المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الثاني:عودة عبادة الاوثان بين الحقيقة والشبهات



أبوحبيب
04 Jan 2011, 11:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



الجزء الثاني:عودة عبادة الاوثان بين الحقيقة والشبهات


"(قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)"



الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه، وأسبغ عليهم نعمه ليشكروه. والصلاة والسلام على نبينا محمد، دعا إلى توحيد الله وصبر على الأذى في سبيل ذلك حتى استقرت عقيدة التّوحيد، واندحر الشرك وأهله. وعلى آله وأصحابه الذين اقتفوا أثره وساروا على نهجه، وجاهدوا في الله حق جهاد. أما بعد:


يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل :{ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ، وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله }صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه؛ فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) أخرجه البخاري ومسلم .



يتجاهل بعض الأقوام الأدلة المحكمة ويلجئون الى المتشابهات فيعتمدون عليها ويموهون بها على الناس.فالقرآن تضمن أدلة عقلية وحججاً برهانية في تقرير التوحيد والنبوة والمعاد. ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ: ((قُلِ ادْعُوا الَذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22) وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ))[سبأ:22،23]. قال قتادة ـ رحمه الله ـ: (إنك لست تلقى أحداً منهم إلا أنبأك أن الله ربه وهو الذي خلقه ورزقه وهو مشرك في عبادته) ( تفسير ابن جرير، 13/78).



ونجد اليوم أن بعض الأقوام يصرفون العبادات لغير الله ويصرون على فعلها أو قولها أو الاعتقاد بها وإذا ذكرت عليه الآية السابقة يقول إنما نزلت في من يعبد الأصنام فكيف تنزلها علينا!!! فهذا من أعظم الضلال يقول شيخنا محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله - عن هذه المقولة: (فهذا ترس قد أعدّه الجهال الضلاّل لردّ كلام، إذا قال لهم أحد: قال الله كذا، قالوا: نزلت في اليهود، نزلت في النصارى، نزلت في فلان...)وجواب هذه الشبهة (الفاسدة) أن يقال: معلوم أن القرآن نزل بأسباب، فإن كان لا يُستدل به إلا في تلك الأسباب بطل استدلاله، وهذا خروج من الدين، وما زال العلماء من عصر الصحابة فمن بعدهم يستدلون بالآيات التي نزلت في اليهود وغيرهم على من يعمل بها).



واعلم أخي يرعاك الله أن هناك قاعدة أصوليه عند أهل التفسير هي (أن العبر في الآيات بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ).



(معناها: أنه إذا ورد العام على سبب خاص فإن العبرة بالعموم وليست العبرةبالخصوص. مرة ثانية معناها: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، يعني: إذاورد اللفظ العام على سبب خاص فإن العمل على عموم اللفظ لا على خصوص السبب،لماذا؟ لأننا لو عملنا بخصوص السبب ما عدينا الدليل إلى قضايا أخرى، لكنإذا قلنا العبرة بعموم اللفظ، أي شخص تحصل له قضية مثل هذه القضية يطبقعليه النص.



إذن يصير الآن العبرة بعموم اللفظ، وليس بالنظر إلى خصوص السبب؛ ومن هناصار العلماء يستدلون على أحكام الظهار بالآيات في سورة المجادلة، ليش؟ لأنالآيات وردت بصيغة العموم، مع أن الظهار ما حصل إلا من شخص واحد هو أوس بنالصامت، ومع هذا قال الله تعالى(الذين يظاهرون منكم من نسائهم) وفي الآية التي بعدها( والذين يظاهرون من نسائهم)فهذا -والله أعلم- يعني قصدي: أن الله -جل وعلا- لما ساق حكم القصة بأسلوب عام وليس بأسلوب خاص. دل هذا على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والدليل هو أن الشريعةليست خاصة لأحد من المكلفين، بل الشريعة عامة للبشرية إلى أن يرث اللهالأرض ومن عليها. إذن هذا يناسب القاعدة هذه، أن العبرة بعموم اللفظ لابخصوص السبب.



لكن يستثنى من هذا ما إذا وجد دليل يدل على أنه ليست العبرة بعموم اللفظ،إنما سينظر إلى السبب، هذا يستثنى، وإذا أردنا أن نجعلها قاعدة متكاملةنقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا إن وجد الدليل الذي يدل علىتخصيص العموم بمثل حالة السبب.



المثال هو الذي يوضح، ورد في الصحيحين« أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحد أسفاره رأى زحاما ورجلا قد ظلل عليهفقال: ما هذا؟ قالوا: رجل صائم قال: ليس من البر الصيام في السفر((



لكن عندنا دليل على أننا ما نعمل بالعموم، وهو أن النبي -صلى الله عليهوسلم- صام في السفر، ولا يمكن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل ما ليسببر، فالعلماء، وعلى رأس القائمة ابن دقيق العيد في شرحه على عمدة الأحكام،عند هذا الحديث ذكر أن هذا الحديث العام لا يؤخذ به على عمومه، إنما يطبقعلى أي حالة مثل حالة هذا الصحابي الذي تعب في السفر.



فلو -مثلا- سافرنا وبعضنا صائم وبعضنا ما صام، فيه واحد من الإخوانالصائمين تعب تعبا شديدا، والبقية -ما شاء الله- ما دروا أنهم صائمين، هلكلهم نقول لهم: « ليس من البر الصيام في السفر))



لا، اللي تعب هو اللي نقول له: « ليس من البر الصيام في السفر.



أما هؤلاء فإن صيامهم من البر.



إذن صارت قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قاعدة لها ما يستثناه.) مقتبس من موقع جامع شيخ الاسلام بن تيمية



والله اعلم

أبوسعود المكي
05 Jan 2011, 10:13 AM
بارك الله فيك