همي الدعوه
27 Jun 2010, 12:07 AM
روح المتفائل
سعيد بن محمد آل ثابت
يرتاد أرواحنا من حوادث الدنيا ما يعتري النفس دوماً فيورث هموماً وأحزاناً , وربما تكدر الخاطر , وشابه شيء من وقفات الانتظار الطويلة لرؤية عواقب الأمور , والتبصر في ثنايا الحدث القائم .
كل هذا شيء طبيعي لا يخلو منه أي بشر مهما زكى , بل هذا المصطفى صلى الله عليه وسلم يخرج من الطائف إلى قرن الثعالب هائماً على وجه إثر موقف أهل الطائف ذاك الزمان تجاهه .
لكن إزاء ذلك نجد أن وجود التفاؤل , والنظرة للزاوية الإيجابية من كل ما يعكر الفكر سيخلق روحاً جديدة مفادها علو الهمة , وتناسي غبار الحادثة واستنشاق عطراً فواحاً لتفاؤل مجيد فتكمن هناك مصدات دفاعية لمواجهة المصاعب والأحزان أيًا كانت .
ويجدر بنا الوقوف الجاد مع هذه النقطة حيث نجد القليل هم الذين يقلبون المحن إلى منح , وهم الذين يحسنون الظن في ربهم , وهم الذين تبقى رؤوسهم شماء عالية لا يستعبدها سوى الذي خلقها , ولعلنا في هذه العجالة أن نتعاطى هذا الموضوع من نقطتين , الأولى نتاج الروح المتفائلة , والثانية كيف نجعل من ذواتنا أرواحاً متفائلة ؟ .
أولاً: ما هي الآثار والنتائج من الأرواح المتفائلة ؟.
1. على الأفراد : نيل الأجر والثواب في الصبر والتصبر, قال تعالى : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " [البقرة:155-157] .
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " . متفق عليه(واللفظ للبخاري).
وهذا إن صبر صبراً لا سخط فيه , وقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ) .
- العيش بطريقة متوازنة دينياً واجتماعياً إذ التفاؤل يعكس على نفس صاحبه أنه لم يتغير شيء في حياته ليجعله منهزماً متشائماً , وفي المقابل فإن المتشائم يفقد حيويته , وتفاعله مما يقد يرمي نفسه بالتهم الزائفة والتي ستزيد من كثرة جراحه , ونشوب نار القلق و الاكتئاب في ذاته .
- خلق كثير من الفرص وطرق التعويض في غضون التحديات والمفاوز التي تحدث , وهذا يشكل روحاً مرنة تتعايش مع أي نازلة (بإذن الله).
2. على المجتمع: وجود تعاون على كافة أصعدة القضايا العمومية من حيث التكاتف في دفع الأضرار , وإيجاد الأسباب في جلب الخير.
- انتشار ثقافة الأعمال التطوعية والمشاريع الخيرية , وإن وجود مبادرات تطوعية لخدمة المجتمع والقيام على مصالحه يندثر معها لاشك إسقاط المشكلات على الغير أو حتى الوقوف موقف المتفرج , فيكن هناك روح التفاؤل والإيجابية .
- تطبيع الثقافة التفاؤلية على مستوى الجماعات والأفراد , والعمل بالروح المتفائلة مهما بلغت المخاطر والحواجز النفسية والوهمية . ثانياً:كيف الطريق لإيجاد الروح المتفائلة في ذواتنا .
- سندمج هنا ما يكون على الفرد والمجتمع إذ ما يقوم به الفرد سيكون أثره على المجتمع , وما سيفعله المجتمع لن يقوم به سوى الأفراد.
- الوقوف عند نصوص الوحي الرباني والهدي النبوي , وأخذ كامل العظة والتدبر منهما , والقراءة في أخبار وواقع فعل السلف-رضي الله عنهم-وهذه بعض النماذج , وهي كثيرة جداً:
- الله سبحانه يقول عن المؤمنين في غزوة الأحزاب:" وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " .
- رد الرسول -عليه الصلاة والسلام- لخباب بن الأرت حين أتاه كما جاء في الحديث الصحيح , عن خبّاب بن الأرت قال قلنا يارسول الله ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو الله لنا ، فقال :" إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع الميشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ثم قال : والله ليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه ، ولكنكم قوم تستعجلون ".
- موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين كان يحرض الناس على جهاد التتار ويقول نحن منصورون قالوا له : قل إن شاء الله كان يقول : تحقيقاً لا تعليقاً , أي أن الله تعالى محقق ذلك بمشيئته وقدرته فشاء الله النصر , وهذا يدل على ثقة شيخ الإسلام بنصر الله تعالى وعلى قوة إيمانه .
- التواجد دائماً في البيئات المتفائلة , الإيجابية , والعكس صحيح , وقد ذكر المولى-تبارك وتعالى - في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم - :" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " , وذاك نظير الروح التي يمتلكونها فهم يدعون إلى الله في الغداة والعشي , وهذا دليل على إيجابية نفوسهم , وتفاؤل أرواحهم , وعدم عجزهم , وتخاذلهم.
- التدرب على حل المشكلات , وإدارة الأزمات , وفقه ذلك من أرباب الحق، والتعلم على إيجاد البدائل , وإيجاد القرارات الناجحة وفق منطق رائد منبثق من الأطر الأصولية , والحقائق النفيسة , ولا أدل من النفس الطويل التي تحظى به بعض الأقليات الإسلامية المضطهدة , والمشاريع المحاربة , بل حتى الأفراد المنكوبين , والذي تظهر في ردات أفعالهم ما يشهد التاريخ لهم بجسارة فؤاد وحسن نظر .
- تربية النشء دائماً وأبداً على التفاؤل واستقصاء الحلول والبدائل في غضون أي صغيرة وكبيرة , ورفض أي تقاعس في بذل ما يستطيعه تجاه طلب مرغوب أو دفع ضرر .
وهكذا فإن الحياة الدنيا واحدة لا تستحق أن يجعلها الإنسان عائقه عن التغيير والتجديد , فعش سوياً طامح العليا , و ليكن مرماك التغيير والتأثير ؛ وكل ما تجده من الأزمات , والمعوقات تجعله عوناً لمسيرتك لا معيقاً عنها , وذلك مذهب العظماء . .
وأما العيش مستسلماً فهذا شأن واهن النفس , ولكل وجهة هو موليها .
ياله من دين
سعيد بن محمد آل ثابت
يرتاد أرواحنا من حوادث الدنيا ما يعتري النفس دوماً فيورث هموماً وأحزاناً , وربما تكدر الخاطر , وشابه شيء من وقفات الانتظار الطويلة لرؤية عواقب الأمور , والتبصر في ثنايا الحدث القائم .
كل هذا شيء طبيعي لا يخلو منه أي بشر مهما زكى , بل هذا المصطفى صلى الله عليه وسلم يخرج من الطائف إلى قرن الثعالب هائماً على وجه إثر موقف أهل الطائف ذاك الزمان تجاهه .
لكن إزاء ذلك نجد أن وجود التفاؤل , والنظرة للزاوية الإيجابية من كل ما يعكر الفكر سيخلق روحاً جديدة مفادها علو الهمة , وتناسي غبار الحادثة واستنشاق عطراً فواحاً لتفاؤل مجيد فتكمن هناك مصدات دفاعية لمواجهة المصاعب والأحزان أيًا كانت .
ويجدر بنا الوقوف الجاد مع هذه النقطة حيث نجد القليل هم الذين يقلبون المحن إلى منح , وهم الذين يحسنون الظن في ربهم , وهم الذين تبقى رؤوسهم شماء عالية لا يستعبدها سوى الذي خلقها , ولعلنا في هذه العجالة أن نتعاطى هذا الموضوع من نقطتين , الأولى نتاج الروح المتفائلة , والثانية كيف نجعل من ذواتنا أرواحاً متفائلة ؟ .
أولاً: ما هي الآثار والنتائج من الأرواح المتفائلة ؟.
1. على الأفراد : نيل الأجر والثواب في الصبر والتصبر, قال تعالى : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " [البقرة:155-157] .
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " . متفق عليه(واللفظ للبخاري).
وهذا إن صبر صبراً لا سخط فيه , وقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ) .
- العيش بطريقة متوازنة دينياً واجتماعياً إذ التفاؤل يعكس على نفس صاحبه أنه لم يتغير شيء في حياته ليجعله منهزماً متشائماً , وفي المقابل فإن المتشائم يفقد حيويته , وتفاعله مما يقد يرمي نفسه بالتهم الزائفة والتي ستزيد من كثرة جراحه , ونشوب نار القلق و الاكتئاب في ذاته .
- خلق كثير من الفرص وطرق التعويض في غضون التحديات والمفاوز التي تحدث , وهذا يشكل روحاً مرنة تتعايش مع أي نازلة (بإذن الله).
2. على المجتمع: وجود تعاون على كافة أصعدة القضايا العمومية من حيث التكاتف في دفع الأضرار , وإيجاد الأسباب في جلب الخير.
- انتشار ثقافة الأعمال التطوعية والمشاريع الخيرية , وإن وجود مبادرات تطوعية لخدمة المجتمع والقيام على مصالحه يندثر معها لاشك إسقاط المشكلات على الغير أو حتى الوقوف موقف المتفرج , فيكن هناك روح التفاؤل والإيجابية .
- تطبيع الثقافة التفاؤلية على مستوى الجماعات والأفراد , والعمل بالروح المتفائلة مهما بلغت المخاطر والحواجز النفسية والوهمية . ثانياً:كيف الطريق لإيجاد الروح المتفائلة في ذواتنا .
- سندمج هنا ما يكون على الفرد والمجتمع إذ ما يقوم به الفرد سيكون أثره على المجتمع , وما سيفعله المجتمع لن يقوم به سوى الأفراد.
- الوقوف عند نصوص الوحي الرباني والهدي النبوي , وأخذ كامل العظة والتدبر منهما , والقراءة في أخبار وواقع فعل السلف-رضي الله عنهم-وهذه بعض النماذج , وهي كثيرة جداً:
- الله سبحانه يقول عن المؤمنين في غزوة الأحزاب:" وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " .
- رد الرسول -عليه الصلاة والسلام- لخباب بن الأرت حين أتاه كما جاء في الحديث الصحيح , عن خبّاب بن الأرت قال قلنا يارسول الله ألا تستنصر لنا ، ألا تدعو الله لنا ، فقال :" إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع الميشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ، ثم قال : والله ليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه ، ولكنكم قوم تستعجلون ".
- موقف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين كان يحرض الناس على جهاد التتار ويقول نحن منصورون قالوا له : قل إن شاء الله كان يقول : تحقيقاً لا تعليقاً , أي أن الله تعالى محقق ذلك بمشيئته وقدرته فشاء الله النصر , وهذا يدل على ثقة شيخ الإسلام بنصر الله تعالى وعلى قوة إيمانه .
- التواجد دائماً في البيئات المتفائلة , الإيجابية , والعكس صحيح , وقد ذكر المولى-تبارك وتعالى - في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم - :" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " , وذاك نظير الروح التي يمتلكونها فهم يدعون إلى الله في الغداة والعشي , وهذا دليل على إيجابية نفوسهم , وتفاؤل أرواحهم , وعدم عجزهم , وتخاذلهم.
- التدرب على حل المشكلات , وإدارة الأزمات , وفقه ذلك من أرباب الحق، والتعلم على إيجاد البدائل , وإيجاد القرارات الناجحة وفق منطق رائد منبثق من الأطر الأصولية , والحقائق النفيسة , ولا أدل من النفس الطويل التي تحظى به بعض الأقليات الإسلامية المضطهدة , والمشاريع المحاربة , بل حتى الأفراد المنكوبين , والذي تظهر في ردات أفعالهم ما يشهد التاريخ لهم بجسارة فؤاد وحسن نظر .
- تربية النشء دائماً وأبداً على التفاؤل واستقصاء الحلول والبدائل في غضون أي صغيرة وكبيرة , ورفض أي تقاعس في بذل ما يستطيعه تجاه طلب مرغوب أو دفع ضرر .
وهكذا فإن الحياة الدنيا واحدة لا تستحق أن يجعلها الإنسان عائقه عن التغيير والتجديد , فعش سوياً طامح العليا , و ليكن مرماك التغيير والتأثير ؛ وكل ما تجده من الأزمات , والمعوقات تجعله عوناً لمسيرتك لا معيقاً عنها , وذلك مذهب العظماء . .
وأما العيش مستسلماً فهذا شأن واهن النفس , ولكل وجهة هو موليها .
ياله من دين