ام حفصه
17 Jun 2011, 02:05 PM
الشيخ / محمد حسان
http://www.awda-dawa.com/image3/from-10-4-alaqsa.jpg
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون َ[آل عمران:102] ؛ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَ لُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً [النساء:1] ؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أحبتي في الله :
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لما حل بأمتنا لمحزونون :
ففي كل بلد على الإســلام دائـــرةٌ *** يَنْهدُّ من هولها رضوى وثهــلانُ
ذبـــحٌ وصَــلْبٌ وتقتيل بإخـــــوتنا *** كما أَعدَّت لتُشفِى الحقــدَ نيــرانُ
يستصرخون ذوى الإيمان عاطفة *** فلم يُغْيثهُمْ بيــوم الـــروع أًعْوُانُ
فهل هذه غَيرةٌ ؟ أم هــــذه ضَيْعَـةُ *** للكفـــر ذكــــرٌ وللإســلامِ نسيانُ
برك الدماء وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة وتحكى المأساة في كل بقاع الدنيا في كل مكان ذُبِّح أبناؤنا تذبيح الخراف ، بل لقد وضع الطفل على النيران ليشوى جسده أمام والده المسكين وبعدما انتهى المجرمون من شي الولد أمام والده قطعوا الطفل قطعاً صغيرة وأجبروا والده تحت التهديد والتعذيب والوعيد أن يأكل من لحم ولده ، من فلذة كبده ، من ثمرة فؤاده ، ثم بعد ذلك أطلقوا عليه النيران فقتلوه..!!
أختك . أختك التي انتهك عرضها .. وضاع شرفها ..وها هي الآن يا ابن الإسلام تصرخ عليك وترجوك رجائها الأخير .. أتدرون ما هو رجائها الأخير ؟!! إن أختك – التي انتهك عرضها وضاع شرفها – تصرخ عليك الآن وتقول : اقتلوني .. واقتلوا العار بين أحشائي ..اقتلوا ولدي من السفاح والزنى !! هذا هو رجاؤها الأخير !! وذلك بعدما صرخت طويلاً .. طويلاً .. حتى انقطع صوتها وضاع أنينها .. وراح صوتها .. وهى تقول واسلاماه..
واسلاماه .. وا معتصماه .. وامعتصماه ، ولكن أين المعتصم ؟
ما ثـــم معتصــم يغيــث *** من استغاث به وصاح
ذبحـــوا الصبــي وأمـه *** وفتاتهــا ذات الوشــاح
وعدوا على الأعـراض *** في انتشـــاء وانشـراح
يا ألف مليون وأين هم *** إذا دعـــت الجــــراح ؟
ما ثــــم معتصــم يغيث *** من استغاث به وصاح
برك الدماء وأكوام الأشلاء . تجسد الفجيعة وتحكى المأساة في كل مكان، في البوسنة ، في الصومال ، في كشمير ، في الهند ، في الفلبين ، في بورما ، في تركستان ، في أفغانستان ، في طاجكستان ، في الجزائر ، وأخيراً في فلسطين . برك الدماء وأكوام الأشلاء .. ولا زال المشاهدون من كل بقاع الدنيا قابعين في مقاعدهم يشاهدون هذه المسرحية الهزلية المحرقة منهم من يبارك هذه التصفية ، ومنهم من يبارك هذه الإبادة ، ومنهم من جلس يمسح عينيه بمنديل حرير !! ولكنه ما زال مصرا على أن يقبع في مقعده ليشاهد أخر فصول هذه المسرحية الهزلية المحرقة !! طاردتني هذه الصور المؤلمة التي تحرق فؤاد كل مسلم حي . هذا إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور أفئدة ، إن كنا لا زلنا نحمل فى الصدور قلوب ما كفنت ولا حول ولا قوة إلا بالله .
طاردتني كما طاردت كل مسلم صادق ، هذه الصورة المؤلمة التي تحرق القلب ، صورة هذا الطفل المسكين الذي لا ذنب له ولا جريمة إلا أنه ولد فوق الثرى الطاهر والأرض المباركة ، فوق مسرى الحبيب محمد ، وقام اليهود المجرمون الذين لا يعرفون رحمة ولا يعرفون شفقة ، حتى بعدما احتمى الطفل بأبيه وراح يدفع يديه خائفاً من هؤلاء المجرمين ، وراح الوالد المسكين يرفع يده مستسلماً ، ولكن هيهات .. هيهات .. هيهات أن يعرف اليهود الرحمة ، اللهم إلا إذا دخل الجمل سَمَّ الخياط ، فأطلقوا الرصاص على
رأس هذا الطفل المسكين فأردوه قتيلاً ، وإن شئت فقل لقد قتلوا أباه وإن لم يمته الرصاص ، تصور أن يموت ولدك بين يديك بهذه الصورة التي تحرق الأفئدة ، والله لقد نظرت إلى أطفالي بالأمس القريب.. نظرت إليهم وتخيلت أن قاذفة من قاذفات العدو اليهودي قد سقطت على بيتي .. على أهلي وأولادي فتمزقت أشلاء أولادي بين يدي وأمام عيني ، والله عبثاً حاولت النوم .. فأنى للقلوب التي تعرف حقيقة الإيمان ، فأنى للقلوب التي ذاقت حلاوة الولاء والبراء أن تعرف طعم النوم ، وأن تعرف طعم الراحة .
طاردتني صورة الطائرات الدبابات والصواريخ والمدفعية تدك بيوت الفلسطينيين العزل الذين لا يملكون إلا إيماناً بالله عز وجل .. ثم الحجارة .. ثم الحجارة .. ثم الحجارة!!
وطاردتني صورة امرأة عجوز يتساقط بيتها وهى تنظر إلى سقف البيت يتحطم ولا تملك أن تفعل شيئاً على الإطلاق .
وطاردتني صورة الأقصى الجريح وهو يئن ويستجير ، وهو يصرخ فى المسلمين واإسلاماه .. واإسلاماه .. وا إسلاماه .. لكن من يجيب ؟!! من يجيب ؟!! القدس يصرخ .. لكن من يجيب ؟ كنت أصرخ ، ولكن الصرخة في صحراء مقفرة في صحراء مهلكة .
عبثــــــاً دعـــــــوت وصحت يا أحـــــرار *** عبثـــــــاً لأن قلوبنــــــا أحجـــــار
عبثاً لان عيوننـــا مملـــــوءة بالوهـــــم *** تُظْلِمُ عندهـــــــــــــــــا الأنـــــــوار
عبثــــــــاً لأن شئـــــــــوننا يا قومنـــــــا *** في الغـــــرب يفتل حُبُلُهـــا وتــدار
ولأننــــــــــــا خشــــــــب جامـــــــــــــدة *** فما ندرى مـاذا يصنـــع المنشار ؟
أما سقـــــوط الأقصــــــــــى فحالـــــــــة *** مألوفــــــة تجـــــرى بها الأقــــدار
هــــــــذه شئـــــــون القـــــــدس ليـــــس *** لنا بها شأن وما للمسلمين خيــار
يا ويحكــــم يا مسلمـــون قلوبكـم ماتت *** فليســـــت بالخطـــــــــــوب تثــــار
أنكرتم الفعل الشنيـــــع بقولكم شكــــراً *** شكــــراً لكــــم لن ينفـــع الإنكــار
شكــــــراً على تنظيـــــم مؤتمـــراتكــــم *** وعلــــى القـــرار يصاغ منه قرار
وعـــــل تعاطفكـــم فتلك مزيـــــة فيكـــم *** تصــــــاغ لمدحهـــــــا الأشعـــــار
يا ويحكم يا مسلمون نسائكم في القدس *** يسألن عنكم والدمــــــوع غــــزار
هذه تساق إلى سراديب الهوى ســــوقاً *** وتلك يقـــــــــودهــــــا الجــــــــزار
لــو أن سانحــــة من الغـــــرب اشتكت *** فـي أرضكــــم لتحــــرك الأعصـــار
أما الأطفال أما الصغار فلا تســــأل عن *** حالهم مرض وخوف قاتل وحصار
اليهود هم اليهود .. كررنا ذلك حتى بحت الأصوات ، لكن الأمة لا تريد أبداً أن تصدق رب الأرض والسماوات ، متى وَفَّى اليهود بعهد على طوال التاريخ ؟!.
قلت : لقد نقض اليهود العهود مع الأنبياء ورب الأرض والسماء ، وأسأل بمرارة : هل ينقض اليهود العهود مع الأنبياء ورب الأرض والسماء ثم يفي اليوم اليهود بالعهود للحكام والزعماء ؟!
لقد ماتت عملية السلام ، قلنا ذلك مراراً قبل ذلك فلم يصدقنا أحد .
فحال أمتنا حال عجيبة وهى لعمــر الله بائسة كئيبة
يحتاجها الطوفـــان طوفـــــان المؤامـــــــرة الرهيبة
ويخطط المتآمـــرون كي يغرقوهـــــا فــــي المصيبة
وسيحفرون لها قبــــــوراً ضمن خططهـــــم الرهيبة
قالوا السلام السلام قلت يعود الأهل للأرض السليبة
وسيلبس الأقصــــــــــى غـــــــــداً أثــــــواباً قشيبــة
فإذا سلامهـم هــــــــو التنازل عــــن القدس الحبيبة
فبئس سلامهـــــم إذاً وبئست هذه الخطــــط المريبة
فالمسجد الأقصى فــــــي الدمـــــــــــاء لـــــه ضريبة
الله تبارك وتعالى خلق اليهود وهو وحده الذي يعلم من خلق أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14]. قال جل وعلا أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:100]. وقال جل وعلا : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ [المائدة:13] . أي على خيانة بعد خيانة هذا كلام ربنا جل وعلا ولا أريد أن أقف مع آيات القرآن فالآيات كثيرة قال جل جلال قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60]
قال جل وعلا لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79] .
ها هو القرآن يُقرأ ويتلى في الليل والنهار .. لكن من يصدق كلام العزيز الغفار ؟! ومن يصدق كلام النبي المختار صلى الله عليه وسلم؟!
اليهود قومُ بُهتٍ وقومُ خيانةٍ .. متخصصون في نقض العهود .. والله الذي لا إله غيره لن يأتي في إسرائيل وزارة تحترم عهوداً أُبرمت في أوسلو ، أو مدريد ، أو تل أبيب ، أو كامب ديفيد الأولى .. والمليون ، لن تكون هناك وزارة أو حزب عمل أو حزب ليكود يحترم عهداً أو ميثاقاً ، فهذه جبلة اليهود وطبيعة اليهود منذ أول لحظة هاجر فيها المصطفى إلى المدينة ، وقام عبد الله بن سلام حبر اليهود فنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أنه ليس بوجه كذاب فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقال للمصطفى يا رسول الله اليهود قوم بهت (أي أهل ظلم ينكرون الحقائق) . فاكتم عنهم خبر إسلامي وسلهم عنى .
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بطون اليهود ، وقال لهم : ((ما تقولون في عبد الله بن سلام )) قالوا : سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وابن حبرنا ، فقام عبد الله بن سلام إلى جوار رسول الله ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فردوا جميعاً على لسان وقلب رجل واحد فى حق عبد الله ابن سلام وقالوا : هو سفيهنا وابن سفيهنا .. وجاهلنا وابن جاهلنا !! هذه طبيعة اليهود منذ اللحظات الأولى لم تتغير ولن تتغير ، فمتى يفيق النائمون ؟
ليعلم الكل علم اليقين أن أمريكا ليست شريكاً نزيها في عملية السلام ، كلا وألف كلا ، الكفر ملة واحدة ، لا يمكن أبداً لأمريكا أن تنصر قضية من قضايا الأمة . ولا يمكن أبداً لهيئة الأمم أن تنصر قضية من قضايا الأمة، لا يمكن أبداً لحلف الناتو أن ينصر الأقلية المستضعفة من المدنيين في فلسطين من أجل سواد عيون الأمة ، ولا تُخْدَعوا بتدخل حلف الناتو في كوسوفا لأنهم ما تدخلوا إلا لمصالحهم الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية . هذا أمر لا ينبغي أن يجهله الآن مسلم أو مسلمة على وجه الأرض .. الكفر لا ينصر توحيداً ... الكفر لا ينصر إسلاماً ، الكفر ملة واحدة ، أنهم يشاهدون على شاشات التلفاز كل ليلة ما يحدث لإخواننا وأخواتنا وأطفالنا في فلسطين لكن .
أين النظام العالمي ؟ أما له أثــر ؟ ألم تنعـــق به الأبـــواق؟
أين السلام العالمي ؟ لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحـــداق
يا مجلس الخوف الذي في ظله كُسر الأمان وضيع الميثاق
أو ما يحركك الذي يجــرى لنا أو ما يثيــرك جرحنا الدفــاق
وحشية يقف الخيـال أمامهــــا متضائـــلاً وتمجهــا الأذواق
هذا هو الغرب يا من خُدِعتم بالغرب طيلة السنين الماضية .
هذا هو الغرب أيها المرجفون .. يا من تعزفون على وتر التقديس والتمجيد للغرب في كل المناسبات !!
قالــــوا لنا : الغـــــــرب قلت : *** صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا
لكنــــه خاوٍ مـــن الإيمــــان لا *** يرعــى ضعيفاً أو يســر حــــزينا
الغرب مقبرة المبادئ لم يــزل *** يرمى بسهــم المغــــريات الدينا
الغرب مقبرة العدالـــة كلمــــا *** رُفعــــت يد أبدى لهــــــا السكينا
الغرب يكفر بالســـــلام وإنمـا *** بسلامـــــه الموهــــوم يستوهينا
الغرب يحمل خنجراً ورصاصة *** فعـلام يحمـــــل قومنا الزيتونا؟
كفـــــرٌ وإســـــلامٌ فأنى يتلقــى *** هـــــذا بذلك أيهـــــا اللاهــــونا؟
أنا لا ألوم الغرب في تخطيطـه *** ولكــــن ألــوم المسلــم المفتونا
وألــوم أمتنا التي رحلت علــى *** درب الخضــــوع ترافق التنينا
وألوم فينا نخوة لـــــــم تنتفض *** إلا لتضــــربنا علــــــى أيدينـــا
يا مجلس الأمن :
شكراً لقد نبهـــت غافل قومنـــا *** وجعلت شــــك الواهمين يقينا
يا مجلس الأمن أنتظر إسلامنا *** سيريك ميــــزان الهدى ويرينا
إن كنت في شك فسل فرعـــون *** عن غرقٍ وسل عن خسفه قارونا
متى يفيق النائمون ؟ فشهداؤنا بين المقابر يهمسـون
والله إنا قادمون ، والله إنا عائدون ، والله إنا راجعون
شهداؤنا خرجوا من الكفان .. وأنتفضوا صفوفاً .. ثم راحوا يصرخون
عار عليكم أيها المستسلمون .. وطن يباع ؟!
وأمة تنساق قطعانا .. وأنتم نائمون
شهداؤنا قامــــوا وزاروا المسجـد الأقصـــــى
وطافوا في رحاب القدس واقتحموا السجـــون
في كل شبر من ثرى الوطن المكبل ينبتون !!
في كل ركن من ربوع الأمة الثكلى أراهم يخرجون !!
شهداؤنا وسط المجازر يهتفون..الله أكبر..إنا عائدون.
شهداؤنا يتقدمون .. أصواتهم تعلو على أسوار فلسطين الحزينة
في الشوارع .. في المفارق يهدرون
إني أراهم في الظلام يحاربون !!
رغم انكسار الضوء في الوطن المكبل بالمهانة والمجون
شهداؤنا وسط المجازر يهتفون .. والله إنا عائدون .. والله إنا عائدون
أكفاننا ستضئ يوما في رحاب القدس .. سوف تعود تقتحم الحصون
شهداؤنا في كل شبر يصرخون .. يا أيها المتنطعون !!
كيف ارتضيتم أن ينام الذئب في وسط القطيع وتأمنون ؟!
وطنُ بعرض الكون يعرض في المزاد
وطغمة الجرذان في الوطن الجريح يتاجرون .
أحياؤنا الموتى عل الشاشات في صخب النهاية يسكرون !!
من أجهض الوطن العريق وكبل الأحلام في كل العيون ؟!!
يا أيها المتشرذمون .. والله إنا قادمون
شهداؤنا في كل شبر في البلاد يزمجرون
جاءوا صفوفاً يسألون يا أيها الأحياء ماذا تفعلون ؟!
في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبون !!
تتسربون على جناح الليل كالفئران سراً .. للذئاب تهرولون
وأمام أمريكا تقام صلاتكم فتسبحون !!
وتطوف أعينكم بها .. وفوق ربوعها الخضراء يبكى الساجدون
صور على الشاشات جرذان تصافح بعضها !!
والناس من ألم الفجيعة يضحكون !!
تباع أوطان .. وتسقط أمة .. ورؤؤسكم تحت النعال وتركنون
تسلم القدس العريقة للذئاب ويسكر المتآمرون !!
القدس تسألكم أليس لها حق عليكم ؟ أين فر الرافضون ؟!
أين غاب البائعون ؟ أين راح الهاربون ؟ الصامتون الغافلون الكاذبون؟
صمتوا جميعاً والرصاص الأن يخترق العيون !!
وإذا سألت .. سمعتهم يتصايحون .. هذا الزمان زمانهم في كل شئ في الورى يتحكمون
لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص .. فإنكم في كل شئ خاسرون
لن يترك الطوفان شيئاً .. كلكم في اليم يوماً غارقون !!
تجرون خلف الموت والنخاس يجرى خلفكم
وغداً بأسواق النخاسة تعرضون
لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون .
كُهاننا يترنحون .. فوق الكراسي هائمون !!
في نشوة السلطان والطغيان راحوا يسكرون !!
وشعوبنا ارتاحت .. ونامت في غيابات السجون !!
نام الجميع .. وكلهم يتثائبون .. فمتى يفيق النائمون ؟!!
متى سترجع الأمة إلى ربها - سبحانه وتعالى - وإلى نبيها لتحقق منهج الله في الأرض ، لتكون أهلاً لنصرة الله . .فالأمة تلك مقومات النصر نعم .. الأمة تمتلك الآن مقومات النصر .
وهنا يثور السؤال المرير : ما الذي أوصل الأمة إلى هذه الحالة المزرية ؟! من ذل ، وضعف ، وهوان ، وتشرذم ، وتشتت !! ؛ تقسمت الأمة إلى أجزاء ، بل وتفتت الأجزاء هي الأخرى إلى أجزاء !! ما الذي أوصل أمة القرآن إلى هذه الحالة المزرية التي نراها عليها الآن ؟!!
وأنتبه أيها الحبيب : لتعرف على الجواب في كلمات قليلة حاسمة قاطعة قال تعالى :[.. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..[الرعد: 11] ؛ ورب الكعبة لقد غيرت الأمة ، وبدلت ، وحرفت ، وابتعدت الأمة كثيراً عن المنهج الرباني الذي جاء به الحبيب المصطفى .
يا شباب الصحوة : هذه سنة ربانية ثابتة .. ينبغي أن تستقر في القلوب قبل الأذهان والعقول .
أن الأمة قد أنحرفت كثيراً عن المنهج الرباني في جانب العقيدة في جانب العبادة ، في جانب التشريع ، في جانب التباع ، في جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك.
ابتعدت الأمة كثيراً كثيراُ - إلا من رحم ربك - عن المنهج الرباني الذي جاء به رسول الله.
ففي جانب العقيدة نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة على أيدي الكثيرين من أبناء الأمة - إلا من رحم ربك - والله جل وعلا يقول : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62] .
أستمعنا بأم آذاننا على شاشات التلفاز من يقول وهو يناجى رسول الله : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم ، وإن من فيض جودك الدنيا ودرتها ، ومن علومك علم اللوح والقلم !! نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة !!
في جانب العبادة : نرى كثيرا من صور العبادة الظاهرة ، والباطنة قد صرفت لغير الله جل وعلا . ذبح لغير الله !! وسئل غير الله !! واستعان كثير من الناس بغير الله !! وفوض كثير من الناس الأمور لغير الله !! بل ووثقت القلوب ببعض قوى الأرض وببعض دول الأرض أكثر من ثقتها بخالق السموات والأرض - جل وعلا - والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه ويقول : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] .
أما في جانب التشريع فأبكى دما بدل الدمع ، ضيعت الأمة شريعة ربها الكبير المتعال ، حرفت الأمة شرع ربها .. واستبدلت الأمة بالعبير بعراً .. وبالثريا ثرى .. وبالرحيق المختوم حريقاً محرقا مدمرا.
أبت الأمة إلا أن تناقض قول ربها..الله جل وعلا يقول : [إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ]فأبا كثير من أبناء الأمة إلا أن يقول : إن الحكم إلا للمجالس الشعبية ، للمجالس النيابية، وللبيوت البيضاء والسوداء والحمراء والله جل وعلا يقول : [ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُون َ] [المائدة:50] .
غيرت الأمة شريعة ربها . يقرأ المسلم الآن في قرآن ربه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن ِ[المائدة: 6] ويلتزم بهذا الأمر الإلهى ويضيع في نفس السورة قول ربه : [... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ] [المائدة: 44] . يلتزم بقوله الله في سورة البقرة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ...ويضيع في نفس السورة قول ربه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ انفصام نكد ، ضيعت الأمة - إلا من رحم ربك - شريعة ربها!!.
وفى جانب الإتباع تغنت الأمة بحبها لرسول الله ، وخرجت طائفة من الأمة تسخر بسنته وتهزأ بأوامره .. فاللحية عفن !! والنقاب خيمة!! والخنزير الذي حرمه القرآن كان خنْزيراً هزيلاً في أرض الجزيرة .. أما خنازير اليوم فإنها تربى تحت العناية الطبية وتحت الرعاية الصحية فما الداعي لتحريمها والخمر الذي حرمه القرآن كان قديماً ، أما خمر الآن فما الداعي لتحريمها وهى التي تسمى بالمشروبات الروحية !! وهكذا ادعت الأمة حب نبيها واتباع نبيها وسخرت من شريعته واستهزأت بسنته ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أما جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك فحدث ولا حرج كثر الغش وقل الصدق ، وانتشر الخداع وقُدِّمَ الفارغون ، وقدم الخائنون وأُخِّرَ المؤتمنون وقدم الكاذبون وأخر الصادقون ، وصدق فى الأمة قول الصادق المصدوق كما فى الحديث الذى رواه أبن ماجه فى سننه وهو حديث صحيح : ((سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ))(1) . قيل وما الرويبضة يا رسول الله . قال : ((الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ )) . غيرت الأمة أيها الأحباب والله عز وجل يقول :[..إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم..].. وأنا ما أريد أن أسكب اليأس والقنوط في قلوبكم ولكنني أريد أن أشخص الداء ولو كان مراً بطعم الحنظل لنحدد الدواء الناجح لهذا الداء ، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
http://www.awda-dawa.com/image3/from-10-4-alaqsa.jpg
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون َ[آل عمران:102] ؛ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَ لُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً [النساء:1] ؛ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71]
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
أحبتي في الله :
والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لما حل بأمتنا لمحزونون :
ففي كل بلد على الإســلام دائـــرةٌ *** يَنْهدُّ من هولها رضوى وثهــلانُ
ذبـــحٌ وصَــلْبٌ وتقتيل بإخـــــوتنا *** كما أَعدَّت لتُشفِى الحقــدَ نيــرانُ
يستصرخون ذوى الإيمان عاطفة *** فلم يُغْيثهُمْ بيــوم الـــروع أًعْوُانُ
فهل هذه غَيرةٌ ؟ أم هــــذه ضَيْعَـةُ *** للكفـــر ذكــــرٌ وللإســلامِ نسيانُ
برك الدماء وأكوام الأشلاء تجسد الفجيعة وتحكى المأساة في كل بقاع الدنيا في كل مكان ذُبِّح أبناؤنا تذبيح الخراف ، بل لقد وضع الطفل على النيران ليشوى جسده أمام والده المسكين وبعدما انتهى المجرمون من شي الولد أمام والده قطعوا الطفل قطعاً صغيرة وأجبروا والده تحت التهديد والتعذيب والوعيد أن يأكل من لحم ولده ، من فلذة كبده ، من ثمرة فؤاده ، ثم بعد ذلك أطلقوا عليه النيران فقتلوه..!!
أختك . أختك التي انتهك عرضها .. وضاع شرفها ..وها هي الآن يا ابن الإسلام تصرخ عليك وترجوك رجائها الأخير .. أتدرون ما هو رجائها الأخير ؟!! إن أختك – التي انتهك عرضها وضاع شرفها – تصرخ عليك الآن وتقول : اقتلوني .. واقتلوا العار بين أحشائي ..اقتلوا ولدي من السفاح والزنى !! هذا هو رجاؤها الأخير !! وذلك بعدما صرخت طويلاً .. طويلاً .. حتى انقطع صوتها وضاع أنينها .. وراح صوتها .. وهى تقول واسلاماه..
واسلاماه .. وا معتصماه .. وامعتصماه ، ولكن أين المعتصم ؟
ما ثـــم معتصــم يغيــث *** من استغاث به وصاح
ذبحـــوا الصبــي وأمـه *** وفتاتهــا ذات الوشــاح
وعدوا على الأعـراض *** في انتشـــاء وانشـراح
يا ألف مليون وأين هم *** إذا دعـــت الجــــراح ؟
ما ثــــم معتصــم يغيث *** من استغاث به وصاح
برك الدماء وأكوام الأشلاء . تجسد الفجيعة وتحكى المأساة في كل مكان، في البوسنة ، في الصومال ، في كشمير ، في الهند ، في الفلبين ، في بورما ، في تركستان ، في أفغانستان ، في طاجكستان ، في الجزائر ، وأخيراً في فلسطين . برك الدماء وأكوام الأشلاء .. ولا زال المشاهدون من كل بقاع الدنيا قابعين في مقاعدهم يشاهدون هذه المسرحية الهزلية المحرقة منهم من يبارك هذه التصفية ، ومنهم من يبارك هذه الإبادة ، ومنهم من جلس يمسح عينيه بمنديل حرير !! ولكنه ما زال مصرا على أن يقبع في مقعده ليشاهد أخر فصول هذه المسرحية الهزلية المحرقة !! طاردتني هذه الصور المؤلمة التي تحرق فؤاد كل مسلم حي . هذا إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور أفئدة ، إن كنا لا زلنا نحمل فى الصدور قلوب ما كفنت ولا حول ولا قوة إلا بالله .
طاردتني كما طاردت كل مسلم صادق ، هذه الصورة المؤلمة التي تحرق القلب ، صورة هذا الطفل المسكين الذي لا ذنب له ولا جريمة إلا أنه ولد فوق الثرى الطاهر والأرض المباركة ، فوق مسرى الحبيب محمد ، وقام اليهود المجرمون الذين لا يعرفون رحمة ولا يعرفون شفقة ، حتى بعدما احتمى الطفل بأبيه وراح يدفع يديه خائفاً من هؤلاء المجرمين ، وراح الوالد المسكين يرفع يده مستسلماً ، ولكن هيهات .. هيهات .. هيهات أن يعرف اليهود الرحمة ، اللهم إلا إذا دخل الجمل سَمَّ الخياط ، فأطلقوا الرصاص على
رأس هذا الطفل المسكين فأردوه قتيلاً ، وإن شئت فقل لقد قتلوا أباه وإن لم يمته الرصاص ، تصور أن يموت ولدك بين يديك بهذه الصورة التي تحرق الأفئدة ، والله لقد نظرت إلى أطفالي بالأمس القريب.. نظرت إليهم وتخيلت أن قاذفة من قاذفات العدو اليهودي قد سقطت على بيتي .. على أهلي وأولادي فتمزقت أشلاء أولادي بين يدي وأمام عيني ، والله عبثاً حاولت النوم .. فأنى للقلوب التي تعرف حقيقة الإيمان ، فأنى للقلوب التي ذاقت حلاوة الولاء والبراء أن تعرف طعم النوم ، وأن تعرف طعم الراحة .
طاردتني صورة الطائرات الدبابات والصواريخ والمدفعية تدك بيوت الفلسطينيين العزل الذين لا يملكون إلا إيماناً بالله عز وجل .. ثم الحجارة .. ثم الحجارة .. ثم الحجارة!!
وطاردتني صورة امرأة عجوز يتساقط بيتها وهى تنظر إلى سقف البيت يتحطم ولا تملك أن تفعل شيئاً على الإطلاق .
وطاردتني صورة الأقصى الجريح وهو يئن ويستجير ، وهو يصرخ فى المسلمين واإسلاماه .. واإسلاماه .. وا إسلاماه .. لكن من يجيب ؟!! من يجيب ؟!! القدس يصرخ .. لكن من يجيب ؟ كنت أصرخ ، ولكن الصرخة في صحراء مقفرة في صحراء مهلكة .
عبثــــــاً دعـــــــوت وصحت يا أحـــــرار *** عبثـــــــاً لأن قلوبنــــــا أحجـــــار
عبثاً لان عيوننـــا مملـــــوءة بالوهـــــم *** تُظْلِمُ عندهـــــــــــــــــا الأنـــــــوار
عبثــــــــاً لأن شئـــــــــوننا يا قومنـــــــا *** في الغـــــرب يفتل حُبُلُهـــا وتــدار
ولأننــــــــــــا خشــــــــب جامـــــــــــــدة *** فما ندرى مـاذا يصنـــع المنشار ؟
أما سقـــــوط الأقصــــــــــى فحالـــــــــة *** مألوفــــــة تجـــــرى بها الأقــــدار
هــــــــذه شئـــــــون القـــــــدس ليـــــس *** لنا بها شأن وما للمسلمين خيــار
يا ويحكــــم يا مسلمـــون قلوبكـم ماتت *** فليســـــت بالخطـــــــــــوب تثــــار
أنكرتم الفعل الشنيـــــع بقولكم شكــــراً *** شكــــراً لكــــم لن ينفـــع الإنكــار
شكــــــراً على تنظيـــــم مؤتمـــراتكــــم *** وعلــــى القـــرار يصاغ منه قرار
وعـــــل تعاطفكـــم فتلك مزيـــــة فيكـــم *** تصــــــاغ لمدحهـــــــا الأشعـــــار
يا ويحكم يا مسلمون نسائكم في القدس *** يسألن عنكم والدمــــــوع غــــزار
هذه تساق إلى سراديب الهوى ســــوقاً *** وتلك يقـــــــــودهــــــا الجــــــــزار
لــو أن سانحــــة من الغـــــرب اشتكت *** فـي أرضكــــم لتحــــرك الأعصـــار
أما الأطفال أما الصغار فلا تســــأل عن *** حالهم مرض وخوف قاتل وحصار
اليهود هم اليهود .. كررنا ذلك حتى بحت الأصوات ، لكن الأمة لا تريد أبداً أن تصدق رب الأرض والسماوات ، متى وَفَّى اليهود بعهد على طوال التاريخ ؟!.
قلت : لقد نقض اليهود العهود مع الأنبياء ورب الأرض والسماء ، وأسأل بمرارة : هل ينقض اليهود العهود مع الأنبياء ورب الأرض والسماء ثم يفي اليوم اليهود بالعهود للحكام والزعماء ؟!
لقد ماتت عملية السلام ، قلنا ذلك مراراً قبل ذلك فلم يصدقنا أحد .
فحال أمتنا حال عجيبة وهى لعمــر الله بائسة كئيبة
يحتاجها الطوفـــان طوفـــــان المؤامـــــــرة الرهيبة
ويخطط المتآمـــرون كي يغرقوهـــــا فــــي المصيبة
وسيحفرون لها قبــــــوراً ضمن خططهـــــم الرهيبة
قالوا السلام السلام قلت يعود الأهل للأرض السليبة
وسيلبس الأقصــــــــــى غـــــــــداً أثــــــواباً قشيبــة
فإذا سلامهـم هــــــــو التنازل عــــن القدس الحبيبة
فبئس سلامهـــــم إذاً وبئست هذه الخطــــط المريبة
فالمسجد الأقصى فــــــي الدمـــــــــــاء لـــــه ضريبة
الله تبارك وتعالى خلق اليهود وهو وحده الذي يعلم من خلق أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[الملك:14]. قال جل وعلا أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:100]. وقال جل وعلا : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ [المائدة:13] . أي على خيانة بعد خيانة هذا كلام ربنا جل وعلا ولا أريد أن أقف مع آيات القرآن فالآيات كثيرة قال جل جلال قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60]
قال جل وعلا لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79] .
ها هو القرآن يُقرأ ويتلى في الليل والنهار .. لكن من يصدق كلام العزيز الغفار ؟! ومن يصدق كلام النبي المختار صلى الله عليه وسلم؟!
اليهود قومُ بُهتٍ وقومُ خيانةٍ .. متخصصون في نقض العهود .. والله الذي لا إله غيره لن يأتي في إسرائيل وزارة تحترم عهوداً أُبرمت في أوسلو ، أو مدريد ، أو تل أبيب ، أو كامب ديفيد الأولى .. والمليون ، لن تكون هناك وزارة أو حزب عمل أو حزب ليكود يحترم عهداً أو ميثاقاً ، فهذه جبلة اليهود وطبيعة اليهود منذ أول لحظة هاجر فيها المصطفى إلى المدينة ، وقام عبد الله بن سلام حبر اليهود فنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أنه ليس بوجه كذاب فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقال للمصطفى يا رسول الله اليهود قوم بهت (أي أهل ظلم ينكرون الحقائق) . فاكتم عنهم خبر إسلامي وسلهم عنى .
فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بطون اليهود ، وقال لهم : ((ما تقولون في عبد الله بن سلام )) قالوا : سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وابن حبرنا ، فقام عبد الله بن سلام إلى جوار رسول الله ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فردوا جميعاً على لسان وقلب رجل واحد فى حق عبد الله ابن سلام وقالوا : هو سفيهنا وابن سفيهنا .. وجاهلنا وابن جاهلنا !! هذه طبيعة اليهود منذ اللحظات الأولى لم تتغير ولن تتغير ، فمتى يفيق النائمون ؟
ليعلم الكل علم اليقين أن أمريكا ليست شريكاً نزيها في عملية السلام ، كلا وألف كلا ، الكفر ملة واحدة ، لا يمكن أبداً لأمريكا أن تنصر قضية من قضايا الأمة . ولا يمكن أبداً لهيئة الأمم أن تنصر قضية من قضايا الأمة، لا يمكن أبداً لحلف الناتو أن ينصر الأقلية المستضعفة من المدنيين في فلسطين من أجل سواد عيون الأمة ، ولا تُخْدَعوا بتدخل حلف الناتو في كوسوفا لأنهم ما تدخلوا إلا لمصالحهم الاقتصادية والعسكرية والاستراتيجية . هذا أمر لا ينبغي أن يجهله الآن مسلم أو مسلمة على وجه الأرض .. الكفر لا ينصر توحيداً ... الكفر لا ينصر إسلاماً ، الكفر ملة واحدة ، أنهم يشاهدون على شاشات التلفاز كل ليلة ما يحدث لإخواننا وأخواتنا وأطفالنا في فلسطين لكن .
أين النظام العالمي ؟ أما له أثــر ؟ ألم تنعـــق به الأبـــواق؟
أين السلام العالمي ؟ لقد بدا كذب السلام وزاغت الأحـــداق
يا مجلس الخوف الذي في ظله كُسر الأمان وضيع الميثاق
أو ما يحركك الذي يجــرى لنا أو ما يثيــرك جرحنا الدفــاق
وحشية يقف الخيـال أمامهــــا متضائـــلاً وتمجهــا الأذواق
هذا هو الغرب يا من خُدِعتم بالغرب طيلة السنين الماضية .
هذا هو الغرب أيها المرجفون .. يا من تعزفون على وتر التقديس والتمجيد للغرب في كل المناسبات !!
قالــــوا لنا : الغـــــــرب قلت : *** صناعة وسياحة ومظاهر تغرينا
لكنــــه خاوٍ مـــن الإيمــــان لا *** يرعــى ضعيفاً أو يســر حــــزينا
الغرب مقبرة المبادئ لم يــزل *** يرمى بسهــم المغــــريات الدينا
الغرب مقبرة العدالـــة كلمــــا *** رُفعــــت يد أبدى لهــــــا السكينا
الغرب يكفر بالســـــلام وإنمـا *** بسلامـــــه الموهــــوم يستوهينا
الغرب يحمل خنجراً ورصاصة *** فعـلام يحمـــــل قومنا الزيتونا؟
كفـــــرٌ وإســـــلامٌ فأنى يتلقــى *** هـــــذا بذلك أيهـــــا اللاهــــونا؟
أنا لا ألوم الغرب في تخطيطـه *** ولكــــن ألــوم المسلــم المفتونا
وألــوم أمتنا التي رحلت علــى *** درب الخضــــوع ترافق التنينا
وألوم فينا نخوة لـــــــم تنتفض *** إلا لتضــــربنا علــــــى أيدينـــا
يا مجلس الأمن :
شكراً لقد نبهـــت غافل قومنـــا *** وجعلت شــــك الواهمين يقينا
يا مجلس الأمن أنتظر إسلامنا *** سيريك ميــــزان الهدى ويرينا
إن كنت في شك فسل فرعـــون *** عن غرقٍ وسل عن خسفه قارونا
متى يفيق النائمون ؟ فشهداؤنا بين المقابر يهمسـون
والله إنا قادمون ، والله إنا عائدون ، والله إنا راجعون
شهداؤنا خرجوا من الكفان .. وأنتفضوا صفوفاً .. ثم راحوا يصرخون
عار عليكم أيها المستسلمون .. وطن يباع ؟!
وأمة تنساق قطعانا .. وأنتم نائمون
شهداؤنا قامــــوا وزاروا المسجـد الأقصـــــى
وطافوا في رحاب القدس واقتحموا السجـــون
في كل شبر من ثرى الوطن المكبل ينبتون !!
في كل ركن من ربوع الأمة الثكلى أراهم يخرجون !!
شهداؤنا وسط المجازر يهتفون..الله أكبر..إنا عائدون.
شهداؤنا يتقدمون .. أصواتهم تعلو على أسوار فلسطين الحزينة
في الشوارع .. في المفارق يهدرون
إني أراهم في الظلام يحاربون !!
رغم انكسار الضوء في الوطن المكبل بالمهانة والمجون
شهداؤنا وسط المجازر يهتفون .. والله إنا عائدون .. والله إنا عائدون
أكفاننا ستضئ يوما في رحاب القدس .. سوف تعود تقتحم الحصون
شهداؤنا في كل شبر يصرخون .. يا أيها المتنطعون !!
كيف ارتضيتم أن ينام الذئب في وسط القطيع وتأمنون ؟!
وطنُ بعرض الكون يعرض في المزاد
وطغمة الجرذان في الوطن الجريح يتاجرون .
أحياؤنا الموتى عل الشاشات في صخب النهاية يسكرون !!
من أجهض الوطن العريق وكبل الأحلام في كل العيون ؟!!
يا أيها المتشرذمون .. والله إنا قادمون
شهداؤنا في كل شبر في البلاد يزمجرون
جاءوا صفوفاً يسألون يا أيها الأحياء ماذا تفعلون ؟!
في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبون !!
تتسربون على جناح الليل كالفئران سراً .. للذئاب تهرولون
وأمام أمريكا تقام صلاتكم فتسبحون !!
وتطوف أعينكم بها .. وفوق ربوعها الخضراء يبكى الساجدون
صور على الشاشات جرذان تصافح بعضها !!
والناس من ألم الفجيعة يضحكون !!
تباع أوطان .. وتسقط أمة .. ورؤؤسكم تحت النعال وتركنون
تسلم القدس العريقة للذئاب ويسكر المتآمرون !!
القدس تسألكم أليس لها حق عليكم ؟ أين فر الرافضون ؟!
أين غاب البائعون ؟ أين راح الهاربون ؟ الصامتون الغافلون الكاذبون؟
صمتوا جميعاً والرصاص الأن يخترق العيون !!
وإذا سألت .. سمعتهم يتصايحون .. هذا الزمان زمانهم في كل شئ في الورى يتحكمون
لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص .. فإنكم في كل شئ خاسرون
لن يترك الطوفان شيئاً .. كلكم في اليم يوماً غارقون !!
تجرون خلف الموت والنخاس يجرى خلفكم
وغداً بأسواق النخاسة تعرضون
لن يرحم التاريخ يوماً من يفرط أو يخون .
كُهاننا يترنحون .. فوق الكراسي هائمون !!
في نشوة السلطان والطغيان راحوا يسكرون !!
وشعوبنا ارتاحت .. ونامت في غيابات السجون !!
نام الجميع .. وكلهم يتثائبون .. فمتى يفيق النائمون ؟!!
متى سترجع الأمة إلى ربها - سبحانه وتعالى - وإلى نبيها لتحقق منهج الله في الأرض ، لتكون أهلاً لنصرة الله . .فالأمة تلك مقومات النصر نعم .. الأمة تمتلك الآن مقومات النصر .
وهنا يثور السؤال المرير : ما الذي أوصل الأمة إلى هذه الحالة المزرية ؟! من ذل ، وضعف ، وهوان ، وتشرذم ، وتشتت !! ؛ تقسمت الأمة إلى أجزاء ، بل وتفتت الأجزاء هي الأخرى إلى أجزاء !! ما الذي أوصل أمة القرآن إلى هذه الحالة المزرية التي نراها عليها الآن ؟!!
وأنتبه أيها الحبيب : لتعرف على الجواب في كلمات قليلة حاسمة قاطعة قال تعالى :[.. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ..[الرعد: 11] ؛ ورب الكعبة لقد غيرت الأمة ، وبدلت ، وحرفت ، وابتعدت الأمة كثيراً عن المنهج الرباني الذي جاء به الحبيب المصطفى .
يا شباب الصحوة : هذه سنة ربانية ثابتة .. ينبغي أن تستقر في القلوب قبل الأذهان والعقول .
أن الأمة قد أنحرفت كثيراً عن المنهج الرباني في جانب العقيدة في جانب العبادة ، في جانب التشريع ، في جانب التباع ، في جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك.
ابتعدت الأمة كثيراً كثيراُ - إلا من رحم ربك - عن المنهج الرباني الذي جاء به رسول الله.
ففي جانب العقيدة نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة على أيدي الكثيرين من أبناء الأمة - إلا من رحم ربك - والله جل وعلا يقول : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62] .
أستمعنا بأم آذاننا على شاشات التلفاز من يقول وهو يناجى رسول الله : يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم ، وإن من فيض جودك الدنيا ودرتها ، ومن علومك علم اللوح والقلم !! نرى العقيدة الآن تذبح شر ذبحة !!
في جانب العبادة : نرى كثيرا من صور العبادة الظاهرة ، والباطنة قد صرفت لغير الله جل وعلا . ذبح لغير الله !! وسئل غير الله !! واستعان كثير من الناس بغير الله !! وفوض كثير من الناس الأمور لغير الله !! بل ووثقت القلوب ببعض قوى الأرض وببعض دول الأرض أكثر من ثقتها بخالق السموات والأرض - جل وعلا - والله سبحانه وتعالى يأمر نبيه ويقول : قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] .
أما في جانب التشريع فأبكى دما بدل الدمع ، ضيعت الأمة شريعة ربها الكبير المتعال ، حرفت الأمة شرع ربها .. واستبدلت الأمة بالعبير بعراً .. وبالثريا ثرى .. وبالرحيق المختوم حريقاً محرقا مدمرا.
أبت الأمة إلا أن تناقض قول ربها..الله جل وعلا يقول : [إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ]فأبا كثير من أبناء الأمة إلا أن يقول : إن الحكم إلا للمجالس الشعبية ، للمجالس النيابية، وللبيوت البيضاء والسوداء والحمراء والله جل وعلا يقول : [ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُون َ] [المائدة:50] .
غيرت الأمة شريعة ربها . يقرأ المسلم الآن في قرآن ربه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن ِ[المائدة: 6] ويلتزم بهذا الأمر الإلهى ويضيع في نفس السورة قول ربه : [... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ] [المائدة: 44] . يلتزم بقوله الله في سورة البقرة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ...ويضيع في نفس السورة قول ربه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ انفصام نكد ، ضيعت الأمة - إلا من رحم ربك - شريعة ربها!!.
وفى جانب الإتباع تغنت الأمة بحبها لرسول الله ، وخرجت طائفة من الأمة تسخر بسنته وتهزأ بأوامره .. فاللحية عفن !! والنقاب خيمة!! والخنزير الذي حرمه القرآن كان خنْزيراً هزيلاً في أرض الجزيرة .. أما خنازير اليوم فإنها تربى تحت العناية الطبية وتحت الرعاية الصحية فما الداعي لتحريمها والخمر الذي حرمه القرآن كان قديماً ، أما خمر الآن فما الداعي لتحريمها وهى التي تسمى بالمشروبات الروحية !! وهكذا ادعت الأمة حب نبيها واتباع نبيها وسخرت من شريعته واستهزأت بسنته ولا حول ولا قوة إلا بالله .
أما جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك فحدث ولا حرج كثر الغش وقل الصدق ، وانتشر الخداع وقُدِّمَ الفارغون ، وقدم الخائنون وأُخِّرَ المؤتمنون وقدم الكاذبون وأخر الصادقون ، وصدق فى الأمة قول الصادق المصدوق كما فى الحديث الذى رواه أبن ماجه فى سننه وهو حديث صحيح : ((سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ))(1) . قيل وما الرويبضة يا رسول الله . قال : ((الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ )) . غيرت الأمة أيها الأحباب والله عز وجل يقول :[..إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم..].. وأنا ما أريد أن أسكب اليأس والقنوط في قلوبكم ولكنني أريد أن أشخص الداء ولو كان مراً بطعم الحنظل لنحدد الدواء الناجح لهذا الداء ، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.