أبولؤى
11 Aug 2010, 08:27 AM
برنامج الأخت المسلمة في رمضان
http://www.islamway.com/images/banners/brnameg_2.gif مقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده و نستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمد عبده ورسوله، وبعد:
أخية، قد أقبل عليك شهر عظيم شأنه، واسع فضله، يزخر بصيب الغنائم وخيرات عظائم، فليله محراب العباد، ونهاره زاد للعباد، وأيّامه جسر النجاة يوم المعاد، وشهر ذاك وصفه، وذاك فضله حقيق عليك أن تستعدي لاستثماره، وتتهيئي لقطف ثماره، في ليله ونهاره.
بشري العوالم أنت يا رمضان *** هتفت بك الأرجاء والأكوان
لك في السماء كواكب وضاءة *** ولك في النفوس المؤمنات مكان
فماذا أعددت لشهر رمضان؟
نبذة في فضائل الصيام:
أخية، لعلك قد أطلعت في غير ما كتاب، أو سمعت في غير ما شريط عن فضائل الصيام الكثيرة، وغنائمه الكبيرة، ولعل العلم بتلك الفضائل هو الخطوة الأم التي تحفز النفس وتبعثها على نيل خيرات رمضان العظيمة.
ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمة جامعة فضائل الصيام، وجعلها تحفيزاً وتحريضاً للمؤمنين والمؤمنات علي استثمار هذا الشهر في الخير، وقضائه في الفضل والإحسان. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به» [رواه مسلم] بطوله. فهذا الحديث فيه دلالة علي أنّ الصائم المخلص في صيامه بإيمان وإحسان، يجزي علي الصيام جزاء بغير حساب.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني في الترغيب].
أضيف أنت حل علي الأنام *** وأقسم أن يحيا بالصيام
قطعت الدهر جوابا وفيا *** يعود مزاره في كل عام
تخيم لا يحد حماك ركن*** فكل الأرض مهد الخيام
نسخت شعائر الضيفان لما *** قنعت من الضيافة بالمقام
أختي المسلمة: تذكري أنّ شهر رمضان يتميز عن باقي الشهور بأمرين:
الأول: أنّه شهر فرض فيه الصيام.
الثاني: أنّه شهر استحب الله فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها وأنواعها وجعل الثواب عليها مضاعفاً.
ومن هنا فإنّ قضاء شهر رمضان وفق هذين الأمرين يقتضي منك أخية:
أولا: الحرص على تمام صحة الصيام بمراعاة شروطه وواجباته ومستحباته، وباجتناب مضاره وقوادحه ومفسداته.
ثانيا: الحرص علي الفضائل والقربات في نهار رمضان وليله لاسيما ما ثبت في السنة الحرص عليه، وما كان عليه السلف الصالح من حال في رمضان.
وهذان المقتضيان يستلزمان إطلاع المسلمة على أحكام الصيام وآدابه وسننه. وتعلم ذلك كله بالسؤال والمطالعة وسماع الدروس المفيدة وحضور حلقات العلم التي تخص هذا الشأن وكل ما من شأنه أن يكون وسيلة لتعلم تلك الأحكام.
وإليك أخية اقتراحاً يمثل ( برنامج ) قد ينفع المسلمة في قضاء يومها في رمضان.
برنامج الأخت المسلمة في رمضان:
أولا: برنامج ليلة رمضان:
وليلة رمضان تبدأ من ظهور هلال رمضان بعد غروب شمس ذلك اليوم، ويشرع في تلك الليلة القيام والسحر وغيرها من العبادات الثابتة بالدليل.
وبرنامج الأخت المسلمة في ليالي رمضان يختلف بإختلاف تلك الليالي ذاتها. فالليالي العشر في رمضان أكثر فضلاً وادعي للحرص على العبادة فيها.
وعموما فإنّ برنامج ليلة رمضان كالتالي:
1-القيام:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه مسلم].
فالحديث: دليل على فضل قيام رمضان، وأنّه من أسباب مغفرة الذنوب. ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان. والمغفرة مشروطة بقوله «إيمانا وإحتسابا»
ومعنى إيمانا :أي أنّه حال قيامه مؤمناً بالله تعالى، وبرسوله صلى الله عليه وسلم ومصدقاً بوعد الله وبفضل القيام وعظيم أجره عند الله تعالى.
واحتساباً أي: محتسباً الثواب عن الله تعالى لا بقصد آخر من رياء ونحوه فهذه فضائل القيام، وتلك شروطها.
وإذا تأملت أختي المسلمة في قوله «إيمانا» فإنّه دال على وجوب الاتباع في القيام، لأنّ الاتباع من مقتضى الإيمان بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
فمتى يكون القيام وكيف يكون؟
وقت القيام وصفته: والسنة في القيام أن يكون أول الليل.
وليس من السنة تأخيره، فإذا رغبت المسلمة في الصلاة وقت السحر بعد القيام في أول الليل فذالك السنة أيضا.
قال أبو داود: " قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخر القيام يعني التراويح في آخر الليل. قال لا سنة المسلمين أحب إلي " (مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص62).
ولكن على الأخت المسلمة إذا صلت في أول الليلة ورغبت في الصلاة أخره أن لا توتر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة» [رواه الترميذي والنسائي].
ومعنى ذلك أن الوتر يكون في القيام المتأخر دون المتقدم، أو في المتقدم دون المتأخر.
وإذا حضرت – أخية- القيام في المسجد فلا ينبغي لك الانصراف قبل الإمام ولو زاد علي إحدى عشرة أو ثلاث عشر ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه أبو داود والترمذي].
وإذا انتهيت من الوتر تقولين: (( سبحان الملك القدوس )) ثلاثا. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أبو داود والنسائي.
ولكن ينبغي لك الحرص على آداب المشي إلى المسجد من الحشمة والوقار والستر والعفاف حتى لا يكون ذهابك فتنة تضر بها الرجال.
وأمّا صفة القيام فعليك أختي المسلمة أن تحافظي فيه على تمام الركوع والسجود وأن تكثري في سجودك من الاستغفار والدعاء، فعن عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره علي إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن، وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن، وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟، قال: «يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» [رواه البخاري].
وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال: " كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشرة ركعة يعني الليل" [رواه البخاري ومسلم].
فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام أو قصره قاله شيخ الإسلام ابن تيميه.
ويستحب لك أختي المسلمة الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فإنّ أوقات السحر أو قات مباركة تفيض فيها رحمات الله علي خلقه في رمضان وفي غيره، وبعد القيام لا بأس أن تأخذي قسطاً من الراحة يكون لك عوناً علي الدين والدنيا إلّا أنّ (البرنامج ) العام للنوم في رمضان لا ينبغي أن يتجاوز ثمان ساعات حتي لا يضر بالبدن ولا يلهي عن فضائل العبادات في شهر رمضان المبارك، ويكفي الأخت المسلمة أن تنام خمس ساعات بالليل بحسب الاستطاعة وساعتان في أول النهار ووسطه. كل بحسب قدرته وهمته، لا سيما إذا استعانت الأخت المسلمة بأذكار النوم التي تعطي قوة للبدن سائر اليوم ومن ذلك التسبيح ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين قبل النوم.
2- السحور:
والسحور هي الأكلة الختام في آخر الليل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرصا عليه وكان يسميه الغذاء المبارك، وكان يرغب فيه أمته ويقول: «عليكم بغذاء السحور فإنه الغذاء المبارك» [رواه النسائي].
وقال صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإنّ في السحور بركة» [رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: «السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [رواه مسلم وأحمد].
ومما يجعل بركة السحور حاضرة فيه اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنّ من هديه تأخيره إلى آخر الليل، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال النّاس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» [رواه البخاري ومسلم].
وتشمل بركة السحور بركة الدين والدنيا، فهو قوة علي الصيام والتقوى فيه إن شاء الله تعالي.
ولذا أختي المسلمة عليك بالحرص عليه وتحرص وتحريه بدقة بالغة دون إفراط ولا تفريط وإيّاك أن يلهيك سهر الليل في الحديث أو غيره عن القدرة علي القيام إلى هذه البركة الربانية،فإنّ العبادات تتفاضل بالأوقات، فالسحور أفضل العبادات في وقت السحور، وهي أفضل من القيام وقراءة القرآن في وقتها.
ثانيا: برنامج نهار رمضان:
ونهار رمضان هو مضمار السباق إلى القربات والاجتهاد في العبادات، ولا يكون ذلك إلّا بعد الحفاظ على الصيام بتحري واجباته. وعليه فإنّ على الأخت المسلمة أن تجتنب ما يلي:
1- مساوئ الأخلاق من الغيبة والنميمة والكذب والشتم والخصام: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب، وإنّما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إنّي صائم» [رواه ابن خزيمة والحاكم].
وعنه أيضا قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري].
" فقد دل هذا الحديث وما قبله على أنّ الصائم يحرص على سلامة صومه مما ذكر، وعلى أن هذه المذكورات يزداد قبحها في الصيام ولهذا ذكرت فيه. كما دل الحديث على أنّ الصيام الشرعي صيام الجوارح، وأمّا الصيام عن الطعام والشراب ففي مقدور كل أحد فأمره سهل " (أحاديث الصيام ص 84-83).
2- التساهل في معرفة الأحكام: فإنّ أحكام الصيام لا سيما ما يتعلق بالمرأة المسلمة تشكل علي كثير من النّساء كأحكام الحيض والنفاس والحمل والرضاع وغيرها مما يختص به النّساء دون الرجال، ولذلك يقع كثير من النّساء في مخالفات كثير في هذا الأمر، وسبب ذلك هو التساهل في معرفة أحكام الصيام والأعراض عن تعلمها.
3- التساهل في أداء الصلوات أو تركها: فإنّ الله جل وعلا قد جعل الصلاة ركناً من أركان الإسلام كما أنّ الصيام ركن من أركان الإسلام فكيف يعقل الحفاظ على ركن الصيام مع التفريط في ركن الصلاة، لا سيما وأنّ الصلاة أعظم منزلة عند الله، بل قبول الصيام منوط بقبولها.
لذا أختي المسلمة عليك بالحرص على اجتناب هذه المخالفات حتى يكون الصيام بعيدا عن القوادح من سوء الخلق وإتيان المبطلات أو ترك الصلوات، وبعد ذلك إليك برنامجا عاما في نهار رمضان.
من صلاة الفجر إلي شروق الشمس يستحب في هذا الوقت الحرص على الأذكار عقب الصلاة، وأذكار الصباح وقراءة القرآن إلى شروق الشمس فإن رأت الأخت المسلمة من نفسها تعبا نامت بعد الشروق ساعة ونصف أو ساعتين بعد الشروق للنوم وذلك بحسب الهمة، فإن كانت الأخت المسلمة قد أرهقت في الليل بالقيام وغيره فيستحب لها ذلك حتى تستعيد نشاطها في النهار، وإن وجدت في نفسها قدرة لجأت إلى استثمار صيامها بحفظ القرآن وتلاوته على أن تخصص قسطاً من القرآن تحفظه وتتعاهده كل يوم فإن انقضى رمضان وجدت نفسها قد حفظت من القرآن الكثير وأحيت سنة تلاوته كما كان حال السلف رضوان الله عليهم.
إذا لم تكن الأخت المسلمة ممن يلزمها مزاولة إلي الظهر الواجبات والأعمال كالدراسة والعمل ونحوه، فيستحب لها الإكثار من القربات في هذه الأوقات كالذكر والإستغفار وتلاوة القرآن مع الحرص على صلاة الضحى خصوصاً والنوافل عموماً، ويستحب لها ذلك حتى وهي في طريقها إلى واجباتها وحتى وقت مزاولتها للطبخ مثلا ونحوه.
من الظهر إلي العصر يتفاوت استثمار هذا الوقت بحسب استطاعة النّساء. فمن وجدت في نفسها القدرة على الأعمال فإنّها تجعل هذا الوقت فرصة لتعلم القرآن وتلاوته ومدارسته في دور القرآن أو في بيت يجتمع فيها الفاصلات فإن لم تجد فإنّها تجلس في حجرتها خاشعة بالذكر والتلاوة وتروح عن نفسها بسماع ما يفيدها من الدروس والأحكام لاسيما ما يتعلق الصيام.
من العصر إلي المغرب تقوم الأخت المسلمة في هذا الوقت بواجباتها المنزلية مع حرصها على المداومة على الذكر كالإستغفار والتسبيح وغير ذلك. فإن لم يكن عليها واجب تعمله فعليها أن تستثمر هذا الوقت في حفظ القرآن وتلاوته وتعليم أبنائها أحكام الصيام ومدارستها من هو أهل لذلك كما يستحب أيضا الحفاظ على أذكار المساء.
من المغرب إلي العشاء يستحب تعجيل الفطور، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [رواه البخاري ومسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: إنّ أحب عبادي إلي أعجلهم إفطاراً» [رواه الترمذي وأحمد]. مع مراعاة آدابه وسننه ثم الإستعداد لصلاة العشاء والقيام.
أخية فهذه إشارات تدلك بإذن الله على إحسان الصيام والإتيان به على الوجه الأكمل حتى تكوني إن شاء الله ممن يقطف ثمار الصيام اللذة في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.islamway.com/images/banners/brnameg_2.gif مقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده و نستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمد عبده ورسوله، وبعد:
أخية، قد أقبل عليك شهر عظيم شأنه، واسع فضله، يزخر بصيب الغنائم وخيرات عظائم، فليله محراب العباد، ونهاره زاد للعباد، وأيّامه جسر النجاة يوم المعاد، وشهر ذاك وصفه، وذاك فضله حقيق عليك أن تستعدي لاستثماره، وتتهيئي لقطف ثماره، في ليله ونهاره.
بشري العوالم أنت يا رمضان *** هتفت بك الأرجاء والأكوان
لك في السماء كواكب وضاءة *** ولك في النفوس المؤمنات مكان
فماذا أعددت لشهر رمضان؟
نبذة في فضائل الصيام:
أخية، لعلك قد أطلعت في غير ما كتاب، أو سمعت في غير ما شريط عن فضائل الصيام الكثيرة، وغنائمه الكبيرة، ولعل العلم بتلك الفضائل هو الخطوة الأم التي تحفز النفس وتبعثها على نيل خيرات رمضان العظيمة.
ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمة جامعة فضائل الصيام، وجعلها تحفيزاً وتحريضاً للمؤمنين والمؤمنات علي استثمار هذا الشهر في الخير، وقضائه في الفضل والإحسان. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف. قال الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به» [رواه مسلم] بطوله. فهذا الحديث فيه دلالة علي أنّ الصائم المخلص في صيامه بإيمان وإحسان، يجزي علي الصيام جزاء بغير حساب.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم» [رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني في الترغيب].
أضيف أنت حل علي الأنام *** وأقسم أن يحيا بالصيام
قطعت الدهر جوابا وفيا *** يعود مزاره في كل عام
تخيم لا يحد حماك ركن*** فكل الأرض مهد الخيام
نسخت شعائر الضيفان لما *** قنعت من الضيافة بالمقام
أختي المسلمة: تذكري أنّ شهر رمضان يتميز عن باقي الشهور بأمرين:
الأول: أنّه شهر فرض فيه الصيام.
الثاني: أنّه شهر استحب الله فيه الاجتهاد في العبادة بأشكالها وأنواعها وجعل الثواب عليها مضاعفاً.
ومن هنا فإنّ قضاء شهر رمضان وفق هذين الأمرين يقتضي منك أخية:
أولا: الحرص على تمام صحة الصيام بمراعاة شروطه وواجباته ومستحباته، وباجتناب مضاره وقوادحه ومفسداته.
ثانيا: الحرص علي الفضائل والقربات في نهار رمضان وليله لاسيما ما ثبت في السنة الحرص عليه، وما كان عليه السلف الصالح من حال في رمضان.
وهذان المقتضيان يستلزمان إطلاع المسلمة على أحكام الصيام وآدابه وسننه. وتعلم ذلك كله بالسؤال والمطالعة وسماع الدروس المفيدة وحضور حلقات العلم التي تخص هذا الشأن وكل ما من شأنه أن يكون وسيلة لتعلم تلك الأحكام.
وإليك أخية اقتراحاً يمثل ( برنامج ) قد ينفع المسلمة في قضاء يومها في رمضان.
برنامج الأخت المسلمة في رمضان:
أولا: برنامج ليلة رمضان:
وليلة رمضان تبدأ من ظهور هلال رمضان بعد غروب شمس ذلك اليوم، ويشرع في تلك الليلة القيام والسحر وغيرها من العبادات الثابتة بالدليل.
وبرنامج الأخت المسلمة في ليالي رمضان يختلف بإختلاف تلك الليالي ذاتها. فالليالي العشر في رمضان أكثر فضلاً وادعي للحرص على العبادة فيها.
وعموما فإنّ برنامج ليلة رمضان كالتالي:
1-القيام:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه مسلم].
فالحديث: دليل على فضل قيام رمضان، وأنّه من أسباب مغفرة الذنوب. ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان. والمغفرة مشروطة بقوله «إيمانا وإحتسابا»
ومعنى إيمانا :أي أنّه حال قيامه مؤمناً بالله تعالى، وبرسوله صلى الله عليه وسلم ومصدقاً بوعد الله وبفضل القيام وعظيم أجره عند الله تعالى.
واحتساباً أي: محتسباً الثواب عن الله تعالى لا بقصد آخر من رياء ونحوه فهذه فضائل القيام، وتلك شروطها.
وإذا تأملت أختي المسلمة في قوله «إيمانا» فإنّه دال على وجوب الاتباع في القيام، لأنّ الاتباع من مقتضى الإيمان بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
فمتى يكون القيام وكيف يكون؟
وقت القيام وصفته: والسنة في القيام أن يكون أول الليل.
وليس من السنة تأخيره، فإذا رغبت المسلمة في الصلاة وقت السحر بعد القيام في أول الليل فذالك السنة أيضا.
قال أبو داود: " قيل لأحمد وأنا أسمع: يؤخر القيام يعني التراويح في آخر الليل. قال لا سنة المسلمين أحب إلي " (مسائل الإمام أحمد لأبي داود ص62).
ولكن على الأخت المسلمة إذا صلت في أول الليلة ورغبت في الصلاة أخره أن لا توتر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة» [رواه الترميذي والنسائي].
ومعنى ذلك أن الوتر يكون في القيام المتأخر دون المتقدم، أو في المتقدم دون المتأخر.
وإذا حضرت – أخية- القيام في المسجد فلا ينبغي لك الانصراف قبل الإمام ولو زاد علي إحدى عشرة أو ثلاث عشر ركعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» [رواه أبو داود والترمذي].
وإذا انتهيت من الوتر تقولين: (( سبحان الملك القدوس )) ثلاثا. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أبو داود والنسائي.
ولكن ينبغي لك الحرص على آداب المشي إلى المسجد من الحشمة والوقار والستر والعفاف حتى لا يكون ذهابك فتنة تضر بها الرجال.
وأمّا صفة القيام فعليك أختي المسلمة أن تحافظي فيه على تمام الركوع والسجود وأن تكثري في سجودك من الاستغفار والدعاء، فعن عائشة رضي الله عنها حين سئلت عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره علي إحدى عشرة ركعة يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن، وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسل عن حسنهن، وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟، قال: «يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» [رواه البخاري].
وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال: " كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشرة ركعة يعني الليل" [رواه البخاري ومسلم].
فيكون تكثير الركعات أو تقليلها بحسب طول القيام أو قصره قاله شيخ الإسلام ابن تيميه.
ويستحب لك أختي المسلمة الإكثار من تلاوة القرآن الكريم، فإنّ أوقات السحر أو قات مباركة تفيض فيها رحمات الله علي خلقه في رمضان وفي غيره، وبعد القيام لا بأس أن تأخذي قسطاً من الراحة يكون لك عوناً علي الدين والدنيا إلّا أنّ (البرنامج ) العام للنوم في رمضان لا ينبغي أن يتجاوز ثمان ساعات حتي لا يضر بالبدن ولا يلهي عن فضائل العبادات في شهر رمضان المبارك، ويكفي الأخت المسلمة أن تنام خمس ساعات بالليل بحسب الاستطاعة وساعتان في أول النهار ووسطه. كل بحسب قدرته وهمته، لا سيما إذا استعانت الأخت المسلمة بأذكار النوم التي تعطي قوة للبدن سائر اليوم ومن ذلك التسبيح ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين قبل النوم.
2- السحور:
والسحور هي الأكلة الختام في آخر الليل، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حرصا عليه وكان يسميه الغذاء المبارك، وكان يرغب فيه أمته ويقول: «عليكم بغذاء السحور فإنه الغذاء المبارك» [رواه النسائي].
وقال صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإنّ في السحور بركة» [رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: «السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء، فإنّ الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [رواه مسلم وأحمد].
ومما يجعل بركة السحور حاضرة فيه اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنّ من هديه تأخيره إلى آخر الليل، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال النّاس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» [رواه البخاري ومسلم].
وتشمل بركة السحور بركة الدين والدنيا، فهو قوة علي الصيام والتقوى فيه إن شاء الله تعالي.
ولذا أختي المسلمة عليك بالحرص عليه وتحرص وتحريه بدقة بالغة دون إفراط ولا تفريط وإيّاك أن يلهيك سهر الليل في الحديث أو غيره عن القدرة علي القيام إلى هذه البركة الربانية،فإنّ العبادات تتفاضل بالأوقات، فالسحور أفضل العبادات في وقت السحور، وهي أفضل من القيام وقراءة القرآن في وقتها.
ثانيا: برنامج نهار رمضان:
ونهار رمضان هو مضمار السباق إلى القربات والاجتهاد في العبادات، ولا يكون ذلك إلّا بعد الحفاظ على الصيام بتحري واجباته. وعليه فإنّ على الأخت المسلمة أن تجتنب ما يلي:
1- مساوئ الأخلاق من الغيبة والنميمة والكذب والشتم والخصام: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب، وإنّما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إنّي صائم» [رواه ابن خزيمة والحاكم].
وعنه أيضا قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» [رواه البخاري].
" فقد دل هذا الحديث وما قبله على أنّ الصائم يحرص على سلامة صومه مما ذكر، وعلى أن هذه المذكورات يزداد قبحها في الصيام ولهذا ذكرت فيه. كما دل الحديث على أنّ الصيام الشرعي صيام الجوارح، وأمّا الصيام عن الطعام والشراب ففي مقدور كل أحد فأمره سهل " (أحاديث الصيام ص 84-83).
2- التساهل في معرفة الأحكام: فإنّ أحكام الصيام لا سيما ما يتعلق بالمرأة المسلمة تشكل علي كثير من النّساء كأحكام الحيض والنفاس والحمل والرضاع وغيرها مما يختص به النّساء دون الرجال، ولذلك يقع كثير من النّساء في مخالفات كثير في هذا الأمر، وسبب ذلك هو التساهل في معرفة أحكام الصيام والأعراض عن تعلمها.
3- التساهل في أداء الصلوات أو تركها: فإنّ الله جل وعلا قد جعل الصلاة ركناً من أركان الإسلام كما أنّ الصيام ركن من أركان الإسلام فكيف يعقل الحفاظ على ركن الصيام مع التفريط في ركن الصلاة، لا سيما وأنّ الصلاة أعظم منزلة عند الله، بل قبول الصيام منوط بقبولها.
لذا أختي المسلمة عليك بالحرص على اجتناب هذه المخالفات حتى يكون الصيام بعيدا عن القوادح من سوء الخلق وإتيان المبطلات أو ترك الصلوات، وبعد ذلك إليك برنامجا عاما في نهار رمضان.
من صلاة الفجر إلي شروق الشمس يستحب في هذا الوقت الحرص على الأذكار عقب الصلاة، وأذكار الصباح وقراءة القرآن إلى شروق الشمس فإن رأت الأخت المسلمة من نفسها تعبا نامت بعد الشروق ساعة ونصف أو ساعتين بعد الشروق للنوم وذلك بحسب الهمة، فإن كانت الأخت المسلمة قد أرهقت في الليل بالقيام وغيره فيستحب لها ذلك حتى تستعيد نشاطها في النهار، وإن وجدت في نفسها قدرة لجأت إلى استثمار صيامها بحفظ القرآن وتلاوته على أن تخصص قسطاً من القرآن تحفظه وتتعاهده كل يوم فإن انقضى رمضان وجدت نفسها قد حفظت من القرآن الكثير وأحيت سنة تلاوته كما كان حال السلف رضوان الله عليهم.
إذا لم تكن الأخت المسلمة ممن يلزمها مزاولة إلي الظهر الواجبات والأعمال كالدراسة والعمل ونحوه، فيستحب لها الإكثار من القربات في هذه الأوقات كالذكر والإستغفار وتلاوة القرآن مع الحرص على صلاة الضحى خصوصاً والنوافل عموماً، ويستحب لها ذلك حتى وهي في طريقها إلى واجباتها وحتى وقت مزاولتها للطبخ مثلا ونحوه.
من الظهر إلي العصر يتفاوت استثمار هذا الوقت بحسب استطاعة النّساء. فمن وجدت في نفسها القدرة على الأعمال فإنّها تجعل هذا الوقت فرصة لتعلم القرآن وتلاوته ومدارسته في دور القرآن أو في بيت يجتمع فيها الفاصلات فإن لم تجد فإنّها تجلس في حجرتها خاشعة بالذكر والتلاوة وتروح عن نفسها بسماع ما يفيدها من الدروس والأحكام لاسيما ما يتعلق الصيام.
من العصر إلي المغرب تقوم الأخت المسلمة في هذا الوقت بواجباتها المنزلية مع حرصها على المداومة على الذكر كالإستغفار والتسبيح وغير ذلك. فإن لم يكن عليها واجب تعمله فعليها أن تستثمر هذا الوقت في حفظ القرآن وتلاوته وتعليم أبنائها أحكام الصيام ومدارستها من هو أهل لذلك كما يستحب أيضا الحفاظ على أذكار المساء.
من المغرب إلي العشاء يستحب تعجيل الفطور، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [رواه البخاري ومسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: إنّ أحب عبادي إلي أعجلهم إفطاراً» [رواه الترمذي وأحمد]. مع مراعاة آدابه وسننه ثم الإستعداد لصلاة العشاء والقيام.
أخية فهذه إشارات تدلك بإذن الله على إحسان الصيام والإتيان به على الوجه الأكمل حتى تكوني إن شاء الله ممن يقطف ثمار الصيام اللذة في الدنيا والآخرة.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.