الرحال99
20 Feb 2010, 01:46 PM
سَبَقَ السيفُ العذل
ما أكثر الذين يقدمون على العمل بتسرع وقبل إعمال الفكر، وتقليب الأمور على وجوهها المختلفة، حتى إذا فاجأتهم النتيجة التي لم تكن في الحسبان، وجرت عليهم بالخسارة والفشل، راحوا يلومون أنفسهم على غير طائل، فما فائدة اللوم بعد مضي الفعل، وانقضاء الأمر؟ لقد “سبق السيف العذل”.. كما عبرت العرب في المثل أصدق تعبير.. وكان أول من قال المثل: ضبة بن أد المضري، فقد كان له ابنان: سعد وسعيد، وحدث أن نفرت إبل لضبة في الليل فأرسل ابنيه في طلبها فوجدها سعد فردها، ولكن سعيداً واصل الطلب في طريق أخرى، فلقيه الحارث بن كعب، وطلب منه برديه، فرفض سعيد أن يعطيه إياهما فقتله ثم أخذهما.
ثم حج ضبة بن أد بعد ذلك بزمان، وجاء عكاظ، فلقي فيها الحارث بن كعب، ورأى عليه بُردي ابنه سعيد فعرفهما، فقال له ضبة: “هل أنت مخبري ما هذان البُردان، فقد أعجبني منظرهما؟”. فقال الحارث: “لقيت غلاماً وهما عليه، فسألته إياهما فأبى عليّ، فقتلته وأخذتهما” فعرف ضبة أن الحارث هو الذي قتل ابنه.
فقال له: أبسيفك هذا قتلته؟ قال: نعم. قال ضبة: ألا ترني إياه، فإني أظنه صارماً. فأعطاه إياه، فلما أخذه منه هزه وقال: إن الحديث ذو شجون، فذهب قوله مثلاً، ثم ضربه فقتله، فقيل له: يا ضبة أتقتل في الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل، فذهب قوله مثلاً، والمعنى هو أن الأمر قد مضى وانقضى وسبق، فما الفائدة من اللوم؟
وفي هذا المعنى يقول الطغرائي في لاميته:
إن كان ينجع شيء في ثباتهم
على العهود، فسبق السيف العذل
ومعناه أنه لا شيء يفيد في ثباتهم على العهد والولاء، كاللوم بعد أن يكون السيف قد ضرب ضربته.
ويقول جرير:
يُكلفني رد الغرائب بعدما
سبقن كسبق السيف ما قال عاذله
ويقول السراج الوراق:
قلت إذ جرد لحظ
حده يدني الأجل
يا عذولي كف عني
سبق السيف العذل
وقال بدر الدين بن يوسف بن لؤلؤ الذهبي:
يا غصينا طاب لي منه الجنى
وغزالاً لذّ لي فيه الغزل
طرفك قبل العذل قد أبادني
ما احتيالي سبق السيف العذل
وقال أبو الطيب:
تُرابهُ في كلابٍ كُحل أعينها
وسيفه في جَنابٍ يسبق العذلا
وقال ابن الحاجب:
وحاولت بالعذل أن ترشدني
فقلتُ مهلاً سبق السيف العذل
وقال ابن نباته السعدي:
يا أهل بابل عزمي قبله فكري
في النائبات وسيفي يسبق العذلا
ما أكثر الذين يقدمون على العمل بتسرع وقبل إعمال الفكر، وتقليب الأمور على وجوهها المختلفة، حتى إذا فاجأتهم النتيجة التي لم تكن في الحسبان، وجرت عليهم بالخسارة والفشل، راحوا يلومون أنفسهم على غير طائل، فما فائدة اللوم بعد مضي الفعل، وانقضاء الأمر؟ لقد “سبق السيف العذل”.. كما عبرت العرب في المثل أصدق تعبير.. وكان أول من قال المثل: ضبة بن أد المضري، فقد كان له ابنان: سعد وسعيد، وحدث أن نفرت إبل لضبة في الليل فأرسل ابنيه في طلبها فوجدها سعد فردها، ولكن سعيداً واصل الطلب في طريق أخرى، فلقيه الحارث بن كعب، وطلب منه برديه، فرفض سعيد أن يعطيه إياهما فقتله ثم أخذهما.
ثم حج ضبة بن أد بعد ذلك بزمان، وجاء عكاظ، فلقي فيها الحارث بن كعب، ورأى عليه بُردي ابنه سعيد فعرفهما، فقال له ضبة: “هل أنت مخبري ما هذان البُردان، فقد أعجبني منظرهما؟”. فقال الحارث: “لقيت غلاماً وهما عليه، فسألته إياهما فأبى عليّ، فقتلته وأخذتهما” فعرف ضبة أن الحارث هو الذي قتل ابنه.
فقال له: أبسيفك هذا قتلته؟ قال: نعم. قال ضبة: ألا ترني إياه، فإني أظنه صارماً. فأعطاه إياه، فلما أخذه منه هزه وقال: إن الحديث ذو شجون، فذهب قوله مثلاً، ثم ضربه فقتله، فقيل له: يا ضبة أتقتل في الشهر الحرام؟ فقال: سبق السيف العذل، فذهب قوله مثلاً، والمعنى هو أن الأمر قد مضى وانقضى وسبق، فما الفائدة من اللوم؟
وفي هذا المعنى يقول الطغرائي في لاميته:
إن كان ينجع شيء في ثباتهم
على العهود، فسبق السيف العذل
ومعناه أنه لا شيء يفيد في ثباتهم على العهد والولاء، كاللوم بعد أن يكون السيف قد ضرب ضربته.
ويقول جرير:
يُكلفني رد الغرائب بعدما
سبقن كسبق السيف ما قال عاذله
ويقول السراج الوراق:
قلت إذ جرد لحظ
حده يدني الأجل
يا عذولي كف عني
سبق السيف العذل
وقال بدر الدين بن يوسف بن لؤلؤ الذهبي:
يا غصينا طاب لي منه الجنى
وغزالاً لذّ لي فيه الغزل
طرفك قبل العذل قد أبادني
ما احتيالي سبق السيف العذل
وقال أبو الطيب:
تُرابهُ في كلابٍ كُحل أعينها
وسيفه في جَنابٍ يسبق العذلا
وقال ابن الحاجب:
وحاولت بالعذل أن ترشدني
فقلتُ مهلاً سبق السيف العذل
وقال ابن نباته السعدي:
يا أهل بابل عزمي قبله فكري
في النائبات وسيفي يسبق العذلا