض‏,‏ وبذلك ينقسم وشاح الأرض إلى وشاح سفلي ‏(يمتد من عمق‏2885‏ كيلومتراً إلى عمق‏670‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏),‏ ووشاح متوسط‏ (يمتد من عمق‏670‏ كيلومتراً إلى عمق‏400‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏),‏ ووشاح علوي‏ (‏يمتد من عمق‏400‏ كيلومتراً إلى عمق يتراوح بين‏65‏ كيلومتراً تحت المحيطات‏,‏ وعمق‏120‏ كيلومتراً تحت سطح القارات‏).‏

وقمة الوشاح العلوي ‏(من عمق‏65‏ ـ‏120‏ كيلومتراً إلى عمق‏200‏ كيلومتر تحت سطح الأرض‏)‏ يعرف باسم نطاق الضعف الأرضي لوجوده في حالة لزجة‏,‏ شبه منصهرة‏ (‏أي منصهرة انصهاراً جزئياً في حدود نسبة‏1%).‏

‏(6),(7)‏ الغلاف الصخري للأرض:
ويتراوح سمكه بين‏65‏ كيلومتراً تحت قيعان البحار والمحيطات‏,120‏ كيلومتراً تحت القارات‏,‏ ويقسمه خط انقطاع الموجات الاهتزازية المسمى باسم الموهو، إلى قشرة الأرض وإلى ما تحت قشرة الأرض.

وتمتد قشرة الأرض إلى عمق يتراوح بين‏5‏ و‏8‏ كيلومترات تحت قيعان البحار والمحيطات‏,‏ وبين‏60‏ و‏80‏ كيلومتراً تحت القارات‏,‏ ويمتد ما تحت القشرة إلى عمق‏120‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏.‏
وللأرض مجال جاذبية يزداد مع العمق حتى يصل إلى قمته عند الحد الفاصل بين وشاح الأرض ولبها‏(على عمق‏2885‏ كيلومتراً تحت سطح الأرض‏)‏ ثم يبدأ في التناقص‏ (بسبب الجذب الذي يحدثه عمود الصخور فوق هذا العمق‏)‏ حتى يصل إلى الصفر في مركز الأرض‏.‏ ولولا جاذبية الأرض لهرب منها غلافها الغازي‏,‏ ولو حدث ذلك ما أمكنها أن تكون صالحة لاستقبال الحياة‏,‏ وذلك لأن هناك حداً أدنى لسرعة الهروب من جاذبية الأرض يقدر بحوالي‏11,2‏ كيلومتر في الثانية‏,‏ بمعنى أن الجسم لكي يستطيع الإفلات من جاذبية الأرض فعليه أن يتحرك في عكس اتجاه الجاذبية بسرعة لا تقل عن هذه السرعة‏.‏

ولما كانت حركة جسيمات المادة في الغلاف الغازي للأرض أقل من تلك السرعة بكثير، فقد أمكن للأرض‏ (بتدبير من الله تعالى‏)‏ أن تحتفظ بغلافها الغازي‏,‏ ولو فقدته ولو جزئياً لاستحالت الحياة على الأرض‏,‏ ولأمطرت بوابل من الأشعات الكونية والشمسية‏,‏ ولرجمت بملايين من النيازك التي كانت كفيلة بتدميرها‏...!!!‏
كذلك فإن للأرض مجالاً مغناطيسياً ثنائي القطبية‏,‏ يعتقد أن له صلة وثيقة بلب الأرض الصلب وحركة إطاره السائل من حوله‏,‏ ويتولد المجال المغناطيسي للأرض كما يتولد لأي جسم آخر من حركة المكونات فيها وفيه‏,‏ وذلك لأن الجسيمات الأولية للمادة‏ (وهي في غالبيتها مشحونة بالكهرباء‏)‏ تتحرك سواء كانت طليقة أو مرتبطة في داخل ذرات المادة‏,‏ وهي حينما تتحرك تولد مجالاً مغناطيسياً‏,‏ والمجال المغناطيسي لأية نقطة في فسحة الكون يمثل بمحصلة اتجاه تمتد من القطب المغناطيسي الجنوبي للمادة إلى قطبها الشمالي في حركة معاكسة لاتجاه عقرب الساعة ومماثلة لحركة الطواف حول الكعبة المشرفة‏.‏

والمجال المغناطيسي للأرض كون لها(بإرادة الله تعالى‏)‏ غلافاً مغناطيسياً يعرف باسم النطاق المغناطيسي للأرض وهو يلعب دوراً مهماً في حماية الأرض من الأشعة الكونية بتحكمه في حركة الجسيمات المشحونة القادمة إلينا من فسحة الكون فيجعلها تدور من أحد قطبي الأرض المغناطيسيين إلى الآخر دون الدخول إلى المستويات المنخفضة من غلافها الغازي‏.‏

ويمتد المجال المغناطيسي للأرض إلى مسافة تقدر بخمسين ألف كيلومتر فوق سطحها‏,‏ وكونت الجسيمات المشحونة القادمة من السماء والتي أسرها المجال المغناطيسي للأرض زوجين من أحزمة الاشعاع هلالي الشكل على ارتفاع ألفي كيلو متر وخمسين ألف كيلومتر على التوالي يحيط كل زوج منهما بالأرض من إحدى جهاتها‏,‏ ويحيط الزوج الآخر من الجهة الأخرى وهذه الحلقات من أحزمة الإشعاع تحاصر الأرض مع مستوى مركزي منطبق على المستوى الاستوائي المغناطيسي لها‏,‏ وتحميها من وابل الأشعة الكونية المتساقط باتجاهها في كل لحظة‏,‏ ولولا هذه الحماية الربانية لهلكنا وهلكت جميع صور الحياة من حولنا‏,‏ والجرعة الإشعاعية في أحزمة الإشعاع تلك عالية الشدة لا تطيقها أية صورة من صور الحياة الأرضية‏,‏ وتبلغ الشدة الإشعاعية مداها في نطاق المنطقة الاستوائية للحزام الإشعاعي للأرض‏.‏

وللأرض كذلك نشاط ديناميكي يتمثل في حركة ألواح الغلاف الصخري لها‏,‏ الممزق بشبكة هائلة من الصدوع‏,‏ وتتحرك تيارات الحمل العنيفة المندفعة من نطاق الضعف الأرضي لتحرك تلك الألواح إما متباعدة عن بعضها البعض فتكون قيعان البحار والمحيطات وتساعد على عملية اتساعها وتجديد مادتها باستمرار‏,‏ وإما مصطدمة مع بعضها البعض فتكون السلاسل الجبلية‏,‏ وتصاحب العمليتان بتكون السلاسل الجبلية وبالعديد من الهزات الأرضية‏,‏ والثورانات البركانية التي تثري سطح الأرض بالخيرات المعدنية والصخرية المختلفة‏.‏

والجبال لعبت ولاتزال تلعب دورا رئيسياً في تثبيت الغلاف الصخري للأرض‏,‏ ولولا هذا التثبيت ما تكونت التربة‏,‏ ولا دارت دورة المياه‏,‏ ولا خزنت المياه تحت السطحية‏,‏ ولا نبتت نبتة‏,‏ ولا أمكن لكائن حي أن يستقر على سطح الأرض‏.‏

كذلك لعبت الجبال ولاتزال تلعب دوراً مهماً في تثبيت الأرض ككوكب يدور حول نفسه‏,‏ وتقلل من درجة ترنحه كما تقلل قطع الرصاص التي توضع في إطارات السيارات من معدل ترنحها‏.‏ ولولا نطاق الضعف الأرضي ما أمكن لهذه العمليات الداخلية للأرض أن تتم‏,‏ وهي من ضرورات جعلها صالحة للعمران‏.‏


هذه بعض آيات الله في الأرض وهي أكثر من أن تحصى في مقال واحد‏,‏ أشارت إليها هذه الآية الكريمة التي يقول فيها ربنا‏ تبارك وتعالى :

{ وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ }

فسبحان من خلق الأرض بهذا القدر من الاحكام والإتقان‏,‏ وترك فيها من الآيات ما يشهد لخالقها بطلاقة القدرة‏,‏ وإحكام الصنعة‏,‏ وشمول العلم كما يشهد له تعالى‏ بجلال الربوبية وعظمة الألوهية‏,‏ والتفرد بالوحدانية‏,‏ وسبحان الذي أنزل هذه الآية الكريمة المعجزة من قبل ألف وأربعمائة سنة ولم يكن لأحد من الخلق الإلمام بتلك الآيات الأرضية والتي لم تتكشف أسرارها للإنسان إلا منذ عقود قليلة من الزمان‏,‏ وفي ذلك من الشهادات القاطعة بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وأن نبينا محمداً‏ (‏صلى الله عليه وآله وسلم‏)‏ هو خاتم أنبياء الله ورسله‏,‏ وأنه‏ صلوات الله وسلامه عليه‏ كان موصولاً بالوحي‏,‏ ومُعَلَّمَاً من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يصفه بقوله الحق‏:‏
{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى } ‏[النجم:3-10]

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:25 PM
عرش بلقيس

قال تعالى { قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ }

قصة سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ وموضوع نقل العرش، لم يكن إلا ضرباً من ضروب السحر فكيف يتمكن مخلوق من إحضار عرش ملكة سبأ في ذلك العصر من على بعد آلاف الكيلو مترات في جزء من ثانية، أي قبل أن يرتد إلى سليمان عليه السلام طرفه؟ ولكن العلم الحديث يخبرنا بأن هذا لا يتحتم أن يكون سحراً! فحدوثه ممكن من الناحية العلمية أو على الأقل من الناحية النظرية بالنسبة لمقدرتنا في القرن العشرين.

أما كيف يحدث ذلك فهذا هو موضوعـنا.. الطاقة والمادة صورتان مختلفتان لشيءٍ واحد, فالمادة يمكن أن تتحول إلى طاقة والطاقة إلى مادة وذلك حسب المعادلة المشهورة وقد نجح الإنسان في تحويل المادة إلى طاقة وذلك في المفاعلات الذرية التي تولد لنا الكهرباء ولو أن تحكمه في هذا التحويل لا يزال يمر بأدوار تحسين وتطوير, وكذلك فقد نجح الإنسان -ولو بدرجة أقل بكثير- من تحويل الطاقة إلى مادة وذلك في معجلات الجسيمات (Particle accelerator) ولو أن ذلك مازال يتم حتى الآن على مستوى الجسيمات.

فتحول المادة إلى طاقة والطاقة إلى مادة أمر ممكن علمياً وعملياً فالمادة والطاقة قرينان, ولا يعطل حدوث هذا التحول على نطاق واسع إلا صعوبة حدوثه والتحكم فيه تحت الظروف والإمكانيات العلمية والعملية الحالية, ولا شك أن التوصل إلى الطرق العلمية والوسائل العملية المناسبة لتحويل الطاقة إلى مادة والمادة إلى طاقة في سهولة ويسر يستدعي تقدماً علمياً وفنياً هائلين. فمستوى مقدرتنا العلمية والعملية حالياً في هذا الصدد ليس إلا كمستوى طفل يتعلم القراءة،.
فإذا تمكن الإنسان في يوم من الأيام من التحويل السهل الميسور بين المادة والطاقة، فسوف ينتج عن ذلك تغيرات جذرية بل وثورات ضخمة في نمط الحياة اليومي، وأحد الأسباب أن الطاقة ممكن إرسالها بسرعة الضوء على موجات ميكرونية إلى أي مكان نريد, ثم نعود فنحولها إلى مادة! وبذلك نستطيع أن نرسل أي جهاز أو حتى منزلاً بأكمله إلى أي بقعة نختارها على الأرض أو حتى على القمر أو المريخ في خلال ثوان أو دقائق معدودة.

والصعوبة الأساسية التي يراها الفيزيائيون لتحقيق هذا الحلم هي في ترتيب جزئيات أو ذرات المادة في الصورة الأصلية تماماً, كل ذرة في مكانها الأول الذي شغلته قبل تحويلها إلى طاقة لتقوم بوظيفتها الأصلية. وهناك صعوبة أخرى هامة يعاني منها العلم الآن وهي كفاءة والتقاط الموجات الكهرومغناطيسية الحالية والتي لاتزيد على 60% وذلك لتبدد أكثرها في الجو كل هذا كان عرضاً سريعاً لموقف العلم وإمكانياته الحالية في تحويل المادة إلى طاقة والعكس..

فلنعد الآن لموضوع نقل عرش الملكة بلقيس, فالتفسير المنطقي لما قام به الذي عنده علم من الكتاب -سواء أكان إنسي أو جني- حسب علمنا الحالي أنه قام أولاً بتحويل عرش ملكة سبأ إلى نوع من الطاقة ليس من الضروري أن يكون في صورة طاقة حرارية مثل الطاقة التي نحصل عليها من المفاعلات الذرية الحالية ذات الكفاءة المنخفضة, ولكن طاقة تشبه الطاقة الكهربائية أو الضوئية يمكن إرسالها بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية. والخطوة الثانية هي أنه قام بإرسال هذه الطاقة من سبأ إلى ملك سليمان, ولأن سرعة انتشار الموجات الكهرومغناطيسية هي نفس سرعة انتشار الضوء أي 300000 كم - ثانية فزمن وصولها عند سليمان ثلاثة آلاف كيلومتراً.. والخطوة الثالثة والأخيرة أنه حول هذه الطاقة عند وصولها إلى مادة مرة أخرى في نفس الصورة التي كانت عليها أي أن كل جزيء وكل ذرة رجعت إلى مكانها الأول!. إن إنسان القرن العشرين ليعجز عن القيام بما قام به هذا الذي عنده علم من الكتاب منذ أكثر من ألفي عام؛ فمقدرة الإنسان الحالي لا تتعدى محاولة تفسير فهم ماحدث.

فما نجح فيه إنسان القرن العشرين هو تحويل جزء من مادة العناصر الثقيلة مثل اليورانيوم إلى طاقة بواسطة الانشطار في ذرات هذه العناصر. أما التفاعلات النووية الأخرى التي تتم بتلاحم ذرات العناصر الخفيفة مثل الهيدروجين والهليوم والتي تولد طاقات الشمس والنجوم فلم يستطع الإنسان حتى الآن التحكم فيها. وحتى إذا نجح الإنسان في التحكم في طاقة التلاحم الذري, لا تزال الطاقة المتولدة في صورة بدائية يصعب إرسالها مسافات طويلة بدون تبديد الشطر الأكبر منها. فتحويل المادة إلى موجات ميكرونية يتم حالياً بالطريقة البشرية في صورة بدائية تستلزم تحويل المادة إلى طاقة حرارية ثم إلى طاقة ميكانيكية ثم إلى طاقة كهربائية وأخيراً إرسالها على موجات ميكرونية ولهذا السبب نجد أن الشطر الأكبر من المادة التي بدأنا بها تبددت خلال هذه التحويلات ولا يبقى إلا جزء صغير نستطيع إرساله عن طريق الموجات الميكرونية.

فكفاءة تحويل المادة إلى طاقة حرارية ثم إلى طاقة ميكانية ثم إلى طاقة كهربائية لن يزيد عن عشرين في المائة20 % حتى إذا تجاوزنا عن الضعف التكنولوجي الحالي في تحويل اليورانيوم إلى طاقة فالذي يتحول إلى طاقة هو جزء صغير من كتلة اليورانيوم، أما الشطر الأكبر فيظل في الوقود النووي يشع طاقته على مدى آلاف وملايين السنيين متحولاً إلى عناصر أخرى تنتهي بالرصاص. وليس هذا بمنتهى القصد! ففي الطرف الأخر يجب التقاط وتجميع هذه الموجات ثم إعادة تحويلها إلى طاقة ثم إلى مادة كل جزيء وكل ذرة وكل جسيم إلى نفس المكان الأصلي, وكفاءة تجميع هذه الأشعة الآن وتحويلها إلى طاقة كهربائية في نفس الصورة التي أرسلت بها قد لا تزيد عن50% أي أنه ما تبقى من المادة الأصلية حتى الآن بعد تحويلها من مادة إلى طاقة وإرسالها عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية المكرونية واستقبالها وتحويلها مرة أخرى إلى طاقة هو10% وذلك قبل أن نقوم بالخطوة النهائية وهي تحويل هذه الطاقة إلى مادة وهذه الخطوة الأخيرة -أي تحويل هذه الطاقة إلى مادة في صورتها الأولى- هو ما يعجز عنه حتى الآن إنسان القرن العشرين، ولذلك فنحن لا ندري كفاءة إتمام هذه الخطوة الأخيرة وإذا فرضنا أنه تحت أفضل الظروف تمكن الإنسان من تحويل50% من هذه الطاقة المتبقية إلى مادة فالذي سوف نحصل عليه هو أقل من 5% من المادة التي بدأنا بها ومعنى ذلك أننا إذا بدأنا بعرش الملكة بلقيس وحولناه بطريقة ما إلى طاقة وأرسلنا هذه الطاقة على موجات ميكرونية, ثم استقبلنا هذه الموجات وحولناها إلى طاقة مرة أخرى أو إلى مادة فلن نجد لدينا أكثر من 5% من عرش الملكة بلقيس وأما الباقي فقد تبدد خلال هذه التحويلات العديدة نظراً للكفاءات الرديئة لهذه العمليات, وهذه الــ 5% من المادة الأصلية لن تكفي لبناء جزء صغير من عرشها مثل رجل أو يد كرسي عرش الملكة. إن الآيات القرأنية لا تحدد شخصية هذا الذي كان { عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ } هل كان إنسياً أم جنياً! وقد ذكر في كثير من التفاسير أن الذي قام بنقل عرش بلقيس هو من الإنس ويدعى آصف بن برخياء, ونحن نرجّح أن الذي قام بهذا العمل هو عفريت آخر من الجن, فاحتمال وجود إنسان في هذا العصر على هذه الدرجة الرفيعة من العلم والمعرفة هو إحتمال جدُّ ضئيل. فقد نجح هذا الجني في تحويل عرش بلقيس إلى طاقة ثم إرساله مسافة آلاف الكيلو مترات ثم إعادة تحويله إلى صورته الأصلية من مادة تماماً كما كان في أقل من ثانية, أو حتى في عدة ثوان إذا اعتبرنا عرض الجني الأول الذي أبدى استعداده لإحضار العرش قبل أن يقوم سليمان عليه السلام من كرسيه.
فمستوى معرفة وقدرة أي من الجنيين الأول والثاني منذ نيف وألفي عام لأرفع بكثير من مستوى المعرفة والقدرة الفنية والعلمية التي وصل إليها إنسان القرن العشرين.

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:26 PM
قرآن الرحمن أم الغناء قرآن الشيطان

يخبرنا الله عز وجل بأنه أنزل دواءً لكل ما يعاني منه المسلم من أمراض... أنزل دواءً يقوّم به المعوجّ في السلوك والتصورات والاهتمامات... أتدرون ما هو؟!

إنه القرآن.. { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء:9]، نعم القرآن.. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [يونس:57].. إنه الوصفة الإلهية لعلاج أمراض الأمة { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء } [فصلت:44]


القرآن هو الحل.. يقيناً -أخي الحبيب- أن القرآن الذي بين أيدينا قادر على تغييرنا تغييراً جذرياً،، وإعادة صياغتنا من جديد لنكون كما يحب الله عز وجل في القول والفعل والسر والعلن. ولِمَ لا، وهو الدواء الرباني الذي أنزله الله عز وجل ليكون كتاب هداية وشفاء, وتقويم وتغيير لكل من يحسن التعامل معه { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [المائدة:15-16].

يقيناً -أخي الحبيب- أن القرآن الذي بين أيدينا هو الذي سيعيد لنا الأقصى والعراق, ....., سيعيد لنا العزة والمجد, وسينقلنا من ذيل الأمم إلى مقدمتها مرة أخرى؛ لو أحسننا التعامل معه، وأعدنا تشغيل مصنعه وتفعيل معجزته. ولنعلم جميعاً بأن الجيل الموعود بالنصر والتمكين لا يمكن أن يتخرّج إلا من مدرسة القرآن كما حدث مع الجيل الأول.

القرآن هو حبل الله المتين، وهو النور المبين والصراط المستقيم، { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }, { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت:41-42]، فـ عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: « خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبشروا، أبشروا، أليس تشهدون أن لا اله إلا الله, وأني رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: فإن هذا القرآن سبب، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم, فتمسّكوا به فإنكم لن تضلوا, ولن تهلكوا بعده أبداً ».

أين نحن اليوم من القرآن؟ هل ملأ قلوبنا الصديد من ذنوبنا، فأصبحنا لا نتأثر به؟!
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا"... أجل إنه القرآن كتاب الرحمن، الذي سجد له الكافرون قبل المؤمنين... أجل سجد له الكافرون، ففي البخاري أن الرسول تلى أواخر سورة النجم... اسمع تلك الآيات { أَزِفَتْ الآزِفَةُ . لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ . أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . وَأَنتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } [النجم:57-62]، وخر النبي لله ساجداً، ولم يتمالك أحد من المشركين نفسه، فخر ساجداً لله...

أجل إنه القرآن، الذي اهتزت له قلوب الكفار واهتزت له الأحجار، { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الحشر:21] بل تأثر به الجن { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } [الجن:1-2]... فأين نحن منه يا أمة الحبيب؟؟!

اسمع يا أخي تلك الكلمات التي قالها الوليد بن المغيرة في حق القرآن، وهو كافر يحارب رسول الله- والحق ما شهدت به الأعداء-، قال: "والله إن له لحلاوة, وإن عليه لطلاوة, وإن أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه". ولقد صدق في تلك الكلمات، فإنه والله ليعلو ولا يعلى عليه، والحق كل الحق والنجاة فيه.

هل تستوعب حقا معنى أنه كلام الله ؟
لقد كان عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه إذا نشر المصحف وضعه على وجهه وقال: "كتاب ربي.. كتاب ربي"..
فتخيّل يا أخي لو أن عظيم من العظماء أو المشاهير أو حبيب تحبه حباً جماً أرسل إليك رسالة، ماذا ستفعل فيها ولو كانت فيها أوامر أو طلبات كيف ستنفذها؟؟! أصار الله أهون علينا من البشر فلا نتحرك إلى قراءة رسالته، ولله المثل الأعلى..
كيف هذا يا أمة الحبيب ؟؟!

أخي الحبيب، إذا كنت تريد الهداية فعليك بالقرآن؛ { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء:9]. وإذا كنت تريد شفاء لأمراض القلوب وانشراحاً للصدور، فعليك بالقرآن؛ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [يونس:57].. وإذا كنت تريد الرفعة في الدرجات فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله يرفع بهذا الكلام أقواماً ويضع به آخرين ».

وإذا كنت تريد الحسنات فعليك أيضاً بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ».. إذا كنت تريد أن يزداد حبك لله ورسوله، وتزداد تقرباً من الله، فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم « من سرّه أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ».. وإذا كنت تريد الجمال والبهاء ورضا الرحمن يوم القيامة، فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يجيئ القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلّهِ, فيُلبس تاج الكرامة, ثم يقول: يا رب زِده، فيُلبس حلة الكرامة, ثم يقول يا رب ارض عنه, فيرضى عنه, فيقول اقرأ وارقَ، ويزداد بكل آية حسنة ».. إذا كنت تريد خير الدنيا والآخرة، فعليك بالقرآن.

أخي بالله عليك.. لا تُشمِت أعداء الإسلام بالإسلام وأهله، فقد قال نيكسون في كتابه (انتهز الفرصة):" إننا لا نخشى الضربة النووية، ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضي على الهوية الذاتية للغرب", وقال آخر: "أمامنا أربع عقبات للقضاء على الإسلام: القرآن، والكعبة، وصلاة الجمعة، والأزهر", وقال آخر: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العرب يتدرجون في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه"...
فماذا ستقول لهم أنت يا ابن خالد وعمر وأبو بكر, وأنتِ يا ابنة عائشة وأسماء وفاطمة؟


حالهم مع القرآن:

قال أبو بكر بن عياش يوماً لابنه: "يا بني, إياك أن تعصي الله في هذه الغرفة, فإني ختمت القرآن فيها اثني عشرة ألف ختمة". قال ابن المبارك: "كان أبو حنيفة يجمع القرآن في ركعتين". وعن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: كان أبي يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة". ولنختم بشيخ الإسلام ابن تيمية، لما سجن بالقلعة ختم القرآن ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة، ومات وهو يقول: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر:54-55].


كيف تتعامل مع القرآن:

- المداومة على التلاوة اليومية: فلنداوم على التلاوة اليومية ولفترات طويلة, ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، وليكن ترتيله بطيئاً, ولا يكن همّ القارئ متى سينتهي من السورة أو الوِرْدْ, بل ليكن همّه متى يتجاوب قلبه ويخشع فؤاده وتدمع عيناه.

- تهيئة الجو المناسب: لكي يقوم القرآن بعمله في التغيير لابد من تهيئة الظروف المناسبة لاستقباله, ومن ذلك وجود مكان هادئ بعيد عن الضوضاء، يتم فيه لقاؤنا به.

- التجاوب مع القرآن: علينا أن نتجاوب مع الخطاب القرآني بالرد على أسئلته، وتنفيذ ما عليه من تسبيح أو حمد أو استغفار أو سجود، وعلينا كذلك التّأمين على الدعاء، والاستعاذة من النار، وسؤال الجنة، ولقد كان هذا من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح. فقد قال وهيب بن الورد: "فرحم الله أقواماً كانوا إذا مرّوا بأية فيها ذكر للنار، فكأن زفيرها في آذانهم، وإذا مرّوا بآية فيها ذكر للجنة فكأنهم فيها منعمين.

- ترديد الآية التي تؤثر في القلب.

- تحديد ورد يومي في وقت محدد: حتى لا تشغلك الدنيا في بعض الأيام فتهجر القرآن كلية، وكما ذكرنا فالمهم في الورد الكيف وليس الكم. المهم التأثر والتفاعل مع كلام الله، ولا تظن يا أخي أنك ستشعر بحلاوة القرآن من أول لحظة؛ فقد قال ثابت البناني: "كابدت القرآن عشرين سنة، وتنعّمت به عشرين سنة"، فلكي تشعر بلذّة القرآن وحلاوته، يجب أن تحرص على تلاوته وسماعه باستمرار. قال تعالى { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت:69].

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:27 PM
ألم . غلبت الروم . في أدنى الأرض ..

زغلول النجار (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=articles&scholar_id=211)


{ الـم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ }

هذه الآيات القرآنية الكريمة جاءت في مطلع سورة الروم‏,‏ وهي سورة مكية يدور محورها الرئيسي حول قضية العقيدة‏,‏ شأنها في ذلك شأن كل القرآن المكي‏.‏
ومن قضايا العقيدة الأساسية الإيمان بوحدانية الخالق‏ -سبحانه وتعالى-,‏ وبوحدة الرسالة‏,‏ ووحدة الخلق‏,‏ والإيمان بالآخرة وأهوالها‏,‏ ومنها هول البعث‏,‏ وهول الحساب‏,‏ وهول الميزان‏,‏ وهول الصراط‏,‏ وحتمية الجزاء‏,‏ وحتمية الخلود في الحياة القادمة إما في الجنة أبداً أو في النار أبداً‏...!!‏

وقد ابتدأت السورة الكريمة بالتنبؤ بحدث غيبي قبل وقوعه بعدة سنوات، ألا وهو انتصار الروم على الفرس بعد هزيمتهم أمامهم قبل نزول هذه السورة المباركة بعدة سنوات‏.‏ وتزخر السورة بالأمر بتسبيح الله‏,‏ وتنزيهه وحمده‏,‏ وبالاستشهاد بعدد كبير من الآيات الكونية الدالة على طلاقة قدرته وشمول علمه‏,‏ وعدل قضائه‏...!!‏

وتنصح السورة النبي والرسول الخاتم‏ -صلى الله عليه وسلم-‏ بأن يقيم وجهه لدين الإسلام الحنيف‏,‏ الذي لايرتضي ربنا ‏-تبارك وتعالى-‏ من عباده ديناً سواه‏,‏ لأنه دين الفطرة التي فطر الله‏ -تعالى- الناس عليها‏,‏ والتي لاتبديل لها‏,‏ وإن كان أكثر الناس لايعلمون ذلك‏,‏ وتأمر المسلمين بالإنابة إلى الله وتقواه‏,‏ كما تأمرهم بإقام الصلاة‏,‏ وبالحذر من الوقوع في دنس الشرك بالله‏,‏ لأن الذين أشركوا قد فرقوا دينهم‏,‏ وكانوا شيعاً عديدة حسب أهوائهم‏,‏ وكل حزب منهم فرح بما لديه‏...!!!‏

وتحدثت السورة الكريمة عن شيء من التقلب في طبائع النفس البشرية‏,‏ والذي لاتستقيم معه الحياة السوية‏,‏ مثل اللجوء إلى الله تعالى في الشدة‏,‏ والإعراض عنه في الرخاء‏,‏ والإيمان به‏ -تعالى-‏ في لحظات الضيق‏,‏ والشرك أو الكفر به‏ -تعالى-‏ وبما أنزل في لحظات السعة والرحمة‏. وتضرب السورة مثلاً للناس من حياتهم على سخافة فكرة الشرك بالله إذا ناقشها العقل بشيء من الموضوعية والحيدة‏.‏

ومن مكارم الأخلاق التي تدعو إليها السورة الكريمة‏:‏ الأمر بإخراج الزكاة وإيتاء ذي القربى,‏ والمساكين وأبناء السبيل‏,‏ والنهي عن أكل الربا‏,‏ على أن ينطلق ذلك كله من الايمان بأن الله‏ -تعالى-‏ هو الخالق‏,‏ الرزاق‏,‏ المحيي‏,‏ المميت‏,‏ وتربط السورة بين ظهور الفساد في البر والبحر وبين أعمال الناس وما كسبت أيديهم‏,‏ وتأمر بالسير في الأرض لاستخلاص العبر من سير الأولين‏, ‏ومصائر الظالمين‏.‏

وتؤكد السورة مرة ثانية لخاتم الأنبياء والمرسلين‏ -صلى الله عليه وسلم‏-‏ ضرورة الاستقامة على الدين القيم من قبل أن تأتي الآخرة فيصدع بها كل الخلائق ثم يجزى كلٌ بعمله‏.‏

ومن الآيات الكونية التي استشهدت بها سورة الروم على طلاقة القدرة الإلهية‏:‏ خلق السماوات والأرض‏,‏ وخلق الأحياء‏,‏ وخلق الإنسان‏,‏ كل ذلك في زوجية تشهد للخالق وحده‏ -سبحانه-‏ بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه‏,‏ ومنها اختلاف ألسنة الناس وألوانهم‏,‏ وإعطاء الإنسان الاستطاعة على النوم بالليل أو في النهار‏,‏ وعلى ابتغاء فضل الله‏,‏ ومن آياته الرعد والبرق‏,‏ وإنزال المطر‏,‏ وإحياء الأرض بعد موتها‏,‏ وقيام السماوات والأرض بأمره‏,‏ وخضوع كل من فيها أو عليها بأمره‏,‏ وبعث الموتى بأمره‏,‏ وأنه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده‏,‏ وله المثل الأعلى في السماوات والأرض‏.‏

ومن آياته إرسال الرياح برحمة منه وفضل‏,‏ وجري الفلك بأمره‏,‏ وإثارة السحاب‏,‏ وما يستتبعه من أحداث بأمره‏,‏ ومرور كل حي بمراحل من الضعف‏,‏ ثم القوة‏,‏ ثم الضعف والوفاة‏,‏ ومن آياته أنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير‏...!!‏

وتذكر السورة خاتم الأنبياء والمرسلين‏ -صلى الله عليه وسلم-‏ بشيء من قصص من سبقه من الأنبياء والمرسلين‏,‏ وما أصاب أقوامهم من انتقام من الظالمين‏,‏ ونصر للمؤمنين‏,‏ كما تذكره‏ -صلوات الله وسلامه عليه-‏ بأن ما عليه إلا البلاغ‏.‏

وتختتم السورة الكريمة مرة أخرى بالحديث عن البعث وأهواله‏,‏ وعن مصير أهل الكفر والشرك والضلال في هذا اليوم العصيب‏,‏ ومصير أهل الإيمان والتقوى‏,‏ وتكرر الإشارة إلى شيء من طبائع النفس البشرية‏,‏ وقد ضربت لها آيات القرآن الكريم من كل مثل‏,‏ ولكن الذين كفروا لايؤمنون‏,‏ فالله‏ تعالى‏ قد طبع على قلوب الذين لايعلمون‏.‏

وتنتهي السورة بتثبيت خاتم الأنبياء والمرسلين‏ -صلى الله عليه وسلم-‏ بوصية من الله‏ تعالى‏ له بالصبر على استخفاف الكفار والمشركين بدعوته‏,‏ والاطمئنان بأن وعد الله حق‏,‏ وهو واقع لا محالة‏...!!‏

والآيات الكونية الواردة في سورة الروم تحتاج إلى مجلدات لتفصيل دلالاتها‏,‏ ولإظهار جوانب الإعجاز العلمي فيها‏,‏ ولكني سأقتصر في هذا المقال على الإشارة القرآنية إلى الموقع الذي هزمت فيه جيوش الروم على أيدي جيوش الفرس بالتعبير‏:‏ أدنى الأرض‏,‏ وقبل الدخول في ذلك لابد من عرض الدلالة اللغوية لهذا التعبير ولأقوال المفسرين فيه‏.‏


أدنى الأرض في اللغة العربية

يقال في اللغة‏http://www.awda-dawa.com/vb/images/smilies/frown.gifدنا‏)(يدنو)(دنوا)‏ بمعنى قَرُبَ بالذات أو بالحكم‏,‏ ويستعمل في المكان‏,‏ والزمان‏,‏ والمنزلة‏,‏ كما يعدي فيقال ‏(‏أدني‏) (يدني‏) (ادناءة‏),‏ ويقال‏: (دانيت‏)‏ أو‏(أدنيت‏)‏ بين الأمرين أي قاربت بينهما‏,‏ حتى صارت بينهما‏(‏دناوة‏)‏ أي‏:‏ قرب أو قرابة‏..‏ و‏(الدني‏)‏ القريب‏ ,‏ و‏‏(الدنئ‏)‏ بمعنى الدون‏,‏ الخسيس‏,‏ وقد‏(‏دنأ‏)(‏يدنأ‏),‏ وفيهما‏(دناءة‏),‏ ويقال‏http://www.awda-dawa.com/vb/images/smilies/frown.gifدنؤ‏)‏ بمعني انحط‏,‏ و‏(الدنيئة‏)‏ هي النقيصة‏.‏

قال‏ تعالى‏ { وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ } ‏[الأنعام‏:99].‏

وقال‏ سبحانه { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى .‏ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } [‏ النجم‏:9-8].‏

وفي الحديث الشريف‏:‏ « إذا أكلتم فأدنوا » أي كلوا مما يليكم‏.‏ ويعبر بـ‏(‏الأدنى‏)‏ تارة عن الأقرب فيقابل بالأبعد‏ (أوالأقصى)‏ من مثل قوله‏ تعالى { إِذْ أَنتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى } [‏الأنفال‏:42].‏

وتارة ثانية يعبر بها عن الأخفض‏ (أوالأحقر‏)‏ فيقابل بالأعلى ‏(أوالأعز‏)‏ وذلك من مثل قوله‏ تعالى { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب‏:59].‏

وتارة ثالثة تأتي بمعنى الأقل في مقابل الأكثر‏,‏ من مثل قوله‏ تعالى { وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ } [‏ المجادلة‏:7]‏ وتارة رابعة يعبر بها عن الأرذل فيقابل بالذي هو خير‏,‏ وذلك من مثل قوله‏ تعالى { قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } [البقرة‏:61]

وتارة خامسة يعبر بها عن الأولى‏ (الدنيا‏)‏ في مقابلة الآخرة وذلك من مثل قوله‏ تعالى { مِنكُم ‏مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ } [‏آل عمران‏:152]‏

وسميت ‏(‏الدنيا‏)‏ بهذا الاسم لدنوها‏,‏ والجمع ‏(‏الُّدنا‏) ,‏ وأصله الدنو فحذفت الواو لاجتماع الساكنين‏,‏ والنسبة إليها‏(دنياي‏),‏ وقيل‏(دنيوي‏)‏ ودني‏,‏ ويقال‏http://www.awda-dawa.com/vb/images/smilies/frown.gif‏تدنى)‏ فلان أي‏(‏ دنا‏)‏ قليلاً قليلا‏ً,‏ و‏(‏تدنى‏)‏ المستوى بمعني هبط‏,‏ و‏(‏تدانوا‏)‏ أي‏(دنا‏)‏ بعضهم من بعض‏.‏


شروح المفسرين




في تفسير قوله تعالى‏:‏ { الـم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ‏.‏ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الروم‏:1‏ ـ‏5].‏

ذكر ابن كثير‏ -يرحمه الله- قول ابن عباس‏ -رضي الله عنهما- حيث قال‏:‏ كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان‏,‏ وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس‏,‏ لأنهم كانوا من أهل الكتاب‏,‏ فذُكِرَ ذلك لأبي بكر‏ -رضي الله عنه-,‏ فذكره أبو بكر لرسول الله‏ صلى الله عليه وسلم ,‏ فقال رسول الله‏ صلى الله عليه وسلم‏: « أما إنهم سيُغلبون » ,‏ فذكره أبو بكر للمشركين‏,‏ فقالوا‏:‏ اجعل بيننا وبينك أجلاً,‏ فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا‏,‏ وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا‏,‏ فجعل أجل خمس سنين‏,‏ فلم يظهروا‏,‏ فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله‏ صلى الله عليه وسلم،‏ فقال‏: (ألا جعلتها إلى دون العشر؟‏),‏ ثم ظهرت الروم بعد‏,‏ قال فذلك قوله تعالى { الـم . غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ }

وأضاف ابن كثير عدة روايات أخرى للحديث عن كل من مسروق‏,‏ وابن مسعود‏,‏ وعكرمة‏، -رضي الله عنهم أجمعين- في المعنى نفسه‏,‏ وزاد قوله‏: وأما الروم فهم من سلالة العيص بن إسحاق بن إبراهيم‏,‏ ويقال لهم بنو الأصفر‏,‏ وكانوا على دين اليونان‏;‏ واليونان من سلالة يافث بن نوح أبناء عم الترك‏,‏ وكانوا يعبدون الكواكب السيارة‏,‏ وهم الذين أسسوا دمشق وبنوا معبدها‏,‏ فكان الروم على دينهم إلى بعد مبعث المسيح‏ -عليه السلام- بنحو من ثلاثمائة سنة‏,‏ وكان من ملك منهم الشام مع الجزيرة يقال له(قيصر);‏ فكان أول من دخل في دين النصارى من الروم( قسطنطين);‏ وأمه مريم الهيلانية من أرض حران وكانت قد تنصَّرت قبله فدعته إلى دينها‏...‏ واستمروا على النصرانية‏,‏ كلما هلك قيصر خلفه آخر بعده حتى كان آخرهم(هرقل)، فناوأه كسرى ملك الفرس‏,‏ وكانت مملكته أوسع من مملكة قيصر‏,‏ وكانوا مجوساَ يعبدون النار‏,‏ فتقدم عن عكرمة -رضي الله عنه- أنه قال‏:‏ بعث إليه نوابه وجيشه فقاتلوه‏,‏ والمشهور أن كسرى غزاه بنفسه في بلاده فقهره‏,‏ وكسره وقصره حتى لم يبق معه سوى مدينة قسطنطينية فحاصره بها مدة طويلة حتى ضاقت عليه‏,‏ ولم يقدر كسرى على فتح البلدة‏,‏ ولا أمكنه ذلك لحصانتها‏,‏ لأن نصفها من ناحية البر‏,‏ ونصفها الآخر من ناحية البحر‏,‏ فكانت تأتيهم الميرة والمدد من هناك‏,‏ ثم كان غلب الروم لفارس بعد بضع سنين وهي تسع‏,‏ فإن البضع في كلام العرب ما بين الثلاث إلى التسع‏.‏

وذكر صاحبا تفسير الجلالين -يرحمهما الله- كلاماً موجزاً في المعنى نفسه‏,‏ وأضافا تعليقاً على التعبير القرآني { فِي أَدْنَى الأَرْضِ }‏ أن المقصود به: (أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة‏,‏ التقى فيها الجيشان‏,‏ والباديء بالغزو(هم) الفرس‏...).‏
وجاء في الظلال -رحم الله كاتبها رحمة واسعة- ما نصه‏:‏

"ثم جاءت النبوءة الصادقة الخاصة بغلبة الروم في بضع سنين‏، وأضاف رواية عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) مؤكداً أن هذا الحادث قد وردت فيه روايات كثيرة‏,‏ تتفق كلها في المعنى والدلالة‏,‏ وتختلف في الألفاظ وطرائق التعبير"‏.‏

وجمع الكاتب -رحمه الله- من هذه الآيات القرآنية الكريمة عدداً من الإيحاءات منها‏:‏ الترابط بين الشرك والكفر في كل مكان وزمان أمام دعوة التوحيد والإيمان‏;‏ ومنها الثقة المطلقة في وعد الله كما تبدو في قولة أبي بكر -رضي الله عنه- في غير تلعثم ولا تردد‏,‏ والمشركون يعجبون من قول صاحبه‏,‏ فما يزيد على أن يقول‏:‏ صدق‏,‏ ويراهنونه فيراهن وهو واثق‏,‏ ثم يتحقق وعد الله‏,‏ في الأجل الذي حدده‏:‏ في بضع سنين‏.

والإيحاء الثالث وهو المسارعة برد الأمر كله لله‏,‏ في هذا الحادث وفي سواه‏,‏ وتقرير هذه الحقيقة الكلية‏,‏ لتكون ميزان الموقف‏,‏ وميزان كل موقف‏,‏ فالنصر والهزيمة‏,‏ وظهور الدول ودثورها‏,‏ وقوتها وضعفها‏,‏ شأنه شأن سائر ما يقع في هذا الكون من أحداث ومن أحوال‏,‏ مرده كله إلى الله‏.‏

وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن ما نصه‏:‏ احتربت الفرس والروم فيما بين أذرعات وبصري من أرض الروم يومئذ‏,‏ وهما أقرب أراضيها بالنسبة إلى مكة‏,‏ وكان ذلك قبل الهجرة بخمس سنين‏,‏ وقيل بست‏.‏ فظهر الفرس على الروم‏,‏ فلما بلغ الخبر مكة شق على المؤمنين‏,‏ لأن الفرس مجوس لا يدينون بكتاب‏,‏ والروم أهل كتاب‏;‏ وفرح المشركون وقالوا‏:‏ أنتم والنصارى أهل كتاب‏,‏ ونحن والفرس أمِّيون‏,‏ وقد ظهر إخواننا على إخوانكم‏,‏ ولنظهرن نحن عليكم‏,‏ فنزلت الآية وفيها‏:‏ أن الروم سيغلبون الفرس في بضع سنين‏.‏ والبضع‏:‏ ما بين الثلاث إلى التسع و { غلبهم }‏ كونهم مغلوبين‏.‏

وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما نصه‏:‏ غلبت فارس الروم في أقرب الأرض من العرب‏,‏ وهي أطراف الشام‏,‏ وهم بعد انهزامهم سيغلبون الفرس‏,‏ قبل أن تمضي تسع سنوات‏. وكان المشركون قد فرحوا بانتصار فارس‏,‏ وقالوا للمسلمين‏:‏ سنغلبكم كما غلبت فارس الروم التي هي من أهل الكتاب‏،‏ وقد حقق الله وعده فانتصر الروم على فارس في الأجل الذي سماه‏,‏ فكان ذلك آية بينة على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم- في دعواه وصحة ما جاء به‏.

وجاء في الهامش التعليق التالي‏:‏ في هذه الآيات الشريفة إشارة إلى حدثين‏:‏ كان أولهما قد وقع بالفعل‏,‏ وأما الثاني فلم يكن قد وقع بعد‏,‏ وهو إخبار عن الغيب‏، وحُدِّدَ لوقوعه بضع سنين فيما بين الثلاث والتسع.

وتفصيل الحدث الأول أن الفرس والبيزنطيين قد اشتبكوا في معركة في بلاد الشام على أيام خسروا أبرويز أو خسروا الثاني عاهل الفرس المعروف عند العرب بكسرى‏.‏ وهيراكليوس الصغير الإمبراطور الروماني المعروف عند العرب بهرقل‏;‏ ففي عام ‏614‏ م استولى الفرس على أنطاكية أكبر المدن في الأقاليم الشرقية للإمبراطورية الرومانية‏,‏ ثم على دمشق‏,‏ وحاصروا مدينة بيت المقدس إلى أن سقطت في أيديهم وأحرقوها ونهبوا السكان وأخذوا يذبحونهم‏.

وتفصيل الحدث الثاني أن هرقل قيصر الروم الذي مني جيشه بالهزيمة، لم يفقد الأمل في النصر‏,‏ ولهذا أخذ يعد نفسه لمعركة تمحو عار الهزيمة‏,‏ حتى إذا كان عام‏622‏ الميلادي (أي العام الهجري الأول) أُرْغِمَ الفرس على خوض معركة على أرض أرمينيا وكان النصر حليف الروم‏,‏ وهذا النصر كان فاتحة انتصارات الروم على الفرس‏...‏ فتحققت بشرى القرآن‏.

وثمة حدث ثالث يفهم من سياق هذه الآيات الشريفة كان مبعث فرح المسلمين، وهو انتصارهم على مشركي قريش في غزوة بدر التي وقعت في يوم الجمعة‏17‏ رمضان من العام الثاني الهجري (أي سنة‏624‏ م‏).

وجاء في صفوة التفاسير ما نصه‏:" { غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ } أي هزم جيش الروم في أقرب أرضهم إلى فارس { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ } أي وهم من بعد انهزامهم وغلبة فارس لهم سيغلبون الفرس‏,‏ وينتصرون عليهم‏ { فِي بِضْعِ سِنِينَ }‏ أي في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام‏;‏ والبضع ما بين الثلاث والتسع‏.

وأشار صاحب صفوة التفاسير -جزاه الله خيراً- إلى أقوال المفسرين السابقين وعلق على قوله تعالى: { وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ‏. فِي بِضْعِ سِنِينَ }‏ ما نصه‏:‏ وقد التقى الجيشان في السنة السابعة من الحرب‏,‏ وغلبت الروم فارس وهزمتهم‏,‏ وفرح المسلمون بذلك‏;‏ قال أبو السعود‏:‏ وهذه الآيات من البينات الباهرة‏,‏ الشاهدة بصحة النبوة‏,‏ وكون القرآن من عند الله عز وجل حيث أخبر عن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله العليم الخبير‏,‏ ووقع كما أخبر‏,‏ وقال البيضاوي‏:‏ والآية من دلائل النبوة لأنها إخبار عن الغيب‏.

وأضاف صاحب صفوة التفاسير في شرح قول الحق تبارك وتعالى: { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ }‏ ما نصه‏:‏ وقد صادف ذلك اليوم يوم غزوة بدر‏;‏ قال ابن عباس‏:‏ كان يوم بدر هزيمة عبدة الأوثان‏,‏ وعبدة النيران‏.

ويوم بدر وقع في السنة الثانية من الهجرة (الموافق سنة‏624‏ م‏),‏ وعلى ذلك فإن هزيمة الروم على أيدي الفرس لابد وأنها كانت قد وقعت في حدود سنة‏614‏ م إلى‏615‏ م‏.‏

وجاء في أطلس تاريخ الإسلام -على واضعه رحمة الله- ما نصه‏:"وعندما تولى هرقل عرش الروم سنة‏610‏ م (وهي سنة البعثة المحمدية) كان الفرس قد اجتاحوا بلاد الشام ومصر وهزموا البيزنطيين سنة‏613‏ م عند أنطاكية‏,‏ واستولوا على فلسطين والقدس سنة‏614‏ م‏,‏ وغزوا مصر ودخلوا الإسكندرية سنة‏618‏ م أو‏619‏ م‏,‏ وبعد أن أقام هرقل دولته بدأ قتال الفرس سنة‏622‏ م‏,‏ وفي سنة‏627‏ م أنزل بهم هزيمة قاصمة قرب نينوى,‏ واسترد منهم أراضي الدولة البيزنطية في أرمينيا والشام وفلسطين ومصر‏,‏ وفي سنة‏630‏ م استعاد بيت المقدس‏.‏

ومن استقراء كل هذه التواريخ السابقة يتضح أن هزيمة الروم الحقيقية على أيدي جيوش الفرس كانت في حدود سنة‏614‏ م إلى‏615‏ م‏,‏ وأن استعادتهم النصر على الفرس كانت في حدود سنة‏624‏ م‏,‏ واستمر تقدم الروم على أرض الفرس حتى تم لهم استعادة بيت المقدس‏.‏

وواضح من شروح المفسرين أن المقصود بالتعبير القرآني { فِي أَدْنَى الأَرْضِ } الذي يصف أرض المعركة التي تمت فيها هزيمة الروم أمام جحافل جيش الفرس هو أقرب الأرض إلى مكة المكرمة أو إلى الجزيرة العربية أو إلى أرض الفرس‏..‏ ولكن الدراسات الحديثة تؤكد أن منطقة حوض البحرالميت‏,‏ بالاضافة إلى كونها أقرب الأراضي التي كان الروم يحتلونها إلى الجزيرة العربية هي أيضا أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً‏, حيث يصل منسوب سطح الأرض فيها إلى حوالي الأربعمائة متر تحت متوسط مستوى سطح البحر‏,‏ وأن هذه المنطقة كانت من مناطق الصراع بين إمبراطوريتي الفرس والروم‏,‏ وأن المعركة الحاسمة التي أظهرت جيوش الفرس على جيوش إمبراطورية روما الشرقية‏ (‏الإمبراطورية البيزنطية‏)‏ لابد أنها وقعت في حوض البحرالميت‏,‏ وأن الوصف بـ { أَدْنَى الأَرْضِ } هنا كما يعني أقربها للجزيرة العربية‏,‏ يعني أيضاً أنها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً‏,‏ وهذه الإشارة القرآنية العابرة تعتبر من السبق العلمي في كتاب الله‏,‏ لأن أحداً لم يكن يعلم هذه الحقيقة في زمن الوحي بالقرآن الكريم‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعده‏.‏


أدنى الأرض في العلوم الحديثة

ثبت علمياً بقياساتٍ عديدةٍ أن أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً هو غور البحرالميت‏,‏ ويقع البحرالميت في أكثر أجزاء الغورانخفاضاً‏,‏ حيث يصل مستوى منسوب سطحه إلى حوالي أربعمائة متر تحت مستوى سطح البحر‏,‏ ويصل منسوب قاعه في أعمق أجزائه إلى قرابة الثمانمائة متر تحت مستوى سطح البحر‏,‏ وهو بحيرة داخلية بمعنى أن قاعها يعتبر في الحقيقة جزءاً من اليابسة‏.‏

وغور البحرالميت هو جزء من خسف أرضي عظيم يمتد من منطقة البحيرات في شرقي إفريقيا إلى بحيرة طبريا‏,‏ فالحدود الجنوبية لتركيا‏,‏ مروراً بالبحرالأحمر‏,‏ وخليج العقبة‏,‏ ويرتبط بالخسف العميق في قاع كل من المحيط الهندي‏,‏ وبحر العرب وخليج عدن‏,‏ ويبلغ طول أغوار وادي عربة ـالبحرالميت- الأردن حوالي الستمائة كيلومتر‏,‏ ممتدة من خليج العقبة في الجنوب إلى بحيرة طبريا في الشمال‏,‏ ويتراوح عرضها بين العشرة والعشرين كيلومتراً‏.‏

ويعتبر منسوب سطح الأرض فيها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً حيث يصل منسوب سطح الماء في البحرالميت إلى‏402‏ متراً تحت المستوى المتوسط لمنسوب المياه في البحرين المجاورين‏:‏ الأحمر والأبيض المتوسط‏,‏ وهو أخفض منسوب أرضي على سطح اليابسة كما يتضح من الأرقام التالية‏:‏
منسوب سطح الأرض في وادي عربة‏=355‏ ـ‏400‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب أعمق نقاط قاع البحرالميت‏=794‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب سطح الماء في البحرالميت‏=402‏ تحت مستوى سطح البحر‏.‏

مستوى سطح الأرض في غور الأردن‏=212‏ ـ‏400‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب سطح الماء في بحيرة طبريا‏=209‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب قاع بحيرة طبريا‏=252‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب سطح الأرض في قاع منخفض القطارة في شمال صحراء مصرالغربية‏=133‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب سطح الأرض في قاع وادي الموت‏/‏ كاليفورنيا‏=86‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

منسوب سطح الأرض في قاع منخفض الفيوم‏/‏مصر‏=45‏ م تحت مستوى سطح البحر‏.‏

ويتراوح عمق الماء في الحوض الجنوبي من البحرالميت بين الستة والعشرة أمتار‏,‏ وهو بذلك في طريقة إلى الجفاف‏,‏ ويعتقد أنه كان جافاً إلى عهد غير بعيد من تاريخه‏,‏ وكان عامراً بالسكان‏,‏ وأن منطقة الأغوار كلها من وادي عربة في الجنوب إلى بحيرة طبريا في الشمال كانت كذلك عامرة بالسكان منذ القدم حيث عرف البحرالميت في الكتابات التاريخية القديمة‏,‏ ووصف بأسماء عديدة من مثل بحرسدوم، بحيرة لوط، بحيرة زغر‏,‏ البحر النتن‏,‏ بحر عربة‏,‏ بحر الأسفلت والبحرالميت‏,‏ وذلك لأن المنطقة اشتهرت بخصوبة تربتها‏,‏ ووفرة مياهها فعمرتها القبائل العربية منذ القدم‏,‏ واندفعت إليها من كل من العراق والجزيرة العربية وبلاد الشام ومنهم قوم لوط (عليه السلام‏)‏ الذين عمروا خمس مدن في أرض الحوض الجنوبي من البحرالميت هي‏:‏ سدوم‏,‏ وعمورة‏,‏ وأدمة‏,‏ وصوبييم‏,‏ وزغر‏,‏ وقد ازدهرت فيها الحياة إلى أواخر القرن العشرين قبل الميلاد ودمرت بالكامل في عقاب إلهي أنزل بها وجاء خبر عقابها في القرآن الكريم بقول الحق تبارك وتعالى‏ { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } [هود‏:82]

والأرض في حوض البحرالميت ـبصفة عامةـ وفي الجزء الجنوبي منه بصفة خاصة والتي تعرف باسم الأرض المقلوبة، تتميز بالحرارة الشديدة‏,‏ وبتفجر كل من العيون المائية‏,‏ والأبخرة الكبريتية الحارة فيها‏,‏ وبتناثر كتل الأسفلت التي كثيراً ما كانت تطفو على سطح مياه البحرالميت إلى عهد غير بعيد‏.‏

وقرى قوم لوط التي كانت تشغل أرض الحوض الجنوبي من البحرالميت‏,‏ والتي دمرت بالكامل بأمر من ربنا تبارك وتعالى لا علاقة لها بالحركات الأرضية التي شكلت تلك الأغوار من قبل حوالي‏25‏ مليون سنة مضت‏,‏ ولكن بعد تدميرها بالعقاب الإلهي دخلت المنطقة برحمة من الله تعالى في دورة مطيرة غسلت مياهها ذنوب الآثمين من قوم لوط‏,‏ وغمرت منطقة قراهم لتحولها إلى الحوض الجنوبي من البحرالميت‏,‏ والذي يتجه اليوم إلى الجفاف مرة أخرى ليصير أرضاً يابسة‏.‏

وخلاصة القول أن منطقة أغوار وادي عربة ـالبحرالميت- الأردن تحوي اخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق‏,‏ والمنطقة كانت محتلة من قبل الروم البيزنطيين في عصر البعثة النبوية الخاتمة‏,‏ وكانت هذه الإمبراطورية الرومانية يقابلها ويحدها من الشرق الإمبراطورية الفارسية الساسانية‏,‏ وكان الصراع بين هاتين الإمبراطوريتين الكبيرتين في هذا الزمن على أشده‏,‏ ولابد أن كثيراً من معاركهما الحاسمة قد وقعت في أرض الأغوار‏,‏ وهي أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق‏,‏ ووصف القرآن الكريم لأرض تلك المعركة الفاصلة التي تغلَّب فيها الفرس على الروم ـفي أول الأمر بـ { أَدْنَى الأَرْضِ }- وصفٌ معجزٌ للغاية لأن أحداً من الناس لم يكن يدرك تلك الحقيقة في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعده‏,‏ و ورودها بهذا الوضوح في مطلع سورة الروم يضيف بعداً آخر إلى الإعجاز التنبؤي في الآيات الأربع التي استهلت بها تلك السورة المباركة، ألا وهو الإعجاز العلمي. فبالإضافة إلى ما جاء بتلك الآيات من إعجاز تنبؤي شمل الأخبار بالغيب‏,‏ وحدد لوقوعه بضع سنين‏,‏ فوقع كما وصفته وكما حددت له زمنه تلك الآيات فكانت من دلائل النبوة‏,‏ فإن وصف أرض المعركة بالتعبير القرآني { أَدْنَى الأَرْضِ } يضيف إعجازاً علمياً جديداً‏,‏ يؤكد أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق وأن النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولاً بالوحي‏,‏ ومعلماً من قِبَلِ خالق السماوات والأرض‏.‏

وكما كانت هذه الآيات الكريمة من دلائل النبوة في زمن الوحي لإخبارها بالغيب فيتحقق‏,‏ فهي لا تزال من دلائل النبوة في زماننا بالتأكيد على أن المعركة الفاصلة قد تمت في أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق‏,‏ وهي أغوار البحرالميت وما حولها من أغوار، ويأتي العلم التجريبي ليؤكد تلك الحقيقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين‏.‏

وعلى كُتَّاب التاريخ الذين تأرجحوا في وضع المعركة الفاصلة في هزيمة الروم على أرض القسطنطينية‏,‏ أو على الأرض بين مدينتي أذرعات وبصري من أرض الشام‏,‏ أو على أرض أنطاكية‏,‏ أو على أرض دمشق‏,‏ أو أرض بيت المقدس‏,‏ أو أرض مصر(الأسكندرية) أن يعيدوا النظر في استنتاجاتهم‏,‏ لأن القرآن الكريم يقرر أن هزيمة الروم على أيدي الفرس كانت على الأرض الواقعة بين شرقي الأردن وفلسطين وهي أغوار وادي عربة -البحرالميت- الأردن التي أثبت العلم أنها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضاً‏,‏ والتي ينطبق عليها الوصف القرآني بـ { أَدْنَى الأَرْضِ } انطباقاً تاماً ودقيقاً‏.‏

وعلى الذين قالوا أن معنى { أَدْنَى الأَرْضِ } هو أقرب الأرض من بلاد فارس‏,‏ أو من بلاد العرب‏,‏ أو هي أطراف بلاد الشام‏,‏ أو بلاد الشام‏,‏ أو انطاكية‏,‏ أو دمشق‏,‏ أوبيت المقدس أو غيرها أن يعيدوا النظر في ذلك‏,‏ لأن حدود الامبراطوريتين كانت متلاحمة مع بعضهما بعضا من جهة ومع بلاد العرب من جهة أخري‏,‏ وعليه فلايعقل ان يكون المقصود بتعبير أدني الأرض في هذه الآيات الكريمة هو القرب من بلاد فارس أو بلاد العرب‏,‏ فقط‏,‏ وان كانت ارض الاغوار هي اقرب الأرض الي بلاد العرب‏,‏ بل هي في الحقيقة جزء من ارض شبه الجزيرة العربية‏.‏ فسبحان الذي انزل هذا التعبير المعجز أدني الأرض ليحدد أرض المعركة ثم ليثبت العلم التجريبي بعد أكثر من اثني عشر قرنا ان الأغوار الفاصلة بين أرض فلسطين المباركة والأردن هي أكثر أجزاء اليابسة انخفاضا ومن هنا كانت جديرة بالوصف القرآني أدني الأرض‏,‏ وجديرة بأن تكون أرض المعركة التي هزم فيها الروم‏,‏ وذلك لقول الحق -عز من قائل‏-
{ الـم. ‏ غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [الروم‏:1‏ ـ‏5].

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:28 PM
أم القرى

زغلول النجار (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=articles&scholar_id=211)


{ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا }

هذا النص القرآني المعجز جاء في مطلع النصف الثاني من سورة الأنعام‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ ومن طوال سور القرآن الكريم إذ يبلغ عدد آياتها‏165‏ بدون البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لورود ذكر الأنعام فيها في أكثر من موضع‏.‏

ويدور المحور الرئيسي للسورة حول عدد من العقائد والتشريعات الإسلامية‏,‏ وقصص عدد من الأنبياء والمرسلين السابقين لبعثة سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين, وقصص عدد من الأمم البائدة‏,‏ وعدد كبير من الآيات الكونية الدالة على طلاقة القدرة الإلهية‏;‏ ويمكن إيجاز ذلك في النقاط التالية‏:‏


أولاً‏:‏ من العقائد الإسلامية

‏(1)‏ الإيمان بالله الخالق‏,‏ الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور‏,‏ الإله الواحد الأحد‏,‏ الفرد الصمد‏,‏ الذي لم يلد‏,‏ ولم يولد‏,‏ ولم يكن له كفواً أحد، الإله الحق‏,‏ الذي لا إله غيره‏,‏ ولا معبود سواه‏,‏ مالك الملك‏,‏ ومحصي أعمال الخلق‏,‏ فاطر السماوات والأرض وقيومهما‏,‏ خالق الإنسان من طين‏,‏ ومحدد الأجل والرزق له‏,‏ وجامع الناس ليوم لا ريب فيه‏,‏ السميع العليم‏,‏ كاشف الضر‏,‏ ومنزل الخير‏,‏ القاهر فوق عباده‏,‏ الذي يطعم ولايطعم‏,‏ والذي لايشبهه أحد من خلقه‏,‏ ولاينازعه أحد في ملكه‏,‏ ولايشاركه أحد في سلطانه‏,‏ الباعث الشهيد‏,‏ البر الودود‏,‏ الغفور الرحيم‏,‏ بديع السماوات والأرض‏,‏ رب كل شيء ومليكه‏,‏ خالق كل شيء ومبدعه‏,‏ والعليم بكل شيء من السر والعلن‏,‏ والقادر على كل شيء مهما عظم‏;‏ عالم الغيب والشهادة‏,‏ الحكيم الخبير‏;‏ فالق الإصباح‏,‏ وفالق كل من الحب والنوى‏,‏ مخرج الحي من الميت‏,‏ ومخرج الميت من الحي، أحكم الحاكمين‏,‏ وأعدل العادلين‏,‏ وخير الفاصلين الذي لايرد بأسه عن القوم المجرمين‏,‏ الغني‏,‏ ذو الرحمة الواسعة التي لاتضيق بشيء، منزل الكتاب، ومرسل الأنبياء والمرسلين، الذي يدرك الأبصار‏,‏ ولاتدركه الأبصار‏,‏ وهو اللطيف الخبير‏.‏

‏(2)‏ الإيمان بملائكة الله‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ وبخاتمهم أجمعين‏,‏ وبأنهم ما أرسلوا إلا مبشرين ومنذرين‏.‏

‏(3)‏ الإيمان بعوالم الغيب التي أخبرنا بها تبارك وتعالى دون الخوض في هذه العوالم الغيبية بغير علم‏.‏

‏(4)‏ الإيمان بأن الله تعالى بجوده‏,‏ وكرمه‏,‏ وإحسانه يجازي الحسنة بعشر أمثالها (إلى سبعمائة ضعف) ولايجازي السيئة إلا بمثلها‏,‏ ومن هنا كانت ضرورة التوبة وحسن الاستغفار‏.‏

‏(5)‏ الإيمان بحتمية البعث‏,‏ وبحتمية الحساب والجزاء في الآخرة‏,‏ التي هي خلود بلا موت‏,‏ إما في الجنة أبداً أو في النار أبداً‏,‏ ومن هنا كان وصف ربنا تبارك وتعالى للحياة الدنيا بأنها لعب ولهو كما جاء في قوله تبارك وتعالى:
{ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الأنعام‏:32]

‏(6)‏ اليقين بأن من عمل سوءاً بجهالة ممن يؤمنون بالله وبآياته ثم تاب من بعده وأصلح فإن الله غفور رحيم‏.‏

‏(7)‏ الإيمان بأن الله تعالى قد أتم وحيه‏‏ في القرآن الكريم‏,‏ رسالته الخاتمة‏,‏ وأنه سبحانه قد أكمل دينه الذي أنزله لعباده (على فترة من الرسل) في هذه الرسالة الخاتمة‏,‏ ولذلك تعهد سبحانه وتعالى بحفظها من التبديل والتحريف الذي تعرضت له كل الرسالات السابقة‏.‏


ثانياً‏:‏ من التشريعات الإلهية في سورة الأنعام

(1)‏ تحريم الشرك بالله‏.‏

‏(2)‏ تحريم وقتل الأولاد من إملاق (أي من فقر)

‏(3)‏ الأمر بالإحسان إلى الوالدين‏.‏

‏(4)‏ تحريم قتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق‏.‏

‏(5)‏ تحريم أكل مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده‏.‏

‏(6)‏ الأمر بالتزام صراط الله المستقيم وعدم اتباع السبل الملتوية فتتفرق بالناس عن سبيله‏,‏ فيضيعون في الدنيا‏,‏ ويذلون ويهلكون في الآخرة‏.‏

‏(7)‏ الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة‏,‏ وبتقوى الله تعالى في جميع الأحوال‏.‏

‏(8)‏ تحريم الاقتراب من الفواحش ماظهر منها وما بطن‏.‏

‏(9)‏ الأمر بوفاء الكيل والميزان بالقسط‏,‏ وتحريم كل إخلال بذلك‏.‏

‏(10)‏ الأمر بالعدل في القول‏,‏ وبالإخلاص في العمل‏;‏ وبالوفاء بعهود الله‏.‏

‏(11)‏ تحريم أكل كل ما لم يذكر اسم الله عليه وما أهل لغير الله به، وكذلك تحريم أكل الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير إلا من اضطر غير باغ ولاعاد فإن الله غفور رحيم‏.‏


ثالثاً‏:‏ من قصص الأمم البائدة‏

‏(1)‏ جاء ذكر عدد من أنبياء الله ورسله السابقين لبعثة النبي والرسول الخاتم ‏صلى الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين وهم‏:‏ نوح‏,‏ إبراهيم‏,‏ لوط‏,‏ إسماعيل‏,‏ إسحاق‏,‏ يعقوب‏,‏ داود‏,‏ سليمان‏,‏ أيوب‏,‏ يوسف‏,‏ موسى,‏ هارون‏,‏ زكريا‏,‏ يحيى‏,‏ عيسى‏,‏ إلياس‏,‏ اليسع‏,‏ ويونس، على نبينا وعليهم جميعاً من الله أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

‏(2)‏ وصف عناد الأمم الكافرة الباغية‏,‏ ورفضها لآيات ربها‏,‏ وإعراضها عنها‏,‏ على الرغم من إهلاك أمثالها من الأمم السابقة لها‏,‏ وقد استمرت البشرية في تكرار أخطائها إلى زمن خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، ولاتزال مستمرة في ذلك إلى زماننا الراهن‏,‏ وحتى قيام الساعة دون استخلاص للعبر‏,‏ وأخذ للدروس‏.‏

‏(3)‏ أكدت سورة الأنعام تحريف اليهود للتوراة‏,‏ وانحرافهم عن منهج الله‏,‏ كما أكدت تكامل كل رسالات السماء في القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على خاتم أنبيائه ورسله لينذر به أهل مكة المكرمة ومن حولها أهل الأرض جميعاً‏.‏

‏(4)‏ استنكار افتراء الكذب على الله‏,‏ والادعاء الباطل من قبل بعض المشعوذين بتلقي شيء من الوحي‏,‏ أو بالقدرة على الإتيان بشيء من مثل القرآن الكريم‏,‏ وهي افتراءات وادعاءات صاحبت مسيرة الكفر والشرك وغيرهما من الانحرافات البشرية عبر التاريخ‏,‏ إلى زماننا الراهن‏,‏ وحتى قيام الساعة‏.‏


الآيات الكونية التي استعرضتها سورة الأنعام‏:‏

(1)‏ خلق السماوات والأرض بالحق‏.‏

‏(2)‏ خلق الظلمات والنور‏.‏

‏(3)‏ خلق الإنسان من طين‏,‏ وتحديد أجله (زماناً ومكاناً).

‏(4)‏ خلق كائنات تسكن بالليل وأخرى تسكن بالنهار‏.‏

‏(5)‏ إثبات أن كل خلق من خلق الله يشكل أمّة مثل أمّة بني الإنسان‏.‏

‏(6)‏ الإخبار من قبل ألف وأربعمائة سنة مضت بالتقدم العلمي والتقني المذهل الذي تحققه اليوم الأمم الكافرة‏,‏ وأن هذا التقدم دون التزام ديني‏,‏ وأخلاقي وروحي سوف يكون وبالاً عليهم‏,‏ ومن أسباب إفنائهم والقضاء عليهم‏,‏ ونحن نرى بوادر ذلك الانهيار واضحة في مختلف أرجاء الأرض‏.‏

‏(7)‏ التأكيد على أن بالكون غيوباً مطلقة لايعلمها إلا الله تعالى.

‏(8)‏ التأكيد على حقيقة أن النوم صورة من صور الوفاة‏,‏ وأن اليقظة من النوم صورة مصغرة عن البعث بعد الموت‏.‏

‏(9)‏ التأكيد على ظلمات كل من البر والبحر‏,‏ بمعنى أن الظلمة هي الأصل في الكون‏,‏ وأن النور نعمة يمنّ بها الخالق على خلقه‏.‏

‏(10)‏ الإشارة إلى توسط موقع مكة المكرمة بالنسبة إلى اليابسة‏.‏

‏(11)‏ التلميح إلى معجزة فلق كل من الحب والنوى لحظة الإنبات‏.‏

‏(12)‏ استخدام تبادل الليل والنهار في الإشارة اللطيفة إلى دوران الأرض حول محورها أمام الشمس‏.‏

‏(13)‏ تشبيه طلوع الصبح من ظلمة الليل بفلق الحبة أو النواة لإخراج السويقة والجذير منها لحظة الإنبات‏.‏

‏(14)‏ الإشارة إلى الحكمة الإلهية من جعل الليل للسكن‏,‏ وجعل النهار لعمارة الأرض وللجري وراء المعايش‏.‏

‏(15)‏ التأكيد على أن الشمس والقمر يجريان بنظام محكم دقيق يمكِّن الإنسان من حساب الزمن‏,‏ والتأريخ للأحداث‏,‏ وأداء العبادات والحقوق‏.‏

‏(16)‏ خلق النجوم ومن فوائدها للإنسان الاهتداء بها في ظلمات البر والبحر‏.‏

‏(17)‏ الإشارة إلى خلق السلالة البشرية كلها من نفس واحدة‏.‏

‏(18)‏ إخراج الحب المتراكب من الخضر الذي يخلقه الله تعالى في داخل كل نباتات الحبوب‏.‏

‏(19)‏ إخراج القنوان الدانية (وهي العراجين المتدلية من النخل‏,‏ جمع قنو‏,‏ وهو العذق أو عنقود التمر) من طلوع النخل وهو أول مايبدو من ثمر النخل وهو يخرج كالكيزان‏.‏

‏(20)‏ كذلك إخراج جنات من أعناب‏,‏ ومن الزيتون والرمان‏,‏ مشتبهاً وغير متشابه وذلك بإنزال الماء من السماء إلى الأرض‏,‏ واعتبار ثمره إذا أثمر وينعه من الآيات لقوم يؤمنون‏.‏

‏(21)‏ إثبات أن التصعد في السماء (بغير وقاية حقيقية) يجعل صدر الصاعد ضيِّقاً حرجاً‏.‏

‏(22)‏ إخراج جنات من المعروشات وغير المعروشات‏,‏ والنخل والزرع مختلفاً أُكُلُه‏,‏ والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه مما يؤكد طلاقة القدرة الإلهية الخلاقة‏.‏


وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلى مدارسة خاصة بها‏,‏ ولذلك فسوف أقصر حديثي هنا على النقطة العاشرة فقط في القائمة السابقة، ألا وهي توسط موقع مكة المكرمة لليابسة المستنتج من خطاب الحق تبارك وتعالى الموجه إلى خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم بقوله عز من قائل { وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } وهو المبعوث رحمة للعالمين‏.‏ وقبل الدخول إلى ذلك لابد من الرجوع إلى أقوال عدد من كبار المفسرين‏,‏ من القدامى والمعاصرين‏,‏ في تفسير هذه الآية الكريمة‏.‏


من أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالى

{ وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } [الأنعام‏:92]


ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما نصه: " { وَهَـذَا كِتَابٌ } يعني القرآن { أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى } يعني مكة { وَمَنْ حَوْلَهَا } من أحياء العرب ومن سائر طوائف بني آدم من عرب وعجم‏,‏ كما قال في الآية الأخرى { قُلْ يأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } ، وقال: { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } ، وقال: { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } ، وقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } ، وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُعْطِيتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي» وذكر منهن: « وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّة وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّة » , ولهذا قال ربنا تبارك وتعالى { وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي كل من آمن بالله واليوم الآخر يؤمن بهذا الكتاب المبارك الذي أنزلناه إليك يا محمد وهو القرآن, ﴿وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ أي يقيمون بما فرض عليهم من أداء الصلوات في أوقاتها".


وجاء في تفسير الجلالين (رحم الله كاتبيه) ما نصه: " ﴿وَهَـذَا﴾ القرآن { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } قبله من الكتب { وَلِتُنذِرَ } بالتاء والياء‏,‏ عطف على معنى ما قبله‏,‏ أي‏:‏ أنزلناه للبركة والتصديق ولتنذر به { أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } أي‏:‏ أهل مكة وسائر الناس والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون خوفاً من عقابها أي خوفاً من عقاب تاركها‏,‏ وخص الصلاة بالذكر لأنها أشرف العبادات وأفضلها بعد الإيمان‏".


وجاء في الظلال (رحم الله كاتبها برحمته الواسعة) ما نصه‏: "...‏ إنها سنّة من سنن الله أن يرسل الرسل‏,‏ وأن ينزل الله عليهم الكتب‏,‏ وهذا الكتاب الجديد‏,‏ الذي ينكرون تنزيله‏,‏ هو كتاب مبارك‏..‏ وصدق الله‏..‏ فإنه والله لمبارك‏... { مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } فهو يصدق ما بين يديه من الكتب التي نزلت من عند الله ـ في صورتها التي لم تحرف‏,‏ لا فيما حرفته المجامع وقالت‏,‏ إنه من عند الله ـ‏....‏
فأما حكمة إنزال هذا الكتاب‏,‏ فلكي ينذر به الرسول صلى الله عليه وسلم أهل مكة ـأم القرىـ وما حولها { وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } ..‏ وسمّيت مكة أم القرى لأنها تضم بيت الله الذي هو أول بيت وضع للناس ليعبدوا الله فيه وحده بلا شريك‏,‏ وجعله مثابة أمن للناس وللأحياء جميعاً‏,‏ ومنه خرجت الدعوة العامة لأهل الأرض‏,‏ ولم تكن دعوة عامة من قبل‏;....‏"


وذكر صاحب صفوة البيان لمعاني القرآن (رحمه الله) ما نصه‏:" { مُبَارَكٌ } القرآن, { أُمَّ الْقُرَى } مكة والمراد أهلها‏;‏ وسميت بذلك لأنها قبلة أهل القرى ومحجّهم. ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ من أهل المشارق والمغارب‏;‏ لعموم بعثته صلى الله عليه وسلم للناس كافة‏.‏


وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم (جزاهم الله خيراً) ما نصه: "وهذا القرآن كتاب أنزلناه ـكما أنزلنا التوراة ـ كثير الخير‏,‏ باق إلى يوم القيامة‏,‏ مصدق لما تقدمه من الكتب المنزلة‏,‏ مخبر عن نزولها‏,‏ لتبشر به المؤمنين‏,‏ وتخوف الكفار من أهل مكة ومن حولها في جميع أنحاء الأرض من غضب الله‏,‏ إذا لم يذعنوا له‏,‏ والذين يصدقون بيوم الجزاء يحملهم رجاء الثواب والخوف من العقاب على الإيمان به‏,‏ وهم لذلك يحافظون على أداء صلاتهم كاملة مستوفاة‏.


وجاء في صفوة التفاسير (جزى الله كاتبه خيراً) ما نصه: "...أي وهذا القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مبارك كثير النفع والفائدة { مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } أي يصدق أصول كتب الله المنزلة كالتوراة والإنجيل ـ في أصولهما الصحيحة- { وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } أي لتنذر به يا محمد أهل مكة ومن حولها وهم سائر أهل الأرض قاله ابن عباس; { وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ } أي والذين يصدقون بالحشر والنشر يؤمنون بهذا الكتاب لما انطوى عليه من ذكر الوعد والوعيد والتبشير والتهديد { وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } أي يؤدون الصلاة على الوجه الأكمل في أوقاتها‏,‏ قال الصاوي‏:‏ خص الصلاة بالذكر لأنها أشرف العبادات‏...."



توسط مكة المكرمة لليابسة يفسر دلالة النص القرآني { أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا }

كانت حركة الاستشراق في جذورها حركة استخبارية‏,‏ تجسسية حقيرة‏,‏ معادية للإسلام والمسلمين‏,‏ حريصة على تصيّد كل فرصة لمهاجمة دين الله الخاتم بدون وجه حق‏,‏ ومن القضايا التي أثاروها زوراً اقتطاع هذا النص الكريم الذي نحن بصدده { وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } من القرآن كله وقصره على أهل مكة وبعض القرى من حولها‏,‏ واعتباره معارضاً للعديد من النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد عالمية الرسالة الخاتمة، من مثل قول الحق تبارك وتعالى مخاطباً خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم‏ { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين } [الأنبياء‏:107] وقوله عز من قائل { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [سبأ‏:28].
وقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: « أُعْطِيتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي » وذكر منهن: « وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّة وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّة » .

وفي محاولة علمية جادة لتحديد الاتجاهات الدقيقة إلى القبلة (أي إلى الكعبة المشرفة) من المدن الرئيسية في العالم باستخدام الحاسوب (الكمبيوتر)، ذكر الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين رحمه الله برحمته الواسعة (الذي شغل درجة الأستاذية لمادة المساحة بكلية الهندسة في عدد من الجامعات والمعاهد العليا مثل جامعات القاهرة‏,‏ وأسيوط‏,‏ والرياض‏,‏ وبغداد‏,‏ والأزهر الشريف‏,‏ والمعهد العالي للمساحة بالقاهرة) أنه لاحظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات‏,‏ أي أن اليابسة على سطح الكرة الأرضية موزعة حول مكة المكرمة توزيعاً منتظماً, وأن هذه المدينة المقدسة تعتبر مركزاً لليابسة‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } [‏الشورى‏:7].‏

وقد ثبت علمياً أن القارات السبع التي تكون اليابسة على أرضنا في هذه الأيام كانت في الأصل قارة واحدة ثم تفتتت بفعل الصدوع والخسوف الأرضية إلى تلك القارات السبع التي أخذت في التباعد عن بعضها البعض ولا تزال تتباعد‏,‏ وبمتابعة جهود الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين رحمه الله برحمته الواسعة، وجدت أنه في كل الحالات واليابسة قطعة واحدة‏,‏ وبعد تفتتها إلى القارات السبع مع قربها من بعضها البعض وفي كل مراحل زحف هذه القارات ببطء شديد متباعدة عن بعضها البعض حتى وصلت إلى أوضاعها الحالية‏,‏ في كل هذه الحالات كانت مكة المكرمة دائماً في وسط اليابسة.

وقد ثبت علمياً أيضاً أن أرضنا في مرحلة من مراحلها الابتدائية كانت مغمورة غمراً كاملاً بالماء‏,‏ ثم فجر الله تعالى قاع هذا المحيط الغامر بثورة بركانية عارمة عن طريق تصدع وخسف هذا القاع‏,‏ وأخذت الثورة البركانية تلقي بحممها فوق قاع هذا المحيط لتبني سلسلة من سلاسل جبال أواسط المحيطات‏,‏ ومع ارتفاع أعلى قمة في تلك السلسلة فوق مستوى سطح ماء هذا المحيط الغامر تكونت أول مساحة من اليابسة على هيئة جزيرة بركانية تشبه العديد من الجزر البركانية المتكونة في أواسط محيطات اليوم كجزر اليابان‏,‏ الفلبين‏,‏ أندونيسيا‏,‏ هاواي‏,‏ وغيرها‏.‏

ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله الشريف: « كَانَتِ الكَعْبَةُ خَشْعَةً عَلى المَاءِ فَدُحِيَتْ مِنْهَا الأَرْضُ » ، وهذا الحديث ذكره الهروي في غريب الحديث‏(362/3)‏ وذكره الزمخشري في الفائق في غريب الحديث‏(371/1),‏ وذلك لأن مدلوله العلمي سابق لزمانه بألف وأربعمائة سنة‏;‏ والخشعة هي الأكمة المتواضعة‏;‏ فهل يمكن أن تكون أرض الكعبة المشرفة أول جزء من اليابسة ظهر فوق سطح المحيط الذي غمر الأرض في مراحلها الأولى؟ هذا سؤال لم تكتمل الإجابة عليه بعد‏.‏


خصوصية انتفاء الانحراف المغناطيسي عند خط طول مكة المكرمة

أضاف الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين (رحمه الله رحمة واسعة) في بحثه القيّم المعنون "إسقاط الكرة الأرضية بالنسبة لمكة المكرمة والمنشور في العدد الثاني من المجلد الأول لمجلة البحوث الإسلامية الصادرة بالرياض سنة‏ 1396/1395 1396/1395‏هـ (الموافق‏ 1976/1975 1976/1975‏م) أن الأماكن التي تشترك مع مكة المكرمة في نفس خط الطول‏(39,817‏ شرقاً), تقع جميعها في هذا الإسقاط على خط مستقيم‏,‏ هو خط الشمال الجنوب الجغرافي المار بها، أي أن المدن التي تشترك مع مدينة مكة المكرمة في خط الطول يكون اتجاه الصلاة فيها إلى الشمال أو الجنوب الجغرافي تماماً والمدن التي تتجه في الصلاة إلى الجنوب الجغرافي تبدأ من القطب الشمالي للأرض إلى خط عرض مكة المكرمة‏(437‏ و‏21‏ شمالاً) وأما المدن التي تقع على خطوط العرض الممتدة من جنوب مكة المكرمة إلى القطب الجنوبي فإن اتجاه القبلة فيها يكون ناحية الشمال الجغرافي تماماً.

وكذلك الحال على خط الطول المقابل لخط طول مكة المكرمة, وهو خط الطول المرقم‏(183‏ و‏140‏ درجة غرباً) فإن المدن الواقعة عليه تصح الصلاة فيها نحو الشمال الجغرافي أو الجنوب الجغرافي تماماً حسب موقع خط عرض كل منها بالنسبة إلى خط عرض مكة المكرمة‏.‏ فالمدن الواقعة إلى الجنوب من خط العرض المقابل لخط عرض أم القرى أي من خط عرض‏21,437‏ جنوباً إلى القطب الجنوبي تتجه في صلاتها إلى الجنوب الجغرافي تماماً‏,‏ والمدن الواقعة شمالاً من خط العرض ذلك إلى القطب الشمالي تتجه في صلاتها إلى الشمال الجغرافي تماماً‏.‏

أما المدينة الواقعة على خط الطول المقابل لمكة المكرمة تماماً وعلى خط عرضها تماماً فإن الصلاة تجوز فيها نحو أي من الشمال أو الجنوب الجغرافيين تماماً‏,‏ كما تجوز في كل الاتجاهات الأخرى شرقاً وغرباً‏,‏ وذلك لوقوع تلك المدينة على امتداد قطر الكرة الأرضية المار بمكة المكرمة‏.‏

معنى هذا الكلام أنه لايوجد انحراف مغناطيسي عند خط طول مكة المكرمة‏.‏
وعند جميع الخطوط الموازية له‏,‏ باستثناء حالة واحدة‏.‏
والسبب في ذلك أن قطبي الأرض المغناطيسيين في تجوال مستمر حتى يتم انقلابهما فيصبح القطب الشمالي جنوباً والقطب الجنوبي شمالاً‏,‏ وعند ذلك يحدث الكثير من الكوارث الطبيعية واندثارات الحياة‏,‏ وقد ثبت حدوث مثل هذه الانقلابات المغناطيسية في تاريخ الأرض عدة مرات‏.‏

وتعلل المغناطيسية الأرضية بوجود مغناطيس كبير يمر بمركز الأرض‏,‏ ويميل محوره حالياً بمقدار‏11,5‏ درجة بالنسبة للمحور القطبي الجغرافي للكرة الأرضية‏,‏ ويعتقد بأن هذا المجال المغناطيسي ناتج عن حركة لب الأرض المائع مع دوران كوكبنا حول محوره‏.‏

وعلى ذلك فإن الاتجاه المغناطيسي الذي يحدد بالبوصلة أو بغيرها من الأجهزة المساحية التي تستخدم الإبرة الممغنطة تختلف عن الاتجاه الحقيقي بزاوية تعرف باسم زاوية الانحراف المغناطيسي‏,‏ وهي تحدد على جميع أنواع الخرائط لكي يحسب الاتجاه الحقيقي بمعرفة كل من الاتجاه المغناطيسي وزاوية الانحراف المغناطيسي‏.‏

ومن الثابت تاريخياً أن خط طول جرنيتش قد فرضته بريطانيا بالقوة إبان هيمنتها على العالم في سنة‏1884‏م أثناء مؤتمر عقد في واشنجطن‏/‏ كولومبيا لتحديد خط طول الأساس، وكان اختباراً سيئاً فرضته الهيمنة البريطانية الغاشمة في العقود المتأخرة من القرن التاسع عشر الميلادي، لأن زاوية الانحراف المغناطيسي في الجزر البريطانية كما قيست في سنة‏1972‏ كانت في حدود‏8,5‏ درجة إلى الغرب من الشمال وهذه القيمة تتناقص بمعدل نصف درجة تقريباً كل أربع سنواتإذا بقيت تلك المعدلات ثابتة.

يظهر ذلك خصوصية خط طول مكة المكرمة با نطباق الشمال المغناطيسي على الشمال الحقيقي‏,‏ ومن هنا كان اختيار الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين رحمه الله لخط طول مكة المكرمة كخط طول أساسي للكرة الأرضية وإعادة إسقاط خطوط طول الكرة الأرضية بدءاً منه، أي بالنسبة إلى مكة المكرمة لتماثل خطوط الطول حول خط طول تلك المدينة المقدسة تماثلاً مذهلاً. وتذكر المراجع العلمية أن هناك خطاً من خطوط الطول يمر بمدينة سنسنائي أوهايو تتضاءل عنده زاوية الانحراف المغناطيسي إلى قرابة الصفر ويعرف باسم "خط انعدام زاوية الانحراف المغناطيسي‏(The Agonic line)"‏ وعلاقة هذا الخط بخط طول مكة المكرمة لم تدرس بعد‏.


مكة المكرمة مركز الكون

استقراءً لآيات القرآن الكريم ولأحاديث خاتم الانبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم يتضح بجلاء توسط مكة المكرمة بين السماوات السبع والأرضين السبع وهي حقيقة دينية لا يمكن للعلم الكسبي أن يصل إليها؛ وذلك لأن الإنسان لا يستطيع أن يرى من فوق سطح الأرض إلا شريحة صغيرة من السماء الدنيا، ووسيلته في ذلك هي النجوم التي تزين السماء الدنيا وحدها لقول الحق تبارك وتعالى: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيح } [الملك‏:5]

ومن مبررات ذلك ما يلي‏:‏
‏(1)‏ ورود ذكر الأرض في مقابلة السماء في عشرات الآيات القرآنية، على ضآلة حجم الأرض إذا ما قورنت بالسماء مما يشير إلى تميز موقع الأرض بالنسبة إلى السماء‏.‏

‏(2)‏ إشارة القرآن الكريم إلى البينية الفاصلة للسماء أو السماوات عن الأرض‏,‏ في عشرين آية صريحة‏,‏ وهذه البينية لا يمكن أن تتم مع تناهي الأرض في الضآلة وتناهي السماوات في الضخامة إلا إذا كانت الأرض في المركز بين السماوات السبع والأرضين السبع‏.‏

‏(3)‏ إشارة القرآن الكريم في سورة الرحمن إلى أقطار السماوات والأرض، وقطر أي شكل هندسي هو الخط الواصل بين طرفين من أطرافه مروراً بمركزه‏,‏ وإذا كانت أقطار السموات والأرض واحدة فلابد وأن تكون أرضنا في المركز من السماوات السبع‏.‏

‏(4)‏ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه مجاهد‏(رحمه الله) عنه بقوله: « إن الحرم حرم مناء من السماوات السبع والأرضين السبع » ولفظة (مناء)‏ معناها القصد في الاتجاه والاستقامة مع كل من السماوات السبع والأرضين السبع أي التواجد بينهما‏,‏ وعلى استقامة مراكزها، وتأكد ذلك بإثبات توسط الكعبة المشرفة للأرض الأولى أي اليابسة‏.‏

‏(5)‏ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المروي عنه بقوله‏:‏ « البيت المعمور منا مكة » .


من ذلك كله تتضح ومضة الإعجاز القرآني في قول الحق تبارك وتعالى مخاطباً خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم { وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } فتتضح وسطية أم القرى ليابسة الأرض ومن هنا يكون المنذَرون هم جميع أهل الارض بلا استثناء‏,‏ ويتضح وضع الكعبة المشرفة في وسط الأرض الأولى وهي اليابسة ودونها ست أراضين‏,‏ ويحيط بذلك كله سبع سماوات وفوق الكعبة المشرفة البيت المعمور زادها الله تشريفاً وتعظيماً.

والحمد لله على نعمة الإسلام والحمد لله على نعمة القرآن، وصلى الله وسلم وبارك على النبي الخاتم الذي تلقاه وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين‏.‏

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:30 PM
ماذا بعد حفظ القرآن الكريم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
وبعد ...

فطالما دار هذا السؤال في أذهان معلمي القرآن الكريم وهم يرون عشرات الطلاب الذين يتمون حفظ القرآن على أيديهم قائلين ( ماذا بعد حفظ القرآن ) هل حقق الطالب هدفه وكفى أم أن هناك أشياء بإمكان المدرس أن يحققها مع حافظ القرآن الكريم وقد فوجئت يوماً بطالب أتم حفظ القرآن الكريم ثم سمعته يقول حققت هدفي وترك التحفيظ .

ومن هنا شعرت بأهمية كتابة بعض الأفكار والمقترحات حول هذا الموضوع .

أولاً : في مجال الحفظ والإتقان .

1- تخصيص حلقة للحفاظ تكون بعدد مناسب لا يتجاوز 8 طلاب بحيث يعطي الطالب وقتاً كافياً للتسميع ويراجع مقداراً مناسباً .
2- اختيار أفضل المدرسين لتدريس هذه الحلقة .
3- وضع منهج في التجويد قوي يتناسب مع مستوى الطلاب مثل شرح الجزرية – أحكام بتلاوة القرآن للحصري .
4- حث الطلاب على المشاركة في المسابقات المحلية والدولية .

ثانياً : في المجال العلمي .

1- عمل دورة في الصيف لحفظ بعض المتون الهامة سواءً في التجويد أو العقيدة أو غيرها مع شروح مختصرة .
2- حث الطلاب الأكثر إتقاناً على مواصلة القراءات السبع سواءً في مراكز متخصصة أو استدعاء مدرس خاص لهم بحسب القدرة والإمكانية والظروف .
3- حث الطلاب على حضور الدروس العامة في المسجد أو سماع أشرطة السلاسل العلمية مع المتابعة الجادة .
4- فتح درس يومي لا يقل عن عشر دقائق في تفسير مختصر للقرآن الكريم .
5- تكليف الطلاب ببحوث متعلقة بالتفسير ولو على فترات متباعدة .
6- ربط الطلاب بمعاني الألفاظ من خلال توجيه أسئلة مباشرة أثناء التسميع أحياناً .

ثالثاً : في المجال التربوي .

1- يكون ضمن منهج الحلقة ( قراءة كتاب في التربية ) اقتراح ( التبيان في آداب حملة القرآن الكريم ) .
2- استضافة بعض المشايخ لإلقاء دروس تربوية في الحلقة أو زيارتهم إلى المنزل حسب الإمكانية والظروف المتاحة .
3- الخروج مع الطلاب في رحلة أو مخيم يهدف إلى تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة .

رابعاً : في المجال الدعوي .

1- تأهيل بعض الطلاب المتقنين والأكبر سناً للتدريس عن طريق التدريس في الأجازات الصيفية أو مساعدة مدرسي الحلقات الأساسية .
2- الاستفادة من الطلاب الجيدين في إمامة الناس بصلاة التراويح إن وجدت الفرصة فإن لم توجد فعلى الأقل مساعدة بعض الأئمة في عدد من الركعات أثناء صلاة التراويح .
3- تعويد الطلاب على إلقاء بعض الخواطر ويستحب أن تكون في التفسير .


</I>

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:31 PM
قرآن الرحمن أم الغناء قرآن الشيطان

يخبرنا الله عز وجل بأنه أنزل دواءً لكل ما يعاني منه المسلم من أمراض... أنزل دواءً يقوّم به المعوجّ في السلوك والتصورات والاهتمامات... أتدرون ما هو؟!

إنه القرآن.. { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء:9]، نعم القرآن.. { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [يونس:57].. إنه الوصفة الإلهية لعلاج أمراض الأمة { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء } [فصلت:44]


القرآن هو الحل.. يقيناً -أخي الحبيب- أن القرآن الذي بين أيدينا قادر على تغييرنا تغييراً جذرياً،، وإعادة صياغتنا من جديد لنكون كما يحب الله عز وجل في القول والفعل والسر والعلن. ولِمَ لا، وهو الدواء الرباني الذي أنزله الله عز وجل ليكون كتاب هداية وشفاء, وتقويم وتغيير لكل من يحسن التعامل معه { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [المائدة:15-16].

يقيناً -أخي الحبيب- أن القرآن الذي بين أيدينا هو الذي سيعيد لنا الأقصى والعراق, ....., سيعيد لنا العزة والمجد, وسينقلنا من ذيل الأمم إلى مقدمتها مرة أخرى؛ لو أحسننا التعامل معه، وأعدنا تشغيل مصنعه وتفعيل معجزته. ولنعلم جميعاً بأن الجيل الموعود بالنصر والتمكين لا يمكن أن يتخرّج إلا من مدرسة القرآن كما حدث مع الجيل الأول.

القرآن هو حبل الله المتين، وهو النور المبين والصراط المستقيم، { كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }, { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت:41-42]، فـ عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: « خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبشروا، أبشروا، أليس تشهدون أن لا اله إلا الله, وأني رسول الله؟ قالوا: نعم. قال: فإن هذا القرآن سبب، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم, فتمسّكوا به فإنكم لن تضلوا, ولن تهلكوا بعده أبداً ».

أين نحن اليوم من القرآن؟ هل ملأ قلوبنا الصديد من ذنوبنا، فأصبحنا لا نتأثر به؟!
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: "والله لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا"... أجل إنه القرآن كتاب الرحمن، الذي سجد له الكافرون قبل المؤمنين... أجل سجد له الكافرون، ففي البخاري أن الرسول تلى أواخر سورة النجم... اسمع تلك الآيات { أَزِفَتْ الآزِفَةُ . لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ . أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ . وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ . وَأَنتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } [النجم:57-62]، وخر النبي لله ساجداً، ولم يتمالك أحد من المشركين نفسه، فخر ساجداً لله...

أجل إنه القرآن، الذي اهتزت له قلوب الكفار واهتزت له الأحجار، { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الحشر:21] بل تأثر به الجن { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } [الجن:1-2]... فأين نحن منه يا أمة الحبيب؟؟!

اسمع يا أخي تلك الكلمات التي قالها الوليد بن المغيرة في حق القرآن، وهو كافر يحارب رسول الله- والحق ما شهدت به الأعداء-، قال: "والله إن له لحلاوة, وإن عليه لطلاوة, وإن أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه". ولقد صدق في تلك الكلمات، فإنه والله ليعلو ولا يعلى عليه، والحق كل الحق والنجاة فيه.

هل تستوعب حقا معنى أنه كلام الله ؟
لقد كان عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه إذا نشر المصحف وضعه على وجهه وقال: "كتاب ربي.. كتاب ربي"..
فتخيّل يا أخي لو أن عظيم من العظماء أو المشاهير أو حبيب تحبه حباً جماً أرسل إليك رسالة، ماذا ستفعل فيها ولو كانت فيها أوامر أو طلبات كيف ستنفذها؟؟! أصار الله أهون علينا من البشر فلا نتحرك إلى قراءة رسالته، ولله المثل الأعلى..
كيف هذا يا أمة الحبيب ؟؟!

أخي الحبيب، إذا كنت تريد الهداية فعليك بالقرآن؛ { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء:9]. وإذا كنت تريد شفاء لأمراض القلوب وانشراحاً للصدور، فعليك بالقرآن؛ { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } [يونس:57].. وإذا كنت تريد الرفعة في الدرجات فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن الله يرفع بهذا الكلام أقواماً ويضع به آخرين ».

وإذا كنت تريد الحسنات فعليك أيضاً بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ».. إذا كنت تريد أن يزداد حبك لله ورسوله، وتزداد تقرباً من الله، فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم « من سرّه أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ».. وإذا كنت تريد الجمال والبهاء ورضا الرحمن يوم القيامة، فعليك بالقرآن؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يجيئ القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلّهِ, فيُلبس تاج الكرامة, ثم يقول: يا رب زِده، فيُلبس حلة الكرامة, ثم يقول يا رب ارض عنه, فيرضى عنه, فيقول اقرأ وارقَ، ويزداد بكل آية حسنة ».. إذا كنت تريد خير الدنيا والآخرة، فعليك بالقرآن.

أخي بالله عليك.. لا تُشمِت أعداء الإسلام بالإسلام وأهله، فقد قال نيكسون في كتابه (انتهز الفرصة):" إننا لا نخشى الضربة النووية، ولكننا نخشى الإسلام والحرب العقائدية التي قد تقضي على الهوية الذاتية للغرب", وقال آخر: "أمامنا أربع عقبات للقضاء على الإسلام: القرآن، والكعبة، وصلاة الجمعة، والأزهر", وقال آخر: "متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العرب يتدرجون في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمد وكتابه"...
فماذا ستقول لهم أنت يا ابن خالد وعمر وأبو بكر, وأنتِ يا ابنة عائشة وأسماء وفاطمة؟


حالهم مع القرآن:

قال أبو بكر بن عياش يوماً لابنه: "يا بني, إياك أن تعصي الله في هذه الغرفة, فإني ختمت القرآن فيها اثني عشرة ألف ختمة". قال ابن المبارك: "كان أبو حنيفة يجمع القرآن في ركعتين". وعن عبد الله بن احمد بن حنبل قال: كان أبي يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته، فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة". ولنختم بشيخ الإسلام ابن تيمية، لما سجن بالقلعة ختم القرآن ثمانين أو إحدى وثمانين ختمة، ومات وهو يقول: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [القمر:54-55].


كيف تتعامل مع القرآن:

- المداومة على التلاوة اليومية: فلنداوم على التلاوة اليومية ولفترات طويلة, ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، وليكن ترتيله بطيئاً, ولا يكن همّ القارئ متى سينتهي من السورة أو الوِرْدْ, بل ليكن همّه متى يتجاوب قلبه ويخشع فؤاده وتدمع عيناه.

- تهيئة الجو المناسب: لكي يقوم القرآن بعمله في التغيير لابد من تهيئة الظروف المناسبة لاستقباله, ومن ذلك وجود مكان هادئ بعيد عن الضوضاء، يتم فيه لقاؤنا به.

- التجاوب مع القرآن: علينا أن نتجاوب مع الخطاب القرآني بالرد على أسئلته، وتنفيذ ما عليه من تسبيح أو حمد أو استغفار أو سجود، وعلينا كذلك التّأمين على الدعاء، والاستعاذة من النار، وسؤال الجنة، ولقد كان هذا من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح. فقد قال وهيب بن الورد: "فرحم الله أقواماً كانوا إذا مرّوا بأية فيها ذكر للنار، فكأن زفيرها في آذانهم، وإذا مرّوا بآية فيها ذكر للجنة فكأنهم فيها منعمين.

- ترديد الآية التي تؤثر في القلب.

- تحديد ورد يومي في وقت محدد: حتى لا تشغلك الدنيا في بعض الأيام فتهجر القرآن كلية، وكما ذكرنا فالمهم في الورد الكيف وليس الكم. المهم التأثر والتفاعل مع كلام الله، ولا تظن يا أخي أنك ستشعر بحلاوة القرآن من أول لحظة؛ فقد قال ثابت البناني: "كابدت القرآن عشرين سنة، وتنعّمت به عشرين سنة"، فلكي تشعر بلذّة القرآن وحلاوته، يجب أن تحرص على تلاوته وسماعه باستمرار. قال تعالى { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت:69].

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:32 PM
مفاهيم أساسية لمن أراد أن يتأثر بالقرآن


1) أن يحسن نظرته للقرآن وينظر له على أنه كتاب شامل ومنهج حياة متكاملة فإن الزاوية التي ينظر منها والصورة التي يرسمها للقرآن مرتبطة ارتباطاً مباشراً في كيفية التعامل مع القرآن والتأثر به .
2) الإلتفات إلى الأهداف الأساسية للقرآن وعدم الوقوف فقط عند بعض الأهداف الفرعية أو التي لا يريدها القرآن ولا يهدف لها . والأهداف الرئيسية للقرآن تتمثل في :
أ- الهداية إلى الله تعالى وبيان التوحيد .
ب- بيان الأحكام الشرعية وما يصلح أحوال الناس .
ج- إيجاد الشخصية الإسلامية المتكاملة المتوازنة .
د- إيجاد المجتمع الإسلامي القرآني الأصيل .
هـ - قيادة الأمة المسلمة في معركتها مع الجاهلية من حولها
3) الالتفات إلى المهمة العملية للقرآن : فعندما يعرف الأهداف الأساسيـة للقرآن من خلال قراءة القـرآن فإنه حتمـا
سيعرف أن مهمة هذا القرآن ورسالته عملية واقعية .
4) المحافظة على جو النص القرآني وعدم الانشغال بأي شاغل أثناء التلاوة ويحرص على أن يحضر كل أجهزة وأدوات الاستجابة والتأثر والانفعال .
5) الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له، فمثلا لو كان واقع بعض المسلمين مخالف لنصوص من القرآن أو يطبقون بعض الأمور بطريقة تخالف النص القرآني فلا نقول أن هذا من القرآن ، وإنما هو من عدم الفهم الصحيح من هؤلاء المسلمين للقرآن .
6) الاعتناء بمعاني القرآن التي عاشها الصحابة عمليا ومحاولة الاقتداء بهم .
7) الشعور بأن الآية موجهة له هو وأن الخطاب يعنيه هو شخصيا .
8) تحرير النصوص القرآنية من قيود الزمان والمكان فهو صالح لكل زمان ومكان وتوجيهاته لكل الناس إلا ما ورد فيـه
استثناء أو تخصيص أو تقييد .
9) أن لا يكون هم القارىء كثرة القراءة أو الانتهاء منها بأقصر وقت فقط ، فهذا يمنعه من تدبره والتأمل فيه .
10) أن يصاحب من يعاونه على هذا الخير ويدله على الصدق ومكارم الأخلاق فإنه له أكبر الأثر في تعميق قراءة القرآن والتأثر به ..قال تعالى:{ وكونوا مع الصادقين} التوبة 119

ام حفصه
19 Jun 2011, 02:34 PM
أجِلُّوا القرآن بقلوبكم، تهابه أعداؤكم

وسيم فتح الله (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=articles&scholar_id=706)

لا يزال المرء يتقلب بين مرارات العدوان الخسيس لأعداء الله، والخذلان الخبيث من زنادقة المنسوبين لهذه الأمة جراء تلك الوقائع المقبحة من أعداء الله الذين تطاولت أيديهم - قطعها الله - لتتناول كتاب الله عز وجل بالامتهان، وحيث إني على ثقة في أن الغيورين من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام قد أشبعوا القوم دعاءً بالهلاك والثبور، فإني سأحول الحديث وجهةً أخرى هي أحرى بالنظر والتأمل والله أعلم، إذ أن مثل هذا العدوان الآثم مع ما رافقه وتبعه من صمت خسيس وخذلان بـئِس من منسوبي هذه الأمة ليدعو المرء إلى التساؤل عن سر هذه الصفاقة الإبليسية من عبدة الصليب وزنادقة العصر، وبقليل من التأمل وإرجاع البصر يعود البصر خاسئاً وهو حسير، فالجواب هو في هذا القرآن الذي خذلناه ؛ :"قل هو من عند أنفسكم" (آل عمران 165)، فلننظر في أنفسنا إذاً لنعلم كيف تجرأ صعاليك الأمريكان على امتهان القرآن، وكيف استخدم عبدة الصلبان منهم زنادقة القوم فينا لاستكمال هذه الجريمة الخبيثة على مرأى من الأمة ومسمع، فلنتدبر:

فلنعلم أولاً أن شأن الأمريكان الصليبيين أحقر من أن يُنظر فيه من جهة استحقاق العلو في الأرض والظهور على الخلق والتسلط عليهم، إنه أحقر من ذلك بكثير، فلقد رأينا القوم وشاهدناهم فإذا بهم لا يكادون يفقهون حديثاً حياتهم عديمة الغاية، أمثلُهم كالحمار عقله أهله وأرسلوه، فما درى فيم عقلوه و فيم أرسلوه، سألناهم عن حياتهم لم يعيشونها فرفعوا أكتافهم ولووا أعناقهم بلا جواب، بل كلامهم هراء، وأنفاسهم نتنة جراء أم الخبائث التي يتجرعونها ليل نهار، وأجسادهم نتنة جراء معاقرة الفواحش، غاية فهم أحدهم من صحة البدن التطهر من آفات الإيدز والسفلس وغيرها من أمراض القذر الجنسي الذي يتمرغون في وحله ليل نهار، خمرٌ وزنا، لواطٌ وخنا، وهم غاية ما يكون من الانحطاط والبهيمية حين تسأل عن أنسابهم فلا يكاد أحدهم يعرف لنفسه أماً ولا أباً، الشريف فيهم من ينكح أخته ليطأها من حيث لا يدري، والخسيس فيهم لا يبالي امرأة نكح أم رجلاً، إنساناً كان أم بهيمة، لا يبالي، ولأن القرآن قد فضحهم فقال في أمثالهم:" والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم"(محمد 12) فقد عادوه وبادروه بالحرب خابوا وخسروا، ولأنهم أحقر من أن يكون لهم شأن فقد ابتلوا بشر بلية على وجه الأرض معاداة الله وكلامه تقدست أسماؤه وتنزه كلامه وصفاته عن أذى الخلق أجمعين...
ثم لنعلم أن قوماً شأنهم من الحقارة ما تقدم ما كان ليجرؤ أحدهم على التطاول على كتاب الله إلا وقد علم من منسوبي هذه الأمة الخذلان والصمت والإذعان، لقد رأوا خذلان الأمة للمستضعفين المأسورين في سجون البغي والطغيان، وكيف أن قيادات الأمة سجعوا على أنغام جوانتاناموا فناموا، ألا تباً لها من نومة وتباً لها من راحة وقيلولة وإخواننا في الأسر المقيت ونحن بين الأفخاذ والنهود نتقلب بين مسابقات اللحم الرخيص ومساومات بيع الأراضي والتهافت على إرضاء أتباع إبليس، أمة قد أوهنها التهافت على أحضان الغانيات والقيان، قد شغلتها القيثارة والمعازف عن سماع القرآن فضلاً عن حفظه وتدبره والعمل بمحكمه وإقامة حدوده وسل السيوف إرعاباً لمن تسول له نفسه التطاول عليه، أمة قد انشغل علماؤها بتفصيل آيات القرآن على مقاس كراسي الحكام المعادين لله الموالين لأعدائه المحاربين لأوليائه، أمةٌ قد خذلت خيرة أبنائها لما خرجوا ليقفوا في وجه تتار العصر من وحوش الأمريكان وهمجهم ، وليت الخذلان وقف عند حد كلاب الحراسة لهان الأمر، ولكن الخذلان استطال لينال بعلماء العصر ممن اتخذوا من تلبيس علوم الشريعة منهجاً ليعملوا على تخذيل الأمة عن الجهاد والمجاهدين وليسلكوا الأمة في سلك التدجين والتصفيق لأئمة الزور والبهتان، فكيف لا يتقدم بعد هذا كله سِكِّيرٌ خِمِّيرٌ صليبيٌ حقيرٌ ليمتهن القرآن وقد رأى أهله امتهنوه، كيف...

ثم لنعلم أن من آثار السيئة اتباعها بالسيئة، وإن امتهان القرآن الكريم على يد هؤلاء المجرمين ليس إلا أثراً لامتهاننا نحن للقرآن الكريم حين هجرنا تلاوته وهجرنا تدبره وهجرنا الاستشفاء به ولجأنا إلى الشرق والغرب نطلب شفاء أسقامنا، وهجرنا إقامة حدوده ولجأنا إلى دستور عصابة الأمم المتحدة وأوثان العلمانية النجسة، وهجرنا إقامة السيف والجهاد صيانةً لجنابه من أن يتجرأ عليه خسيسٌ أو حقير، وهجرنا إرهاب فئران الكفر بحيث لا تجد لها مأمناً إلا في أمان رجل مسلمٌ يعطيهم الأمان ليسمعوا القرآن وتقوم عليهم الحجة كما قال تعالى: { وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجِره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون} [ التوبة 6 ] ، أما وقد صار كلاب الحراسة لدينا يرهبون المؤمن ويُعزون الكافر فكيف تقام في الأرض حجة، وكيف يكون للقرآن على الناس سلطان، كيف...
ثم ليُعلم أخيراً أن هذا الحدث الجلل نذير شؤم لهذه الأمة إن لم تفق من غفوتها وتقم من كبوتها، فلقد قال الله تعالى : { قل للمخلَفين من الأعراب ستُدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذاباً أليماً} [ الفتح 16] ، ولئن كانت جبهة المعركة اليوم هي القرآن فلنعلم أن بداية النصر وتحول ريح المعركة هي في إجلالنا لهذا القرآن العظيم كلام رب العالمين وإقامته في قلوبنا وإفناء أجسادنا في خدمته وحراسته وصيانته وفي هجر كل لغةٍ غير لغته، وهجر كل عقيدة غير عقيدته، وهجر كل حكمٍ غير حكمهٍ، وهجر كل حاكم غير حاكمٍ به، وهجر كل حدٍ غير حدوده، وهجر كل دواء غير دوائه، وهجر كل سماعٍ غير سماعه، وهجر كل أهل غير أهله، وهجر كل أمرٍ غير أمره، وهجر كل مخذلٍ عنه ، وهجر كل مبتغٍ للفتنة بمتشابهه، وهجر كل جاحدٍ بمحكمه، فلنعلنها إذاً قويةً مدويةً نحن أهل القرآن ونحن جند القرآن وأبناؤنا قرابين للقرآن وكل أمنٍ هدرٌ إذا انتهكت له حرمة القرآن وكل دم هدر إذا انتهك به القرآن، وسحقاً سحقاً لمن سكت عن جرائم الأمريكان، وتباً لمن رام الإنصاف منهم بغير الرمح والسنان..


</I>

مرسى الإيمان
20 Jun 2011, 09:51 PM
بوركتِ أخيتي أم حفصة

جعلها الله في ميزان حسناتك

طيف المدينة
06 Jul 2011, 02:47 PM
ما شاء الله تبارك الرحمن

موضوع مميز وقيّم جداً

جزاكِ الله خير أختي أم حفصه وجعله في ميزان حسناتك وكتب أجرك بكل حرف نقلتيه لنا

لكِ شكري وتقييمي يافاضلة

تم حفظ الموضوع في مفضلتي

شوقي الى الله ابكاني
15 Jan 2013, 06:28 PM
جزاك الله خير