المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل شئ عن الصيام بالتفصيل



صناع الحياة
29 Oct 2004, 01:35 PM
حكمه
صوم رمضان واجب بالكتاب والسنة والإجماع
فأما الكتاب
قال تعالى
يا أيُّها الذينَ آمنوا كُتِبَ عَليْكمُ الصِيامُ كما كُتِبَ على الَّذين مِن قبلكم لعلكم تَتَقون
وقال أيضاً
شَهْرُ رَمضَان الَّذي أُنزِلَ فِيْهِ القُرآنُ هُدىً للنّاسِ وبَيِناتٍ مِنَ الهُدى والفرقان ، فمن شَهِدَ مِنْكمُ الشَهْرَ فَلْيَصُمه
وأما السُنَّة
فقول النبي صلى الله عليه وسلم
بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان وحج البيت
وفي حديث طلحة بن عبيد الله : " أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله أخبرني عما فرضَ الله علىَّ من الصيام ؟ قال : شهر رمضان قال : هل علىَّ غيرها ؟ قال : لا ، إلاَّ أن تطَوَّع
وأجمعت الأمة
على وجوب صيام رمضان ، وأنه أحد أركان الإسلام التي عُلِمت من الدين بالضرورة ، وأنَّ منكره كافرٌ مرتد عن الإسلام
وكانت فَرْضيته يوم الاثنين ، لليلتين خلتا من شعبان ، من السنة الثانية من الهجرة
فضل شهر رمضان ، وفضل العمل فيه
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حضر رمضان
قد جاءكم شهرٌ مبارك افترض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبوابُ الجنَّة وتُغلق فيه أبواب الجحيم وتُغلُّ فيه الشياطين فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر من حُرِمَ خيرَهَا فقد حُرم
رواه أحمد و النسائي و البيهقي
عن عرفجه قال : كنت عند عتبة بن فرقد وهو يحدث عن رمضان قال
فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه عتبة هابهُ ، فسكت ، قال فحدث عن رمضان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان : " تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة ، وتصفد الشياطين ، قال : وينادي فيه مالك : يا باغي الخير أبشر ، ويا باغي الشر أقصر ، حتى ينقضي رمضان
رواه أحمد والنسائي وسنده جيد
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
والصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مُكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنبَت الكبائر
رواه مسلم
عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفرَ له ما تقدم من ذنبه
رواه أحمد وأصحاب السُّنن
الترهيب من الفطر في رمضان
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
عُـرَى الإسلام وقواعد الدين ثلاثةٌ ، عليهنَّ أسس الإسلام ، من ترك واحدة منهنَّ فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، والصلاة المكتوبة ، وصوم رمضان
رواه أبو يُعلي والديلمي وصححه الذهبي
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رَخصّها الله له ، لم يَقضِ عنه صيام الدهر كله وإن صامه
وبه قال ابن مسعود
قال الذهبي : وعند المؤمنين مقرر : أن من ترك صوم رمضان بلا مرض أنه شر من الزاني ومدمن الخمر بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال
بم يثبت شهر رمضان
يثبت شهر رمضان برؤية الهلال ، ولو من واحدٍ عدْل أو إكمال عِدَّةِ شعبان ثلاثين يوماً
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
تراءى الناس الهلالَ فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه
رواه أبو داود والحاكم وابن حبان وصححاه
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً
رواه البخاري ومسلم
قال الترمذي والعمل على هذا عند أكثر العلماء قالوا : تُقبلُ شهادةُ رجل واحدٍ في الصيام وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وقال النووي : وهو الأصح
وأما هلال شوال : فيثبت بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً ولا تُقبلُ به شهادة العدل الواحد عند عامة الفقهاء
أركان الصيام
للصيام ركنان تتركب منهما حقيقته
الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لقوله تعالى
فالآنَ باشِرُهُنَّ وابْتغوا ما كَتَبَ اللهُ لكم ، وكُلوا واشْرَبوا حتى يَتَبيَّن لكُمُ الخَيْطُ الأبيضُ من الخَيْطِ الأسْوَدِ من الفَجْرِ ثُمَّ أتِمَّوا الصِّيامَ إِلى اللّيل
والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود بياض النهار وسواد الليل ، لما رواه البخاري ومسلم : أن عَديَّ بن حاتم قال : لما نزلت " حتى يَتَبيَّن لكُمُ الخَيْطُ الأبيضُ من الخَيْطِ الأسْوَدِ " عمَدْتُ إلى عِقال أسود وعِقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي ، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال
إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار
النية لقوله تعالى
ومَا أُمِروا إلا لِيَعبُدوا اللهَ مُخْلِصِيْنَ له الدِّين
وقوله صلى الله عليه وسلم
الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى
ولا بد أن تكون قبل الفجر من كل ليلة من ليالي شهر رمضان ، لحديث حفصة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من لم يُجْمِع الصِّيام قبل الفجر فلا صيام له
رواه أحمد وأصحاب السُّنن وصححه ابن خزيمة وابن حبان
وتصح في أي جزء من أجزاء الليل ولا يشترط التلفظ بها فإنها عمل قلبي لا دخل للسان فيه ، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالاً لأمر الله تعالى وطلباً لوجهه الكريم
فمن تسحر بالليل قاصداً الصيام تقرباً إلى الله بهذا الإمساك فهو ناوٍ ، ومن عزم عن الكفِّ عن المفطرات أثناء النهار مُخلصاً لله فهو ناوٍ ، كذلك وإن لم يتسَحَر
على من يجب الصيام
أجمع العلماء على أنه يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ الصحيح المقيم ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس
فلا صيام على كافر ، ولا مجنون ، ولا صبي ولا مريض ولا مسافر ولا حائض ولا نُفَساء ولا شيخ كبير ولا حامل ولا مرضع
وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقاً ، كالكافر والمجنون ، وبعضهم يطلب من وليِّه أن يأمره بالصيام ، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء ، وبعضهم يُرخص لهم في الفطر ، وتجب عليه الفدية ، وهذا بيان كل واحد على حدة
صيام الكافر والمجنون
الصيام عبادة إسلامية ، فلا تجب على غير المسلمين ، والمجنون غير مكلف لأنه مسلوب العقل الذي هو مناط التكليف ، وفي حديث على رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
رُفِعَ القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يُفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم
رواه أحمد وأبو داود والترمذي
صيام الصبي
والصبي ـ وإن كان الصيام غير واجب عليه ـ إلا أنه ينبغي لوليِّه أن يأمره به ، ليعتاده من الصغر ، ما دام مستطيعاً له ، وقادراً عليه
فعن الُبيِّع بنت مُعوّذ قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ صبيحة عاشوراء ـ إلى قرى الأنصار
من كان أصبح صائماً فليُتم صومه ، ومن كان أصبح مفطراً فَليصُم بقيّة يومه
فكنا نصوم بعد ذلك ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم ، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللُّعْبة من العِهن فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه ، حتى يكون عند الإفطار
العهن :أي الصوف
رواه البخاري ومسلم
من يرخص لهم الفطر وتجب عليهم الفدية
يرخص الفطر للشيخ الكبير ، والمرأة العجوز ، والمريض الذي لا يُرجى برؤه ، وأصحاب الأعمال الشاقة ، الذين لا يجدون متسعاً من الرزق ، غير ما يزاولونه من أعمال
هؤلاء جميعاً مُرخص لهم في الفطر ،إذا كان الصيام يجهدهم ويشق عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة ، وعليهم أن يُطعموا عن كل يوماً مسكيناً ، وقدَّرَ ذلك بنحو صاع أو نصف صاع أو مُدٍَ على خلاف في ذلك ، ولم يأتِ من السنّة ما يدل على التقدير . قال بن عباس : رُخِّص للشيخ الكبير أن يُفطر ويُطعم عن كل يوم مسكيناً و لا قضاء عليه ، رواه الدارقطني والحاكم وصححاه
والمريض الذي لا يرجى برؤه ، ويُجهدُه الصوم ، مثل الشيخ الكبير ، ولا فرق ، وكذلك العمال الذين يضطلعون بمشاق الأعمال
قال الشيخ محمد عبده : فالمراد بمن يُطيقونه في الآية الشيوخ الضعفاء والزَّمنى ونحوهم كالفعلة الذين جعل الله معاشهم الدائم بالأشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجري من المناجم
ومنهم المجرمون الذين يُحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا شقَّ الصيام عليهم بالفعل وكانوا يملكون الفدية
والحبلى والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو أولادهما ( معرفة ذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب أو غلبة الظن ) أفطرتا وعليهما الفدية ولا قضاء عليهما عند ابن عمر وابن عباس . في الحديث
إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحُبلى والمرضع الصوم
وعن أحمد والشافعي : أنهما ـ إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا ـ فعليهما القضاء والفدية ، و إن خافتا على أنفسهما فقط ، أو على أنفسهما وعلى ولدهما فعليهما القضاء لا غير
من يُرخص لهم في الفطر ويجب عليهم القضاء
يباح الفطر للمريض الذي يًرجى برؤه ، والمسافر ، ويجب عليهم القضاء . قال تعالى
ومَن كَانَ مِنْكُم مَرِيْضَاً أَو على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ من أيَامٍ أُخَر
والمرض المبيح للفطر ، هو المرض الشديد الذي يزيد بالصوم ، أو يُخشى تأخُر برئه معرفة ذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب أو غلبة الظن
والصحيح الذي يخاف المرض بالصيام ، يُفطر ، مثل المريض وكذلك من غلبه الجوع أو العطش فخاف الهلاك لَزِمهُ الفِطْرُ وإن كان صحيحاً مُقيماً وعليه القضاء . قال تعالى
ولا تَقْتُلوا أنفُسَكُم إنَّ اللهَ كان بِكُم رَحِيْما
وإذا صام المريض وتحمل المشقة ، صَحَ صَومه إلا أنه يُكره له ذلك إعراضه عن الرُّخصة التي يُحبها الله ، وقد يلحقه بذلك ضرر ، وقد كان بعض الصحابة يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم يُفطر متابعين في ذلك فتوى الرسول صلى الله عليه وسلم
قال حمزة الأسلمي : يا رسول الله أجدُ مني قوةً على الصوم في السفر فهل علىَّ جُناح ؟؟ فقال
هي رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها فَحَسَنٌ ومَن أَحبّ أن يصوم فلا جُناح عليه
رواه مسلم
والسفر المبيح للفطر هو السفر الذي تُقصر الصلاة بسببه ومدة الإقامة التي يجوز للمسافر أن يُفطر فيها ، هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها
من يجب عليه الفطر والقضاء معاً
وجميع رواة الحديث ثقات إلا منصور الكلبي وقد وثقه الِجلي . اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض ، والنفساء ويُحرم عليهم الصيام ، وإذا صامتا لا يصح صومهما ، ويقع باطلاً ، وعليهم قضاء ما فاتهما . روى البخاري وسلم ، عن عائشة قالت : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنُؤمَرُ بقضاء الصوم ولا نُؤمَرُ بقضاء الصلاة
آداب الصيام
يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الآداب التالية
السّحور
وقد أجمعت الأمة على استحبابه ، وأنه لا إثم على من تركه ، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
تسحروا فإن في السحور بركة
رواه البخاري ومسلم
وعن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
عليكم بهذا السحور فإنه الغذاء المبارك
رواه النسائي بسند جيد
وسبب البركة أنه يقوّي الصائم وينشطه ويُهون عليه الصيام
بم يتحقق السحور
ويتحقق السحور بكثير الطعام و قليله ، ولو بجرعة ماء فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
السحور بركة ، فلا تدعوه ولو أن يَجرع أحدكم جَرعَة ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين
رواه أحمد
وقت السحور
وقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر ، والمستحب تأخيره عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال
تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قمنا إلى الصلاة قلت : كم كان قدر بينهما ؟؟ قال خمسين آية
رواه البخاري
وعن عمر بن ميمون قال
كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطاراً وأبطأهم سحوراً
رواه البيهقي بسند صحيح
وعن أبي ذر الغفَّاري رضي الله عنه مرفوعاً
لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور
الشك في طلوع الفجر
ولو شك في طلوع الفجر فله أن يأكل ويشرب حتىيستيقن طلوعه ، ولا يعمل بالشك ، فإن الله عز وجل جعل نهاية الأكل والشرب التبيّن نفسه لا الشك فقال
وكلوا واشْرَبُوا حَتى يَتَبَينَ لكمُ الخَيْطَ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ من الفَجْرِ
وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما : " إني أتسحر فإذا شككت أمْسكت فقال ابن عباس : كُلْ ، ما شَككتَ حتى لا تشك
وقال أبو داود ، قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : إذا شكَّ في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه
وهذا مذهب ابن عباس وعطاء والأوزعي وأحمد ، وقال النووي : وقد اتفق أصحاب الشافعي على جواز الأكل للشَّاكِّ في طلوع الفجر
تعجيل الفطر
ويُستحب للصائم أن يُعَجل الفطر متى تحقق غروب الشمس ، فعن سهيل بن سعد
لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر
رواه البخاري وسلم
وينبغي أن يكون الفطر على رُطباتٍ وتراً ، فإن لم يجد فعلى الماء . فعن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يُفطِر على رُطبات قبل أن يُصلي ، فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم تكن حَسَا حَسَوات من ماء
رواه أبو داود والحاكم وصححه ، والترمذي وحسنه
وعن سليمان ابن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إذا كان أحدكم صائماً ، فَليُفطِر على التمر ، فإن لم يجد التمر فعلى الماء ، فإن الماء طهور
رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح
وفي الحديث دليل على أنه يستحب الفطر قبل صلاة المغرب بهذه الكيفية ، فإذا صلى تناول حاجته من الطعام بعد ذلك ، إلا إذا كان الطعام موجوداً يبدأ به
قال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا قُدِّمَ العَشاء فابدءواغ به قبل صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عَشَائكم
رواه الشيخان
الدعاء أثناء الفطر وأثناء الصيام
روى بن ماجة عن عبد الله بنعمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن للصائم عند فطره دعوة لا تُردّ
وكان عبد الله إذا أفطر يقول
اللهم إني أسألك ـ برحمتك التي وسعت كل شيء ـ أن تغفر لي
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول
ذهب الظمأ ، وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى
وروي مرسلاً أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول
اللهم لك صمت وعلى رِزقك أفطرت
وروى الترمذي بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال
ثلاثة لا تُرد دعوتهم : الصائم حتى يُفطر والإمام العادل والمظلوم
الكف عما يتنافى مع الصيام
الصيام عبادة من أفضل القربات شرعه الله ليُهذب النفس ويُعودها على الخير . فينبغي أن يتحفظ الصائم من الأعمال التي تخدش صومه حتى ينتفع يالصيام ،وتحصل له التقوى التي ذكرها الله في قوله
يَأيُها الّذين آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِيَام كما كُتِبَ على الّذيِنَ مِن قَبْلِكم لَعَلكم تَتَقُون
وليس الصيام مجرد الإمساك عن الأكل والشرب وإنما هو عنهما وعن سائر ما نهى الله عنه . فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
ليس الصيام من الأكل والشرب ، لإنما الصيام من اللغو ، والرفَث ، فإن سَابَك أحد ، أو جَهِلَ عليك فقل إني صائِم إني صَائِم
رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
وروى الجماعة ـ إلا مسلماً ـ عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من لم يدَع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يَدَعُ طعامَه وشَرَابه
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
رُبَّ صائم ليس له من صِيامه إلا الجوعُ ، ورُبَّ قائم ليس له من قِيامِه إلا السَهَر
رواه النَّسائِي وابن مَاجَة والحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري
السواك
ويستحب للصائم أن يَتَسَوَّكَ أثناء الصيام ولا فرق بين أول النهار وآخره ، قال الترمذي : " ولم يَرَ الشافعي بالسِّواك أوَّل النهار وآخره بأساً
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَتَسَّوك وهو صائم
الجود ومدارسة القرآن
الجود ومدارسة القرآن مُسْتَحَبان في كل وقت إلا أنهما آكد في رمضان
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس ، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدَارسُهُ القرآن فلرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا دخل العشرَ الأواخرَ أحْيى الليل ، وأيْقَظَ أهله ، وشدَّ المئزَر
وفي رواية لمسلم : " كان يَجتهد في العشر الأواخر ما لا يَجتهد في غيره
وروى الترمذي وصححه عن علي رضي الله عنه قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقِظ أهله في العشر الأواخر ، ويرفع المئزر
يرفع المئزر يعتزل النساء
مباحات الصيام
يباح في الصيام ما يلي
نزول الماء والإنغماس فيه
لما رواه أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه حدَّثه فقال
ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصُبُّ على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحرِّ
رواه أحمد ومالك وأبو داود بإسناد صحيح
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يُصبح جُنُبَاً وهو صائم ثم يَغتسل
فإن دخل الماء في جوف الصائم من غير قصد فصومه صحيح
الإكتحال والقطرة
ونحوهمامما يدخل العين ، سواء أوَجد طعمه في حلقه أم لم يجده ، لأن العين ليست منفذ إلى الجوف
عن أنس رضي الله عنه أنه كان يكتحل وهو صائم ، وإلى ها ذهب الشافعية وحكاه ابن المنذر ، ولم يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الترمذي
القبلة
لمن قَدِرَ على ضبط نفسه ، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل وهو صائم ، ويباشر وهو صائم ، وكان أملككم لإرْبِه
توضيح
المقصود يباشر وهو صائم القصد بها المداعبة
عن عمر رضي الله عنه قال
هششت يوماً فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت اليوم أمراً عظيماً قَبَّلت وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمض بماء وأنت صائم قلت لا بأس قال ففيم
المقصود هششت أي نشطت
المقصود ففيم أي لماذا السؤال
قال ابن النذر : رَخَصَّ في القُبلة عمر وابن عباس وأبو هريرة وعائشة وعطاء والشعبي والحسن وأحمد ولإسحاق
ومذهب الأحناف والشافعية : أنها تكره على من حَرَّكت شهوته ، ولا تُكره لغيره ، لكن الأولى تركها
ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك والإعتبار بتحريك الشهوة وخوف الإنزال ، فإن حركت شهوة شاب أو شيخ قوي كرهت ، وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف لم تُكره والأولى تركها
الحقنة
مطلقاً سواء أكانت للتغذية أم لغيرها وسواء أكانت في العروق أم تحت الجلد ، فإنها وإن وصلت إلى الجوف ، فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد
الحجامة و الفصد
الحجامة هي أخذ الدم من الرأس ، والفصد أخذ الدم من أي عضو ، فقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم رواه البخاري ، إلا إذا كانت تضعف الصائم فإنها تُكره له ، قال ثابت البُناني لأنس
أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إلا من أجل الضعف
رواه البخاري وغيره
المضمضة والإستنشاق
إلا أنه تكره المبالغة فيهما ، فعن لقيط ابن صبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
فإذا استنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائماً
رواه أصحاب السنن
وقد كره أهل العلم السَّعوط للصائم وهو وضع الدواء في الأنف وقد رأوا أن ذلك يُفَّطر وفي الحديث ما يقوي قولهم
قال ابن قدامة : وإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قَصْد ولا إسراف فلا شيء عليه ، وقال مرجحاً هذا القول ولو أنه وصل الماء إلى حلقه من غير إسراف و لا قصد أشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد
ويباح للصائم أيضاً
يباح له ما لا يمكن الإحتراز عنه كبلع الريق وغبار الطريق وغربلة الدقيق والنخالة ونحو ذلك وقال ابن عباس لا بأس أن يذوق الطعام الخلَّ ، والشيء يريد شراءه
وكان الحسن يمضع الجوز لابن ابنه وهو صائم ورخص فيه إبراهيم
ويباح للصائم أيضاً
أن يأكلويشرب ويجامع حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه لفظه ، أو كان مجامعاً وجب عليه أن ينزع
فإن لفظ أو نزع صح صومه ، وإن ابتلع ما في فمه مختاراً أو استدام الجماع أفطر
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن بلالاً يُؤذن بليل فكلوا واشربوا ، حتى يُؤذن ابن أم مكتوم
ويباح للصائم أيضاً
أن يُصبح جنباً ، في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يُصبح جُنُبَاً وهو صائم ثم يَغتسل
والحائض والنّفساء إذا انقطع الدم من الليل جاز لها تأخير الغُسل إلى الصبح وأصبحتا صائمتين ثم عليهما أن تطهرها للصلاة
مبطلات الصيام
ما يبطل الصيام قسمان
ما يبطله ويوجب القضاء
وما يبطله ويوجب القضاء ، والكفارة
أما ما يبطله ويوجب القضاء فقط ما يأتي
الأكل والشرب عمداً
فإن أكل ناسياً أو مخطئاً أو مُكرهاً فلا قضاء عليه ولا كفارة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من نَسِيّ ـ وهو صائم ـ فأكل أو شرب ، فليُتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه
رواه الجماعة
وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
مَن أفطَرَ في رمضَان ـ ناسياً ـ فلا قضاء عليه ولا كفارة
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إنَّ اللهَ وَضَعَ عنْ أُمَتي الخَطَأ والنِسيانَ ، ومَا اسْتُكرهوا عليه
رواه ابن ماجة والطبراني والحاكم
القيء عمداً
فإن غلبه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من ذَرَعه القيء فليس عليه قضاء ، ومن استقاء عمداً فَلْيَقض
توضيح
ذَرّعه القيء أي غلبه ، استقاء أي تعمد القيء واستخراجه
رواه الحاكم وأبو داودوالترمذي وابن ماجة
الحيض والنفاس
ولو في اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس وهذا مم أجمع عليه العلماء
الإستمناء
وهو تعمد إخراج المَني بأي سبب كان ، سواء كان بسبب تقبيل الرجل لزوجته أو ضمّها إليه ، أو كان باليد ، فهذا يبطل الصوم ويوجب القضاء
وكذلك المذي لا يؤثر في الصوم قلَّ أو كثر
تناول ما لا يُتغذى به
من المنفذ المعتاد إلى الجوف مثل تعاطي الملح الكثير فهذا يُفطِّر في قول عامة أهل العلم
من نوى الفطر وهو صائم
من نوى الفطر وهو صائم بطل صومه وإن لم يتناول مفطراً ، فإن النية ركن من أركان الصيام ، فإذا نقضها قاصداً الفطر ومتعمداً له انتقض صيامه لا محالة
إذا أكل أو شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر
فظهر خلاف ذلك فعليه القضاء ، عند جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة
وذهب إسحاق ودواود وابن حزم وعطاء وعروة والحسن البصري إلى أن صومه صحيح ولا قضاء عليه لقوله تعالى
لَيْسَ علَيْكُم جُنَاح فِيما أَخْطَأتُم به ولَكِنْ مَا تَعَمَدتْ قُلُوبُكم
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم
إنَّ اللهَ وَضَعَ عنْ أُمَتي الخَطَأ والنِسيانَ ، ومَا اسْتُكرهوا عليه
وروى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت
أفطرنا يوماً من رمضان ، في غيم ، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس
ما يبطله ويوجب القضاء والكفارة
الجماع
فعن أبي هريرة رضي الله عنهقال
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هَلكتُ يا رسول الله قال وما أهلكك؟؟ قال :؛ وقعت على امرأتي في رمضان ، فقال : هل تجدُ ما تعتق به رقبة ؟؟ قال : لا قال صلى الله عليه وسلم فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟؟ قال : لا قال صلى الله عليه وسلم : فهل تجدما تُطْعِمُ ستين مسكيناً ؟؟ قال : لا قال أبو هريرة: قم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ فيه تمر فقال : تَصَدق بهذا قال : فهل على أَفقَرَ منَّا ؟ فما بين لابتيهاأهل بيت أحوج إليه مِنَّا ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدَت نواجِذَه وقال : اذهب فأطعمه أهلك
رواه الجماعة
توضيح
بِعَرَقٍ مكيال يسع 15 صاعاً
لابتيها جمع لابة وهي الأرض التي فيها حجارة سود ، والمراد ما بين أطراف المدينة أفقر منا
ومذهب الجمهور
أنّ المرأة والرجل سواء في وجوب الكفارة عليهما ما داما قد تعمدا الجماع ، مختارين في نهار رمضان ناويَيْن الصيام ، فإذا كان الصيام قضار رمضان أو نذراً وأفطر بالجماع فلا كفارة في ذلك
فإن وقع الجماع نسياناً أو لم يكونا مختارين ، بأن أكرها عليه ، أو لم يكونا ناويين الصيام قلا كفارة على واحد منهما
فإن أُكرهت المرأة من الرجل أو كانت مفطرة لعذر وجَبَت الكفارة عليه دونها
ومذهب الشافعي
أنه لا كفارة على المرأة مطلقاً ، لا في حالة الإختيار ، ولا في حالة الإكراه ، وإنما يلزمها القضاء
قال النووي
والأصح على الجملة وجوب كفارة واحدة عليه خاصة ، عن نفسه فقط ، وأنه لا شيء على المرأة ، ولا يلاقيها الوجوب ، لأنه حق مالٍ مُختَصٌّ بالجماع ، فاختص به الرجل دون المرأة كلامهر
قال أبو داود
سئُل أحمد عمن أتى أهله في رمضان أعليها كفارة قال : ما سمعنا أن على المرأة كفارة
قال في المغني
ووجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الواطئ في رمضان أن يعتق رقبة ، ولم يأمر في المرأة بشيء ، مع علمه بوجود ذلك منها أ.هـ
والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث في قول جمهور العلماء
فيجب العتق أولاً فإن عجز عنه صام شهرين متتابعين ليس فيهما رمضان و لا أيام العيدين والتشريق ، فإن عجز عنه أطعم ستين مسكيناً من أوسط ما يطعم منه أهله وأنه لا يصلح الإنتقال من حالة إلى أخرى إلا إذا عَجزَ عنها ، ورواية لأحمد أنه مُخير بين هذه الثلاث فإيهما فعل أجزأ عنه ، لما روي عن مالك وابن جرير عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أم يُكَفِّرَ بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً
رواه مسلم ، و أو تفيد التخيير
ولأن الكفارة بسبب المخالفة فكانت على التخيير ككفارة اليمين
قال الشوكاني
وقد وقع في الروايات ما يدل على الترتيب والتخيير والذين رأوا الترتيب أكثر ومعهم الزيادة
ومن جامع عامداً في نهار رمضان ولم يُكفِّر ثم جامع في يوم آخر فعليه كفارة واحدةعند الأحناف ورواية عن أحمد لأنها جزاء عن جناية تكرر سببها قبل استيفائها فتتداخل
وقال مالك والشافعي ورواية عن أحمد
عليه كفارتان ، لأن كل يوم عبادة مستقلة فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل كرمضانين
وقد أجمعوا على أن من جامع في نهار رمضان عامداً وكَفَّرَ ثم جامع في يوم آخر فعليه كفارة أخرى
وكذلك أجمعوا على أن من جامع مرتين في يوم واحد ولم يكفِّر عن الأولى أن عليه كفارة واحدة ، فإن كفَّر عن الجماع الأول لم يُكفِّر ثانياً عند جمهور الأئمة
وقال أحمد عليه كفارة ثانية
أقوال في الصيام

function toggle(targetId) { if (document.all) { targetElement = document.all(targetId); if (targetElement.style.display == "none") { targetElement.style.display = ""; } else { targetElement.style.display = "none"; } } } // شهر مبارك
أتاكم رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتصفد فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله - رواه النسائي والبيهقى عن أبي هريرة مرفوعا
نـــداء ...... نــــداء
إذا كانت أول ليلة من رمضان نادى مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة - رواه الخمسة إلا أبو داود مرفوعا .
امتيـــازات
أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي من قبلي ، أما الأولى فانه إذا كان أول ليلة منه نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا ، وأما الثانية ، فان الملائكة تستغفر لهم كل يوم و ليلة ، وأما الثالثة فان الله يأمر جنته يقول لها ، تزيني لعبادي الصائمين ، يوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى دارى وكرامتي ، وأما الرابعة ، فان رائحة أفواههم حين يمسون تكون أطيب من ريح المسك ، وأما الخامسة ، فانه إذا كان آخر ليلة منه غفر الله لهم جميعا ، فان العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم - رواه البيهقي عن جابر .
خصوصيـــة
إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم ، يقال أين الصائمون ؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم فلا يدخل منه أحد - رواه البخاري عن سهل مرفوعا
حفل استقبال لشهر الصيام
قال سليمان الفارسي رضى الله عنه : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان قال : يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليله تطوعاً ، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كم أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ، وشهر يزداد فيه رزق المؤمن من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير ما ينقص من أجر الصائم شيء قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يُفطر الصائم عليه، فقال صلى الله عليه وسلم يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة ، أو على شربة ماء ، أو مذقة لبن . وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار واستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غناء بكم عنهما فأما الخصلتين اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه ، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الجنة وتعوذون من النار ، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي وابن حبان
تنـافس
أتاكم رمضان ، شهر بركة يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ، وينظر فيه إلى تنافسكم في الخير ويباهى بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيرا فان الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل - رواه الطبرانى عن عبادة
عدة لسفر طويل
قيل للأحنف بن قيس : انك شيخ كبير وأن الصيام يضعفك فقال : إني أعده لسفر طويل ، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه .
حملوها ثم أكلوها
عرض الله الأمانة على السموات السبع الطباق والطرائق التي زينها بالنجوم ، ثم على الأرض ، ثم عرضها على الجبال الشم الشوامخ الصلاب الصعاب وقال لهم جمعاء : أتحملين الأمانة بما فيها قلن : وما فيها ؟ قال سبحانه : للمحسن جزاؤه ، وللمسيء عقابه ، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ، فعرضها على الإنسان فحملها" إنه كان ظلوما جهولا " فقد رأيناهم والله اشتروا الأمانة بأموالهم ، فأصابوا آلافا ، فماذا صنعوا فيها ؟ وسعوا بها دورهم وضيقوا بها قبورهم ، وأسمنوا دوابهم ،وأهزلوا دينهم ، وأتعبوا أنفسهم بالغدو والرواح إلى باب السلطان يتعرضون للبلاء ، وهم من الله في عافية ، يقول أحدهم : تبيعني أرضا كذا وكذا ، يتكئ على شماله ويأكل من غير ماله ، حديثة سخرة وماله حرام حتى إذا أخذته الكظة ،ونزلت به البطنه قال : يا غلام آتني بشيء حتى أهضم به طعامي يا لكع ، أطعامك تهضم ، إنما دينك تهضم ، أين الفقير ، أين الأرملة ، أين المسكين ، أين اليتيم ؟ الدين أمرك الله بالبر إليهم ، والعطف عليهم ((الحسن البصري ))
رياضة رصفاء
الصيام زكاة النفس ، ورياضة الجسم ،وداع للبر فهو للإنسان وقاية وللجماعة صيانة ، في جوع الجسم صفاء القلب وإيقاد القريحة وإنفاذ البصيرة ، لأن الشبع يورث البلادة ، ويعمى القلب ، ويكثر البخار في الدماغ ، فيتبلد الذهن ، والصبي إذا ما كثر أكله بطل حفظه ، وفسد ذهنه ، أحيوا قلوبكم بقلة الضحك ، وقلة الشبع وطهروها بالجوع تصفوا وترق (( حجة الإسلام الغزالي ))
شر وعاء
يا بنى ، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة ، وخرست الحكمة ، وقعدت الأعضاء عن العبادة (( لقمان الحكيم ))
لحام النفس
النفس الإنسانية لقسوتها وتحررها لا يخيفها شئ ولا يرهبها سلاح بقدر ما يخيفها الجوع ، ويرهبها الحرمان ، تستطيع أن تصبر على كل حادث ، وتحمل كل ألم ، إلا ألم الجوع وذله وشدته وقسوته ، لذلك كان هذا السلاح من أسلحة تخويفها وإرجاعها لرب العالمين ، يقول صلى الله علية وسلم إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع ، أخرجه البخاري ومسلم . (عبد المنعم أبو سعيد ))
ماضي رمضان وحاضرة
يشهد ماضي رمضان ، نهارا عامرا بالإيمان والإحسان ، وليلاً زاخرا بالذكر والقرآن ويشهد حاضره نهاراً مفتونا بشهوة البطون ، وليلا صاخباً بالخلاعةِ والمجون " (( محمد خليفة ))
function toggle(targetId) { if (document.all) { targetElement = document.all(targetId); if (targetElement.style.display == "none") { targetElement.style.display = ""; } else { targetElement.style.display = "none"; } } } // وقاية وعلاج
كان الناس إلى زمن قريب يحسبون أن الصيام من الشئون الخاصة بالأديان ، ولكن لم يكد ينتشر تاريخ الطب بين الناس حتى علموا أن الصيام أُعتبر في كثير من الأمراض من مقومات الصحة الجسمانية ، فقد علموا انه عد من عهد (أبقراط) عاملا قويا من العوامل المنقية للجسم من سموم الأغذية ، فان المواد الحيوانية التي نتناولها بشراهة ، تحتوى على مواد دهنية ، ومواد رباعية العناصر ، لا تطيق البنية البشرية أن تختزن مقدارا عن الحاجة منها ، وانطلاق الحرية للإنسان يجعله يتناول كل ما يقع تحت يده ، وكثيرا ما يصاب بسبب هذه الحرية بآفات مرضية تكون وبالا عليه ، والصوم ذو تأثير بالغ في تخفيف الأمراض التي تنتاب الأعضاء الظاهرة والباطنة ، وتحويل محمود في حالة المريض ، يتأدى منه إلى التخلص مما أصابه من الآلام والانحرافات وحصة الروح من هذا التحول لا تقل قيمة عن حصة الجسم ، وقد استفاد الطب من ناحية الصوم ما لم يستنفده من ناحية العلاج بالعقاقير ، ولكن أكثر المسلمين لا يأبهون كثيرا بالمستقبل ، ولا يحسبون حسابا للشيخوخة ، ولا يعرفون للقوى حدودا فيعيشون كما يجئ لا كما يجب . (( محمد فريد وجدي ))
جود وبذل
أُحب للصائم الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ، ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادة عن مكاسبهم (( الشافعي ))
موجبات الجود في رمضان
كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فهو حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة - رواه البخاري عن ابن عباس وإنما تضاعف جوده في رمضان . 1. لقرب عهده بمخالطة جبريل ولكثرة مدارسته معه للقرآن الذي يحث على الكرم والجود . 2. وشرف الزمان ، يقتضي شرف ما يقع فيه من الأعمال ، ويؤذن بمضاعفة الأجر عليها ، ولذا قيل أفضل الصدقة صدقة في رمضان . 3. ولأن إعانة الصائمين والقائمين على طاعتهم تستأهل نيل مثل أجورهم كمن جهز غازيا فكأنما غزا 4. ولما امتاز رمضان بكرم الله فيه على عباده بالمغفرة والرحمة والعتق من النار لاسيما في ليلة القدر ناسب ذلك أن يتعامل الناس معه كمعاملة الله لهم ، فيجود أغنياؤهم على فقرائهم ، ليجود الله عليهم بالفضل ، فان الجزاء من جنس العمل ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء . 5. وفى الجود على الفقراء في رمضان الجمع بين الصيام والصدقة وهما من موجبات الجنة . 6. ولما يحدث في الصيام من نقص وخلل بسبب عدم التحفظ ،فالجود على الفقراء في رمضان يجبر ما يلحق بالصوم من نقص ، ويزيل أثر ما يعتريه من خلل ، ولهذا شرعت في آخره زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث كما في الحديث . 7. ثم أن في الجود والبذل في رمضان جمعا بين فضيلتي الصبر والإيثار ، فقد صبر هو عن شهواته ، وأعطى منها المعوذين ، فيكون ممن يطعمون الطعام على حبه - وذاك عين الشكر على النعيم ، قيل ليوسف عليه السلام : مالك تجوع وأنت على خزائن مصر ؟ قال : أخشى أن أشبع فأنسى الجائع . ((فكرى يس ))
الرقيب الحارس
إن الصوم يحدث لصاحبه ملكة المراقبة لله تعالى والحياء منه سبحانه وفي هذه المراقبة أكبر معد النفوس ومهيئ لها السعادة في الآخرة والاستقامة في الدنيا . أنظر هل يقدم من صدق مع الله في صومه وراقبه فيه مخلصا على غش الناس ومخادعتهم ؟ هل يسهل عليه أن يراه الله آكلا لأموالهم بالباطل ؟ هل يحتال على الله في منع الزكاة ، أم يحتال على أكل الربا ؟ هل يقترف المنكرات جهارا . أو يسدل بينه وبين الله في المعاصي إذ لا يطول أمد غفلته عن الله ، وإذا نسى و ألم بشيء منها كان سريع التوبة قريب الأوبة "إن الَّذِيْنَ اتْقَوْا إِذا مَسّهُم طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكّروا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُون" . ((محمد عبده))
مائدة عليها كل مشتهى
من بالغ حكمة الله سبحانه أنه ما كلف المسلم بنوع واحد من العبادات في زمن واحد من الأوقات ، بل كلفه بعدة أنواع من العبادات في عدة أزمان ، كلفه بعبادة بدنية كالصلاة ، وبعبادة مالية كالزكاة ، وبعبادة بدنية مالية معا كالحج ، وبعبادة سلبية كالصيام ، وكلفه بعبادة مكررة في كل يوم وكل ليلة وبعبادة مكررة في كل سنه ، وبعبادة واحدة في العمر ، ومقصود الشارع الحكيم بتنويع ما كلف به من العبادات ، أن تكون للأيمان القلبي مظاهر شتى تدل عليه ، وتثبته وتقويه ، وأن تكون للمؤمن عدة امتحانات وابتلاءات تختبر به نفسه وإرادته وهزيمته من كافة نواحيها ، وأن يكون تهذيب النفس شاملاً كاملاً ، لأن الإنسان قد يكون قوي الإرادة في العبادة البدنية دون المالية ، أو في الإيجابية دون السلبية ، أو في الحولية المتكررة في كل يوم وليلة ، فعلاج النفس من كل نواحيها يقتضي تنويع ما تكلف به ، وقد صرح القرآن الكريم بأن التكليف لمصلحة الإنسان نفسه ليس لله فيه غرض قال تعالى في الصلاة " إِنَّ الصَلاّةّ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والمُنْكَر " وقال في الزكاة " خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِم صَدَقَةً تُطَهِرُهُم وَ تُزَكِيْهِم بِهَا " وقال في الحج " لِيَشْهَدوا مَنَافِعَ لَهُم وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ " وقال في الصوم " يَا أَيُها الَّذيْنَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الَّذيْنَ مِنْ قَبْلِكُم لَعَلَكُم تَتَقُوْن " ففائدة الصلاة في تجنيب صاحبها المعاصي . والزكاة بركة المال ومودة الفقراء ، والحج شهود معالم الخير واجتماعات التعاون ومؤتمرات السلام الإسلامي وذكر الله ، وللصوم فائدته في تحقيق التقوى للصائم . ((عبد الوهاب خلاف))
نعمتــــان
في شهر رمضان نعمتان : نعمة القرآن الكريم ، ونعمة الصوم نعمة العلم والنور والهداية ، ونعمة الوسيلة لتقبل هذا الفيض ، فبالصوم ترتاد النفس وتسكن إلى الحق وتهش لقبوله ، وتبعد عن رذائل الجسم وتيارات الشهوات المختلفة ، من بغض وحقد وحب للانتقام ، وميل إلي إرضاء غريزة الشهوة للطعام والشراب ، وترقى إلى أفقها السماوي الروحاني ، مستعدة لتلقى الفيض الإلهي وتفهم معاني الآيات وما فيها من عبر وعظات . ((محمد مصطفى المراغى ))
function toggle(targetId) { if (document.all) { targetElement = document.all(targetId); if (targetElement.style.display == "none") { targetElement.style.display = ""; } else { targetElement.style.display = "none"; } } } // وفاء .... وحدة .... تحرير
لابد للروح من رياضة ولو شهرا واحدا ، بعد أحد عشر شهرا قضاها الجسد المادي في استكلاب على العيش وانغماس في الهوى - الصوم هو الوفاء للجانب السماوي في الإنسان عندما يجعله الجانب الأرضي فيها كليلا مجهدا .. كان لي زوج من طير الهدهد مات واحد منها ، فامتنعت الأخرى عن تناول الطعام والشراب حتى ماتت صوما وحبا ووفاء - حدث هذا للطير الذي أراد الله أن يجعله دائما لبني البشر واعظا ومعلما .. الهدهد قال للملك سليمان " أََحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَأ بِنَبَأ يَقِيْن " ...... رمضان هو الشهر الذي يربط خمسمائة مليون من بنى البشر برباط اجتماعي واحد فيجعل منهم قافلة ممتزجة الروح ، متحدة العقيدة ، متفقة الفكر متماثلة العيش ... فالصلاة توجهنا نحو قبلة واحدة ، والصيام يربطنا بالتزامات اجتماعية واحدة ، والحج يجمعنا في مؤتمر إسلامي واحد ، وصدق الله حيث قال : " إِنَّ هَذِهِ أُمَتُكُم أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ وأَنَأ رَبُكُم فاعبُدُون "شهر الصوم هو شهر التحرير .. تنزع الزواحف في صومها جلدها البالي ، وتطرح السلحفاة حراشيفها الغلاظ ، ويخفف الجمل ثقل سنامه أبان صومه ، ويتخلص الإنسان في رمضان من غوائل ماديته وجرائمه .. أما كرم البلابل فإنها إذا حبست في أقفاصها (صامت ) وامتنعت عن وضع البيض حتى لا تورث أفراخها العبودية وصدق الله حيث قال : "وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم " فحرية الأفراد ، وحرية الجماعات ، وحرية الشعوب ، ما أحرانا أن نصوم في شهر الصوم عن خدشها ، ونقوم في شهر القيام على كفالتها . ((مصطفي مؤمن ))
قيود على البدن وانطلاق الروح
الصوم يهذب النفس الرعناء ، وينمى العواطف الحساسة ، ويقوى المشاعر الحية ، والإنسان بغير الإنسانية البارة الحنون يكون كز العواطف جامد الشعور ، ضعيف الإحساس ، الفرد والمجموع في ذلك سواء ..... وإنك لتجد الوهم السائد في العالم ، والكوارث الأليمة المرتقبة ، والمثالية العالمية المفقودة ، إنما سبب ذلك ضعف الإنسانية في الأمم ، أو فقدانها فيهم ، فالصوم يجتث من النفوس نزواتها السادرة ، ويمدها بالروح الصافية ، ويعدها لعمل الخير المشترك والنفع العام ، وهو مع ذلك يفيد الجسم قوة ، ويجعل من الإنسان قويا جلدا ، لا يهين في الشدائد ، ولا يضعف عند النوازل ، وهو يربى الأمانة ، ويعود الصبر ، والمعصوم صلى الله عليه وسلم يقول : " لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في رَمَضَانَ مِنَ الخَيْرِ لَتَمَنَوا أَنْ يَكُونَ حَوْلاً كَامِلاً " ....... لقد كان المسلمون الأولون أشد حرصا على أرواحهم منهم على حرية أبدانهم ، وكانوا يقيدون حرية الفرد بكل قيد للبدن ، وبذلك كانوا حربا على كل ضعف في أنفسهم ، و فتنة في قلوبهم ، ويرون في الإيمان بالله سموا واستهانة بكل جهد ومشقة لبلوغ هذا السمو المنيع .......كانت فرائض الله تؤدى ، وحدوده تتبع ، وشعائره تقتدي ، فعاشوا في قوة المنعة ، وفي ظل الحرية الكريمة سعداء آمنين .أما الآن فماذا ؟ أتبدلت الدعوة ؟ أم سقطت التكاليف ؟ أم تغير الزمان ؟ كلا . لم يقع شيء من ذلك ، فالدعوة قائمة ، والتكاليف في عنق المكلفين ضربة لازب ، والزمان هو الزمان ، ولكنه قد طال الأمد ، فقست القلوب ، وجهل الناس أمر دينهم فنسوا عزة النفس ، فكانوا غرباء في بلادهم ، ضعفاء في سلطانهم ، أذلاء في كثرتهم ، وأصبحوا كالأيتام في مأدبة اللئام ....... هذه فريضة الصوم ، سل الذين أدركوا أوائل هذا القرن - وليس ببعيد - هل كانوا يرون مسلما يجترئ على حرمة الصوم بالإفطار في المنازل ، أو الشوارع ؟ قد يفطر بعض الناس لعذر قائم ولكنه كان يستحي ويستتر ، ويتشبه بالصائمين ، وسلهم هل كانوا يرون مطعما أو مقهى يفتح أبوابه للمفطرين كما هو حادث الآن ؟ وهل كانت بيوت السادة المترفين ، إلا مفتحة الأبواب للواردين والمترددين ، وتلاوة القرآن ، والعظة النافعة ، هل كانت المساهر إلا مليئة بالأسمار والمسلاة البريئة ؟؟؟؟؟ أما الآن . فماذا ترى . ترى القوم قد انصرفوا عن دينهم وجافوه ، ونسوا خشية الله ومخوفاته ، وأصبحوا يفطرون بلا تأثم ولا محرجة في المنازل أمام ذريتهم ، وفي المطاعم العامة بلا مبالاة وحتى في الدواوين الرسمية ، لا يبالون شيئا من حرمة رمضان وقدسيته ، وانك لترى البيوت المؤثلة مقفلة في وجوه الزائرين والمترددين من العجزة والعفاة الذين كانوا يترقبون هذا المسم بلهفة ورقبى وانتظار ....... أفلا ترى معي بعد هذا أن النفوس قد أجدبت من الدين ومن البر و ما نجده من المسبغات والإقحاط ، ونرتقبه من النذر والمخاوف إنما سببه هو نبذ الدين ومجافاته ، وأن الإنسانية الواعية التي تعمل للخير المشترك والنفع العام ، لا تحل في القلوب الخربة الواهنة ، ولا تهبط في النفوس العارية من حلية الفضائل والأخلاق ،لا يمكن أبدا أن تهدا النفوس ، ويستشعر الناس بهدوء ، ويستقر صمام الأمن والسلام ويعود للأمم الإسلامية مجدها وعزتها وسلطانها إلا باتباع الدين وتقوى الله . وإلا أن يكون في حكامها وأمرائها قدوة حسنة وأسوة فاضلة للشعوب قال تعالى " وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَه ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُون " ((محمود أبو العيون ))
الباقي والفاني
أبدع الله هيكل الإنسان ، وأحسن خلقه ، وأحكم صنعه، فجعله مادة تعتلج فيها شتى الطبائع وتصطبغ بألوان الخير والشر ، كما سلك فيه روحا من أمره هي سر الحياة ومظهر الوجود ، وهى حقيقة الإنسان وجوهره ، وهى المخاطبة بالأمر والنهى ، والحث والزجر ، والترغيب والترهيب ، وهى التي تبقى إذا مات الإنسان سابحة في عوالمها ، متنقلة في آفاقها ، حتى يقضى الله في أمرها وتعود للإنسان في النشأة الأخرى للجزاء والحساب ، فتنعم بالقرار في جنة الخلد إذا كسبت خيرا في الدنيا وتشقى بالعذاب الخالد في النار إذا اكتسبت شرا . وللروح الإنساني قوة وسلطان ، وللمادة آثار وطبائع ، وبينهما تفاعل وتدافع ، وقلما يتكافأن ، ومثلهما في الإنسان مثل كفتي الميزان إذا شالت إحداهما هبطت الأخرى فإذا قويت الروح رقت حجب المادة وخفت كثافتها ، فيسموا الإنسان في تفكيره ومداركه وتتسع لبصيرته آفاق المعرفة ، وتتفتح له أكمام العلوم ، ويستعد لفيض الكمال وإشراق الهداية ، ويكون إلى الخير أميل ، وينعكس الأمر إذا طغت المادية على الروحية ، فيبدو الميل إلي الشر والطغيان ، وتبدو الأثرة والأنانية ويكون في طبائعه أقرب إلى الحيوان . وأعظم معوان على تقوية جانب الروح الإنساني صيام شهر رمضان حسبما شرعه الله تعالى ، لا مجرد حبس النفس عن شهواتها بل إخلاص النية وأداء الطاعة واجتناب الآثام ، وتوجه القلب إلى الخير والبر بالناس والعمل بهما والدعوة اليهما ، ومحاسبة النفس على كل ما تأتى وما تذر كحساب التاجر الحاذق الذي لا ينام ليلة حتى يصفى عمل نهاره ليعرف ربحه فينشط أو خسارته فيتراجع ، ومتى كان الصائم كذلك ، فلا عجب أن تفتح له أبواب الجنة وتغلق أبواب الجحيم ، وتصفد الشياطين ، كما ورد في الحديث ((حسين محمد مخلوف ))
قرآن مع الخدم
كان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان ، وكان السلف كذلك يتدارسونه فيه ، ويقومون ليلة به لزيادة الاهتداء والاعتبار ، فماذا كان من اقتداء الخلف بهم ؟ كان أن بعض الوجهاء والأغنياء يستحضرون في رمضان من كان حسن الصوت يتغنى بالقرآن في حجرات الخدم ، وهم في الغرفات مع أمثالهم لاهون لاعبون ، ومن عساه يصغي منهم أحيانا إلى القارئ فإنما يتلذذ بسماع صوته الحسن ، وتوقيعه العنائى ، فجعلوا القرآن إما مهجورا ، وإما لذة نفسية ، فصدق عليهم " اتَخَذُوا دِيْنَهُمْ هُزُوَا وَلَعِبَاً " (( محمد رشيد رضا ))
تطعيم ضد الرذائل
كل إنسان عرضه للوقوع في مأزق تكرهه نفسه لألمه الجسماني أو تنفر منه الروح لبعده عن الفضيلة إذن فلنبحث عما يُمرن النفس على الأحجام عن المحرم ولا سيما إذا توفرت دواعيه وبواعثه ، ويمرنها على الرضا إذا فاجأتها الكروب - التعليم والتلقين وحده ليس كافيا ، بل قد يكون التعليم سلاحا يستعمل في التفنن لارتكاب المحذورات - أما العاصم والكافي فهو التمرين والتدريب العملي للجميع ، ذلك بأن يمنع الإنسان نفسه طوعا واختيارا عما يملك وعما هو حلال له ، ويروضها على ذلك بامتناعه عن أطيب المشتهيات - فكأنما الصوم ظرف صناعي حدده الشارع وأوجب الدخول فيه وتحمل كل ما يعترضه من صدمات جديدة لتقوك النفس على الظروف الطبيعية التي تأتى في الحياة ، فما أشبه ذلك بالتطعيم ضد الأمراض المعدية ، مثل الجدري ، والتيفود ، والدفتيريا فما هذا التطعيم إلا إيصال مواد الجسم تحدث به مرضا صناعيا خفيفا يمنح البدن مناعة ووقاية من المرض الحقيقي إذا أتى من الخارج شديدة الوطأة " وداوني بالتي كانت هي الداء " وإذا رأينا إنسانا لم ينتفع بالصوم فالذنب آت قبله ، كالمريض الذي أهمل تناول إحدى وحدات الدواء فاستمر مرضه ، فالذنب ذنبه ، ولا ذنب الطبيب . (( عبد العزيز الشريف ))
نتيجة الدراسة بمدرسة الصيام
ونجتزئ بهذا القدر اليسير في سمو الصيام ورفعة شأن رمضان بعد أن وضح للعيان ، أن أعظم معاهد التعليم والثقافة والفلسفة عجزت عن تخريج ما خرج الصوم وتهذيب ما هذب ، ولا غرو فهي شريعة الله الخالدة التي صنعتها يد العليم بالنفوس الخبير بالطبائع" صِبْغَةَ اللهِ ، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ، وَنَحْنُ لَهُ عُابِدُوْن " ،ولعلنا ندرك عظمة " رمضان " من أن القرآن لم يذكر اسم شهر سواه ، وأنه بأدائه كما ينبغي يرفض الذنوب أي يحرقها ويطهر الصائم من أدرانها " واللهُ وَاسِعٌ عَلِيْم "
قيام رمضان
مشروعية قيام رمضان
قيام رمضان أو صلاة التراويح سنة مؤكدة للرجال والنساء وتؤدى بعد صلاة العشاء ، وقبل الوتر ركعتين ركعتين ، ويجوز أن تؤدى بعده ولكنه خلاف الأفضل ، ويستمر وقتها إلى آخر الليل
روى الجماعة عن أبي هريرة قال
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة ، فيقول
من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه
ورووا إلا الترمذي عن عائشة قالت
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فصلى بصلاته ناس كثير ثم صلى من القابلة فكثروا ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم ، فلما أصبح قال قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفرض عليكم
و ذلك في رمضان
عدد ركعاته
روى الجماعة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد في رمضان ولا غيره عن أحد عشرة ركعة
وروى ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثماني ركعات والوتر ، ثم انتظروا في القابلةفلم يخرج إليهم
وروى أبو يعلى والطبراني بسند حسن عنه قال : جاء أُبي بن كعب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان مني الليلة شيء ، يعني في رمضان ، قال صلى الله عليه وسلم وما ذاك يا أُبي ؟ قال : نسوة في داري قلن : إنا لا نقرأ القرآن فنصلي بصلاتك ، فصليت بهن ثماني ركعات وأوترت ، فكانت سُنَّة الرضا ولم يقل شيئاً
هذا هو المسنون الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يصح عنه شيء غير ذلك ، وصح أن الناس كانوا يصلون على عهد عمر وعثمان وعلى عشرين ركعة ، وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وداود
قال الترمذي
وأكثر أهل العلم على ما روي عن عمر وعلى وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عشرين ركعة ، وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي
وقال : هكذا أدركت الناس بمكة يصلون عشرين ركعة ، وذهب مالك إلى أن عددها ست وثلاثون ركعة غير الوتر ، ويرى بعض العلماء أن المسنون إحدى عشرة ركعة بالوتر والباقي مستحب
الجماعة فيه
قيام رمضان يجوز أن يصلى في جماعة كما يجوز أن يصلى على انفراد ، ولكن صلاته جماعة في المسجد أفضل عند جمهور العلماء ، وقد تقدم ما يفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالمسلمين جماعة ولم يداوم على الخروج خشية أن يُفرض عليهم ثم كان أن جمعهم عمر على إمام ،
قال عبد الرحمن ابن عبد القارئ
خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوازع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمْثَل ، ثم عزم فجمعهم على أُبي ابن كعب ، ثم خرجت معه في ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر : نعمت البدعة هذه وكان الناس يقومون آخره
رواه البخاري وابن خزيمة والبيهقي وغيرهم
القراءة فيه
ليس في القراءة في قيام رمضان شيء مسنون ، وورد عن السلف أنهم كانوا يقومون المائتين ويعتمدون على العِصيِّ من طول القيام ، ولا ينصرفون إلا قبيل بزوغ الفجر ، فيستعجلون الخدم بالطعام مخافة أن يطلع عليهم ، وكانوا يقومون بسورة البقرة في ثمان ركعات ، فإذا قرئ بها في اثنتي عشرة ركعة عد ذلك تخفيفاً
قال ابن قدامة: قال أحمد
يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخفف على الناس ولا يشق عليهم ، و لا سيما في الليالي القصار
وقال القاضي
لا يستحب النقصان من خَتْمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن ، و لا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه ، والتقدير بحال الناس أولى ، فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل كان أفضل
كما قال أبو ذر
قمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ، يعني السحور ، وكان القارئ يقرأ بالمائتين
الإعتكاف
معنى الإعتكاف
الاعتكاف لزوم الشيء وحبس النفس عليه ، خيرا كان أم شرا . قال الله تعالى
مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ
أي مقيمون متعبدون لها والمقصود به هنا لزوم المسجد والاقامه فيه والتقرب إلى الله عز وجل
مشروعيته
وقد أجمع العلماء على أنه مشروع
فقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما
رواه البخاري وأبو داو ود وابن ماجة
وقد اعتكف أصحابه وأزواجه معه وبعده ، وهو إن كان قربة ، إلا انه لم يرد في فضله حديث صحيح قال أبو داود : قلت لأحمد رحمه الله : تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال لا، إلا شيئا ضعيفا
أقسامه
الاعتكاف ينقسم إلى مسنون والى واجب
الإعتكاف المسنون
فالمسنون ما تطوع به المسلم تقربا إلى الله وطلبا لثوابه ، واقتداء بالرسول صلوات الله وسلامه عليه ، ويتأكد ذلك في العشر الأواخر من رمضان لما تقدم
الإعتكاف الواجب
والاعتكاف الواجب ما أوجبه المرء على نفسه ، إما بالنذر المطلق ، مثل أن يقول : لله علي أن اعتكف كذا أو بالنذر المعلق كقوله : إن شفى الله مريضي لأعتكفن كذا ، وفي صحيح البخاري إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ" أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ
زمانه
الاعتكاف الواجب يؤدى حسب ما نذره وسماه الناذر ، فان نذر الاعتكاف يوما أو أكثر وجب الوفاء بما نذره
والاعتكاف المستحب ليس له وقت محدد ، فهو يتحقق بالمكث في المسجد مع نية الاعتكاف طال أم قصر الوقت ، ويثاب عليه ما بقى في المسجد ، فإذا خرج منه ثم عاد إليه جدد النية ان قصد الاعتكاف ،فعن يعلي بن أمية قال أني لأمكث في المسجد ساعة ما امكث إلا لأعتكف .وقال عطاء : هو اعتكاف ما مكث فيه ، وان جلس في المسجد احتساب الخير فهو معتكف . وإلا فلا
وللمعتكف أن يقطع اعتكافه المستحب مت شاء ، قبل قضاء المدة التي نواها عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ فِي مُعْتَكَفِهِ
وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فأمر ببناءه فضرب ، قالت عائشة فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب ، وأمر غيري من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببناءه فضرب فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية ، فقال : ما هذه ؟" البر تردن " قالت : فأمر ببناءه فقوض، وأمر أزواجه بأبينتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول "يعنى من شوال " فأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءه بتقويض أبنيتهن وترك الاعتكاف بعد نيته منهن دليل على قطعه بعد الشروع فيه. وفي الحديث إن للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف بغير إذنه ، واليه ذهب عامة العلماء . واختلفوا فيما لو أذن لها ، هل له منعها بعد ذلك ؟ فعند الشافعي واحمد ودا وود : له منعها واخراجها من اعتكاف التطوع
شروطه
ويشترط في المعتكف أن يكون مسلما ، مميزا طاهرا من الجنابة والحيض والنفاس ، فلا يصح من كافر ولا صبى غير مميز ولا جنب ولا حائض ولا نفساء
أركانه
حقيقة الاعتكاف و المكث في المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى ، فلولم يقع المكث في المسجد أو لم تحدث نية الطاعة لا ينعقد الاعتكاف . أما وجوب النية فلقول الله تعالى
وما أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
و لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
و أما أن المسجد لا بد منه فلقول الله تعالى
وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ
ووجه الاستدلال ، أنه لو صح الاعتكاف في غير المسجد لم يخص تحريم المباشرة بالإعتكاف في المسجد ، لأنها منافية لإعتكاف ، فعلم أن المعنى بيان أن الاعتكاف إنما يكون في المساجد
رأي الفقهاء في المسجد الذي ينعقد فيه الاعتكاف
اختلف الفقهاء في المسجد الذي يصح الاعتكاف فيه فذهب أبو حنيفة و أحمد و إسحاق و أبو ثور إلى أنهم أنه يصح في كل مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس و تقام فيه الجماعة ، لما روي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح
رواه الدار قطني وهذا حديث مرسل ضعيف لا يحتج به
و ذهب مالك و الشافعي و داود ، إلى أنه يصح في كل مسجد لأنه لم يصح في تخصيص بعض المساجد شيء صريح
و قالت الشافعية الأفضل أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع ، لأن الرسول صلى الله عليه و سلم اعتكف في المسجد الجامع ، ولأن الجماعة في صلواته أكثر و لا يعتكف في غيره إذا تخلل وقت الاعتكاف صلاة جمعة حتى لا تفوته
و للمعتكف أن يؤذن في المئذنة إن كان بابها في المسجد أو في صحنه ، و يصعد على ظهر المسجد لأن كل ذلك من المسجد ، فإن كان باب المئذنة خارج المسجد بطل اعتكافه إن تعمد ذلك ، و رحبة المسجد منه عند الحنفية و الشافعية ، و رواية عن أحمد . أنها ليست منه فليس للمعتكف أن يخرج إليها
وجمهور العلماء على أن المرأة لا يصح لها أن تعتكف في مسجد بيتها لأن مسجد البيت لا يطلق عليه اسم مسجد و خلاف في جواز بيعه ، و قد صح أن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اعتكفن في المسجد النبوي
صوم المعتكف
المعتكف إن صام فحسن ، و إن لم يصم فلا شيء عليه روى البخاري " عن ابن عمر قال
يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام . فقال : أوف بنذرك
ففي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم له بالوفاء بالنذر دليل على أن الصوم ليس شرطا في صحة الاعتكاف ، إذ انه لا يصح الصيام في الليل
وروى سعيد بن منصور عن أبى سهل . قال كان على امرأة من أهلي اعتكاف . فسألت عمر بن عبد العزيز ، فقال ليس عليها صيام ، إلا أن تجعله على نفسها
فقال الزهري لا اعتكاف إلا بصوم . فقال له عمر : عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : فعن أبى بكر ؟ قال : لا .قال : فعن عمر ؟ قال : لا . قال : وأظنه قال عن عثمان؟ قال : لا . فخرجت من عنده فلقيت عطاء وطاوسا فسألتهما ؟ فقال طاوس أن فلانا لا يرى عليها صياما إلا أن تجعله على نفسها . وقال عطاء : ليس عليها صياما إلا أن تجعله على نفسها. قال الخطابي ، وقد اختلف الناس في هذا ، فقال الحسن البصري : إن اعتكف من غير صيام أجزأه ، واليه ذهب الشافعي . وروى عن علي وابن مسعود انهما قالا : إن شاء صام وان شاء افطر . وقال الأوزاعي ومالك : لا اعتكاف إلا بصوم ، وهو مذهب أهل الرأي ، وروى ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة ، وهو قول سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري
وقت دخول المعتكف و الخروج منه
تقدم أن الاعتكاف المندوب ليس له وقت . فمتى دخل المعتكف المسجد و نوى التقرب إلى الله بالمكث فيه صار معتكفا حتى يخرج ، فأن نوى الاعتكاف العشر الأواخر منت رمضان ، فانه يدخل معتكفة قبل غروب الشمس " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ
مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ
والعشر اسم لعدد الليالي ، وأول الليالي العشر ليلة إحدى وعشرين أو ليلة العشرين.وما روى انه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخلا معتكفه .فمعناه انه كان يدخل المكان الذي أعده للاعتكاف في المسجد . أما وقت دخول المسجد للاعتكاف فقد كان أول الليل
و من اعتكف العشر الأواخر من رمضان فانه يخرج بعد غروب الشمس أخر يوم من الشهر عند أبي حنيفة و الشافعي . و قال مالك و أحمد : إن خرج بعد غروب الشمس أجزأه، و المستحب عندهما ان يبقى في المسجد حتى يخرج إلى صلاة العيد
و روى الأثرم بإسناده عن أبى أيوب عن أبى قلابة أنه كان يبيت في المسجد ليلة الفطر، ثم يغدو كما هو إلى العيد و كان - يعني في اعتكافه - لا يلقى له حصير و لا مصلى يجلس عليه ، كان يجلس كأنه بعض القوم ، قال : فأتيته في يوم الفطر فإذا في حجرة جويرية مزينة ، ما ظننتها إلا بعض بناته ، فإذا هي أمة له ، فأعتقها ،وغدا كما هو إلى العيد و قال إبراهيم كانوا يحبون لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان أن يبيت ليلة الفطر في المسجد ، ثم يغدو المصلى من المسجد
و من نذر اعتكاف يوم أو أيام مسماة ، أو أراد ذلك تطوع فانه يدخل في اعتكافه قبل أن يتبين له طلوع الفجر ، و يخرج إذا غاب جميع قرص الشمس سواء أكان ذلك في رمضان أم في غيره و من نذر اعتكاف ليلة أو ليالي مسماة ، أو أراد ذلك تطوعا فأنه يدخل قبل أن يتم غروب قرص الشمس و يخرج إذا تبين له طلوع الفجر . قال ابن حزم : لأن مبدأ الليل اثر غروب الشمس ، و تمامه بطلوع الفجر و بدأ اليوم بطلوع الفجر و إتمامه بغروب الشمس ، و ليس على أحد إلا ما التزم أو نوى . فإن نذر اعتكاف شهر أو أراده تطوعا بدأ الشهر من أول ليلة منه . فيدخل قبل أن يتم غروب جميع قرص الشمس ، و يخرج إذا غابت الشمس كلها من آخر الشهر سواء رمضان و غيره
ما يستحب للمعتكف و ما يكره له
يستحب المعتكف : أن يكثر من نوافل العبادات ، و يشغل نفسه بالصلاة و تلاوة القرآن و التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير و الاستغفار و الصلاة و السلام على النبي صلى الله عليه و سلم و الدعاء و نحو ذلك من الطاعات التي تقرب إلى الله تعالى و تصل المرء بخالقه جل ذكره
و مما يدخل في هذا الباب دراسة العلم و استذكار كتب التفسير و الحديث ، و قراءة سير الأنبياء و الصالحين و غيرها من كتب الفقه و الدين ، و يستحب له أن يتخذ خباء في صحن المسجد انتشاء بالنبي صلى الله عليه و سلم
و يكره للمعتكف : أن يشغل نفسه بما لا يعنيه من قول أو عمل
لما رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي بسرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال
مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ
و يكره له الإمساك عن الكلام ظنا منه أن ذلك مما يقرب إلى الله عز و جل لقد روى البخاري وأبو داو ود وبن ماجة عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فِي الشَّمْسِ فَسَأَلَ عَنْهُ قَالُوا هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلا يَقْعُدَ وَلا يَسْتَظِلَّ وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ قَالَ مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَه
وروى أبو داو ود عن على رضى الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ وَلا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ
أي لا يسمى من فقد أباه يتيماً بعد بلوغه ، الصمات أي السكوت
ما يباح للمعتكف
يباح للمعتكف ما يأتي
خروجه من معتكفة لتوديع أهله
عَنْ صَفِيَّةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الانْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ فَخَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا أَوْ قَالَ شَرًّا
رواه البخاري ومسلم وابوداوود
ترجيل شعره و حلق رأسه ، و تقليم أظفاره و تنظيف البدن من الشعث و الدرن و لبس أحسن الثياب و التطيب بالطيب
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ مُعْتَكِفًا فِي الْمَسْجِدِ فَيُنَاوِلُنِي رَأْسَهُ مِنْ خَلَلِ الْحُجْرَةِ فَأَغْسِلُ رَأْسَهُ وَقَالَ مُسَدَّدٌ فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ
رواه البخاري ومسلم وابوداوود
الخروج للحاجة التي لابد منها
قالت عائشة إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإنْسَانِ
رواه البخاري ومسلم وغيرهما
وقال ابن المنذر
أجمع العلماء على أن للمعتكف أن يخرج من معتكفة للغائط و البول ، لان هذا مما لا بد منه . و لا يمكن فعله في المسجد و في معناه الحاجة إلى المأكول و المشروب إذا لم يكن له من يأتيه به فله الخروج إليه و إن بغته القيء فله أن يخرج ليقئ خارج المسجد ، و كل ما لابد منه و لا يمكن فعلهم في المسجد فله خروجه إليه ، و لا يفسد اعتكافه ما لم يطل . و مثل هذا الخروج للغسل من الجنابة و تطهير البدن و الثوب من النجاسة
روى سعيد بن منصور قال
قال على بن أبي طالب إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة ، و ليحضر الجنازة ، و ليعد المريض و ليأتي أهله يأمرهم بحاجته و هو قائم . و أعان رضى الله عنه ابن أخته بسبع مائة درهم من عطائه أن يشتري بها خادما، فقال : إني كنت معتكفا ، فقال له علي و ما عليك لو خرجت إلى السوق فابتعت ؟ و عن قتادة : أنه كان يرخص للمعتكف أ، يتبع الجنازة و يعود المريض و لا يجلس . و قال إبراهيم النخعي : كانوا يستحبون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال - و هن له و أن لم يشترط - عيادة المريض ، و لا يدخل سقفا و يأتي الجمعة ، و يشهد الجنازة و يخرج إلى الحاجة قال و لا يدخل المعتكف سقيفة إلا لحاجة
قال الخطابي
: و قالت طائفة للمعتكف أن يشهد الجمعة و يعود المريض و يشهد الجنازة روي ذلك عن على رضى الله عنه و هو قول سعيد بن جبير و الحسن البصري و النخعي و روى أبو داود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يمر بالمرض و هو معتكف ، فيمر كما هو و لا يعرج يسأل عنه . و ما روي عنها منت أن السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا معناه أ، لا يخرج كمن معتكفة ، قاصدا عيادته ، و أنه لا يضيق عليه أن يمر به فيسأل غير معرج عليه
و له أن يأكل و يشرب في المسجد و ينام فيه ، مع المحافظة على نظافته و صيانته و له أن يعقد العقود فيه كعقد النكاح و عقد البيع و الشراء و نحو ذلك
ما يبطل الاعتكاف
الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا و إن قل ، فإنه يفوت المكث فيه ، و هو ركن من أركانه
الردة لمنافاتها للعبادة ، و لقول الله تعالى
لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
ذهاب العقل بجنون و سكر ، و الحيض و النفاس ، لفوات شرط التمييز و الطهارة من الحيض و النفاس والوطء لقول الله تعالى
ولا تقربوهن وانتم عاكفون في المساجد ، تلك حدود الله فلا تقربوها
و لا بأس باللمس من دون شهوة ، فقد كانت إحدى نسائه صلى الله عليه و سلم ترجله و هو معتكف ، أما القبلة و الشهوة و اللمس بشهوة فقد قال أبو حنيفة و أحمد أنه قد أساء ، لأنه قد أنى بما يحرم عليه ، و لا يفسد اعتكافه إلا أن ينزل و قال مالك يفسد اعتكافهم لأنه مباشرة محرمة فتفسد كما لو أنزل و عن الشافعي روايتان في المذهبين قال ابن رشد و سبب اختلافهم ، هل الاسم المشترك ، بين الحقيقة و المجاز و لهم عموم أم لا و هو أحد أنواع الاسم المشترك فمن ذهب أي أن له عموما قال إن المباشرة في قوله تعالى
وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ
يطلق على الجماع و على ماد ونه و من لم يرى له عموما - و هو الأشهر الأكثر قال : يدل إما على الجماع ، و أما على ما دون الجماع ، فإذا قلنا أنه يدل على الجماع بإجماع ، بطل إن يدل على غير الجماع ، لأن الاسم الواحد لا يدل على الحقيقة و المجاز معا . و من أجرى الإنزال بمنزلة الو قاع ، فلأنه في معناه و من خالف فلأنه لا يطلق عليه الاسم حقيقة
قضاء الاعتكاف
من شرع في الاعتكاف متطوعا ثم قطعه استحب له قضاءه و قيل : يجب
قال الترمذي و اختلف أهل العلم في المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى . فقال مالك : إذا انقضى اعتكافه و جب عليه القضاء و احتجوا بالحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشرا من شوال
و قال الشافعي : إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شئ أوجبه على نفسه و كان متطوعا ، فخرج فليس عليه قضاء ، إلا أن يحب ذلك اختيارا منه قال الشافعي : وكان عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه و خرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج و العمرة . أما من نذر أن يعتكف يوما أو أياما ثم شرع فيه و أفسده وجب عليه قضاؤه متى قدر عليه باتفاق الأئمة ، فإن مات قبل أن يقضيه لا يقضى عنه
و عن أحمد : أنه يجب على وليه أن يقضى ذلك عنه . روى عبد الرزاق : عن عبد الكريم بن أمية قال : سمعت عبد الله بن عبد اله بن عتبة يقول إن أمنا ماتت و عليها اعتكاف فسألت بن عباس فقال : اعتكف عنها و صم وروى بن سعيد بن منصور . إن عائشة اعتكفت عن أخيها بعد ما مات
المعتكف يلزم مكانا من المسجد ، و ينصب فيه الخيمة
قال نافع : و قد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم
و روي أنه صلى الله عليه و سلم كان إذا اعتكف طرح له فراش أو يوضع له سرير و راء اسطوانة التوبة
و روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير
نذر الاعتكاف في مسجد معين
من نذر الاعتكاف في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى وجب عليه الوفاء بنذره في المسجد الذي عينه لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم
لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا لِثَلاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
أما إذا نذر الاعتكاف في غير هذه المساجد الثلاثة فلا يجب عليه الاعتكاف قي المسجد الذي عينه و عليه أن يعتكف في أي مسجد شاء ، لأن الله تعالى لم يجعل لعبادته مكانا معين، و لأنهم لا فضل لمسجد من المساجد على مسجد أخر إلا المساجد الثلاثة ، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ و صلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة
وان نذر الاعتكاف في المسجد النبوي جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام لانه افضل منه
فتاوى رمضانية

س : ما حكم بلع اللعاب للصائم
اللعاب لا يضر الصوم لأنه من الريق فإن بلع فلا يأس وإن بسق فلا بأس ، أما النخامة وهي ما يخرج من الصدر أو من الأنف ، ويقال لها النخاعة ، وهي البلغم الغليظ ، الذي يحصل للإنسان تارة من الصدر وتارة من الرأس هذه يجب على الرجل والمرأة بسقه وإخراجه،وعدم ابتلاعه ، أما اللعاب العادي الذي هو الريق فهذا لا حرج فيه ولا يضر الصائم رجلاً كان أو إمرأة الشيخ ابن باز
س : إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل إلى حلقه ماء دون قصد هل يفسد صومه
إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل الماء إلى جوفه لم يُفطر لأنه لم يتعمد ذلك لقوله تعالى : ولَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُم صدق الله العظيم الشيخ ابن عثيمين
س : ما حكم استعمال الصائم للروائح العطرية في رمضان
لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان ، وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه ، لأن له جرم يصل إلى المعدة وهو الدخان
س : هناك من يتحرز من السواك في رمضان خشية إفساد الصوم ؟؟ هل هذا صحيح ، وما هو الوقت المفضل للسواك في رمضان
التحرز من السواك في نهار رمضان أو في غيره التي يكون الأنسان فيها صائماً لا وجه له لأن السواك سنة فهو كما جاء في الحديث الصحيح مَطْهَرة للفم مَرْضَاة للرَّب ، ومشروع متأكد عند الوضوء وعند الصلاة ، وعند القيام من النوم وعند دخول المنزل أو ما يدخل في الصيام ، وفي غيره وليس مفسداً للصومك ، إلا إذا كان السواك له طعم وأثر في ريقك فإنك لا تبتلع طعمه ، وكذلك لو خرج بالتسوك دم من اللثة ، فإنك لا تبتلعه ، وإذا تحرزت في هذا فإن لا يؤثر في الصيام شيئاً الشيخ ابن عثيمين
س : طفلي الصغير يُصِّرُ على صيام رمضان رغم أن الصيام يضره لصغر سنِّه ، واعتلال صحته ، فهل أستخدم معه القسوة ليُفطر ؟؟
إذا كان صغيراً لم يبلغ فإنه لا يلزمه الصوم ، ولكن إذا كان يستطيعه دون مشقة فإنه يؤمر به ، وكان الصحابة رضي الله عنهم يصومون أولادهم حتى أن الصغير منهم ليبكي فيُعطونه اللعب فيتلهى بها ، ولكن إذا ثبت أن هذا يضره ، فإنه يمنع منه ، وإذا كان الله سبحانه وتعالى منعنا من إعطاء الصغار أموالهم خوفاً من الإفساد بها ، فإن خوف إضرارالأبدان من باب أولى أن يمنعهم منه ، ولكن المنع يكون عن غير طريق القسوة فإنها لا تنبغي في معاملة الأولاد عند تربيتهم الشيخ ابن عثيمين
س : مريض بالسل يشق عليه الصوم في رمضان وقد أفطر رمضان الماضي فهل عليه إطعام ؟ علماً بأنه لا يرجى برؤه ؟
إذا كان هذا المريض لا يقوى على صيام رمضان وكان لا يرجى برؤه ، سقط عنه الصيام ووجب عليه أن يُطعم عن كل يوم أفطره مسكيناً يُعطيه نصف صاع من بُر أو تمر أو أرز ، ونحو ذلك مما اعتاد أهله أن يأكلوا من الطعام ، مع القدرة على ذلك كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذيْن يشق عليهما الصوم اللجنة الدائمة
س : هل القيء يفسد الصوم ؟؟
كثيراً ما يعرض للصائم أمور لم يتعمدها من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من ذَرَعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء الشيخ ابن باز
س : استعمال قطرة العين في نهار رمضان هلى تُفطر أم لا ؟؟
الصحيح أن القطرة لا تُفطر وإن كان فيها خلاف بين أهل العلم حيث قال بعضهم أنه إذا وصل طعمها إلى الحلق فإنها تُفطر ، والصحيح أنها لا تُفطر مطلقاً ، لأن العين ليست منفذاً لكن لو قضى احتياطاً وخروجاً من الخلاف من وجد طعمها في الحلق فلا بأس وإلا فالصحيح أنها لا تٌفطر سواء كانت في العين أو في الأذن الشيخ ابن باز
س : هل الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تؤثر على الصيام
الإبر العلاجية قسمان أحدهما ما يُقصد به التغذية ، ويستغنى به عن الأكل والشرب ، لأنها بمعناه فتكون مفطرة لأن نصوص الشرع إذا وجد المعنى الذي تشتمل عليه في صورة من الصور حكم على هذه الصورة بحكم ذلك النص ، أما القسم الثاني وهو الإبر التي لا تُغذي ، أي لا يستغني بها عن الأكل والشرب فهذه فلا تُفطر لأنه لا ينالها النص لفظاً ولا معنى ، فهي ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب والأصل صحة الصيام حتى يبت ما يفسد بمقتضى الدليل الشرعي الشيخ ابن عثيمين
س : ما حكم من سُحبَ منه دم وهو صائم في رمضان ، وذلك بغرض التحليل من يده اليمنى
مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يُعفى عنه لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر الشيخ ابن باز
س : تعمد بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية ، الحيض ، والرغبة في ذلك حتى لا تقضي فيما بعد ، فهل هذا جائز ، وهل في ذلك قيود حتى تعمل بها هؤلاء النساء
الذي أراه في هذه المسألة ألا تفعله المرأة وتبقى على ما قدره الله عز وجل ، وكتبه على بنات آدم ، فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمة في إيجادها ، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار ، هذا بقطع النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباؤ فالذي أرى في هذه المسألة أن النساء لا يستعملن هذه الحبوب والحمد لله على قدره وحكمته ، إذا أتاها الحيض تُمسك عن الصوم والصلاة ، وإذا طَهُرة تستأنف الصيام والصلاة ، و إذا انتهى رمضان تقضي ما فاتها من الصوم الشيخ ابن عثيمين


س : ما حكم من عليه صوم يوم في رمضان عام 92 هـ ولم يقض حتى أدركه رمضان عام 93 هـ
إذا أهمل الإنسان قضاء يوم أو أكثر من رمضان حتى أدركه رمضان السنة التي بعدها قضى ما فاته من اليوم أو الأيام وأطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من بُر أو نحوه مما اعتادوا أكله في بلاده إن أخر القضاء بلا عذر ، أمنا إن كان أخر القضاء لعذر من مرض أو ضعف لا يقوى معه على قضاء ما فاته فليس عليه إطعام اللجنة الدائمة
س : هل يجوز صيام ستة أيام من شوال قبل صيام قضاء رمضان ؟ وهل يجوز صيام يوم الإثنين من شهر شوال بنية قضاء رمضان وبنية الحصول على أجر صيام يوم الإثنين
صيام ستة أيام من شوال لا يحصل ثوابها إلا لإذا كان الإنسان قد استكمل صيام شهر رمضان ، فمن عليه قضاء من رمضان فإنه لا يصومن ستة أيام من شوال ، إلا بعد قضاء رمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من صام رمضان ثم أتبعه بستٍ من شوال .... " ، وعلى هذا نقول لمن عليه قضاء صُم القضاء أولاً ثم صم ستة أيام من شوال ، وإذا اتفق أن يكون صيام هذه الأيام الستة في يوم الإثنين أو الخميس فإنه يحص على أجر الإثنين بنية أجر الأيام الستة وبنية أجر يوم الإثنين والخميس ، لقوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى الشيخ ابن عثيمين
س : إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا ، وهل تجب عليه المبادرة بالغسل
الإحتلام لا يبطل الصوم لأنه ليس باختيار الصائم وعليه أن يغتسل غسل الجنابة ، ولو احتلم بعد صلاة الفجر وأخر الغسل إلى وقت صلاة الظهر فلا بأس ، وهكذا لو جامع أهله في الليل ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليه حرج في ذلك ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصبح جنباً من جامع ثم يغتسل و يصوم ، وهكذا الحائض والنفساء لو طهرتا في الليلف ، ولم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليهما بأس في ذلك ، وصو مهما صحيح ، ولكن لا يجوز ل

أبو بدر 1
29 Oct 2004, 04:57 PM
<div align="center">صناع الحياة

جزاك الله خيرا
ونسال الله أن ينفع به الجميع</div>

صقر الأحبة
30 Oct 2004, 03:22 PM
<div align="center">صناع الحياة

بارك الله فيك ورفع قدرك

صقر الأحبة</div>