عبدالله الكعبي
12 May 2011, 10:09 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد زخرت آداب الاسلام بفيض من القيم الانسانية الرحيمة في مجال الرحمة والرفق والحب؟ الامر الذي جعل للاسلام وأدبه مكانة الصدارة في تحقيق قيم النبالة والمدينة الفاضلة بصورة عجز عن الوصول اليها المصلحون والفلاسفة الذين تاقت نفوسهم للوصول الى العالم المثالي أو الجمهورية الافلاطونية فيما اشتهر باسم المدينة الفاضلة في المباحث الفلسفية.
ولقد حفلت توجيهات الاسلام بعامة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم بخاصة على فيض زاخر من قيم الرحمة في مجال تكريم الانسان والرفق به طفلا وشيخا كبيرا وبالمرأة في الطفولة والصبا و الشيخوخة؟ وتجاوزت رحمة الاسلام بالانسان الى الحيوان بل الكائنات جميعا حتى الجماد.
وعنما نحلق في سماء الهدي النبوي في مجال الرفق بالحيوان نجد انه قد اشتمل من التنبيهات والاداب التي تجعل المصلحين والمفكرين مشدوهين أمام عظمة النبي صلى الله عليه وسلم وسمو القيم الاسلامية في التعامل مع الكون والحياة؟
ولا غرو فان ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من تعليمات وتوجيهات ما هي (إلا وحي يوحى) كما عبر القرآن الكريم في سورة النجم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بهديه وسنته يفسر القرآن الكريم دستور المسلمين ومنهاج حياتهم.
ان الهدي النبوي قد اشتمل على توجيهات كثيرة تتصل بالرفق بالحيوان ورحمته؟ فقد كان عليه الصلاة والسلام يوصي بالرفق بالحيوان ورحمته فلا تحمل الدواب فوق طاقتها ولا نضع عليها من المتاع ما يثقل كاهلها وكان صلى الله عليه وسلم يعنف الرجل الذي يحمل دابته فوق ما تطيق، ومما يذكره التاريخ وينحني له اجلالا ذلك الموقف الذي حفظته ذاكرته عن احد التلامذة العظماء لرسول الانسانية الا وهو امير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رض الله عنه عندما اتجه بصفته خليفة المسلمين ليتسلم مفتاح مدينة بيت المقدس، وعلى مشارف المدينة المقدسة (التي يدنسها الصهاينة الان) يخرج ابوعبيدة عامر بن الجراح لاستقبال الخليفة فيقترب الفاروق على ناقته من مخاضة (بركة يتجمع فيها الماء) فينزل عن ناقته ويشمر عن ساقيه ويخوض في الماء، فدهش سيدنا أبوعبيدة بن الجراح وانكره على سيدنا عمر بن الخطاب قائلا: يا أمير المؤمنين لو أن أهل الشام رأوك ما استشرفوك (أي ما عدوك شريفاً) فكتم عمر غضبه وقال لأبي عبيدة: لو أن غيرك قالها لجعلته نكالاً لأمة محمد، لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالاسلام ومهما نبتغي العز في غير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
لقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم الحيوان باعتباره كائناً حياً يشعر ويتألم، قد سخره الله للبشر نعمة كبرى ينبغي أن يراعى في استخدامها العدل والرحمة لما فيها من المنافع العظيمة للإنسان على ظهر هذه الأرض، قال تعالى: والأنعام خلقها، لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، إن ربكم لرءوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون« (النحل/ الآيات 5،6،7،8).
وفي القرآن الكريم من قصص الحيوان ما جعل كثيراً من الحيوانات تقوم بدور بارز في قصص الأنبياء وتاريخ البشرية، الأمر الذي يجعل المسلمين ينظرون إلى الحيوان نظرتهم إلى كل كائن حي يشعر ويتألم، ويحب ويكره ويسبح بحمد الله تعالى، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم (الاسراء/ 44) من أجل هذا يرق المسلم للحيوان في تعامله معه وبخاصة الشعراء والأدباء وذوو القلوب والأحاسيس المرهفة، فهم من غير شك أكثر رحمة بالحيوان وأشد إحساساً بوجوده، ومن هؤلاء ذلك الشاعر الذي وقف يناجي طائراً في فصل الخريف عند الشاطئ المهجور، وقد لفّت الشمس الكون بأشعتها الذهبية ساعة الأصيل.
يقول الشاعر عباس سيد أحمد:
أيها المرتاب يرنو خائفا
هل ترى مثلي على الفتك شديدا؟
لا تُرع ما كنت الا ذا يد
تكره العنف وتأبى أن تصيدا
إن للأحياء عندي حرمة
تتقى والله أولاك المزيدا
ولا يفوتنا ونحن في معرض الحديث عن الإسلام والرفق وبخاصة رحمته صلى الله عليه وسلم بالبهائم أو بالحيوان بعامة أن ننسى المرأة التي دخلت النار في هرة والرجل الذي رضي الله عنه في كلب فأدخله الجنة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من شدة العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فملأ خفه ثم امسكه بفيه (بفمه) فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وان لنا في البهائم اجرا؟ فقال في كل ذات كبد رطبة اجر.
اما الموقف الثاني فهو موقف المرأة التي عذبت الهرة بحبسها فلا هي اطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الارض.
فيا رحمة الله بنا!! لماذا رضي الله عن الرجل الذي سقى الكلب؟ ولماذا غضب على المرأة التي عذبت الهرة؟ لعل خلق الرحمة التي خالطت شغاف الرجل فرق للكلب فغفر الله له وادخله الجنة، ولعل قسوة المرأة وخلو قلبها من الرحمة هو الذي دفعها لتعذيب القطة، بحبسها وتجويعها فغضب الله تعالى عليها فادخلها النار.
وهكذا غرس الاسلام في نفوس اتباعه من خلال الادب القرآني والتوجيهات النبوية الرفق بالحيوان قبل انشاء جمعية الرفق بالحيوان وقبل ان تنتشر فروعها في بلاد العروبة والاسلام بأربعة عشر قرنا، ولو ان واقع البلاد النامية التي تدخل بلاد المسلمين في جملتها يستلزم تكوين جمعيات للرفق بالانسان فضلا عن الجمعيات المطالبة بالحريات والمدافعة عن حقوق الانسان التي تجد عنتا في القيام بدورها الفاعل في معظم البلاد العربية والاسلامية للأسف الشديد.
الا ليت شعري اذا كان ذلك موقف الاسلام من الرفق بالحيوان، وتلك رحمة النبي صلى الله عليه وسلم به فما بالنا برحمة الاسلام ونبيه سيد الانام بالانسان؟
هذا ما ليس يحتاج الى بيان، وان كان بعض الاعيان من ابناء مدرسة الايمان والمرابطين على ثغور الاسلام قد تناول حقوق الانسان في الاسلام وقارنها بميثاق حقوق الانسان كما فعل نابغة الدعوة الاسلامية الشيخ محمد الغزالي في مؤلفه عن حقوق الانسان الذي هو جدير بالاشارة والبيان.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
لقد زخرت آداب الاسلام بفيض من القيم الانسانية الرحيمة في مجال الرحمة والرفق والحب؟ الامر الذي جعل للاسلام وأدبه مكانة الصدارة في تحقيق قيم النبالة والمدينة الفاضلة بصورة عجز عن الوصول اليها المصلحون والفلاسفة الذين تاقت نفوسهم للوصول الى العالم المثالي أو الجمهورية الافلاطونية فيما اشتهر باسم المدينة الفاضلة في المباحث الفلسفية.
ولقد حفلت توجيهات الاسلام بعامة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم بخاصة على فيض زاخر من قيم الرحمة في مجال تكريم الانسان والرفق به طفلا وشيخا كبيرا وبالمرأة في الطفولة والصبا و الشيخوخة؟ وتجاوزت رحمة الاسلام بالانسان الى الحيوان بل الكائنات جميعا حتى الجماد.
وعنما نحلق في سماء الهدي النبوي في مجال الرفق بالحيوان نجد انه قد اشتمل من التنبيهات والاداب التي تجعل المصلحين والمفكرين مشدوهين أمام عظمة النبي صلى الله عليه وسلم وسمو القيم الاسلامية في التعامل مع الكون والحياة؟
ولا غرو فان ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من تعليمات وتوجيهات ما هي (إلا وحي يوحى) كما عبر القرآن الكريم في سورة النجم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بهديه وسنته يفسر القرآن الكريم دستور المسلمين ومنهاج حياتهم.
ان الهدي النبوي قد اشتمل على توجيهات كثيرة تتصل بالرفق بالحيوان ورحمته؟ فقد كان عليه الصلاة والسلام يوصي بالرفق بالحيوان ورحمته فلا تحمل الدواب فوق طاقتها ولا نضع عليها من المتاع ما يثقل كاهلها وكان صلى الله عليه وسلم يعنف الرجل الذي يحمل دابته فوق ما تطيق، ومما يذكره التاريخ وينحني له اجلالا ذلك الموقف الذي حفظته ذاكرته عن احد التلامذة العظماء لرسول الانسانية الا وهو امير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رض الله عنه عندما اتجه بصفته خليفة المسلمين ليتسلم مفتاح مدينة بيت المقدس، وعلى مشارف المدينة المقدسة (التي يدنسها الصهاينة الان) يخرج ابوعبيدة عامر بن الجراح لاستقبال الخليفة فيقترب الفاروق على ناقته من مخاضة (بركة يتجمع فيها الماء) فينزل عن ناقته ويشمر عن ساقيه ويخوض في الماء، فدهش سيدنا أبوعبيدة بن الجراح وانكره على سيدنا عمر بن الخطاب قائلا: يا أمير المؤمنين لو أن أهل الشام رأوك ما استشرفوك (أي ما عدوك شريفاً) فكتم عمر غضبه وقال لأبي عبيدة: لو أن غيرك قالها لجعلته نكالاً لأمة محمد، لقد كنا أذل قوم فأعزنا الله بالاسلام ومهما نبتغي العز في غير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
لقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم الحيوان باعتباره كائناً حياً يشعر ويتألم، قد سخره الله للبشر نعمة كبرى ينبغي أن يراعى في استخدامها العدل والرحمة لما فيها من المنافع العظيمة للإنسان على ظهر هذه الأرض، قال تعالى: والأنعام خلقها، لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون، ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، إن ربكم لرءوف رحيم، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون« (النحل/ الآيات 5،6،7،8).
وفي القرآن الكريم من قصص الحيوان ما جعل كثيراً من الحيوانات تقوم بدور بارز في قصص الأنبياء وتاريخ البشرية، الأمر الذي يجعل المسلمين ينظرون إلى الحيوان نظرتهم إلى كل كائن حي يشعر ويتألم، ويحب ويكره ويسبح بحمد الله تعالى، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم (الاسراء/ 44) من أجل هذا يرق المسلم للحيوان في تعامله معه وبخاصة الشعراء والأدباء وذوو القلوب والأحاسيس المرهفة، فهم من غير شك أكثر رحمة بالحيوان وأشد إحساساً بوجوده، ومن هؤلاء ذلك الشاعر الذي وقف يناجي طائراً في فصل الخريف عند الشاطئ المهجور، وقد لفّت الشمس الكون بأشعتها الذهبية ساعة الأصيل.
يقول الشاعر عباس سيد أحمد:
أيها المرتاب يرنو خائفا
هل ترى مثلي على الفتك شديدا؟
لا تُرع ما كنت الا ذا يد
تكره العنف وتأبى أن تصيدا
إن للأحياء عندي حرمة
تتقى والله أولاك المزيدا
ولا يفوتنا ونحن في معرض الحديث عن الإسلام والرفق وبخاصة رحمته صلى الله عليه وسلم بالبهائم أو بالحيوان بعامة أن ننسى المرأة التي دخلت النار في هرة والرجل الذي رضي الله عنه في كلب فأدخله الجنة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من شدة العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فملأ خفه ثم امسكه بفيه (بفمه) فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وان لنا في البهائم اجرا؟ فقال في كل ذات كبد رطبة اجر.
اما الموقف الثاني فهو موقف المرأة التي عذبت الهرة بحبسها فلا هي اطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الارض.
فيا رحمة الله بنا!! لماذا رضي الله عن الرجل الذي سقى الكلب؟ ولماذا غضب على المرأة التي عذبت الهرة؟ لعل خلق الرحمة التي خالطت شغاف الرجل فرق للكلب فغفر الله له وادخله الجنة، ولعل قسوة المرأة وخلو قلبها من الرحمة هو الذي دفعها لتعذيب القطة، بحبسها وتجويعها فغضب الله تعالى عليها فادخلها النار.
وهكذا غرس الاسلام في نفوس اتباعه من خلال الادب القرآني والتوجيهات النبوية الرفق بالحيوان قبل انشاء جمعية الرفق بالحيوان وقبل ان تنتشر فروعها في بلاد العروبة والاسلام بأربعة عشر قرنا، ولو ان واقع البلاد النامية التي تدخل بلاد المسلمين في جملتها يستلزم تكوين جمعيات للرفق بالانسان فضلا عن الجمعيات المطالبة بالحريات والمدافعة عن حقوق الانسان التي تجد عنتا في القيام بدورها الفاعل في معظم البلاد العربية والاسلامية للأسف الشديد.
الا ليت شعري اذا كان ذلك موقف الاسلام من الرفق بالحيوان، وتلك رحمة النبي صلى الله عليه وسلم به فما بالنا برحمة الاسلام ونبيه سيد الانام بالانسان؟
هذا ما ليس يحتاج الى بيان، وان كان بعض الاعيان من ابناء مدرسة الايمان والمرابطين على ثغور الاسلام قد تناول حقوق الانسان في الاسلام وقارنها بميثاق حقوق الانسان كما فعل نابغة الدعوة الاسلامية الشيخ محمد الغزالي في مؤلفه عن حقوق الانسان الذي هو جدير بالاشارة والبيان.