المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : احاديث في الأعتكاف وليلة القدر معى شئ قليل من الشرح



الرحال99
07 Sep 2010, 05:53 PM
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:
"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ، وشد المئزر".


رواه البخاري، ومسلم
وفي رواية لمسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
الحديث دليل على أن للعشر الأواخر من رمضان مزيّة على غيرها بمزيد الطاعة والعبادة من صلاة وذكر وتلاوة قرآن.
فقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها نبينا وقدوتنا محمداً صلى الله عليه وسلم بأربع صفات:
الأولى: قولها (أحيا الليل) أي: سهره فأحياه بالطاعة، وأحيا نفسه بسهره فيه، لأن النوم أخو الموت، والمعنى: أحياه بالقيام والتعبد لله رب العالمين، وأما ما ورد من النهي عن قيام الليل كلّه الوارد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، فهو محمول على من دوام عليه جميع ليالي السنة.
الثانية: قولها (وأيقظ أهله) أي: زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن؛ ليشاركنه اغتنام الخير والذكر والعبادة في هذه الأوقات المباركة.
الثالثة: قولها (وجدّ) أي: اجتهد في العبادة زيادة على عبادته في العشرين الأوّلين. وذلك لأن في العشر الأواخر ليلة القدر.
الرابعة: قولها (وشدّ المئزر) أي: جدّ واجتهد في العبادة. وقيل: اعتزل النساء، وهذا أظهر لعطفه على ما قبله.
فتحرص – أخي المسلم – على الاتصاف بهذه الصفات. ولتحافظ على صلاة التهجد مع الإمام، إضافة إلى صلاة التراويح، ليزيد الاجتهاد في هذه العشر على عشريه الأولين. وليحصل إحياء الليل بالصلاة.


اللهم أيقظنا لتدارك بقايا الأعمار، ووفقنا للتزوّد من الخير والاستكثار، واجعلنا ممن قبلت صيامه، وأسعدته بطاعتك فاستعدّ لما أمامه، وغفرت زلـله وإجرامه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد




"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان".


(رواه البخاري، ومسلم)
الحديث دليل على فضل الاعتكاف في المساجد ولاسيما العشر الأواخر من رمضان؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عزّ وجل. وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الطاعة والقربة فهو مندوب لنا.
وقد أجمع العلماء على أن الاعتكاف ليس بواجب. وهو قربة من القرب ونافلة من النوافل، عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأزواجه رضي الله عنهم، ويتأكد في رمضان.
ومن مقاصد الاعتكاف في العشر الأواخر التماس ليلة القدر، وهي ترجي في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين.


اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحقّ في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع. ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:


"من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"


(رواه البخاري، ومسلم)
الحديث دليل على فضل ليلة القدر وقيامها، وهي ليلة عظيمة شرفها الله تعالى، وجعلها خيراً من ألف شهر، في بركتها وبركة العمل الصالح فيها، فهي أفضل من عبادة ألف شهر. وهي عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر. ومن قامها إيماناً واحتساباً غفرت ذنوبه، ونزل في هذا الفضل آيات تتلى، قال تعالى:


}إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{([1] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn1)).
فهي ليلة مباركة كثيرة الخير والبركة لفضلها وعظيم أجر العامل فيها. ومن بركتها أن الله تعالى أنزل القرآن فيها، قال تعالى:
}إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر(4) سلام هي حتى مطلع الفجر{([2] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn2)).
قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: (تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم) أي: يكثر تنـزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة ينـزلون مع تنـزل البركة والرحمة، كما يتنـزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق، تعظيماً له)([3] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn3)).
وقوله (ليلة القدر) بسكون الدال إما من الشرف والمقام، كما يقال: فلان عظيم القدر، فتكون إضافة الليلة إليه من باب إضافة الشيء إلى صفته أي: الليلة الشريفة. وإما من التقدير والتدبير، فتكون إضافتها إليه من باب إضافة الظرف إلى ما يحويه، أي: الليلة التي يكون فيها تقدير ما يجري في تلك السنة، كما قال تعالى: }فيها يفرق كل أمر حكيم{([4] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn4)).
قال قتادة: يفرق فيها أمر السنة([5] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn5))، قال ابن القيم: وهذا هو الصحيح([6] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn6)) أ هـ، والظاهر أنه لا مانع من اعتبار المعنيين، والله أعلم.
وقوله: (إيماناً) أي: إيماناً بالله، وبما أعد الله تعالى من الثواب للقائمين في هذه الليلة العظيمة، ومعنى (احتساباً) أي: للأجر وطلب الثواب.
فهذه ليلة عظيمة اختارها الله تعالى لبدء تنـزيل القرآن، وعلى المسلم أن يعرف قدرها، ويحييها إيماناً وطمعاً في ثواب الله تعالى، لعل الله عز وجل أن يغفر له ما تقدم من ذنبه. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها لئلا يحرم المسلم من خيرها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"([7] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn7)).
وعلى الإنسان أن يكثر من الدعاء في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر. ويدعو بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما قالت يا رسول الله: أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"([8] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn8)).
قال ابن كثير رحمه الله: (ويستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات. وفي شهر رمضان أكثر. وفي العشر الأخير منه. ثم في أوتاره أكثر. والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني")([9] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftn9)).


اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا، وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



[/URL]([1]) سورة الدخان، الآية: 3، 4.
(http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftnref1)([2]) سورة القدر.
([3]) تفسير ابن كثير (8/465).
(http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftnref3)([4]) سورة الدخان، الآية: 4.
([5]) أخرجه الطبري في تفسيره (25/65) والبيهقي في "فضائل الأوقات" ص216، وإسناده صحيح.
(http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftnref5)([6]) شفاء العليل لابن القيم 42.
([7]) سبق تخريجه أول الكتاب.
(http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftnref7)([8]) رواه الترمذي (3513) وابن ماجة (3850)، وأحمد (6/171، 182، 183، 208) والنسائي في عمل اليوم والليلة. ص499، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
([9]) تفسير ابن كثير (8/472).

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول:
"تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" وفي رواية: في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"([1] (http://us.mg1.mail.**********/dc/blank.html?bn=1096.28&.intl=us#_ftnref9))


[رواه البخاري، ومسلم]


* * *
الحديث دليل على أن المسلم مأمور بتحري ليلة القدر في العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم. وذلك بالقيام وإحياء الليل في طاعة الله تعالى.
ومعنى: (يجاور) أي: يعتكف في المسجد. ومعنى (تحروا) أي: اطلبوا، قال في النهاية: (أي: تعمدوا طلبها فيها. والتحري: القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول)([2] (http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftn2)) أهـ.
وقد دلت الأحاديث الثابتة على أن العبد يتحرى ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر. فإن ضعف أو عجز عن طلبها في الأوتار، فلا تفوته ليلة القدر في أوتار السبع البواقي ليلة خمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وأٌقربها ليلة سبع وعشرين؛ لحديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال: والله إني لأعلم أي ليلة هي؟ هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين([3] (http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftn3)).
ولا تختص ليلة القدر بليلة معينة في جميع الأعوام، بل تنتقل فتكون في عام ليلة سبع وعشرين – مثلاً – وفي آخر ليلة خمس وعشرين تبعاً لمشيئة الله تعالى وحكمته، والأحاديث تفيد ذلك([4] (http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftn4)). وقد روى عن أبي قلابة – رحمه الله – أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر في وتر([5] (http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftn5)) والله أعلم.


اللهم اجعلنا ممن صام الشهر، وأدرك ليلة القدر وفاز بالثواب الجزيل والأجر، واجعلنا من السابقين إلى الخيرات، والآمنين في الغرفات، وارزقنا شكر نعمتك وحسن عبادتك، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد



([1]) أخرجه البخاري (4/259)، مسلم (1169).
(http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftnref1)([2]) النهاية لابن الأثير (1/376).
([3]) رواه مسلم (762).
(http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftnref3)([4]) انظر: المفهم للقرطبي (3/251) فتح الباري (4/265)، رسالة العراقي: (شرح الصدر بذكر ليلة القدر ص48).
[URL="http://mail.google.com/mail/?ui=2&view=js&name=js&ver=vuagRBgWwto&am=R_E4pcQ3cAEccIQ5#_ftnref5"]([5]) أخرجه عبد الرازق (4/252)، وابن أبي شيبة (3/76) وأخرجه الترمذي (3/159) عن عبد بن حميد عن عبد الرازق.

أبوسعود المكي
08 Sep 2010, 06:23 PM
ماشاء الله تبارك الله

نقل موفق.
نفع الله بك.

الرحال99
10 Sep 2010, 02:37 PM
شكراً على المرور