ام الهمام
05 Jan 2011, 08:03 PM
حتى يكونوا من أولي النهى..!
الاحد 02 يناير 2011
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_abdelrahman_340_309_.jpg
سحر محمد يسري
الآباء وأفعل التفضيل..!
نسمع الكثير من الآباء والأمهات يستخدمون هذه الصيغة عندما يتحدثون عن رضاهم التام عن تربيتهم لأبنائهم، فقد وفرّوا لهم (أحسن) الطعام والشراب والكسوة، وعلّموهم (أحسن) تعليم، وكانوا ينزهوهم في (أحسن) المتنزهات..!
فجزاهم الله عن أبنائهم خيرًا، ولكن لو تأملنا نجد أنّ ( أحسن) غالبًا تعود إلى اهتمام معظم الآباء بنصيب الجسد من العناية إلى جانب التعليم الأكاديمي المعروف، فأين نصيب العقل من أفعل التفضيل هذه ؟؟
نعم العقل ! فالإسلام يهتم بتربية الفرد من جميع الجوانب، فكما يهتم بتربيته من الناحية الجسمية والروحية والخلقية، كذلك فإنه يولي أهمية كبرى لتربية الفرد المسلم من الناحية العقلية؛ وذلك ليكمل بناؤه من جميع الجوانب.
وهذا الجانب "التربية العقلية" رغم أهميته إلا أنه قد يغفل كثير من الآباء والأمهات عن الاهتمام به، لذلك أحببنا أن ننصفه في حديثنا اليوم أيها الأعزاء.
نعمة العقل:
لقد ميزنا الله تعالى عن سائر المخلوقات بالعقل لكي نفكر ونخطط ونحلل ونضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن عطلنا عقولنا عن التفكير السليم فلن يكون هناك ثمة فرق كبير بيننا وبين بقية المخلوقات. (محمد سعيد مرسي:أحسن مربي في العالم،ص:61)
ولقد حبا الله الكائن البشري بملكات وقدرات عقلية عظيمة كالذكاء، والقدرة على الحفظ والتذكر، والإبداع، والفهم، وغير ذلك. وهذه القدرات وإن كانت مكنونة في الطفل عند ولادته، فإنها في حاجة إلى استخراج وتنمية، وما لم نهتم بهذه القدرات العقلية وننمِّها بالأساليب الصحيحة، فإنها ربما تضمحل وتذهب، أو توجه وجهة غير صحيحة، فتنحرف وتضل. لهذا كان دور الوالدين في الإهتمام بالتربية العقلية مهمًا للغاية؛ إذ هو المسؤول الأول عن تربية ولده وتعليمه وتوجيهه، محافظًا على ما حباه الله من قدرات وطاقات مختلفة وجادًا في تنميتها، وتوجيهها إلى الخير.
القرآن الكريم هو مصدر التربية العقلية:
القرآن الكريم هو الأصل لهذا الاتجاه التربوي، وكثير من أساليبه التربوية تقوم على هذا الأساس، فهو يدعونا إلى إعمال العقل في الكون من حولنا لنصل بذلك إلى الربط بين الخلق ووحدانية الخالق جلّ وعلا، قال تعالى:"قل انظروا ماذا في السموات والأرض" – يونس:10- ،وأحيانًا يعرّض بالكافرين لأنهم عطلوا عقولهم فلم يستدلوا بها عليه سبحانه،قال تعالى: { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } [الغاشية: 17-20] (عبد الرحمن النحلاوي:التربية بالآيات،ص:27)
إلام تهدف التربية العقلية؟
والتربية العقلية في الإسلام تسعى إلى تنمية ذكاء الفرد، وقدرته على التأمل، والتفكير، والنظر، وتنمية قدرته على التخيُّل والتصور، إلى جانب تقوية ذاكرته، وإعطائه القدرة على التحليل، وإدراك العلاقات بفهم عظات التاريخ، وربطها بواقع الحياة، وربط العلل بالمعلولات، والأسباب بالنتائج، إلى جانب اهتمامها بتنمية القدرة على التعبير، فهي بذلك تشمل جميع نشاط الإنسان العقلي.
وهي إذ تهتم وتُعْنى بهذه القدرات العقلية وتنميها، فإنها تهدف من وراء ذلك إلى الوصول إلى الغاية الكبرى من معرفة الله عز وجل وحبه وعبادته، فليس التفكير في الإسلام لمجرد التفكير فحسب؛ لهذا كان العقل أهم وسيلة للوصول إلى معرفة الله عز وجل من خلال آياته "إذ بدون العقل لن نعرف الآية، وبدون الفكر لن يُعرف صاحبها". (د.عدنان حسن باحارث:مسئولية الوالد المسلم في تربية الولد،ص:311)
والتربية العقلية تهتم أيضًا إلى جانب تثبيت العقيدة في نفس الطفل: ببناء الفكر الإسلامي في ذهن الطفل، وإعطائه القدرة على تمييز الفكرة الإسلامية من بين التيارات الفكرية الدخيلة المناهضة للتصور الإسلامي، كما أنها تبث روح العزة والأصالة بالفكر الإسلامي عند الأبناء.
ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء:
لقد خلق الله الناس بقدرات مختلفة متفاوتة، منهم سريع الفهم، حاد الذكاء، ومنهم الغبي قليل الإدراك، وأكثرهم المتوسطون المعتدلون. كما أن بين المعتدلين من هو أسرع فهمًا وأذكى من غيره، فالفروق الفردية بين الأطفال موجودة، ولا يجوز إهمالها بحال، ولذلك كان علينا أن ننتبه جيدًا لقضية الفروق الفردية بين الأولاد وذلك حتى نتمكن من تنمية ملكات الولد العقلية من ذكاء وقدرة على الحفظ وغيرها لديهم تنمية صحيحة معتدلة بعيدًا عن المغالاة والإجحاف؛ فإن إغفال ما بين الأفراد كبارهم وصغارهم من فوارق جسمية وعقلية ومزاجية واجتماعية له أسوأ الأثر بالفرد نفسه، وبالمجتمع الذي يعيش فيه.
فبدلًا من توجيه عبارات السخرية والاستهزاء بالابن إخفاقه في أمر من الأمور كرسوبه في الاختبار، ونجاح إخوته؛ يخصه الأب بمزيد من الاهتمام والرعاية؛ ليرفع من مستواه ويلحقه بأقرانه وإخوته حسب قدراته وإمكاناته المتاحة.
وكذلك عدم تكليف الولد الصغير فهم الأمور الكبيرة، خاصة ما يحتاج إلى إدراك للسبب وعلاقته بالنتيجة، فإن هذه القدرات تحتاج إلى طاقة عقلية كبيرة، ربما عجز عنها بعض الراشدين، ولهذا يتقبل الأطفال الصغار الخرافات، وكثيرًا من التفسيرات والمعتقدات دون نقاش أو تمحيص؛ لعدم قدرتهم على الاستدلال والتركيز لفهم الأدلة واختبارها.
المحافظة على الصحة العقلية للأبناء:
هي أن يبقى الأبناء تفكيرهم سليمًا، وذاكرتهم قوية وأذهانهم صافية وعقولهم ناضجة، ووقايتهم من المفاسد المنتشرة في المجتمع التي تؤثر على العقل والذاكرة وتخمل الذهن وتشل عملية التفكير مثل: التدخين، والمخدرات، والعادة السرية، والإثارات الجنسية. والعمل على شغل عقول أبنائنا بما هو مفيد وتوجيههم إلى طرق التفكير السليم.
هذا بالإضافة إلى الغذاء الصحي، ويبدأ من الرضاعة الطبيعية، ثم التغذية السليمة لنمو العقل والوجبة المتكاملة الصحية، والتركيز على الغذاء الذي يساعد على زيادة الذكاء الفطري وتنمية المهارات العقلية حتى ينشط المخ.
وسائل تدريب الأبناء على إعمال العقل، والتفكير السليم:
- التأمل والتدبر: يوجه الوالدين أبناءهما إلى إعمال عقولهم في التأمل والتدبر في الآيات الكونية من حولهم، وكذلك في المواقف التي يمرون بها، والقصص التي يسمعونها؛من أجل استخراج العبرة والعظة والدروس المستفادة، فهذه هي صفة أولي النهى من عباد الله. وكثير من الناس لا يحسن التفكر والتأمل وبالتالي لا يحصل له التدبر، كل ذلك لأنه لم يتربى على هذا الأسلوب في التفكير منذ صغره، ولم يوجهه إليه أحد.
- تشجيع الأبناء على السؤال: واستقبال أسئلتهم الكثيرة - وإن بدت ساذجة- برحابة صدر، وطول صبر على إشباع نهمتهم للمعرفة والتعلم، مع تعليمهم أدب السؤال، وحسن الإنصات، وعدم المقاطعة.
- حفظ القرآن الكريم:فقد أثبتت الدراسات التربوية والإحصاءات أنّ حفظ القرآن الكريم له ارتباط وثيق بالتفوق الدراسي لدى الطلاب، كما أنّ له أثر كبير على تقوية الذاكرة والقضاء على ظاهرة النسيان.
- اختيار المدرسة الصالحة والمدرس الصالح: لأن الطفل يتأثر بمدرسه في العادات والآداب؛ نظرًا لبقائه معه مدة طويلة في المدرسة.
- الرفقة الواعية: فللوالدين دور هام في اختيار الصحبة الواعية لأبنائهم، من أبناء النخبة المأمونة المتميزة التي تفهم الإسلام الفهم النّاضج، فهمٌ يجتمع فيه النضج العقلي والوعي الاجتماعي؛ حتى يكون رفقاء أسوياء صالحين لأبنائهم (فالصاحب ساحب) وثقافة الابن وطريقة تفكيره ونظرته للأمور من السهل جدًا أن تتأثر بأسلوب رفاقه.
- تنمية العقل من خلال اللعب:وذلك في الطفولة المبكرة فيتعمد المربي اختيار الألعاب التي تنمي آليات التفكير السليم لدى الطفل، مثل:ألعاب المتاهات التي تعتمد على الصبر وإعمال العقل حتى يصل إلى مراده، وكذلك الألغاز والفك والتركيب وبعض ألعاب البلاي استيشن المنتقاة خصوصًا التي تعتمد على تقديم حلول بديلة يتخير منها الطفل ما يناسبه. (محمد سعيد مرسي:أحسن مربي في العالم،ص:63)
- ألا ننوب عنهم في أمر خاص بهم فنتركه يعبر عن نفسه ويعرّف نفسه للأصدقاء والضيوف، والأطفال ممن هم في مثل سنّه.
- إذا أخطأ الطفل نعلمه كيف يتحمل نتيجة خطأه ويتعلم منه حتى لا يكرره ويقع في مرة أخرى .
- تعليمهم التفكير المنظم:من خلال استخدام الورقة والقلم، فهي وسيلة مهمة للتفكير السليم، ولو تعود الطفل على تدوين المعلومات وتحليلها والربط فيما بينها ومعرفة الفوائد واستخراج المناسب منها وغير المناسب ومعرفة السلبيات والإيجابيات فلا شك سيتعود على هذه الطريقة المنظمة المثمرة في التفكير.
وأخيرًا عزيزي المربي:
إنّ تربية العقول تعني تنشئة الأبناء على الإيمان العميق، والاغتراف من معين الثقافة والعلم، وتركيز أذهانهم على الفهم المستوعب، والمعرفة المجردة، والإدراك الناضج الصحيح، فتتفتح مواهبهم، ويبرز نبوغهم، وتنضج عقولهم، وتظهر عبقرياتهم. (عبد الله ناصح علوان:تربية الأولاد في الإسلام،ج/1،ص:256)
إذن..لننصف عقول أبنائنا من أبدانهم، فبالعقل الواعي والذكاء المتّقد يسبق أبناؤنا وتسبق بهم الأمة سائر الأمم وتتبوأ مكان الصدارة الذي ارتضاه الله تعالى لها.
المراجع:
- تربية الأولاد في الإسلام:عبد الله ناصح علوان
- أحسن مربي في العالم:محمد سعيد مرسي
- موقع الدكتور:عدنان حسن باحارث
- التربية بالآيات:عبد الرحمن النحلاوي
الاحد 02 يناير 2011
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_abdelrahman_340_309_.jpg
سحر محمد يسري
الآباء وأفعل التفضيل..!
نسمع الكثير من الآباء والأمهات يستخدمون هذه الصيغة عندما يتحدثون عن رضاهم التام عن تربيتهم لأبنائهم، فقد وفرّوا لهم (أحسن) الطعام والشراب والكسوة، وعلّموهم (أحسن) تعليم، وكانوا ينزهوهم في (أحسن) المتنزهات..!
فجزاهم الله عن أبنائهم خيرًا، ولكن لو تأملنا نجد أنّ ( أحسن) غالبًا تعود إلى اهتمام معظم الآباء بنصيب الجسد من العناية إلى جانب التعليم الأكاديمي المعروف، فأين نصيب العقل من أفعل التفضيل هذه ؟؟
نعم العقل ! فالإسلام يهتم بتربية الفرد من جميع الجوانب، فكما يهتم بتربيته من الناحية الجسمية والروحية والخلقية، كذلك فإنه يولي أهمية كبرى لتربية الفرد المسلم من الناحية العقلية؛ وذلك ليكمل بناؤه من جميع الجوانب.
وهذا الجانب "التربية العقلية" رغم أهميته إلا أنه قد يغفل كثير من الآباء والأمهات عن الاهتمام به، لذلك أحببنا أن ننصفه في حديثنا اليوم أيها الأعزاء.
نعمة العقل:
لقد ميزنا الله تعالى عن سائر المخلوقات بالعقل لكي نفكر ونخطط ونحلل ونضع الأمور في نصابها الصحيح، فإن عطلنا عقولنا عن التفكير السليم فلن يكون هناك ثمة فرق كبير بيننا وبين بقية المخلوقات. (محمد سعيد مرسي:أحسن مربي في العالم،ص:61)
ولقد حبا الله الكائن البشري بملكات وقدرات عقلية عظيمة كالذكاء، والقدرة على الحفظ والتذكر، والإبداع، والفهم، وغير ذلك. وهذه القدرات وإن كانت مكنونة في الطفل عند ولادته، فإنها في حاجة إلى استخراج وتنمية، وما لم نهتم بهذه القدرات العقلية وننمِّها بالأساليب الصحيحة، فإنها ربما تضمحل وتذهب، أو توجه وجهة غير صحيحة، فتنحرف وتضل. لهذا كان دور الوالدين في الإهتمام بالتربية العقلية مهمًا للغاية؛ إذ هو المسؤول الأول عن تربية ولده وتعليمه وتوجيهه، محافظًا على ما حباه الله من قدرات وطاقات مختلفة وجادًا في تنميتها، وتوجيهها إلى الخير.
القرآن الكريم هو مصدر التربية العقلية:
القرآن الكريم هو الأصل لهذا الاتجاه التربوي، وكثير من أساليبه التربوية تقوم على هذا الأساس، فهو يدعونا إلى إعمال العقل في الكون من حولنا لنصل بذلك إلى الربط بين الخلق ووحدانية الخالق جلّ وعلا، قال تعالى:"قل انظروا ماذا في السموات والأرض" – يونس:10- ،وأحيانًا يعرّض بالكافرين لأنهم عطلوا عقولهم فلم يستدلوا بها عليه سبحانه،قال تعالى: { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } [الغاشية: 17-20] (عبد الرحمن النحلاوي:التربية بالآيات،ص:27)
إلام تهدف التربية العقلية؟
والتربية العقلية في الإسلام تسعى إلى تنمية ذكاء الفرد، وقدرته على التأمل، والتفكير، والنظر، وتنمية قدرته على التخيُّل والتصور، إلى جانب تقوية ذاكرته، وإعطائه القدرة على التحليل، وإدراك العلاقات بفهم عظات التاريخ، وربطها بواقع الحياة، وربط العلل بالمعلولات، والأسباب بالنتائج، إلى جانب اهتمامها بتنمية القدرة على التعبير، فهي بذلك تشمل جميع نشاط الإنسان العقلي.
وهي إذ تهتم وتُعْنى بهذه القدرات العقلية وتنميها، فإنها تهدف من وراء ذلك إلى الوصول إلى الغاية الكبرى من معرفة الله عز وجل وحبه وعبادته، فليس التفكير في الإسلام لمجرد التفكير فحسب؛ لهذا كان العقل أهم وسيلة للوصول إلى معرفة الله عز وجل من خلال آياته "إذ بدون العقل لن نعرف الآية، وبدون الفكر لن يُعرف صاحبها". (د.عدنان حسن باحارث:مسئولية الوالد المسلم في تربية الولد،ص:311)
والتربية العقلية تهتم أيضًا إلى جانب تثبيت العقيدة في نفس الطفل: ببناء الفكر الإسلامي في ذهن الطفل، وإعطائه القدرة على تمييز الفكرة الإسلامية من بين التيارات الفكرية الدخيلة المناهضة للتصور الإسلامي، كما أنها تبث روح العزة والأصالة بالفكر الإسلامي عند الأبناء.
ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء:
لقد خلق الله الناس بقدرات مختلفة متفاوتة، منهم سريع الفهم، حاد الذكاء، ومنهم الغبي قليل الإدراك، وأكثرهم المتوسطون المعتدلون. كما أن بين المعتدلين من هو أسرع فهمًا وأذكى من غيره، فالفروق الفردية بين الأطفال موجودة، ولا يجوز إهمالها بحال، ولذلك كان علينا أن ننتبه جيدًا لقضية الفروق الفردية بين الأولاد وذلك حتى نتمكن من تنمية ملكات الولد العقلية من ذكاء وقدرة على الحفظ وغيرها لديهم تنمية صحيحة معتدلة بعيدًا عن المغالاة والإجحاف؛ فإن إغفال ما بين الأفراد كبارهم وصغارهم من فوارق جسمية وعقلية ومزاجية واجتماعية له أسوأ الأثر بالفرد نفسه، وبالمجتمع الذي يعيش فيه.
فبدلًا من توجيه عبارات السخرية والاستهزاء بالابن إخفاقه في أمر من الأمور كرسوبه في الاختبار، ونجاح إخوته؛ يخصه الأب بمزيد من الاهتمام والرعاية؛ ليرفع من مستواه ويلحقه بأقرانه وإخوته حسب قدراته وإمكاناته المتاحة.
وكذلك عدم تكليف الولد الصغير فهم الأمور الكبيرة، خاصة ما يحتاج إلى إدراك للسبب وعلاقته بالنتيجة، فإن هذه القدرات تحتاج إلى طاقة عقلية كبيرة، ربما عجز عنها بعض الراشدين، ولهذا يتقبل الأطفال الصغار الخرافات، وكثيرًا من التفسيرات والمعتقدات دون نقاش أو تمحيص؛ لعدم قدرتهم على الاستدلال والتركيز لفهم الأدلة واختبارها.
المحافظة على الصحة العقلية للأبناء:
هي أن يبقى الأبناء تفكيرهم سليمًا، وذاكرتهم قوية وأذهانهم صافية وعقولهم ناضجة، ووقايتهم من المفاسد المنتشرة في المجتمع التي تؤثر على العقل والذاكرة وتخمل الذهن وتشل عملية التفكير مثل: التدخين، والمخدرات، والعادة السرية، والإثارات الجنسية. والعمل على شغل عقول أبنائنا بما هو مفيد وتوجيههم إلى طرق التفكير السليم.
هذا بالإضافة إلى الغذاء الصحي، ويبدأ من الرضاعة الطبيعية، ثم التغذية السليمة لنمو العقل والوجبة المتكاملة الصحية، والتركيز على الغذاء الذي يساعد على زيادة الذكاء الفطري وتنمية المهارات العقلية حتى ينشط المخ.
وسائل تدريب الأبناء على إعمال العقل، والتفكير السليم:
- التأمل والتدبر: يوجه الوالدين أبناءهما إلى إعمال عقولهم في التأمل والتدبر في الآيات الكونية من حولهم، وكذلك في المواقف التي يمرون بها، والقصص التي يسمعونها؛من أجل استخراج العبرة والعظة والدروس المستفادة، فهذه هي صفة أولي النهى من عباد الله. وكثير من الناس لا يحسن التفكر والتأمل وبالتالي لا يحصل له التدبر، كل ذلك لأنه لم يتربى على هذا الأسلوب في التفكير منذ صغره، ولم يوجهه إليه أحد.
- تشجيع الأبناء على السؤال: واستقبال أسئلتهم الكثيرة - وإن بدت ساذجة- برحابة صدر، وطول صبر على إشباع نهمتهم للمعرفة والتعلم، مع تعليمهم أدب السؤال، وحسن الإنصات، وعدم المقاطعة.
- حفظ القرآن الكريم:فقد أثبتت الدراسات التربوية والإحصاءات أنّ حفظ القرآن الكريم له ارتباط وثيق بالتفوق الدراسي لدى الطلاب، كما أنّ له أثر كبير على تقوية الذاكرة والقضاء على ظاهرة النسيان.
- اختيار المدرسة الصالحة والمدرس الصالح: لأن الطفل يتأثر بمدرسه في العادات والآداب؛ نظرًا لبقائه معه مدة طويلة في المدرسة.
- الرفقة الواعية: فللوالدين دور هام في اختيار الصحبة الواعية لأبنائهم، من أبناء النخبة المأمونة المتميزة التي تفهم الإسلام الفهم النّاضج، فهمٌ يجتمع فيه النضج العقلي والوعي الاجتماعي؛ حتى يكون رفقاء أسوياء صالحين لأبنائهم (فالصاحب ساحب) وثقافة الابن وطريقة تفكيره ونظرته للأمور من السهل جدًا أن تتأثر بأسلوب رفاقه.
- تنمية العقل من خلال اللعب:وذلك في الطفولة المبكرة فيتعمد المربي اختيار الألعاب التي تنمي آليات التفكير السليم لدى الطفل، مثل:ألعاب المتاهات التي تعتمد على الصبر وإعمال العقل حتى يصل إلى مراده، وكذلك الألغاز والفك والتركيب وبعض ألعاب البلاي استيشن المنتقاة خصوصًا التي تعتمد على تقديم حلول بديلة يتخير منها الطفل ما يناسبه. (محمد سعيد مرسي:أحسن مربي في العالم،ص:63)
- ألا ننوب عنهم في أمر خاص بهم فنتركه يعبر عن نفسه ويعرّف نفسه للأصدقاء والضيوف، والأطفال ممن هم في مثل سنّه.
- إذا أخطأ الطفل نعلمه كيف يتحمل نتيجة خطأه ويتعلم منه حتى لا يكرره ويقع في مرة أخرى .
- تعليمهم التفكير المنظم:من خلال استخدام الورقة والقلم، فهي وسيلة مهمة للتفكير السليم، ولو تعود الطفل على تدوين المعلومات وتحليلها والربط فيما بينها ومعرفة الفوائد واستخراج المناسب منها وغير المناسب ومعرفة السلبيات والإيجابيات فلا شك سيتعود على هذه الطريقة المنظمة المثمرة في التفكير.
وأخيرًا عزيزي المربي:
إنّ تربية العقول تعني تنشئة الأبناء على الإيمان العميق، والاغتراف من معين الثقافة والعلم، وتركيز أذهانهم على الفهم المستوعب، والمعرفة المجردة، والإدراك الناضج الصحيح، فتتفتح مواهبهم، ويبرز نبوغهم، وتنضج عقولهم، وتظهر عبقرياتهم. (عبد الله ناصح علوان:تربية الأولاد في الإسلام،ج/1،ص:256)
إذن..لننصف عقول أبنائنا من أبدانهم، فبالعقل الواعي والذكاء المتّقد يسبق أبناؤنا وتسبق بهم الأمة سائر الأمم وتتبوأ مكان الصدارة الذي ارتضاه الله تعالى لها.
المراجع:
- تربية الأولاد في الإسلام:عبد الله ناصح علوان
- أحسن مربي في العالم:محمد سعيد مرسي
- موقع الدكتور:عدنان حسن باحارث
- التربية بالآيات:عبد الرحمن النحلاوي