المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدلية الفقهاء في مسألة إحراق النفس-----



ام حفصه
22 Jan 2011, 11:14 AM
الثورة التونسية تنتقل

بتداعياتها إلى الأوساط الفقهية والشرعية
الجمعة, 21 يناير 2011
الرياض - عبدالواحد الأنصاري
يبدو أن «طوفان تونس» جاء ليحطم كثيراً من المسلمات والأولويات حتى لدى بعض الفقهاء، ويغير فلسفتهم في «الأولويات»، و«نظرية المصالح والمفاسد»، و«نظرية الغايات والوسائل». والمثال الصارخ على ذلك هو التصريحان الأخيران اللذان أدلى بهما الشيخ يوسف القرضاوي عبر قناة الجزيرة الإخبارية، من أن: «الحرية أهم من تطبيق الشريعة»، وهو ما تناقلته شتى وسائل الإعلام. ورأى القرضاوي أن حرية البشر مقدمة على التطبيقات الشرعية مؤكداً أن لها الأولوية على ما سواها.
ولم يكتف القرضاوي بذلك بل ذهب إلى أن إحراق البوعزيزي لنفسه وإن كان إثماً كبيراً فإنه قد لا يكون مسؤولاً عن فعله وقد يكون فاقداً لصوابه». والتمس له العذر بحديث قاطع البراجم في صحيح مسلم، الذي جاء فيه «لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. هاجر إليه الطفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة. فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات. فرآه الطفيل ابن عمرو في منامه. فرآه وهيئته حسنة. ورآه مغطياً يديه. فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال: ما لي أراك مغطياً يديك؟ قال قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم وليديه فاغفر». واستشهد لعدم الصبر بقول رواه لأبي ذر: «عجبت ممن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه».
وقياساً على ذلك التمس القرضاوي العذر للبوعزيزي ومن في حكمه من شباب المسلمين الذين توالى إحراقهم لأنفسهم في دول عربية عدة كالجزائر وموريتانيا ومصر، إذ بلغ عدد من أحرقوا أنفسهم احتجاجاً على أوضاعهم المالية والاجتماعية بضعة عشر شخصاً. وزاد القرضاوي عبارة أثارت لغطاً في الأوساط العقدية عندما ذكر أنه «سيشفع عند الله للبوعزيزي». وطالب المسلمين بأن «يشفعوا له عند الله». وذهب الشيخ الدكتور حاتم الشريف في تصريح لـ «الحياة» فيما يخص مسألة «إحراق النفس تظلماً وقهراً» بأن البوعزيزي «قتيل الظلم والقهر، ولكن ما فعله إثم لا يجوز». وفصّل الحكم في الإثم المترتب على هذا الظلم قائلاً: «لا يلزم من ذلك أن يكون هو آثماً، فقد يكون معذوراً بحالة قهر أفقدته صوابه». مؤكداً أن «هذا القهر هو سبب انفجار الشعب الذي رفض أن يعبر عن قهره بإحراق نفسه بل قرر أن يحرق القهر نفسه».


نقاش واعتراض
من جهة أخرى، فإن الأوساط الفقهية والعقدية لم تصادق على هذا التأويل للمسألتين المذكورتين. إذ يؤكد الباحث الشرعي سيد الشحات أن «القول بأن الحكومة هي التي قتلت البوعزيزي هو قول ضعيف شبيه بقول معاوية أن قاتل عمار بن ياسر هو من أخرجه» وذلك بإسناد فعل القتل إلى غير من باشر القتل بنفسه. واعترض على الاستشهاد بحديث قاطع البراجم في صحيح مسلم بأن الرجل المذكور لم يقطع براجمه من أجل الدنيا. وإنما من أجل جزعه من عدم إدراكه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كما أن سبب مغفرة ذنوبه كانت الحسنات الماحيات وهي هجرته إلى رسول الله وليس سبب المغفرة كونه كان جزعاً، فكل المنتحرين يكونون جزعين حين ينتحرون».
وأضاف الشحات أن «إباحة إحراق النفس من أجل التظلم قد يلزم منها إباحة إحراق الآخرين، وهذا يفتح باباً لإباحة التفجير، فمن يفتي بمثل هذه الأقوال عليه أن يتنبه إلى لوازمها، إذ من غير المعقول أن نقول للشخص: إذا شعرت بالظلم فأحرق نفسك لكن لا تحرق عدوّك. وإذا قلنا له: إذا شعرت بالظلم فأحرق نفسك وعدوّك الذي دفعك للإحراق فهذا هو بعينه إباحة العمليات التفجيرية والإرهابية، ولا أعتقد بأن عاقلاً يمكنه القول بذلك». واستدرك بأن «الحرية لا يمكن أن تقدم على الشريعة لأن الحرية المباحة أباحتها الشريعة وهي جزء منها، وأما الحرية المحرمة فهي حرام والحرام لا يكون مقدماً على شرع الله وهذا هو مقتضى العبودية لله رب العالمين».
وانتقد الشحات الاستشهاد بأثر أبي ذر قائلاً: «هذا الأثر يخالف ما تواتر عن أبي ذر من طاعته لولاة الأمر عندما أبعدوه من المدن فلم يحدث لهم معصية، ويخالف كذلك ما صح عنه حين قدم الربذة من أنه سيطيع ويصبر مهما تعرض له، كما أن هذا الأصل لا أصل له وليس موجوداً في دواوين السنة ولم نجده موثقاً إلا في كتاب مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام. وقد حكم الألباني على أحاديث هذا الكتاب وخرجها، ولما وصل إلى أثر أبي ذر المذكور قال: لم تتم دراسته. وأنا أكاد أقول: إن الحديث الذي لا يعرفه الألباني قد لا يكون حديثاً، فضلاً عما إذا كان أثراً غير موجود في دواوين السنة ولم يرتفق بإسناد. فهو أثر منكر في الشرع وفي الإصطلاحي الحديثي». واستدرك قائلا: «لكن هذا لا يجعلنا نقرّ حكم الطاغية ولا يجعلنا نحكم للبوعزيزي ولا أي مسلم بالنار، بل نترحم عليه ونفرح بزوال الطاغية، ولا نحرّم إلا ما حرّم الله تعالى». واستغرب الشحات ما توصل إليه البعض من إمكان شفاعة أهل الدنيا لأهل الآخرة، وقال: «وما يدري الشافع أنه من أهل الجنة حتى يشفع، وما يدريه أن الله أذن له، أو رضي عن المشفوع له».


لا عذر للمنتحر
من جهته، انتقد الأكاديمي السعودي الدكتور محمد السعيدي ما ورد في بعض وسائل الإعلام من التماس المعاذير لفعل الانتحار قائلاً: «هذا الأمر فيه محاذير منها: أنه يوحي بالتقليل من شأن هذه الجريمة في مقابل ما نتج منها مما يُظن أنه خير، وهذا الأمر وإن لم يقصده أولئك الفضلاء كما يبدو لي إلا أن دلالة السياق توحي به، وكان الأجدر مع دعائهم للقتيل بالرحمة أن يعظموا من شأن الجريمة كما عظم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من شأنها حين قال الله سبحانه: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً». وكل من قتل نفسه فهو معتدٍ وظالم ومستحق لوعيد الله عز وجل وهو تحت مشيئته إن شاء عذبه وإن شاء غفر له».
وأضاف: «والأحاديث كثيرة صحيحة صريحة، منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً، فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً». رواه مسلم. وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة». رواه البخاري ومسلم. وعن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة» رواه البخاري. والملاحظ في الآية والأحاديث المتقدمة أنها عامة في كل من قتل نفسه».
وتابع السعيدي: «المحذور الثاني: أن الاعتذار له بما أصابه من ضيق وظلم غير مقبول عقلاً لأن الإنسان إلا من شذّ لا يمكن أن يُقدم على قتل نفسه إلا إذا بلغ به القهر أو الظلم أو الضيق مبلغه، ولو كان القهر والضيق عذراً لِقتل الإنسان نفسَه لما كانت هذه الجريمة محرمة أصلاً، لأن الأصل في ابن آدم هو حبه للحياة وإقباله عليها والصبر من أجلها على المشاق». مضيفاً: «والمحذور الثالث: أن الاعتذار له قد يُفهم على أنه مخالف للدعوة القرآنية إلى الصبر الذي هو من الواجبات العظيمة على المسلم في هذه الحياة، وقد حضّ القرآن العظيم عليه في أكثر من تسعين موضعاً، ولعل أنسبها لموضع حديثنا قوله تعالى «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ». ففي هذه الآية حتم من الله تعالى على عباده أنواعاً من البلاء، وقصر سبحانه وتعالى البشارة على من صبر».
وزاد: «المحذور الرابع: أن مثل هذا الكلام قد يُفهم في سياق الغاية تبرر الوسيلة، ولا شك أن هذا المنطق في التعامل مع أحكام الشريعة مرفوض، كما أن ذلك الشاب لم يكن يعلم أن ما يقوم به سيؤدي إلى هذه النتيجة، ولو قدرنا أنه كان لديه شيء من التوقعات فلا يُسَوِّغ له هذا قتل نفسه، فإن الله تعالى لم يجعل شفاء هذه الأمة في ما حرّم عليها».

أبوسعود المكي
22 Jan 2011, 12:08 PM
اللهم سلّم سلّم.

اللهم أجرنا من الفتن ماظهر منها وما بطن.

جبل أحد
22 Jan 2011, 12:21 PM
كفانا الله شر بعض العلماء ..
وحسبنا الله ونعم الوكيل ....

الدكتور
22 Jan 2011, 07:50 PM
ملاحظ أن خطب الجمعة 17/02/1432هـ كانت في مكة والرياض ولا أدرى هل أيضا في المدينة عن قتل النفس

المضحك في الأمر أن كثير من الدول التي لا تتقبل من ما تسميهم بالوهابية أي فتوى نشرت فتوى الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله في قنواتها وهذا دليل على خوفها من انتقال حالة الشغب التي جرت في تونس إلى أراضيها

بارك الله فيكم أختي الكريمة ونفع بكم وفي الجميع

أبولؤى
23 Jan 2011, 01:50 AM
جزاكم الله من كل خيره

وبارك الله فيكم