المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القلق وعلاج اسبابه---



ام حفصه
02 Aug 2010, 08:50 AM
http://up.ala7ebah.com/img/3Eo51422.jpg



نشهد في هذا العصر حضارة كبرى لم يشهد لها التاريخ مثيلاً جعلت الإنسان يعيش في راحة كبيرة ولكنها (اي تلك الحضارة ) قصرت خدمتها على الجانب الجسدي و أهملت الجانب الروحي الذي يتميز به الإنسان عن غيره من الكائنات ، وكان أحد إفرازات هذا القصور القلق الذي أدى بكثير من الناس خصوصاً في الغرب الى الإنتحار، ولم يجدوا له حلاً غير تلك الحبوب المهد ئة.
وللأسف لقد وجدت أثار هذا القلق في بلاد المسلمين عندما قصر البعض منهم في أمور دينهم وعاشوا بعيداً عن ذكر الله تعالى وطاعته
القلق من سمات هذا العصر ومن إفرازات الحضارة الحديثة التي اثقلت كاهل الانسان بالمتطلبات وجعلت الكماليات ضروريات وقلبت المفاهيم والقيم رأساً على عقب. ومتى ما وضع الانسان قدمه على هذه العجلة، أي عجلة الهم والقلق، فمن الصعب عليه انزالها الا بمجهود نفسي يعيه المرء و القلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة والكآبة، كما يشير الأطباء المختصون الى انه قد تنتج عن القلق آثار مرضية عضوية كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالارهاق وغير ذلك.
ولابد من التأكيد على ان القول بأن القلق أو ما يشابهه من المشاعر النفسية أصبح ظاهرة في مجتمع ما سواء من حيث عدد المصابين به، أو من حيث عمق تأثيره في نفوسهم حكم يحتاج الى دراسات علمية ذات أدلة دامغة من الاحصاءات الموثقة، كما ان هذه المشكلة غير ملموسة في مجتمعنا بالذات.
وهذا القلق يكون محموداً ومندوباً اليه اذا كان وسيلة لدفع الانسان الى الخوف من الآخرة واحسان العمل، ويكون سوياً اذا كان في حجمه الطبيعي الذي يحفظ قدرات الانسان على العطاء والحرص المتوازن، ويكون مذموماً اذا تعدى حدوده الى اعاقة عطائه وقدراته,





القلق حالة نفسية تتصف بالخوف والتوتر ، وكثرة التوقعات ، وينجم القلق عن الخوف من المستقبل ، أو توقع لشيء ما ، أو عن صراع في داخل النفس بين النوازع والقيود التي تحول دون تلك النوازع .
والقلق أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا ، فهو يصيب 10 – 15 % من الناس ، ويزداد حدوثه في الفترات الانتقالية من العمر ، كالانتقال من مرحلة البيت إلى المدرسة ، أو من مرحلة الطفولة إلى المراهقة ، وعند الانتقال إلى سن الشيخوخة والتقاعد ، أو سن اليأس عند النساء .
كما قد يحدث القلق عند تغيير المنزل أو العمل أو ما شابه ذلك . وقد يصاب الإنسان بالقلق كانفعال طارئ يزول بزوال السبب ، وقد يصبح مزمنا يبقى مع الإنسان لساعات أو أيام .
ومن أشكال القلق قلق الأم على ابنها إن تأخر عن موعد وصوله ، وقلق الإنسان على وظيفته وعمله ، أو قلق المرء على صحته حين يمرض ، وقلق الطالب على نتائج امتحاناته ، أو قلق التاجر على تجارته .. وهناك أشكال كثيرة من القلق لا مجال لحصرها . ويصاب الإنسان القلق بأعراض مختلفة ، منها الإحساس بالانقباض ، وعدم الارتياح والشعور بعدم الطمأنينة، والتفكير الملح والأرق ، كما قد يشكو القلق من الخفقان وإحساس بتشنج في المعدة أو برودة في الأطراف ..
وليس منا من لا يقلق في لحظة من اللحظات ، أو موقف من المواقف ، فهذا أمر طبيعي ، أما أن يستمر القلق لأيام ، بل لشهور أو سنين ، فهذا ما لا تحمد عقباه . ومن الناس من يقلق لأتفه الأسباب ، فتساوره الهموم والشكوك ، ويعيش أيامه بين القلق والاكتئاب
فإذا أردت اجتناب القلق عليك مراجعة نفسك وموازينك ، وتدبر أمورك وأحوالك





تعريف القلق:
جاء في كتاب لسان العرب لابن منظور:
القلق هو: الانزعاج، يقال: بات قلقاً وأقلقه غيره، وأقلق الشيء من مكانه وقلقه: حركه، والقلق: ألا يستقر في مكان واحد.
قدر من القلق ضروري، ضروري للحاضر وللمستقبل؛ لكن في حدود، بحيث لا ينتهي الأمر إلى الإحساس بالتعاسة.
بعض الناس يهربون من القلق عن طريق عدم مواجهة الحقيقة، والنتيجة أنه يهرب من الحقيقة ويصبح أكثر تعرضاً للقلق.
تعريف أخر القلق:
فمن الممكن القول ان القلق هو عبارة عن حالة نفسية تتصف بالتوتر والخوف سواء كان سبب ذلك محددا ام غامضا، فقد يكون هذا الانفعال نتيجة لحظة للحزن والالم والاسى ثم ينقضي هذا الاحساس بانقضاء أسبابه، وقد يكون مزمنا
وينتج القلق اما عن خوف من المستقبل او عن صراع داخل النفس بين نوازعها والقيود التي تحول دون هذه النوازع والخوف ينتهي عادة بانتهاء بواعثه ولكن القلق يدور بالإنسان في حلقة مفرغة فإذا ما انتهى سبب من أسبابه برز آخر له.
القلق قد يكون انفعالا طارئا مؤقتا نعرفه جميعا او عشناه معا في فترات حياتنا او هو مزمن يلاحق الانسان ساعات او أياما تطول او تقصر ويعاوده بين الحين والآخر




ما هو القلق المرَضي؟


القلق هو شعور مزعج وغير مريح ومبالغ فيه بالخوف من أن مكروهاً سيحدث لا سمح الله و التأهب لذلك
المكروه. فهو إذن شعورٌ طبيعي، خاصة بعد الضغوط النفسية، لكن إذا كان القلق والتوتر زائداً لدرجة أنه يؤثر على نمط حياتهم الطبيعية فإنه يصبح قلقاً مرضياً.وقد بينت الدراسات أن النساء يصبن بالقلق أكثر من الرجال.
ما هي أعراض القلق ؟


للقلق أعراض كثيرة والكثير منها جسدية مما يجعل المصاب بالقلق يظن أن ما به هو مرض عضوي (جسدي)
إذا كنت مصابا بالقلق فقد يكون لديك بعض الأعراض التالية:
التعب والإرهاق
التأهب (أشعر أن مكروهاً سوف يحدث(
التوتر وعدم القدرة على تحمل الآخرين
فقد الأعصاب والغضب الشديد عند الانزعاج حتى من الأمور الصغيرة
ضعف التركيز ……الدوخة أو الدوار
اضطراب النوم والأحلام المزعجة (الكوابيس(
جفاف الفم وصعوبة البلع (أشعر أن هناك شيئاً يقف في حلقي) و الغصة أو الشرقة بكثرة
الشد العضلي و آلام في العضلات…….الرعشة والتعرق الزائد
صعوبة أخذ النفس و سرعة التنفس ….الغثيان - الإسهال وكثرة الغازات المشاكل الجنسية …..ازدياد ضربات القلب (أسمع ضربات قلبي(




هل القلق مرض خطير ؟


القلق بحد ذاته ليس مرضاً خطيراً، لكنه يؤدي إلى أعراض أخرى و يزيد من شدة بعض الأمراض الموجودة
أصلاً مثل: ارتفاع ضغط الدم، ضيق شرايين القلب، الربو وغيرها. كما يزيد من مشكلة التدخين، و عادة ما يؤثر
سلباً على العلاقة الزوجية و كذلك العمل.
)من المهم التأكد من أن المريض ليس مصابا بزيادة في نشاط الغدة الدرقية لأن أعراضها تشبه إلى حد كبير أعراض القلق(



أسباب القلق
وللقلق أسباب كثيرة حسبما تراه كل مدرسة؛
فأصحاب النظرة الفسيولوجية
يرون أنه اضطراب في الجهاز العصبي ممثلا في نشاط زائد في اللوزتين (الموجودتين في المخ) أو اضطراب في الجهاز الطرفي عموما يصاحبه زيادة في نشاط الجهاز السمبثاوي وزيادة في إفراز الأدرينالين، وهذا الاضطراب يجعل الشخص في حالة توتر وهشاشة خاصة في مواجهة بعض المواقف التي تستثير المزيد من القلق لديه.
أما أصحاب المدرسة التحليلية
فيرون أن القلق ناتج عن صراعات بين الهو (المليء بالرغبات المرفوضة) من ناحية والأنا والأنا الأعلى من ناحية أخرى؛ فهناك دفعات غريزية جنسية أو عدوانية تهدد بالخروج عن سيطرة الأنا والأنا الأعلى؛ وهو ما يجعل الشخص في حالة خوف مما سيحدث، وهذا الخوف يتشكل ظاهريا في أي موضوع للمخاوف، وهذه المخاوف تكون غير منطقية ولا يخاف منها عموم الناس.
أما السلوكيون
فيرون أن الخوف يتكون من خلال ارتباطات شرطية حدثت في مراحل نمونا المختلفة، حيث ارتبطت الأشياء التي نخاف منها بمشاعر سيئة في بعض الأوقات فأصبحت هذه الأشياء تثير تلك المشاعر كلما تعرضنا لها.




الأسباب العامة للقلق
وهناك أسباب عامة حين يتحول القلق الى مرض نفسي يلازم الفرد في معظم تصرفاته، دون أن يكون لديه من الايمان التحصين الكافي لدفع خطر المرض أو الوقاية منه.
والأسباب التي ينتج عنها مرض القلق عديدة، ويمكن استقراء أهمها على النحو التالي.
- ضعف الإيمان : فالمؤمن قوي الإيمان لايعرف القلق. قال الله تعالى(ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة) ، ,ويقوى الإيمان بعمل الطاعات وترك المعاصي وقراءة القرآن وحضور مجالس الصالحين وحبهم والتفكر في خلق الله تعالى.
- الخوف على الحياة وعلى الرزق: فهناك من يخاف الموت فيقلق بسبب ذلك ، ولو أيقن أن الآجال بيد الله ماحصل ذلك القلق. والبعض يخاف على الرزق ويصيبه الأرق وكأنه ماقرأ قوله تعالى(إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) ولم يسمع قول الله عز وجل(وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) ، حتى النمل في جحره يرزقه الله تعالى ، ولايعني ذلك أن يجلس الإنسان في بيته ينتظر أن تمطر السماء ذهباً ، بل يسعى وبفعل الأسباب امتثالاً لقوله تعالى(فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) ويتوكل على الله(ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
- المصائب: من موت قريب أو خسارة مالية أو مرض عضال أو حادث أو غير ذلك ، لكن المؤمن شأنه كله خير إن اصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن اصابته ضراء صبر فكان خيراً وجزاء الصبر أن الله يأجره ويعوضه خيراً مما أصابه. فيجب أن يعلم أن ذلك بقدر الله وقضائه ، وما قدّر الله سيكون لا محالة لو اجتمع أهل الأرض والسماء أن يردوه ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. عندما ترسخ هذه العقيدة في نفس الإنسان فإنه يرضى وتكون المصيبة عليه برداً وتكون المحنة منحة ، ولقد شاهدنا أنه كم من مشكلة صارت بإنسان جعلت منه رجلاً قوياً صامداً وعلمته التحمل بعد أن كان في نعمة ورغد لا يتحمل شيئاً وغيرت من نظرته للحياة وأصبح سداً أمام المعضلات.


- المعاصي: وهي سبب كل بلاء في الدنيا والآخرة ، وهي سبب مباشر لحدوث القلق والاكتئاب . قال الله تعالى(وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) وقال (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ، والبعض يقول: نريد أن نُذهب القلق و(الطفش) فيفعل المعاصي ، لكنه في الحقيقة يزيد الطين بلة وهو كالمستجير من الرمضاء بالنار.
- الغفلة عن الآخرة والتعلق بالدنيا : فمن يتفكر ويتصور نعيم الجنة بكل أشكاله فإنه تهون عليه المشاكل وينشرح صدره وينبعث الأمل والتفاؤل عنده.
- الخواء الروحي، وما يتبعه من شعور بالوحدة والضياع والخوف من اليوم والغد.
-آلا يستطيع الفرد أن يرتقي بقدراته وتطلعاته الى أن يصل الى المنزلة الاجتماعية أو المستوى الاقتصادي والاجتماعي المرتفع الذي رسمه لنفسه، ولا سيما اذا كان المجتمع الذي يعيش فيه يقيس منازل الناس بقدر ما في جيوبهم، ويحيطهم بهالة من التبجيل والتقدير، فيسيطر القلق على هذا المحروم نتيجة سريان التوتر في أوصاله، وتنسكب الكآبة في جوانحه.
- عدم قدرة هذا الفرد على مجاراة النمط الاستهلاكي السائد في محيط مجتمعه الصغير الأسرة أو الكبير المجتمع الخارجي ، فيتملكه القلق، وتنشأ زوابع الكآبة في نفسه.
- النزاع والشقاق المتأصل الذي يسود أسرة المريض بالقلق، وكذلك التفكك الأسري، نتيجة الانكباب على المادة، واهمال أهمية الأسرة المتعاونة المتحابة.
ولا يرتاب عاقل في أن القلق يختلف من مجتمع الى آخر، بل ومن فرد الى فرد آخر، أولاً بحسب المعتقدات، وثانياً بحسب نوع ونمط المعيشة الاجتماعية والاقتصادية والعادات والأعراف والتقاليد، فالمجتمع المتدين لا يعاني من هذه المشكلة مقارنة بالمجتمع المادي الذي يكون الفرد فيه عبداً للمادة، والمجتمع الفقير الذي لا تبعد آمال وتطلعات أفراده كثيراً تقل مسببات القلق فيه كثافة وعمقاً، وعلى عكسه المجتمع الغني الذي تتطاحن طموحات أفراده للظفر بالخيرات المتاحة، وهكذا,.



علاج القلق
كيف نتخلص من القلق؟
قال الله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ، فالعلاج هو في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
هنا سيكون موجها نحو القلق -الذي هو الأصل في كل المشكلات الناتجة- ويفضل أن يكون العلاج متعدد المستويات؛ فنعطي علاجا دوائيا في صورة إحدى مانعات استرداد السيروتونين النوعية مثل الفلوكستين أو الباروكستين أو السيرترالين مع بعض مضادات القلق مثل البوسبيرون أو البنزوديازيبين بجرعات مناسبة ولوقت كاف.
وفي نفس الوقت يخضع المريض لعلاج سلوكي لتقليل حساسيته تجاه المخاوف المختلفة ويقلل أيضا من أعراض الوسواس القهري.
ويستحب أن يواكب هذا علاج نفسي فردي أو جماعي يزيد من بصيرة المريض بمشكلاته النفسية ويساعده على التغير للأفضل والنمو على المستوى الفردي والاجتماعي، وهذه الأنواع من العلاجات النفسية والسلوكية يقوم بها أحد الأطباء النفسيين أو الأخصائيين النفسيين المدربين على هذه الأنواع من العلاجات، وهناك فرصة كبيرة للتحسن في حالة التزام المريض بالبرنامج العلاجي وفي حالة إتقان المعالج النفسي لتقنياته العلاجية.



ويصاحب كل هذه الوسائل علاج ديني يتمثل في أداء العبادات بانتظام خاصة الصلاة حيث إنها تبعث في النفس راحة وطمأنينة وسكينة خاصة صلاة الليل، والدعاء يشعر الإنسان بمعية الله ودعمه ومساندته، والتوبة تخفف من مشاعر الذنب وتعطي إحساسا بالتطهر وفرصا للبدايات الجديدة، والصوم يمنح الإنسان صفاء وروحانية، والحج يعيد ترتيب النفس بالكامل ويعطي فرصة لبدء صفحة جديدة ناصعة، وفعل الخيرات يقوي النفس ويعطي الإحساس بالأمن والسعادة ويقرب الإنسان من الله ومن الناس.


ونتذكر قول الله تعالى في سورة المعارج: {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا . إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا . وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا . إِلاَّ الْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ . وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ . وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ . إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ . وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ . إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ . فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ . أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ}.
وكما هو واضح من الآيات أن الإنسان عموما معرض للهلع والجزع، ولا يحميه من هذا المصير إلا ما ذكر في الآيات البينات التي هي بمثابة عوامل وقائية وعلاجية في مواجهة القلق الذي يواجه الإنسان بأشكال مختلفة.
وعلاج القلق، لابد أن يركز على الجذور، باجتثاث الأسباب التي أسهمت في ظهوره على سطح المشاهدة، وهذا العلاج ممكن بعدة وسائل، لعل أهمها:
(1) إيمان الإنسان بربه، لأن الإيمان حصن منيع يحجز طوفان هذه المشكلة من العبور الى نفس الانسان، فلا تستطيع بواعث القلق أن تتسلقه أو تخترقه، واذا حدثت شقوق في هذا الحصن أمكن السيطرة عليها وعلاجها.
(2)
وكيف يستبد به القلق، ولماذا يقلق أساساً من يعرف انما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما كتب له لن يذهب لغيره، وما لم يكتب له لن يحصل عليه بقوته.
واذا ضعف الوازع الايماني عند الانسان، أو اعتراه شيء من الران، مع وجود الفطرة السليمة، فان ايقاظ هذا الوازع أمر لا يصعب على المصلحين والدعاة عبر وسائل لا حصر لها.


(2)التلبس بالتقوى، قال الله تعالى(ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً) سورة الطلاق)آية 4
( 3) الصلاة: قال الله تعالى(واستيعنوا بالصبر والصلاة ) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، ويقول لبلال (أرحنا بالصلاة يابلال) ويقول -جُعلت فداه- (وجعلت قرة عيني في الصلاة ) فما من مسلم يقوم فيصلي بخشوع وتدبر وحضور قلب والتجاء لله تعالى إلا ذهبت همومه وغمومه أدراج الرياح كأن لم تكن ، فالصلاة على أسمها صلة بين العبد وربه. ويتلخص علاج الاسلام لذلك بنفس الإيمان الواعي، وتخصيص لحظات معينة يقف الإنسان فيها أمام خالقه والحقيقة الكبرى في الكون، فينسى كل هموم الدنيا ومشاكلها لأنه يتعامل مع حقيقة هي فوقها جميعاً، ومن ثم أمره بذكر الله دائماً. وان الصلاة تمثل لدى الإنسان قمة ذكر الله (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «كان علي (عليه السلام) إذا هاله شيء فزع إلى الصلاة» وعنه (عليه السلام) قال: «ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غم من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل المسجد فيصلي ركعتين يدعو الله فيهما. أما سمعتم الله يقول: (إستعينوا بالصبر وبالصلاة)»(1).
وقد جاءت الأحاديث الشريفة لتلقي ظلالاً من الرحمة والحنان على المصلي فتزيد في أمله وطمأنينته. فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إذا قام العبد في صلاته نظر الله عز وجل إليه وأظلته الرحمة من فوق رأسه إلى اُفق السماء، والملائكة تحفه من حوله إلى افق السماء، ووكل الله به ملكاً قائماً على رأسه يقول (يا أيها المصلي (لو) تعلم من ينظر إليك ومن تناجي ما إلتفت ولا زلت عن موضعك أبداً)
والفارق الكبير واضح بين صلاة المسلم وما يسمى بالصلاة عند البوذيين ومن لاذوا بالبوذية من الهاربين من مادية الغرب فإن كليهما يعيش في عالم روحاني، إلاّ ان الأول يعيش بوعي ويتسامى مع الواقع الذي تؤكده


(4) قراءة القرآن: العلاج لكل داء.قال عز وجل(وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) فلنقو صلتنا بهذا الكتاب العظيم ولنتدبر آياته ولا نكن ممن يهجره فهو ربيع القلب ونور الصدر وجلاء الأحزان وذهاب الهموم والغموم.
(5) الدعاء: سلاح المؤمن الذي يتعبد الله به فمن كان له عند الله حاجة فليفزع إلى دعاء من بيد ملكوت كل شئ ومجيب دعوة المضطرين وكاشف السوء الذي تكفل بإجابة الداعي. قال تعالى(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان) وليتخير ساعات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ، بين الآذان والإقامة. هو مفتاح الاستجابة، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) سورة غافر آية 60، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ان الدعاء عبادة بقوله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة .
ليكن الدعاء بيقين.. واصحبه بالعمل الصالح وصدق المقصد وحسن المطلب والإلحاح المستمر حتى يتحقق المراد.


(6) الذكر: أنيس المستوحشين وبه يُطرد الشيطان وتتنزل الرحمات.
ابدأ بالذكر عند أول فكرة سلبية.. نوّع من الأذكار واخترع لها حلاوة.. ضع برنامجاً واضحاً لأوقات الذكر.
(7) الحرص على الانتفاع بثمار العبادات المختلفة، والمداومة على الأذكار الشرعية المأثورة من الكتاب والسنة، لأن المشاعر النفسية لا تتحكم الا في القلب الفارغ مما ينفع، ولأن الذكر سبب من أسباب طمأنينة القلب، حيث قال سبحانه وتعالى الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) سورة الرعد آية 28.
ومما لا ريب فيه ان قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات والأذكار التي يحسن بالمسلم أن يتعاهدها، وان يشغل نفسه بها، وهو وقاية وشفاء للأنفس والأبدان، من كل الأمراض،قال المولى عز وجل قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) سورة فصلت آية 44.


(7) شغل الوقت بالعمل المباح: فإن الفراغ مفسدة ويجلب الأفكار الضارة والقلق وغيره
(8) الإحسان الى الخلق بالقول وبالفعل، فبهذا الاحسان يدفع الله عن البر والفاجر الغم والهم في الدنيا، ولكن للمؤمن منه أكمل الحظ والنصيب في الدنيا والآخرة، قال تعالى( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ), سورة النساء آية 114.
(9) الاشتغال بعمل من الأعمال أو بعلم من العلوم، لأن اشغال الناس بالمفيد يحجز عنها غير المفيد من قلق ونحوه.
(10)الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطع القلب عن الخوف من المستقبل، وقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله ان النبي صلى الله عليه وسلم: استعاذ من الهم والحَزنَ فالحَزَن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها، والهم الذي يحدث بسبب


الخوف من المستقبل.
ويلحق بهذا ضرورة أن يوطن المسلم نفسه على القناعة بما آتاه الله تعالى: وسؤاله المزيد، فقد ورد في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: انظروا الى من هو أسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فانه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم وهذا في النظر الى الصحة وسعة الرزق ونحوهما، أما التسابق الى الأعمال الصالحة فلا يدخل في عموم هذا الحديث لأن الأفضل عكس ذلك.واستغرق في عملك ، فإذا ساورك القلق أشغل نفسك بما تعمل أو بأمر آخر مفيد ..
(11) العناية بالتغذية الصحية السليمة، والزام النفس بممارسة العادات الترفيهية المباحة من رياضة وهوايات واسترخاء وتأمل، وغيرها لطرد ما يشعر به الانسان من وساوس الشيطان.
(12) حاول أن تغير الأشياء السلبية إلى إيجابية .. ويضرب ديل كارنجي مثلا فيقول : " إذا لقيت بين يديك ليمونة مالحة ، فحاول أن تصنع منها شرابا سائغا حلوا " .. وفكر دوما في السعادة ، واصطنعها لنفسك تجد السعادة ملك يديك ...
(13) اعرف نفسك ولا تحاول التشبه بغيرك ، ولا تحسد أحدا من الناس ، فقد رفع الله الناس بعضهم فوق بعض،قال تعالى : ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم ) الأنعام 165
( 14) التزم في عملك بالقواعد التالية : - استرح قبل أن يدركك التعب .
- حين تعترضك مشكلة احسمها فور ظهورها .
- أضف إلى عمك ما يزيد استمتاعك به .
- تعود النظام والترتيب .
- افعل الأهم ثم المهم .
- لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد .
- لا تحمل نفسك ما لا تطيق . قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )


(15) تحر الحكمة في إنفاقك ولا تقتر على عيالك .. قال عليه السلام : " أفضل الدنانير دينا ينفقه الرجل على عياله ، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله ، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله عز وجل " رواه مسلم وأحمد وقال تعالى : ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) الإسراء29
(16) لا تستسلم لعقدة الإحساس بالذنب ، فالله تعالى غفور رحيم .. قال تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ) سورة طه 82 . وقال أيضا في محكم كتابه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) الزمر 53
(16) اذا أصابتك لحظات من القلق والخوف ، فلا تجزع ولا تيئس فقد تكون ابتلاء من الله تعالى ، فعليك بالصبر والاستعانة بذكر الله تعالى .. قال تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ، وأولئك هم المهتدون ) سورة البقرة 155 – 157
وقال تعالى : ( إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون ) سورة يوسف
(17) العلاج الطبي عن طريق الأدوية كالمهدئات، أو التنويم المغناطيسي والتحليل النفسي، بحسب ما تحتاجه كل حالة.
( 18) عش في حدود يومك ولا تقلق على المستقبل ، ولا تخش قلة الرزق ، فالرزق بيد الله تعالى : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) سورة الذاريات آية 22
(19) ذكر نفسك بالثمن الفادح الذي يدفعه جسمك ثمنا للقلق .
(20) دع التفكير في الماضي ، فإنه لن يعود مهما حاولت .. يقول الرسول عليه السلام : " وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم وأحمد
(21) تدبر الحقائق بعناية قبل صنع القرار ، ومتى اتخذت قرارا حصيفا ، أقدم على تنفيذه واستعن بالله ولا تتردد .. وتذكر قول رسول الله عليه السلام : " إذا سألت فاسأل


الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي وأحمد في مسنده .
(22) ارض بقضاء الله تعالى وقدره . فالمؤمن لا يخشى مصائب الحياة ، فكل أمره خير .. يقول عليه السلام : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " رواه مسلم وأحمد . ويقول تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) سورة البقرة 216
(23)أحص نعم الله عليك ، بدلا من أن تحصي همومك ومتاعبك . يقول تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) سورة إبراهيم 34 . واسأل نفسك دوما : هل تستبدك مليون ريال بما تملك ؟ أتبيع عينيك مقابل بليون دولار ، وكم من الثمن ترى يكفيك مقابل يديك أو ساقيك أو أولادك ؟ احسب ثروتك بندا بندا ، ثم اجمع هذه البنود ، وسوف ترى أنها لا تقدر بثمن . يقول شوبنهور : " ما أقل ما نفكر فيما لدينا ، وما أكثر ما نفكر فيما ينقصنا " .
(24)لا تهتم بتوافه الأمور ، ولا تجعل صغائر المشاكل تهدم سعادتك ، ولا تسمح لنفسك بالثورة من أجل أشياء تافهة .



(25) لا تعط الأمور أكثر مما تستحق ، قدر قيمة الشيء ، وأعط كل شيء حقه من الاهتمام .
(26)لا تكن أنانيا ، وصب اهتمامك على الآخرين ، واصنع في كل يوم عملا طيبا يرسم الابتسامة على وجه إنسان. يقول عليه السلام : " أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك



المؤمن سرورا ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطعمه خبزا " أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي . قال الألباني : حديث حسن .
(27) اجعل عملك خالصا لله تعالى ، ولا تنظر الشكر من أحد . قال عليه السلام : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " رواه الشيخان
(28)ركز جهودك في العمل الذي تشعر من أعماقك أنه صواب ، ولا تستمع للوم اللائمين ، وإذا ما وجدت نفسك على خطأ فالتراجع عنه فضيلة
(29)احتفظ لنفسك بسجل تدون فيه الأخطاء التي ارتكبتها ، واستحققت النقد من أجلها ، عد إليها من حين لآخر ، لتستخلص منه العبر التي تفيدك في مستقبلك . واعلم أنه من العسير أن تكون على صواب طوال الوقت ولا تستنكف أن تسأل الناس النقد النـزيه الأمين وتقبل نصيحة الراشدين ، فالنبي عليه السلام يقول : " الدين النصيحة " رواه مسلم وأحمد
(30)لا تفكر في محاولة الاقتصاص من أعدائك ، فإن حاولت ذلك أذيت نفسك أكثر مما تؤذي أعداءك . قال تعالى : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) فصلت 34 . واكظم غيظك ولا تغضب ، فالله تعالى يمتدح الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس . قال تعالى : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس )

ام حفصه
02 Aug 2010, 08:54 AM
http://up.ala7ebah.com/img/3Eo51422.jpg

وقد ذكر ديل كارنيجي، صاحب كتاب دع القلق وأبدأ الحياة عدداً من الوصفات لعلاج القلق، ومنها.
* لا تعبر الجسر قبل ان تصله، أي: لا تقلق للشيء قبل حدوثه.
* لا تبك على اللبن المراق، أي: ما فات مات.
* لا تشتر الصفارة بأكثر من ثمنها، أي: لا تعط للأمور أهمية أكثر مما تستحقه.
ولعلنا عندما نتأمل ما ذكره كارنيجي سنجد انه لم يأت بجديد في علاج القلق، فالاسلام اهتم منذ خمسة عشر قرناً اهتماماً كبيراً بدفع القلق، بعلاج أشمل مما ذكره كارنيجي، من خلال المظهرين الأساس للدفع، وهما: الوقاية والعلاج، حيث تضمنت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية عناصر الوقاية والعلاج من القلق بأساليب متنوعة، وبما يكفل اجتثاث جذوره.
يذكر الدكتور زهير السباعي ان القرآن الكريم وضع أسس الوقاية من القلق وغيره من الأمراض النفسية، من خلال مفهومين أساسين، أولهما: ان حياتنا بكل مافيها متصلة بالله تعالى، وثانيهما: ان الاسلام منهج حياة متكامل، يحدد مسالك حياتنا ودروبها وعلاقتنا ومعاملاتنا.
وما ذكره الدكتور السباعي صحيح فعن المفهوم الأول، وهو تعميق الاسلام مفهوم الصلة بالله تعالى نجد أن القلق لا يجد سبيلاً الى المؤمن المتصل بالله تعالى، حق الصلة، فكيف يخاف المسلم اذا ما كان معتقداً بأن الأمر كله بيد الله، صحيح ان على المرء أن يأخذ بالأسباب، وأن يعمل على أن يقي نفسه وأهله غوائل الجوع والفقر والمرض والمصائب، لكن عليه أن يضع في حسابه ان النتائج بيد الله سبحانه وتعالى قال الله تعالى: (وكأيِّن من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم) سورة العنكبوت آية 60.
وعن المفهوم الثاني، وهو كون الاسلام منهج حياة شاملا نجد ان الاسلام يدعو الى التعاطف والتآلف والتراحم والمحبة والعطاء، في كل تشريعاته وتعاليمه التي تنظم حياة
الناس وسلوكهم ومعاملاتهم، واضعاً بذلك دعامات أساس للصحة النفسية، ومحاربة الأمراض النفسية كالقلق.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
وحين نتأمل التعبير القرآني الكريم بلفظ، أسرفوا وبلفظ لا تقنطوا ، وتأكيده المتكرر على مغفرة الله للذنوب جميعا، يظهر لنا أن القرآن حرص على حماية المسلم من القنوط وهو أحد المسببات الكبرى للقلق، كما حرص أشد الحرص على سد كل الطرق المؤدية الى نفاذ وساوس الشيطان الى قلب الانسان وفكره، لأن هذه الوساوس تقوم بتضخيم الذنب الى درجة القنوط.
ان موقف الاسلام من الأمراض النفسية وقاية وعلاجاً دلالة أكيدة على تميز هذا الدين العظيم، وحاجة الناس جميعا، مهما كان مكانهم أو زمانهم الى ورود مناهله العذبة، التي تؤيدها الفطر السليمة، ومطالب الانسان المتوازنة,
وقد كان رد الفعل نحو القلق الى وقت ليس بعيدا يعتمد على الادوية او المسكنات او الاستسلام له.
ولكن في السنوات الاخيرة اكتشف ان الانسان يملك في نفسه امكانات هائلة لعكس المشاعر السلبية وعدم الاستسلام لها.
وقد ذكر في كتاب للكاتب الامريكي ديل كارنجي وعنوانه كيف توقف القلق وتبدأ الحياة، وهو كتاب ليس علميا ولكنه منطقي ويحتوي على كثير من المعلومات والحكم والتجارب لفت نظري قصة اوردها عن السيد بودلي وهو مؤلف كبير ومن اسرة انجليزية عريقة إذ ينحدر اصله من السير توماس بودلي مؤسس المكتبة البودلية في اكسفورد. و القصة على لسان بودلي ويتحدث فيها عن تجربته في هزيمة القلق وعنوانها «لقد عشت في حديقة الله» كما يلي:

في عام 1918 قلبت ظهري على العالم الذي اعرفه وذهبت الى شمال افريقيا وعشت مع العرب في الصحراء، حديقة الله. عشت هناك سبع سنوات وتعلمت لغة القبائل الرحل ولبست ملابسهم واكلت طعامهم واعتنقت طريقة حياتهم التي لم تتغير الا قليلا خلال العشرين قرنا الاخيرة.
وقد امتلكت الغنم ونمت على الارض في خيام العرب. كما قمت ايضا بدراسة مفصلة لدينهم. وهذه السنوات السبع التي امضيتها مع هؤلاء الرعاة الرحل كانت اكثر السنوات سكينة وامنا وقناعة في حياتي.
لقد كانت لدي خبرات غنية ومتنوعة. فقد ولدت في باريس من ابوين انجليزيين وعشت السنوات التسع الاولى من عمري في فرنسا وبعد ذلك تعلمت في ايتون وفي الكلية الحربية الملكية في ساندهرست، وامضيت ست سنوات كضابط بريطاني في الهند حيث لعبت البولو وقمت بالصيد وعملت استكشافات مدنية وعسكرية في جبال الهملايا. وحاربت خلال الحرب العالمية الاولى وفي نهايتها بعثت الى مؤتمر السلام في باريس كملحق عسكري مساعد. وقد صدمت لما وجدت السياسيين يضعون البذور لحرب عالمية ثانية بتقاسمهم العالم فيما بينهم واثارة شعوبه وخلق عداء وتنافر واحياء للمكائد والخصومات.
لقد سئمت الحرب وسئمت الجيش والمجتمع وأمضيت ليالي بلا نوم قلق على ماذا يجب علي ان افعله في حياتي. وقد نصحني لويد جورج في الدخول بالسياسة وكنت على وشك ان اقبل بنصيحته عندما حدث شيء غريب شكل حياتي للسنوات السبع القادمة، وكل ذلك حصل نتيجة لمحادثة لي مع تد لورنس «لورنس العرب» الذي عاش في الصحراء ونصحني بالشيء نفسه.
ويقول الكاتب انه قبل نصيحة لورنس ذهب ليعيش مع العرب وانه سعيد بانه فعل ذلك، ويقول انهم علموه كيف ينتصر على القلق فهم ككل المسلمين يؤمنون بالقضاء والقدر ولذلك يواجهون حياتهم ومشكلاتهم بهدوء ولا يستعجلون او يخرجون من طورهم عندما تسير الامور في الاتجاه المعاكس لانهم يؤمنون بان ما اراده الله سيكون ولن يغيره احد

غيره. ويتقاعسون امام الكوارث. فلقد هبت رياح عاتية ومحرقة لمدة ثلاثة ايام وكدت افقد فيها صوابي ولكنهم لم يشتكوا وقالوا ان هذا امر مكتوب. وعندما هدأت العاصفة ذبحوا كل الخرفان لانهم كانوا يعلمون انها ستموت على اي حال وبذلك حافظوا على حياة الامهات ثم ساقوا القطيع الى المياه. وقد اتموا ذلك بهدوء ودون تذمر او شكوى على خسائرهم.

ويعدد الكاتب احداثا اخرى فقد فيها صوابه ولكنهم حافظوا على هدوئهم بفضل ايمانهم ثم عملوا ما يمكن عمله في وقته المناسب راضين بقضاء الله دون حزن او شكوى او الم ويقول ان السنوات السبع التي امضاها مع العرب اقنعته ان العصابيين وفاقدي الصواب ومدمني الكحول في امريكا واوروبا هم ثمرة لحياة متسرعة ومزعجة يحيونها تحت مايسمى بالحضارة.
ويقول ان كثيرا من الناس لايولون القضاء والقدر اهمية ولكن ما تعلمه من العرب للاستكانة للمقدر قد عمل لاعصابه ما لا تستطيع آلاف المسكنات ان تحققه.
هذه فكرة اسوقها لك يا اخي لاذكرك بان لك في ايمانك معينا لاينضب من القوة التي بوسعك ان تكافح بها القلق وتهزمه ولا يهزمك. فهذا الكون هو اكبر من كل منا وما علينا الا ان نعمل ما بوسعنا في الرخاء والشدة وترك ما نعجز عنه لخالق هذا الكون ومدبره. ولذلك القلق جزء أساس في حياتنا........




أهم خطوة في العلاج
هي إدراك أن لديك مشكلة القلق وأنها بحاجة إلى علاج.
أولاً: ساعد نفسك:
- ابحث عن الأمور التي تسبب لك التوتر والقلق وحاول تعديلها
- ابحث عن حلول متعددة للأمور التي تؤدى إلى توترك.
- تجنب الأشخاص والمواقف التي تسبب لك التوتر الشديد
- قد تنفع مواجهة الأشخاص الذين يسببون لك التوتر والتحدث اليهم بصورة منفتحة عن مشكلتك معهم.
- حاول التعايش مع ما لا يمكنك تغييره وذلك بتقبله، ويمكن عمل هذا بالإيحاء للنفس، فمثلاً: أن تقول لنفسك "هذا الشخص مزعج و يريد أن يزعجني و لكن لن أدعه، ولن أتوتر بسببه" وتكرار عبارات كهذه.
- تنازل عن فكرة أن حياتك وإنجازاتك يجب أن تكون مثالية و ارض ببعض العيوب.
-لا تكبت مشاعرك باستمرار.
- قلل من الشعور بالذنب.
- ثق بنفسك وكذلك بالآخرين.
- حاول التعبير عن نفسك و عن مشاعرك.
- حاول أن تتفهم حقيقة أسباب غضبك.
- انظر للحياة بتفاؤل و إيجابية.

- فكر فقط في مشاكل و إحداث يومك، ولا تفترض حدوث مشاكل في المستقبل ثم تشغل تفكيرك فيها.
ثانيا: قم بتمرين استرخاء: تعلم كيف تجعل جسدك وعقلك يسترخيان، وخذ عهداً على نفسك بالاسترخاء
يوميا من 10 - 20 دقيقة.



ثالثا: فرغ جزءاً من يومك لقراءة مواد يمكن أن تخفف من توترك
- حافظ على الأذكار اليومية التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، واجعل لنفسك حداً أدنى
يجب قراءته حتى لوكنت مشغولاً
- اقرأ من كتاب الله تعالى يومياً ولو صفحة
- استعن ببعض الكتب المفيدة مثل :
* جدد حياتك للشيخ / محمد الغزالى *
* لا تهتم بصغائر الأمور فكل الأمور صغائر*/ لريتشارد كارلسون (مكتبة جرير)
* مجموعة أشرطة وكتيب: كن مطمئنا*ً/ للدكتور صلاح الراشد (يباع لدى التسجيلات الإسلامية و المكتبات)
رابعاً: التمرينات الرياضية
ولو لعشر دقائق في اليوم (أو ثلاث مرات أسبوعياً كحد أدنى)تفيد كثيراً في التقليل من التوتر.
خامساً إذا حاولت عمل كل ماسبق ولم يجد فيمكن الاستعانة بطبيب العائلة أو الطبيب النفسي لوصف بعض الأدوية التي يمكن أن تساعدك.



عشـرون وصيــة لتجنـب القلـق
كن مطمئناً.. تغلب على القلق
إليك الوسائل التي تساعدك على التخلص من الكآبة وهي ما يأتي :
ـ حاول أن تتخلص من الحزن والقلق الدائم الذي يسيطر عليك.
ـ إن شعرت بتعكر مزاجك لدون سبب معين عليك الخروج وأخذ كميات كبيرة من الأوكسجين عن طريق ممارسة رياضة التنفس المعروفة.
ـ حاول أن تهتم بالآخرين مما يضفي عليك السعادة.
ـ إن شعرت بفقدان المتعة في مباهج الحياة عليك السيطرة على هذا الشعور في الحال.
ـ حاول أن تشترك بالأنشطة التي تتميز بالمتعة البريئة.
ـ تخلص من الشعور بالتشاؤم وبدله تفاؤلاً بالحياة.
ـ حاول أن تواجه مشاكل الحياة بصبر وسعة صدر.
ـ تخلص من الشعور بالذنب إن كان لديك.
ـ فكر بقيمتك وأهميتك لدى عائلتك ولدى المجتمع.
ـ تفاعل مع عواطف وانفعالات الآخرين الإيجابية.
ـ سيطر على كثرة النوم الذي تعاني منه وذلك بتنظيم ساعات النوم واهتم بتنظيم الساعة البيولوجية لجسمك.
ـ مارس تمارين الاسترخاء والتأمل.
ـ حاول أن تساعد الآخرين بما تستطيع مما يسبغ عليك الراحة النفسية.
ـ سيطر على مشكلة الشراهة في الأكل التي لديك واشغل نفسك عنها وابعد أي تفكير بالطعام عنك مهما كلفك الأمر ولتكن إرادتك قوية في ذلك.
ـ حاول أن تسيطر على المشاكل النفسية الأخرى التي تشعر بها.
ـ سيطر على انفعالاتك إن شعرت بالعصبية والتوتر.
ـ مارس التمارين الرياضية البسيطة كلما شعرت بالخمول وعدم القدرة على الحركة.


ـ تمتع بالهدوء والاسترخاء خاصة وقت الغروب.
ـ سيطر على ما تعاني من صعوبة في التركيز وذلك بتنظيم القراءة والتحضير لها.
ـ حاول السيطرة على النسيان إن كنت تعاني منه.
ـ لتكن قراراتك منطقية وسليمة إن كانت في الدراسة أو الحياة الاجتماعية الأخرى كي تتمتع بالاستقرار النفسي.
ـ اقرأ آية الكرسي كلما شعرت بضيق واطلب من الله أن يخفف عنك هذه الحالة.
ـ تصدق على الفقراء والمساكين إن كنت تستطيع ذلك وهذه المحاولة تعطيك الراحة النفسية.
ـ صادق الذين يتمتعون بروح التفاؤل والمرح والمستقيمين أخلاقيا واجتماعيا.
ـ مارس رياضة التأمل وخاصة بقدرة الخالق وما أسبغه عليك من نعم.
ـ حاول أن تجعل المشاكل التي تتعرض لها صغيرة مهما كان حجمها.
ـ اقنع بما لديك ولا تكلف نفسك فوق طاقتها.
ـ اقرأ ما هو مسل ومفيد من الناحية العلمية والثقافية.
ـ اهتم بساعات النوم والطعام والراحة والدراسة وحدد لكل فعالية وقتها المحدد لها مما يؤدي إلى الراحة النفسية بعيدا عن القلق.
ـ استعن بمعالج نفسي ليعينك على التخلص من حالتك هذه وذلك باستعمال العلاج النفسي السلوكي المعرفي والتدعيمي.




الخاتمة
أسأله تعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل والعمل الصالح ونسأله حياة السعداء وموت الشهداء ، إنه جواد كريم.




الفهرس
الموضوع رقم الصفحة
مقدمة 2-3
تعريف القلق 4
ما هو القلق المرَضي؟

ما هي أعراض القلق

هل القلق مرض خطير
أسباب القلق
الاسباب العامة للقلق
علاج القلق
علاج القلق كما ذكرها ديل كارنيجي
اهم الخطوة في علاج القلق
عشرون وصية لتجنب القلق
الخاتمة
الفهرس---


منقول ---

طيف المدينة
04 Aug 2010, 08:10 AM
http://up.ala7ebah.com/img/QzX51042.jpg

نقل مُوفق بارك الله فيك أختي أم حفصه ..

لكِ شكري وتقييمي

ام حفصه
14 Jan 2013, 12:54 PM
سعيده ان الموضوع نال استحسانكم ----