المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إسلام لكن على الطريقة الغربية ( تقرير )



ام حفصه
25 Nov 2010, 12:46 PM
أحمد الشجاع -
يقول جيرت فيلدرز زعيم حزب "الحرية" المتطرف الهولندي – في جوابه على سؤال حول الإسلام المعتدل -: "إطلاقاً، لا يوجد إسلام معتدل أصلاً، وأعتقد أن الإسلام أيديولوجية شمولية. فهو فكر أكثر مما هو دين، وأراه يقوم على أساس السيطرة والقمع ولا يمكن مقارنته بالشيوعية والفاشية. فالإسلام بات أكبر تهديد في الوقت الحاضر لأوروبا".
وعلى عكس فيلدرز هناك من الغربيين من يؤمن بوجود "إسلام معتدل". وهذا التصنيف يطرح – في ظاهره - صورة إيجابية عن الإسلام، لكنه يحمل في واقعه صورة سلبية لا تليق بديننا الإسلامي؛ حيث إن طرح مصطلح "إسلام معتدل" داخل المجتمع الغربي سيقابله – في أهان الناس – وجود "إسلام متطرف".. وكأن هناك دينان داخل الإسلام.. مع أن ديننا ليس فيه تطرف وغلو قط.
ومع أن المقصود بهذا التصنيف في الغالب هم المسلمون باعتبار تدينهم، لكن الذي سيرتبط بذهن الغربي هو الإسلام كدين بغض النظر عن أتباعه.
وهناك جانب سلبي آخر لمصطلح "الإسلام المعتدل" ألا وهي معايير الاعتدال عند الغرب.. هل تتوافق مع المعايير والضوابط التي وضعها ديننا الإسلامي؟، أم أنها تنطلق من ثقافة الغرب وقناعاته وتعاملاته التاريخية المتراكمة مع العالم الإسلامي؟.
الجواب هو أن الثقافة الغربية هي التي تحدد معايير "الإسلام المعتدل" الذي يريده الغرب وفق ملّتهم لا الذي نؤمن به نحن المسلمين.
وفي السطور التالية نظرة سريعة حول رؤية الغرب لمفهوم "الإسلام المعتدل"، من خلال ما طرحته بعض الدراسات الغربية عن الإسلام الذي يريده الغرب.
وصفة أمريكية لبناء شبكة "إسلاميين معتدلين"
تحت هذا العنوان يقول خليل العناني - في موقع (تقرير واشنطن) الأمريكي - لا يزال الغرب مسكوناً بهاجس التطرف الإسلامي، ولا تزال الكثير من مؤسسات ومراكز الأبحاث الأمريكية تقوم بالعديد من الدراسات والأبحاث حول كيفية تقويض والحد من المد الأصولي الذي تراها عنصراً رئيسياً في تهديد المصالح الغربية حول العالم.
ويعتقد البعض أن أحد الأدوات الرئيسية لمواجهة هذا المد المتصاعد تكمن في تقوية ما أطلق عليه تيارات "الإسلام المعتدل" باعتبارها حائط الدفاع الأول في مواجهة انتشار التطرف والتشدد في العالم الإسلامي.
ونقل عن دراسة أعدتها شارلي بينارد - الباحثة بمؤسسة (راند) للدراسات ونُشرت عام 2004م- تصنفيها "الإسلام السياسي" إلى أشكال متعددة، كان أهمها "الإسلام المعتدل".
وفي عام 2007م أصدرت مؤسسة (راند) دراسة شاملة حول "بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي" شارك فيها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلي بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل.
وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الصراع مع العالم الإسلامي هو بالأساس "صراع أفكار"، وأن التحدي الرئيسي الذي يواجه الغرب يكمن فيما إذا كان العالم الإسلامي سوف يقف في مواجهة المد الجهادي الأصولي، أم أنه سيقع ضحية للعنف وعدم التسامح.
وقد قامت هذه الفرضية الغربية على عاملين أساسيين: "أولهما أنه على الرغم من ضآلة حجم الإسلاميين الراديكاليين في العالم الإسلامي، إلا أنهم الأكثر نفوذاً وتأثيراً ووصولاً لكل بقعة يسكنها الإسلام سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية. وثانيهما ضعف التيارات الإسلامية المعتدلة والليبرالية والتي لا يوجد لديها شبكات واسعة حول العالم كتلك التي يملكها الأصوليون".
وانطلاقاً من هذه الفرضية فإن الخيط الرئيسي في الدراسة يصب في "ضرورة قيام الولايات المتحدة بتوفير المساندة للإسلاميين المعتدلين من خلال بناء شبكات واسعة وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لبناء حائط صد في مواجهة الشبكات الأصولية".
وفي هذا الإطار – يقول العناني - تضع الدراسة ما تطلق عليه "خارطة طريق" يمكن للولايات المتحدة السير عليها من أجل خلق أجيال من الإسلاميين المعتدلين يمكن من خلالهم مواجهة التيارات الأصولية. وتوصي الدراسة بإمكانية الاستفادة في بناء هذه الشبكات من تجربة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق طيلة النصف الأخير من القرن الماضي.
وقالت الدراسة إن صناع السياسة في أمريكا يواجهون ثلاثة تحديات رئيسية تختلف كلياً عما كان عليه الحال إبان الحرب الباردة. أولها، يتعلق بصعوبة الاختيار بين إستراتيجيتي الدفاع أم الهجوم، فالبعض فضل اللجوء للإستراتيجية الهجومية من أجل خلخلة النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، من خلال خلق شبكات داخلية لمهاجمة كافة الحكومات الشيوعية. في حين اعتقد البعض الأخر ضرورة اللجوء للإستراتيجية الدفاعية من خلال اعتماد إستراتيجية "الاحتواء" من خلال دعم الحكومات الديمقراطية في أوروبا الغربية وآسيا وأمريكا اللاتينية.
التحدي الثاني يتمثل في كيفية حفاظ الحلفاء المحليين علي مصداقيتهم أمام شعوبهم بسبب ارتباطهم بالولايات المتحدة، ولذا فقد حاولوا وضع مسافة واضحة بين أنشطتهم وعلاقتهم بواشنطن.
أما التحدي الثالث فيتمثل في شكل وبنية التحالف الذي يمكن بناؤه في مواجهة الشيوعية، وهل يتم من خلال العلاقة مع الاشتراكيين السابقين الذي تحولوا ضد الشيوعية، ولكنهم أيضا ينتقدون السياسة الخارجية الأمريكية، أم البحث عن شركاء آخرين؟ وفي النهاية لجأت الولايات المتحدة إلي بناء تحالف كبير يضم جميع من ينتقد الأيديولوجية الشيوعية، لذا تم تأسيس ما يطلق عليه "كونجرس الحرية الثقافية".
وتشير الدراسة إلى أن أهم الشركاء "المحتملين" في مواجهة من وصفته "الإسلام الراديكالي" هم المسلمون الليبراليون والعلمانيون الذين يؤمنون بقيم الليبرالية الغربية وأسلوب الحياة في المجتمعات الغربية الحديثة. "والذين يمكن من خلالهم محاربة الأيديولوجية الإسلامية المتشددة والراديكالية، ويمكن أن يكون لهم دور مؤثر في حرب الأفكار". إذاً هذه بعض صفات المسلمين المعتدلين حسب الرؤية الغربية "ليبراليون وعلمانيون"، ومعروف أن كلتا الصفتين جزء من الثقافة الغربية.
بيد أن الدراسة تؤكد علي أنه لابد من توفير كافة مصادر التمويل التي تمكن هؤلاء المعتدلين من نشر أفكارهم وحصد مؤيدين وأنصار لهم داخل المجتمعات الإسلامية، وتوفير الدعم السياسي من خلال الضغط على الحكومات السلطوية للسماح لهم بالتحرك بحرية ودون قيود.
ومن وسائل الدعم أيضاً توسع "برامج مكافحة الإرهاب لتشمل ليس فقط محاكمة ومقاضاة المتورطين في الأنشطة الإرهابية، وإنما أيضاً التعاطي مع المصادر الحقيقية والبعيدة للإرهاب، ممثلة في إعادة هيكلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان التي تمثل مصدراً رئيسياً لظهور الإرهابيين"، وذلك علي حد وصف الدراسة. وهو ما ترجم عملياً في وثيقة (إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي) التي أصدرتها الإدارة الأمريكية في سبتمبر عام 2002، والتي تبنت فكرة نشر الديمقراطية والحرية خارج الحدود الأمريكية، أو ما أطلق عليها الرئيس بوش في خطابه الشهير أوائل عام 2002 "أجندة الحرية".
مواصفات "الإسلام المعتدل"
تشير الدراسة إلى أن نقطة البدء الرئيسية التي يجب علي الولايات المتحدة البدء بها في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين تكمن في تعريف وتحديد هوية هؤلاء الإسلاميين. وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلى أنه يمكن التغلب علي صعوبة تحديد ماهية هؤلاء المعتدلين من خلال اللجوء إلي التصنيفات التي وضعتها بعض الدراسات السابقة التي قام بها بعض باحثي معهد (راند) مثل دارسة شارلي بينارد "الإسلام المدني الديمقراطي"، ودراسة أنجل رابسا "العالم الإسلامي بعد أحداث 11 سبتمبر".
ولهذا الغرض فقد وضعت الدراسة بعض الملامح الرئيسية التي يمكن من خلالها تحديد ماهية "الإسلاميين المعتدلين"، حسب المعايير الغربية، أهمها ما يلي:
1- القبول بالديمقراطية: يعتبر قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً علي التعرف على "الإسلاميين المعتدلين"، فبعض الإسلاميين يقبل بالنسخة الغربية للديمقراطية، في حين أن البعض الأخر يقبل منها ما يتواءم مع المبادئ الإسلامية خصوصاً مبدأ "الشورى" ويرونه مرادفاً للديمقراطية.
كما أن الإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية التي يتحكم فيها رجال الدين، لذا يؤمن "الإسلاميون المعتدلون" بأن لا أحد يملك الحديث نيابة عن "الله".
2- القبول بالمصادر غير "المتعصبة" في تشريع القوانين: وهنا تشير الدراسة إلي أن أحد الفروق الرئيسية بين الإسلاميين "الراديكاليين" و"المعتدلين" هو الموقف من مسألة تطبيق الشريعة. فالتفسيرات التقليدية للشريعة لا تتناسب مع مبادئ الديمقراطية، ولا تحترم حقوق الإنسان، وتدلل الدراسة على ذلك من خلال مقال للكاتب السوداني عبد الله بن نعيم قال فيه إن الرجال والنساء والمؤمنين وغير المؤمنين لا يمتلكون حقوقاً متساوية في الشريعة الإسلامية.
3- "احترام حقوق النساء والأقليات الدينية": وفي هذا الصدد تشير الدراسة إلى أن "المعتدلين" أكثر قبولاً بالنساء والأقليات المختلفة دينياً، ويرون بأن الأوضاع التمييزية للنساء والأقليات في القرآن يجب إعادة النظر فيها؛ نظراً لاختلاف الظروف الراهنة عن تلك التي كانت موجودة إبان العصري النبوي الشريف. وهم يدافعون عن حق النساء والأقليات في الحصول علي كافة المزايا والحقوق في المجتمع.
4- "نبذ الإرهاب والعنف غير المشروع": وهنا تؤكد الدراسة على أن "الإسلاميين المعتدلين" يؤمنون، كما هو الحال في معظم الأديان، بفكرة "الحرب العادلة"، ولكن يجب تحديد الموقف من استخدام العنف، ومتي يكون مشروعاً أو غير مشروع؟.
وفي نهاية هذا الجزء تضع الدراسة مجموعة من التساؤلات، أشبه بمقياس للفرز بين "الإسلاميين المعتدلين"، وأولئك الذين "يتخفون وراء مقولات الاعتدال والديمقراطية كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر"، على حد قول الدراسة.
هذه الأسئلة هي بمثابة اختبار لإثبات مدى اعتدال أي جماعة إسلامية من عدمه وتتمثل فيما يلي:
- هل الجماعة تتساهل مع "العنف" أو تمارسه؟، وإذا لم تكن تتساهل معه فهل مارسته في الماضي؟.
- هل الجماعة تؤيد الديمقراطية باعتبارها "حق" من حقوق الإنسان؟.
- هل تحترم الجماعة كافة القوانين والتشريعات الدولية لحماية حقوق الإنسان؟.
- هل لديها أية استثناءات في احترام حقوق الإنسان (مثل الحرية الدينية علي سبيل المثال)؟.
- هل تؤمن بأن تغيير الديانة أحد "حقوق الإنسان"؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تطبق الدولة قانوناً جنائياً (الحدود) يتطابق مع الشريعة الإسلامية؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تفرض الدولة قانوناً مدنياً متلائما مع الشريعة؟، وهل تؤمن بحق الآخرين في عدم الاحتكام بمثل هذا القانون والرغبة في العيش في كنف قانوني علماني؟.
- هل تؤمن بضرورة أن تحصل الأقليات الدينية على نفس "حقوق" الأغلبية؟.
- هل تؤمن "بحق" الأقليات الدينية في بناء دور العبادة الخاصة بهم في البلدان الإسلامية؟.
- هل تؤمن بأن يقوم النظام القانوني على مبادئ غير دينية؟.
حلفاء محتملون: علمانيون وليبراليون ومتصوفة
وتشير الدراسة إلى أن هناك ثلاثة قطاعات مهمة في العالم الإسلامي قد تمثل "نواة جيدة" لبناء شبكات من "الإسلاميين المعتدلين" من أجل مواجهة "المتطرفين الإسلاميين". وهذه القطاعات هي (العلمانيون والإسلاميون الليبراليون والمعتدلون التقليديون بما فيهم المتصوفة).
في ما يخص العلمانيين تشير الدراسة إلى أن التيار العلماني في العالم الإسلامي، خصوصاً في البلدان العربية، يعاني من الضعف والتهميش؛ نظراً للعلاقة الوثيقة التي نشأت بين العلمانية والنظم الشمولية. وتشير الدراسة إلى وجود ثلاثة أنواع من العلمانيين:
أولها العلمانيون الليبراليون وهم الذين يؤيدون تطبيق القوانين العلمانية في الدول الإسلامية. وهم يؤمنون بالقيم العلمانية الغربية التي تقوم على ما يسمى بـ"الدين المدني".
أما النوع الثاني من العلمانيين فتُطلِق عليه الدراسة اسم "الأتاتوركيين" نسبة إلى العلمانية التركية، التي تحرم أي مظاهر للدين في الحياة العامة كالمدارس أو الأماكن العامة. وهي أقرب ما تكون للنموذج الفرنسي والتونسي، وخير مثال على ذلك موقفهم من قضية الحجاب.
أما النوع الثالث فتطلق عليه الدراسة "العلمانيون السلطويون" وقائمتهم تشمل البعثيين والناصريين والشيوعيين الجدد.
وعلى الرغم من علمانيتهم الظاهرة إلا أن هؤلاء قد يتمسكون ببعض الرموز الدينية من الناحية الشكلية فقط من أجل كسب التعاطف الشعبي.
أما الإسلاميون الليبراليون، فعلى الرغم من أنهم يختلفون مع العلمانيين في أيديولوجيتهم السياسية، إلا أنهم يحملون أجندة فكرية وسياسية تتلاءم تماماً مع القيم الغربية، وهم يأتون من أوساط الإسلاميين التحديثين.
وترى الدراسة أن هؤلاء لديهم نموذج خاص من الليبرالية الإسلامية يتواءم مع الديمقراطية الليبرالية الغربية خصوصاً فيما يتعلق بالديمقراطية وشكل الدولة وحقوق الإنسان والتعددية السياسية.
بل الأكثر من ذلك أن موقفهم من مسألة تطبيق الشريعة "متقدم وبنّاء"، علي حد وصف الدراسة، حيث ينظرون إلى الشريعة باعتبارها منتج تاريخي وأن بعض أحكامها لم يعد يتناسب مع الوضع الراهن..
أما "الإسلاميون التقليديون" والصوفيون، تشير الدراسة إلى أنهم يشكلون الغالبية العظمى من سكان العالم الإسلامي، وهم يعبرون عن الإسلام المحافظ، ويؤكدون على السير على خطى السلف، والتمسك بالجانب الروحي للإسلام. وهم يعتمدون على المذاهب الأربعة في فهمهم للإسلام.
ووفقاً لهذه الدراسة فإن هؤلاء الإسلاميين من ألد أعداء الوهابيين والسلفيين الجهاديين.
هل يمكن دمج الإسلاميين؟
تشير الدراسة إلى الجدل المحتدم في الولايات المتحدة وأوروبا حول الموقف من دمج الإسلاميين في العملية السياسية، والتعامل معهم باعتبارهم شركاء. وتستعرض الدراسة وجهتي نظر مختلفتين حول هذه المسألة.
الأولي تتبنى الدمج وتقوم على ثلاث حجج، أولها أن الإسلاميين يمثلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصاً في العالم العربي.
ثانيها أن العديد من الجماعات الإسلامية تتبنى أجندة ديمقراطية تقوم على احترام التعددية وحقوق الأقليات كما هو الحال مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
ثالثها، أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة على مواجهة "الخطر الراديكالي الذي يمارس العنف والإرهاب"، وهم أقدر على ذلك من رجال الدين التقليديين.
في حين تقوم وجهة النظر الأخرى التي تعارض دمج الإسلاميين ومعاملتهم كشركاء على ثلاث حجج، أولها عدم التأكد من أن خطاب الإسلاميين بشأن موقفهم من الديمقراطية يعبر عن موقف تكتيكي أم استراتيجي. وما إذا كانوا سيقبلون بمبدأ الفصل بين الدين والدولة، وما إذا كانت فكرة الدولة الإسلامية لا تزال تهيمن علي مخيلتهم أم لا؟.
ثانيها، إنه ربما يقوم هؤلاء الإسلاميين، على المدى القصير، بدور فعال في مواجهة الجهاديين، وهو ما قد يفقدهم المصداقية أمام الشعوب، وتكون مواجهتهم مرتفعة الثمن في المدى الطويل.
وثالثها، أن أفضل طريق للتعاطي مع هؤلاء الإسلاميين يكون فقط من خلال تقوية شبكاتهم وجعلهم نداً لغيرهم من الجماعات قبل الحديث عن شراكة وتحالف معهم.
وتخلص الدراسة في هذا الجزء إلى أن خمسة فئات يجب دعمها في العالم الإسلامي وهي، فئة الأكاديميين والمفكرين الليبراليين والعلمانيين، وفئة الشباب من رجال الدين وفئة نشطاء المجتمع المدني، وفئة الناشطين في مجال حقوق المرأة، وفئة الكتاب والصحفيين والإعلاميين.
توصيات الدراسة
في نهاية الدراسة يشير الباحثون إلى مجموعة من التوصيات التي يجب على الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها فيما يلي:
- أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من "الإسلاميين المعتدلين"، وأن يكون ذلك جزءاً من الإستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسي يقوم بهذا الجهد.
- يجب أن تهتم الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة.
- وضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، جمعيات الدفاع المدنية.
- عقد ورش عمل ودورات "للمعتدلين" والليبراليين والاستماع إلى أفكارهم.
- بناء شبكة دولية لربط الليبراليين و"المعتدلين الإسلاميين" حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.
هل تدعم أمريكا "تجديد الإسلام"؟
تحت عنوان (السياسة الخارجية الأمريكية والتجديد الإسلامي) أصدر (معهد السلام الدولي) – في 2006م- دراسة حول دور الولايات المتحدة في وضع إطار يساهم في تحديد طبيعة المناقشات والجدل الدائر الآن داخل المجتمعات الإسلامية بين ما يسمى بالتيارات "السلفية الأصولية"، و"تيار التجديد الإسلامي".
تحاول الدراسة لفت نظر واشنطن إلى أن الحركات الإسلامية المعتدلة في أنحاء العالم، أو ما سمي في البحث "حركة التجديد الإسلامي" تمثل تياراً كبيراً مقبولاً في المجتمعات الإسلامية. وتتمثل أهمية هذه الحركة بالنسبة للولايات المتحدة في امتلاكها عناصر القدرة على دفع عملية "الإصلاح والتطور"، إضافة إلى محو وكشف "التطرف الديني الذي ساعد على انتشار الكراهية والمشاعر السلبية داخل البلدان الإسلامية تجاه الثقافة الغربية بمجتمعاتها المختلفة".
وهنا أهم النقاط التي تضمنتها الدراسة – حسب موقع (تقرير واشنطن) - علاوة على التوصيات التي أعدها المؤلف لتحسين مضمون السياسة الأمريكية لمكافحة ما وصفه "التطرف الديني بالعالم الإسلامي".
التعريف الأمريكي لحركة "التجديد الإسلامي"


يتبع---

ام حفصه
25 Nov 2010, 12:50 PM
إذاً السؤال الذي يطرح نفسه هنا يتمحور حول ماهية تلك التيارات المعتدلة التي يتحدث عنها الكاتب وطبيعتها؟. طبقاً للدراسة تتكون حركه "التجديد الإسلامي" من الأفراد والمؤسسات التي تهدف إلى استعاده التراث الإسلامي من العلماء التقليديين التابعين للحكومات والأنظمة السياسة بالدول الإسلامية، وما أسمته الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تقتصر أهدافها على "رفع راية التعصب والعنف، والحركات الأصولية التي تحاول استغلال العملية الديمقراطية لإنشاء نظام سياسي غير حر مبني على مفاهيم ضيقة الأفق تحت شعار الإسلام وتطبيق شريعته فقط".

ورغم أن معظم الأفراد والمؤسسات المنسوبين إلى حركة التجديد لا تجمع بينهم أي رابطة تشمل من قريب أو بعيد بصلات رسمية مباشرة، إلا أننا نلاحظ – كما تقول الدراسة - تجمع جهودهم تحت حزمة أهداف واحدة، ومن أهمها تحديث المبادئ والقيم والمؤسسات الإسلامية لتتلاءم مع العالم الحديث، مع الاعتراف في الوقت نفسه بأهمية الإسلام كمرجع ثقافي ضروري. ولذا تحمل حركة التجديد الإسلامي أمل الإصلاح السياسي من خلال رؤية تحديثية إسلامية متسامحة ومتماشية مع تحديات العصر والتراث التاريخي الحي. وتحث الدراسة الولايات المتحدة على ألا تتجاهل في سياسيتها تجاه العالم الإسلامي هذا العنصر المهم المتمثل في الجماعات والاتجاهات الإسلامية "الإصلاحية المعتدلة"، حيث أن تحقيق أهداف السياسة الأمريكية يتمثل في ضرورة نجاح حركة التجديد الإسلامي ونصرها في المعركة ضد "التطرف والتعصب الديني والخمول السياسي".

التجديد الإسلامي وفرصة "قيّمة" للسياسة الأمريكية

تقول الدراسة إن حركة "التجديد الإسلامي" تحمل فرصة ذهبية لتحسين سمعة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي ووضعها في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن دعم "الإصلاح" ومواجهة الفكر "المتطرف" عن طريق التعاون مع حركة "التجديد الإسلامي" يعطي جهود دعم الإصلاح التي تبذلها الولايات المتحدة مصداقية كبيرة. وتمثل هذه الخطة بديلاً مثالياً للخيارات الأخرى مثل سياسات تغيير الأنظمة، والتعاون الأمني مع الحكومات الاستبدادية، أو دعم الديمقراطية من خلال مفاهيم غربية علمانية غريبة على الثقافة السياسية بالعالم الإسلامي.

ويضيف كاتب الدراسة أنه لا شك في أن الترابط بين الإسلام والسياسة أمر واقع، يجب أن تتقبله الولايات المتحدة عاجلاً أو آجلاً. ولكن التساؤل يبقى، أي رؤية إسلامية ستنتصر في الصراع الجاري بين "التطرف والتحديث"، "رؤية التشدد والتعصب الديني أم رؤية التسامح والمساواة والتطور"؟، هذا صراع يمكن أن يحسم لصالح الرؤية الأخيرة إن ساندت السياسة الأمريكية مؤيدي التجديد الإسلامي.

توصيات لصناع القرار الأمريكي

وفي ضوء ما سبق، طرحت دراسة معهد السلام الدولي عدة توصيات لترميم السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي ومواجهة ما وصفته بخطر "التطرف الديني"، وتتمثل أهم نقاطها في:

1- إنشاء منظمة مستقلة تحت اسم (المؤسسة الإسلامية العالمية) لتعزيز السلام والتنمية والرخاء والانفتاح بالمجتمعات والدول الإسلامية.

2- توفير منح خاصة للجماعات الأمريكية لدعم البحوث والدراسات التي تبرز الأعمال والأفكار "الإسلامية التحديثية".

3- مشاركة الأحزاب الإسلامية على أساس معياري، وتركيز الحوار على القضايا السياسية المهمة مثل حرية الرأي والتعبير، حقوق المرأة والأقليات بدلاً من الانشغال الزائد بمسألة الانتخابات الحرة.

4- التأكيد على ضرورة الإصلاحات المعنية بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والدينية المهمة.

5- إعادة صياغة هيكل وجهود برامج كل من الدبلوماسية العامة ودعم الديمقراطية والمعونات لتحسين وضع حركة الإصلاح والتجديد الإسلامي.

6- النظر في دعم المؤسسات الخيرية ذات الهوية الدينية التي من الممكن أن تساعد على تقوية "الاعتدال الديني" بالعالم الإسلامي.

دراسة أمريكية: "الإسلام المعتدل" هو الحل الوحيد

وقريب من الطرح الذي جاءت به دراسة (راند) السابق ذكرها أصدر (معهد أمريكان إنتربرايز) الأمريكي المتطرف دراسة تحت عنوان (محاولة للبحث عن الإسلاميين المعتدلين) نُشرت في مجلة (كومنتري) الأمريكية في فبراير 2008م، وقد نشر موقع (تقرير واشنطن) ملخصاً لها:

ما هو الإسلام المعتدل وأين نجده؟

تشير كلمة "معتدل" إلى كمية أو درجة أقل من الشيء. فعلى سبيل المثال فإن اليساري المعتدل، ليس بعيد جداً عن اليسار. فهل "المسلم المعتدل" ليس مسلماً تقياً ورعاً؟.

أخذْ الأمر على هذا النحو يعني الإقرار بأن الإسلام يتناقض مع الغرب. وأن القضية هي الكراهية الشديدة. وبذلك يمكن أن نقبل ضمناً أن الإرهاب هو نتيجة طبيعية للولاء التام للعقائد الإسلامية وهو القياس الذي من المفترض أن نرفضه حسبما أشارت الدراسة.

وتحاول الدراسة النفاذ إلى فكرة "الإسلام المعتدل" عبر طرح قناعات جديدة لتثبيت المعايير الغربية لـ"الإسلام المعتدل" التي لا تختلف في الأصل عن المعايير التي وضعتها دراسة (راند)؛ كون هذه المعايير تنبع من مصدر فكري غربي واحد. حيث تقول الدراسة: "إذا كانت معركتنا ضد الإرهاب تقوم على أن المسلمين يجب أن يصبحوا أقل إيماناً وتقوى، فإن فرص النجاح ستكون ضئيلة وسيئة. ما نريده لا يتعلق بحماس المسلمين لقناعاتهم الدينية وإنما يتركز على أرضية قبول أو رفض التعددية".

وفي إطار الإجابة على تساؤل "أين نجد الإسلام المعتدل؟" أشارت الدراسة إلى أربعة مجموعات من المسلمين المعتدلين:

المجموعة الأولى:- تشمل المواطنين العاديين في البلدان الإسلامية الذين يمارسون شعائر دينهم دون أن تتمركز السياسة في حياتهم. ولا يشاركون في أعمال العنف، وفي الغالب لا يدعمونها.

المجموعة الثانية:- "المعتدلون" وتشمل الأنظمة، حيث يتضمن "الاعتدال" التحالف مع الغرب.

المجموعة الثالثة:- تضم ليبراليين علمانيين يتعاطفون مع القيم السياسية والثقافية للغرب..

المجموعة الرابعة:- تضم مجموعات متنوعة من الإسلاميين الذين يصفون أنفسهم بأنهم ضد العنف.

وترى الدراسة أنه على الرغم من أهمية المجموعتين الأولى والثانية فإنهما لا تلعبان دوراً مهماً في محاربة "الإرهاب". وربما يوجد بين المجموعتين الثالثة والرابعة مصادر قوة جديدة في هذه الحرب حيث يُعتبر الليبراليون العلمانيون المجموعة ذات الصلة الأكبر بالديمقراطية والقيم الغربية. وتضيف الدراسة أنه لسوء الحظ، لا تحظى وجهات نظرهم بالولاء، خصوصاً عندما تقف ضد قوة الحركات الإسلامية الصاعدة والمتزايدة بقوة. ويتضح ذلك في مصر وفي السلطة الوطنية الفلسطينية (خسارة فتح في انتخابات 2006م لصالح حماس).

دعوة أمريكية لدمج الإسلاميين

وفي عام 2007م أصدر (معهد السلام الأمريكي) دراسة حول "الإسلام المعتدل".

عنوان الدراسة (دمج الإسلاميين وتعزيز الديمقراطية. تقييم أولي). وهي عبارة عن محاولة أولية لتقييم الجهود الأمريكية المبذولة في إطار تعزيز ودعم الديمقراطية في البلدان العربية.

وهنا تقرر الدراسة ابتداءً أن معركة الولايات المتحدة مع تيارات العنف والتطرف لابد وأن تتم من خلال دعم وتقوية عمليات التحول الديمقراطي في العالم العربي، حتى وإن أدى ذلك إلى صعود الإسلاميين "المعتدلين"، بل تؤكد الدراسة على ضرورة دعم هؤلاء الإسلاميين باعتبارهم حائط الدفاع الأول في مواجهة المتطرفين والمتشددين. لذلك تطالب الدراسة بضرورة استمرار الولايات المتحدة في دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، وتعزيز دمج الإسلاميين في الحياة السياسية العربية. وهي بذلك تخالف الرؤية التي جاءت في دراسة مؤسسة (راند) التي تعارض فكرة دمج الإسلاميين في العمل السياسي.

ومن النظرية إلى التطبيق تتناول الدارسة ثلاث حالات عربية، ترى أن دعم الولايات المتحدة لتجاربها الديمقراطية سوف يكون له مردود كبير في المستقبل، وهى حالات المغرب والأردن واليمن، وهي "تمثل حالات واعدة يمكن للولايات المتحدة البناء عليها لكسب "معركة الأفكار" في العالم العربي".

أمريكا وحتمية دمج الإسلاميين

تخلص الدراسة إلى عدة نتائج، تتمثل في ضرورة إصرار الولايات المتحدة على دمج الإسلاميين في المعادلة السياسية، وفي هذا الإطار تحدد الدارسة النقاط التالية كاستخلاصات عامة:

- تزداد فرص دمج الإسلاميين كلما زادت درجة التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي، حيث يكون المناخ مفتوحاً أمام جميع القوي السياسية من مختلف التوجهات الإيديولوجية للمشاركة والتدافع السلمي.

- أنه في كل مرة تدعم الولايات المتحدة التحول الديمقراطية تزداد الشراكة بين داعمي الديمقراطية من مؤسسات ومنظمات أمريكية والفصيل الإسلامي في البلدان العربية، ما يعني ضرورة دعم الديمقراطية بشكل متواصل.

- تمثل الأحزاب الإسلامية "المعتدلة" عنصراً حاسماً في الإستراتيجية الأمريكية لنشر الديمقراطية في العالم العربي؛ نظراً لما تمتلكه هذه الأحزاب من حضور شعبي قوي، وبرامج سياسية واضحة ومؤثرة.

- إن أية إستراتيجية أمريكية لدمج الإسلاميين لابد وأن تراعي السياق السياسي والاجتماعي، ومعرفة دور الدين في حياة المجتمعات والشعوب.

ثم تختتم الدراسة بوضع توصيات لصانع القرار الأمريكي، تتمثل فيما يلي:

- ضرورة توفير أدوات بحثية واستقصائية لقياس درجة تطور الإسلاميين ومقدار تحولهم نحو "الاعتدال"، والتعرف على توجهاتهم الفكرية والسياسية.

- ضرورة دعم العمل المؤسسي والقانوني الذي يوفر بيئة "جيدة" لدمج الإسلاميين في الحياة السياسية.

- ضرورة مد مجالات دمج الإسلاميين كي تشمل الجوانب الاجتماعية ودعم شبكة العمل الخيري في النقابات والجمعيات الأهلية.

نكتفي بهذا القدر من الدراسات الأمريكية، ونستعرض فيما يلي بعض التحليلات والآراء حول الإسلام الذي تريده أمريكا والغرب.

الإسلام الليبرالي: لماذا تريده أمريكا الآن؟

يرى الكاتب محمد إبراهيم مبروك – من وكالة الأخبار الإسلامية – أنه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي وتأهب أمريكا للسيطرة الكاملة على العالم رأى منظروها أن العقبة الأساسية التي تعترض هذه الخطة هي الإسلام؛ لأنه يملك الأيديولوجية الوحيدة التي تستطيع أن تتصدى للمنظومة الرأسمالية الليبرالية البراجماتية التي تقود أمريكا.

حيث يقولون إن مشكلة أمريكا هي مع الإسلام نفسه وليست فقط مع الجماعات المنطلقة منه أو على حد قول هنتنجتون في كتابه (صدام الحضارات): "أن المشكلة لا تتعلق فقط بالإسلاميين الأصوليين وإنما بالإسلام نفسه".

ويحدد فوكوياما هذه المشكلة في تصادم الإسلام مع مبدأ العلمانية الذي تحتم فرضه السيطرة العالمية للنظام الرأسمالي؛ وذلك لتفريغ المجتمعات من القيم الخاصة بها وهو الأمر الذي يتطلبه هذا النظام لتصبح قيم السوق النفعية هي القيم الوحيدة الحاكمة.

ويقول الكاتب: ومن ثم تمثل الحل الأمريكي إما في القوة العسكرية وإما في تأويل الإسلام بالطريقة التي تفرغه من مضمونه الذي يتناقض مع العلمانية، فالعلمانية في فحواها الأخير هي الاقتصار على العقل البشري وخبراته في تصور حقائق الوجود وتصريف شؤون الحياة وهو الأمر الذي يعني التصادم الحتمي مع الإسلام، حيث إن مرجعيته في النصوص المقدسة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن ثم لزم تفريغ الإسلام من قواعده الأساسية ليتوافق مع هذه العلمانية تحت مسمى الإسلام الليبرالي، فالإسلام الليبرالي هو الإسلام المفتوح للتوافق مع كل المفاهيم والقيم الغربية، أي الإسلام المتوافق مع العلمانية والديمقراطية والعلاقات التحررية بين الرجل والمرأة وقواعد حقوق الإنسان الغربية والمصالح الأمريكية النفعية والذي يمكن أن يتوافق مع كل شيء في الوجود إلا مع حقائق الإسلام نفسه.

ولقد كانت الخطوات الأمريكية متقدمة في هذا الموضوع فقد أعلن عالم السياسة الأمريكي ليونارد بياندر نظريته عن الإسلام الليبرالي في كتابة (الليبرالية الإسلامية) عام 1988م: "بغير تيار الليبرالية الإسلامية فإن الليبرالية السياسية لن تنجح في الشرق الأوسط".

ثم جاء عالم السياسة الأمريكي وليم بايكر عام2003 م ليكتب عن الإسلاميين المستقلين الليبراليين تحت عنوان ذي مغزى هو (إسلام بلا خوف).

أما التنظير الأكبر في هذا الموضوع فيتمثل في التقرير الإستراتيجي لشيرلي برنار العامل بلجنة الأمن القومي بمؤسسة راند المعروفة بصلاتها بالمخابرات الأمريكية عن الإسلام المدني الديمقراطي عام 2003م.

ويرد بقوله: ومن السذاجة اعتقاد أن المخططات الأمريكية على قناعة بقدرة هؤلاء على إيجاد بديل للفكر الإسلامي الحقيقي متمثلاً في الإسلام الليبرالي، وإنما المقصود فقط هو صنع الخلخلة اللازمة لنفاذ الفكر العلماني البراجماتي الأمريكي إلى الجماهير ومن ثم فإن شخصيات الإسلام الليبرالي - التي كان يطلق عليها من قبل شخصيات الفكر الإسلامي المستنير - تستخدم من قبل المخططات الأمريكية كخيال يمكن الإشارة إليه على أنه تعدد الآراء في الإسلام ومن ثم إثارة البلبلة والفوضى التي يبنى عليها العلمانيون حجتهم في شرعية فرض أفكارهم برضى جميع الأطراف، وإن كان في الحقيقة ضد جميع الأطراف.

راند والإسلام .. دلائل الفشل الأمريكي

أما الكاتب وليد نور- من مفكرة الإسلام – فقد تحدث عن دراسة (راند) قائلاً إن الدراسة أثارت صخبًا واسعًا بين النخب الإسلامية، وسارع الكثيرون إلى دق ناقوس الخطر مما هو آتٍ من قِبل أمريكا.

وتساءل: هل تستحق تلك الدراسة كل هذه الضجة؟، أم أنها ليست سوى دليل آخر من دلائل الفشل الأمريكي في الحرب مع الإسلام.

ويخلص الكاتب إلى أن هدف الدراسة هو ما أخبرنا به الله ـ عز وجل ـ في كتابه الكريم حيث قال: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}.

إلى أن قال: هكذا لم يجد تقرير (راند) بُدًّاً من أنْ يكشف عن حقيقته، ويعلنها صراحةً أنّ الصراع مع العالم الإسلامي هو بالأساس "صراع أفكار".. هكذا سار تقرير مركز (راند) كاشفًاً عن أهدافه ومراميه، وإن كان البعض يذهب إلى التضخيم من الخطر الذي يحمله التقرير من توصيات؛ إلا أننا نُدركُ أنّ هذا الدين منصور بوعد الله ـ عز وجل ـ يقول تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.

الخلاصة



مما سبق ذكره وغيره كثير هو أن الغرب يدرك أن مواجهة الإسلام بشكل مباشر لا يكفي ولن ينجح؛ ولذلك سلك طرقاً أخرى لن يتوقف العمل عليها، بدأً بالتغلغل والغزو الفكري والثقافي، مروراً بمحاولات إيجاد صيغ أخرى أو نسخ أخرى لدين إسلامي يرضونه ولو في الظاهر.

ووضعوا لهذا الأمر معايير منهجية غربية أشبه بوحدات قياس أو وزن يحددون بموجبها من هو المسلم المقبول ومن هو مرفوض.

ويساعدهم على بل ويشجعهم هو وجود بعض المسلمين (وكذلك بعض الإسلاميين) من يتقبل هذه الأطروحات الغربية، ويبني على أساسها رؤيته الفكرية لأنشطته المختلفة.

ولا شك أن هذا التوجه سيقود إلى مزيد من الانشقاق والانقسام والصراع داخل المجتمعات الإسلامية نتيجة وجود مناهج جديدة وغريبة لا تتفق مع النهج الإسلامي.

وهذا بحد ذاته سيحقق للغرب مدخلاً آخر للغرب لبسط هيمنته على العالم الإسلامي.

ومقاومة ذلك تكون بالالتزام بالمنهج الإسلامي الصحيح كمعيار وحيد لمعرفة الحق من الباطل والغلو من الاعتدال.

................................

المصادر

- (وصفة أمريكية جديدة لبناء شبكات الإسلاميين "المعتدلين") – خليل العناني - تقرير واشنطن - العدد (103) 7 أبريل 2007م.

- (هل تدعم أمريكا تجديد الإسلام؟) - هشام سلام- - تقرير واشنطن - العدد (67) 15 يوليو 2006م.

- (دعوة أمريكية جديدة لدمج الإسلاميين) - خليل العناني - تقرير واشنطن- العدد (127) 22 سبتمبر 2007م.

- (الإسلام الليبرالي: لماذا تريده أمريكا الآن؟) - محمد إبراهيم مبروك- وكالة الأخبار الإسلامية.

- (راند والإسلام .. دلائل الفشل الأمريكي) - وليد نور- مفكرة الإسلام.


منقول ----

أبوسعود المكي
25 Nov 2010, 09:58 PM
تم نقله للقسم العام.

جزاكم الله خيرا.

مرسى الإيمان
25 Nov 2010, 09:58 PM
بارك الله فيكي اختي على الطرح

جعلها الله في ميزان حسناتك

احترامي

دمعه

أبولؤى
26 Nov 2010, 02:01 AM
بارك الله فيكم