وما توفيقي إلا بالله
16 Jun 2010, 03:18 PM
ترجمة التابعي الجليل مجاهد بن جبر
اسمه ونسبه:
هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر، ويقال: ابن جبير. المكي. أبو محمد. القرشي المخزومي، مولاهم، الفارسي أصلا.
ولادته ونشأته:
ولد بمكة المكرمة في خلافة أمير المؤمنين عمر الخطاب رضي الله عنه سنة 21 هجرية. وبولادته في هذه الفترة التي هي فترة انتشار الصحابة في البلاد، وبأخذه عن جملة منهم كما يأتي بحول الله، فإنه يعد من طبقة التابعين.
وقد امتد عمره ليشمل حكم جل الخلفاء الراشدين الأربعة، وبني أمية إلى عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه، واستوطن بين مكة المكرمة والكوفة، وهو الأمر الذي هيأ له الأخذ عن جمع كبير من الصحابة الكرام، وأن يأخذ عنه جمع من التابعين وتابعيهم، من أئمة الأمصار الذين انتشروا في البلاد فيما بعد.
رحلاته:
كانت لمجاهد رغبة خاصة في السفر، فكان لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، فقد رحل إلى اليمن، وحضرموت التي زار بها بئر برهوت، وبابل.
كما زار مصر، وروى بها عن مسلمة بن مخلد، وعنه جمع كبير.
والكوفة استقر بها وقتا كبيرا حتى عد من أعلام العراق.
كما زار مدينة "توج" في منطقة ما بين النهرين، ومدينة "رودس" التي كان مجاهدا في الفوج الذي فتحها وأقام بها سبع سنين يعلم القرآن، وزار القسطنطينية وشارك في الجيش الذي حاول فتحها كذلك.
أما المدينة المنورة ومكة المكرمة؛ فقد استوطنهما وأخذ بهما عن جملة من الصحابة وغيرهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
شيوخه:
أخذ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والتزمه، كما سمع من علي ابن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة الصديقة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن ععمرو، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج...وغيرهم.
حاله:
سكن الكوفة، وسمع منه كثيرون، وكان من الثقات الذين أخذ عنهم وانتشرت روايتهم. كما انتشر ما كان يبديه من رأي في الأحكام الفقهية وفي الفتاوى، وتفسير بعض الآيات، ورد بعض الكلمات إلى أصولها من لغات أخرى: الفارسية، والسريانية، والنبطية...وغيرها.
فهومحدث مفسر لغوي، باحث عن الأخبار والآثار، وقد انعكست معارفه هذه على تفسيره الذي اشتهر منذ العصور الأولى، واعتمده كثير من الأئمة ونقلوا عنه منقولات كثيرة، وفي مقدمتهم: سفيان الثوري(2).
تفسيره:
اشتهر هذا التفسير بما نقله عنه أئمة الحديث والتفسير منذ عهد البخاري إلى عهد المفسر الطبري، إلى ما بعدهما، وكان الإمام الطبري – رحمه الله تعالى – بصفة خاصة قد اعتمد على تفسير مجاهد بواسطة روايته المتصلة بصاحبه، بحيث يمكننا أن نستخرج جل نصوص تفسير مجاهد من تفسير الطبري مع عدة روايات.
فتفسير مجاهد من التفاسير التي نقلت عن أصحابها بواسطة الرواة، ومجاهد يروي ما يمليه على تلاميذه مما سمعه من حبر الأمة ابن عباس وغيره من الصحابة، ثم يستعمل رأيه في تفسير بعض الكلمات اعتمادا على ما يعرفه من المعاني اللغوية، كما يستعمل رأيه في توضيح بعض الدلالات لحملها على محمل معروف من الحقيقة والمجاز.
وبذلك عُد مجاهد في تفسيره هذا المروي عنه من أوائل من جمع بين المأثور في التفسير وبين شيء من الرأي والتأويل والإشارة إلى المعاني البلاغية.
وقد اهتم بتحقيق هذا التفسير والتعليق عليه العالم المحقق الأستاذ عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتي من مجمع البحوث الإسلامية بإسلام أباد – باكستان، في مجلدين، نشرتهما دار المنشورات العلمية ببيروت من غير ذكر لتاريخ الطبع(3).
وضبط نصه وخرج أحاديثه الأستاذ أبو محمد الأسيوطي، في نسخة قامت بطبعها دار الكتب العلمية ببيروت – لبنان، بتاريخ 2005.
الآخذون عنه:
أخذ عن الإمام مجاهد رضي الله عنه جمع من أئمة التابعين وتابعيهم، منهم: عكرمة مولى ابن عباس، والفضيل بن عمرو، وقتادة بن دعامة السدوسي، وعطاء ابن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم، وعمرو بن عبد الله بن عبيد، وأيوب بن كيسان، وفطر بن خليفة، وعبد الله بن عون البصري...وغيرهم.
أقوال العلماء فيه:
تظهر مكانة الإمام مجاهد من شهادات أئمة السلف، وأعلام الجرح والتعديل فيه؛ فقد قال ابن سعد: "ثقة فقيه عالم، كثير الحديث". وقال يحيى بن معين: "ثقة"، وقال أبو حاتم ابن حبان: "كان فقيها ورعا عابدا، متقنا". وقال يحيى القطان: "أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به". وقال قتادة: "اعلم من بقي بالتفسير: مجاهد". وقال الطبري: "كان قارئا عالما".
وقال الحافظ الذهبي: "أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به". وقال الحافظ ابن كثير: "أحد أئمة التابعين والمفسرين، كان من أخصاء أصحاب ابن عباس، وكان أعلم أهل زمانه بالتفسير حتى قيل: إنه لم يكن أحد يريد بالعلم وجه الله إلا مجاهد وطاووس". وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، إمام في التفسير وفي العلم".
وفاته:
توفي الإمام مجاهد بن جبر – رحمه الله تعالى – بمكة المكرمة، وكانت وفاته بين عامي 101 – 104 هـ، على خلاف بين المؤرخين في ذلك، وله من العمر نيف وثمانون عاما.
--------------------------------------------------------------------------
(1) مصادر الترجمة: انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" (27/ 228)، و"سير أعلام النبلاء" (4/ 257)، و"البداية والنهاية" (9/ 224)، و"تهذيب التهذيب" (10/ 38)، و"طبقات القراء" لابن الجزري (2/ 41) ..وغيرها.
(2) "معجم تفاسير القرآن الكريم" (ص554).
(3) "معجم تفاسير القرآن الكريم" (ص555).
اسمه ونسبه:
هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر، ويقال: ابن جبير. المكي. أبو محمد. القرشي المخزومي، مولاهم، الفارسي أصلا.
ولادته ونشأته:
ولد بمكة المكرمة في خلافة أمير المؤمنين عمر الخطاب رضي الله عنه سنة 21 هجرية. وبولادته في هذه الفترة التي هي فترة انتشار الصحابة في البلاد، وبأخذه عن جملة منهم كما يأتي بحول الله، فإنه يعد من طبقة التابعين.
وقد امتد عمره ليشمل حكم جل الخلفاء الراشدين الأربعة، وبني أمية إلى عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه، واستوطن بين مكة المكرمة والكوفة، وهو الأمر الذي هيأ له الأخذ عن جمع كبير من الصحابة الكرام، وأن يأخذ عنه جمع من التابعين وتابعيهم، من أئمة الأمصار الذين انتشروا في البلاد فيما بعد.
رحلاته:
كانت لمجاهد رغبة خاصة في السفر، فكان لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، فقد رحل إلى اليمن، وحضرموت التي زار بها بئر برهوت، وبابل.
كما زار مصر، وروى بها عن مسلمة بن مخلد، وعنه جمع كبير.
والكوفة استقر بها وقتا كبيرا حتى عد من أعلام العراق.
كما زار مدينة "توج" في منطقة ما بين النهرين، ومدينة "رودس" التي كان مجاهدا في الفوج الذي فتحها وأقام بها سبع سنين يعلم القرآن، وزار القسطنطينية وشارك في الجيش الذي حاول فتحها كذلك.
أما المدينة المنورة ومكة المكرمة؛ فقد استوطنهما وأخذ بهما عن جملة من الصحابة وغيرهم كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
شيوخه:
أخذ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والتزمه، كما سمع من علي ابن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة الصديقة، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن ععمرو، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج...وغيرهم.
حاله:
سكن الكوفة، وسمع منه كثيرون، وكان من الثقات الذين أخذ عنهم وانتشرت روايتهم. كما انتشر ما كان يبديه من رأي في الأحكام الفقهية وفي الفتاوى، وتفسير بعض الآيات، ورد بعض الكلمات إلى أصولها من لغات أخرى: الفارسية، والسريانية، والنبطية...وغيرها.
فهومحدث مفسر لغوي، باحث عن الأخبار والآثار، وقد انعكست معارفه هذه على تفسيره الذي اشتهر منذ العصور الأولى، واعتمده كثير من الأئمة ونقلوا عنه منقولات كثيرة، وفي مقدمتهم: سفيان الثوري(2).
تفسيره:
اشتهر هذا التفسير بما نقله عنه أئمة الحديث والتفسير منذ عهد البخاري إلى عهد المفسر الطبري، إلى ما بعدهما، وكان الإمام الطبري – رحمه الله تعالى – بصفة خاصة قد اعتمد على تفسير مجاهد بواسطة روايته المتصلة بصاحبه، بحيث يمكننا أن نستخرج جل نصوص تفسير مجاهد من تفسير الطبري مع عدة روايات.
فتفسير مجاهد من التفاسير التي نقلت عن أصحابها بواسطة الرواة، ومجاهد يروي ما يمليه على تلاميذه مما سمعه من حبر الأمة ابن عباس وغيره من الصحابة، ثم يستعمل رأيه في تفسير بعض الكلمات اعتمادا على ما يعرفه من المعاني اللغوية، كما يستعمل رأيه في توضيح بعض الدلالات لحملها على محمل معروف من الحقيقة والمجاز.
وبذلك عُد مجاهد في تفسيره هذا المروي عنه من أوائل من جمع بين المأثور في التفسير وبين شيء من الرأي والتأويل والإشارة إلى المعاني البلاغية.
وقد اهتم بتحقيق هذا التفسير والتعليق عليه العالم المحقق الأستاذ عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتي من مجمع البحوث الإسلامية بإسلام أباد – باكستان، في مجلدين، نشرتهما دار المنشورات العلمية ببيروت من غير ذكر لتاريخ الطبع(3).
وضبط نصه وخرج أحاديثه الأستاذ أبو محمد الأسيوطي، في نسخة قامت بطبعها دار الكتب العلمية ببيروت – لبنان، بتاريخ 2005.
الآخذون عنه:
أخذ عن الإمام مجاهد رضي الله عنه جمع من أئمة التابعين وتابعيهم، منهم: عكرمة مولى ابن عباس، والفضيل بن عمرو، وقتادة بن دعامة السدوسي، وعطاء ابن أبي رباح، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم، وعمرو بن عبد الله بن عبيد، وأيوب بن كيسان، وفطر بن خليفة، وعبد الله بن عون البصري...وغيرهم.
أقوال العلماء فيه:
تظهر مكانة الإمام مجاهد من شهادات أئمة السلف، وأعلام الجرح والتعديل فيه؛ فقد قال ابن سعد: "ثقة فقيه عالم، كثير الحديث". وقال يحيى بن معين: "ثقة"، وقال أبو حاتم ابن حبان: "كان فقيها ورعا عابدا، متقنا". وقال يحيى القطان: "أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به". وقال قتادة: "اعلم من بقي بالتفسير: مجاهد". وقال الطبري: "كان قارئا عالما".
وقال الحافظ الذهبي: "أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به". وقال الحافظ ابن كثير: "أحد أئمة التابعين والمفسرين، كان من أخصاء أصحاب ابن عباس، وكان أعلم أهل زمانه بالتفسير حتى قيل: إنه لم يكن أحد يريد بالعلم وجه الله إلا مجاهد وطاووس". وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة، إمام في التفسير وفي العلم".
وفاته:
توفي الإمام مجاهد بن جبر – رحمه الله تعالى – بمكة المكرمة، وكانت وفاته بين عامي 101 – 104 هـ، على خلاف بين المؤرخين في ذلك، وله من العمر نيف وثمانون عاما.
--------------------------------------------------------------------------
(1) مصادر الترجمة: انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" (27/ 228)، و"سير أعلام النبلاء" (4/ 257)، و"البداية والنهاية" (9/ 224)، و"تهذيب التهذيب" (10/ 38)، و"طبقات القراء" لابن الجزري (2/ 41) ..وغيرها.
(2) "معجم تفاسير القرآن الكريم" (ص554).
(3) "معجم تفاسير القرآن الكريم" (ص555).