المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الخروج..غفوة ...



أم المحدثين
15 Nov 2010, 09:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة الخروج }..

************************************************** *****
أصبحنا وأصبح الملك لله ..
الحمد الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور..

استيقظت من نومي ونزعت عني الغطاء..
لم استطع الوقوف مباشرة وأحسست بثقل في أركاني..وكأن شيئاً ما سيحصل !!
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ومضيت..
أخذت أرتب غرفتي وأتكلم مع أمي وأخواتي نتضاحك ونتمازح ونشرب الشاي سويةً..
مضى النهار على عجل وكأن الموعد قد اقترب!!
فجأة..
انقطع عنا الكهرباء!!
صرخ كل من في البيت ..انقبض قلبي مرة أخرى
وإذ بنا نسمع صافرة إنذار تخترق الأذان!!

فتحنا النوافذ لنسمع صوت صراخ الأطفال والطائرات من فوقهم وهي تقصف بهم قصفاً عشوائياً

اجتمع كل من في بيتنا في غرفة واحدة ..
تكاد قلوبنا تطير وعقولنا تطيش
وإذ بأبي يقول:
لايبرحن أحدكم مكانه فالمناطق جميعها محاصرة ولا مجال للهروب ..
إلا أنني لم أرضى أن أقف مكتوفة الأيدي وهذه هي أجمل اللحظات التي كنت أنتظرها وهي الخروج في هذا الوقت

فتحت النافذة مرة أخرى وإذ بالنيران قد احرقت العمائر والمدارس والمستشفيات وامتلأت الملاجئ بل هناك من استلقى تحت الشاحنات والسيارت يحتمي من القصف المدمر
وسيارات الاسعاف تجول في الطرقات بصوتها المخيف
أغلقت النافذة بقوة وهدأ الصوت قليلاً فلا وقت أضيعه في المشاهدة وأنا واقفة كالبلهاء أناظر واترقب واتفكر..
حملتني شجاعتي على المضي ولكن بصمت فالوقت متأخر والظلام في أشد ما يكون

استلقيت على سريري واستلقى الجميع كلٌ في مكانه وأخذنا ندعوا ننتظر الفرج من الله ..حتى هدأ الوضع قليلاً..
بدأت أحدث نفسي كثيرا فعقدت العزم على المضي والخروج وكلي أمل في الاستشهاد..
وسآخذ معي كل ما احتاجه في حقيبتي الصغيرة عندما يخلد الجميع إلى النوم..
مضت ساعة ولم يتبقى على الفجر إلا ساعتين أو ثلاث ساعات ..
الكل أخلد إلى النوم..
وثبتُ من مكاني وأنا أمشي بكل حذر وبخطوات خفيفة .. أفرغت حقيبتي الصغيرة التي اعتدت أن أحملها معي في كل مكان وأدخلت فيها كل ما أحتاجه وأخذت معي شيئا لا أنساه هدية أهدتني إياها أختي وصديقتي العزيزة استأنس بها في وحدتي وغربتي.. أغلقت الحقيبة.. حملتها على كتفي وأخذت عباءتي على يدي..وجوالي المرافق لي لكن مالبثت أن ترددت في اخذه حتى أرجعته خوفا من أن أجد اتصالا من أهلي يطلبون مني العودة لكنني فكرت في صديقتي كيف سأودعها فدعوت أن نتقابل على غير ميعاد..


فتحت باب الغرفة وخرجت من غير أن أغلقه حتى لا يستيقظ الجميع
لكنني كنت خائفة من المرور بباب والداي..
في ذات الوقت سمعت تهامساً خفيفا يصدر من غرفة أخوتي الثلاثة ..فقد كانت غرفتهم في الجهة المقابلة من غرفة والداي
اقتربت من غرفة أخوتي أحاول أن استرق السمع ..لم يحالفني الحظ بسماع أي كلمة ..


رجعت إلى الخلف وإذ بي اصطدم بأبي من خلفي!!
دق قلبي وكادت روحي تطير..
فقال: إلى أين بعدما رأى حقيبتي على كتفي وعباءتي في يدي الأخرى
أخبرته بحقيقة الأمر وبكل شجاعة وكنت أحاول إقناعه إلا أني وجدت صفعة أوقعتني أرضا
وقتها دبَّ صوتٌ من غرفة أخوتي..وفُتِح باب الغرفة حتى خرجوا ثلاثتهم فماذا رأيت؟؟؟!!!
رأيتهم مجندين حاملين أسلحتهم عازمين على المضي مثلي بلا رجعة فالجهاد واجب الآن بلا منازع.. لم أكن أعلم أن هناك من يفكر بمثل تفكيري لكنني فرحت جداً لعلهم يصطحبوني معهم ..
تفاجأ أبي مما يرى وكأنه في حلم!!
ثم بكى كالطفل تماما اصطدمت عينيه بعين أخي الأكبر وكأني أرى أن هناك حديثاً يدور بينهم بلغة العيون والدموع
فقد كان يدور برأس أبي ألالاف الذكريات وكيف كأنت فرحته بقدومه كأول مولود له وقال:
(إذا جاء أمر الله فلا يؤخر)
حينها اجهش الجميع في البكاء ورأيت مشهدا هي من اجمل المشاهد في حياتي من عناق وأحضان ودموع بللت اللحى وكأن الوداع فعلا مكتوب في هذه اللحظة
فقلت في نفسي وما مصيري أنا؟؟
مسحت دموعي وقتها وتكلمت بكل جراءة
أبي:
لا تمنعني فرصتي من الذهاب مع إخوتي فهناك من يحتاجني وما جئت لهذه الحياة حتى ألعب الآلاف المرضى يتأوهون الأطباء يموتون واحدا تلو الآخر فدعني أداوي المريض وأعالج الجرحى وأحمل المحتاج فإن مضى من أبنائك ثلاثة فاسمح لي أن أكون رابعتهم
يا ابي:
اسمح لي بأن أنال شرف الشهادة فأنا بحفظ الله ثم في حفظ أخوتي الشجعان فالموت لاحق بنا لاحق بنا ولابد ونحن في هذه الظروف الصعبة فالدرب واحد والموت واحد فدعني أختار طريقة موتي بنفسي فجرحي يزيد ولا يحتمل المزيد

أنهار أبي بالبكاء وكأني ألقيت قوسا في فؤاده وقام بتقبيلي واحتضاني وقتها انفجرت بالبكاء وشعرت أن هذه هي اللحظات الأخيرة التي ارى فيها جدار البيت وأشتم هواءه وطلبت من والدي الدعاء لي
دعى لنا بدموعه الحارة وقال الملتقى الجنة ازددنا بكاء بعد هذه الكلمة الوداعية وقلت في نفسي وداعا أمي واخوتي وإلى الملتقى إن شاء الله
خرجنا على بركة الله وإذ بالسماء كأنه رجوم من شدة القصف الليلي..كساني نوع من الخوف لم أعتده من قبل
ذهبنا اربعتنا الى أقرب مكان نحتمي فيه فالوضع قد هدأ قليلا ذهبت الى قسم النساء فما كان الفاصل بيني وبين اخوتي إلا جدار دخلت عليهم أنا كلي خجل لم أتعود على مكان مليء بالنساء هكذا إلا ان الوضع أجبرني على كذلك وهذا كله بفضل الله فتعرفت عليهم وشعرت من اول لحظة أنهم مثل اخوتي وكأني أعرفهم منذ زمن تمازجت نفسياتنا وارواحنا وكانت اهدافنا واحده وكل من قد قصت على الاخرى قصة خروجها بكينا كثيرا وتألمنا ..سكت قليلا
فالمكان مليء بالنساء منهم المجاهدات ومنهم الضعاف اللاتي لا مأوى لهم كبيرات في السن ليس لهم إلا الله


أذن الفجر..


ووجدنا صعوبة في الوضوء ليس كما كان حالنا في البيوت لكن فعلنا ما استطعنا فعله وصلينا جماعة
وكان أخي الأكبر يطمئن علي بين الفترة والأخرى
فتحت حقيبتي واذا ارى الهدية التي اخذتها معي وانا اقول في نفسي ليت صديقتي معي حينها جاءت امرأة قد تعرفت عليها في الملجأ فرأت هذه الهدية ولاحظت أني اديم النظر عليها فسألتني عنها فقلت لها هذه هدية من صديقتي العزيزة تمنيت لو أنها معنا الأن
ابتسمت وقالت جمع الله بينكما في الدنيا والآخرة
إلا ان هناك شيئا ما لفت نظري حدقت به طويلا داخل هذا الملجأ ثم صرفت بصري وقلت مالذي جرى بي هل أنا في خيال؟؟
فجأة عاد هذا العدوان والقصف..
وانا ارقب جنود الاحتلال من باب الملجأ.. يالضخامتهم وهم يحملون هذه الاسلحة الثقيلة
دعوت لاخوتي الثلاثة ان ينصرهم الله وان يزيل الرعب من صدروهم
بدأ خروج النساء قليلا يحملون الجرحى والقتلى ورأيتهم يداوون ويجبرون ما كسر من عظامهم وأنا مكتوفة الأيدي
رأيت امرأة كبيرة في السن تسحب جريحا الى الملجأ لا تقدر عليه ذهبت مسرعة لمساعدتها حتى ادخلناه الملجأ وانا اول مرة في التاريخ أشتم رائحة المسك تفوح ..يا الله هل أنا في خيال أو حلم!!
فرحت بتطبيب أو ل جريح وكان هذا بالنسبة لي انجاز
بصراحة اشتدت رحى الحرب وأرض القتال امتلأت بقوات الاحتلال لكن أبطالنا كانوا لها وهم أحق بها وأهلها فلقد أذاقوا الأعداء الويلات واحتلوا على عدد بسيط من الدبابات وكبدوهم بعض الخسائر في حين أن هناك مئات الجرحى من المجاهدين بدأت في جهادي فعلا رأيت جنديا امريكا قد ألقى رصاصه على صدر احد المجاهدين توقعت انه قد مات وفارق الحياة لكني كنت انظر أن به رمق والجندي قد ذهب
فكانت هذه فرصتي لكني تراجعت قليلا..
كيف اذهب الى ساحة القتال والقصف مستمر
تجرأت وحملتني شجاعتي فكيف لي ان انال الاستشهاد وأنا قابعة في مكاني
ذهبت وسحبت المجاهد إلا أنه حال بيني وبينه طلقات الطائرات فقد وقعت القذيفه امامي صرخت بأعلى صوتي وعدت الى الملجأ زحفا فوجدته خاليا من النساء إلا امرأة واحده يبدوا عليها التعب من الجهاد والعمل وحقيبتي التي تركتها كانت موجوده ..قلفد اصبت في قدمي اصابة اعاقتني قليلا على المشي..
اخذت حقيبتي بقربي وقلت ها قد اقتربت منيتي فتحت حقيبتي وقلت ليتي استطيع الان التحدث مع صديقتي حتى اودعها الوداع الأبدي ..
جاءت هذه المرأة بصوبي لفت نظرها مالفت نظري انها هي والله (صديقتي)
لم اكن احلم ولم يكن ذلك خيالا انها هي والله
فقالت هي نفس ماقلت وتأكدت من خاتمي الذي اضعه في اصبعي فقد كان اهداء منها ايضا..
عانقتها وعانقتني بحرارة لم اكن اتوقع انها موجوده معنا في الملجأ وكيف جاءت.. تحدثنا قليلا وكل منا حكت للاخرى قصة خروجها
فتحت لها حقيبتي واخرجت الهدية التي اهدتني انها علبه العطر التي لازلت احتفظ بها رغم انها فارغه
بكت وصمتت وفي خاطر وعيناها ألف حديث يؤنسني
خرجت حتى تستنجد بالنساء ليسعقوني فالألم أخذ يتزايد
احسست أنها تأخرت كثيرا فما ان رجعت حتى وجدت أن الملجأ قد قصف ولم يكن موجدا بها احد غيري وحقيبتي التي رافقتني

وقبل موتي أحسست أن النصر قادم وان جنود الاحتلال بدأو بالانسحاب وشممت رائح النصر ورأيت الكتائب قادمة والراية مركوزة

حينها رحلت وأنا مطمئنة....
مطمئنة....
مطمئنة....



كانت هذه غفوة جميلة


همسة~
فاربء بدمعك لا تحزن على سفر
قد حط في جنبات العدن مرساه
فالدمع ليس على الابطال نسبله
ولا على من سرت في المجد رجلاه

أم المحدثين (المجاهده)

WIDTH=5 HEIGHT=5

ام حفصه
16 Nov 2010, 04:47 PM
اعلق ومن انا امام وجمال وروعة ما قراءت لاسجل حرف او كلمه شكر واخرج من الموضوع ---وهل استطيع الخروج وكلمات استقرت بروح عطشى لخروج بطلة قصتنا ولم لا -----حيهلا لمن كتبت ولمن نقل ----
حي على الجهاد انطلاقا من جهاد الكلمه ---

قصة الخروج غفله ستبقى في الذاكره طويلا -------جزيت خيرا اخي الكريم ----

أم المحدثين
28 Nov 2010, 07:00 PM
بارك الله فيك أم حفصة وجزاك الله خيرا
تشرفت بتواجدك هنا
اسعدك المولى

أبوسعود المكي
28 Nov 2010, 07:35 PM
نسأل الله من فضله.

جزيت خيرا.

الدمعة اليتيمة
29 Nov 2010, 10:12 PM
كتب الله اجركم و نفع الله بكم

طيف المدينة
30 Nov 2010, 01:12 AM
جُزيتِ خيراً أختي الفاضلة قصة أكثر من رائـــعة ومؤثرة

لكِ مني شكري وتقييمي ..