المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مَثَلُ المُؤمِن في عَواصف الفِتَن!



طيف المدينة
24 Mar 2011, 02:28 AM
مَثَلُ المُؤمِن في عَواصف الفِتَن!


د.ناصر العمر
16/4/1432




الحمد لله رب العالمين وبعد، فإنّ رياحَ الفتن التي حذّرنا منها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، تهبُّ علينا، من كلِّ صوبٍ، وقد عصفت بكثيرين وتكاد تعصف بهذه الأمّة لولا لطفُ الله عزّ وجلّ، الّذي قيّض لها رجالاً مؤمنين، من علمائها ومن عامّتها، ثبتهم عند هبوب رياح الفتن وعصفها، فلا يميلون مع الرياح حيث تميل، وما أروعَ المثالَ الّذي ضربهُ القرآنُ لكلمة التوحيد الراسخة في قلوبهم، كلمة لا إله إلا الله، إذ يقول سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} (ابراهيم:24)! وما أروع المثال الّذي ضربَه الرّسولُ صلّى الله عليه وسلم إذ نصب للمسلم مثالاً بالنّخلة، فَقَالَ: (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي النَّخْلَةَ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا عَاشِرُ عَشَرَةٍ، أَنَا أَحْدَثُهُمْ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ النَّخْلَةُ!) متفق عليه واللفظ للبخاري.
فما أعظمَ هذه الشجرة المباركةَ! التي تماثل في بركتها بركة المؤمن، ولا غروَ فإنّ النخلة أصلها ثابتٌ راسخ، غائر الجذور في تربة الأرض، تمتدُّ عروقه شيئاً فشيئاً، بلطفٍ ورقّة، حتى تخترق الصُّخور الصّم، ولو أُريد إزالتها واجتثاثها من فوق الأرض لاستلزم ذلك جهداً كبيراً، وآلاتٍ يُستعان بها على ذلك!
وهكذا المؤمن الحق عميق الجذور، ضاربٌ انتماؤه في أعماق الزّمن، فهو ينتمي لذلك الموكب الكريم من الأنبياء والصديقين والشهداء، لذا فإنّه في أيّ زمانٍ أو مكانٍ وُجد، يظلُّ ثابتاً في عقيدته ومبادئه، مهما عصفت من حوله رياحُ الفتن وعواصفها الهوجاء!
هكذا المسلمُ في الفتن ثابتٌ في عقيدته، ثابت على مبدئه، لا يتغير، ولقد عشتُ في القصيم، وعايشت نخلاتها ورأيتُ ثباتَها، فلم يحدث أنّ النّخلة (البرحيّة) تحوّلت إلى (سكريّة)، أو أنّ (الشّقراء) تحولت إلى (ثُلَّجيَّة)، نعم قد يتفاوت طلعُها كما تتفاوت عبادةُ المسلم ونتاجه، من حالٍ إلى حال، ولكنه يبقى كما هو من أول طلعه إلى آخر طلعه!
ولقد رأيتُ الرياح العاصفة تخلعُ أعظم الأشجار وأضخمها، فتقصمها وتحطمها، فتخرَّ إلى الأرض ما لها من قرار، لكن تبقى النّخلةُ بقوامها الجميل، ثابتةً راسخة الجذور، ممتدة العروق في أعماق الأرض!
ولعلّ من أسرار ثبات النّخلة إلى جانب قوّتها: مرونتها، أي أنها تميل شيئاً فشيئاً، متجاوبةً مع قوة الرّياح والعواصف، لكن بلا خضوع ولا استسلام، والثّبات في المؤمن يشبه الثّبات في النّخلة التي ضربت له مثالاً، ليس هو التحجر، ولا هو الخضوع المطلق والخنوع إلى حد السجود، بل كالنخلة الباسقة التي يرفرف سعفها في السماء.
وكما أن للنخلة طلع نضيد، فهكذا المسلم لا يقعد عن العمل المثمر؛ العمل الصّالح والجهاد في كافة ميادين الحياة، يؤتي أُكُله بإذن ربّه! لا تسقطه أدنى رياح الفتن، بل هو كالنخلة عند هبوب العواصف يزداد عطاؤها، يصلح هذه الهز، ويمحص إيمان ذلك ما يهز النفوس، فيزداد عطاء المؤمن في حال الفتن ويزداد صبراً وثباتاً ومناصحةً وعملاً صالحاً، من أجل تجاوز الفتنة!
فإن خرج منها أفادته تجارب، وبعد التّجارب التي مرّ بها يكون كسيّدة الأشجار، كلّما طال عمرُها ازداد خيرُها!

أسأل الله أن يثبتني وإياكم، وأن يجنبنا الفتن، وأن يجعل خير أعمارنا خواتمها وخير أيامنا يوم لقائه.

خزااامى
24 Mar 2011, 07:01 AM
ولعلّ من أسرار ثبات النّخلة إلى جانب قوّتها: مرونتها، أي أنها تميل شيئاً فشيئاً، متجاوبةً مع قوة الرّياح والعواصف، لكن بلا خضوع ولا استسلام،

بوركتي أختي الفاضله ...

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ماظهر منها وما بطن

مشتاق للجنة
24 Mar 2011, 12:35 PM
بارك الله فيكم أختنا الكريمة وكتب أجركم
نسأل الله تعالى أن يحمي أوطاننا من الفتن

مسك الختام
28 Mar 2011, 07:21 AM
حفظ الله شيخنا الفاضل ناصر العمر
جزيت خيرا اخيه

Arjwan
31 Mar 2011, 02:45 PM
بارك الله في شيخنا ..

وأمد عمره في طاعته ورضاه ..

وجنبنا الله وإياكم الفتن ماظهر منها ومابطن ..

شكراً لكِ طيف ..

http://ruoof.net/albom/data/media/55/4f9190c213.gif

حفيد السلف
01 Apr 2011, 09:17 PM
جزاكم الله خيرا على الموضوع النافع .. و بارك فيكم .

طيف المدينة
04 Apr 2011, 12:12 PM
اللهم آمين ؛؛

وجزاكم خير الجزاء وبارك فيكم ..

عبدالله الكعبي
04 Apr 2011, 02:57 PM
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا على الموضوع

صادق الحديث
06 Apr 2011, 09:58 PM
http://smiles.al-wed.com/smiles/60/wed10000.gif (http://www.xxxx.com/)

طيف المدينة
04 May 2011, 05:31 AM
وجزاكم خير الجزاء وبارك فيكم ..

نبراس الأمل
04 May 2011, 03:32 PM
رائع-يلامس الواقع ثبتنا الله وإياااكم

غفر الله لناا ولكم

وردة امل
04 May 2011, 07:17 PM
جزاك الله كل خير وبارك الله في شيخنا

اللهم امين واياك والجميع موضوع رائع وجميل

طيف المدينة
13 May 2011, 06:52 AM
اللهم آمين ؛؛


وجزاكم خير الجزاء وبارك فيكم




شكراً لكم

مرسى الإيمان
13 May 2011, 01:35 PM
بارك الله فيك ِ أخيتي