عبدالله الكعبي
14 Apr 2011, 01:08 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العصبية الجاهلية من أهم عناصر الفتن الطائفية والمذهبية لذلك إن اردنا معالجة تلك الفتن الطائفية والمذهبية فعلينا دراسة العوامل المفضية إليها ومنها العصبية الجاهلية.
والعصبية: هي الاجتماع على الشيء الواحد والانتصار له سواء كان حقا أو باطلا.
وهي الانتصار لأمر قد لا يكون فيه نصرة الحق أو الأمة او الوطن بل قد يدعو الرجل إلى نصرة عصبته ضد أمته أو ضد شعبه (هاشم محمد المشهداني، العصبية في ضوء الاسلام).
والعصبية الجاهلية ممقوتة في القرآن الكريم لأنها تدمر الأمة الاسلامية من داخلها لذلك قال الله تعالى «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَة اللّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» آل عمران (103).
فالنعمة التي انعم الله تعالى بها على الأنصار والتي أمرهم بها في الآية السابقة أن يذكروها دائما ولا ينسوها هي ألفة الاسلام، واجتماع كلمتهم عليها وألا ينسوا العداوة التي كانت بينهم والتي قال الله تعالى فيها «إذ كنتم أعداء»، انها عداوة الحروب الجاهلية التي كانت بين الأوس والخزرج والتي استمرت اكثر من مائة عام.
ولذلك حذر الرسول الله صلى الله عليه وسلم من العصبية الجاهلية فقال صلى الله عليه وسلم (من قتل تحت راية عُمية ويدعو الى عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية) رواه مسلم.
والراية العُمية أو العِمية (بضم العين أو كسرها) هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم (ليس منا) أي ليس من أهل ملتنا (من دعا) أي دعا الناس الى عصبية قال
المناوي: (أي من يدعو الناس الى الاجتماع على عصبية في معاونة الظالم) وفي رواية (مات ميتة جاهلية) بكسر الميم أي مات على صفة موتهم من حيث فوضى لا امام لهم، قال صاحب نيل الأوطار (المراد بالميتة الجاهلية، أن يكون حاله في الموت كموت أهل الجاهلية وليس المراد أنه يموت كافرا، بل يموت عاصيا، وقال: ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ومعناه أن يموت مثل موت الجاهلي وان لم يكن جاهليا وقد ورد هذا مورد الزجر والتنفير) (نيل الأوطار).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فقتله جاهلية) وفي رواية (فليس من أمتي) وفي رواية: (فليس مني ولست منه) قال صاحب السراج الوهاج: (وفي هذا من الوعيد والزجر ما لا يقدر قدره) والعصبية هي دعوى الجاهلية، فعن سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو بن دينار، جابر بن عبدالله يقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار وقال المهاجر: يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بال دعوى الجاهلية؟) قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال (دعوها فإنها منتنة) رواه مسلم.
وهذا ما نراه الآن بيننا أهل المذهب يضربون ويقتلون أهل المذهب الآخر ويهددونهم في ارزاقهم وأعمالهم وموطنهم ومسكنهم وكل فريق ينتصر لفريقه بجاهلية وعصبية وظهرت بيننا العصبيات الأصولية (هذا فارسي وهذا عربي، هذا شيعي وهذا سني) والآن يقتل المسلمون في ديارهم على المذهب ويطردون من وطنهم في حالة تطهير عرقي مقيتة.
الاسلام جاء لنزع العصبية الجاهلية من النفوس والسلوك والمعتقد والآن بيننا من جعل العصبية والجاهلية والمذهبية أساس الدين وأساس العقيدة وأساس النصرة، وأساس التجمع، وهناك رجال دين يقودون في جاهلية العصبية الجاهلية ويقفون حجر عثرة أمام الوحدة الوطنية والسلم الوطني والأمن الوطني، هؤلاء جاهليون جاهلون لا يعرفون أن الاسلام جاء بالاخاء الديني وأول عمل قام به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في دولة المدينة المدنية هو ارساء قواعد الاخاء بين المسلمين والمسلمين وبين المسلمين واليهود في المدينة بوثيقة المدينة وقابل نصارى نجران وقال لمن قاتلوه من اهل مكة يوم فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم وتعايش معهم في تعايش وطني فريد امتزجت فيه الألوان والأعراف والطبقات فعندما قال أبوذر رضي الله عنه لرجل يا ابن السوداء قال له صلى الله عليه وآله وسلم عيرته بأمه (إنك امرؤ فيك جاهلية) رواه البخاري.
قال العسقلاني في الفتح (أي فيك جهل) وقد جاء الاسلام بالتسوية فلا يفيد الشريف النسب نسبه إن لم يكن من اهل التقوى وينتفع الوضيع النسب بالتقوى كما قال تعالى: «إن اكرمكم عند الله أتقاكم» الحجرات .13
فالعصبية المذهبية (سني - شيعي) والعصبية المكانية (فارسي - عربي - أعجمي) والعصبية الدينية (مسلم - مسيحي - يهودي) دعوة الى الجاهلية وفي العصبية اعانة للظالم على ظلمه والقاتل على قتله، وليس من المسلمين من قتل الناس على هويتهم أو دينهم أو مذهبهم والعودة الى الجاهلية هدم للإسلام فعلينا التنبه لهذا الأمر الخطر وان نتعايش مع بعضنا تعايشا وطنيا بلا فتن طائفية ومذهبية.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العصبية الجاهلية من أهم عناصر الفتن الطائفية والمذهبية لذلك إن اردنا معالجة تلك الفتن الطائفية والمذهبية فعلينا دراسة العوامل المفضية إليها ومنها العصبية الجاهلية.
والعصبية: هي الاجتماع على الشيء الواحد والانتصار له سواء كان حقا أو باطلا.
وهي الانتصار لأمر قد لا يكون فيه نصرة الحق أو الأمة او الوطن بل قد يدعو الرجل إلى نصرة عصبته ضد أمته أو ضد شعبه (هاشم محمد المشهداني، العصبية في ضوء الاسلام).
والعصبية الجاهلية ممقوتة في القرآن الكريم لأنها تدمر الأمة الاسلامية من داخلها لذلك قال الله تعالى «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَة اللّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» آل عمران (103).
فالنعمة التي انعم الله تعالى بها على الأنصار والتي أمرهم بها في الآية السابقة أن يذكروها دائما ولا ينسوها هي ألفة الاسلام، واجتماع كلمتهم عليها وألا ينسوا العداوة التي كانت بينهم والتي قال الله تعالى فيها «إذ كنتم أعداء»، انها عداوة الحروب الجاهلية التي كانت بين الأوس والخزرج والتي استمرت اكثر من مائة عام.
ولذلك حذر الرسول الله صلى الله عليه وسلم من العصبية الجاهلية فقال صلى الله عليه وسلم (من قتل تحت راية عُمية ويدعو الى عصبية أو ينصر عصبية فقتله جاهلية) رواه مسلم.
والراية العُمية أو العِمية (بضم العين أو كسرها) هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه. وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم (ليس منا) أي ليس من أهل ملتنا (من دعا) أي دعا الناس الى عصبية قال
المناوي: (أي من يدعو الناس الى الاجتماع على عصبية في معاونة الظالم) وفي رواية (مات ميتة جاهلية) بكسر الميم أي مات على صفة موتهم من حيث فوضى لا امام لهم، قال صاحب نيل الأوطار (المراد بالميتة الجاهلية، أن يكون حاله في الموت كموت أهل الجاهلية وليس المراد أنه يموت كافرا، بل يموت عاصيا، وقال: ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ومعناه أن يموت مثل موت الجاهلي وان لم يكن جاهليا وقد ورد هذا مورد الزجر والتنفير) (نيل الأوطار).
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (فقتله جاهلية) وفي رواية (فليس من أمتي) وفي رواية: (فليس مني ولست منه) قال صاحب السراج الوهاج: (وفي هذا من الوعيد والزجر ما لا يقدر قدره) والعصبية هي دعوى الجاهلية، فعن سفيان بن عيينة قال: سمع عمرو بن دينار، جابر بن عبدالله يقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فكسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار وقال المهاجر: يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بال دعوى الجاهلية؟) قالوا يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال (دعوها فإنها منتنة) رواه مسلم.
وهذا ما نراه الآن بيننا أهل المذهب يضربون ويقتلون أهل المذهب الآخر ويهددونهم في ارزاقهم وأعمالهم وموطنهم ومسكنهم وكل فريق ينتصر لفريقه بجاهلية وعصبية وظهرت بيننا العصبيات الأصولية (هذا فارسي وهذا عربي، هذا شيعي وهذا سني) والآن يقتل المسلمون في ديارهم على المذهب ويطردون من وطنهم في حالة تطهير عرقي مقيتة.
الاسلام جاء لنزع العصبية الجاهلية من النفوس والسلوك والمعتقد والآن بيننا من جعل العصبية والجاهلية والمذهبية أساس الدين وأساس العقيدة وأساس النصرة، وأساس التجمع، وهناك رجال دين يقودون في جاهلية العصبية الجاهلية ويقفون حجر عثرة أمام الوحدة الوطنية والسلم الوطني والأمن الوطني، هؤلاء جاهليون جاهلون لا يعرفون أن الاسلام جاء بالاخاء الديني وأول عمل قام به المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في دولة المدينة المدنية هو ارساء قواعد الاخاء بين المسلمين والمسلمين وبين المسلمين واليهود في المدينة بوثيقة المدينة وقابل نصارى نجران وقال لمن قاتلوه من اهل مكة يوم فتح مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وعفا عنهم وتعايش معهم في تعايش وطني فريد امتزجت فيه الألوان والأعراف والطبقات فعندما قال أبوذر رضي الله عنه لرجل يا ابن السوداء قال له صلى الله عليه وآله وسلم عيرته بأمه (إنك امرؤ فيك جاهلية) رواه البخاري.
قال العسقلاني في الفتح (أي فيك جهل) وقد جاء الاسلام بالتسوية فلا يفيد الشريف النسب نسبه إن لم يكن من اهل التقوى وينتفع الوضيع النسب بالتقوى كما قال تعالى: «إن اكرمكم عند الله أتقاكم» الحجرات .13
فالعصبية المذهبية (سني - شيعي) والعصبية المكانية (فارسي - عربي - أعجمي) والعصبية الدينية (مسلم - مسيحي - يهودي) دعوة الى الجاهلية وفي العصبية اعانة للظالم على ظلمه والقاتل على قتله، وليس من المسلمين من قتل الناس على هويتهم أو دينهم أو مذهبهم والعودة الى الجاهلية هدم للإسلام فعلينا التنبه لهذا الأمر الخطر وان نتعايش مع بعضنا تعايشا وطنيا بلا فتن طائفية ومذهبية.