المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإجابة على شبهات الغامدي في إباحة الاختلاط



همي الدعوه
14 Dec 2009, 01:53 AM
الإجابة على شبهات الغامدي في إباحة الاختلاط



الشيخ عبدالعزيز الطريفي


لقد رأيت أن التعدي على الحرمات والفضيلة، والقطعيات الشرعية نهاراً يتفاقم، وليس لها من الحُرمة، ولا عليها من الحياطة ما يحفزُ أفراد العلماء للمراصدة دونها أن تمتهن أو تستباح، في زمن القلم فيه أمضى من الرماح، ومن كتم حق الله فقد طوى جوانحه على جذوة من نار جهنم، حتى رأيت آخرها مقالاً لِمكيٍ قد تكلف ما لا ينتفع به، وحشد نصوصاً لا يدري موضعها من الشرع ولا يعرف صدر معناها من عَجزه، فمنها جهله بالناسخ والمنسوخ والمتقدم والمتأخر، ومن لم يعرف الناسخ من المنسوخ أفضى إلى إثبات المنفي ونفي المثبت، وتولّد لديه شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا حرم العلماء أن يتكلم أحد في دين الله وهو لا يعرف الناسخ والمنسوخ، ثم إن الإلحاد في الحرم قد رتب رب العالمين على إرادته العذاب الأليم.

ولو أوردتُ نصوص شُرب الخمر قبل تحريمه، والمتعة قبل تحريمها، والربا قبل وضعه، والسفور قبل منعه، والصلاة قبل تمامها، والجهاد قبل فرضه، والاختلاط قبل حظره لجاءت شريعة جاهلية والنصوص محمدية.

ففي الصحيح عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل تمتع فعشرة ما بينهما ثلاثة أيام فإن أحبا أن يزدادا ازدادا وإن أحبا أن يتتاركا تتاركا".

لكنه نص قبل النسخ بلا ريب، نُسخ بنصوص أخرى، ولو كان ثمة نصوص تحمل الوصف القطعي بإباحة الاختلاط بالنص مثله، لما أشكلت على منصِفٍ مع نفسه وربه.

ولا فرق بين من يورد نصوص الاختلاط قبل تمام الشريعة وفي الناس بقايا جاهلية تستوجب الانتظار، وبين من يورد أحاديث المتعة وأكل الربا وشرب الخمر قبل تحريمها مساق الجواز، وهذا عكْسٌ للإسلام وقلبٌ لتاريخ التشريع، وكأني بمن يسلك هذا المسلك يأخذ تشريع العاشر من الهجرة وينقضه بالتاسع، والتاسع ينقضه بالثامن، والثامن ينقضه بالسابع، وتشريع المدينة ينقضه بتشريع مكة، وكأن الإسلام بساط يُطوى، وعُرى تُنقض، ليظهر تحته بساط الجاهلية .

والإحاطة بمعرفة الناسخ من المنسوخ أيسر من السير في بطون أودية الهوى، التي هي مرتع للهوام ومضارب الدواب، وإن جهل شيئاً منها، سأل من يعلم، والعِلم الحق ليس مَلَكة العَقل، أو شهادات أو تسنم مناصب، فهذا غير مراد في عد العلوم والتحقيق فيها.

والخلط في هذا الباب قديم بقدم الجهل في الإسلام، وقدم الدوافع النفسية والهوى، وقد روي عن على رضي الله عنه: أنه رأى في مسجد الكوفة خطيباً وهو يخلط الأمر بالنهي، والإباحة بالحظر، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، ثم قال له: أبو من أنت؟ قال: أبو يحيى، قال: أنت "أبو اعرفوني"، ثم أخذ أذنه ففتلها، وقال له: لا تقص في مسجدنا بعد.

فإذا كان هذا في زمن الخلافة الراشدة في نصف القرن الأول، وتوافر الصحابة وفي معاقل الفقه والعلم، وفي مساجد الله، فكيف يكون الحال في القرن الخامس عشر، وفي صحف تَنشرُ بلا رقيب.

وإني لأرجو لهذه الآذان أن تُفتل، ممن له يدٌ تَصل كيد الخليفة علي رضي الله عنه من ولاة الأمر وهُداة الحق وهم في الأمة كثير.

والكاتب أحمد بن قاسم قلب حقائق الأمور، وما من جهالةٍ إلا وهي تفضي بصاحبها إلى أخرى مثلها، وإذا كان في الذهن طلب قاصدٌ لأمر، واستحكم منه، فلا يرى الباحث في مقصوده إلا ما يطلبه ولو كان وهماً، كالظمآن يلتمس الماء فيتبع السراب، وأما المنصفون فهم أخلياء الذهن من كل قصد إلا قصد الحق، ومن قَصد غير ذلك، طلباً للحظوة وليتقدم في الدنيا خطوة، فهو في الآخرة يتأخر خطوات.

ويكفي المُنصف أنه لا يُعلم عالم على مر قرون الإسلام الخمسة عشر قال بجواز الاختلاط في المجالس والتعليم، وكنت طالباً للإنصاف، وتحصّل لي أكثر من مائة عالم وفقيه عبر تلك القرون يقطعون بعدم الترخيص فيه، بل رأيت منهم من يسقط عدالة فاعله، بل وولايته، بل ومنهم من يُكَفِّر مستحله، قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبدالله العامري في كتابه " أحكام النظر " (287): ( اتفق علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات, وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب؛ فقد كفر, واستحق القتل بردته. وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به؛ فقد فسق, لا يسمع له قول ولا تقبل له شهادة )انتهى.

ويكفي في ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إياكم والدخول على النساء) وضرب عمر الرجال على القرب من النساء، وقد سُقت الأدلة وأقوال الأئمة في رسالة مُستقلة .

وإن من مواضع الخطأ عدم التفريق بين موارد النصوص وجعل المقامات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية، وما ساقه الكاتب من أخبار هي من هذه الأنواع وسأجيب عنه بالتفصيل :

أولاً: ما ذكره وهو قبل النسخ :

يجب أن يعلم أن الحجاب فرض على مراحل، وقد عاش الصحابة زمناً قبل فرضه في المدينة، ولهم في ذلك مرويات وقصص، في كتب السنة والسير، وكان فرضه سنة خمس من الهجرة، أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها.

قلت: وذلك قريب سنة خمس من الهجرة، قال صالح بن كيسان قال: نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.رواه ابن سعد.

1- قال الكاتب: (عن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك .. ثم عَقب بقوله: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطته).

أقول: وهذا قبل منع الاختلاط وفرض الحجاب: فإن الحجاب ولوازمه فرض في قريب السنة الخامسة، وهذا العرس كان قبل ذلك، فزوجة أبي أسيد هي سلامة بنت وهب وأولادها ثلاثة أسيد وهو الأكبر والمنذر وحمزة، كما نص عليه خليفة بن خياط في "طبقاته" (254، ط العمري)، وعمر أبي أسيد الساعدي حينما فرض الحجاب كان (67) سبعاً وستين سنة، وابنه الأكبر الذي أُمه سلامة المتزوجة كما في هذا الحديث ذكره عبدان المروزي في الصحابة، وكذلك ابن الأثير وغيرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة 11 للهجرة، والحجاب فرض سنة خمس للهجرة يعني قبل وفاته بخمس سنين، فمتى تزوج أسيد وسلامة رضي الله عنهما؟ ومتى ولد لهما؟ ومتى أمكن أن يكون ابنهما أُسيد وأن يعد صحابياً في خمس سنين.

وقال النووي عن هذا العرس في "المنهاج شرح مسلم" (13/177): ( هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب).

وقال العيني في عمدة القاري: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).

وبهذا قال القرطبي في "تفسيره" (9/98).

وقد أشار غير واحد من الشراح إلى قدم حادثة زواج أبي أُسيد أيضاً كابن بطال بقوله: (وفيه : شرب الشراب الذي لا يسكر فى العرس، وأن ذلك من الأمر المعروف القديم).

2- وأورد الكاتب حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، وقال معلقاً: (وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).

أقول: هذا جاء في رواية البخاري أنه قبل الحجاب صريحاً، ففي البخاري (6240) كان عمر يقول للنبي صلى الله عليه و سلم: احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرضا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب.

3-وقال الكاتب: (عن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟

قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».

قال معقباً: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع).

قلتُ: النص صريح أن هذا كان لما "قدم النبي المدينة"، يعني قبل فرض الفرائض حتى الصلوات والحج والصيام وقبل فرض الحجاب بخمس سنين، وبين ذلك ابن بطال في "شرح الصحيح" (4/560) قال: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).

وقد جاء في بعض روايات الحديث: (وكان ذلك قبل فرض الحجاب)، ذكرها بعض الشّراح كمحمد الشبيهي في "شرحه".

والقلب حينما يبحث عن شبهة يُعمى عما بين عينيه من الحق، ومن أغمض عينيه عن نص أمامه في ذات الخبر، فهل سيبحث عن جمعِ أدلة الباب وتحري الحق فيها ليسلم له دينه ؟!

4- قال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش... الحديث.

وقال معلقاً: (الحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف).

قلت: قال الحافظ البيهقي في "الآداب" (207) بعد إخراج الحديث: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب) انتهى.

وقال الحافظ ابن رجب في "الفتح": (6/73): (هذا كان قبل نزول الحجاب).

وقال القاضي عياض مبيناً أنها قبل فرض الحجاب كما في "المعلم" (3/168): (مثل هذه القصة لعائشة وهى حينئذ - والله أعلم - بقرب ابتنائه بها، وفى سن من لم يكلَفُ) انتهى، وقد تزوجت وعمرها تسع سنين يعني قبل فرض الحجاب ببضع سنين .

ثم إن العرب تُغلِّب إطلاق لفظ "الجارية" على الأمة غير الحرة، أو على الحرة غير البالغة فإذا بلغت تٌسمى امرأة، ولهذا قالت عائشة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فَهِيَّ امرأة.

ويبين أنهما إماء ويوضحه قوله في رواية أخرى: (وعندي جاريتان من جواري الأنصار) يعني من إمائهم، وكان الضرب والغناء من خصائص الموالي، قال الخطابي في "الغريب"(1/655): (والعرب تثبت مآثرها بالشعر فترويها أولادها وعبيدها فيكثر إنشادهم لها).

وهي من دون البلوغ كما هو معروف، قال القرطبي في "المفهم": (الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما).

5- وقال الكاتب: (وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين) .. ثم استدل على ما به من وصف يتضمن اختلاطاً .

أقول: الربيع خطبها زوجها إياس بن بكير قبل غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ثم خرج هو وأخواه وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس ودخل عليها زوجها، وأنجبت محمداً منها وقد أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله ابن منده، والحجاب فرض بعد ذلك فكيف يُستدل بذلك على حُكم نزل بعد .

والربيع بنت معوذ بن عفراء، كانت عجوزاً معمَّرة، كما قاله الذهبي في "تاريخ الإسلام" (5/402) وتوفيت سنة سبع وثلاثين للهجرة، وزواجها كان قبل فرض الحجاب .

6- أورد الكاتب في حديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك)

قلت: هذا الاستدراك في الحديث: (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون في هذه الحكاية ولا غيرها، قال الحافظ ابن حجر (7/256): (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً).

وهذه ستة من أدلته وأصرحها أوردها وهي قبل فرض الحجاب، وأدلة شرب الخمر قبل النسخ أكثر منها وأصرح، وسيأتي يومٌ داعيها كما في الخبر: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" .

ثانياً: ما لا حجة فيه :

1-قال الكاتب: (في حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، ( وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).

أقول: تقدم أن الواقعة قبل فرض الحجاب ثم أنه لا أحد من أهل الإسلام يمنع المرأة أن تخرج لحاجة، ثم ألا يعتبر الكاتب بقصدها الخروج ليلاً، وترك النهار، وهذا من حِشمة نساء الصدر الأول وحيائهن.

أنشد النميري عند الحجاج قوله:

يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات

قال الحجاج: وهكذا المرأة الحرة المسلمة.

2- قال الكاتب : (وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.

وقال: وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث).

قلت: ولا أدري لم يحشر الرجال مع أكْلة الصبيان، وسهل ابن سعد الذي يحكي عن نفسه الحضور إلى هذه المرأة صبي صغير كان عمره دون البلوغ قطعاً، قال الزهري: كان له يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنةً. كما رواه أبو زرعة في "تاريخه"، وكيف للكاتب أن يثبت أن من معه ليسوا حُدثاء مثله، ورفيق الصبي صبيّ !.

وهذا الخبر سيق في مساق انتشار الصحابة بعد الجمعة وأنهم لا ينتظرون، وليس في هذا الخبر إلا أن المرأة تطبخ الطعام في مزرعتها ثم تدفع الطعام لهم ليأكلوا، كحال الآخذ والمُعطي، والفهم أبعد من ذلك ظنون .

4- قال الكاتب: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.

عقب عليه فقال: وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه). أقول: قال الحافظ ابن بشكوال: إن الرجل الأنصاري هو عبدالله بن رواحة وعبد الله بن رواحة قتل بمؤتة سنة ثمان، والله أعلم، ثم إن هذا لا يثبت زمنه، والاستدلال بهذا بعيد، فتلك ضرورة شديدة، فقد جاء في أحدى الروايات - كما عند إسماعيل القاضي - أنه لم يطعم ثلاثة أيام، وإنقاذ رجل من الهلاك، لا يلتفت معه إلى وجود امرأة في مكان بليل دامس.

5- قال الكاتب: (وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم... الحديث.

وقال معلقاً: (وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط).

قلت: هذه المرأة التي تُسمى أم شريك وكانت من القواعد كبيرة صالحة واسمها على الصحيح غزيلة بنت داود بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة، والقواعد لا يخاطبن بالحجاب والاحتراز من الرجال بنص القرآن قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) .

قال المفسرون من السلف كعطاء وسعيد بن جبير والحسن: هي المرأة الكبيرة التي لا تلد.

قال ابن عبدالبر في "التمهيد" ( 19/153) معلقاً على قصة أم شريك: (ففيه دليل على أن المرأة الصالحة المتجالة لا بأس أن يغشاها الرجال ويتحدثون عندها ومعنى الغشيان الإلمام والورود.

قال حسان بن ثابت يمدح بني جفنة:

يغشون حتى ما تهر كلابهم ** لا يسألون عن السواد المقبل).

وتجالت المرأة فهي متجالة وجلت فهي جليلة إذا كبرت وعجزت، وهذا حُكم الله فيهن، لا بنص القرآن فلا يدخل معهن غيرهن، إلا عند من لا يفرق بين أعمار الناس في الأحكام.

وليس لعالم يُدرك مواضع النصوص، أن تمر عليه مثل هذه القصة، فيدع المحكم البيّن، إلى طريق التوى به التواءً يذهب بكل ما عمد إليه، ويورد قصة امرأة لا يدري هل هي من القواعد أم لا، وهل غشيان أصحاب النبي لها يلزم معه الدخول عليها أو تخدمهم في باحة بيتها، فإن بيوتهم كانت حُجراً مسقوفة، يتصل بها باحة صغيرة مكشوفة يجلس فيها الزوار، وهكذا كانت حُجرات أمهات المؤمنين، ومن ظن أن حجراتهم غُرف بلا باحات فقد غلطَ وجهل.

6- وقال الكاتب: (وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد).

قال معلقاً: (وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء) .

أقول: أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة، كما رواه البيهقي في "الدعوات" (1/135) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبدالله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنهما.

وجارية الزوجة لا تحتجب من زوجها، وبه ينتقض فهمه .

وجاء عند الواقدي في السير قال: حدثني عمر بن صالح بن نافع حدثتني سودة بنت أبي ضبيس الجهني أن أم صبية الجهنية قالت: كنا نكون على عهد النبي وعهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تجاللن وربما غزلنا فيه فقال عمر لأردنكن حرائر فأخرجنا منه.

وفي الخبر فائدتان :

الأولى أنها متجالة يعني كبيرة .

والثانية: أنها لم تأخذ حكم الحرائر إلا زمن عمر رضي الله عنه.

وجزم مُغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (1/217). في كونها من الموالي، والأمة ليست مأمورة بالحجاب في الإسلام، ومع ذا فقد قال الطحاوي بعد روايته للحديث (1/25): ( في هذا دليل على أن أحدهما قد كان يأخذ من الماء بعد صاحبه).

7- وأما احتجاجه بحديث: " كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا" .

فلا أدري كيف يفهم ذلك، فكيف يقول النبي عن الصلاة: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها .." وهو قد جمعهم قبل الصلاة يتوضؤون جميعاً، ثم يفرقهم وقت الصلاة، ولا ريب أن من فهم هذا الفَهم أساء بالنبي فهماً وتشريعاً، والمقصود به غير هذا المعنى.

يُفسر هذا الأثر ما رواه عبدالرزاق في "مصنفه" وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار": عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن الوضوء الذي بباب المسجد، فقال له إنسان : إن أناسا يتوضئون منه، قال: لا بأس به، قلت له : أكنت متوضئا منه ؟ قال: نعم، فراددته في ذلك ، فقال: لا بأس، قد كان على عهد ابن عباس، وهو جعله، وقد علم أنه يتوضأ منه النساء والرجال، والأسود، والأحمر، فكان لا يرى به بأساً .

يعني يتناوبون على أواني واحدة يتوضأ منها الجميع لا تتنجس المياه بكثرتهم، ولا باختلاف أجناسهم، كما يتناوب المتأخرون على الحمامات والصنابير، وليس في ذلك دلالة على اجتماعهم في ساعة واحدة، وإنما يتناوبون، والعلماء عند الاستدلال ينظرون إلى القصد من سياق الخبر وروايته، لأن الراوي إذا قصد بيان حكمٍ في حديث لم يحترز إلا له، ولهذا لم أجد أحداً من الأئمة ممن أورد هذا الحديث إلا ويورده في أبواب عدم تنجس الماء من بقايا المرأة وفضلها، لا يخرجونه عن ذلك، لأن ذلك هو الذي تسبق إليه أفهامهم عند سماع الخبر.

وما جاء في لفظ: " (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا) يعني لا نغترف اغترافاً بأواني بل الماء تنغمس الأيدي فيه يشير إلى أنه لا يتنجس بورود المرأة فيه قبلنا وهكذا يقررها الفقهاء في جميع المذاهب الأربعة .

قال إمام المدينة الزهري مبيناً ذلك: تتوضأ بفضلها كما تتوضأ بفضلك.

وعلى هذا فسره أئمة الإسلام في القرون المفضلة .

8- قال الكاتب: (عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.

قال معلقاً: ( وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى).

قلت: المقطوع به أن أزواجهم معهم، ولا يُتخيل أن أزواجهم في المدينة والنساء يخرجن، وإذا كان كذلك والمرأة حال السفر مع زوجها ترحل وتنزل، تُعين الجريح المثخن لا المعافى الصحيح، وما الضير في ذلك، ولا يعدو هذا كونه سفراً من الأسفار فالنساء يذهبن للحج والعمرة قوافل والنساء مع رجالهم.

9- وقال الكاتب: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.

قال: وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه) .

قلت: اليوم أربع وعشرون ساعة، والصلوات الخمس لا تخلص بمجموعها إلى أربع ساعات متفرقات، ومحاولة إيراد عمل المرأة في المسجد وحشرها في الأربع ساعات، وترك العشرين ساعة لا يليق بحامل قلم، ثم هي لا تعمل كل يوم قطعاً فمساجدهم كانت تراباً لا فراشاً، ولا يظهر فيها ما دقَّ كمساجدنا، أما أنها تنظف والرجال يصلون والنساء خلفهم وهي منصرفه تترك الصلاة وحدها تكنس فهذا محال، وأما في حال خلو المسجد وهو أكثر الوقت فلا حرج ثَمّ، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا أبواب تغلق فيه، كما ثبت عن ابن عمر في البخاري: قَال: كانت الكلاب تبول وتُقبل وتُدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئاً.

10- وقال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي... ) .

قال معلقاً: (فيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها).

قلت: وهذا من الجهل العريض والظن الفاحش، والهوى المُتبع، وعدم معرفة بحال الحُجرات النبوية، ولا بلسان العرب، فالحجرات غرف لها باحات صغيرة مكشوفة للضيفان والداخل إلى الباحة موصوف بالدخول، قال ابن حجر في الفتح: (9/286) في معنى الدخول: (لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب) .

ومثل هذا احتجاجه بلفظ (الدخول) في الحديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك) هذا الاستدراك (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون، قال الحافظ ابن حجر: (7/256) (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً) .

11- ثم أورد جملة من الأحاديث المتضمنة اختلاط النبي بالنساء، وفلي بعض النساء لرأسه، وإردافه لأسماء، وجهل أو تجاهل أن هذا من خصوصياته، فالرسول أبو المؤمنين، يزوج النساء بلا وليهم لو شاء، قال تعالى عن لوط وهو يعرض نساء قومه: (هؤلاء بَنَاتِى) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: لم تكن بناته ولكن كنّ من أمته، وكل نبيّ أبو أمته.

وبنحوه قال سعيد بن جبير .

وقال عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: « وأزواجه أمهاتهم – قال أبي بن كعب: وهو أبوهم».

وبنحوه قال عكرمة مولى ابن عباس .

والاختلاط حُرم درءاً للمفسدة وهي منتفية منه صلى الله عليه وسلم.

ومن قال: (الأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) فليتأسّ بزواج النبي تسعاً، وينفي الخصوصية، فالآية أباحت الأربع ولم تمنع من الزيادة، وإن رجع إلى نصوص أخرى تمنع وتُبين فذاك واجب في الحالين، في مسألة الاختلاط: "إياكم والدخول على النساء" وفي مس المرأة ثبت عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العينان تزنيان، واللسان يزني، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويحقق ذلك الفرج أو يكذبه"

12- قال الكاتب: (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج... الحديث» ) .

قلت: لا يمكن أن يكون ذلك إلا من محرم قال النووي في "المجموع" (8/199): (هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له) .

ولو ساغ أن أستدل بكل فعل مُجمل على ظاهره، دون الرجوع للمحكم، لأحللت الحرام القطعي بالظنون، ففي نصوص كثيرة يقال: (جاء فلان ومعه امرأة) وأستدل بذلك على جواز الخلوة واتخاذ الأخدان لأنه لم يرد في النص ذكر الرحم بينهما، والأصل في الشرع أن الرجل إذا وُجد مع امرأة تحمل على أنها من محارمه إلا لِظِنَّة وشُبهة، وهذا الأصل في المسلمين، وكيف بالصحابة الصالحين.

13- وأما احتجاجه بالطواف، وأن الرجال والنساء يطوفون جميعاً، فكلامه كلام من جهل الشرع والتاريخ، واتبع المتشابه، فأما جهله بالشرع، فذلك أن هذا من خصوصيات مكة بإجماع المُفسرين، قال تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة) .

فقد أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: إنما سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عتبة بن قيس قال: إن مكة بكت بكاء الذكر فيها كالأنثى، قيل: عمن تروي هذا قال: عن ابن عمر.

وعند البيهقي عن قتادة قال : سميت بكة لأن الله بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد غيره.

وبنحوه قال سعيد بن جبير وغيره .

بل يُعفى عن السُّترة في مكة ولا يُعفى عن غيرها، فروى ابن جرير عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا.

وأما جهله بالتاريخ: فإن النساء كن يطفن مجتمعات حجرة عن الرجال لا معهم، وهذا في زمن النبي وزمن عمر وكان عمر يضرب الرجل الذي يطوف وسط النساء كما رواه الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:" نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا يطوف معهن فضربه بالدرة.

وبقي الأمر على هذا قروناً طويلة، قال ابن جبير في "رحلته" (63) عام 578هـ: (وموضع الطواف مفروش بحجارة مبسوطة كأنها الرخام حسناً، منها سود وسمر وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تِسْعِ خُطاً إلاّ في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدت إليه حتى أحاطت به.

وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة) انتهى .

وأما قوله: (والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا الاصطلاح المتأخر لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم .. لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم) فهو من الجهل البعيد، وقد بينت هذه الهفوة العصرية والشهوة الخفية، في "تعقيبي على الدكتور محمد العيسى" فلينظر .

هذا؛ ولولا أن بعض مَن نحبهم في الله طلبوا إلي الرد على الكاتب المذكور لما سطرت سوداء في بيضاء، لأن مقالته عند أهل العلم والمعرفة مبنية على علم قليل وفهم ناقص واتباع للمتشابه وترك للمحكم، وقد قال الأول: لهوى النفوس سريرة لا تُعلم.

رأى البرق شرقياً فحن إلى الشرق ** ولو لاح غربياً لحن إلى الغرب

والله المبتغى وهو المرتجى،،

ياله من دين

همي الدعوه
14 Dec 2009, 01:55 AM
الشيخ المنجد يرد على رئيس هيئات مكة المكرمة : من يقول بجواز تفلية المرأة للرجل الأجنبي ومصافحته لها والذهاب معها الى اي مكان شاءت لايمكن أن يؤتمن على اعراض المسلمين وقوله افتراء ومردود عليه


http://www.masdr.net/inf/newsm/4396.jpg
المصدر ( جاسر عواد ) خاص ::


تزايدت ردود الافعال الرافضة على تصريح رئيس هيئات مكة المكرمة الدكتور الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي الذي سبق ان صرح لإحدى وسائل الإعلام المحلية بإباحة الإختلاط مابين الجنسين وجواز تفلية رأس الرجل من قبل إمرأة اجنبية اضافة الى جواز مصافحة المرأة للرجل الأجنبي عنها والاخذ بيده والذهاب به اينما شاءت , والذي أخذ حديثاً واسعاً واصبح مثار جدل في منتديات الأنترنت والصحف الورقية والالكترونية وصلت في بعض الحالات حد المطالبة بعزل الدكتور محمد الغامدي من منصبه الحالي لاسيما وان الرافضين لفتواه وجهوا له اللوم كونه في المقام الأول يشغل رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , في اطهر بقعة مباركة على وجه الأرض .


الشيخ محمد بن ناصر المنجد رفض ماذهب اليه الدكتور الغامدي بقوله :القول بجواز تفلية رأس الرجل الاجنبي من قبل إمرأة اجنبية وكذلك مصافحته لها اضافة الى القول بأن الإختلاط مابين الجنسين وكذلك القول بأن المرأة يجوز لها ان تأخذ بيد الرجل والذهاب به حيث شاءت ,مسألة خطيرة وفيها افتراء وتجني على شريعة رب العالمين , اضافة ان القول بذلك فيه معاونة لبعض المنافقين بالإستدلالات الباطلة بالسعي الحثيث لترويج الإختلاط واباحته بين الجنسين الأمر الذي يثير البلبلة بين ابناء المسلمين ويلبس عليهم .


واستشهد الشيخ المنجد بقول للشيخ بن باز رحمه الله عندما قال :
وقد يتعلق بعض دعاة الإختلاط في بعض النصوص الشرعية التي لايدرك مغزاها الا من نور الله قلبه وتفقه في الدين وضم الادلة الشرعية بعضها الى بعض وكانت في تصوره وحدة لايتجزأ بعضها من بعض " .


ويتابع المنجد القول : من يقول ذلك الكلام لايمكن ان يؤتمن على أعراض المسلمين مضيفا القول أي معروف هذا الذي سيأمر به واي منكر هذا الذي سينهى عنه في اشارة واضحة الى الدكتور محمد الغامدي .

همي الدعوه
14 Dec 2009, 02:02 AM
علماء كويتيون: فتوى جواز الاختلاط شاذة وينبغي عدم تناقلها



المسلم- خاص | 26/12/1430 هـ



http://www.almoslim.net/files/images/thumb/1812309374219-thumb2.jpg


أصدر علماء ومشايخ ودعاة كويتيون بيانا استنكروا فيه فتوى تجيز الاختلاط بين الرجال والنساء، وانتشرت على صفحات الجرائد مؤخرا. واعتبر المشايخ أن هذه فتوى شاذة، مؤكدين أن صاحبها استدل بأحاديث ضعيفة أو صحيحة غير صريحة أو صريحة ولكن ذات خصوصية. وطالبوا وسائل الإعلام بالكف عن تناقل هذه الفتوى حتى لا يتأثر بها ضعاف الإيمان.


وقال العلماء في بيان وصل "المسلم" نسخة منه اليوم الأحد، إن صاحب الفتوى استدل بأحوال الضرورة والاستثاء من القواعد العامة، وجعله حكما عاما، حيث استدل باختلاط الناس عند الحرم المكي وأراد أن يطبقة على اختلاط شاب وشابة في جامعة. واعتبروا أن هذا من ترك المحكم واتباع المتشابه الذي ذم الله تعالى فاعله.
وأكد العلماء أن هذه الفتوى شاذة ومخالفة لما عليه الأئمة الأربعة وعامة علماء الإسلام. وأضافوا أن صاحبها استدل بأحاديث ضعيفة أو أحاديث صحيحة غير صريحة أو صحيحة صريحة ولكنها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
وطالب العلماء الإعلاميين ووسائل الإعلام بالكف عن تناقل هذه الفتوى حتى لا يتأثر بها بعض ضعاف الإيمان فيتحملون أثمهم ويبوؤون بوزرهم.
وكانت الجرائد الخليجية قد نشرت فتوى للشيخ أحمد الغامدي تحدث فيها عن الاختلاط، وقال ببطلان أدلة تحريمه. وقال الغامدي إن القائلين بتحريم الاختلاط "استشهدوا بأحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها، أما الصحيحة منها فتدل على جواز الاختلاط لا على تحريمه"، على حد قوله. وزعم أن هناك من الأدلة والأحاديث ما يشير إلى مشروعية مصافحة النساء.
وتناقلت الصحف ذات التوجهات العلمانية والليبرالية تلك الفتوى للاستدلال بها على مشروعية ما ينادون به من اختلاط بين الرجال والنساء . وأثارت هذه الفتوى ضجة كبيرة في الشارع السعودي، خاصة بين دعاة الاختلاط في جامعة كاوست التي أثارت جدلا مؤخرا.
وفيما يلي نص البيان:
بيان من علماء ومشايخ ودعاة الكويت
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحب أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد
فقد طالعتنا الصحف المحلية في الآونة الأخيرة بفتوى غريبة لا تعرف عن أهل العلم ولا هي من مشهور فتاوى المذاهب المعتبرة، بل لم يعرف صاحبها إلا بها، وهي فتوى جواز اختلاط النساء بالرجال مستدلا صاحبها بأحاديث ضعيفة أو أحاديث صحيحة غير صريحة أو صحيحة صريحة ولكنها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وكلما عسر عليه الدليل قال ويلزم من هذا الدليل الاختلاط، أو يستدل بأحوال الضرورة والاستثاء من القواعد العامة لظرف خاص، ويجعله حكما عاما، أو يستدل باختلاط الناس عند الحرم المكي ويريد أن يطبقة على اختلاط شاب وشابة في جامعة، وهذا من ترك المحكم واتباع المتشابه الذي ذم الله تعالى فاعله فقال (فأما الذي في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة...)، فأين هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم (أياكم والدخول على النساء)أخرجه مسلم، وقوله (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) متفق عليه، بل لو لم يكن من ذلك إلا المفاسد المترتبة على الاختلاط كالنظر والمصافحة والخلوة وتبادل ابتسامات وغيرها لكفى بها دليلا على تحريم ذلك، وقد تضافر في تحريمها الشرع والعقل والفطرة.
ومن هنا فإننا نستنكر هذه الفتوى الشاذة المخالفة لما عليه الأئمة الأربعة وعامة علماء الإسلام، ونطالب الأخوة في المجال الإعلامي أن لا يتناقلوا مثل هذه الفتاوى الشاذة التي قد يتأثر بها بعض ضعاف الإيمان فيتحملون أثمهم ويبوؤون بوزرهم (ومن دعى إلى ضلالة كان له من الوزر كأوزار من تبعه).
نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ويصلح أحوالهم، ويقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه






الموقعون:
1- د عجيل النشمي رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي و العميد السابق لكلية الشريعة جامعة الكويت
2- الشيخ ناظم محمد سلطان المسباح عضو رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي
3- د.عبدالمحسن زبن المطيري استاذ كلية الشريعة جامعة الكويت
4- د/ حامد العلي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
5- د طارق محمد الطواري الأمين العام لتجمع الفضيلة و استاذ كلية الشريعة جامعة الكويت
6- د عصام الغريب العميد المساعد بكلية الشريعة جامعة الكويت سابقا
7- د سعود الربيعة عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
8- الشيخ أحمد الدبوس داعية
9- د محمد فارس المطيران عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
10- د سالم طعمة الشمري استاذ كلية الشريعة جامعة الكويت
11- د خالد الرشيدي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
12- د وليد الشايجي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
13- د عبدالله عوض العجمي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
14- الشيخ احمد عبدالرحمن الكوس نائب رئيس المبرة الخيرية لعلوم القرآن والسنة
15- د سالم الكندري عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
16- الشيخ محمد سعود العنزي موجه التربية الإسلامية بوزارة التربية
17- الشيخ بدر نايف الحجرف رئيس مجلس إدارة مبرة الإحسان
18- د عمر الشهابي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الكويت
19- الشيخ محمد ضاوي العتيبي إمام وخطيب في وزارة الأوقاف
20- الشيخ مشعل تركي الظفيري إمام وخطيب في وزارة الأوقاف
21 - جاسم عشوي الظفيري إمام وخطيب في وزارة الأوقاف
22- الشيخ نبيل علي العوضي رئيس مجلس إدارة مبرة طريق الإيمان

الرحال99
14 Dec 2009, 02:35 AM
الله المستعان احس الذين يحللون الأختلاط انهم يجاملون ولاة ألأمر على حساب دينهم
جزاكم الله خير وبارك فيكم في التصدي لمثلهم

همي الدعوه
14 Dec 2009, 11:04 PM
رد الدكتور احمد بن صالح الزهراني على رئيس هيئه مكه المكرمه أحمد بن قاسم الغامدي




يقول الدكتور الزهراني اتصل بي أحد الإخوة وأعلمني بما قاله أحمد القاسم رئيس هيئة الأمر بمكة في صحيفة عكاظ .


فقرأت ما قاله وسجلت هذه النقاط :





أولاً : لا أحب أن أقول أحسن الله عزاءكم في أحمد القاسم .. فالذي لا يعرف القاسم قد يُصدم بموقفه هذا ، لكن الذين يعرفونه ومنهم من عاش في الهيئة مثلي يعرفون أن القاسم طموح جداً وأنه من أجهل الناس بالسنة والشرع وإن ظن البعض غير ذلك بتنميق العبارات المنقولة .



ثانيا : لا أنسى تذكير الإخوة أنّ السقوط سنّة الله في المواجهة بين الحق والباطل .. ففي كلّ جولة وفي كل مواجهة يميز الله الخبيث من الطيب .. ولا شكّ أنّ فتنة الدعوة للاختلاط هذه لا تعدو أن تكون مثل نهر أصحاب طالوت ..
الدعوة بحاجة للتمحيص بين فترة وأخرى ..


الثمار اليابسة عديمة الفائدة تثقل كاهل الشجرة وتمتص غذائها .. فلابدّ من ريح تهزّها لتسقط ..
هؤلاء المتساقطون لا ولن يؤثروا على الحق ونصوعه وقوته ..
وكل ما ذكروه لا يعدو أن يكون من قبيل التغبيش على الحق .. والتغبيش ليس علما .. ولا هو صعب على أي أحد ..





ثالثاً : على كلّ من يشكّ في تحريم الاختلاط أن يسأل نفسه عن حكمة قوله صلى الله عليه وسلّم : «شر صفوف النساء أوّلها» .. ولماذا صلاة المرأة في بيتها أفضل ؟ هذا في المسجد وفي الصلاة ..
دعنا الآن من حرام أو حلال ..


وأجب نفسك : هل الأولى عدم اختلاط الرجال بالنساء أم أنّه سيان بين الأمرين ؟
لا أظن عاقلا أو مؤمنا يتردد لحطة أنّه من الخير أن لا يختلط الرجال بالنساء وإلاّ صادم قوله صلى الله عليه وسلّم .
وإذا كان الأولى هو عدم الاختلاط فما بال هؤلاء يصرون على تأييد أمر اقل أحواله أنّه خلاف الأولى بلا ضرورة .


رابعاً : غلط المجيزين للاختلاط أنّهم يشرعون وضعاً عاماً دائماً بناء على حالات خاصة مؤقتة أو ما يُسمى عند الفقهاء وقائع عين ..





سأذكر لكم مثالين :
أولهما : خروج بعض الصحابيات إلى الجهاد مع النّبيّ صلى الله عليه وسلّم .
فخروج بعض النساء مع محارمهنّ للجهاد أمر لا بأس به استدلالاً بهذه الأخبار ..
لكن هل يعني هذا جواز تأسيس وحدات نسائية في الجيش ؟
وهل معنى هذا جواز توظيف النساء في الجيوش تحت أي مسمى ؟
وهل ستشترط الحكومات المحرم لخروج المرأة للحرب أم أنها ستأخذها بلا محرم ؟
أم هل سيشترط للوظيفة أن يكون محرمها موظفا في نفس القطاع ؟
فماذا لو مات المحرم هل تُفصل المرأة ؟
وماذا لو اقتضت مصلحة الحرب وجودها في جبهة ليس فيها محرمها ؟
و .. و .. و ..
أسئلة كثيرها سببها ظن فقهاء عكاظ والوطن والرياض أنّ التشريع لا يحتاج إلاّ البحث عن نص – أي نص – لأتفيقه وأخرج في وسائل الإعلام مدعيا ومتعاليا بتجديد الفتوى ..!


مثال آخر ..
صحابية أكلت مع ضيف زوجها ، وأخرى كانت تسقي ضيوف زوجها في العرس ..
فلو أني عرفت أنّ شخصا من الناس إذا أتاه ضيف جلس معه زوجته بحجابها فإني لن أنكر عليه استدلالا بهذا النص ..


لكن !


هل يعني هذا جواز أن يقوم نساؤنا بخدمة الرجال ومباشرة المشروبات في قاعة الرجال ..
هل هذا هو صنيع القاسم وغيره في حياته الشخصية ؟
في حفل الزواج في قاعات الأفراح هل سيقوم القاسم وغيره عند زواجه من أخرى – ما شاء الله – هل سيأتي بنساء خادمات ليباشرن ضيافة الرجال ؟
هل وجود خادمة في منزل مثل وجود عشرات منهن بين مئات الرجال لخدمتهم ؟
ولو قدر أن دخلتَ حفلا فرأيت على الصحن ثلاث نساء وثلاثة رجال لا يمتون لبعضهم بصلة شرعية هل ترى أنّ هذا وضع مشروع ؟
ما هذا الهراء ؟
وما هذا الخلط العجيب ؟


ثمّ تعالوا هنا : أنا شخصيا أعرف يقينا أنّ غالب من يفتي بجواز الاختلاط هو ممن يمنع كشف الوجه – حتى لو قيل بجوازه – ويحتج بعلة فساد أهل الزمان .. فما بال فساد أهل الزمان يؤثر في حكم دون آخر ؟!


حتى لو قيل بجواز هذه الصور في عصر الرسالة هل يشك عاقل في منعه في عصرنا هذا ..


أين مراعاة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان وهو ما صدّعنا به الليبراليون والعصرانيون في كثير من الأحكام التي لا تعجبهم ..
فما بالهم هنا لا يراعون أثر الزمان والمكان بل والأشخاص في حكم الاختلاط ..


أخيراً : أحب أن أذكّر كل من يختلط عليه الأمر بسبب تلبيس الملبسين وتهافت المتهافتين وسقوط المتساقطين أنّ كل صور الاختلاط الذي ذكروها واستدلوا على الجواز بها تفتقد العنصر الأهم الذي يُبنى عليه القول بتحريم الاختلاط في محافل العلم والعمل ..



ألا وهو أنّ الاختلاط في محافل العلم والعمل هو اختلاط (يستلزم ) نشوء علاقة الزمالة بين الرجل والمرأة .. هذه العلاقة هي التي تذيب الحواجز وتنهش الحياء وهي أولى خطوات الشيطان ..


أمّا الاختلاط في المسجد أو في مناسك الحج والعمرة أو في حفل زواج صغير أو على قصعة طعام مع محرم أو في الأسواق فكل هذه الصور لا يلزم المرأة ولا الرجل أن يكون بينهما علاقة الزمالة ..


بل كلها لقاءات عابرة
في الغالب لا يعرف الرجل المرأة لا المرأة الرجل ..
فلا كلام ولا سلام ولا تحايا ولا زيارات ولا غير ذلك .


والله إن كلام هؤلاء من الوهاء والضعف ومخالفة الواقع بمكان ولولا الخوف من اغترار البعض به ما احتاج إلى أكثر من حكايته فحكايته كما قيل تغني عن تكلف الرد عليه ، والله المستعان

منقول

همي الدعوه
14 Dec 2009, 11:07 PM
رد الشيخ حامد العلي عن الإختلاط

فتوى في حكم الإختلاط في التعليـم .. فضيلة الشيخ ما حكم الإختلاط في التعليم ؟!!

السائل: زائر
التاريخ: 07/10/2009
السؤال: فتوى في حكم الإختلاط في التعليـم .. فضيلة الشيخ ما حكم الإختلاط في التعليم ؟!!



جواب الشيخ:
الحمد لله ، والصلاة ، والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آله ، وصحبه ، وبعد :



لايختلف العلماء على أنَّ الإختلاط بين الجنسين في التعليم محرَّم ، بل هو من أشدّ المحرمات ، وما يترتب عليه من مفاسد لاتخفى على عاقل فضلا عن عمن يتعلّم العلوم الشرعية ، أما العالم بالشريعة ، فإنْ خفي عليه هذا ، فهو دليل على فقدانه أهلية الفتوى ، أو يكون ممن في قلوبهـم مرضٌ عافانا الله .

وقد بلغ من إدراك الناس مفاسده ، أنْ صدر قبل ثلاث سنوات قرارا من الإدارة الأمريكية ـ بناءً على أنَّ الإحصائيات أثبتت حصول الطلبة من الجنسين على درجات أعلى في المدارس غير المختلطة ـ بمنح مدراء المدارس الحقّ في الفصل بين الجنسين ، وقالت وزيرة التربية الأمريكية مارغريت سبيلنغ : ( إنّ القرار يأتي انسجاماً مع حق كلّ طلاب الولايات المتحدة في الحصول على تعليم جيّد من جهة، وحقّ الهيئات التعليميّة بامتلاك الوسائل التي تكفل تحقيق هذا الهدف من جهة أخرى ) .. ولفت مراقبون تربويون إلى انتشار المدارس العامة التي تعتمد الفصل الجنسي بشكل كامل في الآونة الأخيرة، حيث ارتفع عددها من أربعة عام 1998 إلى 228 في العام الحالي )CNN 27/10/2006

وإذا كان التعليم غير المختلط أخذ يتسارع في الأمريكين بهذه الصورة ، لما رأوا مفاسد الدراسة المختلطة ، بعدما انتشر حمل السفاح ، والإجهاض ، والجرائم ، فإنه ليس ثمة تفسير لإصرار الجهات الرسمية لدينا ، وأذناب الإستعمار الجديد ، على نشره في بلاد معروف شعبها بالمحافظة ، والفضيلة ، ومحاربة الرذائل إلاّ لتنفيذ مخطط الإفساد التخريبي الذي يمهد لطمس هوية المجتمع الإسلامية طمسا تاما :

ذلك أنَّ الإختلاط في التعليم وسيلة خبيثة يقصد بها عدة أهداف :

أحدها : نشر الرذيلة بين الجنسين.
الثاني : نشر الدياثة في المجتمع .
الثالث : تقبيح الفضيلة ، وتهجينها ، وجعلها في صورة التخلّف.
الرابع : إبعاد الشباب في مراحل التعليم في بلادنا الإسلامية ، عن الأجواء المحافظة ، ووضعهم في بيئة متحللة ، حتى يسهل تجنيدهم للثقافات الغربية .


وإذا كانت الشريعة المطهَّرة قد حرمت أشد التحريم على المرأة أن تخرج معطَّرة فيجد الرجال ريحها ، وأن تسافر من غير محرم ، وأن تخلو برجل ، وأن تبدي من زينتها ما يستدعي النظر إليها ، وأن تخضع بالقول فيسمع الرجال ، سدا لذريعة الزنا ، الذي هو أقبح جريمة إنسانية بعد الشرك ، وقتل النفس ، إذا كان الأمر كذلك ، فحكـم جعل الشباب ، والشابات ، في بيئة يختلطون فيها أكثر النهار ، بحجة التعليم ، أشدُّ تحريما ، والمنـع هنـا أظهر في الشريعة من منع كلِّ تلك الذائع التي وردت النصوص بتحريمها.


ولايعارض حقيقة أن الإختلاط في التعليم هو منبع الفساد ، والإفساد إلا أحد شخصين :


مفتون بالغرب ، مرتكس في فتنته ، حتى عمي عن رؤية ما لديهم من مخازي ، لاسيما على المستوى الأخلاقي ، والثقافي ، والاجتماعي ، وأصبح كلّ همّه هـو نقل ما لديهم عندنا ، بعجـره ، وبجره ، والعجيب في شأن هؤلاء المرتكسين ، أنه حتى لو ترك الغربيون تجربة مـا ، بعد أن وجدوها سيّئـة العواقب ، يبقى الأذناب متمسّكون بهـا !!


والثاني : طالب لذّة يبتغيها من غير وجهها الحلال الذي أباحه الله ، فهو لا يريد أن يمنع سمعه وبصره متعه الحديث ، والنظر ، والأنس ، والسمر ، طامعا فيما وراء ذلك ، ويجد في اختلاط التعليم سوقا رائجة لمتعته التي ينشدها .
،
وإذا تُركت المجتمعـات لهذين يقودان دفتها ، فلا تسأل عن هلكتها .
،

ومعلوم أنَّ الأمة الإسلامية ، وهي أمّة المعرفة ، التي ملأت الدنيا علوما نافعة ، يوم كانت أوربا تغرق في ظلمة الجهل.


أنها منذ عصر النبوة إلى أن جاءنا الإستعمار بشروره ، لاتعرف الإختلاط بين الجنسين في مجالس التعليم ، وتعده من أقبح المنكرات ، حتى إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل مصلى النساء في العيد منفصلا ، فعن جابر رضي اللَّه عنه قال‏:‏ ‏(‏شهدت مع النبيِّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ، ولا إقامة ، ثم قام متوكئًا على بلال ، فأمر بتقوى اللَّه ، وحثّ على الطاعة ، ووعظ الناس ، وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن ، وذكرهنّ‏)‏ ، رواه مسلم والنسائي ، وفي لفظ لمسلم‏:‏ ‏( ‏فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن‏)‏‏.‏

قال الإمام الشوكاني رحمه الله : (الحديث فيه تقديم صلاة العيد على الخطبة ، وترك الأذان ، والإقامة ، لصلاة العيد ، وقد تقدم بسط ذلك ، وفيه استحباب الوعظ ، والتذكير ، في خطبة العيد ، واستحباب وعظ النساء ، وتذكيرهن ، وحثهنّ على الصدقة ... وفيه أيضًا تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال ، لأن الاختلاط ربما كان سببًا للفتنة الناشئة عن النظـر أو غيره ) أ.ه

وليتساءل العقلاء : وما هي حصيلة هذه العقود من الركض وراء الغرب في قضايا المرأة ، سوى ارتفاع نسبة الطلاق ، وانتشار التفكك الأسرى ، وتحويل المرأة إلى أكثر وسائل الدعاية انتشارا ، حتى صارت المرأة وسيلة دعائية لترويج أشد السلع حقارة ( الأحذية ، وإطارات السيارات ) ، وسوى استغلال المرأة أبشع استغلال في تجارة الجنس بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية ، في كلّ مكان ، في الفضائيات وسائل الإعلام ، والإنترنت ، ومواخير الدعارة .

حتى إنّك كلما اقتربت من العواصم الغربيـّة ، وجدت المرأة هناك أتعس ما تكون ، وقد ضُرب لنا أوضح مثل ، في حصول أمريكا على الرقم القياسي عالميا في إهانة المرأة بالتحرش الجنسي في العمل المختلط ، وحمل الفتيات سفاحا في المدارس المختلطة ، بل في نسبة الاغتصاب ، والحمل سفاحا داخل الأسـرة ، وانتشار الإجهاض !!!.


وقبل أكثر من عشر سنوات تقريبا ، حذرت الدكتورة سارة الجلوي آل سعود من التيار التغريبي في الخليج ، وذلك في مؤتمر عن المرأة في الصحافة الخليجية جرى في قطر ، قالت عن نشاطاته : ( ضاغطة تمارس عملية تحد للدين ، والقيم ، والأخلاقيات ،وإنها استطاعت تغيير كثير من المفهومات الأصيلة المرتبطة بالدين ، وأحكامه ، وقيمه ، وصبغها بالصبغة الغربية في محاولة لإلباس الدين ثوبا غربيا ، حضاريا ، في قضايا مثل الحرية ، والمساواة ، والعدالة ، والحلال ، والحرام ، والاختلاط ، والحجاب ، وتعدد الزوجات ، وقامت بعملية تسطيح ثقافي خطير ، وانهزام نفسي ، وتفاهة في الاهتمامات ، ظهرت نتائج ذلك على الناشئة الذين مسخت شخصيتهم الذاتية ، وطمست هويتهم .....).

ويبدو أنَّ تحذيرها المبكر ، أخذ يؤتي ثماره المـرّة ، ووصل الغزو الأخلاقي إلى جوار مكة المكرمة !

غير أننا على يقين أن هذا التيار سيهزم ، وأن دعاة الرشد ،والهدى ، سينتصرون في النهاية ، كما قال الحق : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) .


والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

همي الدعوه
14 Dec 2009, 11:14 PM
رد الشيخ حامد العلي عن الإختلاط


فضيلة الشيخ انتشرت فتوى جديدة تبيح الإختلاط في التعليم وتستدل بنصوص في كتب الحديث أن المجتمع الإسلامي في عهد النبوة كان فيه إختلاط وأن الإختلاط لايوجد نص يحرمه فما هو الرد بارك الله فيكم ؟


السائل: زائر
التاريخ: 11/12/2009
السؤال: فضيلة الشيخ انتشرت فتوى جديدة تبيح الإختلاط في التعليم وتستدل بنصوص في كتب الحديث أن المجتمع الإسلامي في عهد النبوة كان فيه إختلاط وأن الإختلاط لايوجد نص يحرمه فما هو الرد بارك الله فيكم ؟




جواب الشيخ:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ،





وبعـد ، فقد اطلعت على الفتوى المذكورة ، وما اشتملت عليه من التدليس ، والتضليل ، وتحريف دلائل الشرع عن الهدى ، نسأل الله أن لايجعل مصيبتنا في ديننا.


ومعلوم أنَّ الفتاوى المضلـِّة على وجهيـن : أحدهمـا أن يعمد المفتى إلى نصوص لاتصح ، وفتاوى شاذة ، فيعتمد عليها مفتـياً بما يخالف الشرع .


والثاني : أن يستدل بالنصوص الصحيحة ، لكنْ ينزلهـا على غير منازلها ، ويضعها في غير مواضعها ، وهذا الثاني أشـدّ خطورة من الأول ، لأنَّ الشبهة فيه أعظم .


وعندما أطلعت ما تضمنته هذه الفتوى المضلـِّة التي تبيح الإختلاط بين الجنسين في التعليم في مرحلة الشباب ، وقـد نُشرت عندنا في بعض الصحف ، وفرح بهـا دعاة الإفساد ، وأفراخ التغريب ، وصبيان العلمنة .


تذكـَّرت ما قاله العلامة الرافعي رحمه الله : ( أتدري يا ولدي ما الفرق بين علماء الحق ، وعلماء السوء ، وكلُّهم آخذ من نور واحد لايختلف ؟ أولئك في أخلاقهم كاللوح من البللور ، يظهر النور من نفسه ، وهؤلاء بأخلاقهم كاللوح من الخشب ، يظهـر النور حقيقته الخشبية لا غيـر ، وعالم السوء يفكـِّر في كتب الشريعة وحدهـا ، فيسهل عليـه أن يتأوَّل ، ويحتـال ، ويغيـِّر ، ويبدِّل ، ويظهـر ، ويخفـي ، ولكن العالم الحـق يفكِّـر مع كتب الشريعة في صاحب الشريعة ، فهو معه في كلِّ حالة ، يسألـه : ماذا تفعل ؟ ومـاذا تقـول ؟ ) الرافعـي في "وحي القلم "


كما ذكّرنـي إستدلاله بالنصوص التي تدل على أنَّ المجتمع الإسلامي الأوَّل كان يقع فيه ما يقع في كلِّ المجتمعات الإسلامية عبر العصور ، من إختلاط عابـر في الحيـاة العامـة بين الرجال ، والنساء ، على أنَّ خلط الشباب من الجنسين في مراحل التعليم ، مباحٌ في شريعة الإسلام ، ذكـَّرني إستدلاله الضال هذا ، بإستدلال ذلك المسترضع من أمّ الجهالة ـ لاسهل الله عليه ـ برضاع سهلة بن سهيل لسالم مولى أبي حذيفة ـ وهو حديث صحيح ـ على جواز أن ترضع الموظفة زميلها في العمل ليباح لهما الخلوة !!


كما ربطت أيضا بين هذه الفتوى ، وفتوى المدعو : شحرور الذي ـ وأستسمح القارىء عذراً ـ أنـزل نصوص القرآن في شأن الحجاب ، علـى لباس القطعتين ـ قطع الله أنفاسه ـ أما القطعة الواحدة عنده فيبدو أنها عنده مبالغة في الستر !


والبلوى في الفتوى التي وردت أوَّل السؤال ، أنها جمعت بين ثلاث مصائب :


أحدها : الإفتراء على الله تعالى ، وشريعته المطهرة ، وهذا يكفي في بطلانها .


الثانية : أنَّ مفتيها يعلـم يقينا أنهـا ستستخدم ، وتُنـزَّل على واقع سيفتح أبواب الشـرّ على مصراعيه ، لأنها ستترجم عمليـّا إلى مفسدة عظيمة ، إذ يستحيـل واقعـاً وضع أيِّ ضابط يحمي شباب المسلمين من مفاسد الإختلاط في التعليـم ، بل إنَّ من يسمح بـه ، إنما يرمي إلى هذه المفاسد أصـلا ، فهي غايته العظمى.


والثالثة : أنَّ هذه الفتـوى وأشبهاها ، إنما يجري توظيفهـا ليُقتحـم بها مجتمـعٌ يعيش أعرافا إسلامية سامية في الأعـمّ الأغلـب ، وبيئة محافظـة تقدس العفَّـة في الجمـلة ، وقـد حمتـه هذه البيئة المحافظـة من الشرور التي تموج في غيره من البلاد موج البحار ،


يُقتحم بهـا هذا المجتمع لتفسده ، وتجتثّ فضائله ، وتخـرّب أخـلاقه .


وأيضا هي توظَّـف في ضمن مشروع تغريبي ، علماني ، ليس هدفه وضع المرأة حيث الحاجة إلى ذلك البتـة ، ولكن وضعها حيث تفسد قيمها ، وقيم الأسـرة المسلمة ، والمجتمـع الإسلامي.


تماما كما قال الدكتور المصلح محمد محمد حسين رحمه الله أول ما طارت حمى الدعوة إلى الإختلاط في التعليم ، والوظائف في القرن الماضي ، قال رحمه الله : ( ويستطيع الدارس المتأمل أن يرى بوضوح أن المرأة لاتوضع حيث الحاجة ـ صحيحة كانت أو مزعومة ـ إلى أن توضع ، ولكن توضع لإثبات وجودها في كل مكان ، ولإقحامها على كل ما ينادي العقل ، والعرف ، بعدم صلاحيتها له ، فليس المقصود سد حاجة موجودة ، ولكن المقصود مخالفة عرف راسخ ، وتحطيم قاعدة قائمة مقررة ، وإقامة عرف جديد في الدين ، وفي الأخلاق ، وفي الذوق ، وخلق المقررات ، والمبررات ، التي تجعل إنسلاخنا من إسلامنا ، وعروبتنا ، أمـراً واقعـا ، كما تجعل دخولنا إلـى دين الغرب ، ومذاهب الغرب ، وفسق الغرب ، أمرا واقعا كذلك ) أزمة العصر.



ولاريب أنَّ هذه الفتوى المضلّة ، إنما وضعت لإرضاء من يريد تحقيق هذا الهـدف ، لا لتعظيم شريعة الله ، ولا إبتغـاء الدار الآخـرة .



كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : (كلُّ من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبّها ، فلابد أن يقول على الله غير الحق ، في فتواه ، وحكمه ، وخبره ، وإلزامه ، لأن أحكام الرب سبحانه ، كثيرا ما تأتي على خلاف أغراض الناس ، لاسيما أهل الرياسة ، و الذين يتبعون الشهوات ، فإنهم لاتتم لهم أغراضهم ، إلاّ بمخالفة الحق ، ودفعه كثيراً )


وأنها داخلة في دلالة قـول النبي صلى الله عليه وسلم : ( غير الدجال أخوفني عليكم ، الأئمة المضلون ) رواه أحمد وغيره


وللدارقطني مرفوعا ذكر أشد الناس عذابا يوم القيامة : ( رجل قتل نبيَّا ، أو قتله نبيُّ ، وإمام جائر يضلُّ الناس )


وقال عمر رضي الله عنه لزياد بن حدير : ( هل تعرف ما يهدم الإسلام ؟ قلت : لا ، قال : يهدمه زلة عالم ، وجدال المنافق بالكتاب ، وحكم الأئمة المضلين ) رواه الدارمي


وقال الحسن ‏:‏ عقوبة العلماء موت القلب ، وموت القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة


وأنشــدوا ‏:‏


عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ** ومن يشتري دنياه بالدين أعجب
وأعجب من هذين من باع دينه **بدنيا سواه فهو من ذين أعجب


ورحم الله شيخ الأزهر محمد الخضر حسين الذي قال : ( فمن أهل العلم من يرى ذا جاهٍ ، أو رياسةٍ ، يهتك ستر الأدب ، أو يعيث في الأرض فساداً ، فيتغابى عن سفهه ، أو بغيه ، ويطوي دونه التذكرة ، والموعظة ، ابتغاء مرضاته ، أو حرصا على مكانة ، أو غنيمة ينالها لديـه.


ومن البليّة أنَّ المترفين ، ومن ينحو نحوهم في الزيغ والغرور ، لا يكتفون ممن يسوقهم الزمن إلى نواديهم أن يسكت عن جهلهم ، ويتركهم وشأنهم ، وإنما يرضيهم منه أن يزين لهم سوء عملهم ) أ.هـ .( الدعوة إلى الإصلاح )



وإنما عاب الله تعالى على أحبار السوء بقوله : ( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم ، وأكلهم السحت ، لبئس ما كانوا يصنعون ) لأنهم كانوا يشهدون الأمر بالمنكر ، والنهي عن المعروف ، والسعي في الفساد ، فلاينهون عن ذلك ، ويرون حقَّ الله مضيِّعـا ، ومال الله يُؤكـل ظلما ، فلا يحذّرون من ذلك ، رغبةً فيما عند أهل الدنيا من العرض الآفل ، والمنزل الزائـل ، ومداهنة في دينهم .


،
والعجيب في شأن هذه الفتوى ، أن مفتيها ـ أيا كان ـ لايقول بدلالة ما فيها !

،



فالنصوص التي استدلَّ بها كلُّها يحملها ـ في حياته الخاصة ـ على محاملها الصحيحة ، بينما هـو قد حرَّف دلالتهـا لإباحة الإختلاط في التعليم ، لتغرير بنات وشباب المسلمين لإيقاعهم في الفتنة ، والفساد !



فمعلوم قطـعا أنـَّه لا ، ولـن يسمح بأن تتوضَّـأ زوجته مع رجل أجنبي في إناء واحد فـي وقـت واحـد ! تغسل وجهها حتى تشرع في الرأس ، وتمسح شعرها ، و تكشف عن ساعديها ، وتغسل قدميهـا حتى تشرع في الساق ! ، كما استدل بالنص محرفاً دلالته !


كما أنه لايقـول بجواز أن تختلط زوجتـه ، وبناته ، مع شباب الحيِّ في مجلس يتبادلون هموم الحياة ، والدراسة ..إلخ ، ثـم تقوم إحدى بناتـه بخدمـة الشباب !! بل هو يمنع الإختلاط على هذا الوجه ، ويراه يجـرُّ إلى مفاسد عظيمة ، وأنه أعظم مطعن في الرجولة ، وعلامة على الدياثة ! فإن احتجّ محتجّ عليه بما أروده من نصوص ، بيّن أنها وردت على غير هذا النحو المفضي إلى الفتن ، وأسباب الإغواء .
،


فياللعجـب :


يا واعظَ الناسِ قد أصبحتَ متهماً إذ عبتَ منهم أموراً أنتَ تأتيها
أصبحتَ تنصحُهم بالوعظ مجتهداً فالموبقـات لعمري أنت جانيها


هذا .. ولاريب أنه لم يأتِ تحريمٌ مطلقٌ للإختلاط بين الرجال والنساء في النصوص ، ولا وقع في التاريخ الإسلامي فصلٌ تام بينهما في الحياة ، ولو كانت الشريعة تأمر بذلك ، لكان من قبيل التكليف بما لايطاق أصلا .


غير أنّ هذه المسألة التي يكثر حولها الجدل ، ترجـع إلى أربع قواعد شرعيّـة :


الأولى : أنَّ كلَّ مالم يرد فيه نص ، فهو من قبيل المباح ، مالم يفـضِ إلى محرّم فيأخذ حكم الحرام .


الثانية : إذا تعذّر توفير الضوابط التي تمنع إفضاء المباح إلى محـرم مفسدته أعظم ، فالمباح يمنـع سداً للذريعــة.


وليتأمَّل العاقـل ـ مثلا ـ كيف يحرِّم بعض الساسة كلَّ الوسائل السلمية لإصلاح السلطة ، لأنها ـ عندهم ـ قـد تفضي إلى فتنة ! عملا بهذه القاعدة !


وقـد يوقعون بمن يدعوا إلى وسائل الإحتجاج السلمي على فساد السلطة أشد العقوبة ،


بينما لايعملون بهذه القاعدة هنا في مسألة الاختلاط في التعليم لسدّ فتنة الأخلاق !!


الثالثة : الأمور تتبيّن بعواقبها ، فالخيـر في موضعه ، عواقبـُهُ الرشد أبداً ، والشرّ عواقبه الغـيّ دائمـا .


الرابعة : كلّ ما كان الأمر أشـدّ ضرراً على المجتمع ، كان الاحتراز منه أوجب ، ومحاربته ينبغي أن تكون أشــدّ.


أما القاعدة الأولى ، فكما نص الفقهاء على تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمــراً.


وأما الثانية ، فكما ذكر الفقهاء تحريم بيع السلاح وقت الفتنة ، لأنّه حتى لو زُجـر الناس عن قتل المسلم ، فلا يمكن ضبط ذلك والناس في حال الفتنة ، فيُفتى بتحريمه مطلقا .


أما الثالثة ، فدلت عليها نصوص كثيرة جدا، فالله تعالى جعل عاقبة طاعته خيرا ، (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) ، وجعل عاقبة معصيته الخسران المبين : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ * ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون ) .


فإذا تبين أنَّ عاقبة أمر من الأمـور ، هـو الشرّ والسوء ، فهو معصية لله ، والضدّ بالضدّ .


أما الرابعة : فكما نرى نصوص القرآن ، والسنة ، قـد شددت في التحذير من مداخل الشرك ، والقتل ، والزنا ، وهي أعظم ثلاث جرائم.


فحرمت الشريعة كلَّ ذرائع الشرك : كالصلاة في المقابر ، وتعليق التمائم ، وصنع التماثيل ، وغيرها حتى تلك التي في الألفاظ كقول القائل ماشاء الله وشئت ، والحلف بغير الله .. إلخ.


كما حرمت الشريعة في صيانة دم المسلم ، كلّ الطرق المفضية إلى الاستهانة به ، فحرمت حتَّى سباب المسلم ، وترويعه ، سداً لكلِّ طرق العدوان التي قد تفضي إلى القتل ، أو الإستخفاف بدم المسلم .


وفي الذرائع المفضية إلى الزنا ، حرَّمت على المرأة الخلوة مع الرجل ، والتعطّر أمام الرجال ، والسفر بغير محرم ، وأمرتها بالحجاب ، وأمرت بغض الأبصار ، ونهت المرأة عن الخضوع بالقول عند مخاطبة الرجل الأجنبي ، حتى لقد حـُرّم عليها ضربها بخلخالها لتُعلم زينتهـا .


ولانجد مثل هذا الذرائع كثرةً ، وتأكيداً في غير تلك الجرائم الثلاث.


ثـم إذا نظرنا إلى الاختلاط يبن الرجال ، والنساء من هذا المنظار الشرعي ،


وجدناه ينقسم إلى قسمين :


أحدهما : اختلاط عابـر يتعذر الإحتراز منه ، أو في موضع لايخشى منه الفتنة ، في الغالـب ، كاشتغال الجمع بعبادة مثلا ،كصلاة النساء في المسجد خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلَّم ، والطواف في الحج ..إلخ


ومثل الأماكن العامة التي يشقّ تخصيصها لأحد الجنسين .


وسائر مرافق الحياة العامة التي لابد فيها من إشتراك الجنسين في الإستفادة منها .


وكلُّ النصوص التي استدل بها في الفتوى المضلـِّة المذكورة في سؤال السائل ، هـي من هذا القبيل فحسب ، وإنما أُخرجت من سياقها ، ووضعت في غير موضعها تضليلاً للنَّاس كما بيَّنـا .


والقسم الثاني : اختلاط يفضي إلى الفتنة المحققـَّة غالبا ، ولايمكن توفير ضوابط الاحتراز منها ، وعاقبته شرورٌ عظيمة واضحة ، وضررُه على المجتمع بالغ السوء بشهادة الواقع المحسوس ، وذلك مثل الاختلاط في الدراسة ، وفي أماكن العمل ، حيث تمكث الفتاة ، أوالمرأة فترة طويلة بين الرجال ، في أجواء داعيةً إلى التعارف ، وتكوين العلاقات ، بماتقتضيه الجبلّـة الإنسانية ، من الإنجذاب الفطري بين الذكر ، والأنثى.


فلو قيل للشاب الذي يخالط الشابات في فصل دراسي طيلة أعوام الدراسة : لاتنظر إلى ما ترغـب نفسك النظر إليه من مفاتن المرأة ، ولا تشتهي ما يشتهيه الرجل من المرأة ، ولا تحاول أن تتعرّف على من تعجبك منهـنّ ، ولا تبني علاقة معها ، ويُقال للفتاة مثل ذلك ، لكان من يقول مثل هذا للشباب ، مع توفير أسباب الفتنة لهم : كمن يسعى في إفساد الناس بكل ما أمكنه ، وهو يأمرهم بلسانه بالصلاح ، والعفّة !!


وهذا التناقض القبيح في العقل ، والمنطق ، لايمكن أن تأتي به الشريعة الكاملة.


حتى إنَّ بعض الجهّال ، أفتى بجواز الاختلاط في الأعراس ، استدلالا بأن النساء كنّ يصلِّين ، خلف صفوف الرجال في عهد النبوة!!


مع أنَّ النبيَّ صلى الله عليه جعل صفوفهنّ بعيداً ، خلف الصبيان ، كما جعل مصلَّى النساء في العيد ، معزولاً عن مصلى الرجال ، وجعل خير صفوفهن آخرها ، وشرّها أوّلها ، وكلُّ ذلك لتخفيف الفتنة قدر المستطاع ، مع أنـَّه في موضع العبادة تؤمن فيه الفتـنة غالبـا ، فكيف بغيره ؟!!


وعلى أية حال فكلُّ عاقل يعلم أنَّ ثمة فرقاً كبيراً بين القسم الأوّل ، والثاني ، وأنّ الاستدلال بجواز الأول ، على جواز الثاني ، من قبيل التلبيس ، والخلط ، وسوء الفهم ، أو إرادة الإفساد في الأرض .


وذلك كمثل من يستدل على جواز بيع السلاح في الأحوال العادية ، مع إمكان أن يُقتل به مسلمٌ ، على جواز بيعه في فتنة بين المسلمين يقتل بعضهم بعضها !


ولا يخفى على عاقل متجـرّد من الهوى ، أنَّ الاختلاط في التعليـم ـ من القسم الثاني ـ مفضٍ إلى فساد عريض ، وهاهي المجتمعات التي ينتشر فيها هذا الاختلاط ، تعاني ما تعانيه من الآثار المدمـّرة لإنتشار الزنى ، والعلاقات المحرمة بين الجنسين .


وإذا كان هذا الفساد في جزيرة الوحـي ، وفي مجتمع قائم على نظام فصل الجنسين في التعليم ، وعرفه الجاري هو هذا العرف الحسن المحمود ، فمن أفتى بجواز الإختلاط في التعليـم ، أو حرض عليه ، فهو داخل في قوله تعالى ( ولاتفسدوا في الأرض بعد إصلاحهـا ) ، وهو من الداعين إلى الفساد ، الآمرين بالمنكر ، الناهين عن المعـروف ، نسأل الله تعالى أن يعافينا من العماية ، وسبل الغواية آمين .

وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصيـر

همي الدعوه
14 Dec 2009, 11:21 PM
الاثنين 27 ذو الحجة 1430 هـ الموافق 14/12/2009 م

إعفاء الغامدي وتكليف الجهني برئاسة هيئات مكة
إيجاز – خاص:

أفادت أنباء بأن الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين أصدر قرارا اليوم بإعفاء أحمد بن قاسم الغامدي مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة من منصبه، وتعيين الشيخ عبدالرحمن الجهني رئيس هيئة الطائف مديرا عاما مكلفا.
وكان الشيخ "أحمد بن قاسم الغامدي" أثار استنكار العلماء والدعاة في السعودية بكلام له حول إباحة الاختلاط، ورد عليه علماء ومشايخ في العديد من الصحف والمواقع، وامتد ذلك خارج المملكة بإصدار علماء ودعاة كويتيين بيانا - نشرت إيجاز نسخة منه اليوم - ينتقد فتواه بشدة ويصفها بالشاذة.
تجدر الإشارة إلى أن الشيخ الجهني المكلف برئاسة الهيئة يشغل المرتبة الثانية عشرة، ومسمى منصبه قبل التكليف الجديد هو مساعد مدير عام هيئات الأمر بالمعروف بمكة المكرمة. فيما يشغل المدير المعفى أحمد الغامدي المرتبة الحادية عشرة.

همي الدعوه
15 Dec 2009, 12:16 AM
الشيخ عبد الرحمن الأطرم : الغامدي خالف وتجنى على العلماء المعتبرين في تصريحه

إيجاز:

بدأت ردود العلماء على تصريح الغامدي تترا وتتواصل ومن تلك الردود رد الشيخ عبد الرحمن الأطرم الذي جاء في برنامج الجواب الكافي في قناة المجد ظهر اليوم الجمعة، والذي قال فيه مفنداً مزاعم الغامدي: إن كثيراً من العلماء المعتبرين قديماً وحديثاً، حرموا الاختلاط تحريماً مبرماً، وبينوا آثاره الخطيرة على المجتمع، وقد شدد العلماء على خطورة الاختلاط في دور العلم بصفة خاصة، ومن العلماء الذين حرموا الاختلاط المشايخ محمد بن إبراهيم وابن باز وابن عثيمين والفوزان وأبو زيد وسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، هذا فضلاً عن السابقين من العلماء المعتبرين ومنهم الشيرازي والغزالي وابن القيم، فسبحانك ربنا هذا بهتان عظيم أن تصفهم بالابتداع, ويقول الشيخ الأطرم: إن من يرى المظاهر المستهجنة والآثار السيئة للتعليم المختلط في بعض الدول العربية والإسلامية لا يمكن أن يفتي بجواز الاختلاط بأي حال ، ويواصل قائلاً إن هذا البلد قد حكم شرع الله تعالى، وعدم اختلاط البنين والبنات من شرع الله.

همي الدعوه
15 Dec 2009, 12:17 AM
تصريح رئيس هيئة مكة بمشروعية الاختلاط أثار السخط والاستغراب
إيجاز :

أثار تصريح رئيس هيئة الأمر بالمعروف بمكة أحمد بن قاسم الغامدي، الذي أجاز فيه الاختلاط، سخط كثير من العلماء و طلبة العلم ، مثلما أثار السخط بين عامة الناس، و وقال كثير منهم : إن هذا التصريح لو صدر من شخص عادي لقابله أهل هذه البلاد الذين عرفوا بالتمسك بالشريعة الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف، كما عرفوا بشدة غيرتهم على أعراضهم عراضهم بالاستهجان والرفض، فكيف والتصريح قد صدر من رئيس هيئة الأمر بالمعروف بمكة.
وقال البعض في هذا السياق أنهم شعروا بالصدمة من هذا التصريح، بينما قال آخرون أنهم يشكون في أن يصدر مثل هذا التصريح من أحد رجالات الهيئة ، التي عرفت بأنها الحارس الأمين والمنافح القوي عن تعاليم الإسلام.
هذا وقد اتصلت (إيجاز) بمكتب الشيخ عبد العزيز الحمين الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، للتأكد من صحة ما نسب إلى رئيس هيئة مكة ، وهل ما صدر منه كان بصفته الشخصية أم بصفته رئيس هيئة الأمر بالمعروف بمكة، وقد رد علينا سكرتير الشيخ الحمين وقال إنه غير موجود، وإنه وصلتهم الكثير من الاتصالات بهذا الصدد مستهجة التصريح ومن جهة أخرى طالب البعض بإقالة رئيس هيئة مكة لتكرار تصريحاته الغريبة.

انا بنت الاسلام
15 Dec 2009, 12:23 AM
الله المستعان

همي الدعوه
15 Dec 2009, 12:41 AM
لماذا الاختلاط يا رئيس الهيئة؟


بعد الاطلاع على أدلة الشيخ الغامدي رئيس هيئة مكة حول جواز الاختلاط وانه أمر طبيعي في حياة الأمة واعتبر أن المانعين يعيشونه واقعا في بيوتهم فهي تمتلي بالخدم وتمتلئ بالرجال الغرباء .وذلك في صحيفة عكاظ يوم الأربعاء22/12/1430هـ.
ومن أجل أن يتضح الأمر للجميع فإليكم الأدلة الصريحة والصحيحة سواء كانت نقلية أو عقلية ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة.
أولاً: أما قوله أن بيوت المانعين من الاختلاط تمتلئ بالخدم والرجال الغرباء فالجواب عليه ( إنها لإحدى الكبر وهذه الفتوى ليست جديدة فقد تبنى هذه الفتوى قبل فترة احد كبار المسئولين في المؤسسات الدينية وقد رد عليها الشيخ الطريفي ساعتها ثم قام الشيخ احمد الغامدي رئيس هيئة مكة بتبني هذه الأفكار مرة أخرى والسبب في ذلك لأن مروجي الاختلاط يبحثون عن رجل صاحب مركز ديني يتبنى مثل هذه الأفكار ليسهل ترويجها ويصدقها الناس لأنهم يعلمون أن الجاهل والعالم ولذي يقرأ والأمي كلهم يعلمون بحرمة الاختلاط .
وسواء أفتى بها الغامدي أو غيره فكل مؤمن ومؤمنة يرفضون هذا الأمر جملة وتفصيلا أما الزائغون والزائغات فهم يبحثون عن الاختلاط ويودون لو هلك الناس كما هلكوا.
ثانيا : العلم دين لا يجوز أخذه عمن هب ودب والحجة في الدليل و العلماء هم ورثة الأنبياء ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يقبض العلم بموت العلماء فيتخذ الناس رؤوسا جهلا ) وفتوى ابن باز وابن عثيمين بتحريم الاختلاط معروفة وهما معروفين لدى كثير من الناس.
ثالثا : الأصل في وضع المرأة لزوم البيت كما في قولة تعالى ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن ترج الجاهلية الأولى ) لان درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ومن هنا فرضت على الرجال صلاة الجماعة في المساجد ولم تفرض على النساء صلاة الجماعة بل رغب الشرع النساء في الصلاة في البيوت كما في الحديث ( وبيوتهن خير لهن ) في حين انه ورد وعيد شديد في حق الرجال المتخلفين عن صلاة الجماعة بل إن أم حميد رضي الله عنها أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنها تحب الصلاة معه فقال لها ( إن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها معي ) ثم إذا دعت الحاجة إلى صلاة النساء في المساجد قيدت بضوابط أن يخرجن تفلات وغير متعطرات وان يعزل النساء عن الرجال وان ينصرفن أولا ويتأخر الرجال عنهن في الخروج وبين أن خير صفوف النساء آخرهن كله منعا للاختلاط ودرأً للفتنة .
ولهذا عزل رسول الله النساء عن الرجال وجعلهن خلف الرجال وأمر المرأة إذا عرض لها عارض في الصلاة أن تصفق ويسبح الرجال ويجوز لها إذا دعت الحاجة إلى الكلام أن تتكلم بشرط عدم التخضع في القول أما الحج والعمرة فلا يمكن عزلهن كما هو الحاصل في الصلاة لان في عزلهن أثناء الحج والعمرة فيه خطورة عليهن ولا يمكن ذلك وهذا الاختلاط قاصر على الطواف والسعي ومن المصلحة أن تبقى المرأة مع محرمها ولهذا لما ذكر احد الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم انه اكتتب في غزوة كذا وذكر بان امرأته خرجت حاجة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج مع زوجته ) لأن من شروط حج المرأة وجود المحرم وعليه لا يمكن عزل النساء عن الرجال في الحج والعمرة كما هو الحاصل في الصلاة .
فإذا أمر الشارع المرأة أن تقر في بيتها وعزل الرجال عن النساء في الصلاة لأنه يمكن فصلهن ويمكن تحديد مكان لهن بخلاف الحج فكيف يقرها الشرع على تخالط الرجال في الجامعات وهو يمكن فصلهن وما هو المانع من عزل النساء عن الرجال فلقد قامت هذه البلاد بتجربة فريدة في هذه العصر وتم عزل النساء عن الرجال في جميع مراحل التعليم ووصلن إلى أعلى المراتب وقدم البعض منهن أبحاث علمية رائدة لكن دعاة الضلالة يريدون بالمجتمع شرا من خلال إفساد الحياة بخروج النساء إلى الأسواق والجامعات والشركات حتى يفسدوا النساء ويفسدوا المجتمع .
رابعا : أمر الله النساء بالحجاب وعلل الشرع ذلك بأنه اطهر لقلوب الرجال والنساء في آن واحد فالمرأة حينما تخرج متحجبة لا يرى منها شيء كما في قوله تعالى ( ذلك أدنى أي يعرفن فلا يؤذين ) فلا يطمع فيها احد لأنه لا يرى منها شيء لكن لو خرجت المرأة سافرة ومتبرجة فلا شك أنها تعرض نفسها لئن يطمع فيها الرجال فيؤذيها من في قلبه نفاق أو مرض ومن هنا بعد أن أمر الله النساء بالحجاب حذر من المنافقين وأنهم ملعونين أينما ثقفوا وفيه إشارة إلى أنهم هم أعداء الحجاب
ولذلك أمر الإسلام المرأة بالحجاب وحذر من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة الذين يأمرون بالسفور والتبرج والاختلاط ويدعوننا إلى الفتنة والرذيلة .
وأنا أتساءل مع الجميع من الذي يدعوا إلى الفتنة أهو من يأمر بالحجاب ويمنع الاختلاط أم هو من يأمر بالاختلاط وينهى عن الحجاب لاشك أن رسول الله قد فصل في هذا الأمر فقال ( ما تركت فتنة اضر على الرجال من النساء)
أما من يدعوا إلى الاختلاط وينهى عن الحجاب ولا يرى فيه باسا ويشنع على من يحرم الاختلاط فهذا قلبه ميت لأنه لو كان قلبه حيا لأنكر هذا المنكر لكن في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا فانقلبت عندهم الموازين ففي الحديث ( وقلب اسود مرباد لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما اشرب هواه ) .
يقول الله تعالى (والمنافقون والمنافقات يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ) فإذا ماتت قلوبهم انقلبت عندهم الموازين فيرون المنكر معروفا والمعروف منكرا .
يقول العلماء وسبب إتباع الشبهات أمرين فقدان العلم وسوء القصد ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) يعنى تأويله على وفق هواه .
بعض الزائغون يرددون بان المرأة الواثقة والشريفة تعمل في أي مكان وتحافظ على نفسها والجواب عليه هل هن اطهر من نساء النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيهن ( وقرن في بيوتكن) .
خامسا : والحق ما شهدت به الأعداء سئل بروفسور ألماني بلغ أعلى درجات العلم في العلوم الجنسية عن أحسن علاج للجنس فقال ( لم أجد في العلوم كلها أفضل من آية نزلت على محمد (صلى الله عليه وسلم) فسألوه عنها فقال ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول ( العين تزني وزناها النظر ) وهؤلاء يقولون قلوبهم طاهرة أين الطهارة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول العين تزني وزناها النظر ).
خلاصة الأمر:
الاختلاط حرام وكشف المرأة لوجهها لايجوز ولبس النقاب فيه نوع سفور وتبرج ولو أفتى فيه من أفتى وهذا الأمر يؤمن به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر أما من يريد تغير شرع الله ودين الله إتباعا لأهواء الناس ورغباتهم واخذ يقدم ويؤخر ويؤصل ويقعد فنقول له الله الموعد واليه التحاكم وبين يديه التخاصم وأنا أبرأ إلى الله من كل مفتون وزائغ يدعوا إلى الاختلاط والرذيلة وترك الحجاب يقول الله ( فان عصوك فقل إني بريء مما تعملون)

كتبه : عبد الرحمن اليحيا إمام جامع النور 25/12/1430هـ

منقول صحيفة عاجل

همي الدعوه
15 Dec 2009, 12:59 AM
أدلة تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وبيان أحواله


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:


فقد ظهر علينا بعض الناس في هذه الأيام زاعماً إباحة الاختلاط، ويحشر من الأدلة ما لا يحسنه أهل الباطل فيما يخدمهم به، ويمدهم في غيهم وما يبتغونه من فتنة وفساد..

وأذكر هنا جملة من كلام العلماء في بيان حرمة الاختلاط أسأل الله التوفيق والسداد وأن يهدي ضال المسلمين.


قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي عام المملكة رحمه الله : «اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات:
الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال: وهذا لا إشكال في جوازه. الثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد: وهذا لا إشكال في تحريمه. الثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك: فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى افتتان كل واحد من النوعين بالآخر، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق مجمل ومفصل: أما المجمل فهو أن الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ؛ لأن النفس أمارة بالسوء والهوى يعمي ويصم، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر. وأما المفصل فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر. وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة. أما الأدلة من الكتاب فستة:
الدليل الأول: قال تعالى: سورة يوسف الآية 23 { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } وجه الدلالة: أنه لما حصل اختلاط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامنًا فطلبت منه أن يواقعها ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها، وذلك في قوله تعالى: سورة يوسف الآية 34{ فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } وكذلك إذا حصل اختلاط الرجال بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر وبذل بعد ذلك الوسائل للحصول عليه.

الدليل الثاني: أمر الله الرجال بغض البصر وأمر النساء بذلك، فقال تعالى: سورة النور الآية 30 { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ } الآية. وجه الدلالة من الآيتين: أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر، ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة؛ فقد روى الحاكم في [المستدرك] ، عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أحمد في [المسند] رقم (5 / 351، 353،357)، والدارمي في [السنن] (2 / 298)، والحاكم في [المستدرك] (2 / 212) و(3 / 133)، وأبو داود برقم (2149)، والترمذي برقم (2777)، والبيهقي في [السنن] (7 / 90)، وابن أبي شيبة في [المصنف] (2 / 324).( يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة ) قال الحاكم بعد إخراجه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وبمعناه عدة أحاديث. وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا، فروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أحمد (2 / 276، 317، 329، 344، 359، 372، 411، 528، 535، 536)، والبخاري [فتح الباري] برقم (6612) ، ومسلم برقم (2657)، وأبو داود برقم (2152). العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطو متفق عليه، واللفظ لمسلم ، وإنما كان زنا؛ لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها فتعلق في قلبه فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها، فإذا نهى الشارع عن النظر إليها لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه؛ لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه.


الدليل الثالث: الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة، ويجب عليها التستر في جميع بدنها؛ لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها وكذلك الاختلاط.


الدليل الرابع: قال تعالى: سورة النور الآية 31{ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ }وجه الدلالة: إنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزًا في نفسه؛ لئلا يكون ن سببًا إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم إليهن، وكذلك الاختلاط يمنع لما يؤدي إليه من الفساد.


الدليل الخامس: قوله تعالى: سورة غافر الآية 19{ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } فسرها ابن عباس وغيره: هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به، فإذا غفلوا لحظها، فإذا فطنوا غض بصره عنها، فإذا غفلوا لحظ، فإذا فطنوا غض، وقد علم الله من قلبه أنه ود لو اطلع على فرجها وأنه لو قدر عليها لزنى بها. وجه الدلالة: أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالاختلاط إذن.


الدليل السادس: أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن، قال تعالى: سورة الأحزاب الآية 33 ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } الآية. وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول: أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصـيصه، وليس هناك دليل يدل الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق؟! على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء وخلعهن جلباب الحياء واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم، وقل الوزاع ممن أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم.


وأما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر عشرة أدلة:


1 - روى الإمام أحمد في [المسند] بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنها، أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك، قال: أحمد (6 / 371)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1689)، وابن حبان في [الصحيح] (2217)، وابن أبي شيبة (2 / 382، 385).( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت ). وروى ابن خزيمة في صحيحه ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن خزيمة برقم (1691، 1692)، والطبراني في [المعجم] (2 / 35). إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة.

وبمعنى هذين الحديثين عدة أحاديث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.
وجه الدلالة أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها، وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه، فلأن يمنع الاختلاط من باب أولى.


2- ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: مسلم برقم (440)، وأبو داود برقم (678)، والترمذي برقم (224)، والنسائي في [المجتبى] برقم (821)، وابن ماجه في [السنن] برقم (1000)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1693)، والدارمي في [السنن] برقم (1272).( خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها ) قال الترمذي بعد إخراجه: حديث صحيح . وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن ينفصلن عن المصلين على حدة، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخيرية، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات من الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللائي يشغلن البال، وربما أفسدن عليه العبادة وشوشن النية والخشوع، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط وإنما هو مقاربة ذلك فكيف إذا وقع الاختلاط؟!


3- روى مسلم في صحيحه، عن زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحمد (6 / 363) ، ومسلم برقم (443)، وابن خزيمة برقم (1680)، وابن حبان في صحيحه برقم (1212، 2215). ( إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا ) . وروى أبو داود في سننه، والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحمد (2 / 475) و(5 / 192،193)، وأبو داود برقم (565)، وابن خزيمة في [الصحيح] برقم (1679)، والدارمي برقم (1282)، وابن حبان برقم (2211، 2214). لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، ولكن ليخرجن وهن تفلات . قال ابن دقيق العيد : (فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد؛ لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم، وربما يكون سببًا لتحريك شهوة المرأة أيضًا… قال: ويلحق بالطيب ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال، وقال الخطابي في [معالم السنن]: التفل سوء الرائحة، يقال: امرأة تفلة: إذا لم تتطيب، ونساء تفلات) [إحكام الأحكام] (2 / 139). .


4 - روى أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحمد (5 / 200،210)، والبخاري [فتح الباري] برقم (5069)، ومسلم برقم (2740، 2741)، والنسائي في [السنن الكبرى] كما في [تحفة الأشراف] (1 / 49)، وابن ماجه برقم (3998)، والبيهقي في [السنن] (7 / 91)، والترمذي برقم (2780). ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم . وجه الدلالة: أنه وصفهن بأنهن فتنة على الرجال فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون؟! هذا لا يجوز. 5- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أحمد (3 / 19، 22، 61)، ومسلم برقم (2742)، والبيهقي (7 / 91)، والترمذي برقم (2191)، وابن ماجه برقم (4000)، وابن خزيمة برقم (1499). إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء رواه مسلم .

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء، وهو يقتضي الوجوب فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟! هذا لا يمكن، فإذا لا يجوز الاختلاط.


6- روى أبو داود في [السنن] والبخاري في [الكنى] بسنديهما ،عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه، أنه أبو داود برقم (5272). سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء: ( استأخرن؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ) . هذا لفظ أبي داود ، قال ابن الأثير في [النهاية في غريب الحديث]: (يحققن الطريق: أن يركبن حقها وهو وسطها). وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق؛ لأنه يؤدي إلى الافتتان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك؟!


7- روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابًا للنساء وقال: ( لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) .

وروى البخاري في [التاريخ الكبير] له، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البخاري في [التاريخ الكبير] (1 / 60)، وأبو داود برقم (462،571)،والطيالسي في [السنن] برقم (1829). ( لا تدخلوا المسجد من باب النساء ) . وجه الدلالة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال بالنساء في أبواب المساجد دخولًا، وخروجًا، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد؛ سدًا لذريعة الاختلاط، فإذا منع الاختلاط في هذه الحالة ففيما سوى ذلك من باب أولى.


8- روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: البخاري [فتح الباري] برقم (849)، وأبو داود برقم (1040)، والنسائي في [المجتبى] (3 / 67)، وابن ماجه في [السنن] برقم (919). ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرًا ) .


وفي رواية ثانية له: ( كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي رواية ثالثة: (كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال ) . وجه الدلالة: أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع.


9 - روى الطبراني في [المعجم الكبير] عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الطبراني في [الكبير] (20 / 213)، وابن أبي شيبة في [المصنف] (4 / 341) موقوف.( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ) قال الهيثمي في [مجمع الزوائد]: رجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في [الترغيب والترهيب]: رجاله ثقات.


10- وروى الطبراني أيضًا من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الطبراني، كما في [مجمع الزوائد] (4 / 326) وقال : فيه علي بن يزيد وهو ضعيف جدًا. لأن يزحم رجل خنزيرًا متلطخًا بطين وحمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له .


وجه الدلالة من الحديثين: أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرمًا لها؛ لما في ذلك من الأثر السيئ، وكذلك الاختلاط يمنع لذلك، فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له: أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص، وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة، ولهذا منعه الشارع؛ حسمًا لمادة الفساد، ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة، كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني. نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يزيد المهتدي منهم هدى، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء، إنه سميع قريب مجيب. وصلى الله على محمد وآله وصحبه .

مفتي الديار السعودية.



انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (2/81-93).


فقد ذكر سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ستة عشر دليلاً على تحريم الاختلاط، فمن الأدلة غير ما ذكره: الدليل السابع عشر: قوله تعالى:{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وقلوبهن }.

الدليل الثامن عشرة: حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ قَالَ الحَمْوُ المَوْتُ» متفق عليه.


الدليل التاسع عشر: حديث ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ» أخرجه الترمذي بسند صحيح.


فمن تأمل تلك الأحاديث وما للاختلاط من الآثار السلبية المترتبة عليه لا يتردد في تحريمه لغير ضرورة أو حاجة شرعية.
ومن الآثار السلبية للاختلاط: ضعفُ الحجاب، والوقوعُ في التبرج من بعض النساء ؛ فإن المرأة ضعيفة، يستشرفها الشيطان إذا خرجت بين الرجال، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وأما ما يستدل به بعضهم فباحة الاختلاط بأن الطواف بالبيت مختلط.


والجواب عن هذه الشبهة: أن الاختلاط الواقعَ اليوم في الطوافِ غيرُ جائز.

والطواف بالبيت لم يكن مختلطاً زمنَ النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فالنساء يطفن وحدهن دون الرجال.
وهذا ظاهر في أن النساءَ في مناسك الحج كنَّ على هيئةِ الجماعة، بعيدات عن الرجال، وقد حصل شيء من الاختلاط بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنكره الخليفة.


قال ابن حجر في فتح الباري (3/480).: «روى الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرَّة».


وسُئل عطاءُ ابنُ أبي رباح - التابعيُ الثقة - عن اختلاطِ نساءِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالرجال في الطواف فقال: « لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ الله عَنْهَا- تَطُوفُ حَجْرَةً مِنَ الرِّجَالِ لَا تُخَالِطُهُمْ» [رواه البخاري برقم (812)، وأبو داود برقم (1040)، والنسائي في [المجتبى] (3 / 67)، وابن ماجه في [السنن] برقم (919)]


ومعنى حجرة: أي معتزلة في ناحية، أما الواقع فالواجب إصلاحه بما أمدنا الله جل وعلا من وسائل وإمكانات.


وأما استدلال بعض مجيزي الاختلاط بمداواة الجرحى في الجهاد في سبيل الله زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


والجواب: أن المداواة هنا للضرورة، أما الرجال فالجيش بأمس الحاجة إليهم في قتال الكفار.


قال ابنُ حجر في الفتحِ تعليقاً على حديث مداواة الجرحى: «وفيه جوازُ معالجةِ المرأة الأجنبية الرجلَ الأجنبيَ للضرورة.

قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم، ثم بالمُتجالات منهن، لأن موضعَ الجرحِ لا يلتَذُّ بلمسه، بل يَقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة، ولا مس»" أهـ كلامُ ابنِ بطال نقلاً عن فتح الباري(6/80)


والفتوى الثانية ، فتوى الإمام عبد العزيز بن باز- رحمه الله-، وهذا نص السؤال: ما رأي سماحتكم في تطبيب المرأة للرجل في مجال طب الأسنان، هل يجوز ؟ علماً بأنه يتوافر أطباء من الرجال في نفس المجال، ونفس البلد.


فأجاب الشيخ عبد العزيز بن باز: لقد سعينا كثيراً مع المسؤولين لكي يكون طب الرجال للرجال، وطب النساء للنساء، وأن تكون الطبيبات للنساء، والأطباء للرجال في الأسنان وغيرها، وهذا هو الحق ؛ لأن المرأة عورة وفتنة إلا من رحم الله، فالواجب أن تكون الطبيبات مختصات للنساء، والأطباء مختصين للرجال إلا عند الضرورة القصوى، إذا وجد مرض في الرجال ليس له طبيب رجل، فهذا لا بأس به، والله يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام: 119].


وإلا فالواجب أن يكون الأطباء للرجال، والطبيبات للنساء، وأن يكون قسم الأطباء على حدة، وقسم الطبيبات على حدة.
أو أن يكون مستشفى خاصاً للرجال، ومستشفى خاصاً للنساء حتى يبتعد الجميع عن الفتنة والاختلاط الضار.
هذا هو الواجب على الجميع، انتهت فتوى الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله.




ورد في فتوى اللجنة الدائمة في جوابها على استفتاء مدير جامعة الملك سعود، عن حكم تدريس الرجل للطالبات؟
الفتوى رقم (13947).


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من معالي مدير جامعة الملك سعود، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (432) في 25/ 5/ 1411هـ وقد سأل معاليه سؤالاً هذا نصه:
تعلمون سماحتكم أن جامعة الملك سعود تستوعب العدد الأكبر من الطالبات، مقارنة بغيرها من جامعات المملكة، حيث تضم أكثر من (11000) طالبة؛ وذلك انطلاقاً من حاجة هذا البلد لإتاحة الفرصة للطالبات في مواصلة تعليمهن، ولما للعلم من أهمية للمرأة المسلمة.

ولسد حاجة هذا البلد من المهن التي تحتاجها المرأة، والاستغناء عن ظاهرة استقدام الأجنبيات؛ لتجنب السلبيات الناتجة عن ذلك، وكذلك لتوفير التعليم للطالبات السعوديات داخل المملكة؛ حتى لا يضطررن إلى السفر خارجها، والدارسة في بيئات مختلفة العقيدة والعادات والثقافة، وحرصاً منا على سلامة منهج الجامعة، ورغبة في أن تتم جميع أمورها في إطار من نظرة الإسلام الخالدة للإنسان، وتنظيمه لشؤون حياته كلها، واستكمالاً للمفاهمة مع سماحتكم حول بعض المشكلات التي تواجهها الجامعة في تدريس الطالبات، ومنها تدريس المقررات العلمية والطبية ومواد الدراسة العليا، والمواد الأخرى التي يصعب فيها شرح تلك العلوم بواسطة الدائرة التلفزيونية ؛ حين أن المحاضرة تكون معتمدة على تجارب حيوية يصعب توصيلها بالصورة، مثل مادة التشريح وغيرها، إلى جانب السلبيات الكثيرة التي بدت للجامعة، من التدريس بواسطة التلفاز، ولما يرافقه من مشكلات، منها متعلقة بالتشغيل، فكثيراً ما ينقطع الإرسال، أو يشوش على الطالبات، مما يتأثر به الجدول الدراسي، إذ تتداخل المحاضرات، ومنها تشويش الطالبات بعضهن على بعض أثناء هذه المحاضرة، وعدم إيلائهن المحاضر الاهتمام الكافي، وصعوبة ضبط الفصل، وخاصة بالنسبة للمشرفات، وهن قلة في الجامعة، إلى جانب التكاليف الكبيرة في إنشاء أماكن البث والاستقبال، وهي كثيرة لكثرة أعداد الطالبات، والمتاعب الوفيرة في الصيانة، وصعوبة استقدام الفنيين المؤهلين بمرتبات عالية، أو التعاقد مع شركات الصيانة الباهظة الثمن، مما يكلف الجامعة الكثير، وحيث إن ذلك كله حادث بسبب قلة عضوات هيئة التدريس وندرتهن، وعدم تمكن كثير منهن من الحضور إلى المملكة في الأوقات المحددة، إلى جانب عدم الثقة المطلقة بمن يستقدمن من الخارج، وخاصة الأجنبيات اللاتي تختلف ديانتهن وأخلاقهن، وعاداتهن عما نسير عليه في هذا البلد الآمن، الأمر الذي يستدعي أن تكثف الجهود لتخريج عضوات هيئة تدريس سعوديات مؤهلات، لتولي مهام التدريس للطالبات في المستقبل، وحتى نتمكن من الوصول إلى هذه المرحلة إن شاء الله، بزمن قصير؛ لا بد من تمهيد الطريق إلى تلك المرحلة، بإعادة النظر في تدريس الطالبات بما يتفق، ونظر الشرع الكريم، سواء في المرحلة الجامعية أو ما بعد المرحلة الجامعية، وحيث أن ديننا الإسلامي كما تعلمون سماحتكم يتميز ولله الحمد عن الأديان الأخرى باليسر المتمثل في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [التغابن:16].

فإننا نعرض على سماحتكم هذه المشكلة، ونود أن تفيدونا وفقكم الله برأيكم الشرعي في إمكانية أن يقوم عضو هيئة التدريس الرجل، (في حالة الضرورة التي لا يتوافر فيها مدرسات) بتدريس الطالبات مباشرة، على أن يكنّ هؤلاء الطالبات محجبات حجاباً كاملاً، أو متنقبات تظهر أعينهن فقط؛ من أجل متابعة الشرح على السبورة، وخاصة من هن في نهاية المقاعد، وكما يحدث عند الوعظ في المساجد، مع وضع الضوابط الكافية لحسن اختيار عضو هيئة التدريس من حيث نزاهته واستقامته، ومراقبة الطالبات مراقبة صارمة، من حيث المحافظة على الحجاب، والاحتشام الكامل، ومعاقبة المخالفات منهن بالحرمان من الامتحان، أو الطرد من الجامعة إذا تكررت مخالفتهن، وغير ذلك من ضوابط يمكن أن تبحث عند تطبيق هذا النظام.

إننا نعتقد أن سماحتكم يشاركنا المشكلة التي يتعرض لها تعليم البنات في جامعة الملك سعود، كما نعتقد أنكم حريصون على مصلحة هذه الأمة، نساءً ورجالاً، ومن هذا المنطلق فاتحنا سماحتكم بهذه الفكرة، راجين التكرم بالنظر فيها بما يحقق المصلحة للجميع، سائلين الله أن يثيبكم، وأن يوفقكم لخير الدارين، إنه سميع مجيب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء، أجابت بأنه لا يجوز للرجل تدريس البنات مباشرة، لما في ذلك من الخطر العظيم والعواقب الوخيمة.




وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.



والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كتبه: أسامة بن عطايا العتيبي

منقول

همي الدعوه
15 Dec 2009, 02:08 AM
إعفاء مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف في مكة المكرمة من منصبه الاثنين 27 ذو الحجة 1430 الموافق 14 ديسمبر 2009

الإسلام اليوم/ وكالات
أصدَّر الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف، الشيخ عبد العزيز بن حمين الحمين اليوم الاثنين قرارًا بإعفاء أحمد بن قاسم الغامدي مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة من منصبه، كما أمر بتعيين الشيخ عبد الرحمن الجهني رئيس هيئة الطائف مديرًا عامًا للهيئة.
وكان الشيخ "أحمد بن قاسم الغامدي" أثار استنكار العلماء والدعاة في السعودية بكلام له حول إباحة الاختلاط.
وصرح الشيخ الغامدي، أن مصطلح الاختلاط الذي أثار الجدل بعد تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» لم يُعرف عند المتقدمين من أهل العلم؛ لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه، بل كان الاختلاط أمراً طبيعياً في حياة الأمة ومجتمعاتها.
وقد رد علماء ومشايخ على كلام الشيخ الغامدي في العديد من الصحف والمواقع، وامتد ذلك خارج المملكة بإصدار علماء ودعاة كويتيين بيانًا ينتقد فتواه بشدة ويصفها بالشاذة.
جديرٌ بالذكر أن الشيخ الجهني المكلف برئاسة الهيئة يشغل المرتبة الثانية عشرة، ومسمى منصبه قبل التكليف الجديد هو مساعد مدير عام هيئات الأمر بالمعروف بمكة المكرمة. فيما يشغل المدير المعفى أحمد الغامدي المرتبة الحادية عشرة.

همي الدعوه
15 Dec 2009, 02:26 AM
المصدر ( خاص ) ::


يبدو ان الفتاوى الشاذة والغريبة التي بدأت تنتشر في المجتمعات الاسلامية اتسعت دائرتها حتى اصبحت مثار جدل بين شرائح المجتمع كافة الامر الذي قد يتسبب في هدم مجتمع بكامله بدلاً من بناءه لاسيما وان المسألة تختص بعقيدة هي الأهم لدى الانسان .
إمرأة بإمكانها تفلية رجل اجنبي "وكأننا في مجتمع قرود " , اباحة الاختلاط والتشكيك في فكر مجتمع بأكمله , امكانية الخروج مع امرأة والذهاب معها الى اي مكان تريد , جواز مصافحة المرأة لرجل ليس بينها وبينه علاقة او صلة , فتاوى من العيار الثقيل زعزعت ليس اركان المجتمع السعودي المسلم بل حتى اركان المجتمعات العربية التي تربت على مكارم الاخلاق .


الدين ضاع بفتاوي :
الشاعر ماجد العنزي شاركنا بقصيدة رباعية رفض من خلالها تلك الفتاوى التي اعتبرها من وجهة نظره تعدي على الأخلاق والمبادئ الاسلامية التي تربى عليها منذ الصغر :


المشكلة ماهي فـ كلام (ن ) نعدية
................................المشكلة في دين ضاع بفتاوي


رئيس ماأدري شيخ مأدري شـ سميه
............................... رمى كلام ويحسبه في قهاوي


ياشيخ ( حدك ) لاتجاوز مرامــــيه
............................... الدين ماهو فضفات وحــكاوي


الدين علم ونور واخـــلاق تضفيه
..............................الدين منزل في كتاب (ن) سماوي


وشلون حرمة فوق رجال تفليه
.............................بدون محرم في وسط بيت خـاوي


أفعال حتى الكافر اللي نعاديه
.............................يشوفها من كبريات الـــمســاوي


من أول ندور عــــذر للمشاريه
.............................والحين ياكبر الخطا والخـــطاوي


من يوم راح الشيخ بن باز واخويه
............................صرنا سكاكين بيدين الرخـــاوي


ياهيه ياللي ماعرفنا نسميه
............................ نعوذ بالله من بلا هالبــــــلاوي
http://www.masdr.net/inf/infimages/myuppic/4b26264c13b05.jpg
* * *

همي الدعوه
16 Dec 2009, 04:14 AM
مصادر «الرياض» تؤكد:

مدير فرع هيئة مكة مازال على رأس العمل وأنباء إقالته غير صحيحة

http://www.alriyadh.com/2009/12/16/img/772720367169.jpg
الشيخ د. عبد العزيز الحمّين
الرياض – أحمد الحوتان
أكدت مصادر "الرياض" عدم صحة ما تداولته بعض المواقع الاخبارية والصحف الالكترونية من صدور قرار الرئيس العام لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالعزيز الحمين بإعفاء مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة ، الشيخ أحمد قاسم الغامدي، وتعيينه الشيخ عبدالرحمن الجهني رئيس هيئة الطائف بدلاً عنه ، بعد حديثه الصحافي الذي تحدث فيه عن جواز الاختلاط.
حيث تؤكد مصادر "الرياض" بأن الغامدي مازال في منصبه حتى ساعة اعداد هذا


http://www.alriyadh.com/2009/12/16/img/526362421610.jpg
الشيخ احمد الغامدي


الخبر ، كما أن الجهني قد تمت ترقيته ليصبح مساعد مدير عام فرع هيئة الامر بالمعروف بمكة حيث باشر عمله مسبقاً هناك. وكانت صحف الكترونية وبعض المواقع الاخبارية قد تداولت خلال اليومين الماضيين قرار اعفاء الغامدي من منصبه.

همي الدعوه
16 Dec 2009, 02:54 PM
عند الفتن من هو شيخك؟!

من مصائب الفتن أنها تغيِّب عند بعض الناس مصدر التلقي للفتاوى، فتجد أن بعض هؤلاء يختارون " من يشاءون " من المفتين، سواء كان ذلك المفتي من شبكة الإنترنت أو من فاز بزاوية في صحيفة، أو ظهرت صورته في قناة.
ولا يزال فئام من الناس يتتبعون الفتاوى التي تناسب شهواتهم وميولهم وأهوائهم، ويفرحون بها وينشرونها عبر وسائل النشر المتاحة من رسالة جوال أو منتديات الشبكة أو جلسة مسامرة في استراحة، ويعقب هذا الفرح تمسك بها والتعبد لله بها وهنا مكمن الخطر.
وعندما ترشد هؤلاء لفتاوى كبار العلماء ممن شابت رءوسهم ولحاهم في العلم إذا بهم يرفضونها ويتهمون أصحابها بأنهم لا يدركون الواقع، ولا يفهمون النصوص ولا يتقنون التيسير على الناس.
وهذا – والله – من صور الافتتان في هذا العصر حينما يُغيَّب رأي العالم البصير ويقبل رأي غيره من الصغار أو ممن لم يعرف بالعلم ولم يشهد له العلماء بالطلب وثني الركب في مجالس العلم.
ورحم الله السلف الذين كانوا يميزون من يأخذون عنه العلم؛ قال ابن سيرين: " إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم ".
قيل لإسماعيل بن عياش: ممن نأخذ العلم؟. فقال: من المشهورين المعروفين.
وقال ابن عون: إنا لا نأخذ العلم إلا ممن شهد له عندنا بالطلب.
فتأمل هذه الأقوال التي تؤكد على ضرورة التأني في الأخذ عن من يتحدث عن أمور الشريعة.
وأخيراً: أقول كما قاله أحدهم: دينك دينك إنما هو لحمك ودمك فانظر عمن تأخذه، وخذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا. الكامل لابن عدي ( 1/155).

الشيخ : سلطان العمري

ياله من دين

همي الدعوه
17 Dec 2009, 01:17 PM
يا أحمد الغامدي : أترضاه لأهلك ؟
الثلاثاء 15, ديسمبر 2009

الشيخ سليمان بن أحمد الدويش

الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :

فيبدوا أن سياسة أطفال الحواري , لازالت عالقة في أذهان بعض ضعاف النفوس إلى اليوم , فهم رغم أنهم من المفترض أن يكونوا تجاوزوا تلك الفترة بمراحل , إلا أنهم يجدون في ممارستها حسب اعتقادهم , ورقة ضغط للفت الأنظار إليهم , أو على أقل الأحوال , إثارة الصخب للتشويش والتهويش .

هذه السياسة الطفولية , هي مايمكن التعبير عنه بـ " لعبوني والا بخرب " , ومن لازمها أن يتجرد منتهجها من كل القيم التي يجب مراعاتها , أو الاعتبارات التي يتحتم الوقوف عندها , مالم يتحقق لذلك الطفل الأناني مراده , من اللعب وفرض رأيه على الآخرين .

في ظني أن بعض من يكتب اليوم , خاصة ممن يعمل ضمن جهات رسمية , ثم يتبنى رأيا يخالف صميم ماهي عليه من العمل , ويزعم أن رأيه هذا هو الأحق بالأخذ والعمل , والأقرب إلى الصواب من غيره , ويكون تغيُّره دون سابق إنذار , بل وليس هناك مايدلُّ دلالة قوية على أنه يستعلن بهذا الرأي من قبل , وإن كان ممن يستخفي به , ولايبثه إلا في بعض مجالسه الخاصة , أو يقع في التناقض الواضح بين فترة وأخرى , ويُجرِّم في فترة ما جاء اليوم مبيحا له , مدافعا عنه , ونحو ذلك .

أقول : في ظني أن مثل هذا الكاتب وغيره , ممن ينتهجون تلك الممارسات الصبيانية الطفولية , ذلك أنه ربما أحس بشيء من التهميش , أو خشي أن يفقد بعض ماهو عليه , فآثر أن يستبق غيره , على منطق بعض ذوي المكر " تغد به قبل يتعشى بك " , وهو منطق هزيل , لايستقيم مع روح الإصلاح والتطوير , وفي بلد يستقي تعاليمه من أحكام الشريعة , ويسعى جاهدا للتصحيح , ويعمل على مراجعة الأخطاء , والاستفادة من السلبيات .

لقد اتصل بي عدد من الفضلاء والمحبين , وسألوني عمََّا يمكن فعله تجاه ما أقدم عليه أحمد الغامدي , كونه جاء بكلام لايمكن السكوت عنه , وهو من مثله أشد خطورة , لأنه ينتمي إلى جهاز يحارب تلك المظاهر , التي جاء الغامدي مقررا لمشروعيتها , ومتهما لمن ينكرها بالغلو والمبالغة , ويرغبون بيان مايحسن فعله والحالة هذه .

وحيث إن ماجاء به الغامدي من شبه , وما أورده من أقوال , لايختلف كثيرا عن رأي من سبقه , من القائلين بجواز الاختلاط , وهي شبه قد سبق بيان تهافتها مرارا , ولايخرج دعاة الاختلاط في رأيهم عنها , وليس لهم مايشغبون به على الفضيلة سواها , لذا فقد رأيت أن أعرض صفحا عن مناقشتها علميا , مكتفيا بما سبق تسطيره من قبل , لاسيما وقد تظافرت ردود أهل العلم المعتبرين , على مبيحي الاختلاط , ممن لم يعرف بعلم , ولم يعرف إلا من خلال منصبه , لأن العالم الحقيقي هو من يُشَرِّف المنصب ويزينه , وبمثله تفتخر المناصب ويعلو شأنها , أما المتعالم فالمنصب هو الذي يشرفه ويشهره , لأنه قام مقاما لايليق إلا بالأكفاء , فظنه الناس كذلك , ولأجل ذلك اعتبروه شيئا , والتبس عليهم أمره .

والحقيقة أني لا أعرف الدكتور الغامدي , ولم أسمع به من قبل , إلا من خلال ما كُتب عنه في بعض الصحف والمنتديات , من أمر كنت أكذبه , وأظن به غيره , وقد سألني بعض المحبين وقتها عن الموقف تجاه ما أشيع , فنصحتهم بعدم تصديقه , وإحسان الظن بالمسلم , خاصة من كان في مثل مقامه , ولازلت عند موقفي هذا معه ومع غيره , إلا إني حين قرأت خاتمة حديثه لعكاظ , ومحاولته الشغب على الأغيار , واتهامهم بالتحريض , وتشبيههم بالفئة الضالة , وماصاحب ذلك من تمسح بالولاء والطاعة , تذكرت تلك الحادثة , لاسيما وأنه لم يصدر منه أي نفي لها أو تكذيب , ورأيت أن اهمس في أذنه , أنه وعلى حمله على أحسن محمل , فقد خالف توجيهات ولي الأمر , وهذا في حق مثله أشنع وأقبح , لأنه في مقام القدوة , إلا إذا كان يرى نفسه فوق الأنظمة والتعليمات .

وحديث الغامدي لعكاظ , الذي زعم فيه موافقته لمقاصد الشريعة وحكمتها , لم يقل به عالم معتبر, وهو شبهات مكرورة , وقد رأيت الشيخ الفاضل عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي بين جهل القائل بها , وقلة بضاعته العلمية , لذلك فقد آثرت أن أستعيض عن مناقشة الشبه , بذكر الإلزامات التي تكشف تناقض هؤلاء المتعالمين , ولعلي أوجهها إلى الغامدي , ليعلم حجم جنايته على نفسه , بما سطره من تفاهات , ظن أنه قد سبق بها غيره , وجاء بما يحرج به خصومه , وهذه ضريبة التعالم , والتشبع بمالم يعطه .

ومن لوازم قوله , وهو فيه بين قابل موافق , أو رافض كاره , أو متناقض متهافت , ومن هذه الإلزامات :

أولاًً : لو قرر عدد من الشباب استئجار استراحة , واصطحاب بعض الفتيات معهم , وذلك لقصد التدارس في بعض القضايا الاجتماعية أو العلمية , فهل سيقبل الدكتور أحمد الغامدي أن تكون ابنته إحداهن ؟ .

ثانياً : لو أن الدكتور أحمد رجع إلى منزله في يوم من الأيام , فوجد شابا من غير أهل الدار , مستلقيا في فناء المنزل , و عنده فتاة من محارم الدكتور تفلي رأس ذلك الشاب وتقصه , فماهو موقف الدكتور ؟ .

ثالثاً : لو أن رجلاً من عامة الناس , قابل الدكتورأحمد ومعه ابنته , فمد يده مصافحاً له , ثم تحول إليها ليصافحها , وجعل يتحدث إليها , فما هو شعور الدكتور والحالة هذه ؟ .

رابعاً : لو أن رجلاً كان يسير على دباب " دراجة نارية " , أو سيكل " دراجة عادية " , ورأى أحد محارم الدكتور أحمد تسير في الطريق , فتبرع رغبة في مساعدتها , وطلب منها الركوب خلفه , فما قول الدكتور أحمد في هذا التصرف ؟ .

كما إن من لازم ماقاله , أنه لابأس من عمل محارمه مضيفات , أو سكرتيرات , أو موظفات استقبال , أو ممرضات في أقسام الرجال , أو بائعات , أو محاسبات في كاشيرات , أو مذيعات , أو غير ذلك من الأعمال المختلطة , كما إنه لايرى بأساً في أن تجلس موليته مع طالب في مقعد مجاور , وتنظر إليه , وينظر إليها , ويصافحها وتصافحه , وتقعد بجواره في الحافلة , وغير ذلك مما تقتضيه حالة الاختلاط , شريطة أن يصاحب ذلك حسن الظن , لأن الأمر في ذلك كله جارٍ على البراءة الأصلية .

فإن أقرَّ الدكتور بذلك كله , ورضيه لمحارمه , وأن هذا مما جاءت به الشريعة , وأن من منعه فهو مفتات عليها , مبدل لها , مروج للفتنة في الأمة , وأنه امتداد للفئة الضالة , فيلزم من هذا اتهام رموز الدولة الذين صدرت منهم مراسيم وأوامر , تمنع مثل هذه المظاهر , وتنص على إنكارها , بل فيه تسفيه للساسة والعلماء , ولعل من آخر من تحدث عن ذلك سمو النائب الثاني – حفظه الله - , وكيف أستنكر واستغرب , أن يكون في مجتمعنا السعودي , من يرضى أن تعمل ابنته سكرتيرة , ولهذا فيلزم من قول سموه – حفظه الله - , بناء على ماقاله الدكتور أحمد , أن يكون سموه ممن يسمم الأفكار , ومن أهل الحماس الساذج , وأنه ممن عجزت نفسه عن العمل بأحكام الله , وانقطع عقله عن فهم مقاصدها وحكمها , لأنه أنكر أمراً جائزا , واستنكر مباحا في شريعة الإسلام .

وهنا يقال للدكتور أحمد : هل ماقاله سمو الأمير – حفظه الله – صحيح ؟ , فإن قال : نعم كلام سموه صحيح , وموافق لأحكام الشريعة , فهذا يعني التناقض بين ما صرحت به لعكاظ , وما تقوله عن كلام سمو النائب الثاني .

وإن قال : بل كلام سموه غير صحيح , فهنا يلزم الدكتور أن يبين : هل قاله سموه عن جهل بالشريعة , أم كان يعلم الحكم ولكنه أراد تضليل الناس ؟ .

والدكتور في الحالتين لابد وأن ينقض قوله , لأنه إن قال بأحدهما , فقد ناقض ما قاله في آخر كلامه , من ضرورة الالتفاف حول القادة البررة , الذين جعلوا دستورهم الكتاب والسنة .

ويلزم من هذا أن ما أفتى به العلماء قديما وحديثا , كان عن جهل بأحكام الشريعة , وبعد عن فهم مقصودها , وهذا من لازمه أن الدولة كانت تسير من أيام المؤسس – رحمه الله - , وحتى يومنا هذا , على منهج خاطىء , وأن مايقولونه , ويفتون به , مبني على جهل ومغالطات .

بل يلزم منه تجهيل مؤسس هذه البلاد – رحمه الله - , وأنه من أهل المزايدة على شريعة الله , لأنه قال كلاما في استنكار الاختلاط وتجريمه , لايتفق مع ماذهب إليه الدكتور أحمد , فإما أن يقول الدكتور : إن المؤسس – رحمه الله – مفتاتا على الشريعة , أو أن يقول : إنه كان محقا في قوله , فإن كانت الأولى فهذا تخوين للمؤسس – رحمه الله - , ومناقض لوصفه بإرساء دعائم الدولة على الكتاب والسنة , وإن كانت الثانية , فهذا تناقض لأصل المقالة وفكرتها .

ويلزم من ذلك أيضاً أن يقال للدكتور : هل ما قلت به رأي حادث , أم هو علم تعلمه من قديم ؟ , فإن قال : بل هو رأي حادث , فيلزم من ذلك أن تكون مخالفا لولي الأمر , ضاربا بتوجيهاته عرض الحائط , لأن نظام الهيئة المبني على توجيهات ولي الأمر يقضي بخلاف ما قلته , وإن قال : بل هو رأي قديم , فيقال : لماذا سكتَّ عنه , وكتمته ولم تبح به , وتنشره بين الناس , فبأي شيء أجاب فقد أدان نفسه , وجعلها موضع التهمة , لاسيما إن كان كتمان هذا العلم مما يتحصل بسببه جناية على الناس , وانتهاك لحقوقهم , واعتداء على البراءة الأصلية .

كما إن من لازم قوله , أن يكون دعاة التبرج والسفور , الذين هم دعاة الاختلاط ورعاته , أغير على الأمة , وأقرب للهدي الصحيح , وأعرف بحكمة التشريع , وأرجح عقلا في معرفة مقاصد الأمور , من الأعلام المحققين , وأئمة الدين , الذين أنكروا الاختلاط , وشنعوا عليه , واستقبحوا فعله .

فهدى شعراوي مثلا , أفقه في هذا الأمر , وأعلم بمقاصد الشريعة وحكمتها , من عمر رضي الله عنه , الذي اجتهد بمنع اختلاط الرجال بالنساء , لأنه اجتهاد يخالف النص , حسب مايقتضيه سياق حديث الدكتور الغامدي .

ومجتمع الفن والتمثيل , في كثير من صوره وممارساته , أقرب إلى الهدي النبوي , ودلائل النصوص , وحكمة التشريع , مما عليه كثير من أهل الإسلام قديما , وبعض بلدان المسلمين حديثا , من منع للاختلاط , وتحريم لمصافحة النساء , واستنكار لدخول الرجال عليهن !!!! .

كما يلزم منه أن الدولة كانت تحكم بغير شريعة الله , في فتراتها السابقة , وأنه قد صدر من قضاتها أحكام لاتمت للإسلام بصلة , وهذا إما أن يكون وقع من الدولة بجهل , فهذا يبطل على الدكتورأن الدولة كان دستورها الكتاب والسنة , أو أن يكون وقع منها بعلم , وتقصد للمخالفة , ومحادة شريعة الله , وظلم الناس , وتجريمهم فيما لاجريمة له فيه , وهذا تخوين للدولة واتهام صريح لها , وتكذيب لمعنى اتخاذها الكتاب والسنة دستورا .

ويلزم منه أن الحكام كانوا يداهنون في شريعة الله , أو أنهم جهلة بها , إذْ كيف يمنعون الاختلاط , ويتحملون لأجله التكاليف , وهو أمر مباح لامندوحة فيه , بل هو الأقرب لمقاصد الشريعة وحكمتها , وأن من اتخذهم الحكام علماء يبينون له الحق , إما أن يكونوا جهلة لايعرفون الحق , أو أن يكونوا غششة لايصدقون الحاكم , ولايبينون له مايجب بيانه شرعا .

والدكتور الغامدي بعد هذه الإلزامات , إما أن يقبل ويوافق , فيكون بذلك وقع في تخوين الساسة , واتهامهم بالجهل والظلم , وإدانة نفسه وأنه كان جاهلا أو غاشا , أو أن يرفض ويكره , فيكون بذلك مكذبا لكلامه الذي أدلى به , وناسبا نفسه إلى الجهل والتشدد والغلو والتناقض , أو أن يكون الثالثة وهي التناقض والتهافت , وهي الأقرب لواقع الحال .

كل ما أخشاه أن يكون الحديث عن الاختلاط بهذه الصورة , وإباحة كثير من المحرمات , ونسبة المانعين لها للتشدد والغلو والجهل وقلة العقل , من قبيل ممارسات الأطفال " لعبوني والا بخرب " , وذلك ليقال في حال كانت مبيتة , والعزم معقود على استبعاده من منصبه : إن ذلك بسبب ما نشرته من العلم , الذي لايتفق ورأي المسؤولين عني , وهذا وإن كنت أربأ بمن هو في مقامه عنه , إلا إني لا أستبعد التفكير فيه , خاصة بعد تلك الاتهامات الجائرة , والتحريضات السافرة , التي أطلقها في حق خصومه ومخالفيه .

فإن صح هذا الحدس , فتلك والله مصيبة أخرى , لأنها تعني ابتذال العلم , وإخضاع بعض أحكامه , للمصالح الشخصية , وهذا خلاف الأمانة العلمية , وما يمليه واجب الديانة , ومن بلغ به الأمر هذا المبلغ , فليس محلا للثقة , ولا أهلاً للأمانة والمسؤولية .

ومن عجيب ما جاء في تناقضات الدكتور , التي تكشف حجم الجهل في حديثه , وأن حديثه لم يكن علميا , وغاب فيه حسن القصد – فيما يظهر لي والعلم عند الله - , أنه قال في نهايته : ( أما من حرص على الأكمل من الجنسين احتياطا وورعا واختار لنفسه ما يصلح لها دون إلزام للآخرين به فهذا له ) , فإذا كان ما قرره من الاختلاط وغيره , قد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه , وعليه عملهم , وهم أتقى الناس وأورعهم , فهل يصح أن يقال إن من الورع والكمال ترك شيء كان يفعله أتقى الخلق لله وأخشاهم له صلى الله عليه وسلم ؟, ولكنه الجهل والتناقض , وتكلف الأمور , والبعد عن مسالك أهل العلم , واتباع الهوى , والسير وراء الرغبات , وإلا فكيف يبلغ الحال بأحد يرى سير الأمور للأسوأ , ثم يهون من شأنها , ويبرر وقوعها , ويمهد الطريق لانتشارها , وينسب ذلك لشريعة الله , ويخالف بذلك قول أئمة الإسلام , الذين هم أعرف منه وأعلم , وأكثر إدراكا وفهما , وأكثر غيرة على شريعة الله , وقياما بواجب الأمانة والتبليغ .

والنصيحة في هذا المقام للغامدي وغيره , أن يطلب العلم من حملته , وأن يتجرد لله في كل أمره , وأن يلزم غرز علماء السنة , وألا يتصدر للناس بجهل , فلأن يمتنع عن إجابة الناس , خير له من أن يفتنهم في دينهم , أو يضلهم عن الهدى , لاسيما وقد كثرت الفتن اليوم , والمستشرف لها بلا زاد , كالسابح في الموج المتلاطم .

وعلى الناس أن يطَّرحوا رأي المتعالمين , الذين لاينشطون في نشر الشبه إلا حيث تميل الريح , وكأنهم يقولون : " انظرونا نحن هنا " , ولو مالت الريح بخلاف مايقولون به الآن , لرأيت لهم رأيا آخر, وأدلة أخرى , وتهما جديدة , واسنتباطات عجيبة .

وفي زمن الفتن , وتكالب الأعداء , وكثرة الشرور , وانتشار المغريات , ووجود الدوافع لاتباع داعي الهوى , فالمتعين الأخذ عن الثقات الأثبات , وخاصة من مات منهم , كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لاتؤمن عليه الفتنة ) , والفتنة قد تعددت أشكالها وتنوعيت , فمنها فتنة الشهوة , كشهوة المال , وشهوة المنصب , وشهوة الفرج , وشهوة الشهرة , وشهوة السمعة , ومنها فتنة الشبهة , وكل هذه الفتن مما قد يصاب به الإنسان من حيث يعلم أو لايعلم , ولهذا فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الفتن , ماظهر منها ومابطن , وكان يكثر من سؤال ربه الهداية لما اختلف فيه من الحق .

أذكر أن متعالما كان يقول بجواز زواج الخامسة , وكان لايرى الصلاة مع الجماعة , وكان يقول بجواز الاختلاط ومصافحة النساء والخلوة , وكنت أكره ذلك منه وأنكره , حتى علمت أنه ممن ابتلاه الله بكثرة السفر خارج البلاد , والزواج بنية الطلاق , وأنه ممن يتساهل فيه تساهلاً لاحدود له , وأنه قد يقع في بعض المواقف المصادمة لرغبته , فزال عندها عجبي , وأدركت أنه قد استحكمت فيه الشهوة , وأن ماكان يقول به إنما دفعه إليه رغبته في تبرير بعض مايفعله من سوء , ومحاولة إلباس مخالفاته لبوس الشرع والحق .

ومثل هؤلاء في شريعة الله مجرمون خونة , لايمكن أن يؤتمنوا على بهيمة في فلاة , فضلاً عن أن يكونوا أمناء على شريعة رب العالمين , لأنهم بإخضاعهم لأحكام الشريعة , ومحاولة لي نصوصها , وحرف مدلولها , لتتوافق مع طباعهم الفاسدة , ونزواتهم البهيمية , كاليهود الذين يحرفون الكلم عن مواضعه عياذا بالله .

" وختاماً "

فقد رأيت أن أدرج ضمن مقالي هذا رابطاً لكلمة مسددة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد , أنصح بسماعها , لما تضمنته من قول نافع في هذا الباب , وهي على هذا الرابط :

http://www.youtube.com/watch?v=-7-fzx7LPMQ (http://www.youtube.com/watch?v=-7-fzx7LPMQ)

اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .

اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم .

اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك المرابطين على الثغور مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .

اللهم أصلح الراعي والرعية .

اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .

هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
أبومالك

لجينيات

همي الدعوه
17 Dec 2009, 01:19 PM
ويحك يا شيخ أحمد !!! فواجعنا الاجتماعية أم فواجعنا المادية ؟؟؟
الأحد 13, ديسمبر 2009


د. خليل بن عبد الله الحدري
لجينيات ـ تعرضت المملكة العربية السعودية لفاجعتين كبيرتين كلاهما وقعت صبيحة يوم " أربعاء " سلف لا أعاد الله على المسلمين مثله .

فالفاجعة الأولى كانت يوم الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة عام 1430هـ تمثلت في غرق بعض أحياء مدينة " جدة " في منظر هو أقرب إلى الخيال منه إلى الحقيقة .

ووقعت الفاجعة الثانية صبيحة يوم الأربعاء الثاني والعشرين من الشهر والعام نفسه تمثلت في غرق المجتمع السعودي كله بتصريح الشيخ أحمد قاسم الغامدي مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة حول دعوته إلى الاختلاط المقنن في الدراسة ومواقع العمل وخدمة المرأة لأضياف زوجها ومصافحتها لهم وتفليلها شعورهم وتبادل النظرات بينها وبينهم وسماع الرجال أغنياتها وخلو الرجل بها حين تنتفي التهمة بل وإردافه لها خلفه على " الدبَّاب " بعد تأكيده أن من لم يتقبل رأيه في هذا كله فهو ضال مبتدع موتور مرجف لا فرق بينه وبين الفئة الضالة فخطرهما واحد .

لقد استهدف الشيخ أحمد قاسم الحياة الاجتماعية السعودية بسيل عرمرم من " النقولات المضللة " التي استقاها من كتاب حاطب الليل ( أبو شقة ) فبعدت عليهما الشقة في نيل المطلوب ، وقد سماها مدير الهيئة نقولات شرعية – وهي لا تعدو أن تكون حججاً مقروءة على غير مرادها شرعا وعقلا وواقعا .

ثم استمرت سُحُبُهُ ( السوداء ) تستمطر النصوص الشرعية وأحداث التأريخ صبيحة يوم الخميس التالي لتوظفها توظيفا خطيرا غير معهود في تاريخ الأمة كله منذ بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يوم الناس هذا لتقوم بدور خطير في تشويه صورة مجتمع الصحابة الأطهار رضي الله عنهم أجمعين .

ولا أدري هل الشيخ أحمد قاسم – هداه الله - أصابته الغيره من أحداث جدة وفواجعها فقرر أن يجعل لـ " أم القرى ومَنْ حولها " من هذه الفواجع نصيبا حين جمع من الأدلة ما يبرر به تقنين الاختلاط ، واتهم العلماء الكبار بالموتورين وحشرهم مع الفئة الضالة ووصفهم بالابتداع في الدين حين حرموا الاختلاط المقنن بين الجنسين .

وتالله وبالله وأيم الله ولعمر الله أن ما أصابنا من تصريحه وما سيصيب المجتمع لو اجتاحه مشروع " أحمد قاسم المختلط " أشد وأنكى مما أصاب مدينتنا الغالية " جدة " من دمار ، لأن دمار السيول استهدف الحياة المادية التي يمكن تعويضها أما دمار القيم وفساد المروءات وذهاب الأخلاق وانهيار الحياة الاجتماعية فهو الدمار الحقيقي الذي لا يمكن تعويضه ، ولعلي لا أحنث إن حلفت أن مجتمعنا السعودي المسلم المحافظ لم يشهد لتصريح الشيخ أحمد قاسم الغامدي مثيلا من قبل .

لقد أصابت المجتمعَ كلَّه صدمةٌ نفسية عنيفة وهو يطالع هذه التصريحات المزلزلة في تبرير الاختلاط والدعوة إليه ، لدرجة أني فركت عيني مرارا غير مصدق لما أقرأ ، ولقد رفعت سماعة الهاتف على بعض أهل العلم والفضل أسألهم عما ما قرأت أهو حقيقة أم خيال ؟ ! .

بالمناسبة .. لست هنا بصدد تفنيد تلك الأدلة التي أوردها مدير الهيئة في سيوله الجارفة للقيم والأخلاق والحياة الاجتماعية التي يحسدنا عليها العالم كله بل ويتنادى إليها بعد أن جرب ويلات الاختلاط ونطقت بها مؤسساته البحثية ودراساته الميدانية ، إنما ذلك متروك لكبار العلماء ما لم يغب عنهم ما كُشف لمدير الهيئة صبيحة يومي الأربعاء والخميس الداميَيْن .

إني لا أتهم الشيخ أحمد في نيته ولكني أتساءل كما يتساءل غيري ممن يستنطق الزمان فطرهم السوية قبل أن يستنطق العلماء الثقات كتب أهل العلم قائلا :

ما الذي دفعك يا شيخ أحمد قاسم لإغراقنا بتصريحاتك المدمرة على مدار يومين يُفرَد لها في " صحيفة عكاظ " يومي الأربعاء والخميس 22 و 23 / 12 / 1430هـ صفحتان كاملتان وفي مثل هذا الزمن بالذات ؟

أهي القناعة الشرعية بما كتبت ؟ أهي قناعتك التأصيلية بأن من لم يقبل " هديتك المختلطة " فقد أساء فهم الدين وافتات على مصادره وكان بليد الذهن ضيق الأفق ؟ إن كان الأمر كذلك وخوفا من أن نوصف بتهمة التحجر والانغلاق والظلامية أو نكون ( موتورين ) ( مبتدعين ) ( مرجفين ) لا فرق بيننا وبين الفئة الضالة فإن نطالبك يا شيخ أحمد – أصلح الله حالك - أن تأذن لنا ببدء عملية الاختلاط على يدك الشريفة وفي بيتك الخاص ، سنطالبك بأن تفتح لنا بيتك وأن يكون القائم على خدمتنا فيه زوجتك وبناتك وسائر قريباتك وأرجوك – يا شيخ أحمد - ألا تغضب علي فقد قال قدوتنا جميعا رسول الله عليه وسلم لمن استأذنه في الزنا :" أترضاه لأمك ... الخ " وما قيل عن الزنا يقال عن مقدماته سواء بسواء ، ولأنك إن غضبت فستدخل نفسك في دائرة البدعة الجديدة التي ابتكرت فكرتها ، تلك البدعة التي ما سمعنا بها في آبائنا الأولين ولا سمعنا بها في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق .

أم أن الدافع لـ " للمشروع التدميري " هي الحظوظ الدنيوية ؟ ليس إلا .. وعندها نقول لك يا شيخ أحمد : هل تباع قيمنا الاجتماعية بـ " ثمن العنز " ولو كانت قيمتها الأولى أو الثانية عشرة أو حتى الطعمة الجيدة الممتازة .

أم أن الدافع لهذا التصريح الملتهب " عينٌ حاسدة " أو " سحرٌ فاسد " أصاب جسدك فسرح لسانك - عفا الله عنك - ينطق بما لم تنطق به الأوائل والأواخر ممن يعتد بقولهم ؟ أم أنك أردت ممازحتنا بهذا الموقف الثقيل فخلطت الحابل بالنابل واسترسلت حتى غابت أمامك الرؤية ؟ .

أم أنك خفت من غياب شمس هذا العام 1430هـ - ولم يبق منه سوى أيام معدودات فقررت أن تختمه بعمل جليل صالح يحسب لك في ميزان صالحاتك بعد أن نُسب – زورا وبهتانا - إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكأنك لم تجد أنفع لك عند الله وأنفع للمتجمع السعودي من المناداة على رؤوس الأشهاد بـ " مشروع الاختلاط المقنن " ليكون الشيخ أحمد قاسم أول ملتحٍ في السعودية ينادي باتخاذ سكرتيرة جميلة ومهذبة وأول ملتحٍ يمكن أن تقدم زوجته وبناته الضيافة للرجال الأغراب و" تستـشور " شعورهم قبل نهاية العام ليكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من " أوزارهم " شيئا ؟ ؟؟!!! .

الغريب في الأمر أن الشيخ أحمد قاسم صرح بـ " الدمار الاجتماعي " وهو في منصب أعلى سلطة في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة ، مما يعني أن الأمر افتئات على جهاز الهيئة ومصادرة للوائحه وأنظمته ، واعتراض صريح على أهدافه وبرامجه لأن التصريح المدمر يلزم مدير عام الهيئة ألا يحرك ساكنا حين يرى - هو والمحتسبون في الميدان - " حمَّودي " يصافح " أمَّوله " ويأخذها معه إلى " الكوفي شوب " في جلسة رومانسية محتشمة " غير مبتدعة " أمام الناس في ملاهي " الرد سي مول " ولا مانع أن يذهب بها في رحلة استجمام خاصة ما دامت التهمة منتفية ولعل من أحسن ما ينفي التهمة عن المختلي بالمرأة الأجنبية طول لحيته إن كانت تقصد ( تفليلها ) أو ( تمييشها ) أو غرس ( الخصل الثلجية ) في جنباتها .

إننا نطالب مدير عام الهيئة الشيخ أحمد قاسم أن ينكر نسبة التصريح إليه باعتبار منصبه في الهيئة ، فقد قالت الصحيفة بالخط العريض " هيئة الأمر بالمعروف تتصدى لدعاوى تحريم الاختلاط " وأنا على يقين أن الهيئة من " تحريم الاختلاط " على قدم راسخة رسوخ الجبال ، وأنها ضد تصريح الشيخ جملة وتفصيلا ، أما إن كان تصريحه تصريحا مجردا عن العمل الإداري وباسمه الشخصي حتى لو تلبس - حفظه الله - بـ " المشيخة " فهذا رأيه الخاص وفهمه الخاص ونتاجه الخاص ليس إلا ، وأنا على يقين أن كبار العلماء الثقات الأثبات سيرفعون عنا تلك الأنقاض ( القاصمية ) أقصد ( القاسمية ) المشوشة التي خلفها " دماره " سامحه الله .

إننا لو سلمنا - جدلا .. لا تنسوا أنني قلت جدلا .. وسأكررها : لو سلمت جدلا للشيخ أحمد قاسم بالحوار حول الاختلاط لما جاز له عقلا وشرعا أن يطرح هذه القضية على أوراق الصحافة في هذا الوقت بالذات وهو يعلم أن " الطغمة الليبرالية التغريبية " التي أفصح عنها ولاة أمرنا وعلماؤنا تترقب مثل تصريحه المدمر ليكون " زادها المسموم " في الأيام القادمة لتبرير فسادها وإفسادها ، وستترك هذه الطغمة المستغربة أحداثنا في " جدة " وحربنا على " الحدود الجنوبية " وستتوجه بقضها وقضيضها لتصريحاته النارية التي فتحت لأرباب الشهوات الأبواب على مصاريعها ، وأسالت اللعاب من أفواه صرعاها ، وكأني بأحدهم وهو " يبحلق " بعينيه في الجريدة ويدير لسانه حول شفتيه مرددا : أممممممممممممم ، يااااه ما ألذها من وجبة ، ينطيك ألف عافية شيخو .

إننا نتعجب حدَّ الذهول كما غرقت " جدة " حدَّ الذهول .. متسائلين كيف غفلت يا مدير عام الهيئة عن تحريم الفقهاء بيع السلاح في زمن الفتنة ، وتحريمهم بيع العنب لمن يتخذه خمرا ، فهل لك أن تفتينا يا شيخ أحمد – أصلحك الله – أيجوز بيع النصوص الشرعية العامة أو غير الدالة في زمن الفتن العقدية والفكرية والاجتماعية ؟؟؟!!! وهل يجوز بيع الأقوال المحتملة والتأويلات الفاسدة لمروجي التخدير الاجتماعي بالشهوات المحرمة والشبهات المضللة لبث سمومهم القاتلة ومشاريعهم المخربة ؟؟؟!!! أجبنا يا فضيلة الشيخ !! ما الفرق بين الأمرين ؟؟!! ولا تنس قبل الختام أن تجلي لنا الفرق بين دعوة ( قاسم أمين ) ودعوة ( أحمد قاسم أمين ) نرجوك – يا مدير عام الهيئة - أجبنا وإلا فإنا سنجزم أن انفجار القيم الأخلاقية بالاختلاط سيكون – ورب الكعبة - أشد من انفجار بحيرة المسك على ضفاف جدة .

همي الدعوه
17 Dec 2009, 01:21 PM
مهلا يا رئيس الهيئة لقد ارتقيت مرتقا صعبا
الأحد 13, ديسمبر 2009

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد

فهذا رد على مقالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي والذي يبيح فيهما الاختلاط واللذان نشرا في صحيفة عكاظ بتاريخ 22و23/12/ 1430هـ العدد/3097 و 3098 والذي عنون لمقاله بـ ( الاختلاط مصطلح جديد والأدلة الشرعية ترد بقوة على من يحرمه ........)

فبدأ رأيه بإنكار وجود مصطلح الاختلاط في كتب الفقهاء و في الموسوعات الفقهية فقال ( هذا المصطلح الدخيل المتأخر ) وقال ( لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم ,لأنه لم يكن موضوع مسألة لحكم شرعي كغيره من مسائل الفقه ) ثم في نفس الوقت يناقض نفسه يقرره ويستدل عليه بأدلة ويقول ( بل كان الاختلاط أمرا طبيعيا في حياة الأمة ومجتمعاتها )

يقول الباحث إبراهيم السكران : ( من ذكر أن أئمة الفقه الأربعة لايعرفون لفظ الاختلاط فهذا قد وضع نفسه في حرج علمي بالغ لأن لفظ الاختلاط كالأصل الفقهي المنبثق في أبواب كثيرة بحيث يؤثر على كثير من الأحكام الشرعية واستخراج معالجات الفقهاء لمنكر الاختلاط لايحتاج لعبقرية فقهية أصلا , ومن أشهر المواضع التي يعالج فيها الفقهاء موضوع اختلاط الجنسين هي : مسألة ( مكث الرجال في المسجد بقدر ما ينصرف النساء ) ومسألة ( صيانة المسجد عن الاختلاط ) ومسألة ( الاعتكاف ) ومسائل ( الفتيا والقضاء )ومسائل ( مخالطة أنواع من الرجال كمن تعطلت غريزته ) وغير ذلك من المسائل ثم دلل الشيخ على ذلك ببعض المسائل المبثوثة في كتب الفقهاء الأربعة أكتفي بذكر دليل واحد من كل مذهب فمن ذلك : ماجاء في الفقه الحنفي : يقول الإمام السرخسي في معرض كلامه على القضاء والفتيا ( في اختلاط النساء مع الرجال عند الزحمة من الفتنة والقبح ما لا يخفى ) انظر المبسوط للسر خسي 16/ 80 الفقه المالكي : قال الشيخ خليل رحمه الله ( ينبغي للقاضي أن يفرد وقتا أو يوما للنساء كالمفتي والمدرس سترا لهن وحفظا من اختلاطهن بالرجال في مجلسه ) انظر مختصر خليل 8/ 306 الفقه الشافعي : يقول المرداوي رحمه الله ( والمرأة منهية عن الاختلاط بالرجال ) انظر الحاوي الكبير 2/ 51 الفقه الحنبلي : يقول ابن قدامة رحمه الله ( فصل : إذا كان مع الإمام رجال ونساء , فالمستحب أن يثبت هو والرجال بقدر ما يرى أنهن انصرفن ولأن الإخلال بذلك من أحدهما يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء ) انظر المغني لابن قدامه 1/ 328 وهذا الإمام ابن القيم رحمه الله يعقد فصلا يقول فيه ( فصل ومن ذلك أن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق والفرج ومجامع الرجال ) انظر الطرق الحكمية لابن القيم 237 أ هـ أ هـ بتصرف

أقول وهب أن لفظ الاختلاط مصلح حديث ومبتدع على حد قولك هل هذا كاف في إباحته . فعلى سبيل المثال أولئك الذين خرجوا على ولي الأمر وأشهروا السلاح في وجوه المسلمين لو تسمو بالمجاهدين هل هذا سيبيح توجههم السيئ وحقيقة كنت مترددا في فهم مقصدك من الاختلاط المباح لديك أهو المصطلح المعاصر المشاهد حاله والذي لا يخفى مآله في أغلب البلاد من اختلاط الطلاب بالطالبات واختلاط الأطباء بالممرضات والمدير بالموظفات وتجاذب أطراف الحديث والتعارف والانبساط والتآلف مع بعضهم البعض وممارسة الهوايات وقضاء أوقات للنزهة بحكم الزمالة في الدراسة والعمل وهذا ما حصل ويحصل وسوف يحصل رضينا أم أبينا مما تئن لوطئت فساده وآثاره الأمم التي سبقت إلى إباحة الاختلاط حتى تجرعت آلامه وغصصه مما جعلها تبحث عن المخرج والنجاة كما ثبت ذلك في بحوثهم واعترافاتهم مما يضيق المقام في التعريج عليه ولا ينكره الا جاهل أو صاحب هوى مكابر , أم هو ما دللت عليه بالأدلة من السنة مع تحفظي على أوجه استدلالاتك التي يظهر منها عدم استيعابك للنص أصلا وعدم رجوعك لأقوال العلماء في بيان معانيها , فقط تذكر النص ثم تعلق عليه بقولك ( وقلت وقلت ) وكأنك أحد شراح الحديث كابن حجر أو النووي وغيرهما وتجزم بصحة قولك وكأنه آية من القرآن تتلى ضللت وبدعت من خالفه فما هذا الاستعلاء على أقوال أهل العلم ورأيهم وما هذا الغرور بالذات فذكرت جملة من الأحاديث لايعدو أن يكون منها ما تفرضه طبيعة الحال ومنها ما هو ضروري ومنها ما هو قبل الحجاب ومنها ما هو في أمر خاص ومنها ما هو عارض ولم يزد على سلام ورده وقضاء حاجة وما أشبه ذلك مما ليس فيه خلاف أصلا وقد فند علماء الإسلام هذه الأدلة وكشفوا شبهات من تمسك بها , وإن كنت أجزت الاختلاط في مقالك الأول بدون قيد أو شرط ولكني غلبت جانب إحسان الظن بك لكونك ممن ينتسب للحسبة ولا يمكن أن يظن به هذا الظن السيئ حتى أتيت بالمقال الثاني في ذات الصحيفة وياليتك اكتفيت بالأول فقد زدت الطين بلة والخرق اتساعا وصرحت بجواز الاختلاط في مجال الدراسة والعمل بل وتجاوزت ذلك إلى إباحة مصافحة المرأة الأجنبية والنظر إليها وأنها يجوز لها أن تأخذ بيد الرجل في أي السكك شاءت وأن تفلي رأسه مما تأكد إلي بعد ما ترمي إليه وأنك تقصد الأول فأي فهم سقيم أعظم من هذا الفهم المهلك وأي ضلال بعد هذا الضلال , ولم تكتف بذلك بل تهجمت وشنعت وقبحت من يخالفك الرأي من العلماء المعتبرين الذين أفتوا بحرمة الاختلاط ووصمتهم بأنههم يعيشون تناقضا وجعلوا من حماستهم وغيرتهم مبررا للتعقب على أحكام الشرع ووصفتهم بأنهم جاؤا بقول مبتدع وافتاتوا على الدين ( سبحانك هذا بهتان عظيم ) فأين أنت من قول الله عز وجل ( وإذا قلتم فاعدلوا ) ( وقوله تعالى ( ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ) وأين أنت من آداب الخلاف وآداب العلماء وآداب الحوار وأنت تدعي العلم والفقه فقل لي بربك هل هذه أخلاق تليق برئيس هيئة أو بمحتسب أو طالب علم أو حتى أحد من عامة المسلمين ؟!

ألم تعلم أن من قال بعدم جواز الاختلاط هم من كبار علماء هذا البلد المبارك وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز وابن عثيمين و ابن جبرين و ابن غديان وابن غصون وصالح الفوزان وسماحة المفتي العام للمملكة عبد العزيز آل الشيخ رحم الله الميتين وحفظ الله الحي منهم وقل لي بربك ما الفرق بينك وبين أولئك في هذا المسلك الذين تهجموا على أحد أعضاء هيئة كبار العلماء وشنوا الغارات الآثمة تلو الغارات في الأيام الماضيه ممن ليسوا أهلا للحديث عن الأحكام الشرعية وليس لهم معرفة بها مع توججهم وفكرهم المشبوه ؟؟؟

ولاشك أن هذا المسلك المشين ليوسع الهوة بين الأمة وعلماءها ويضعف ثقة الناس بهم وبفتاويهم المبنية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما رزئت الأمة وما بليت بشر أعظم من هذا المسلك فأصبح كل من هب ودب يفتي ويضلل الناس وما خرجت فلول الإرهاب والتكفير والتفجير إلا بسبب الفتاوى الشاذة الضالة المنحرفة وبسبب أولئك الذين تسوروا على أهل العلم وافتاتوا عليهم فأفتوهم بغير علم فضلوا وأضلوا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) إضافة إلى إغفالك لفتاويهم في الاختلاط وضربك بعرض الحائط أقوالهم بأدلتها بل وتجاهلت أو جهلت قواعد الشريعة ومقاصدها كقاعدة ( سد الذرائع ) وقاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح ) والتي من فقدها ينبغي أن لا ينبري للاحتساب فضلا عن أن يكون رئيس هيئة ففاقد الشيء لا يعطيه وهذا في نظري هو الذي أوقعك في هذه الهاوية وجرك إلى إغفال مفاسد الاختلاط التي تئن من وطئتها وشرورها الأمم التي سبقتنا إليه ومجتمعنا أيضا اكتوى بناره ومثلك لا يجهل الحوادث المتكررة من التحرش والاعتداء على الأعراض والابتزاز في المجالات المختلطة مما عجت به صحفنا المحلية حتى مع الأسف ممن هم في موقع الأمانة والثقة , فلم يعد أمرا خافيا على أحد .

ثم ما هو قولك وموقفك كرجل دولة من المرسوم الملكي ذي الرقم 11651 / 16/ 5/ 1403هـ القاضي بمنع الاختلاط في شتى أماكن العمل .ثم لو أردت الحق فيكفيك أن تفهم قول الله عز وجل ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( إياكم والدخول على النساء ) ولاشك أن ما ذهبت إليه فرح به دعاة الاختلاط ودعاة التبرج والسفور أشد الفرح لكونه صدر من شخص يمثل جهة من أهم الجهات الحكومية التي أنيط بها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه منع الاختلاط وحماية الأمة من مفاسده وأضراره ولو كتبت مقالك هذا بمجرد اسمكم الكريم فقط لما حصل على ما حصل عليه من النفخ فيه والتلميع والاهتمام البالغ وإني أخشى أن تكون قد اتخذت مطية لهم ولباطلهم الذي يقاتلون من أجله ليل نهار بل هذا ما حصل فانظر إلى مقالك كيف تصدر عنوانه الصحف المحلية والعالمية بدون قيد أو شرط فبعد هذا ما أنت قائل بحكم عملك ومسؤوليتكم وأمانتكم لو بلغك بأن مجموعة من الشباب والشابات الأجانب عن بعضهم اجتمعوا في إحدى الحدائق العامة أو في بهو الجامعة أو المستشفى على مرأى من الناس ( وبدون خلوة ) يتجاذبون أطراف الحديث ويتناولون بعض المرطبات ؟؟؟

لا شك بأن فكرك ومذهبك هذا يقول لاخلوة ولاشبهه فلا إنكار عليهم . فتكون حين إذن قد عطلت جزءا كبيرا من أعمال الهيئة ومسؤلياتها وأقررت منكرا عظيما بحد ذاته ينكره من له أدنى حد من الدين والعقل وما أنت قائل لو سمعت بأن هناك صالونا للحلاقة يعمل فيه نساء يقمن بحلاقة رؤوس الرجال وفليها ؟؟؟ أو أن هناك قصرا للأفراح يوجد فيه نساء يقمن بخدمة الرجال ؟؟؟

فاتق الله يا شيخ ولا تلبس على الناس دينهم وأخلاقهم , ولله در القائل ( يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن ) وقول الله أبلغ ( أفمن زين له سؤ عمله فرآه حسنا ) أسال الله أن يهدينا وإياكم إلى طريق الصواب وأن يرينا وإياكم الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه فما قلت من صواب فمن الله وما قلت من خطأ فمن نفسي والشيطان , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,

كتبه الفقير إلى عفو ربه / عبد الله بن حمدان الحربي خريج المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (قسم الحسبة ) بجامعة أم القرى

لجينيات

همي الدعوه
17 Dec 2009, 01:23 PM
يا د. أحمد .. قد قلتَ رأيك، فلِمَ التشغيبُ والتحريض؟!
السبت 12, ديسمبر 2009

عبد الرحمن بن محمد السيد
لجينيات ـ وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً ** على المرء من وقعِ الحُسامِ المُهنّد ِ

نقلَت إلينا صحيفة عكاظ في عدَديْها الماضيَيْن رقم 3097 ورقم 3098 بتاريخ 22 – 23 / 12 / 1430 هـ تصريحاً في حلقتيْن لرئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي - سدّدهُ الله – ، خلُصَ فيهِ الشيخ إلى أنّ الاخـتـلاط مصطلحٌ جديد والأدلة الشرعية تردُّ بقوةٍ على من يُحرِّمه , وأنّ القول بتحريم الاختلاط اِفتئاتٌ على الشارعِ وابتداعٌ في الدين ..

وليسَ ذا بغريبٍ علينا هذهِ الأيام ، إذ لم يأتِ فضيلةَ الشيخِ بجديد ..

ولستُ هنا في معرِض الردِّ العلميِّ الشرعيّ على فضيلته ، أو في بيانِ الموافقةِ أو المخالفة على حديثه ، إذ أنني أحسبُ أنّ هذا الموضوع قد أُشبِعَ طرحاً وعلماً ومُفاتشة ، ومن أرادَ الحقّ وسعى إليهِ طلبهُ من مظانِّهِ ، ولَن يُعدَمَ بصيرةً وفقهاً وفهماً بحولِ الله .. وسيقف فضيلة الشيخ د. أحمد بينَ يديْ ربِّه في موقفٍ عظيم لِيُسأل عن كلِّ ما كتب ..

كما قلتُ سابقاً .. كلامُ الشيخِ ليسَ بغريبٍ ولا جديد ، فلا زالَ الاِختلافُ حاصلٌ وقائمٌ بين طلاّبَِ العلم ودعاةَ الفضيلةِ والنور ، وسيظلُّ إلى أن يرِثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها ..

بيْدَ أن الخلل يكمُنُ في تحوُّلِ هذا الاِختلاف إلى وسيلةٍ للتحريضِ والتشغيبِ والمُزايدةِ على أخلاقياتِ المُخالفِ ومبادئهِ وإثارةِ الغُبارِ حولَ منهجهِ وأفكاره ، بطريقةٍ فجّةٍ ممجوجة تسُرُّ العدوّ وتُحزنُ القريبَ والصديق ..

والاِختلافُ الذي أعنيهِ هوَ ما يكونُ داخلَ الصفِّ الواحد ، وبينَ الإخوةِ أبناءَ المشربِ الصحيح والمنهجِ السليم ، حاشا أصحابَ العقائدِ المنحرفةِ والمناهجِ الشهوانيةِ البهيمية كالعلمانيةِ والليبراليةِ ومن لفّ لفّهم ..

أقولُ ذلك .. وأنا أضربُ كفاً بكفّ ، وأخماساً بأسداس حينَ قراءتي لِما كتبهُ الشيخ الكريم د. أحمد في تصريحه لصحيفةِ الضرار ( عكاظ ) ، من تحريضٍ للسلطةِ السياسية ودعوةٍ لتفعيلِ نظام مكافحةِ الجرائمِ المعلوماتية ضدّ المشايخِ وطلبةِ العلم الذين لم يجدوا – كما وجد – طريقاً ومكاناً للنشرِ على صفحاتِ الصحفِ الورقية لِيُعبِّروا عن وجهةِ نظرهم ويُدلوا بآراءهم حولَ موضوعِ الاِختلاطِ المُثار ، فوجدوا صفحاتَ الشبكةِ خيرَ متنفّسٍ لتناقلِ آراءهمُ الشرعية ومقالاتهمُ الفقهية .. ولو أتيحَ لهمُ المجال للنشرِ في الصحفِ لفعلوا .. ولكن ..

لقد تطاولَ الشيخ د. أحمد على تيارٍ عريضٍ ومنهجٍ كبير من المشايخِ وطلبةِ العلم ورماهم بأوصافٍ لا تليق ، وعباراتٍ كان ينبغي عليهِ وهو رئيسٌ لفرعٍ من فروعِ الهيئاتِ التي تأمرُ بالمعروفِ وتنهى عن المنكر أن يترفّع عنها ، فمثل تلكَ الأوصاف لم نكن نقرؤها إلا من أقلامٍ موتورةٍ ساقطةٍ فاجرة على صدرِ صفحاتِ بعضِ صحفنا المحليةِ والعربية .. قال د. أحمد لامزاً بعضَ المحتسبين : ( وهناك مع الأسف العديد من المواقع المفتوحة لم تحجب تمتهن تسميم أفكار أبناء هذا الجيل ، وتلبس على الناس دينهم ، من خلال منتدياتها المغرضة ، التي يجب ألا يتساهل في موضوع حجبها كغيرها من المنتديات الفاسدة التي انتهت بالحجب.

وبين هؤلاء مرجفون لا فرق بينهم وبين أفراد الفئة الضالة فمشكاتهم واحدة وخطرهم واحد، بل هم من يفرخ الإرهاب ويلهب حماس السذج، فلا أقل من أن يفعل نظام «مكافحة جرائم المعلوماتية» في حقهم طالما انطلقت أراجيفهم من مخالفة مواده، في مد للشر مستمر. وهذه الأراجيف التي نعق بها المغرضون، لا ينبغي أن ينخدع بها العقلاء والمنصفون ) ..

فلِمصلحةِ من يُقالُ هذا الكلام ؟! وما الداعي من الحديثِ عنه ؟!

إنّ هذا الكلام لَيوسعُ الفجوةَ بينَ طلابِ العلم وعلمائهم ، ويوغرُ صدورَ ولاةِ الأمرِ وعامةِ الناسِ على طلابِ العلمِ والعلماء .. ومآلهُ إلى التفرقةِ والتصنيفِ وتوسيعِ دائرةِ الخلافِ والشقاق ..

ولوْ أنّ كلّ مختلفيْنِ اِختلفا أخذا يتبادلانِ مثلَ هذهِ المزايداتِ والتحريض والتشغيب واِستعداءِ النظامِ الأقوى على المُخالف لما بقيَ اثنانِ متوادّانِ متآلفان ..

يا د. أحمد .. ألا يسوغ أن نكونَ إخواناً ، ولوِ اِختلفنا في مسألة ؟! هذا إن سلّمنا أنّ ما ذكرتهُ يسوغُ فيهِ الاِختلاف ..

ألا يسعُكَ الحِفاظ على ما تبقّى من ودٍ وتكاتف بينكَ وبينَ إخوانكَ الذينَ خرقتَ إجماعهم ؟!

إنّ لغةَ الهجومِ والإسقاط والمُباغتة لغةٌ سخيفةُ ركيكة .. لا تصلحُ أن تكونَ بينَ ممن يُحسبُ فيهمُ الخير والرّشاد ..
يا د. أحمد : إن أسلوبَ الاِستعداءِ والنميمةِ المُبطنة والتحريضِ وإثارةِ الغبار ما هوَ إلا أسلوبٌ رخيص لا يعودُ بشرٍّ إلا على من أثارهُ .. ولا يحيقُ المكرُ السيئُ إلا بأهله ..

عبد الرحمن بن محمد السيد - تبوك

دمـ تبتسم ـوع
19 Dec 2009, 11:07 PM
إن كان رئيس هيئة مكة مازال على رأس العمل فهذه طامة كُبرى
الله المستعان



المشكلة ماهي فـ كلام (ن ) نعدية
................................المشكلة في دين ضاع بفتاوي


رئيس ماأدري شيخ مأدري شـ سميه
............................... رمى كلام ويحسبه في قهاوي


ياشيخ ( حدك ) لاتجاوز مرامــــيه
............................... الدين ماهو فضفات وحــكاوي


الدين علم ونور واخـــلاق تضفيه
..............................الدين منزل في كتاب (ن) سماوي


وشلون حرمة فوق رجال تفليه
.............................بدون محرم في وسط بيت خـاوي


أفعال حتى الكافر اللي نعاديه
.............................يشوفها من كبريات الـــمســاوي


من أول ندور عــــذر للمشاريه
.............................والحين ياكبر الخطا والخـــطاوي


من يوم راح الشيخ بن باز واخويه
............................صرنا سكاكين بيدين الرخـــاوي


ياهيه ياللي ماعرفنا نسميه
............................ نعوذ بالله من بلا هالبــــــلاوي
http://www.masdr.net/inf/infimages/myuppic/4b26264c13b05.jpg


* * *

همي الدعوه
21 Dec 2009, 12:53 AM
المتحدث الرسمي : هيئة الأمر بالمعروف جهة تنفيذية وليست جهة فتوى

http://www.burnews.com/newspic/67.jpg

عاجل - ( الرياض )


أوضح المتحدث الرسمي للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدكتور عبدالمحسن القفاري بأن الحديث الصحفي الذي نشر على لسان أحد منسوبي الرئاسة بفرع منطقة مكة المكرمة وتداولته بعض وسائل الإعلام ونسبت خلاله الآراء المنشورة للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأنه لا يمثل الرئاسة.
وأشار القفاري بأن الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعمل وفق نظامها واختصاصها، باعتبارها جهة تنفيذية وليست جهة فتوى؛ والمرجع في الفتوى الشرعية هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء وهي المخولة نظاماً من قِبل ولي الأمر وفق المادة الخامسة والأربعين من النظام الأساسي للحكم.
كما أكد المتحدث الرسمي للرئاسة على ضرورة التلاحم مع قيادتنا ودعم جهود ولاة أمرنا الساعية لخير بلادنا والسير وفق رؤية تعزز وحدة الكلمة لمواجهة الأخطار والتحديات والوقوف مع كل جهد يساند الأعمال المخلصة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني الساعية للخير وتحقيق مصالح المجتمع، داعياً الله تعالى أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا.

همي الدعوه
21 Dec 2009, 01:41 AM
الاختلاط .. وأهل الخلط


عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي


بسم الله الرحمن الرحيم

فقد هاتفني أحد أفاضل التربويين، يحمل رسالة مباشرة من وزير العدل الدكتور محمد العيسى لمنتقديه طالباً منه البلاغ قائلاً: (أنا لا أقول بجواز الاختلاط، الاختلاط في التعليم كبيرة من كبائر الذنوب، كلامي يدور حول حداثة المصطلح، وقد استُغل، حسبنا الله على الليبراليين والعلمانيين) وهذا توضيح لا أكفره ولا أشكره، إذ للاعتذار والتوضيح مكان يليق به، (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولَو أَلقى مَعاذيرهُ)، والعُتبى في ذلك لله وحده.
وقوما فقولا بالذي قد علمتما ** ولا تخمشا وجها ولا تحلقا الشعر
وقد رأيت كثيراً من يحيف بالكتابة نهاراً يعتذر ليلاً، وهذا أمر جُبل عليه الإنسان لِغلبةٍ نفسية تأطره على سلوكِ ما لا يرضاه لو تَجرَّد ورجع إلى فطرته، وهكذا فعل إخوة يوسف لما ألقوه في البئر نهاراً، (وَجاؤُوا أَباهُمْ عِشاءً يبكون) جاءوا عشاء ليكونوا أقدر على الاعتذار في الظلمة، ولذا قيل: "لا تطلب الحاجة بالليل، فإن الحياء في العَينين، ولا تعتذر بالنهار من ذنب فتتلجلج في الاعتذار"، وأما اعتذار الأنبياء فهو أعلى الاعتذار وأزكاه قال موسى عليه السلام: (فعلتها إذاً وأنا من الضالين) .

وقد رأيت أن التعدي على الحرمات والفضيلة، والقطعيات الشرعية نهاراً يتفاقم، وليس لها من الحُرمة، ولا عليها من الحياطة ما يحفزُ أفراد العلماء للمراصدة دونها أن تمتهن أو تستباح، في زمن القلم فيه أمضى من الرماح، ومن كتم حق الله فقد طوى جوانحه على جذوة من نار جهنم، حتى رأيت آخرها مقالاً لِمكيٍ قد تكلف ما لا ينتفع به، وحشد نصوصاً لا يدري موضعها من الشرع ولا يعرف صدر معناها من عَجزه، فمنها جهله بالناسخ والمنسوخ والمتقدم والمتأخر، ومن لم يعرف الناسخ من المنسوخ أفضى إلى إثبات المنفي ونفي المثبت، وتولّد لديه شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولذا حرم العلماء أن يتكلم أحد في دين الله وهو لا يعرف الناسخ والمنسوخ، ثم إن الإلحاد في الحرم قد رتب رب العالمين على إرادته العذاب الأليم.

ولو أوردتُ نصوص شُرب الخمر قبل تحريمه، والمتعة قبل تحريمها، والربا قبل وضعه، والسفور قبل منعه، والصلاة قبل تمامها، والجهاد قبل فرضه، والاختلاط قبل حظره لجاءت شريعة جاهلية والنصوص محمدية.

ففي الصحيح عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما رجل تمتع فعشرة ما بينهما ثلاثة أيام فإن أحبا أن يزدادا ازدادا وإن أحبا أن يتتاركا تتاركا".

لكنه نص قبل النسخ بلا ريب، نُسخ بنصوص أخرى، ولو كان ثمة نصوص تحمل الوصف القطعي بإباحة الاختلاط بالنص مثله، لما أشكلت على منصِفٍ مع نفسه وربه.


ولا فرق بين من يورد نصوص الاختلاط قبل تمام الشريعة وفي الناس بقايا جاهلية تستوجب الانتظار، وبين من يورد أحاديث المتعة وأكل الربا وشرب الخمر قبل تحريمها مساق الجواز، وهذا عكْسٌ للإسلام وقلبٌ لتاريخ التشريع، وكأني بمن يسلك هذا المسلك يأخذ تشريع العاشر من الهجرة وينقضه بالتاسع، والتاسع ينقضه بالثامن، والثامن ينقضه بالسابع، وتشريع المدينة ينقضه بتشريع مكة، وكأن الإسلام بساط يُطوى، وعُرى تُنقض، ليظهر تحته بساط الجاهلية .

والإحاطة بمعرفة الناسخ من المنسوخ أيسر من السير في بطون أودية الهوى، التي هي مرتع للهوام ومضارب الدواب، وإن جهل شيئاً منها، سأل من يعلم، والعِلم الحق ليس مَلَكة العَقل، أو شهادات أو تسنم مناصب، فهذا غير مراد في عد العلوم والتحقيق فيها.

والخلط في هذا الباب قديم بقدم الجهل في الإسلام، وقدم الدوافع النفسية والهوى، وقد روي عن على رضي الله عنه: أنه رأى في مسجد الكوفة خطيباً وهو يخلط الأمر بالنهي، والإباحة بالحظر، فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، ثم قال له: أبو من أنت؟ قال: أبو يحيى، قال: أنت "أبو اعرفوني"، ثم أخذ أذنه ففتلها، وقال له: لا تقص في مسجدنا بعد.

فإذا كان هذا في زمن الخلافة الراشدة في نصف القرن الأول، وتوافر الصحابة وفي معاقل الفقه والعلم، وفي مساجد الله، فكيف يكون الحال في القرن الخامس عشر، وفي صحف تَنشرُ بلا رقيب.

وإني لأرجو لهذه الآذان أن تُفتل، ممن له يدٌ تَصل كيد الخليفة علي رضي الله عنه من ولاة الأمر وهُداة الحق وهم في الأمة كثير.

والكاتب أحمد بن قاسم قلب حقائق الأمور، وما من جهالةٍ إلا وهي تفضي بصاحبها إلى أخرى مثلها، وإذا كان في الذهن طلب قاصدٌ لأمر، واستحكم منه، فلا يرى الباحث في مقصوده إلا ما يطلبه ولو كان وهماً، كالظمآن يلتمس الماء فيتبع السراب، وأما المنصفون فهم أخلياء الذهن من كل قصد إلا قصد الحق، ومن قَصد غير ذلك، طلباً للحظوة وليتقدم في الدنيا خطوة، فهو في الآخرة يتأخر خطوات.

ويكفي المُنصف أنه لا يُعلم عالم على مر قرون الإسلام الخمسة عشر قال بجواز الاختلاط في المجالس والتعليم، وكنت طالباً للإنصاف، وتحصّل لي أكثر من مائة عالم وفقيه عبر تلك القرون يقطعون بعدم الترخيص فيه، بل رأيت منهم من يسقط عدالة فاعله، بل وولايته، بل ومنهم من يُكَفِّر مستحله، قال الحافظ أبو بكر محمد بن عبدالله العامري في كتابه " أحكام النظر " (287): ( اتفق علماء الأمة أن من اعتقد هذه المحظورات, وإباحة امتزاج الرجال بالنسوان الأجانب؛ فقد كفر, واستحق القتل بردته. وإن اعتقد تحريمه وفعله وأقر عليه ورضي به؛ فقد فسق, لا يسمع له قول ولا تقبل له شهادة )انتهى.

ويكفي في ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إياكم والدخول على النساء) وضرب عمر الرجال على القرب من النساء، وقد سُقت الأدلة وأقوال الأئمة في رسالة مُستقلة .

وإن من مواضع الخطأ عدم التفريق بين موارد النصوص وجعل المقامات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية، وما ساقه الكاتب من أخبار هي من هذه الأنواع وسأجيب عنه بالتفصيل :

أولاً: ما ذكره وهو قبل النسخ :
يجب أن يعلم أن الحجاب فرض على مراحل، وقد عاش الصحابة زمناً قبل فرضه في المدينة، ولهم في ذلك مرويات وقصص، في كتب السنة والسير، وكان فرضه سنة خمس من الهجرة، أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها.

قلت: وذلك قريب سنة خمس من الهجرة، قال صالح بن كيسان قال: نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.رواه ابن سعد.

1- قال الكاتب: (عن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك .. ثم عَقب بقوله: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطته).

أقول: وهذا قبل منع الاختلاط وفرض الحجاب: فإن الحجاب ولوازمه فرض في قريب السنة الخامسة، وهذا العرس كان قبل ذلك، فزوجة أبي أسيد هي سلامة بنت وهب وأولادها ثلاثة أسيد وهو الأكبر والمنذر وحمزة، كما نص عليه خليفة بن خياط في "طبقاته" (254، ط العمري)، وعمر أبي أسيد الساعدي حينما فرض الحجاب كان (67) سبعاً وستين سنة، وابنه الأكبر الذي أُمه سلامة المتزوجة كما في هذا الحديث ذكره عبدان المروزي في الصحابة، وكذلك ابن الأثير وغيرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة 11 للهجرة، والحجاب فرض سنة خمس للهجرة يعني قبل وفاته بخمس سنين، فمتى تزوج أسيد وسلامة رضي الله عنهما؟ ومتى ولد لهما؟ ومتى أمكن أن يكون ابنهما أُسيد وأن يعد صحابياً في خمس سنين.

وقال النووي عن هذا العرس في "المنهاج شرح مسلم" (13/177): ( هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب).
وقال العيني في عمدة القاري: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).
وبهذا قال القرطبي في "تفسيره" (9/98).
وقد أشار غير واحد من الشراح إلى قدم حادثة زواج أبي أُسيد أيضاً كابن بطال بقوله: (وفيه : شرب الشراب الذي لا يسكر فى العرس، وأن ذلك من الأمر المعروف القديم).

2- وأورد الكاتب حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، وقال معلقاً: (وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).

أقول: هذا جاء في رواية البخاري أنه قبل الحجاب صريحاً، ففي البخاري (6240) كان عمر يقول للنبي صلى الله عليه و سلم: احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرضا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب.

3- وقال الكاتب: (عن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».
قال معقباً: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع).

قلتُ: النص صريح أن هذا كان لما "قدم النبي المدينة"، يعني قبل فرض الفرائض حتى الصلوات والحج والصيام وقبل فرض الحجاب بخمس سنين، وبين ذلك ابن بطال في "شرح الصحيح" (4/560) قال: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب).

وقد جاء في بعض روايات الحديث: (وكان ذلك قبل فرض الحجاب)، ذكرها بعض الشّراح كمحمد الشبيهي في "شرحه".
والقلب حينما يبحث عن شبهة يُعمى عما بين عينيه من الحق، ومن أغمض عينيه عن نص أمامه في ذات الخبر، فهل سيبحث عن جمعِ أدلة الباب وتحري الحق فيها ليسلم له دينه ؟!

4- قال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش... الحديث.
وقال معلقاً: (الحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف).

قلت: قال الحافظ البيهقي في "الآداب" (207) بعد إخراج الحديث: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب) انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب في "الفتح": (6/73): (هذا كان قبل نزول الحجاب).
وقال القاضي عياض مبيناً أنها قبل فرض الحجاب كما في "المعلم" (3/168): (مثل هذه القصة لعائشة وهى حينئذ - والله أعلم - بقرب ابتنائه بها، وفى سن من لم يكلَفُ) انتهى، وقد تزوجت وعمرها تسع سنين يعني قبل فرض الحجاب ببضع سنين .
ثم إن العرب تُغلِّب إطلاق لفظ "الجارية" على الأمة غير الحرة، أو على الحرة غير البالغة فإذا بلغت تٌسمى امرأة، ولهذا قالت عائشة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فَهِيَّ امرأة.
ويبين أنهما إماء ويوضحه قوله في رواية أخرى: (وعندي جاريتان من جواري الأنصار) يعني من إمائهم، وكان الضرب والغناء من خصائص الموالي، قال الخطابي في "الغريب"(1/655): (والعرب تثبت مآثرها بالشعر فترويها أولادها وعبيدها فيكثر إنشادهم لها).
وهي من دون البلوغ كما هو معروف، قال القرطبي في "المفهم": (الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما).

5- وقال الكاتب: (وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين) .. ثم استدل على ما به من وصف يتضمن اختلاطاً .

أقول: الربيع خطبها زوجها إياس بن بكير قبل غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، ثم خرج هو وأخواه وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس ودخل عليها زوجها، وأنجبت محمداً منها وقد أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله ابن منده، والحجاب فرض بعد ذلك فكيف يُستدل بذلك على حُكم نزل بعد .

والربيع بنت معوذ بن عفراء، كانت عجوزاً معمَّرة، كما قاله الذهبي في "تاريخ الإسلام" (5/402) وتوفيت سنة سبع وثلاثين للهجرة، وزواجها كان قبل فرض الحجاب .

6- أورد الكاتب في حديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك)

قلت: هذا الاستدراك في الحديث: (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون في هذه الحكاية ولا غيرها، قال الحافظ ابن حجر (7/256): (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً).
وهذه ستة من أدلته وأصرحها أوردها وهي قبل فرض الحجاب، وأدلة شرب الخمر قبل النسخ أكثر منها وأصرح، وسيأتي يومٌ داعيها كما في الخبر: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" .


ثانياً: ما لا حجة فيه :

1- قال الكاتب: (في حديث عائشة في الصحيحين في خروج سودة لحاجتها ليلاً، ( وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى).

أقول: تقدم أن الواقعة قبل فرض الحجاب ثم أنه لا أحد من أهل الإسلام يمنع المرأة أن تخرج لحاجة، ثم ألا يعتبر الكاتب بقصدها الخروج ليلاً، وترك النهار، وهذا من حِشمة نساء الصدر الأول وحيائهن.
أنشد النميري عند الحجاج قوله:
يخمرن أطراف البنان من التقى ... ويخرجن جنح الليل معتجرات
قال الحجاج: وهكذا المرأة الحرة المسلمة.

2- قال الكاتب : (وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
وقال: وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث).

قلت: ولا أدري لم يحشر الرجال مع أكْلة الصبيان، وسهل ابن سعد الذي يحكي عن نفسه الحضور إلى هذه المرأة صبي صغير كان عمره دون البلوغ قطعاً، قال الزهري: كان له يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنةً. كما رواه أبو زرعة في "تاريخه"، وكيف للكاتب أن يثبت أن من معه ليسوا حُدثاء مثله، ورفيق الصبي صبيّ !.

وهذا الخبر سيق في مساق انتشار الصحابة بعد الجمعة وأنهم لا ينتظرون، وليس في هذا الخبر إلا أن المرأة تطبخ الطعام في مزرعتها ثم تدفع الطعام لهم ليأكلوا، كحال الآخذ والمُعطي، والفهم أبعد من ذلك ظنون .

4- قال الكاتب: (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.

عقب عليه فقال: وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه). أقول: قال الحافظ ابن بشكوال: إن الرجل الأنصاري هو عبدالله بن رواحة وعبد الله بن رواحة قتل بمؤتة سنة ثمان، والله أعلم، ثم إن هذا لا يثبت زمنه، والاستدلال بهذا بعيد، فتلك ضرورة شديدة، فقد جاء في أحدى الروايات - كما عند إسماعيل القاضي - أنه لم يطعم ثلاثة أيام، وإنقاذ رجل من الهلاك، لا يلتفت معه إلى وجود امرأة في مكان بليل دامس.

5- قال الكاتب: (وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم... الحديث.
وقال معلقاً: (وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط).

قلت: هذه المرأة التي تُسمى أم شريك وكانت من القواعد كبيرة صالحة واسمها على الصحيح غزيلة بنت داود بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة، والقواعد لا يخاطبن بالحجاب والاحتراز من الرجال بنص القرآن قال تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) .
قال المفسرون من السلف كعطاء وسعيد بن جبير والحسن: هي المرأة الكبيرة التي لا تلد.
قال ابن عبدالبر في "التمهيد" ( 19/153) معلقاً على قصة أم شريك: (ففيه دليل على أن المرأة الصالحة المتجالة لا بأس أن يغشاها الرجال ويتحدثون عندها ومعنى الغشيان الإلمام والورود.
قال حسان بن ثابت يمدح بني جفنة:
يغشون حتى ما تهر كلابهم ** لا يسألون عن السواد المقبل).
وتجالت المرأة فهي متجالة وجلت فهي جليلة إذا كبرت وعجزت، وهذا حُكم الله فيهن، لا بنص القرآن فلا يدخل معهن غيرهن، إلا عند من لا يفرق بين أعمار الناس في الأحكام.

وليس لعالم يُدرك مواضع النصوص، أن تمر عليه مثل هذه القصة، فيدع المحكم البيّن، إلى طريق التوى به التواءً يذهب بكل ما عمد إليه، ويورد قصة امرأة لا يدري هل هي من القواعد أم لا، وهل غشيان أصحاب النبي لها يلزم معه الدخول عليها أو تخدمهم في باحة بيتها، فإن بيوتهم كانت حُجراً مسقوفة، يتصل بها باحة صغيرة مكشوفة يجلس فيها الزوار، وهكذا كانت حُجرات أمهات المؤمنين، ومن ظن أن حجراتهم غُرف بلا باحات فقد غلطَ وجهل.

6- وقال الكاتب: (وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد).
قال معلقاً: (وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء) .

أقول: أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة، كما رواه البيهقي في "الدعوات" (1/135) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبدالله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنهما.
وجارية الزوجة لا تحتجب من زوجها، وبه ينتقض فهمه .
وجاء عند الواقدي في السير قال: حدثني عمر بن صالح بن نافع حدثتني سودة بنت أبي ضبيس الجهني أن أم صبية الجهنية قالت: كنا نكون على عهد النبي وعهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تجاللن وربما غزلنا فيه فقال عمر لأردنكن حرائر فأخرجنا منه.

وفي الخبر فائدتان :
الأولى أنها متجالة يعني كبيرة .
والثانية: أنها لم تأخذ حكم الحرائر إلا زمن عمر رضي الله عنه.

وجزم مُغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (1/217). في كونها من الموالي، والأمة ليست مأمورة بالحجاب في الإسلام، ومع ذا فقد قال الطحاوي بعد روايته للحديث (1/25): ( في هذا دليل على أن أحدهما قد كان يأخذ من الماء بعد صاحبه).

7- وأما احتجاجه بحديث: " كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا" .
فلا أدري كيف يفهم ذلك، فكيف يقول النبي عن الصلاة: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها .." وهو قد جمعهم قبل الصلاة يتوضؤون جميعاً، ثم يفرقهم وقت الصلاة، ولا ريب أن من فهم هذا الفَهم أساء بالنبي فهماً وتشريعاً، والمقصود به غير هذا المعنى.

يُفسر هذا الأثر ما رواه عبدالرزاق في "مصنفه" وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار": عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن الوضوء الذي بباب المسجد، فقال له إنسان : إن أناسا يتوضئون منه، قال: لا بأس به، قلت له : أكنت متوضئا منه ؟ قال: نعم، فراددته في ذلك ، فقال: لا بأس، قد كان على عهد ابن عباس، وهو جعله، وقد علم أنه يتوضأ منه النساء والرجال، والأسود، والأحمر، فكان لا يرى به بأساً .

يعني يتناوبون على أواني واحدة يتوضأ منها الجميع لا تتنجس المياه بكثرتهم، ولا باختلاف أجناسهم، كما يتناوب المتأخرون على الحمامات والصنابير، وليس في ذلك دلالة على اجتماعهم في ساعة واحدة، وإنما يتناوبون، والعلماء عند الاستدلال ينظرون إلى القصد من سياق الخبر وروايته، لأن الراوي إذا قصد بيان حكمٍ في حديث لم يحترز إلا له، ولهذا لم أجد أحداً من الأئمة ممن أورد هذا الحديث إلا ويورده في أبواب عدم تنجس الماء من بقايا المرأة وفضلها، لا يخرجونه عن ذلك، لأن ذلك هو الذي تسبق إليه أفهامهم عند سماع الخبر.

وما جاء في لفظ: " (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا) يعني لا نغترف اغترافاً بأواني بل الماء تنغمس الأيدي فيه يشير إلى أنه لا يتنجس بورود المرأة فيه قبلنا وهكذا يقررها الفقهاء في جميع المذاهب الأربعة .

قال إمام المدينة الزهري مبيناً ذلك: تتوضأ بفضلها كما تتوضأ بفضلك.
وعلى هذا فسره أئمة الإسلام في القرون المفضلة .

8- قال الكاتب: (عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قال معلقاً: ( وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى).

قلت: المقطوع به أن أزواجهم معهم، ولا يُتخيل أن أزواجهم في المدينة والنساء يخرجن، وإذا كان كذلك والمرأة حال السفر مع زوجها ترحل وتنزل، تُعين الجريح المثخن لا المعافى الصحيح، وما الضير في ذلك، ولا يعدو هذا كونه سفراً من الأسفار فالنساء يذهبن للحج والعمرة قوافل والنساء مع رجالهم.

9- وقال الكاتب: (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت، قال: «فهلا آذنتموني»، فأتى قبرها، فصلى عليها.
قال: وفيه مشروعية عمل المرأة في المسجد ونحوه) .

قلت: اليوم أربع وعشرون ساعة، والصلوات الخمس لا تخلص بمجموعها إلى أربع ساعات متفرقات، ومحاولة إيراد عمل المرأة في المسجد وحشرها في الأربع ساعات، وترك العشرين ساعة لا يليق بحامل قلم، ثم هي لا تعمل كل يوم قطعاً فمساجدهم كانت تراباً لا فراشاً، ولا يظهر فيها ما دقَّ كمساجدنا، أما أنها تنظف والرجال يصلون والنساء خلفهم وهي منصرفه تترك الصلاة وحدها تكنس فهذا محال، وأما في حال خلو المسجد وهو أكثر الوقت فلا حرج ثَمّ، فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا أبواب تغلق فيه، كما ثبت عن ابن عمر في البخاري: قَال: كانت الكلاب تبول وتُقبل وتُدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكونوا يرشون شيئاً.

10- وقال الكاتب: (عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي... ) .
قال معلقاً: (فيه جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها).

قلت: وهذا من الجهل العريض والظن الفاحش، والهوى المُتبع، وعدم معرفة بحال الحُجرات النبوية، ولا بلسان العرب، فالحجرات غرف لها باحات صغيرة مكشوفة للضيفان والداخل إلى الباحة موصوف بالدخول، قال ابن حجر في الفتح: (9/286) في معنى الدخول: (لا يلزم من الدخول رفع الحجاب فقد يدخل من الباب وتخاطبه من وراء الحجاب) .

ومثل هذا احتجاجه بلفظ (الدخول) في الحديث: (أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس، فدخل أبو بكر الصديق، وهي تحته يومئذ، فرآهم، فكره ذلك) هذا الاستدراك (وهي تحته يومئذ) يُشير إلى قدم الواقعة قريباً من زواجه بها وهذا قبل فرض الحجاب كانوا يدخلون على أسماء بنت عميس، فبعد الحجاب لم يكونوا يدخلون، قال الحافظ ابن حجر: (7/256) (وكان دخول البراء على أهل أبي بكر قبل أن ينزل الحجاب قطعاً) .

11- ثم أورد جملة من الأحاديث المتضمنة اختلاط النبي بالنساء، وفلي بعض النساء لرأسه، وإردافه لأسماء، وجهل أو تجاهل أن هذا من خصوصياته، فالرسول أبو المؤمنين، يزوج النساء بلا وليهم لو شاء، قال تعالى عن لوط وهو يعرض نساء قومه: (هؤلاء بَنَاتِى) أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد، قال: لم تكن بناته ولكن كنّ من أمته، وكل نبيّ أبو أمته.
وبنحوه قال سعيد بن جبير .
وقال عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: « وأزواجه أمهاتهم – قال أبي بن كعب: وهو أبوهم».
وبنحوه قال عكرمة مولى ابن عباس .
والاختلاط حُرم درءاً للمفسدة وهي منتفية منه صلى الله عليه وسلم.

ومن قال: (الأصل مشروعية التأسي بأفعاله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) فليتأسّ بزواج النبي تسعاً، وينفي الخصوصية، فالآية أباحت الأربع ولم تمنع من الزيادة، وإن رجع إلى نصوص أخرى تمنع وتُبين فذاك واجب في الحالين، في مسألة الاختلاط: "إياكم والدخول على النساء" وفي مس المرأة ثبت عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العينان تزنيان، واللسان يزني، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويحقق ذلك الفرج أو يكذبه"

12- قال الكاتب: (وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالبطحاء، فقال: (أحججت)؟ قلت: نعم، قال: (بما أهللت)؟ قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (أحسنت، انطلق، فطف بالبيت وبالصفا والمروة). ثم أتيت امرأة من نساء بني قيس، ففلت رأسي، ثم أهللت بالحج... الحديث» ) .

قلت: لا يمكن أن يكون ذلك إلا من محرم قال النووي في "المجموع" (8/199): (هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له) .

ولو ساغ أن أستدل بكل فعل مُجمل على ظاهره، دون الرجوع للمحكم، لأحللت الحرام القطعي بالظنون، ففي نصوص كثيرة يقال: (جاء فلان ومعه امرأة) وأستدل بذلك على جواز الخلوة واتخاذ الأخدان لأنه لم يرد في النص ذكر الرحم بينهما، والأصل في الشرع أن الرجل إذا وُجد مع امرأة تحمل على أنها من محارمه إلا لِظِنَّة وشُبهة، وهذا الأصل في المسلمين، وكيف بالصحابة الصالحين.

13- وأما احتجاجه بالطواف، وأن الرجال والنساء يطوفون جميعاً، فكلامه كلام من جهل الشرع والتاريخ، واتبع المتشابه، فأما جهله بالشرع، فذلك أن هذا من خصوصيات مكة بإجماع المُفسرين، قال تعالى: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة) .
فقد أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال: إنما سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عتبة بن قيس قال: إن مكة بكت بكاء الذكر فيها كالأنثى، قيل: عمن تروي هذا قال: عن ابن عمر.
وعند البيهقي عن قتادة قال : سميت بكة لأن الله بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد غيره.
وبنحوه قال سعيد بن جبير وغيره .

بل يُعفى عن السُّترة في مكة ولا يُعفى عن غيرها، فروى ابن جرير عن عطاء، عن أبي جعفر قال: مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت، فدفعها. قال أبو جعفر: إنها بَكَّةٌ، يبكّ بعضُها بعضًا.

وأما جهله بالتاريخ: فإن النساء كن يطفن مجتمعات حجرة عن الرجال لا معهم، وهذا في زمن النبي وزمن عمر وكان عمر يضرب الرجل الذي يطوف وسط النساء كما رواه الفاكهي من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال:" نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال: فرأى رجلا يطوف معهن فضربه بالدرة.

وبقي الأمر على هذا قروناً طويلة، قال ابن جبير في "رحلته" (63) عام 578هـ: (وموضع الطواف مفروش بحجارة مبسوطة كأنها الرخام حسناً، منها سود وسمر وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تِسْعِ خُطاً إلاّ في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدت إليه حتى أحاطت به.
وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة) انتهى .

وأما قوله: (والحق أن مصطلح الاختلاط بهذا الاصطلاح المتأخر لم يعرف عند المتقدمين من أهل العلم .. لو بحثت عن مصطلح الاختلاط بهذا المعنى المستحدث لم تجده عندهم) فهو من الجهل البعيد، وقد بينت هذه الهفوة العصرية والشهوة الخفية، في "تعقيبي على الدكتور محمد العيسى" فلينظر .

هذا؛ ولولا أن بعض مَن نحبهم في الله طلبوا إلي الرد على الكاتب المذكور لما سطرت سوداء في بيضاء، لأن مقالته عند أهل العلم والمعرفة مبنية على علم قليل وفهم ناقص واتباع للمتشابه وتركللمحكم، وقد قال الأول: لهوى النفوس سريرة لا تُعلم.
رأى البرق شرقياً فحن إلى الشرق ** ولو لاح غربياً لحن إلى الغرب
والله المبتغى وهو المرتجى،،
وكتبه
عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي
25/12/1430هـ

صيد الفوائد

همي الدعوه
21 Dec 2009, 01:47 AM
لا جديد في حكم الاختلاط

د / عبدﷲ بن عبدالعزيز العنقري


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى ﷲ وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد
فقد قال نبي ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم " : إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا " (رواه أحمد ٤ / ١٢٧ ، وأبو داود ٤٦٠٧٨ )

وإن من اﻻختلاف الذي ذكر في هذا الحديث ما وقع ويقع من إنكار ما دلت عليه النصوص ، وتتابع على القول به علماء اﻷمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
وتلكم محنة قديمة تتعدد أمثلتها بين حين وآخر ، بَيْد أنها أضحت في هذه اﻷزمنة المتأخرة أكثر انتشارا وأعظم استفحاﻻ .
ومن أشد ما يصيب الحليم بالحيرة أن يقع في هذا أحد من حملة العلم الشرعي ، أما الجاهل فلا عجب أن يخبص في اﻷمور ، وينفي ما هو مقطوع به عند أهل العلم ، فلا يترتب على صنيعه كبير خلل في الغالب ؛ ﻷنه في نهاية المطاف مجرد جاهل ٠
كما أن اﻷمر ﻻ يخفى على الناس إذا دخل في هذه اﻷمور من فُتِنوا بمد نية الغرب ومسايرة ما هم عليه من الحال البغيض في شتى مناحي الحياة ؛ﻷن بطﻼن منهج هذا الصنف واضح للعيان ، ﻻ يحتاج الناس في بيان بطﻼنه إلى كبير ﻋﻧﺎء ، كيف وقد قال قائلهم بأن علينا أن نساير هذه المدنية الغربية في خيرها وشرها ، وحلوها ومرها ، وما يعاب فيها وما يحسن !
إذاً اﻹشكال فيما يقع من حملة العلم الشرعي .
ومن آخر ما كثر الكلام فيه موضوع اﻻختلاط بين الرجال والنساء من غير المحارم ، حيث سوّغه بعضهم ، بل قال : إن ﻛﻠﻣﺔ ( اﻻختلاط ) مُحدثة لم يرد في النصوص ما يدل عليها بالكلية .
وهؤﻻء مسبوقون من أناس كتبوا في هذا الموضوع منذ عقود ، وكان كلامهم في نطاق كلام عام عن المرأة وحجابها وحدود علاقتها بالرجل .
وقد جمعوا نصوصا استدلوا بها على وجهتهم هذه ، غاضين الطرف عن نصوص أخرى جلّت المسألة ووضحتها .
ومن أعجب ما ذكروه أن كلمة ( اﻻختلاط ) تميزت – إضافة إلى كونها محدثة – ﺑﺎﻹﺑهام وعدم الوضوح ، ودلّلوا في هذا السبيل بوقائع جِرِت زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم ، من أشهرها اختلاط الرجال بالنساء بزعمهم حال الطواف ﺑﺎﻟﻛﻌﺑﺔ ، ، وفي المسجد عند أداء الصلاة دون نكير .
وغفل هؤﻻء عن وقوعهم فيما أنكروه على غيرهم ، حيث أوهموا بكلامهم هذا أن مجرد وجود الرجال والنساء في موضع واحد هو اﻻختلاط الذي منعه العلماء ، فأبهموا اﻷمر على الناس ، وأشعروا أن المنع من اﻻختلاط يقصد به منع اجتماع الرجال والنساء في أي موضع كان .
وهذا من تقويل أهل العلم ما لم يقولوا ، فإنهم لم يقولوا هذا ، ولم يكن اﻷمر عندهم بحمد ﷲ ملتبسا ، حتى يتحدث بالنيابة عنهم غيرهم ٠
وقد بين البخاري في صحيحه حقيقة هذا اﻷمر بما ترجم به على أمر ابن هشام والي مكة بعدم طواف النساء مع الرجال ، فقال رحمه ﷲ في صحيحه ( ٢ / ١٦٣ ) " باب طواف النساء مع الرجا ل " ثم ساق بسنده هذه المناقشة التي يتضح منها بجلاء أن طواف الرجال مع النساء ﻻ يعني أبدا اﻻختلاط بينهم .
والمناقشة كانت بين عطاء بن أبي رباح فقيه أهل مكة وبين تلميذه ابن جريج ، حيث قال عطاء منكرا صنيع الوالي : " كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي صلى ﷲ عليه وسلم مع الرجال ! "
ﻓﻘال ابن جريج : " كيف يخالطن الرجال ! "
فجاء جواب عطاء واضحا ": لم يكن يخالطن "
ففرق – كما ترى – بين طواف الرجال مع النساء في موضع واحد ، وهو المسجد الحرام ، وبين اختلاط الرجال بالنساء .
والمحتجون على جواز اﻻختلاط يجعلون من أول ما يستدلون به على اﻻختلاط ما يكون في المسجد الحرام من طواف النساء مع الرجال ، ثم إن عطاءً وضح بعد ذلك كيف تطوف النساء مع الرجال ، دون أن يكون من آثار ذلك وقوع اﻻختلاط . فقال ضاربا المثال بالطيبة المطهرة عائشة رضي ﷲ عنها ": كانت عائشة تطوف حَجْرةً من الرجال ﻻ تخالطهم "
ومعنى قوله ( حجرة ) : ناحيةً ، مأخوذ من قولهم : نزل فلان حجرة من الناس : أي معتزﻻ انظر( فتح الباري ٣ / ٦٠٧ )
ليس هذا فحسب ، بل إن امرأة – كما في رواية البخاري المذكورة – قالت لعائشة ": انطلقي نستلم يا أم المؤمنين ، قالت : انطلقي عنك ، وأَبَت " .
وإنما أبت رضي ﷲ عنها ؛ﻷ ن اﻻستلام بالوضع الذي تريده المرأة سيترتب عليه مزاحمة الرجال واﻻختلاط بهم .
وهذا ما أنكرته أم المؤمنين رضي ﷲ عنها على موﻻة لها قالت : يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا ، واستلمت الركن ﻣر تين أو ثلاثا ، فقالت لها : ﻻ أجرك ﷲ ، ﻻ أ جرك ﷲ ، تدافعين ا لرجال ؟ أﻻ كبرت ومررت " رواه ( الشافعي في اﻷم ٢ / ١٧٢ ، والبيهقي من طريقه في السنن الكبرى ٥ / ٨٠ )
فتأمل كيف بررت عائشة إنكارها على موﻻتها بأن صنيعها سيؤدي حتما إلى مزاحمتها للرجال ، وهو عين اﻻختلاط الذي نأت أم المؤمنين بنفسها عنه ، وإن كانت الجاهلة من النساء تستسهله ، بدعوى إقامة السنة باستلام الركن .
وإذا عدنا لرواية البخاري التي بدأنا بها وجدنا اﻻحتياط التام ﻹبعاد النساء عن اﻻختلاط بالرجال ، حيث يقول عطاء ": فكن يخرجن متنكرات بالليل ، فيطفن مع الرجال ."
ومعنى " متنكرات " مبيّن في رواية عبد الرزاق ( 5 /67 )، حيث قال " مستترات "
هذا اﻻحتياط اﻷول .
أما اﻻحتياط الثاني فبينه عطاء بقوله ": ولكنهن كنّ إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن ، وأُخرج الرجال "
والمعنى كما في ( فتح الباري ٣ / ٦٠٧ ) " إذا أردن دخول البيت وقفن ، حتى يدخلن ، حال كون الرجال مخرجين منه "
وهل كل هذا إﻻ من باب تجنب اختلاطهن بالرجال؟
ولهذا فإن النبي صلى ﷲ عليه وسلم لما وقع اختلاط محرم للنساء بالرجال مرة بادر عليه الصلاة والسلام بإنكاره ، فروى ( أبو داود ٥٢٧٢ ) عن أبي أسيد اﻷنصاري رضي ﷲ عنه أنه سمع رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق ، فقال رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم للنساء ": استأخِرْن ، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار ، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به "
ومعنى (ليس لكن أن تحققن الطريق ) أ ي وسطها ، كما في ( النهاية ﻻبن اﻷثير ١ / ٤١٥) 0
وقد ترجم أبو داود على الحديث ترجمة قريبة من ترجمة البخاري على طواف الرجال مع النساء ، فقال أبو داود : " باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق " 0
ففهم رحمه ﷲ أن المشي في الطريق ﺷﻲء ، واﻻختلاط الذي أنكره النبي صلى ﷲ عليه وسلم شيء آخر .
وذلك أن الطرق ﻻيمكن أن يُمنع الناس من المرور فيها ، فيمر الرجال وتمر النساء ، ولكن ﻻ يحل أن يكون ذلك على حال من اختلاطهم .
ومن هنا ترجم أبو داود في السنن على صلاة النساء مع الرجال في المسجد ترجمة تبين حقيقة ما كان عليه الناس زمن النبوة من التباعد من اﻻختلاط فقال " : باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال " ثم ساق بسنده عن ابن عمر رضي ﷲ عنهما أن النبي صلى ﷲ عليه وسلم قال " : لو تركنا هذا الباب للنساء " فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات .
قال صاحب (عون المعبود ٢ / ١٣٠) " : لو تركنا هذا الباب " أي باب المسجد الذي أشار إليه النبي صلى ﷲ عليه وسلم لكان خيرا وأحسن ؛ لئلا تختلط النساء بالرجال في الدخول والخروج من المسجد ، والحديث فيه دليل أن النساء ﻻ يختلطن في المساجد مع الرجال ، بل يعتزلن في جانب المسجد "...
وقد جاء اﻻحتياط من اﻻختلاط المحرم حتى في اﻷحوال الصعبة ، فهذا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لما حضرت الوفاة صاحبه الجليل أبا سلمة حضره النبي صلى الله عليه وسلم وبينه وبين النساء ستر مستور ، كما رواه ( ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٤١ ) .
فهذا الستر المستور بين الرجال والنساء ليس له معنى إﻻ منع اﻻختلاط ، مع أن الموضع فيه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم – أزكى الناس وأطهرهم وأبعدهم عن أي ريبة - .
كما أن القوم –رجاﻻ ونساء – ينتابهم الحزن بوفاة هذا الصحابي الكريم ، وذلك كله مما يجعل فتنة الرجال بالنساء – والحال ما ذكر - بعيدة كما ﻻ يخفى .
ومع ذلك كله لم يغفل عن وضع هذا الستر المستور ، فأين من يزعمون انتفاء الخطر في حال ما أسموه بسلامة قلب الرجل والمرأة ؟
أيجدون قلوبا أسلم من قلوب الموجودين في بيت أبي سلمة إذ ذاك ؟
وإذا احتاجت النساء إلى موضع فيه رجال خرج الرجال ؛ ليدخلن ، وكذا العكس ، وﻻ يجتمعون اجتماعا يترتب عليه اختلاطهم ، كما تقدم في رواية البخاري " : إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن ، وأخرج الرجال "
وهذا بعينه ما وقع عند مصاب عظيم حلّ بالمسلمين ، إذ طُعِن عمر رضي ﷲ عنه ، واجتمع الرجال عنده ، فلما جاءت حفصة بنت عمر ومعها النساء أخلى الرجال المكان ، ﻓبقيت عنده ساعة لم يدخل الرجال فيها ، فلما أرادوا الدخول استأذنوا ، فعند ذلك قامت وأخلت المكان ليدخلوا .
قال عمرو بن ميمون فيما رواه ( البخاري ٤ / ٢٠٥ ) : " وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا ، فولجت عليه فبكت عنده ساعة ، واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم ، فسمعنا بكاءها من الداخل "
فلماذا كل هذا ؟ والمصاب جلل ، والقلوب قد اشتغلت بما وقع ﻷمير المؤمنين أشد اشتغال ، حتى قال عمرو بن ميمون ": كأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ " ( البخاري ٤ / ٢٠٥ )
إن السبب واضح لمن أنصف ، فقد كان الغرض منع اﻻختلاط .
ولم يقل أحد من الموجودين في المكان ، ﻻ عمر رضي ﷲ عنه وﻻ غيره : إن هذا الفعل تكلف مذموم ، إذ الظرف أدق من أن يتعامل معه الناس بمثل هذا اﻷسلوب . فحفصة رضي ﷲ عنها أم للموجودين ؛لكونها أم المؤمنين ، والرجال الحاضرون من خيار المسلمين ، فيهم ابن عباس ر ضي ﷲ عنهما وغيره من اﻷخيار ، فما الداعي لمثل هذا ؟
لم يقولوه؛ لما استقر عندهم من منع اختلاط الرجال بالنساء .
ويا سبحان ﷲ ! كيف يستنكر منع اﻻختلاط في أمة كان المسلمون فيها زمن نبيهم وزمن الصدر اﻷول يعودون بناتهم لزوم الخدور : جمع خدر ، وهو ناحية في البيت ،يترك عليها ستر، وتكون فيه البكر ، كما قال ابن اﻷثير في ( النهاية ٢ / ١٣ ) 0
وذكر القرطبي أنها تلازم الخدر إلى أن تخرج منه إلى بيت زوجها ( المفهم ٦ / ١١٥ - ١١٦ )٠
فإذا كان هذا مما يصنعه أولئك السلف اﻷخيار داخل بيوتهم ، و ينشئون عليه أبكارهم ، فكيف يظن بهم أنهم يرسلون هؤﻻء اﻹناث ، ليختلطن بالرجال خارج البيوت بلا نكير ٠
وﻻ ريب أن تتبع الروايات الواردة في المنع من اﻻختلاط يطول ، والغرض من الكتابة بيان اﻷمر بإيجاز قدر المستطاع ، ولو ذهبنا نسرد كلام أهل العلم من الشراح والمفسرين والفقهاء لطال بنا المقام ، وهو موجود بحمد ﷲ في موضعه لمن أراد الوقوف عليه ، غير أني أحب أن أنبه على أمرين بشكل مجمل :
اﻷول : أن هناك أخبارا كثيرة فيها رواية الرجال عن النساء ، ورواية النساء عن الرجال ، وهذا مما قد يتوهم البعض منه وجود اختلاط بينهم ، إذ كيف يروي رجل عن امرأة من دون أن يختلط بها !
والحق أن ذلك وقع دون اختلاط ، وهذا يدركه من عرف حال السلف ، وما كانوا عليه من اﻻحتراز عن الفتنة .
ولذا فإن الذهبي في ( السير ٧ / ٣٨ ) لما نقل إنكار هشام بن عروة على ابن إسحاق أن يحدث عن امرأته ، ﻗﺎﺋﻼ : " تحدث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ! وﷲ إن رآها قط "
قال الذهبي : " هشام صادق في يمينه ، فما رآها ، وﻻ زعم الرجل أنه رآها ، بل ذكر أنها حدثته ، وقد سمعنا من عدة نسوة ، و ما رأيتهن ، وكذلك روى عدة من التابعين عن عائشة ، وما رأوا لها صورة أبدا "
ومراد الذهبي أن نقل الرجل عن امرأة ﻻ يعني أبدا اﻻختلاط بها ، فضلا عن رؤيتها ، وذلك لوجود ما يمنع اﻻختلاط بين الرجال والنساء .
وهذا واقع دراسات الطالبات الجامعيات منذ سنين في بلدنا المملكة العربية السعودية ، وقد تفوق عدد منهن ، ووصلن إلى مرحلة الدكتوراه ، ثم جاوزنها ، من خلال التدريس بواسطة الدائرة التلفزيونية ، دون اختلاط بحمد ﷲ .
التنبيه الثاني : أن هنالك روايات كثيرة قبل نزول الحجاب يتجلى فيها اختلاط الرجال بالنساء ، وهذه الروايات ﻻ ينبغي للمنصف أن يحتج بها ، فإن اﻻحتجاج بما قبل الحجاب ﻻ دﻻلة فيه ؛ ﻷنه الوضع الذي كان عليه الناس قبل نزول الحكم الناسخ ، شأنه في ذلك شأن أي حكم منسوخ ، ﻻ يحل اﻻستمساك به ، بعد أن ورد ما ينسخه ، وإﻻ ﻷمكن أن يحتج أحد على جواز نكاح المتعة بأدلة إباحته قبل النسخ .
وقل مثل هذا في نظائره من المنسوخات .
وفي بعض اﻷدلة الورادة في شأن زينة النساء الواجب سترها التنبيه إلى أن ما قد يظهر منها للرجال كان قبل اﻷمر بالحجاب ، كما في قول عائشة رضي ﷲ عنها مبينة سبب معرفة صفوان بن المعطل لها " : فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت حين عرفني ، ﻓﺧﻣﱠرتُ وجهي بجلبابي " رواه (البخاري ٧ / ٦ ومسلم ٤ / ١٦٩٢ )
فقولها : (( وكان يراني قبل الحجاب )) جواب لسؤال يتبادر إلى ذهن السامع من قولها قبل ذلك : )) فعرفني حين رآني )) فبينت أن ذلك إنما كان قبل تشريع الحجاب ، فلا عجب أن يراها ، كما كان الرجال يرون النساء ويختلطون بهن أول اﻷمر، فلما شرع ﷲ الحجاب بادرت إلى تغطية وجهها .
ومثل هذا قولها رضي ﷲ عنها كما في ( البخاري ٧ / ٥ ) : (( لما قدم رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم المدينة وعك بلال وأبو بكر فدخلت عليهما )) ٠
فهذه الواقعة كانت قبل فرض الحجاب ، ولذا قالت كما في رواية ابن إسحاق : ((ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة ، وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب )) ( فتح الباري ٧ / ٣٢٨ )
ومما يوضح ذلك مارواه البخاري ( ١ / ٥٦ ) عن ابن عمر رضي ﷲ عنهما أنه قال : (( كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم جميعا ))
فهذا الحديث أجاب عنه سحنون أحد أئمة المالكية بأن معناه أن الرجال كانوا يتوضئون ويذهبون ، ثم تأتي النساء ، فيتوضأن ، وبه أجاب ابن التين ،لما في لفظه من التدليل على اﻻختلاط الذي استقر منعه عندهما .

لكن اﻷولى في الجواب ، كما قال ابن حجر في ( الفتح ١ / ٣٩٠ ) : (( أن يقال ﻻمانع من اﻻجتماع قبل نزول الحجاب ، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم )) ٠
ومما يبين ذلك أن إخراج الذراعين في الوضوء ليمسهما الماء أمر ﻻبد منه للرجال والنساء ، فهل يقول من يستدل بهذا الحديث على تسويغ اﻻختلاط : إن ذلك أمر ﻻ بأس بوقوعه من النساء بمحضر من الرجال ؟
ﻻ ريب أنهم ﻻ يقولون بذلك ، فلوا احتج أحد لجواز إبداء المرأة ذراعيها أمام الرجال بهذا الحديث لما وجدوا جوابا إﻻ أن يقولوا : هذا أمر قبل إيجاب الحجاب .
وعليه يقال : فما الذي سوغ لكم اﻻحتجاج بهذا الحديث على جواز اﻻختلا ط ، ثم لما احتج بالحديث نفسه على إبداء الذراعين سارعتم إلى نفي دﻻلته على ذلك ، ﻷنه قبل الحجاب ! ؟
وبكل حال ، فلو فرضنا أن هذه اﻷدلة التي ذكرت ـ وغيرها كثير ـ لم تقنع هؤﻻء المسوغين للاختلاط ، ورأو أن لديهم اﻷدلة على صحة ما اختاروه ، كما أن لديهم اﻷجوبة على كل دليل يدل على منع اﻻختلاط ، فيبقى سؤال كبيرعليهم اﻹجابة عنه ، مستشعرين أن ﷲ تعالى سيسألهم عن جوابهم .
وهذا السؤال : هل اﻻختلاط الذي يزعمون وجوده زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه هواﻻختلاط الذي يريدون جرَ الناس إليه ، بحيث ﻻينتج عن هذا اﻻختلاط إﻻ مانتج عن اﻻختلاط الذي يزعمون وجوده زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه ؟
فهل يجدون في اختلاط اليوم ماورد في حديث أبي داوود من ابتعاد المرأة عن الرجل في الطريق حتى تلتصق بالجدار ؟
وهل الوضع الذي بيَنَاه من حال السلف في الطواف والصلاة في المساجد ، بحيث يعتزل النساء عن الرجال عزلة حقيقية ،هواﻻختلاط الذي يتحدثون عنه اليوم ؟
وبالتالي : هل النصوص التي استدلوا بها على اﻻختلاط المزعوم ، زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم هو اﻻختلاط الذي يدعون إليه ، بحيث تطابق اﻷدلة التي احتجوا بها عين المسألة التي احتجوا لها ؟
فإن قالوا : نعم ـ وﻻ نظن منصفا منهم يقول ذلك ـ فلينظروا في آثار اﻻختلاط الواقع في كثير من البلدان اليوم ، وما جر على اﻷمة من المفاسد العظيمة ، وليقولوا : إن هذا اﻻختلاط في أصله سائغ ، وهذه اﻵثار المترتبة عليه ـ مهما كانت مريرة ـ نتيجة ﻻبد منها ﻷمر دلت عليه النصوص ! نعوذ بالله من منكرات الأقوال والأعمال .
وإن قالوا : ﻻ ـ وهو المظنون بالمنصفين منهم ـ بل اﻻختلاط الذي ننسبه إلى زمن النبي صلى ﷲ عليه وسلم وأصحابه يختلف كل اﻻختلاف عن اختلاط اليوم ، وﻻ ينبغي مقارنة هذا بذاك .
فيقال لهم : بأي حق استدللتم بنصوص ذات ضوابط محددة ، مربوطة بوقائع معينة على واقع يختلف كل اﻻختلاف عن تلك الوقائع . ؟ فوسعتم الدائرة حتى شملت ماﻻ يدخل في دﻻﻻت النصوص ، وألحقتم المسألة المبحوثة بما ليس من نظائرها ٠
وهل سيبقى للنصوص كلها مدلول واضح إذا أدخل فيها ما ليس منها ، على النحو الذي صنعتموه ؟
إذا فليحسبوا لدعوتهم الحساب الدقيق ، وليتأملوا في المصير الذي يمكن أن تُجرّ إليه اﻷمة ، وليحذروا من تناول هذه المسائل العظيمة بأسلوب المراء والجدل المحض الذي ينظر فيه إلى مجرد ادعاء الغلبة ، وزعم التمكن من إسقاط ﺣﺟﺞ المخالف ، دون النظر فيما يترتب على هذه اﻷمور من العواقب .
وهذا هو الذي نخشاه من دخول حملة العلم الشرعي في هذه الدعوة .
ومما يبعث على القلق تلكم الطريقة العنيفة التي اختاروا طرح وجهتهم من خلالها ، من قبيل وصف المنكرين للاختلاط ﺑﺎﻟﻣﺣدثين ، وكأنهم قد دعوا اﻷمة إلى هدي كسرى وقيصر قبل الإسلام ، ﻻ إلى ما دلت عليه النصوص .
ومن ذلك وصفهم بالجمود والدفاع عن المألوف الذي اعتادوه ، وأرادوا أن ينسبوه إلى الدين ، في عبارات تقشعر منها قلوب المنصفين ، لما يترتب عليها من وصم علماء اﻷمة قديما وحديثا بهذه اﻷوصاف المقذعة 0
فإن منع العلماء من اﻻختلاط ليس شيئا حديثا اختاره علماء متأخرون في بيئة محددة ، كما يهوون أن يصوروا للناس ، ليحصروا معركتهم مع علماء بلد معينين ، بل المنع من اﻻختلاط قديم في كـﻼم السلف ومن بعدهم ، كما تقدم في قول عطاء وسحنون وكلام ابن حجر وابن التين وصاحب عون المعبود ، وغيرهم كثير ممن لو نقلت كلامهم ، وعددت أزمنتهم وأوطانهم لطال بنا المقام جدا .
وكتب أهل العلم مليئة بالشواهد على هذا ، وﷲ المستعان ..
نسأل ﷲ أن يرينا وإخواننا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل
باطﻼ ويرزقنا اجتنابه ، وأن ﻻيجعله ملتبسا علينا فنضل ، كما نسأله تعالى أن يجعلنا من مفاتيح الخير ، مغاليق الشر ، وأن ﻻيجعلنا من مفاتيح الشر ، مغاليق الخير . ونسأله أن ينصر هذا الدين ، ويعز السنة ويحببها إلينا ، وأن يؤلف بها بين قلوبنا . وﷲ أعلم وصلى ﷲ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه 0

وكتب : د / عبدﷲ بن عبدالعزيز العنقري
عضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود بالرياض
يوم الثلاثاء 21 / 12 / 1430

صيد الفوائد

همي الدعوه
21 Dec 2009, 01:56 AM
الرد على أحمد الغامدي ومن وافقه في إباحة الاختلاط


د.محمد بن عبد الله الهبدان


بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت ما كتبه الأستاذ أحمد الغامدي في صحيفة عكاظ العدد / 3097/ ، وسأركز حديثي حول ما ذكره من أدلة في جواز الاختلاط وأدع تهجمه وتسفيهه لغيره، فأقول وبالله التوفيق:


( عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرجت سودة لحاجتها ليلا بعدما ضرب عليهن الحجاب، قالت: وكانت امرأة تفرع النساء، جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها، فناداها: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، إذا خرجت فانظري كيف تخرجين، أو كيف تصنعين؟ فانكفت، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليتعشى، فأخبرته بما قال لها عمر، وإن في يده لعرقا، فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق لفي يده، فقال: (لقد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن).


والجواب على ذلك من وجهين :


الوجه الأول : جاء في رواية البخاري أنه قبل الحجاب صريحاً، ففي البخاري (6240) كان عمر يقول للنبي صلى الله عليه و سلم: احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه و سلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرضا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب.


الوجه الثاني : لا تدخل هذه في صور الاختلاط المحرم؛ لأنه لقاء محدود تقتضيه طبيعة الحياة البشرية، وتلتزم فيه المرأة بالضوابط الشرعية عند تعاملها مع الرجال الأجانب ولذا نلحظ أن سودة رضي الله عنها لم ترد على عمر ولم تخاطبه بل انكفأت راجعة إلى بيتها فهل يقارن هذا بما يحدث في المستشفيات -مثلاً-...سبحانك هذا بهتان عظيم .



وعن سهل بن سعد قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما صنع لهم طعاما ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس» قال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه.
قلت: ومن لوازم ذلك نظر المرأة للرجال ومخالطتهم.


والجواب على ذلك :


قال الإمام النووي رحمه الله ([1]): (هذا محمول على أنه كان قبل الحجاب). ويؤكد هذا ما روي في الاستيعاب (1/508) وأسد الغابة (1/1138) أن أبا أسيد قد خطب على خطبة النبي صلى الله عليه وسلم عند زواجه من زينب بنت خزيمة ، وكان ذلك في السنة الثالثة من الهجرة .) والحجاب فرض في السنة الخامسة من الهجرة.



وعن سهل بن سعد قال: كانت فينا امرأة تجعل على أربعاء في مزرعة لها سلقا، فكانت إذا كان يوم الجمعة تنزع أصول السلق فتجعله في قدر ثم تجعل عليه قبضة من شعير تطحنها، فتكون أصول السلق عرقه، وكنا ننصرف من صلاة الجمعة فنسلم عليها، فتقرب ذلك الطعام إلينا فنلعقه، وكنا نتمنى يوم الجمعة لطعامها ذلك.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه ما في الحديث السابق، وقد بوب عليه البخاري في صحيحه «باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال»، يعني به جواز ذلك، وفيه جواز مخالطة الرجال والنظر إليهم؛ فإنها كانت تقرب الطعام إليهم، وتخدمهم في دارها، كما يفيده الحديث.
وعن فاطمة بنت قيس، أخت الضحاك بن قيس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انتقلي إلى أم شريك، وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة في سبيل الله، ينزل عليها الضيفان فقلت: سأفعل، فقال: «لا تفعلي، إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان، فإني أكره أن يسقط عنك خمارك، أو ينكشف الثوب عن ساقيك، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم... الحديث».
قلت: أخرجه مسلم، وفيه أن أم شريك ينزل عليها الضيفان ومن لوازم ذلك الاختلاط.


والجواب على ذلك :


أولاً : ( أن سهل ابن سعد الذي يحكي عن نفسه الحضور إلى هذه المرأة صبي صغير كان عمره دون البلوغ ، قال الزهري: كان له يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنةً. كما رواه أبو زرعة في "تاريخه"، وكيف للكاتب أن يثبت أن من معه ليسوا حُدثاء مثله، ورفيق الصبي صبيّ !.) قاله الشيخ الطريفي ـ وفقه الله ـ .


ثانياً : صرح سهل راوي الحديث أنها كانت عجوزا ((كَانَتْ لَنَا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ )) رواه البخاري (6248)، والعجائز جاءت النصوص الشرعية دالة على أن لهن بعض الخصوصية في الأحكام ، ومن ذلك قوله تعالى: (( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم)). [سورة النــور:60]


قال ابن كثير رحمه الله ([2]): (وقوله وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء قال سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان والضحاك وقتادة: هن اللواتي انقطع عنهن الحيض ويئسن من الولد (( لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً )) أي لم يبق لهن تشوف إلى التزوج ((فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة)) أي ليس عليها من الحرج في التستر كما على غيرها من النساء، قال أبو داود حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) الآية فنسخ واستثنى من ذلك القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا الآية قال ابن مسعود في قوله: ((فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن)) قال: الجلباب أو الرداء. وكذلك روي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم. وقال أبو صالح: تضع الجلباب وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار. وقال سعيد بن جبير وغيره في قراءة عبد الله بن مسعود ((أن يضعن ثيابهن)) وهو الجلباب من فوق الخمار فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره بعد أن يكون عليها خمار صفيق.


وقال سعيد بن جبير في الآية ((غير متبرجات بزينة)) يقول: لا يتبرجن بوضع الجلباب ليرى ما عليهن من الزينة.


ثانياً : ليس في الحديث ما يدل على أنها كانت تأكل معهم فربما قدمته لهم وانصرفت .


وأما حديث أم شريك فأيضا يقال فيه كما قيل في حديث سهل رضي الله عنه ويجاب عنه بما يلي :


ـ أنها كانت كبيرة في السنة قال ابن عبدالبر رحمه الله في الاستذكار (6/167) : (وأما قوله : " اعتدي في بيت أم شريك ، ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم " ففيه دليل على أن المرأة المتجالّة العجوز الصالحة جائز أن يَغشاها الرجال في بيتها، ويتحدثون عندها ، وكذلك لها أن تغشاهم في بيوتهم ، ويرونها وتراهم فيما يَحِلّ ويَجْمُل وينفع ولا يضر .)


ـ كون أم شريك تفتح بيتها للضيفان ويقوم محارمها بإكرامهم والقيام على شؤونهم فهل في ذلك حرج ؟!!


ـ لم يأت في الحديث التصريح بأن الذي يقوم بالخدمة وتقديم الطعام للرجال بأنها أم شريك.


ـ أن هذا كان في أول الجهاد في سبيل الله تعالى كما قالت (فَأُصِيبَ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).مما يوحي بأنه كان قبل فرض الحجاب .



وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء، فقال صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ما عندنا إلا قوت صبياني فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة، وعجب من فعالكما، فأنزل الله {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}.


قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط، ووقوعه بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم كافٍ في جوازه.


والجواب :


أن هذا كان قبل نزول الحجاب وقبل تحريم الاختلاط، وذلك أن هذه القصة كانت سببا لنزول قوله تعالى ((وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ)) وهي آية من سورة الحشر، وسورة الحشر نزلت كلها في إثر جلاء بني النضير، ولذلك كان يسميها عبدالله بن عباس: سورة بني النضير، كما أخرج ذلك البخاري في صحيحه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ التَّوْبَةِ قَالَ التَّوْبَةُ هِيَ الْفَاضِحَةُ مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَنْ تُبْقِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الْأَنْفَالِ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ قَالَ قُلْتُ سُورَةُ الْحَشْرِ قَالَ نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ)([3])، وعندما سأل سعيد ـ بن جبير ـ ابن عباس قائلا سورة الحشر ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قل: سورة بني النضير.


وقد أجلى النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير على أكثر الأقوال في سنة أربع، وباتفاق أهل العلم أن الأحزاب كانت بعد بني النضير، فهذا يعني أن الآية الكريمة نزلت قبل الحجاب بالإجماع، وأن القصة التي نزلت الآية بشأنها وجاءت متقدمة على نزول الآية كانت قبل سورة الأحزاب المتضمنة لآيات الحجاب، فيكون أمر هذه القصة كله قبل نزول أحكام الحجاب.



وعن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟، ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟


قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».
قلت: أخرجه البخاري، وبوب عليه بقوله «باب عيادة النساء للرجال» قال: وعادت أم الدرداء رجلا من أهل المسجد من الأنصار.


والجواب على ذلك :


وهذا واضح جدا أنه كان في أول مقدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمدينة والحجاب تقدم أنّه تأخر إلى السنة الخامسة فلا حجة فيه .



وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش... الحديث».


والجواب على ذلك من وجهين :


الوجه الأول : أن هذا قبل فرض الحجاب :


قال الحافظ البيهقي في "الآداب" (207) بعد إخراج الحديث: (وكان ذلك قبل نزول الحجاب) انتهى.


وقال الحافظ ابن رجب في "الفتح": (6/73): (هذا كان قبل نزول الحجاب).


وقال القاضي عياض مبيناً أنها قبل فرض الحجاب كما في "المعلم" (3/168): (مثل هذه القصة لعائشة وهى حينئذ - والله أعلم - بقرب ابتنائه بها، وفى سن من لم يكلَفُ) انتهى، وقد تزوجت وعمرها تسع سنين يعني قبل فرض الحجاب ببضع سنين .


الوجه الثاني : كانتا جاريتين، والجارية هي البنت الصغيرة ( الطفلة ) التي لم تبلغ ، قال القرطبي في "المفهم": (الجارية في النساء كالغلام في الرجال، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما).ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم ( متغش بثوبه ) كما في رواية البخاري (934) لا ينظر إليهما .


وتأمل قول ابن القيم: فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان، وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب، وكان اليوم يوم عيد، فتوسع حزب الشيطان في ذلك إلى صوتِ امرأةٍ جميلة أجنبيةٍ، أو صبي أمرد صوته فتنة، وصورته فتنة، يغني بما يدعو إلى الزنى والفجور وشرب الخمور مع آلات اللهو التي حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع التصفيق والرقص وتلك الهيئة المنكرة التي لا يستحلها أحد من أهل الأديان فضلا عن أهل العلم والإيمان، ويحتجون بغناء جويريتين غير مكلفتين بنشيد الأعراب ونحوه في الشجاعة ونحوها في يوم عيد بغير شبابة ولا دف ولا رقص ولا تصفيق ويدعون المحكم الصريح لهذا المتشابه، وهذا شأن كل مبطل، نعم نحن لا نحرم ولا نكره مثل ما كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الوجه، وإنما نحرم نحن وسائر أهل العلم والإيمان السماع المخالف لذلك وبالله التوفيق"([4]).



وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبي يعلم ما في الغد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا تقولي هكذا، وقولي ما كنت تقولين).


والجواب على ذلك :


( قَالَ ابن حَجَر(قَوْله (كَمَجْلِسِك) - بِكَسْرِ اللام - أَيْ مَكَانك , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: هُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ وَرَاء حِجَاب , أَوْ كَانَ قَبْل نُزُول آيَة الْحِجَاب , أَوْ جَازَ النَّظَر لِلْحَاجَةِ أَوْ عِنْد الْأَمْن مِنْ الْفِتْنَة ا ه. وَالْأَخِير هُوَ الْمُعْتَمَد , وَالَّذِي وَضَحَ لَنَا بِالأَدِلَّةِ الْقَوِيَّة أَنَّ مِنْ خَصَائِص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَاز الْخَلْوَة بِالأَجْنَبِيَّةِ وَالنَّظَر إِلَيْهَا , وَهُوَ الْجَوَاب الصَّحِيح عَنْ قِصَّة أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَان فِي دُخُوله عَلَيْهَا وَنَوْمه عِنْدهَا وَتَفْلِيَتهَا رَأْسه وَلَمْ يَكُنْ بَيْنهمَا مَحْرَمِيّة وَلا زَوْجِيَّة))([5]).


واعترض القارىء في المرقاة على كلام الحافظ هذا فَقَالَ(هذا غريبٌ فإنَّ الحَدِيثَ لا دلالة فيه على كشف وجهها، ولا على الخلوة بها، بل ينافيها مقام الزفاف، وكذا قولها: فجعلت جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ))([6]).


قلتُ: وَما قاله القاريء بينٌ واضحٌ، فأين التنصيص على الخلوة؟ وكذلك أين كشف الوجه؟.


وقولها (فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي) لا يلزم منه أنّه جلس على فراشها معها، وليس فيه بيان لمجلسها من حيث القرب والبعد، بل قولها لخالد (كَمَجْلِسِكَ مِنِّي) يُشعر بالبعد لأنَّ خَالِد بْن ذَكْوَانَ ليس محرماً لها، فلا بدَّ أنْ يكون مجلسه منها بعيداً، والله أعلم. ) [7]


إذن لا يعني دخول النبي صلى الله عليه وسلم وجلوسه في مجلسها أنها كانت جالسة معه صلى الله عليه وسلم ، لأن النصوص الشرعية قاطعة في حرمة الدخول على النساء الأجنبيات


1 ـ قوله تعالى ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) [الأحزاب:53] قال ابن جرير في تفسيره: (أي من وراء ستر بينكم وبينهن ولا تدخلوا عليهن بيوتهن). وقال ابن كثير في تفسيره ([8]): (أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب).


ـ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ « الْحَمْوُ الْمَوْتُ » ([9]).


ـ عن عروة بن الزبير، عن عائشة؛ أنها أخبرته؛ أنَّ أفلح، أخا أبي القُعَيْس، جاء يستأذن عليها‏.‏ وهو عمها من الرضاعة‏.‏ بعد أن أنزل الحجاب،.‏ قالت‏:‏ فأبيت أن آذن له‏.‏ فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت‏.‏ فأمرني أن آذن له علي([10])‏.‏


فعائشة أبت عليه الدخول لأنه متقرر عندها أن هذا لا يجوز.


وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.


قلت: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.


والجواب على ذلك :


( أم صبية محكومة بحكم الإماء، فهي جارية من جواري عائشة، كما رواه البيهقي في "الدعوات" (1/135) من طريق محمد بن إسماعيل عن عبدالله بن سلمة عن أبيه عن أم صبية الجهنية وكانت جارية لعائشة رضي الله عنهما.


وجارية الزوجة لا تحتجب من زوجها، وبه ينتقض فهمه .


وجاء عند الواقدي في السير قال: حدثني عمر بن صالح بن نافع حدثتني سودة بنت أبي ضبيس الجهني أن أم صبية الجهنية قالت: كنا نكون على عهد النبي وعهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تجاللن وربما غزلنا فيه فقال عمر لأردنكن حرائر فأخرجنا منه.


وفي الخبر فائدتان :


الأولى أنها متجالة يعني كبيرة .


والثانية: أنها لم تأخذ حكم الحرائر إلا زمن عمر رضي الله عنه.


وجزم مُغلطاي في شرحه لسنن ابن ماجه (1/217). في كونها من الموالي، والأمة ليست مأمورة بالحجاب في الإسلام، ومع ذا فقد قال الطحاوي بعد روايته للحديث (1/25): ( في هذا دليل على أن أحدهما قد كان يأخذ من الماء بعد صاحبه). ) [11]



عن ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
وفي رواية بلفظ: (أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه).
قلت: أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا).
قلت: أخرجها أبو داود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموما، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموما.


والجواب على ذلك :


1 ـ أن الحادثة وقعت قبل فرض الحجاب ، فلا يسوغ الاستدلال بها ، قال ابن حجر ([12]): (الأولى أن يقال لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم). وذكر ابن الجوزي في تاريخ عمر ص 113 عن أبي سلامة : انتهيت إلى عمر وهو يضرب رجالا ونساء في الحرم على حوض يتوضئون منه حتى فرق بينهم ، ثم قال : يا فلان : قلت : لبيك ، قال لا لبيك ولا سعديك ! ألم آمرك أن تتخذ حياضا للرجال وحياضا للنساء )


2 ـ قال الشيخ الطريفي ـ وفقه الله ـ : (فلا أدري كيف يفهم ذلك، فكيف يقول النبي عن الصلاة: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها .." وهو قد جمعهم قبل الصلاة يتوضؤون جميعاً، ثم يفرقهم وقت الصلاة، ولا ريب أن من فهم هذا الفَهم أساء بالنبي فهماً وتشريعاً، والمقصود به غير هذا المعنى.


يُفسر هذا الأثر ما رواه عبدالرزاق في "مصنفه" وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار": عن ابن جريج، قال: سألت عطاء عن الوضوء الذي بباب المسجد، فقال له إنسان : إن أناسا يتوضئون منه، قال: لا بأس به، قلت له : أكنت متوضئا منه ؟ قال: نعم، فراددته في ذلك ، فقال: لا بأس، قد كان على عهد ابن عباس، وهو جعله، وقد علم أنه يتوضأ منه النساء والرجال، والأسود، والأحمر، فكان لا يرى به بأساً .


يعني يتناوبون على أواني واحدة يتوضأ منها الجميع لا تتنجس المياه بكثرتهم، ولا باختلاف أجناسهم، كما يتناوب المتأخرون على الحمامات والصنابير، وليس في ذلك دلالة على اجتماعهم في ساعة واحدة، وإنما يتناوبون، والعلماء عند الاستدلال ينظرون إلى القصد من سياق الخبر وروايته، لأن الراوي إذا قصد بيان حكمٍ في حديث لم يحترز إلا له، ولهذا لم أجد أحداً من الأئمة ممن أورد هذا الحديث إلا ويورده في أبواب عدم تنجس الماء من بقايا المرأة وفضلها، لا يخرجونه عن ذلك، لأن ذلك هو الذي تسبق إليه أفهامهم عند سماع الخبر.


وما جاء في لفظ: " (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا) يعني لا نغترف اغترافاً بأواني بل الماء تنغمس الأيدي فيه يشير إلى أنه لا يتنجس بورود المرأة فيه قبلنا وهكذا يقررها الفقهاء في جميع المذاهب الأربعة .


قال إمام المدينة الزهري مبيناً ذلك: تتوضأ بفضلها كما تتوضأ بفضلك.


وعلى هذا فسره أئمة الإسلام في القرون المفضلة .)



وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة.
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز خروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم، ورد الجرحى والقتلى.


والجواب على ذلك:


1 ـ قد استقر الأمر في آخر المطاف بإعفاء النساء من الجهاد والقتال وقصره على الرجال ففي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟ قال لا ، لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري (1520) .


لما رواه ابن أبي شيبة والطبراني وغيرهما عن أم كبشة القضاعية قالت: يا رسول الله r ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا، قال: لا، قلت يا رسول الله: إنه ليس أريد أن أقاتل إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى و أسقي المرضى، قال: لولا أن تكون سنة وأن يقال فلانة خرجت لأذنت لك ولكن اجلسي)([13])


قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ: (وأخرجه ابن سعد عن ابن أبي شيبة وفي آخره: (اجلسي لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة) ويمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي أن هذا ناسخ لذاك؛ لأن ذلك كان بخيبر وقد وقع قبله بأحد كما في الصحيح من حديث البراء بن عازب وكان هذا بعد الفتح) ([14])


2 ـ أن هذا محمول على الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها،قال ابن حجر([15]) (وفيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة، قال ابن بطال ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه بل يقشعر منه الجلد فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كالزهري وفي قول الأكثر تيمم وقال الأوزاعي تدفن كما هي قال بن المنير الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة والمداواة ضرورة والضرورات تبيح المحظورات)


وقال الشوكاني([16]): (وهكذا يكون حال المرأة في رد القتلى والجرحى فلا تباشر بالمس مع إمكان ما هو دونه).


3ـ أن غالب المواقف التي يستدل بها كانت قبل فرض الحجاب فتأمل ذلك .


4ـ أن يكون خروجها مع محرمها، ومن ذلك:


عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْعِيدِ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ فَأَتَيْتُهَا فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً فَكَانَتْ أُخْتُهَا مَعَهُ فِي سِتِّ غَزَوَاتٍ..)([17]) رواه البخاري.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قَالَتْ نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ..) إلى أن قال: (فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيًا..)([18]) رواه البخاري ومسلم.


قال ابن عبد البر ([19]) : (حديث أنس أن النبي - عليه السلام - كان يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى، وحديث الربيع بنت معوذ بن عفراء أنه قيل لها هل كنتن تخرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو ؟ قالت: نعم كنا نخرج معه نسقي الجرحى ونداويهم، وهذا كله مقيد بقوله عليه السلام: (لا تسافر المرأة مسيرة يوم وليلة إلا مع زوجها أو ذي محرم منها)


أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ نساءه في معركة الخندق ([20])؛ بل جعلهن في أطم من آطام المدينة فكيف لا يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم الفاضل لنسائه ويأخذهن للجهاد لمداواة الجرحى وسقاية القوم ؟!! مما يدل على أن الأصل هو الاستغناء عن النساء في المعارك.


كراهية أهل العلم لدخول النساء في المعارك، قال ابن قدامة ([21]): (يكره دخول النساء الشواب أرض العدو لأنهن لسن من أهل القتال وقلما ينتفع بهن فيه لاستيلاء الخور والجبن عليهن ولا يؤمن ظفر العدو بهن فيستحلون ما حرم الله منهن وقد روى حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادسة ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا منه الغضب فقال مع من خرجتن فقلنا يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ونعين به في سبيل الله ومعنا دواء للجرحى ونناول السهام ونسقي السويق فقال قمن حتى إذا فتح الله خيبر أسهم لنا، كما أسهم للرجال فقلت لها يا جدة ما كان ذلك قالت تمرا، قيل للأوزاعي هل كانوا يغزون معهم بالنساء في الصوائف؟ قال: لا إلا بالجواري، فأما المرأة الطاعنة في السن وهي الكبيرة إذا كان فيها نفع مثل سقي الماء ومعالجة الجرحى فلا بأس به لما روينا من الخبر وكانت أم سليم ونسيبة بنت كعب تغزوان مع النبي صلى الله عليه وسلم فأما نسيبه فكانت تقاتل وقطعت يدها يوم اليمامة وقالت الربيع كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم لسقي الماء ومعالجة الجرحى


عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مَعَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ يَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى([22]))رواه الترمذي وصححه.


فإن قيل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج معه من تقع عليها القرعة من نسائه وخرج بعائشة مرات قيل تلك امرأة واحدة يأخذها لحاجته إليها ويجوز مثل ذلك للأمير عند حاجته ولا يرخص لسائر الرعية لئلا يفضي إلى ما ذكرنا)


وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: (وقد يتعلق بعض دعاة الاختلاط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي لا يدرك مغزاها ومرماها إلا من نور الله قلبه وتفقه في دين الله وضم الأدلة الشرعية بعضها إلى بعض وكانت في تصوره وحدة لا يتجزأ بعضها عن بعض.


ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، والجواب عن ذلك:


أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة لا يترتب عليه ما يخشى عليهن من الفساد لإيمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن بالحجاب بعد نزول آيته بخلاف حال الكثير من نساء العصر، ومعلوم أن خروج المرأة من بيتها إلى العلم يختلف تماماً عن الحالة التي خرجن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو. فقياس هذه على تلك يعتبر قياساً مع الفارق. وأيضاً فما الذي فهمه السلف الصالح حول هذا وهم لاشك أدرى بمعاني النصوص من غيرهم وأقرب إلى التطبيق العملي بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فما هو الذي نقل عنهم على مدار الزمن؟ هل وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الاختلاط فنقلوا ما ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من ميادين الرجال؛ تزاحمهم ويزاحمونها وتختلط معهم ويختلطون معها؟ أم أنهم فهموا أن تلك قضايا معينة لا تتعداها إلى غيرها؟


وإذا استعرضنا الفتوحات الإسلامية والغزوات على مدار التاريخ لم نجد هذه الظاهرة، أما ما يدعى في هذا العصر من إدخالها كجندي يحمل السلاح ويقاتل كالرجال فهو لا يتعدى أن يكون وسيلة لإفساد وتذويب أخلاق الجيوش باسم الترفيه عن الجنود لأن طبيعة الرجل إذا التقت مع طبيعة المرأة كان منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من الميل والأنس والاستراحة إلى الحديث والكلام، وبعض الشيء يجر إلى بعض، وإغلاق باب الفتنة أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل.)


أين الجهاد الذي يدعو إليه دعاة الاختلاط لمشاركة نساء المسلمين فيه وأن يفتح باب التطوع ـ ولو توافر الرجال ـ للمشاركة لمن آنست من نفسها قوة وهمة..ألا يفرق بين أن تدخل المرأة سلك الجندية النظامية لتصبح ضابطة في الجيش أو حارسة أو نحوها من الأعمال وبين أن تذهب المرأة مع زوجها ومحرمها لتشارك في الجهاد إن وجد ؟!!


جميع اللاتي شاركن في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز عددهن الثلاثين مما يدل على أن النساء ما كن يخرجن إلا تبعاً لأزواجهن كرسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج معه من خرج سهامها وإلا فالأصل أن تبقى الأم لرعاية الأمانة الكبرى في تربية الأبناء ورعايتهم.


فممن ذكر أنهن شاركن: عائشة رضي الله عنها، وأم سليم، أم سليط، الربيع بنت معوذ، أم عطية، أم سنان الأسلمية، أم أيمن، سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كعبية بنت سعد، أم مطاع، أم عامر الأشهلية، أم الضحاك بنت مسعود، هند بنت عمرو، أم عمارة، أم العلاء الأنصارية.


وأخيرا .. كثيراً من هذه الإشكالات التي تورد على الأحاديث الصحيحة إنّما هي إشكالات تعرض نتيجةً لضعفِ التسليم لله ولرسوله r، أو لقلة العلم، أو لضعف الديانة، أو لنصرة مذهب وقول، وكلما بعد الزمان أثيرت شبهات وإشكالات متوهمة لم تكن عند السلف الصالح وهذا مصداق لقوله (لا يَأْتِي زَمَانٌ إِلا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ))([23])، ولقوله (إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا))([24])، وقد كان العلماء السابقون يقرأون هذه الأحاديث الصحيحة ولا يقفون عندها لقوة التسليم لله ولرسوله r، ومتانة العلم والبصيرة، وقوة الديانة وصلابتها، وسلامة الفطر، قَالَ تعالى { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } نسأل الله أن يرزقنا نورا يملأ قلوبنا يقينا وتسليماً.


ولله در الشاطبيُّ حيث قَالَ(ولذلك لا تجد فرقةً من الفرقِ الضالة ولا أحد من المختلفين في الأحكام لا الفروعية ولا الأصولية يعجز عن الاستدلال على مذهبه بظواهر من الأدلة، وقد مرّ من ذلك أمثلة، بل قد شاهدنا ورأينا من الفساق من يستدل على مسائل الفسق بأدلة ينسبها إلى الشريعة المنزهة، وفى كتب التواريخ والأخبار من ذلك أطراف ما أشنعها في الافتئات على الشريعة، وانظر في مسألة التداوي من الخمار في درة الغواص للحريري وأشباهها بل قد استدل بعض النصارى على صحة ما هم عليه الآن بالقرآن ثم تحيل فاستدل على أنهم مع ذلك كالمسلمين في التوحيد سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا)).


-----------------------------
[1]- في شرحه على صحيح مسلم (13/177)
[2]- (3/304)
[3]-ورقمه (4882)
([4]) إغاثة اللهفان (1/257).
([5])فتح الباري (9/203).
([6]) مرقاة المفاتيح (3/419).
[7] ـ ينظر : كتاب إشكال وجوابه ص 46 للدكتور علي الصياح ـ مهم ـ .
[8]- (3/506)
[9] ـ رواه البخاري ورقمه (5232) ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه .
[10]- رواه مسلم ورقمه (1445)
[11] ـ قاله الشيخ عبدالعزيز الطريفي في رده على الكاتب المذكور .
[12]- في الفتح (1/300)
[13] ـ رواه ابن أبي شيبة (32987) والطبراني في الكبير (20428) قال في المجمع (5/324): (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح ) .
[14] ـ الإصابة (8/283) .
[15] ـ في فتح الباري (6/ 80)
1- في نيل الأوطار (8/ 63)
1- ورقمه (980)
2 ـ البخاري (2800) ومسلم (1912)
[19]- في الاستذكار (1/302)
[20]- رواه الحاكم (4/56) من حديث صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها ، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
[21]- في المغني (9/174)
[22]- ورقمه (1575)
([23])أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه (6/2591رقم6657) من حَدِيث أنس بن مالك رضي الله عنه .
([24])أخرجه: البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم (1/50رقم100)، ومسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم (4/2058رقم2673) من حَدِيث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه .



صيد الفوائد

همي الدعوه
25 Dec 2009, 10:53 PM
بيان من علماء قبيلة غامد عن ما سطره الغامدي في الاختلاط
إيجاز:

أصدر أهل العلم من قبيلة غامد بياناً، أدانوا فيه تصريح أحمد قاسم الغامدي الذي أحل فيه الاختلاط، وقالوا إن ما صدر منه فيه جهل بأحكام الشرع ، ونقص في الأهلية في كيفية التعامل مع الأدلة واستنباط الأحكام ، ومخالفة صريحة لما أفتى به المفتون الرسميون للملكة العربية السعودية، وقالوا: إن المتتبع للمقال يلحظ جرأة الكاتب في تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة ، والتقليل من شأن فهم الصحابة رضوان الله عليهم ، وانتقاء ما يراه بزعمه يؤيد ما توصل إليه في مقاله من إباحة اختلاط الرجال بالنساء الأجانب في جميع المجالات ، وتجاهله للأدلة الصريحة في حرمة ذلك.
وقالوا: أنا لا نعلم له تخصصا شرعيا ، والشهادة التي حصل عليها في الدكتوراه ليست في العلم الشرعي.
وطالب العلماء أحمد قاسم بالتوبة، وطالبوا معالي رئيس الهيئات بالأخذ على يدي الكاتب، وإذا كان هناك رغبة في بقائه فيعطى العمل الذي يناسب اختصاصه، وإلا فإن تثبيته في عمل الحسبة من باب إسناد الأمر إلى غير أهله.
وفي نهاية بيانهم تبرأ علماء غامد لله من أعمال أحمد قاسم وأقوله.
وإليكم البيان كاملاً:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله وصحبه أجمعين وبعد :
فهذا بيان من أهل العلم من قبيلة غامد عن ما سطره المدعو: أحمد قاسم الغامدي حول موضوع الاختلاط الذي قامت بنشره صحيفة عكاظ بتاريخ 23-24 /12/1430هـ .
ونقول ما يلي :
أولاً :- أن الله تعالى أخذ العهد والميثاق على أهل العلم أن يبينوه ولا يكتموه إبراءً للذمة ونصحاً للأمة . قال الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة:174].
ثانياً :- أن ما صدر عن المذكور في موضوع الاختلاط مشتمل على أغلاط وتخليط ، وجهل بأحكام الشرع ، ونقص في الأهلية في كيفية التعامل مع الأدلة واستنباط الأحكام ، كما أن فيه جرءةً وافتياتاً على أهل العلم ، ومصادرة لأقوالهم وآرائهم ، منذ زمن الصحابة رضوان الله عليهم حتى زماننا الذي نعيش فيه ، وقبل ذلك فيه تعد على الله تعالى إذ يقول سبحانه { وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ }[النحل:116] ، وقال تعالى { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }[الحج
والأدلة على تحريم اختلاط الرجال بالنساء كثيرة تبلغ حد التواتر ونقتصر على بعض الأدلة من الكتاب ومن السنة والإجماع :
• قال الله تعالى { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }[الأحزاب:153] وهذا في حق أمهات المؤمنين فغيرهن من باب أولى .
• وقوله تعالى{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (31 ) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }[النور] ، وفيها أمر صريح بغض البصر ، والاختلاط بين الرجال والنساء يفضي إلى الوقوع في النظر لبعضهم ومخالفة أمر الله عز وجل .
• وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال : إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ .
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟
قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ.
• ولقد تنبهت أم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إلى خطر تساهل المرأة في خروجها من بيتها فقالت : ( لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِى إِسْرَائِيلَ ) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين .
• وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى النساء أن يتوسطن الطريق ويأمرهن بلزوم حافاته حذرا من الاختلاط بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم بعضا أثناء السير في الطريق ، فعن أبي أسيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال بالنساء في الطريق : (( اسْتَأْخِرْنَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ )) ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ .
رواه أبو داود في سننه في كتاب (الأدب)، باب (في مشي النساء مع الرجال في الطريق)، الحديث رقم (5272) ج4 ص369، وقد حسنه الألباني في (صحيح الجامع الصغير) برقم (942) ج1 ص317 تحققن الطريق: أي تتوسطنه. انظر: لسان العرب، مادة (حقق) .
• والمتتبع لما ذكره أهل العلم يفيد أن علماء الأمة المعتبرين في كل عصر ومصر مجمعون على تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وخاصة في دور التعليم فمن خالف ذلك فهو خارق للإجماع وخارج عن الجماعة وقوله يعد شاذاً .
ثالثاً :- مخالفته الصريحة لما أفتى به المفتون الرسميون للملكة العربية السعودية ، الذين لا يزن عندهم كاتب المقال مثقال ذرة ، في علمهم واجتهادهم في الفتوى ، ولا مكانتهم ، ولا منزلتهم التي عينتهم الدولة فيها كمفتين للبلاد :
1- فتوى سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
عندما سئل عن حكم اختلاط النساء بالرجال في المستشفيات قال رحمه الله : ( وذلك أن الرجال والنساء الذين يرتادون المستشفيات للعلاج ينبغي أن يكون لكل منهم قسم خاص من المستشفى ، فقسم الرجال لا يقربه النساء بحال ، ومثله قسم النساء ، حتى تؤمن المفسدة ، وتسير مستشفيات البلاد على وضع سليم من كل شبهة ، موافقاً لبيئة البلاد ودينها وطبائع أهلها ، وهذا لا يكلف شيئاً ، ولا يوجب التزامات مالية أكثر مما كان ، فإن الإدارة واحدة ، والتكاليف واحدة ، مع أن ذلك متعين شرعاً مهما كلف ) أهـ . ( فتاوى الشيخ 13/221)
وكذلك فتواه المطولة في تحريم الاختلاط واضحة وجلية ونحيل للرجوع إليها ( فتاوى الشيخ 2/ 82-93) .
2- فتوى سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله
حول توظيف النساء في الدوائر الحكومية وتحريمه للاختلاط بين الرجال والنساء وهي مطولة ويمكن الرجوع إليها في موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ، (6/276) من فتاوى الشيخ ابن باز .
وفتوى سماحته أيضاً في تحريم الاختلاط في الدراسة ونحيل للرجوع اليها .(فتاوى اللجنة الدائمة 17/54)
3- فتوى سماحة مفتي المملكة المعاصر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله
سئل الشيخ ضمن اللجنة الدائمة عن الاختلاط فتوى ( رقم 17929 ) ونصها : ( الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس وغيرها من المنكرات العظيمة والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا ، فلا يجوز للمرأة أن تدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء ، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك ) أهـ .
4- فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
- الفتوى ( رقم 2922) ونصها : ( اختلاط البنين والبنات في الدراسة حرام ) . وقع عليها أصحاب السماحة والفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد العزيز بن باز .
• الفتوى (رقم 6758) ونصها ( اختلاط النساء والرجال في التعليم حرام ومنكر عظيم)
• الفتوى ( رقم 13947) سؤال عن حكم تدريس الرجال للفتيات ونصها : ( لا يجوز للرجال تدريس البنات مباشرة لما في ذلك من الخطر العظيم والعواقب الوخيمة ) .
• الفتوى رقم ( 4945 ) س2: ما حكم المرأة التي تعمل وهي متزوجة؟
ج2: لا يجوز للمرأة العمل مع الاختلاط بالرجال ، سواء المتزوجة وغيرها ؛ لأن الله -سبحانه- جبل الرجال على الميل إلى النساء ، والنساء جبلهن على الميل إلى الرجال ، مع وجود ضعف فيهن ، فإذا حصل الاختلاط وقعت الفتنة ، وصار سببا في وقوع الفساد ؛ لأن النفس أمارة بالسوء .
لكن يجوز العمل في محيط ليس فيه اختلاط بالرجال بإذن زوجها، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء . أصحاب السماحة والفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.انتهى.
مع العلم أن الإسلام قد أكرم المرأة ،والتاريخ أكبر شاهد للنساء الصالحات اللاتي ساهمن في رقي المجتمعات ، وشاركن في نهضة الأمة ، مع المحافظة على المهمة العظيمة التي خُلقن من أجلها ، فجمعن بين أحكام الدين ، والقيام بمهام الدنيا ، فمنهن التاجرات العفيفات ، كخديجة بنت خويلد ، ومنهن المفتيات للأمَّة ، والحافظات للسنَّة ، كعائشة بنت أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، ومنهن الشاعرات الباهرات (كالخنساء) ، ومنهن المحدثات المسندات ككريمة المروزية ، وغيرهن كثيرات سلفًا وخلفًا ، فما نُقل عنهن أنهن تبرجن تبرج الجاهلية الأولى , أو تمردن على الحجاب , أو خرجن عن الحياء والحشمة والعفاف ، أوتعرضن للفتنة ، لأنهن جميعًا يعملن بما يعلمن من قول الله { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }, ويعملن بقوله تعالى { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ }
رابعاً :- جهل أحمد قاسم بأنظمة المملكة والمراسيم الملكية السامية الصادرة من ولاة الأمر وتعليمات صاحب السمو الملكي وزير الداخلية التي صدرت في شأن اختلاط الرجال بالنساء ، أو علمه بها مع الإعراض عنها وتجاهلها ، خاصة أنه ملزم أولاً بتطبيقها ، ومسؤول ومحاسب على تنفيذها ؛ إلا أنه يخالفها ، وهذا خطر إداري فاحش .
1- جاء في نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم الملكي رقم ( م / 37 ) وتاريخ 26/10/1400هـ المنشور في صحيفة أم القرى في عددها
رقم (2853) في 17/3/1401هـ ما ورد بالفقرة الثالثة من المادة الأولى بالباب الأول : واجبات الهيئة والتي نصت :
ثالثاً : مراقبة الأسواق العامة والطرقات والحدائق وغير ذلك من الأماكن العامة والحيلولة دون وقوع المنكرات الشرعية الآتية :
1- الاختلاط والتبرج المحرمين شرعاً .
وجاء في اللائحة الداخلية لتنظيم أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التفسير الآتي للمادة السابقة : ويقصد بالاختلاط التجمع بين الرجال والنساء الذي يؤدي إلى مفسدة ظاهرة . أهـ
فما ندري هل أحمد قاسم وهو مكلف بالإنابة ليقوم بعمل مدير فرع الرئاسة بمكة قد أطلع على هذا النظام أو لا ؟!! ، والأصل أنه مطلع على ذلك ، وبدون شك ما ورد في مقاله رد للأمر السامي واعتراض عليه وعلى اللائحة المفسرة للنظام ، ونحن وبكل أسف نرى أن تعيين مثله في الهيئة سُبَّةٌ وعارٌ فضلاً عن تكليفه بإدارة الفرع ، ثم إن اختصاصه في دراسته الجامعية والعليا لا علاقة له بالعلم الشرعي ، المُؤَهِّلِ لِتَقلُدِ مثل هذا المنصب لا من قريب ولا من بعيد .
2- مخالفته الصريحة لما ورد في الأمر السامي من خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء
(( رقم 2966/م بتاريخ 19/9/1404هـ: ونصه :
((نشير إلى الأمر التعميمي رقم 11651 في 16/5/1403هـ المتضمن أن السماح للمرأة بالعمل الذي يؤدي إلى اختلاطها بالرجال سواء في الإدارات الحكومية أو غيرها من المؤسسات العامة أو الخاصة أو الشركات أو المهن ونحوها أمر غير ممكن ، سواء كانت سعودية أو غير سعودية ، لأن ذلك محرم شرعاً ، ويتنافى مع عادات وتقاليد هذه البلاد ، وإذا كان يوجد دائرة تقوم بتشغيل المرأة في غير الأعمال التي تناسب طبيعتها أو في أعمال تؤدي إلى اختلاطها بالرجال، فهذا خطأ يجب تلافيه ، وعلى الجهات الرقابية ملاحظة ذلك والرفع عنه )) .
وأكد ذلك بأمره السامي ( رقم 759/8 ) في 5/10/1421هـ
3- مخالفته للأمر السامي رقم (1631/8 ) بتاريخ 17/9/1400هـ ( والذي يقضي بمنع الاختلاط في المطاعم ، وعدم السماح للرجال بخدمة النساء في حفلات الزواج التي تقام في الفنادق ، ومنع المشتبه فيهم من دخول المطاعم ) .
4- مخالفته للأمر السامي الصادر من نائب رئيس مجلس الوزراء رقم ( 1960/8 )
في 27/12/1399هـ ( بشأن منع المرأة من الاختلاط بالرجال في مجال العمل )
5- مخالفته لتعليمات وزارة الداخلية والتي تقضي بمنع اختلاط النساء بالرجال في الفنادق والأسواق والملاهي والشواطئ .
خامساً :- إن المتتبع للمقال يلحظ جرأة الكاتب في تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة ، والتقليل من شأن فهم الصحابة رضوان الله عليهم ، وانتقاء ما يراه بزعمه يؤيد ما توصل إليه في مقاله من إباحة اختلاط الرجال بالنساء الأجانب في جميع المجالات ، وتجاهله للأدلة الصريحة في حرمة ذلك ، من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وإجماع علماء الأمة ، مما يخالف قوله وينقضه من أصله ، مما يستحق معه أن يلاحق قضائياً ، ويحتسب عليه في ذلك لو كان فرداً عادياً ؛ فكيف وهو من منسوبي جهاز الهيئة ، بل ومكلف بإدارة فرع منطقة مكة المكرمة .
سادساً :- إن الذين عاشروا كاتب المقال ، وعملوا معه زملاء ، يذكرون أن أحمد قاسم مضطرب ومتناقض في قراراته ومن ذلك :
1- منع أولاده من دخول مدارس الدولة واستمر ذلك بضع سنين حتى أقنعه بعض المشايخ بالعدول عن رأيه المتطرف .
2- أنا لا نعلم له تخصصا شرعيا ولا يعرف بملازمة وثني ركب عند أهل العلم ، مع العلم أن تخصصه محاسبه وقد جاء للهيئة بوظيفة محاسب ، والشهادة التي حصل عليها في الدكتوراة ليست في العلم الشرعي وهي غير معترف بها أكاديميا في المملكة العربية السعودية .
3- كان متشدداً في قضايا الاختلاط وأصدر أوامر قبض وتحقيق ، مما ترتب على ذلك صدور أحكام في بعض الوقوعات ، والآن يفتح الباب على مصراعيه ، ويفتي بحله في أي مجال حتى في التعليم ، وعمله هذا يوقع أفراد المجتمع في أمر مريج ، فماذا يأخذون عنه كرجل هيئة؟!
أيأخذون بفعله القديم في الإنكار عليهم ، أم بقوله الجديد في إباحة وتحليل ما كان يؤاخذهم عليه ويأخذهم به ؟! .
بل إن اختياراته المزاجية الشاذة توقع جهاز الحسبة والإفتاء والقضاء وأهل العلم في مواجهة مع الناس ، لاسيما أنه متقلد منصباً إدارياً عالياً في جهاز الحسبة .
وقد شكى كثير من الناس ما أحدثه مقاله من البلبلة والتشكيك في حكم الاختلاط المحرم شرعاً بالمنقول والمعقول .
سابعاً :
ما نطالب به :-
1- نطالب الأخ أحمد قاسم بالتوبة والأوبة ، والرجوع إلى الله تعالى ، وإعلان ذلك في نفس الصحيفة التي نشرت مقاليه فيها ، وليس عيباً إذا تبين للرجل الحق أن يرجع إليه فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .
2- نطالب المسئولين عن الكتابة في الصحف خاصة ووسائل الإعلام عامة أن يحافظوا على الأمانة الإعلامية ، بأن يحسنوا الاختيار عند إرادة الحديث عن أمور الدين الإسلامي ، ولا يعطى السماح والإذن إلا لمن هو أهل لذلك ، وعدم الترويج للآراء الفردية والفتاوى الشخصية باسم المؤسسات الرسمية ؛ مما يحدث الفتنة ، ويثير البلية والتشويش على ما استقر عند الناس .
3- نطالب معالي رئيس الهيئات بالأخذ على يدي الكاتب ، وإذا كان هناك رغبة في بقائه فيعطى العمل الذي يناسب اختصاصه ، وإلا فإن تثبيته في عمل الحسبة من باب إسناد الأمر إلى غير أهله ، كما يجب محاسبته لمخالفته ومعارضته للأنظمة واللوائح المنصوص عليها أعلاه
بناءً على ما نصت عليه الأنظمة الخاصة بمخالفة الموظفين ومحاسبتهم، كما أنه من المعلوم أنه لا يُصَرِّحُ للصحف أي موظف قبل الرجوع وأخذ الأذن من رئيسه ، ولا يعقل أن معالي الرئيس قد سمح له بهذه التصريحات ، مع أن هذه التصريحات عند العامة محسوبة على جهاز الهيئة ورؤسائها .
ثامناً :- ما صدر عن كاتب المقال المذكور إنما يمثل رأيه الخاص به ، وإن طلاب العلم والدعاة والمحتسبين من قبيلة غامد يبرؤون إلى الله من عمله وقوله ، حتى يظهر توبته ويرجع إلى الصواب ، ويتوب الله على من تاب .
هذا ما جرى تحريره إبراءً للذمة ونصحاً للأمة وتحذيراً لمن تسول له نفسه أن يتعدى على ثوابت دين الإسلام والله الهادي إلى سواء السبيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين .
المـوقـعـو ن:
1-الشيخ : أ. د . علي بن سعيد الحجاج الغامدي
رئيس قسم الدعوة والاحتساب بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة النبوية والمدرس بالمسجد النبوي الشريف ( سابقا )
2- الشيخ إبراهيم بن مسلم الحزنوي الغامدي
تلميذ الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، والمدرس بالمعهد العلمي ببلجرشي ،وإمام وخطيب الجامع القديم ببلجرشي .(سابقا)
3- الشيخ محمد بن سعد الفقيه البركي الغامدي
الفقيه المؤرخ ….وأستاذ الأجيال القدير .
4 - الشيخ الداعية المحدث: علي بن عبد الرحيم الغامدي
مدير مركز الدعوة والإرشاد بجدة ( سابقا)
5 – الشيخ :د . عبد الله بن علي بن أحمد الغامدي
رئيس قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى ( سابقا )
6 - الشيخ :ذياب بن سعدآل حمدان الغامدي
الباحث الشرعي ، وصاحب المؤلفات المشهورة.
7 - الشيخ : د. مسفر بن دماس الغامدي
أستاذ مشارك بمعهد إعداد الدعاة برابطة العالم الإسلامي ، وعميد كلية المعلمين سابقا بالباحة.
8- الشيخ : د. أحمد بن سعد الغامدي
الداعية المعروف .والمربي الفاضل
9- الشيخ : د.حامد بن مسفر غرابان الغامدي
رئيس قسم الدراسات القرآنية بجامعة الباحة.
10- الشيخ :د . احمد بن محمد بن علي العمودي الغامدي
داعية بمدينة بلجرشي
11- الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله غبيشة الغامدي
رئيس مركز الهيئة في الرويس بجدة ( سابقا) وعضو لجنة الإصلاح بالمحكمة الكبرى بجدة.
12 ـ الشيخ : عبد الله بن أحمد العلاف الغامدي
كاتب وداعية بمنطقة الطائف .
13 - الشيخ :د . سعيد بن احمد الافندي الغامدي
الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز
14- الشيخ : عبد الله بن سفر آل عبادة العبدلي الغامدي
داعية وكاتب بمنطقة الطائف.
15 - الشيخ :عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
خطيب جامع الملك عبد العزيز بالبلد في جدة
16- الشيخ :عبدالله بن علي بن عبدالله الحوالي الغامدي.
المدرس بالمعهد العلمي بالرياض
17 - الشيخ : محمد بن حامد آل عثمان الغامدي
داعية وكاتب
18- الشيخ: عبد الله بن محمد آل يحيى الغامدي
إمام وخطيب مسجد خديجة بغلف بجدة.
19- الشيخ : خضر بن صالح بن سند الغامدي
إمام وخطيب جامع الملك عبدالعزيز بمدينة الحجاج بجدة
20- الشيخ :عبدالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي
المشرف العام على موقع ملتقى أهل الحديث .
21- الشيخ: د . موفق بن عبدالله بن كدسة الغامدي
الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة.

همي الدعوه
30 Dec 2009, 01:40 PM
في بيان تلقته "خبر" : شباب السعودية يستنكرون تصريحات د الغامدي حول "الإختلاط"
الرياض : متابعة: تركي الطلحي



ردّ عدد من الشباب على تصريحات د احمد قاسم الغامدي الأخيرة بخصوص السماح بالإختلاط ، وتلقت خبر نسخة من البيان واستغربوا من خلاله ما تم نشره في صحيفة عكاظ من تصريحات للغامدي حول الاختلاط وفيما يلي نص البيان :



بيان شباب السعودية في تصريح


الدكتور أحمد قاسم الغامدي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف رسل الله أجمعين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين أما بعد :
فإن شباب الأمة الإسلامية هم عمادها ، وهم رجال مستقبلها ، فكلما صلح الشباب صلحت الأمة وكل ما فسدوا وانحرفوا فسدت الأمة وتغير مجرى طريقها إلى الانحلال والضلال ..
وكما هو معلوم ومشاهد في هذا الزمان كثرة طرق الفساد والإفساد من قنوات تبث سموم الشهوات ، وصحف تنشر سموم الشبهات ، ومواقع منحرفة تجمع بينهما ،، كل ذلك وغيره يريد دعاة الرذيلة والمجون منه إفسادنا نحن الشباب ..و إفساد أخلاقنا وأفكارنا ومعتقداتنا ..
و قد استغربنا نحن الشباب من تصريح نشرته صحيفة عكاظ في لقاء مطول مع الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي رئيس هيئة منطقة مكة المكرمة بعنوان " الاخـتـلاط مصطلح جديد والأدلة الشرعية ترد بقوة على من يحرمه " .
ذكر فيه الدكتور أحمد الغامدي آراء غريبة حول جواز الاختلاط مستدلاً بأحاديث ضعيفة أو أحاديث صحيحة ليست صريحة أو صحيحة ولكنها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر العلماء ذلك ، وهذا التصريح الذي نشر كان له أكبر الأثر السلبي علينا وإحداث صدمة قوية على شرائح متعددة من الشباب ، ونحن نحسب أن مثل هذه اللقاءات هي جزء من غزو فكري لإفساد أخلاق الشباب و لا حول ولا قوة إلا بالله ، سواءًا قصد الدكتور ذلك من خلاله أو لم يقصده .
لذلك نطالب نحن القائمين على شبكة ومنتديات صدى شباب نيابةً عن شباب المملكة العربية السعودية من علمائنا الأجلاء ودعاتنا الفضلاء حفظهم الله إصدار بيان موحد حول هذه القضية وغيرها من القضايا المعاصرة التي تمسنا نحن الشباب بصورة مباشرة ، وتمس مجتمعنا المحافظ .
ونطالب بالرد الشافي والكافي لمثل هذه التصريحات التي قد تشوش على الشباب ذكراناً وإناثاً من أي أحد كان مصدرها .
كما نطالب أيضا جميع الدوائر الحكومية المعنية بخدمة الشباب ورعايتهم بمساعدتهم والوقوف معهم في مثل هذه الأوقات الحرجة التي يمر بها العالم ، وذلك بحمايتهم فكرياً ودينياً ووطنياً واجتماعياً من كل المؤثرات المستجدة على الساحة ، ويكون ذلك بإيجاد مكاتب استشارية ووطنية وتعاونية ..
تستخدم وسائل التقنية المختلفة للوصول لكافة شرائح الشباب .. ويكون لها عناوين يسهل الوصول إليها .. تصب في مصلحة الشباب وقضاياهم وهمومهم .
ونقترح أيضاً إقامة دورات علمية تثقيفية توعوية مجانية ، لكافة الشباب تحميهم من كل فكر دخيل منحرف يفسد عليهم دينهم وفكرهم وأخلاقهم وثوابتهم وليكونوا بعد ذلك صالحين مصلحين لينفعوا وطنهم وأمتهم..
وأخيراً نطالب الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي وفقه الله لكل خير إعادة النظر في آراءه المنشورة في هذا اللقاء فنحن نحسن الظن به ولعله قصد مالم نفهمه نحن أو لعله أخطأ وليس عيباً أن يعود المخطئ إلى الصواب بل ذلك من الشجاعة والرجولة ..
اللهم وفق ولاة أمورنا وعلمائنا لكل خير وبر ،، واجعلهم حصناً أميناً لكل من يريد فساداً وإفساداً بالبلاد والعباد ،، واحمنا من الفتن ماظهر منها ومابطن ..


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


الموقعون على البيان


1- علي عبدالله الأبنوي المشرف العام على شبكة ومنتديات صدى شباب - جدة
2- مشاري عوض المالكي – القويعية
3- المحامي سليمان بن عجلان العجلان - الرياض
4- ظافر القرني - مشرف تربوي- طالب دكتوراه
5- علي خليل الحربي – جدة
6- فارس عبدالله الأحمدي – جدة
7- نايف عبدالله الغامدي – الرياض
8- محمد سعيد محمد – جدة
9- بكر محمد هوساوي – المدينة المنورة
10- تركي خالد البلوي – القويعية
11- عبدالرحمن محمد الشيخي – نجران
12- يحيى إبراهيم شراحيلي – تبوك
13- حسن علي عسيري – تبوك
14- محمد عيسى الزهراني – بيشة
15- عبير عبدالله الغانمي – الرياض
16- أيمن محمد عبدالله – جدة
17- أحمد أسامة عسري – الرياض
18-كمال محمد البرية – المدينة المنورة
19- عبدالرحمن طلميس الغامدي – الرياض
20 – تركي خالد المالكي – الطائف
21- بندر صالح المالكي – الطائف
22- عبدالعزيز محمد العمار – الزلفي
23- يوسف عبدالله محمد – جدة
24- أبو طلحة الحضرمي – جدة
25- محمد ياسر المنصري - ينبع
26- أحمد حامد السلمي - جدة
27- إبراهيم بن عبد الرحمن بابدر - جدة
28- بكر أحمد برناوي – مكة
29- باسل محمد الحربي - الرياض
30- ثامر غازي العنزي – الرياض
31- محمد عوض الأحمدي - بحرة
32- بندر محمد راضي الغامدي - الطائف
33- بندر مطلق الشمري – حائل
34- تركي خالد البلوي – القويعية
35- حاتم أحمد العسيري _ ابها
36- حاتم بن راشد الراشد – سكاكا
37- حامد محمد العتيبي - سكاكا
38- حسن صفوق الفيصل – سكاكا
39- حسن علي عسيري – تبوك
40- حصة عبد العزيز العنزان -الرياض
41- خالد جابر الخالدي – جيزان
42- خالد طالع الفالحي - الجوف
43- خضر علي محمد الزهراني - جدة
44-رائد حمود العتيبي - مكةالمكرمة
45- رقية على هتان – أبها
46- سالم مبارك السعيدان - الخرج
47- سعد سعيد الغانم – الجوف
48- أحمد خضران سعيد – الرياض
49- سلمان سالم الفويرس – جيزان
50- عادل أحمد العسيري – أبها
51- عبدالعزيز حمود الحارثي - مكةالمكرمة
52- عبدالرحمن دخيل السلمي – القويعية
53- عبدالرحيم عبدالرحمن الشهري - تبوك
54- عبدالله عبدالرحمن الشهري - مكةالمكرمة
55- علي عبدالكريم الطويرب – جدة
56- عبدالعزيز عبدالله حسن الأسمري - أبها
57- علي سعد شراحيلي - عرعر
58- عبدالله علي مانع - الدمام
59- عبدالله محمد العنزي – القصيم
60- عمر بن سليمان الودعان – الخبر
61- ياسر عبد الله الأبنوي – جدة
62- ياسر محمد زباني – الخرج
63- عبير عبدالله الغانمي – الرياض
64- يحيى إبراهيم شراحيلي – تبوك
65- ياسر مسعود الدوسري - حفر الباطن
66- محمد علي أبو هداية - جده
67- نايف عبدالله السليماني – الدمام
68- ماجد محمد القحطاني - سكاكا
69- محمد فهد ناصر الشهري - أبها
70- معيوض احمد الحارثي – جدة
71- عبدالعال أحمد عبدالعال – الرياض
72- محمد مناحي المطيري - عرعر
73- مشاري محمد الرويس – الدوادمي
74- هيا محمد الأسمري – الرياض
75- غادة محمد الأسمري – الرياض
76- محمد سعيد الغامدي – الباحة
78- محمد عبدالله الشهري – عسير
79- عبدالله محمد السليمان - جدة
80- فاطمة سعد الرميحان - الليث
81- عبدالرحمن دخيل السلمي – القويعية
82- مازن جمعان محمد - جدة
83- عبدالرحمن محمد الحربي الرياض
84-علي محمد فايز الحربي - خيبر


85- علي إبراهيم الشريف - جدة
86-غيثان بن سعيد العمري - جدة
87- صفية سعيد الحارثي - ثقيف
88- حسن علي العنزي - حفر الباطن
89- عبدالعزيز محمد الاسمري - أبها
90- باسل محمد الحربي -الرياض
91- أحمد خليل العرفج - عنيزة
92- ياسر محمد العرفج - عنيزة
93- خليل محمد العرفج - عنيزة
94- فهد بندر العودة - الرس
95- سامي بندر العودة - الرس
96- خالد محمد الحربي - ينبع البحر
97- أكرم بن حسن العدني- جدة
98- عبدالله عبدالعزيز شريفي - جيزان
99- حامد الحارثي - السعودية
100- سامي سلطان الجعيد- الخرمة

همي الدعوه
31 Dec 2009, 12:32 AM
الاحتياط في مسألة الاختلاط


سمير بن خليل المالكي


بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على ســيد المرســلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد ، فقد اطلعت على المقال الصحفي المنشور في صحيفة عكاظ في العددين رقم 15810 ورقم 15811 والذي تقدم بهما الشيخ أحمد الغامدي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة .
وقد أطال الشيخ في الاحتجاج على جواز الاختلاط بين الرجال والنساء ، وسرد عدداً من الأدلة على ذلك ، وهي أدلة صحيحة ، أكثرها مخرج في الصحيحين ، ولكنه أبعد النجعة في الاستدلال بها على ما هو أعظم خطراً من مسألة الاختلاط ، وهو جواز مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية ، وجواز مس المرأة الأجنبية للرجل وجواز الخلوة بها .
وهذه المسائل الثلاث ما كنت أظن أن أحداً يخفى عليه حكمها مع كثرة الأدلة على تحريمها ومنعها ، ، وظهور الفتنة المتحققة بإباحتها .
ولقد أشاد الشيخ أحمد الغامدي في مقاله بمقال الدكتور جاسم المشاري رئيس لجنة الفتوى بمنتدى السلفية في أوربا الذي نشر في جريدة الجزيرة بتأريخ 19 / 11 / 1430هـ وقال \" وكان تعليقه علمياً حقاً ومؤصلاً ندر في شموله مثله ، لمن تناول الموضوع بنظرة وسطية بارعة وعبارة مختصرة قارعة \" .
ومقال الدكتور المشاري ، قد ذكر فيه أنه استفاده من بعض الباحثين ، ولم يسمِّ منهم إلا الشيخ القرضاوي .
فمقالة الشيخ الغامدي إذاً عبارة عن مجموعة أبحاث ومقالات لعدة باحثين ، منهم الدكتور المشاري أعاد الشيخ نشرها وأضاف إليها شيئاً يسيراً .


ما أراد هـــؤلاء ؟


لقد تأملت فيما جاء في تلك المقالات والبحوث من شبهات في مسألة الاختلاط ، وليس فيها جديد ، فالمسألة قديمة والجدال فيها قديم وعقيم ، فما رأينا من ثمرة لإثارة مثل تلك الشبهات إلا التشكيك بين الناس ، خاصة العوام .
ما الذي يضير هؤلاء أن يتمسك الناس بما عرفوه من الفضائل ، حتى لو فرض أنها ليســت واجبة ، كالحجاب ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء في الوظائف والتعليم وغير ذلك ؟ .
وهب أن الناس قد اعتادوا ، فطرة أو غيرة ، على منع نسائهم من الاختلاط بالرجال الأجانب في الميادين والمحافل ، ورأوا أن ذلك أزكى وأطهر لقلوبهم وقلوبهن ، وأبعد عن الفتنة ، فهل هناك أدنى مصلحة في تشكيك الناس والتشبيه عليهم ، بأن تلك العادات التي ألفوها و نشأوا عليها ، مخالفة لما كان عليه عصر النبوة والخلافة الراشدة ، حيث كان فيه الاختلاط سائداً ، كما يزعمون ، بين الرجال والنساء في كل الميادين ؟ .
هل يرى هؤلاء المشككون أن في الاختلاط فضيلة وقربة وتأسياً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي السلف ، وأن في تركه معصية أو بدعة ، أو خلاف الأولى ؟.
وهل يرون أن في منع الاختلاط بين الرجال والنساء ، في التعليم وغيره ، ضعفاً وتخلفاً ، وأن الحضارات المدنية لا تبنى إلا على الاختلاط ؟ .
لو كان الأمر كما يزعم هؤلاء ، فلماذا ظلت الدول العربية التي سمحت بالاختلاط في كل المرافق والميادين ، ضعيفة متخلفة في سياستها واقتصادها كما هو حال مصر ولبنان ودول المغرب العربي وغيرها من البلدان ؟
وما حصل في مثل تلك الدول من تقدم يسير في بعض العلوم فليس سببه الاختلاط ، وهذا لا يحتاج إلى دليل أو برهان ، ولا ينبغي أن يختلف عليه اثنان .
والأمم الكافرة نفسها لم تنهض وتقوى حضارتها بسبب الاختلاط ، بل لأنها أخذت بأسباب القوة .


التأريخ الأســود يعيد نفســه


إن الدعوة إلى الاختلاط التي يتزعمها بعض المثقفين والصحفيين اليوم ، ومنهم المشاري والغامدي ، ليست وليدة اليوم ، بل هي دعوى قديمة ، سبقهم بها من هو أقدر منهم على المراء والجدل وأكثر جرأة في طرح الفكرة والتشبيه على العوام وإقناعهم بها ، فقد أوتوا حظاً وافراً من الفصاحة والبيان ، ولا تزال منهم نخالة منتشرة في بلاد الإسلام ، ممن أطلق عليهم لقب \" دعاة التغريب \" ، و \" دعاة تحرير المرأة \" ، وغيرهما من الألقاب .
وقد قيض الله لأولئك المستغربين من يرد عليهم ويجــادلهم ويدمغ باطلهم منذ أكثر من نصف قرن .


ليســـوا ســـواءً


وأحب أن أنبه إخواني القراء أن من تناول مسألة الاختلاط ، ليسوا على شاكلة واحدة ، فبعضهم من أولي العلم والفضل ، لكنه اشتبه عليه الأمر ، وبعضهم ربما تابع غيره ثقة منه بعلمه ، وبعضهم ربما يكون له مآرب أخرى أو أراد الصيد في الماء العكر .
وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ، فأرادوا بلوغ مناصب دنيوية أو إرضاء أصحاب الرئاسة والوجاهة ، ولهذا تجدهم يبالغون في المديح والإطراء إلى حد يمجه حتى المعنيون بذلك الإطراء ، فتجدهم يدبجون مقالاتهم بذلك المديح ، مع أن المسألة شرعية ، لا دخل لها بإنجازات فلان أو مناقب فلان .
وقد جاءت النصوص الصريحة في النهي عن التزكية والمبالغة في المدح ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أولى وأحق بكل كمال ومديح يليق بالبشر (( لا تطروني )) ! رواه البخاري [ 6 / 354 ] .
وسمع المقداد رضي الله عنه رجلاً يثني على عثمان رضي الله عنه ، فأخذ المقداد تراباً فحثا في وجهه وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا لقيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب )) . رواه مسلم وغيره . جامع الأصول [ 11 / 52 ] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن سمــعه يثني على رجــل (( ويلك قطعت عــنق صاحبك .. )) الحديث . متفق عليه . جامع الأصول [ 11 / 51 ] .


قال ابن الأثير \" أي أهلكته بالإطراء والمدح الزائد .. \" .
فأين هؤلاء المداحون من هذا الهدي النبوي الكريم ؟ .


مصطلح الاختلاط


لا يوجد في النصوص نهي صريح عن اختلاط الرجال بالنساء ، وذلك لأن الاختلاط يختلف حكمه بحسب الحال ، ولكن وجدت عبارات سلفية في التحذير من الاختلاط والتنبيه على خطره ، خاصة في عبارات المتأخرين .
وليس العبرة بوجود المصطلح في النصوص الشرعية ، فهناك مصطلحات فقهية كثيرة حادثة ، لم يكن لها اسم في القرون الأولى ، ولم يمنع ذلك من إطلاقها وإدراجها في الأحكام التكليفية الخمسة ، التحريم والكراهة والإباحة والاستحباب والوجوب .
أو الأحكام الوضعية ، كالصحة والفساد .
وقد تختلف المصطلحات باختلاف العصور والبلدان ، والعبرة بالمقاصد والمعاني ، لا بالألفاظ والمباني .
ولعل فساد الاختلاط بين الرجال والنساء لم ينتشر في القرن الأول ، إلا في نطاق ضيق ، لكنه أخذ في الازدياد شيئاً فشيئاً في القرون التالية ، ومن ثم نبه العلماء عليه وحذروا منه ، وشددوا في سد الذرائع المفضية إلى الفتنة .
وممن أشار إلى فساد الاختلاط بين الرجال والنساء الإمام أبو بكر الطرطوشي وهو من علماء القرن السادس الهجري ( توفي سنة 520 هـ ) .
وقد نقل أبو شامة عنه إنكاره بدعة الاجتماع ليلة النصف من شعبان ، وذكر من منكراتها : اختلاط الرجال بالنساء . انظر الباعث [ ص 52 ] .
وكذا أنكر الطرطوشي اجتماع الناس ليلة الختم في قيام رمضان ، فقال \" وأما إن كان على الوجه الذي يجري في هذا الزمان ، من اختلاط الرجال والنساء ومضامة أجسامهم ومزاحمة من في قلبه مرض من أهل الريب .. \" إلى أن قال \" وحكت لنا امرأة أن رجلاً واقعها ، فما حال بينهما إلا الثياب ، وأمثال ذلك من الفسق واللغط ، فهذا فسوق ، فيفسق الذي يكون سبباً لاجتماعهم \".
إلى أن قال \" وأعظم من ذلك ما يوجد اليوم في هذا الختم من اختلاط الرجال والنساء وازدحامهم وتلاصق أجساد بعضهم ببعض ، حتى بلغني أن رجلاً ضم امرأة من خلفها .. \" الخ ما قاله . انظر الباعث [ ص 57 – 58 ] .
وذكر الطرطوشي أيضاً ، ما يفعله بعض الناس ليلة عرفة ، عند صعودهم جبل عرفات \" .. واختلاط الرجال بالنساء في ذلك صعوداً وهبوطاً .. \" الخ . انظر الباعث [ ص 153 ] .
قلت : وهذا كان في ذلك الزمان ، وفي تلك المواضع الفاضلة ، في المساجد والمشاعر ، وهم متلبسون بالعبادة ، فكيف بزماننا هذا ؟ .


الفتــنة بالنســاء


وقد شحنت مصنفات الفقه والتفسير وشروح الأحاديث بالتحذير من فتنة النساء ، وشدد العلماء في أمر النظر والخلوة ، وفي كل ما يدعو إلى إثارة الشهوة ، ولا يكاد يأتي ذكر شيء مما يتعلق بالنساء في حضرة الرجال ، إلا ويأتي التحذير من الفتنة بهن .
فهل يصح أن يخطـّأ كل أولئك الأئمة والعلماء مع اختلاف مذاهبهم وعصورهم ، أو يقال عنهم إنهم متشددون أو متنطعون ؟
ونصوص الكتاب والسنة فيها إشارة وتحذير إلى كل ما يؤدي إلى الفتنة بالنساء ، وهي ظاهرة لمن تدبرها .
وإليك بعض تلك النصوص باختصار :
1 – قال الله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ..} الآية [ النور 30 – 31 ] .
2 – وجاء في معنى الآية أحاديث كثيرة في الأمر بغض البصر ، وهي مشهورة .
قال ابن كثير \" ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجال الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلاً \" .
3 – قال الله تعالى { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن ، فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً } . الأحزاب [ 32 ] .
وهذا أدب من الله تعالى أمر به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهن أتقى النساء ، ونساء الأمة تبع لهن في هذا الأمر من باب أولى .
فنهاهن عن ترقيق الكلام عند مخاطبة الرجال ، حتى لا يطمع من في قلبه دغل .
قلت : هذا مع أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم هن أمهات المؤمنين ومحرمات عليهم على التأبيد ، وذلك العصر هو أتقى عصور التاريخ ، فكيف بزماننا هذا ؟
4 – قال الله تعالى { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } الآيــــــة ، الأحــزاب [ 33 ] .
قال ابن كثير \" أي الزمْـن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة ، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه ... \" .
وذكر ابن كثير من معاني قوله تعالى { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } \" قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية \" .
قلت : وسيأتي بعد قليل الكلام عن الإذن في خروجهن إلى المسجد كيف يكون .
5 – قال الله تعالى { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن} الآية . الأحزاب [ 52 ] .
قال القرطبي في تفسيره [ 14 / 227 ] \" في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ، ويدخل في ذلك جميــع النســاء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها ، كما تقدم ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة .. \" اهـ .
قلت : تأمل قوله \" وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة .. \" الخ . فإن هذه الأصول هي التي تمسك بها المانعون من الاختلاط ، وهي أدلة شرعية منصوص عليها في الكتاب والسنة ، أو مستنبطة منهما .
6 – حديث \" المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان \" . رواه الترمذي [ 1173 ] .
7 – حديث \" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء \" . رواه البخاري [ 5096 ] ومسلم [ 2740 ] .
8 – حديث \" ... اتقوا الدنيا واتقوا النســاء ، فإن أول فتنــة بني إســرائيل كانت في النســاء \" رواه مسلم [ 2742 ] .
9 – حديث أبي أسيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد ، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق \" استأخرن فليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق \" .
قال : فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصــــوقها به . رواه أبوداود [ 5272 ] .
قلت : هذا الحديث سكت عليه أبوداود . وقد ذكر أئمة الحديث أن سكوت أبي داود على الحديث يعني أنه حسن عنده .
وسكت عليه أيضاً المنذري في مختصره . وانظر عون المعبود [ 14 / 191 ] .
وحسنه الألباني . انظر السلسلة الصحيحة [ 856 ] .
10 – حديث جابر \" إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان ، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله ، فإن ذلك يرد ما في نفسه \" رواه مسلم [ ح 1403 ] .
قال النووي في الشرح [ ص 870 ] \" قال العلماء : معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها ، لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء ، والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن ، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له .
ويستنبط من هذا : أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة ، وأنه ينبغي للرجال الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً \" اهـ .
قلت : فمن وصفها النبي صلى الله عليه وســلم بمثل تلك الصــفات ، \" عــــورة \" و \" فتنــة \" و \" صورة شيطان \" ، هل يفهم منه إلا وجوب الاحتياط لها ، ومنها ، بالستر والمباعدة قدر الإمكان عن الاختلاط بالرجال ؟
11 – وأما عن خروجهن لأماكن العبادة ، كالمساجد ، فإنه قد قيد بقيود ، فهم منها الأئمة ، من الصحابة وغيرهم ، أنها متى ما فقدت ، أو ظن فقدها فإنهن يمنعن من حضور المساجد ، وشهود الأعياد ، ومن ذلك :
أ – جاء في حديث ابن عمر \" إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن \" متفق عليه . انظر جامع الأصول [ 11 / 198 ] .
بوب له البخاري بقوله \" باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس \" .
ب - وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته ، يمكث قليلا في مقامه ، حتى ينصرف النساء قبل الرجال .
رواه البخاري [ ح 866 ] والنسائي [ 3/67 ] وأبو داود [ ح 1040] من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت \" إن النساء كنّ إذا سلمن من المكتوبة قمن ، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله ، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال \" .
وفي رواية \" قال : نرى – والله أعلم – أن ذلك لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال \" .
قلت : وفي معنى هذا الحديث أيضاً ، الحديث الآخر الذي رواه البــخاري [ 872 ] ومســــــــلم [ 645 ] وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها \" كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة ، لا يعرفهن أحد من الغلس \" . وانظر جـــــــامع الأصول [ 5/223] . وبوّب له البخاري بقــــــوله \" باب سرعة انصراف النساء من الصبح ، وقلة مقامهن في المسجد \" .
قال الحافظ في الفتح [ 2/351 ] \" قيّد بالصبح ، لأن طول التأخير فيه يفضي إلى الإسفار ، فناسب الإسراع بخلاف العشاء ، فإنه يفضي إلى زيادة الظلمة ، فلا يضر المكث \" ا هـ .
ج - وقد خصص رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء باباً يدخلن منه إلى المسجد .
فقد روى أبو داود [ 571] في الصلاة . باب : التشديد في خروج النساء إلى المساجد . من حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال \" لو تركنا هذا الباب للنساء \" ؟
قال نافع \" فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات \" .
وروى أبو داود أيضاً [ 464] باب : في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال .
من حديث نافع مولى ابن عمر قال \" كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينهى أن يُدخل المسجد من باب النساء \" .
د - ولهذا فقد رغبها الشارع في الصلاة في بيتها ، وجعل لها أجراً في ذلك أفضل من صلاتها في المسجد .
يدل عليه حديث ابن عــمر\" لا تمنعوا نساءكم المســاجد وبيــوتهن خيــر لــهن \" رواه أبــو داود [ 567] .
وقد أخرج الإمام أحمد في مسنده [ 6/371 ] من حديث أم حميد الساعدية ما يشهد لهذا حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أحب الصلاة معك . قال \" قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خيــر لك من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي \" .
قال الراوي \" فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه ، فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل \" ا هـ .
قال الحافظ في الفتح [ 2/350] بعد أن ذكر هذا الحديث وحسّن إسناده \" ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل ، تحقق الأمن فيه من الفتنة ، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة \" ا هـ .
قلت : وقد ذكر أكثر أهل العلم ، ومنهم الحنفية ، نـحو هذا الكلام ، وشددوا في خروج النساء إلى المساجد ، خاصة الشواب منهن .
قال الإمام النووي في المجموع [ 4/198] \" إن أرادت المرأة حضور المسجد للصلاة ، قال أصحابنا : إن كانت شابة أو كبيرة تشتهى ، كره لها ، وكره لزوجها ووليها تمكينها منه ، وإن كانت عجوزاً لا تشتهى ، لم يكره .. \" ثم ذكر أثر عائشة المتقدم \" لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء ... \" ا هـ .
وذكر النووي نحو ذلك أيضاً في شرح مسلم [ ص 369 ] وصرح فيه أن لا تكون \" مختلطة بالرجال \" .
وقال في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل [ 2/449] نقلاًُ عن القاضي عياض \" وشرط العلماء في خروجهن أن يكون بليل غير متزينات ولا متطيبات ، ولا مزاحمات للرجال ، ولا شابة مخشية الفتنة .
وفي معنى الطيب إظهار الزينة وحسن الحلي ، فإن كان شيء من ذلك ، وجب منعهن خوف الفتنة \" ا هـ .
وقال في الهداية ما نصه (( \" ويكره لهن حضور الجماعات \" ، يعني الشواب منهن ، لما فيه من خوف الفتنة ، \" ولا بأس للعجوز أن تخرج في الفجر والمغرب والعشاء \" ، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله ... ))
قال في فتح القدير في التعليق على قوله \" يعني الشواب منهن \" (( واعلم أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال \" لا تمنعوا إماء الله مساجد الله \" وقوله \" إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها \" ، والعلماء خصوه بأمور منصوص عليها ومقيسة . فمن الأول ( أي : المنصوص عليها ) : ما صح أنه صلى الله عليه وسلم قال \" أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء \" .
وكونه ليلا ، في بعض الطرق في مسلم \" لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل\" .
والثاني ( أي : الأمور المقيسة ) : حسن الملابس ومزاحمة الرجال ، لأن إخراج الطيب لتحريكه الداعية ، فلما فقد الآن منهن هذا ، لأنهن يتكلفن للخروج ما لم يكنّ عليه في المــنزل ، منعن مطلقا .. )) إلى آخر ما جاء في كلامه [ 1/317 ] .
قلت : هذا ما يخص خروجها للمساجد ، وقد رأيت ما قاله العلماء ، ومنهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهي أفقه نساء الأمة ، وأعلم بما يختص بهن من أحكام .
وقد جاء في صحيح مسلم \" باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات للرجال \" .
وذكر حديث أم عطية ، ثم ذكر النووي سبب الأمر باعتزال الحيّض المصلى ، فقال \" سببه الصيانة والاحتراز من مقارنة النساء للرجال من غير حاجة ولا صلاة \" .
ثم ذكر النووي أن من السلف من منعهن شهود العيد مطلقاً ، وسمى منهم : عروة والقاسم ويحي الأنصاري ومالك وأبو يوسف .
قلت : قد رأيت عبارات الأئمة ، وتصريحهم بمنع \" الاختلاط \" ، \" ومزاحمة الرجال \" ، والأمر \" بمفارقة النساء للرجال \" وكلها عبارات تؤدي إلى معنى واحد . فإذا كان هذا فقه السلف في شهود النساء العيد ، وهو لا يحصل إلا مرتين في العام ، ووقته قصير ، صلاة وخطبة قد لا تتعدى النصف ساعة ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بإخراج النساء إلى العيد ، حتى الحيّض ، مع أنهن لا يصلين ، لكن علل ذلك بقوله \" يشهدن الخير ودعوة المسلمين \" .
وقد جاءت الإشارة إلى أنهن كن بعيدات خلف صفوف الرجال في المصلى ، ولهذا لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد ، ظن أنه لم يسمع النساء ، فذهب إليهن فوعظهن وذكرهن والرواية متفق عليها . انظر جامع الأصول [ 6 / 134 ] .
ومع ذلك فقد وجد من السلف من منعهن خوف المفسدة والفتنة . فماذا يقال في خروجهن في هذا الزمان ، لا لعبادة ، ولا لوقت يسير ، بل لتقضي الساعات في حضرة الرجال ، وأي رجال هم رجال هذا الزمان ؟
فكيف إذا كان النساء والرجال كلهم في سن الشباب ، كما هو الحال في طلاب وطالبات المعاهد والجامعات ، وأكثرهم عزاب ؟ .
12 – وقد جاء في أحكام الحج ، وهو من العبادات التي يختلط فيها الرجال والنساء في المشاعر والطواف والسعي ، مما يخص المرأة في مسألة التلبية ، أنها لا ترفع صوتها بها كالرجال .
قال ابن قدامة \" قال ابن عبدالبر : أجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها ، وإنما عليها أن تسمع نفسها .
وبهذا قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي . وروي عن سليمان بن يسار أنه قال : السنة عندهم أن المرأة لا ترفع صوتها بالإهلال .
وإنما كره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها ، ولهذا لايسن لها أذان ولا إقامة ، والمسنون لها في التنبيه في الصلاة التصفيق دون التسبيح \" . انظر المغني [ 5 / 160 ] .
13 – وجاء في الطواف أنها تستتر قدر الإمكان ، بأن تطوف ليلاً ومن وراء الرجال .
قال ابن قدامة \" ويستحب للمرأة الطواف ليلاً ، لأنه أستر لها وأقل للزحام ، فيمكنها أن تدنو من البيت وتستلم الحجر \" .
ثم ذكر ابن قدامة رواية عن عائشة أنها أرسلت إلى أصحاب المصابيح أن يطفئوها فأطفأوها ، فطافت في ستر أو حجاب . انظر المغني [ 5 / 161 ] .
وجاء في الصحيح من حديث ابن جريج عن عطاء أنه قال \" طاف نساء النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال . قلت كيف يخالطن الرجال ؟ قال : لم يكنّ يخالطن . كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم المؤمنين . قالت انطلقي عنك ، وأبت .
قال عطاء \" يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن ، وأخرج الرجال \" رواه البخاري [ ح 1618 ] .
وبوب له بقوله \" باب طواف النساء مع الرجال \" .
قال الحافظ \" أي : هل يختلطن بهم ؟ أو يطفن معهم على حدة بغير اختلاط ؟ أو ينفردن ؟ .. \" . انظر الفتح [ 3 / 480 ] .
وهاهنا تصريح من الراوي بأنهن كن لا يخالطن الرجال أثناء الطواف ، بل كن يحتطن بأمرين :
الأول : الطواف من وراء الرجال معتزلات عنهم . وهذا ما يفيده فعل عائشة أم المؤمنين ، لأنها كانت تطوف \" حجرة عن الرجال \" أي معتزلة عنهم .
ويؤيده رواية البخاري التي بعدها [ ح 1619 ] حين قال النبي صــــلى الله عليه وســلم لأم ســلمة \" طوفي من وراء الناس \" .
قال الحافظ \" وإنما أمرها أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها \" .
الثاني : الطواف بالليل . وقد صرح به في الحديث بقوله \" متنكرات بالليل \" .
أي : مستترات بالليل .
وكن يحتطن أيضاً عند دخول الكعبة ، فينتظرن حتى يخرج الرجال . وهذا فعل أمهات المؤمنين ، في عصر النبوة والقرون المفضلة ، وفي أطهر بقعة ، وفي حال تلبس بالعبادة ، فكيف باختلاط الشابات بالشبان في مثل هذا الزمان ، في وضح النهار ، وهم ليسوا في عبادة ولا في مثل طهارة ذاك المكان ؟
هذا وقد ذهب بعض الأمراء وهو ابن هشام ، إلى منع طواف النساء مع الرجال ، زيادة في الاحتياط ، وقد جاء مصرحاً به في رواية البخاري هذه ، وذكر الحافظ رواية أخرى عن خالد القسري أيضاً في زمن عبدالملك بن مروان .
ولسنا مع ما ذهب إليه أولئك الأمراء ، لكننا نقول : إن هذا يدل على زيادة في الحرص على حرمات المسلمين وعلى منع الاختلاط حتى في الطواف ، وهو عبادة تختص بأشرف مكان وأطهره ، والنفوس السوية تأبى أن تحدث نفسها فيه بسوء .
هذا مع أن الطواف يصعب الفصل فيه بين الرجال والنساء إلا بمشقة ، خاصة مع كثرة الزحام وقت الحج ، إلا كما فعلت أمهات المؤمنين .
وكل ذلك منتفٍ في أماكن التعليم في المعاهد والجامعات ، لأنه بالإمكان أن يفصل بين الجنسين ، إما بإنشاء جامعات أخرى منفصلة ، أو بتخصيص أوقات للفتيات يدرسن فيها .
وقد رأينا نحو هذا التخصيص في بعض مدارس البنين عندنا ، وسمعنا عن مثله في بعض البلدان ، حيث يقسم الطلاب إلى فترتين صباحية ومسائية ، وذلك لقلة عدد المدارس .
فيمكن أن يصنع نفس الشيء في الجامعات إذا احتيج إلى ذلك ، وهو أولى وأسلم ، بلاشك ، من الاختلاط .


تنبـــيه


وسؤال الراوي لعطاء \" كيف يخالطن الرجال \" ؟ فيه أن علماء السلف كان متقرراً عندهم أن السلامة هي في مباعدة النساء عن الرجال ، حتى أثناء أداء العبادة ، فلهذا ســأل متعجباً ، فأجابه عطاء بنفي الاختلاط . ولم يقل له : أنت متشدد أو متنطع ، بل وافقه على ذلك ، وأجابه بما يسرُّه من فعل أم المؤمنين رضي الله عنها .
14 – وورد الاحتياط في مسألة الاختلاط أيضاً في الاعتكاف .
فقد جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفن معه في المسجد في رمضان وضربن أخبية ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( آلبر ترون بهن )) ؟ ثم ترك الاعتكاف ذلك الشهر ... الحديث . رواه البخاري [ 2033 ] ومســـــــلم [ 1183 ] .
ونقل الحافظ في الفتح أن الشافعي كره للنساء الاعتكاف في المسجد الذي تصلى فيه الجماعة قال الحافظ \" واحتج بحديث الباب فإنه دال على كراهة الاعتكاف للمرأة إلا في مسجد بيتها ، لأنها تتعرض لكثرة من يراها .
وشرط الحنفية لصحة اعتكاف المرأة أن تكون في مسجد بيتها , وفي رواية لهم أن لها الاعتكاف في المسجد مع زوجها , وبه قال أحمد \" .
ثم قال الحافظ \" وفيه أن المسجد شرط للاعتكاف , لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت , فلو لم يكن المسجد شرطا ما وقع ماذكر من الإذن والمنع , ولاكتفى لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن ..\"
إلى أن قال \" وفيه أن المرأة إذا اعتكفت في المسجد استحب لها أن تجعل لها مايسترها \" اهـ . باختصار . انظر الفتح ] 4/275- 277[ .
وقال ابن قدامة في المغني ]4 / 465[ \" وإذا اعتكفت المرأة في المسجد استحب لها أن تستتر بشيء , لأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربت في المسجد , ولأن المسجد يحضره الرجال , وخير لهم وللنساء أن لا يرونهن ولا يرينهم \" اهـ .
15 – وفي اتباع الجنائز أيضاً ، وردت التفرقة بين الرجال والنساء ، سداً لذريعة الاختلاط .
ففي الصحيحين من حديث أم عطية رضي الله عنها أنها قالت \" نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا \" . البخاري [ ح 1278 ] ومسلم [ ح 938 ] .
ونقل الحافظ عن الزين بن المنير قوله \" فصل المصنف بين هذه الترجمة وبين فضل اتباع الجنائز بتراجم كثيرة تشعر بالتفرقة بين النساء والرجال .. \" إلــى أن قال \" ومن ثم اختلف العلماء في ذلك \" .
قال الحافظ \" ولا يخفى أن محل النزاع إنما هو من حيث تؤمن المفسدة \" الفتح [ 3 / 145 ] . وبوب البخاري في صحيحه بقوله \" باب حمل الرجال الجنازة دون النساء \"
قال الحافظ \" لأن الجنازة لابد أن يشيعها الرجال ، فلو حملها النساء لكان ذلك ذريعة إلى اختلاطهن بالرجال فيفضي إلى الفتنة \" . الفتح [ 3 / 182 ] .
وقال الحافظ في موضع آخر ، في بيان حكم زيارة القبور \" واختلف في النساء ، فقيل : دخلن في عموم الإذن ، وهو قول الأكثر ، ومحله إذا أمنت الفتنة \" [ 3 / 148 ] .
16 – وورد ما يخص المرأة من المبالغة في الستر حتى وهي ميتة .
قال ابن قدامة \" ويستحب أن يترك فوق سرير المرأة شيء من الخشب أو الجريد ، مثل القبة ، يترك فوقه ثوب ليكون أستر لها \" المغني [ 3 / 484 ] .
وذكر في موضع آخر أيضاً أنه يستحب تغطية قبر المرأة ، وقال \" لأن المرأة عورة ، ولا يؤمن أن يبدو منها شيء فيراه الحاضرون \" . المغني [ 3 / 431 ] .
17 – وجاء نص في فصل النساء عن الرجال في تعليم العلم .
ففي الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال \" قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفســك . فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن .. \" الحديث . رواه البخاري [ ح 101 ] وبوب له بقوله \" باب : هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم \" وأخرجه مسلم [ ح 2633 ] .
قال العيني في عمدة القاري [ 2 / 93 ] \" معناه أن الرجال يلازمونك كل الأيام ويسمعون العلم وأمور الدين ، ونحن نساء ضعفة لا نقدر على مزاحمتهم ، فاجعل لنا يوماً من الأيام نسمع العلم ونتعلم أمور الدين \" اهـ .
قلت : والأدلة في منع الاختلاط المفضي إلى المفسدة أو الفتنة ، وكلام أهل العلم في التحذير من ذلك ، أكثر من أن يحصر ، وأكتفي بما ذكرته هنا ، وسيأتي ذكر مزيد منه عند الرد على شبهات المخلـِّطـين .


كشــف الشــبهات


هذا وقد أورد المشاري وتبعه الغامدي بعض النصوص التي تبيح الاختلاط كما زعموا ، وهي على ثلاثة أقسام :
الأول : نصوص تدل على إباحة اختلاط الجنسين في الأماكن العامة ، كالأسواق والطرقات ونحوها ، وهذه لاخلاف في إباحتها إذا التزمت النساء بما أوجب الله عليهن من التســتر والحجاب ، ومثل هذه النصوص لا تنحصر بعدد .
الثاني : حوادث عين لا عموم لها ، إما لخصوصية ، وإما لوجود ضرورة أو حاجة ملحة ، اقتضت شيئاً من التقارب بين الرجل والمرأة . وهي لا عموم لها ، كإرداف الرجـــل لامرأة أجنبية ، مثلاً .
الثالث : نصوص مشتبهة ، تخالف النصوص المحكمة ، التي ورد فيها النهي عن الخلوة ، والسفر بغير محرم ، والتلاصق أو المباشرة ، ومنها المصافحة ، ومس بعض أعضاء الجسم ، وهذه لا ينبغي أن يختلف فيها ، ويجب أن يرد المتشابه منها إلى المحكم ، لا العكس .
والعجيب أن هؤلاء المخلـِّـطين اكتفوا بإيراد تلك النصوص واستنبطوا منها الأحكام ، دون الرجوع إلى أقوال علماء الإسلام ، ومنهم شراح الأحاديث ، ولهذا وقعوا في كثير من الأوهام ، وخلطوا بين الحق والباطل .
وسأسرد لك الآن ما جاء في مقالات الغامدي من شبهات ، والجواب عليها باختصار .


الشــبهة الأولــى
\" وضوء النساء مع الرجال الأجانب \"


استدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما \" كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعاً \" .
رواه البخاري [ ح 193 ] في باب \" وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة \" .
قال المخلطون : وفيه جواز الاختلاط عموماً وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام \" .
وذكروا شواهد له تدل على الاختلاط أيضاً ، ومنها حديث أم صبية الجهنية قالت \" اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد \" .
رواه أبو داود [ ح 78 ] في باب \" الوضوء بفضل وضوء المرأة \" .
قال الغامدي \" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه . وإسناده صحيح . وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم ، ففيه جواز الاختلاط ، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء ، ولا يلزم منه رؤية مالا يجوزمن المرأة \" .
ثم ذكر الغامدي حديث ابن عمر ، واللفظ الذي أخرجه أبو داود \" كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ندلي فيه أيدينا \" .
ثم قال الغامدي \" والمعنى في هذه الألفاظ واحد ، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموماً . وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط ، وهو توجيه باطل ، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموماً \" انتهى كلامه .
قال سمير : ظن الغامدي وأضرابه أنهم أهل لطرح مثل هذه المسائل والخوض فيها واستنباط الأحكام منها ، وهم أقل من أن يفهموا المراد من تلك النصوص على وجهها ، دون الرجوع إلى أهل العلم المختصين .
وغاية ما تدل عليه هذه الروايات إباحة وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة . هذا الذي فهمه أهل العلم وبوبوا عليه أبواب الفقه في كتبهم . ولم يتعدوا إلى الفهم السقيم الذي فرح به المخلـَّـفون وظنوه دليلاً على الاختلاط المذموم .
وتعجب من قوله \" وجهه البعض \" ! تقليلاً من شأنهم ، ويكفي أن من هؤلاء \" البعض \" الإمام البخاري ، فقد بوب لهذا الحديث بقوله \" باب وضوء الرجل مع امرأته ، وفضل وضوء المرأة \".
وبوب له أبو داود بقوله \" باب الوضوء بفضل وضوء المرأة \" .
وذلك لأن في المسألة خلافاً ، لم يتنبه إليه الجاهلون ، وهو : هل يصح أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة أم إن استعمال المرأة للماء يمنع من ذلك .
قال ابن عبدالبــر \" في هذا الحديث دليل واضــح على إبطال قول من قال : لا يتوضأ بفضل المرأة .. \" . التمهيد [ 14 / 164 ] .
والمسألة مشهورة ، والخلاف فيها مشهور .
و لما كانت بعض ألفاظ الحديث قد يفهم منها \" البعض \" !! مثل ذلك الفهم السقيم ، وهو وضوء الرجال والنساء الأجانب ، فقد بادر العلماء إلى الجواب عنها حتى يـــزيلوا الإشــكال عن أولئــك \" البعض \" .
قال الحافظ في الفتح \" وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعاً في موضع واحد ، هؤلاء على حدة وهؤلاء على حدة \" .
قال الحافظ \" وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب .. \" .
ثم قال الحافظ \" والأولى في الجواب أن يقال : لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب ، وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم \" اهـ . انظر الفتح [ 1 / 300 ] .
وهذا الحديث ، ومثله حديث أم صبية الجهنية لو صح ما زعمه المستدل به من إباحة وضوء الرجال والنساء الأجانب ، فإنه يحمل على الخصوصية في ذاك الزمان ، أو على حال يقل فيه الماء ويخشى من فوات الوقت ، لا أنه كان على شكل الدوام .
هذا مع أن وقت الوضوء قصير ، فلا يصلح أن يستدل به على اختلاط يطول وقته ، كما في التعليم والوظائف .
ثم نقول لهؤلاء المتعالمين : أيسركم أن يفهم المسلمون ما فهمتموه من تلك النصوص المحتملة فيجتمع النساء والرجال أثناء الوضوء أو قضاء الحاجة , مثلاً ؟
و ما المصلحة في مثل هذا الاختلاط الذي لم تسمح به حتى الأمم الكافرة , فإنها خصصت للنساء أماكن منعزلة لاستعمال الماء وقضاء الحاجة ؟
ومع ذلك فإننا نقول : لو فرض أن الحاجة دعت إلى أن يتوضأ الرجال والنساء جميعاً , كما قد رأيناه في مواسم الحج , عند شدة الزحام , فربما خشي الرجال والنساء من خروج الوقت أو ذهاب الرفقة , فاجتمعوا لا عن قصد منهم لذلك الاجتماع , فتوضئوا في مكان واحد .
ففي مثل هذه الحال يغتفر مثل هذا الاختلاط , لكن لا يقتضي أن يفعل على شكل الدوام , وفي كل الأحوال .


الشــبهة الثــانية
\" الخلوة بالمرأة الأجنبية \"


واستدلوا بحديث أنس بن مالك قال \" جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها , فقال : والله إنكم لأحب الناس إلي \" .
رواه البخاري [ 5234 ] في باب \" ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس \" .
ورواه مسلم [ 2509 ] .
قال الغامدي \" وفيه جواز الاختلاط , وجواز الخلوة بالمرأة عند الناس . وكل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي , على الصحيح , وإنما المحرَّم منها ما تحققت فيه التهمة فقط \" انتهى كلامه .
قال سمير : وهذا من عجائب ما أتى به الشيخ , أصلحه الله , ويكفي أنه يعارض به الأحاديث الصحيحة المحكمة في تحريم الخلوة .
والحديث ليس فيه أنه خلا بها عن الناس , حتى يعارض به الأحـــاديث الأخـرى في تحـريم الخلوة , بل صرح البخاري بقوله \" .. عند الناس \" , ومعناه واضح , وهو أن الخلوة ليست مطلقة , بل مقيدة .
وأما الخلوة المطلقة , فهي محرمة , لا خلاف فيها .
قال الحافظ (( قوله \" باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس \" أي : لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم , بل بحيث لا يسمعون كلامهما , إذا كان بما يخافت به كالشيء الذي تستحيي المرأة من ذكره بين الناس )) .
إلى أن قال (( وفيه أن مفاوضة المرأة الأجنبية سراً لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة , ولكن الأمر كما قالت عائشة \" و أيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه \" ؟ )) اهـ . الفتح [ 9/333 ] .
وقال النووي [ ص 1515 ] \" هذه المرأة إما محرم له صلى الله عليه وسلم ، كأم سليم وأختها ، وإما المراد بالخلوة أنها سألته سؤالاً خفياً بحضرة ناس ، ولم تكن خلوة مطلقة ، وهي الخلوة المنهي عنها \" اهـ .
وللإمام النووي كلام آخر عن الخلوة في مواضع من شرح صحيح مسلم ، ومن ذلك :
1 – حديث \" أن امرأة كان في عقلها شيء فقالت : يارسول الله إن لي إليك حاجة ، فقال : يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك . فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها \" رواه مسلم [ ح 2326 ] .
قال النووي [ ص 1432 ] \" أي : وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة ، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية ، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها ، لكن لا يسمعون كلامهما \" اهـ .
2 – حديث \" لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحاً أو ذا محرم \" .
رواه مسلم [ ح 2171 ] .
قال النووي [ ص 1360 ] \" قال العلماء : إنما خص الثيب لكونها التي يدخل إليها غالباً ، وأما البكر فمصونة متصونة في العادة ، مجانبة للرجال أشد مجانبة ، فلم يحتج إلى ذكرها ، ولأنه من باب التنبيه ، لأنه إذا نهي عن الثيب التي يتساهل النــاس في الدخول عليها في العادة ، فالبكر أولى \" اهـ .
3 – حديث عقبة بن عامر \" إياكم والدخول على النساء ..\" . رواه البـــــــــخاري [ 9 / 290 ] و مسلم [ ح 2172 ] .
قال النووي [ ص 1360 ] \" في هذا الحديث ، والأحاديث بعده ، تحريم الخلوة بالأجنبية ، وإباحة الخلوة بمحارمها ، وهذان الأمران مجمع عليهما \" اهـ .
قال سمير : تأمل حكايته الإجماع على تحريم الخلوة بالأجنبية ، وقول الغامدي \" كل خلوة تنتفي فيها التهمة لا يتحقق فيها النهي على الصحيح \" !
ولم يخبرنا – حفظه الله ورعاه – الصحيح عند من ؟ هل عنده هو فقط ؟ أم عنده وعند الجاهلين من أمثاله ؟
والحاصل أن خلوة النبي صلى الله عليه وسلم مع المرأة الأنصــارية وغيرها ، لم تكن خلوة مطلقة ، كما تقدم .
ويؤيد ذلك حديث أنس \" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه ، فمـــر به رجل فدعاه ، فقال : يا فلان هذه زوجتي فلانة . فقال يا رسول الله من كنت أظن به فلم أكن أظن بك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يجري من الإنسان مجــرى الدم \" رواه مسلم [ 2174 ] .
قال النووي [ ص 1361 ] \" فيه استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان ، وطلب السلامة ، والاعتذار بالأعذار الصحيحة .. \" .
ويؤيد ذلك أيضاً حديث صفية في الاعتكاف وفيه \" \" على رسلكما إنها صفية \" .
رواه البخاري [ 2038 ] ومسلم [ 2175 ] .
ولو كانت الخلوة المطلقة – عند عدم تحقق التهمة – مباحة لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى التنبيه إلى أنها زوجته .
هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أتقى الخلق ، والزمان أفضل الزمان ، فكيف بالله يبيح مثل هذا المتعالم الخلوة المطلقة في مثل هذا الزمان ؟ .





يتبع


صيد الفوائد

همي الدعوه
31 Dec 2009, 12:33 AM
الشــبهة الثــالثـة
\" دخول الرجال الأجانب على النساء \"

واستدلوابحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما \" لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان \" رواه مسلم [ ح 2173 ] .
وأول الحديث له قصة ، وهي دخول نفر من بني هاشم على أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، فكره ذلك أبو بكر ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم .
قال النووي في الشرح [ ص 1361 ] \" ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية ، والمشهور عند أصحابنا تحريمه ، فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك \" .
قلت : استدل المخالف بهذا الحديث وأحاديث أخرى على جواز الاختلاط بين الرجال والنساء ، وسأسرد لك بعض الأحاديث التي ذكرها ، والجواب عليها .
1 – حديث عائشة في قصة الإفك ، وقوله صلى الله عليه وسلم \" .. ذكروا رجلاً ما كان يدخل على أهلي إلا معي .. \" .
قلت : الحديث مشهور ، رواه البخاري [ 4750 ] .
وقوله صلى الله عليه وسلم عن صفوان بن المعطل \" ما كان يدخل على أهلي إلا معي \" . كان ذلك الأمر قبل نزول الحجاب ، لأن حادثة الإفك وقعت بعده بقليل . انظر الفتح [ 8/463 ] .
ومن تأمل قصة الإفك سيجد فيها ما ينقض ما استدل به المخلـِّـطون ، ومن ذلك :
أ – أن النساء كنّ يستترن عن الرجال بركوبهن وحدهن في الهودج . مبالغة في الستر ، وأشار إلى ذلك الحافظ في الفتح .
ب – أن صفوان حين رأى عائشة استرجع ، وكانت نائمة ، قالت \" فاستيقظت باسترجاعه فخمرت وجهي بجلبابي \" ، وهذا مع كونه كان يراها قبل الحجاب ، وهي أم المؤمنين أيضاً .
ج – وقالت عائشة \" والله ما كلمني كلمة \" . قال الحافظ \" مبالغة منه في الأدب .. \" .
د – أن صفوان حين أراد أن يُركب عائشة على ناقته أناخها ووطئ على يدها .
قال الحافظ (( أي ليكون أسهل لركوبها ، ولا يحتاج إلى مسها عند ركوبها . وفي حديث أبي هريرة \" فغطى وجهه عنها ، ثم أدنى بعيره منها \" )) .
2 – حديث فاطمة بنت قيس لما طلقها زوجها ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت أم شريك ، ثم قال \" تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي عند ابن أم مكتوم ، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك ، فإذا حللت فآذنيني \" رواه مسلم [ ح 1480 ] .
قال النووي [ ص 937 ] \" ومعنى هذا الحديث : أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزورون أم شريك ويكثرون التردد إليها لصلاحها ..\" .
3 – حديث سهل بن سعد \" كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة ، فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر ، وتكركر حبات من شعير ، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها ، فتقدمه إلينا .. \" رواه البخاري [ 6248 ]
بوب لهذا الحديث البخاري بقوله \" باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال \" .
وذكر الحافظ في الشرح الاختلاف في جوازه ، وقــال \" والــمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة \" .
إلى أن قال \" قال ابن بطال عن المهلب : سلام الرجال على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة ، وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة ، ومنع منه ربيعة مطلقاً .. \" انظر الفتح [ 11 / 34 ] .
قال سمير : والقصة المذكورة صرح فيها سهل بن سعد أن المرأة كانت عجوزاً .
وتقدم قول النووي في دخول الصحابة على أم شريك ، أنها كانت امرأة صالحة .
ويقال في كل ما أورده المخالف من دخول الرجال على النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن ذلك كان من غير خلوة ، وكانت النساء من الصالحات أو العجائز ، ولم يكن يدخل شاب على شابة ويخلو بها في بيت ولا في غيره .
فأين هذا مما يدعو إليه أولئك المخلـِّـطون ، من إباحة اختلاط الشباب بالشابات في كل مكان في مثل هذا الزمان ؟
والعجيب في استدلال المخالفين بحديث فاطمة بنت قيس على الاختلاط ، دون التنـبُّه إلى احتياط النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة ، حيث منعها من الاعتداد عند أم شريك ، وعلل ذلك بخوف أن يقع نظرهم على ما تكرهه ، وأمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم ، لأنه أعمى .
والقوم عكسوا الأمر ، فاستدلوا بالحديث على الاختلاط بدلاً من أن يستدلوا به على الاحتياط من الفتنة والنظر إلى المرأة الشابة .
4 – واستدلوا أيضاً بحديث عائشة قالت \" لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وعــــــك أبو بكر وبلال . قالت : فدخلت عليهما فقلت : يا أبت كيف تجــدك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ .. \" الحديث .
رواه البخاري [ ح 5654 ] في باب \" عيادة النساء الرجال \" .
قال الحافظ \" أي ولو كانوا أجانب ، بالشرط المعتبر \" .
ثم قال \" وقد اعترض عليه بأن ذلك قبل الحجاب قطعاً . وقد تقدم في بعض طرقه \" وذلك قبل الحجاب \" ، وأجيب : بأن ذلك لا يضره فيما ترجم له من عيادة المرأة الرجل ، فإنه يجوز بشرط التستر ، والذي يجمع بين الأمرين ، ما قبل الحجــاب وما بعده ، الأمن من الفــتنة \" اهـ . الفــتح [ 10 / 117 – 118 ] .
قال سمير : أولاً : القصة كانت قبل الحجاب .
ثانياً : الزيارة كانت بحضور أبيها ، لأنها قالت : فدخلت عليهما ، ومقتضاه أن بــــلالاً كان مع أبي بكر ، ولم يكن منفرداً .
ثالثاً : هذه أم المؤمنين ، وذاك بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رابعاً : ذاك الزمان هو أطهر وأتقى من كل زمان .
ثم بعد ذلك تأمل قول الحافظ \" بالشرط المعتبر \" وقوله \" بشرط التستر \" وقوله \" الأمن من الفتنة \" .
فهل يصح أن يستدل بمثل هذه القصة على اختلاط تشوبه شوائب الفتن من كل جانب ؟
5 – و مما استدلوا به أيضاً حديث سهل بن سعد قال \" لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فما صنع لهم طعاماً ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد .. \" الحديث .
رواه البخاري [ ح 5182 ] في باب \" قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس \" .
قال الحافظ \" في الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الفتنة ، ومراعاة ما يجب عليها من الستر \" الفتح [ 9 / 251 ] .
قال سمير : نبه الحافظ هنا أيضاً على شرط أمن الفتنة ومراعاة الستر ، ولاشك أن هذا الأمر كان متحققاً في ذلك الزمان أكثر من غيره ، والقصة ليس فيها أنها جلست مع الضيوف تخالطهم وتتحدث إليهم ، وغاية ما فيها أنها قامت بالخدمة عليهم ، وهذا يقتضي أن تكون أكثر الوقت مجانبة عنهم لتهيء لهم الطعام وغيره .
ثم من هم أضيافها ؟ إنهم أفضل وأتقى ضيف ، فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
فهل يصح أن يقاس على مثل هذه الحادثة ، الاختلاط الذي يحصل في كثير من الأماكن بين الرجال والنساء في زماننا هذا ، وهو اختلاط يفضي إلى مفاسد كثيرة يغلب على الظن وقوعها ؟
6 – واستدلوا أيضاً بحديث الربيع بنت معوذ في قصة زواجها ، ودخول النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، وفيه قالت \" فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر ... \" الحديث . رواه البخاري [ ح 5147 ] .
قال الحافظ \" قال الكرماني : هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب ، أو كان قبل نزول آية الحجاب ، أو جاز النظر للحاجة أو عند الأمن من الفتنة اهـ . والأخير هو المعتمد \" .
ثم قال الحافظ \" والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها ، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ، ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية \" اهـ .
الفتح [ 9 / 203 ] .
قال سمير : وقولها في الحديث \" جويريات \" بالتصغير ، يدل على صغر سـنهن .
وسيأتي الكلام على قصة أم حرام في الرد على الشبهة التالية .

الشبــهة الــرابعــة
\" مس المرأة للرجل الأجنبي \"

استدلوا بحديث أنس في دخول النبي صلى الله عليه وسلم على أم حرام ، ونومه عندها ، وتفليتها شعر النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري [ ح 6282 ] ومسلم [ 1912 ] .
ومثله حديث أنس في دخول النبي صلى الله عليه وسلم على أم سليم أخت أم حرام ، و نومه عندها . انظر صحيح البخاري [ ح 6281 ] .
وقد تقدم جواب الحافظ عن هذا بقوله \" والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنــظر إلــيها ، وهو الجــواب الصحيح عن قصـــة أم حرام .. \" الخ . الفتح [ 9 / 203 ] .
وقد أجاب الأئمة على هذه الشبهة بأجوبة أخرى ، ذكرها الحافظ في الفتح ، فقـــال \" قــــــــــــال ابن عبدالبر : أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أختها أم سليم ، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة ، فلذلك كان ينام عندها وتنال منه ما يجوز للمحرم أن ينال من محارمه .. \"
و ذكر الحافظ أن ابن وهب وابن الجوهري والداودي والمهلب ذهبوا إلى أنها كانت من محارمه.
ونقل قولاً آخر حكاه ابن العربي وهو \" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً يملك إربه عن زوجته ، فكيف عن غيرها ، مما هو المنزه عنه ، وهو المبرأ عن كل فعل قبيح وقول رفث ، فيكون ذلك من خصائصه \" .
ثم ذكر الحافظ أن الدمياطي اعترض على ما ذكر من المحرمية ، واستدل بحديث صريح صحيح في ذلك ، وهو حديث أنس \" كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه ، إلا أم سليم ، فإنه كان يدخل عليها ، فقيل له في ذلك ، فقال إني أرحمها ، قتل أخوها معي \" . رواه البخاري [ 2844 ] ومسلم [ 2455 ] .
فهذا صريح في أن دخوله صلى الله عليه وسلم على أم سليم لم يكن لمحرمية بينهما ، وإنما لأمر آخر .
وقال الحافظ \" وجه الجمع بين ما أفهمه هذا الحصر ، وبين ما دل عليه حديث الباب في أم حرام ، أنهما أختان كانتا في دار واحدة ، كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار ، وحرام بن ملحان أخوهما معاً ، فالعلة مشتركة فيهما \" .
وقال النووي في شرح الحديث الآخر [ ص 1492 ] \" قد قدمنا في كتاب الجهاد ، عند ذكر أم حرام أخت أم سليم ، أنهما كانتا خالتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم محرمين ، إما من الرضاع ، وإما من النسب ، فتحل له الخلوة بهما ، وكان يدخل عليهما خاصة لا يدخل على غيرهما من النساء إلا أزواجه \" .
ثم قال النووي \" قال العلماء : ففيه جواز دخول المحرم على محرمه ، وفيه إشارة إلى منع دخول الرجل إلى الأجنبية ، وإن كان صالحاً ، وقد تقدمت الأحاديث الصحيحة المشهورة في تحريم الخلوة بالأجنبية \" اهـ .
قال سمير : قوله في الحديث \" فقيل له في ذلك \" أي : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك العمل الذي تقرر عند الأمة تحريمه ومنعه ، وهو الدخول على النساء والخلوة بهن ، فأجاب بما أجاب به .
ومن هنا يعلم أن هذه حادثة خاصة لا عموم لها ، سواء ثبتت المحرمية أم لم تثبت .
وقد استنبط العلماء من هذا الحديث منع الخلوة بالأجنبية ، كما ذكره النووي ، ولو كان الرجل صالحاً ، وإلا لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على السؤال .
ونحو ذلك ما ذكر عن أبي موسى الأشعري ، حين دخل على امرأة من نساء بني قيس ففلـّـت رأسه . رواه البخاري [ 3 / 416 ] ومسلم [ 1221 ] .
قال النووي [ ص 780 ] \" هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرماً له \" .
وحسبنا من كل ما ذكر أن نقول : إن النصوص المحكمة صريحة في النهي عن الدخول على النساء والخلوة بهن .
وهذا الحديث ونحوه يحتمل أكثر من احتمال ، وأجاب عنه الأئمة بما ذكرته لك ، ولولا أنهم فهموا أن هذا معارض لتلك المحكمات ، لما تكلفوا الجواب عليه ، ولا يصح أن يترك المحكم ويؤخذ بالمتشابه ، فإن هذا فعل أهل الزيغ والفتنة كما في الآية { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } .
والمتشابه ليس خاصاً بالآيات ، بل الأحاديث أيضاً فيها نصوص متشابهات .
وأما تفلية الرأس ، فهذا أشد من الخلوة ، لأن فيها مخالطة أكثر ومماسة كما لا يخفى ، والفتنة بهذا أشد من مجرد النظر والخلوة ، وقد حرمت النصوص الأمرين ، فتحريم هذا من باب أولى .
ولهذا لم يفهم أحد من العلماء من قبل جواز مس المرأة لشيء من أعضاء الرجل الأجنبي ، بل صرحوا بتحريم ذلك .
ومن عجيب ما قاله الغامدي ، بعد أن ذكر قصة أم حرام ، \" وفيه جواز فلي المرأة رأس الرجل ، ونحوه القص والحلق .. \" !!
قال سمير \" حسبك من شرٍّ سـماعه \" .
لا أدري من أين أتى بمثل هذا النوع من الفقه والاستنباط ؟
لم يكتف بإباحة الاختلاط المفسد ، ولا بإباحة الخلوة المتفق على تحريمها ومنعها ، بل تجاوز إلى إباحة القص والحلق الذي لم يجرؤ حتى \" دعاة التغريب \" على إباحته .
وأنا أجزم أن العوام أيضاً ، ينكرون مثل هذه الدعوى التي تأباها الفطرة السوية ، وتأباها العقول السليمة ، فضلاً عن أن تقرها الشريعة الإسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .
قال الإمام الشاطبي في الموافقات [ 3 / 85 ] في تقريره لقاعدة \" سد الذرائع \" \" وحرم عليه الصلاة والسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية ، وأن تسافر مع غير ذي محرم .. \" .
ثم قال \" إلى غير ذلك مما هو ذريعة ، وفي القصد إلى الإضرار والمفسدة فيه كثرة .
والشريعة مبنية على الاحتياط والأخذ بالحــزم والتحرز ممــا عسى أن يــكون طريقاً إلى المفســدة \" اهـ . باختصار .

الشــبهة الخامسـة
\" مصافحة النساء للرجال الأجانب \"

وهذه أيضاً من عجائب ما أورده المخالف في مقالاته ، حيث أورد عدة أحاديث زعم أنها تدل على جواز مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية .
فقد ذكر حديث أم عطية رضي الله عنها في مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء ، وجاء فيه قولها \" فقبضت امرأة يدها فقالت : أسعدتني فلانة ، أريد أن أجزيها .. \" الحديث .
رواه البخاري [ 4892 ] ومسلم [ 937 ] .
قال الغامدي (( وفيه ما يشير لمشروعية مصافحة النساء ، من قولها \" فقبضت امرأة يدها \" ، ولا صارف يصرف النص عن ظاهره ، فضلاً عما يشهد له من النصوص الأخرى .
فحديث أم عطية رضي الله عنها يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط ، وهي المصافحة . وهذا لايعارضه ما روته عائشة رضي الله عنها بقولها \" ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة ، إلا امرأة يملكها \" .
فإن ذلك لا يؤخذ منه تحريم المصافحة ، لأنه ليس فيه إلا إخبار عائشة عما رأته ، وليس فيه نهي ولا نفي لما لم تره .
وقد روى ما يدل على مشروعية مصافحة المرأة غير عائشة رضي الله عنها ، ويشهد لصحة معناه أحاديث أخرى . وروي بنحوه عن فاطمة بنت عتبة رضي الله عنها ، ولفظه \" فكفَّ النبي صلى الله عليه وسلم يده وكـفـّت يدها \" .. )) اهـ .
قال سمير : يكفي في الرد على هذه الشبهة المتهافتة ، أنه لم يذكر دليلاً واحداً صريحاً في مصافحة أي امرأة لرجل أجنبي ، مع كثرة ما ورد في مصافحة الرجل للرجل ، من أحاديث وآثار .
وغاية ما أورده المخالف ، روايات محتملة ليست صريحة في المصافحة ، وفي حالة خاصة ، وهي المبايعة ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة .
فكيف استنبط من كل تلك الخصوصيات حكماً يعم كل الحالات ؟ كيف وقد صرحت الأحاديث بنفي مصافحة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم عند المبايعة ؟ مع أن المصافحة في تلك الحالة مؤكدة ، لكنها خاصة بالرجال ، ولو فرض أنها جائزة للنساء أيضاً ، لصرحت به الروايات ، ولو حصل هذا لكان حكماً خاصاً بحال البيعة على الإسلام .
فهل يصلح أن يستدل بمثل ذلك على إباحة مصافحة الرجال للنساء في كل الأحوال ؟
وحديث أم عطية الذي شغب به المخالفون ليس فيه تصريح بمصافحة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما قالت فيه \" بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأ علينا { أن لا يشركن بالله } ، ونهانا عن النياحة ، ، فقبضت امرأة يدها فقالت : أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها ، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ، فانطلقت ورجعت ، فبايعها \" .
فقولها هنا \" فقبضت يدها \" يحتمل المصافحة ، لكنه يحتمل أيضاً أموراً أخرى صرحت بها الروايات الأخرى .
وقد أقسمت الصديقة عائشة رضي الله عنها ، أم المؤمنين ، وأفقه نساء العالمين ، على نفي المصافحة أثناء البيعة ، فقالت في أثناء حديثها \" .. فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد بايعتك ، كلاماً ، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ، ما يبايعهن إلا بقوله : قد بايعتك على ذلك \" .
رواه البخاري [ 4891 ] ومسلم [ 1866 ] .
قال الحافظ ابن حجر (( وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية ، فعند ابن خزيمة ، وابن حبان .. عن أم عطية في قصة المبايعة قال \" فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ، ثم قال : اللهم اشهد \" .
وكذا الحديث الذي قالت فيه \" قبضت منا امرأة يدها \" ، فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن .
ويمكن الجواب عن الأول ، بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة ، وإن لم تقع مصافحة .
وعن الثاني : بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول ، أو كانت المبايعة تقع بحائل ، فقد روى أبو داود في \" المراسيل \" عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال \" لا أصافح النساء \" .
وعند عبدالرزاق من طريق إبراهيم النخعي مرسلاً نحوه .
وعند سعيد بن منصور من طريق قيس بن أبي حازم كذلك .
وأخرج ابن إسحق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه عن أبان بن صالح أنه صلى الله عليه وسلم \" كان يغمس يده في إناء ، وتغمس المرأة يدها فيه \" . ويحتمل التعدد .
وقد أخرج الطبراني أنه بايعهن بواسطة عمر .
وروى النسائي والطبري من طريق محمد بن المنكدر \" أن أميمة بنت رقيقة أخبرته أنها دخلت في نسوة تبايع ، فقلت يا رسول الله ابسط يدك نصافحك .
قال : إني لا أصافح النساء ، ولكن سآخذ عليكن ، فأخذ علينا حتى بلغ { ولا يعصينك في معروف } ، فقال : فيما طقتن واستطعتن ..
وقد جاء في أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوب .. )) .
اهـ . باختصار من فتح الباري [ 8 / 636 – 637 ] .

تنبيه

زعم الغامدي أن حديث أميمة ضعيف ، ولم يتنبه إلى أن الحافظ قد سكت عليه ، كما رأيت .
وقد صححه الألباني في صحيح النسائي [ ص 876 ] ، ويشهد له أحاديث أخرى ، ومنها حديث أسماء بنت يزيد ، الذي حسنه الحافظ ، كما سيأتي .
ولا ريب أن هذه الشواهد كلها تقطع بصحة الحديث .

* وذكر الحافظ في موضع آخر من الفتح [ 13 / 204 ] رواية صريحة عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \" إني لا أصافح النساء \" . وحسن الحافظ إسنادها .
وزعم الغامدي أن هذا الحديث إسناده ضعيف ، لضعف راويه شهر بن حوشب . وقد رأيت أن الحافظ حسن إسناده ، وهو أعلم من ألوف من مثل الغامدي . ثم إن شهر بن حوشب لم يتفق على تضعيفه ، بل هناك من حسن أحاديثه وقبلها ، انظر ترجمته في التهذيب [ 4 / 369 ] .
وقال النووي في شرح حديث عائشة [ ص 1203 ] \" فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف .. وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة ، وأن صوتها ليس بعورة ، وأنه لا يلمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة ، كتطبب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها ، مما لا توجد امرأة تفعله ، جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة \" اهـ .
وأطال ابن عبدالبر في التمهيد في سياق الروايات التي صرحت بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء ، ومنها رواية أميمة بنت رقيقة التي ذكرها الحافظ – كما تقدم – ثم قال ابن عبدالبر (( في قوله صلى الله عليه وسلم \" إني لا أصافح النساء \" ، دليل على أنه لا يجوز لرجل أن يباشر امرأة لا تحل له ، ولا يمسها بيده ، ولا يصافحها )) اهـ .
انظر التمهيد [ 12 / 235 – 248 ] .
قال سمير : والأمر كما رأيت ، ليس فيه ما شغب به المخالف ، ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم الصريح \" إني لا أصافح النساء \" ، وقد ثبت من طرق عديدة كما رأيت ، وأكدته أم المؤمنين عائشة بقسمها الذي لم تحنث فيه ، والذي نفت فيه مصافحته صلى الله عليه وسلم للنساء .
والروايات الأخرى ، وإن كانت مرسلة ، لكنها تشهد لها الروايات الصحيحة ، وفيها أنه بايعهن من وراء حائل ، من غير مماسة .
وقد رأيت أن حديث أم عطية ، ليس صريحاً في المصافحة والمماسة ، فليس فيه معارضة لما تقدم ، ولو فرض أنها صرحت فيه بالمصافحة والمماسة من غير حائل ، فإنه لا يصح أبداً أن يحكم به على الروايات الأخرى ، بل يعرض على القواعد الأصولية والحديثية التي نص عليها أهل العلم عند تعارض الأدلة .
وقد نصوا على أن الحديثين إذا تعارضا - ظاهراً – فإنه يصار – أولاً – إلى الجمع بينهما ، لأن العمل بالحديثين أولى من اطراح أحدهما .
فإن لم يمكن الجمع ، وعرف التأريخ ، فيصار إلى النسخ ، فيحكم بالمتأخر زمناً على المتقدم .
فإن لم يعرف التأريخ ، فيصار إلى الترجيح ، فإن لم يمكن فالتوقف . ( انظر نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ) .
وذكروا من وجوه الترجيح أن تأتي نصوص أخرى توافق أحد الدليلين المتعارضين ، فيحكم له على الآخر بتلك الموافقة .
وقد جاء في قواعد الشريعة أنه \" إذا تعارض حاظر ومبيح ، قدم الحاظر \" .
وذكروا من القواعد أيضاً \" إذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال \" .
فلو أعملنا تلك القواعد في مسألتنا هنا ، لترجح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء . ولو فرض أنه صافحهن في البيعة ، فإن ذلك يعتبر حكماً خاصاً به صلى الله عليه وسلم في حالة خاصة ، وهي البيعة ، لا يصلح أن يعم كل حالة .
* وعندنا نص صحيح صريح في المسألة ، وهو حديث \" كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى ..\" وفيه قال \" واليد زناها البطش \" رواه البخاري ومسلم .
انظر جامع الأصول [ 2 / 371 ] . وهذا لفظ مسلم .
وهو صريح في إطلاق اسم الزنا على مس المرأة الأجنبية . انظر شرح النووي [ ص 1573 ] . والمحكمات من النصوص تؤيد هذا أيضاً ، فقد جاء الأمر بغض البصر عن النســاء ، سداً للذريعة ، فكيف بما هو أشد من النظر وهو اللمس ؟
* وأمرت النساء بالقرار في البيوت ، ونهين عن التبرج ، وعن الخضوع بالقول عند مخاطبة الرجال الأجانب ، وكل ذلك سداً لذريعة الفساد والفتنة ، فكيف بما هو أشد من ذلك ، وهو ملامسة الأيدي عند المصافحة ؟
وقد أغرب المخالف في مقاله حين رد حديث عائشة بقوله \" فإن ذلك لا يؤخذ منه تحريم المصافحة ، لأنه ليس فيه إلا إخبار عائشة رضي الله عنها عما رأته ، وليس فيه نهي ولا نفي لما لم تره .
وقد روى ما يدل على مشروعية مصافحة المرأة غير عائشة رضي الله عنها ، ويشهد لصحة معناه أحاديث أخرى \" اهـ .
قال سمير : تحريم المصافحة لم يؤخذ من حديث عائشة ، بل من نصوص أخرى ، ومن قواعد الشريعة المتفق عليها ، ومعلوم – قطعاً – أن نصوص القرآن والسنة قد حرمت ما هو أقل من المصافحة ، فالمصافحة داخلة في تلك النصوص من باب أولى .
وهذا كما أن نصوص القرآن والسنة حرمت سب الوالدين ونصت على التأفيف { فلا تقل لهما أف } . فيدخل في عمومها كل ما فيه أذى وإهانة ، كالضرب ونحوه ، بل هو أولى بالتحريم كما لا يخفى .
فحديث عائشة ، حين نفت مصافحته صلى الله عليه وسلم للنساء ، لا تقصد منه بيان حكم المصافحة ، المقرر بالنصوص الأخرى ، وإنما قصدت نفي حصوله وقت البيعة ، فكأنها ترد على من ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم اختص بهذا الحكم ، في حال بيعة النساء ، كما اختص عن سائر الأمة بأحكام أخرى .
وليس هذا النفي الوارد في حديث عائشة مثل نفي الأمور المباحة ، حتى يقال إنه لا دلالة فيه على النهي .
وأما قول المخالف \" وقد روى مشروعية مصافحة المرأة غير عائشة رضي الله عنها ..\" فهو محض افتراء ، وفيه جهل فاضح للمصطلحات الشرعية .
فالمشروعية لا تطلق إلا على الأمور التي جاء الأمر بها ، وحض عليها الشرع ، وجوباً أو استحباباً ، وأما الأمور الأخرى المباحة بحكم البراءة الأصلية ، فإنه لا يطلق عليها إلا الإباحة أو الجواز .
فيقال : يباح أكل الأرانب ، وركوب الدواب ، ولبس القميص ، ولا يقال \" يشرع \" .
وقد ورد الترغيب في المصافحة ، لكن العلماء خصوه بمصافحة المؤمن لأخيه المؤمن . قال الحافظ في الفتح \" قال ابن بطال : المصافحة حسنة عند عامة العلماء ، وقد استحبها مالك بعد كراهته ، وقال النووي : المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي .. \" وذكر بعض الأحاديث الواردة في استحبابها ، ثم قال \" ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن \" اهـ . [ 11 / 55 ] .
قال سمير : هذا وقد وردت أحاديث أخرى ، تؤيد ما تقرر في الشريعة من تحريم مس المرأة الأجنبية ، ومن ذلك :
* حديث معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحل له \" .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [ 4 / 329 ] \" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح \" .
وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة [ ح 226 ] .
ولا يلتفت لتضعيف الغامدي له ، فإنه ليس أهلاً للحكم على الأحاديث .
* حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \" إياك والخلوة بالنساء والذي نفسي بيده ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما ، ولأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين أو حمأة ، خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له \" .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد [ 4 / 329 ] \" رواه الطبراني ، وفيه علي بن يزيد الألهاني ، وهو ضعيف جداً ، وفيه توثيق \" .
وقد ترجم الذهبي لعلي بن يزيد في كتابه \" الميزان \" [ 3 / 161 ] ونقل أقوال من ضعفه ، ثم قال \" وعليٌّ في نفسه صالح \" .
قال سمير : وعلى فرض ضعف هذا الحديث ، وكذا الذي قبله ، فإن النصوص الأخرى تشهد له وتعضده .
وقد تساهل كثير من العلماء في أحاديث الترغيب والترهيب ، خاصة ما كان لها شواهد وأصول صحيحة ، وقالوا : إن الأحكام لم نأخذها من تلك الأحاديث الضعيفة ، وإنما أخذناها من النصوص الصحيحة ، وهذه الضعيفة إنما جاءت في الترغيب أو الترهيب ، فهي لم تؤسس حكماً جديداً .

الشـبهة السادسة
\" إرداف الرجل للمرأة الأجنبية \"

أورد المخلـِّـط هنا أيضاً شبهة , زعم أنها تؤيد ما ذهب إليه من إباحة الاختلاط المفسد .
فذكر حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما حيث قالت في حديث لها \" كنت أنقل النوى من أرض الزبير , التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم , على رأسي , وهي مني على ثلثي فرسخ , فجئت يوماً والنوى على رأسي , فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومعه نفر من الأنصار فدعاني , ثم قال : إخ إخ , ليحملني خلفه , فاستحييت أن أسير مع الرجال , وذكرت الزبير وغيرته , وكان أغير الناس , فعرف رسول الله صـلى الله عليـه وسـلم أني قد استحـييت فمضى , فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى , ومعه نفر من أصحابه , فأناخ لأركب , فاستحييت منه وعرفت غيرتك .
فقال : والله لحملك النوى كان أشد عليَّ من ركوبك معه .
قالت : حتى أرسل إليَّ أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس , فكأنما أعتقني )) . رواه البخاري [ 5224 ] ومسلم [ 2182 ] .
قال المخالف \" فيه جواز إرداف المرأة , وهو يفيد جواز ما هو أكثر من الاختلاط , كالإرداف والمصافحة ونحوهما , وهو على ملأ من الصحابة , ولم يخصص نفسه عليه السلام بذلك \" اهـ .
قال سمير : قد قدمنا مراراً أن مثل هذه الروايات المحتملة لا يصح أن يعارض بها النصوص المحكمة المتواترة ، التي سدت ذرائع المفسدة والفتنة ، وهذه القصة حادثة عين ، ولم تتكرر ، ولم يثبت أن أحداً من الصحابة أردف امرأة أجنبية خلفه ، بل ولا النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا في هذه القصة ، ولم يحصل الإرداف أيضاً ، فمن أين كل تلك الاستنباطات التي أتى بها هذا المتحاذق ؟
قال الحافظ في شرح هذا الحديث ، بعد أن ذكر قول أسماء \" ليحملني خلفه \" \" كأنها فهمت ذلك من قرينة الحال ، ، وإلا فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد أن يُركبها وما معها ، ويركب هو شيئاً آخر غير ذلك \" .
وقال الحافظ في شرح قول الزبير لأسماء ، لما أخبرته بالقصة ، \" والله لحملك النوى على رأسك كان أشد علي من ركوبك معه \" \" وجه المفاضلة التي أشار إليها الزبير : أن ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم لا ينشأ منه كبير أمر من الغيرة ، لأنها أخت امرأته ، فهي في تلك الحالة لا يحل له تزويجها أن لو كانت خلية من الزوج .. فما بقي إلا احتمال أن يقع لها من بعض الرجال مزاحمة بغير قصد ، وأن ينكشف منها حالة السير ما لا تريد انكشافه ، ونحو ذلك ، وهذا كله أخف مما تحقق من تبذلها بحمل النوى على رأسها من مكان بعيد .. \" .
ثم قال الحافظ بعد ذلك \" والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب ومشروعيته \" اهـ . باختصار . انظر الفتح [ 9 / 323 – 324 ] .
قال سمير : فمع وجود تلك الاحتمالات ، ومنها أن القصة حدثت قبل الحجاب ، إضافة إلى الحال التي كانت عليها أسماء رضي الله عنها ، من المشقة والإعياء ، من مشيها مسافة طويلة ، وحملها النوى على رأسها ، مع كونها أيضاً أخت عائشة ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل يصح أن يستدل بها عاقل على جواز الاختلاط المفســد ، وجواز إرداف أي رجل لأي امرأة أجنبية ؟
ولماذا لم يتنبه لما جاء في القصة من تصريح أسماء \" فاستحييت أن أسير مع الرجال \" وتصريحها بشدة غيرة الزبير ، وصبرها على تجشم كل تلك المشقة الشديدة ، عوضاًً عن الارتداف خلف أتقى وأطهر خلق الله ، صلى الله عليه وسلم .
ونقول مع ذلك ، إنه لو فرض حصول مثل تلك الحالة التي كانت عليها أسماء ، واضطرت المرأة إلى الركوب مع رجل أجنبي ، أو تختلط مع عدد من الرجال ، فتلك حالة اضطرار ، لا يقاس عليها حال الاختيار .
وقال النووي في شرح الحديث [ ص 1365 ] \" فيه جواز إرداف المرأة التي ليست محرماً إذا وجدت في طريق قد أعيت ، لاسيما مع جماعة رجال صالحين . ولاشك في جواز مثل هذا .
وقال القاضي عياض : هذا خاص للنبي صلى الله عليه وسلم ، بخلاف غيره ، فقد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء ، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم مباعدتهن ليقتدي به أمته .
قال : وإنما كانت هذه خصوصية له ، لكونها بنت أبي بكر ، وأخت عائشة ، وامرأة للزبير ، فكانت كإحدى أهله ونسائه ، مع ما خص به صلى الله عليه وسلم أنه أملك لإربه \" اهـ .
قال سمير : كلام القاضي عياض لا مزيد عليه ، وقد كفى وشفى ، وتأمل قوله \" فقد أمرنا بالمباعدة من أنفاس الرجال والنساء \" .

تنبيــهات لطيفــة
* أخرج البخاري حديث أسماء هذا في باب \" الغيرة \" لأن القصة مدارها على هذه الخصلة الحميدة ، وهي من خصال المؤمنين الصادقين . وفيها أيضاً التنبيه على ما كان عليه نساء المؤمنين من الحياء ، ومراعاة الأزواج في غيابهم ، وهو الذي منع أسماء من ركوبها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك .
وهؤلاء المخالفون قد عكسوا القضية رأساً على عقب ، فبدلاً من أن يفهموا الأمر على وجهه ، ويأخذوا بما في القصة من العبرة ، بالتمسك بالحياء والغيرة على النساء ، جعلوها دليلاً على الاختلاط والتصاق الرجال بالنساء .
* وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الناس ، وكان أصحابه كذلك ، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصر .
أقول هذا رداً على ما ذكره المخالف في مقاله حيث شنع على أهل الغيرة في منعهم الاختلاط المؤدي إلى الفساد ، واحتج بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم \" أتعجبون من غيرة سعد ، لأنا أغير منه ، والله أغير مني \" .
وهذا الحديث كثيراً ما يدندن حوله المرجفون ، ويظنون أنه دليل لهم على ترك الاحتياط في مسائل التبرج والخلوة والاختلاط .
والصواب أن هذا دليل عليهم لا لهم ، لأنه نص على أن الغيرة محمودة ، ولهذا كانت صفة من صفات الله تليق بجلاله وعظمته ، وكانت من أخلاق الأنبياء والصالحين من عبادالله وإمائه .
والإنكار على سعد بن عبادة ، لا من أجل غيرته الشديدة ، ولكن لأنه رأى أن يقتل من وجده مع أهله ، مع أن ذلك معارض لحد من حدود الله ، وفيه الإقدام على قتل من لا يستحق القتل .
فأين هذا من غيرة المؤمن على حرمات المسلمين ، حتى لو كان أصل الشيء مباحاً ، فإنه لا ينكر عليه غيرته ، إن منع منه سداً لذريعة الفتنة ، خاصة عند تغير الحال وكثرة الفساد في البلاد والعباد .
وقصة أسماء هنا فيها إشارة وتنبيه إلى حمد الغيرة ومراعاتها ، والاحتياط في مسألة الاختلاط .
* وقد ساق البخاري بعد قصة أسماء حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \" بينما أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت لمن هذا ؟ قال : هذا لعمر ، فذكرت غيرته فوليت مدبراً . فبكى عمر ، ثم قال : أو عليك يا رسول الله أغار \"؟ .
[ ح 5227 ] .
ففي هذه القصة مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيرة عمر رضي الله عنه ، وفيها إقرار له عليها ، وفيها أيضاً أن الجنة ليس فيها اختلاط ، مع أنه أبيح فيها بعض ما حرم في الدنيا لكن بقي الاختلاط والنظر على المنع ، كما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة .
ومنها قوله تعالى { قاصرات الطرف } وقوله { مقصورات في الخيام } .
* وقصة عمر في موافقة القرآن له على الحجاب مشهورة ، ونزول الآية كان بسبب قوله للنبي صلى الله عليه وسلم \" لو أمرت نساءك أن يحتجبن فإنه يكلمهن البر والفاجر \" . الحديث . رواه البخاري [ 402 ] .
* ولم يكتف عمر رضي الله عنه بذلك ، بل أراد المبالغة في حجب نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، حين رأى سودة بنت زمعة قد خرجت لحاجتها فقال \" يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين \" ، فلما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ، بعد أن نزل الوحي وقتها \" إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن \" . رواه البخاري [ 4795 ] .
فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم غيرته تلك ، وإنما ذكر الرخصة لهن في الخروج للحاجة .
* وفي حديث عائشة رضي الله عنها حين أرسلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحج لتعتمر من التنعيم ، مع أخيها عبدالرحمن ، قالت \" فأردفني خلفه على جمل له ، قالت فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي ، فيضرب رجلي بعلة الراحلة . قلت له : وهل ترى من أحد .. \" ؟ الحديث . انظر صحيح مسلم [ 1211 ] .
قال النووي [ 765 ] \" أي يضرب رجلي عامداً لها في صورة من يضرب الراحلة ، بسوط أو عصا أو نحو ذلك حين تكشف خمارها عن عنقها غــيرة عليها ، فتقول له هي : وهل ترى من أحد ؟ أي نحن في خلاء ليس هنا أجنبي أستتر منه \" اهـ .
قال سمير : قد اطلع الله عز وجل على ما صنعه عبدالرحمن مع أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك منكراً ، أو فيه مبالغة ، أو تجاوز، لما أقره على فعله . هذا وقد صرحت عائشة بخلو المكان من الرجال ، ومع ذلك فقد أبت غيرة عبدالرحمن رضي الله عنه أن تتساهل فيه .
والقصص في هذا الباب كثيرة ، وفيها دلالة واضحة على تغليب جانب الاحتياط بين الرجال والنساء ، وأن ذلك ليس من التشدد ولا من التنطع في الدين .

الشـبهة السابعة
\" مداواة النساء للرجال في الحرب \"
استدل المخالف بحديث الربيع بنت معوذ قالت \" كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ، ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة \" رواه البخاري [ 2883 ] .
قال المــخالف \" فيه جواز خــروج المرأة في الغزو لخدمة القوم ومداواتهم ورد الجرحى و القتلى \" اهـ .
قال الحافظ في الفتح [ 6 / 80 ] \" فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة .
قال ابن بطال : و يختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن , لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه , بل يقشعر منه الجلد , فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس .
و يدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت و لم توجد امرأة تغسلها , أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس , بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم , كالزهري , و في قول الأكثر تيمم , و قال الأوزاعي تدفن كما هي .
قال ابن المنير : الفرق بين حال المداواة و تغسيل الميت أن الغسل عبادة , و المداواة ضرورة , و الضرورات تبيح المحظورات \" اهـ .
وقد وردت أحاديث أخرى بنحو حديث الربيع , منها حديث أنس وحديث أم عطية و حديث ابن عباس , أخرجها مسلم في صحيحه .
قال النووي [ ص 1175 ] \" وهذه المداواة لمحارمهن و أزواجهن , وما كان منها لغيرهم لا يكون فيه مس بشرة إلا موضع الحاجة \" اهـ .

قال سمير : كان في المسلمين قلة في الرجال , وكانوا يحتاجون أن يخرج معهم النساء للخدمة والمداواة وسقاية الغزاة , ونحو ذلك , وكل تلك الأمور مما يعين على الجهاد و إعلاء كلمة الله , ولا يظن أن يكون هناك فتنة في مثل تلك الحال , ومع ذلك فقد رأى فقهاء الإسلام , أن تلك المداواة ينبغي أن يحتاط فيها , فلا تباشرها إلا ذوات المحارم مع محارمهن , كالزوج والأب والأخ ونحوهم , أو المتجالات مع الأجانب , للضرورة .
\" والمتجالة \" , هي المرأة التي أسنّت وكبرت . انظر لسان العرب [ 11/116 جلل ] .
فكيف يعقل أن يستدل بمثل هذا على مخالطة الفتيات للشبــاب أو مماستــهن لهم ، في التعليم وغيره ؟ .
وبعد ، فقد أتيت على أكثر ما أورده المخالف في مقالاته من شبهات ، وهي كما رأيت لا تصلح أن يستدل بها على الاختلاط الذي يدعو إليه المخلِّطون .
وقد نقلت لك كلام الأئمة ، مع اختلاف عصورهم ومذاهبهم ، ورأيت تشددهم في مسألة الاختلاط ، واحتياطهم في كل ما كان سبباً للفتنة بالنساء ، ورأيت تواطــأهم على لفظ \" خــوف الفتنة \" و \" إذا أمنت الفتنة \" و \" درءاً للمفسدة \" ونحوها من الألفاظ الدالة على الاحتياط الشديد في مسألة الاختلاط بين الرجال والنساء .
ولا ريب أن الزمان كلما تباعد عن عصر النبوة والخلافة الراشدة ، كان أبعد عن الخشية والتقوى ، وأكثر عرضة للفتنة ، لا يماري في هذه الحقيقة إلا مكابر أو مفتون .



ملخــص البحــث

وبعد فإني قد أطلت كثيراً في بحثي هذا ، وسألخص ما ذكرته ، حتى يجمع شتات ما جاء فيه من تقرير ومناظرة ، فأقول :

# الاختلاط كلمة مطلقة ، لايحكم بمنعه مطلقاً ، ولا بالإذن فيه مطلقاً ، حتى يتبين المراد منه ، وأين ومتى وكيف يكون الاختلاط ؟
والاختلاط ، بمعنى وجود الرجال والنساء في الأماكن العامة ، سواء للعبادة ، كالحج والصلاة ، أو لشئون الحياة والمعاش المعتادة ، كالطرقات والأسواق ونحو ذلك ، لا يماري في إباحته وجوازه أحد ، ولا يحتاج إلى الاستدلال عليه ، فإن أدلته لا تنحصر .
لكن هناك ضوابط شرعية لمثل هذا الاختلاط ، في العبادات والعادات ، منها ماهو منصوص عليه بعينه ، ومنها ما يدخل في المنصوص عليه ، بالعموم المعنوي ، لأنه في معناه ، أو هو أولى بالدخول فيه .

# وقد دلت النصوص المحكمة ، من الكتاب والسنة ، على أن المباعدة بين أنفاس الرجال والنساء مطلوبة ، وأن النفوس البشرية السوية قد جبلت على ميل كل جنس للآخر ، من الرجال والنساء ، ليس في ذلك أدنى شك أو مراء .
وهذه الشريعة الإسلامية السمحة ، صالحة لكل زمان ومكان ، وصالحة لكل إنسان ، ولهذا فإنها لم تحدد كثيراً من الأمور المعتادة ، رفعاً للحرج والمشقة عن الأمة ، لكنها نصت على القواعد العامة في مثل تلك العادات ، حتى يتبصر بها من أراد إصابة الحق وموافقة مقاصد الشرع .

# فخروج النساء ومشاركتهن في بعض الأعمال ، كالزراعة ورعاية الماشية ونحو ذلك ، مما اعتادت عليه بعض المجتمعات البدوية في كثير من البلدان ، وهو شبيه بما كان عليه الناس في قديم الزمان ، لا يصلح أن يقاس عليه خروج النساء في المدن واختلاطهن بالرجال في الجامعات وفي الوظائف ، فالاختلاف بين الحالين ظاهر لكل عاقل .

# والمفاسد المترتبة على اختلاط الجنسين في الحالة الأولى ( المجتمع البدوي ) ، أقل منها بكثير في الحالة الثانية ( المجتمع المدني ) .
والشريعة الإسلامية تضبط المصالح والمفاسد بالكثرة والغلبة ، فتحكم بموجبها على القــلة والندرة .
ولأن أكثر من يتكلم في مسائل الاختلاط والحجاب ، ويزعم أنه ينتصر فيها لجانب النساء ، لا علم لهم بقواعد الشريعة ، فيظنون أن العبرة بوجود النصوص في أي مسألة ، فمتى ما وقف على شيء من تلك النصوص ، فقد حصل المطلوب ، واستوى هو والفقيه في العلم بتلك المسألة .
وربما استدل على تلك المساواة بأن الله تعالى قد يسر هذا الدين لكل الناس ، وأنه خاطبهم بالأحكام على حد سواء ، فقال { يا أيها المؤمنون } وقال { يا أيها الناس } . ومن هنا يحصل الغلط والخلط في كثير من المسائل التي يتناولها كتاب الصحف ونحوهم من المثقفين ، ممن أوتوا حظاً من بعض العلوم ، لكنهم ليسوا أهلاً للخوض في كل مسائل الشريعة ، خاصة تلك المسائل المشتبهة .
نعم هناك يسر في فهم بعض النصوص في الأحكام العامة ، من الواجبات والنواهي والحدود .
فأحكام العبادات ، كالصلاة والصيام والحج ، والمعاملات ، كالنكاح والطلاق والبيع ، مما يحتاجه الناس ، يسهل فهم أصولها ، وتبقى الفروع مما يتفاضل الناس في فهمه وإدراكه .

# وتبقى مسائل الحلال والحرام , وفهم مقاصد الشرع , وتنزيل النصوص على الوقائع الــمعاصرة , وتنازع المصالح والمفاسد في كثير من تلك الوقائع , إلى غير ذلك , مما يشتبه على كثير من الناس , ويحتاج فيه إلى فهم الراسخين من أهل العلم , ليحكموا عليها بموجب القواعد الشرعية , ولا يصح أن يتكلم فيها غيرهم , لما ذكرته من أسباب .

# ونحن لا ندعي أن كل اختلاط نحتاط فيه يؤدي إلى الفساد حتماً , فهذا لا يصح إطلاقه على الأمور التي صرحت النصوص بتحريمها كالخلوة والسفر بغير محرم , فضلاً عن غيرها من الأمور المشتبهة .
لكننا رأينا بالاستقراء لأحوال الأمم الذين تساهلوا في الاختلاط , فوجدنا مفاسده طافحة , ولم نر ما يقابلها من المصالح المزعومة .

# والاختلاط في مراحل التعليم , كالجامعات مثلاً , ما هي المصالح المرجوة منه ؟ إن كانت اقتصادية ، بحيث توفِّرعلى الدول إنشاء جامعات مستقلة للبنات , فإن ذلك التوفير يمكن أن يتحصل عليه بغير الاختلاط , وهو أن تقسم الأوقات بين البنين والبنات .
وقد ذكرنا أن هذا التقسيم حاصل في بعض المدارس الحكومية بسبب قلة المدارس وكثرة الـطلاب .
وهناك طرق كثيرة وسبل متنوعة يمكن منها فصل الجنسين في التعليم , إذا وجدت النية الصادقة
والتخطيط السليم .
وإن زعموا أن في الاختلاط مصالح أخرى ، اجتماعية أو إنسانية ، فليأتوا عليها ببرهان إن كانوا صادقين .

# ومن أعجب ما يثرثر به دعاة الاختلاط ، تبعاً لإخوانهم من دعاة التغريب وتحرير المرأة ، زعمهم أن في دعوتهم نهضة للأمة ، لتلحق بركب الحضارة المدنية التي تتزعمها الأمم الكافرة ، وأنه لن يحصل للأمة تقدم ولا رفعة إلا بذلك ، وأن مخالفيهم من المشددين في أمر الاختلاط ، يريدون أن تبقى الأمة على ماهي عليه من الضعف والتخلف والذلة . ويستشهدون على ذلك بحال الأمم الكافرة اليوم .
ولا أظن عاقلاً ينخدع بمثل هذا الهراء ، ويكفي في الرد على تلك الشبهة أن يقال : كيف نهضت أمة الإسلام في عصر النبوة والخلافة الراشدة والعصور التي تلت ذلك ، والتي سبقت ولادة الحضارة الغربية ؟
أكانت نهضتها بما يدعو إليه هؤلاء ، من التغريب ، أو تحرير المرأة ، أو اختلاط الرجــال بالنساء ؟
والجواب على ذلك معروف ، يشهد له التأريخ ويشهد له واقع الأمة ، ولا يصلح آخرها إلا ما أصلح أولها .
هذا ما أحببت ذكره ، وأسأل الله تعالى أن يبرم لهذه الأمة أمرَ رُشــد ، يعلو فيه الحق وأهله ، ويدمغ فيه الباطل وأهله ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر ، ويحكم فيه بالكتاب والسنة ، لا بأهواء دعاة السوء والفتنة ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

تنبيـــه
قبل نشــــــر هذا البحــث اطــلعت على ما كتــبه الدكتـــور عبدالعزيز الطــريفي عن الاختــلاط ، فوجدته بحثاً نفيسـاً للغاية ، قد أجاد فيه وأفاد ، جزاه الله خيراً ونفع بعلمه .

وكتب سمير بن خليل المالكي
مكة المكرمة
1 / 1 / 1431 هـ

همي الدعوه
17 Jan 2010, 04:01 AM
من يحق له الإفتاء يا سماحة المفتي .. ؟؟
الأحد 17, يناير 2010



لجينيات ـ
تفاجأ المجتمع السعودي بأسره بفتوى الشيخ أحمد قاسم الغامدي والتي عنونت في جريدة عكاظ بعنوان ( الهيئة تفتي بجواز الأختلاط ) ولم يصّدق كثيراً من الناس الجرأة التي صدرت بموجبها هذه الفتوى وهل هي تعتمد على نصوص شرعية ؟؟ أ و هو اجتهاد يعتقد أن الحاجة تبرره . الناس يسألون ما الذي يحصل .. ؟ وهل كانت الهيئة في الماضي على خطأ حيث كانت تمنع الإختلاط وتدعوا إلى عدم التبرج والتقيد بلبس الحشمة ، ثم يسأل الناس هل من صلاحية الهيئة الإفتاء .. علماً انه معروف أن الفتوى من إختصاص هيئة الإفتاء العامة ولا يحق للهيئة التي تحدث باسمها الدكتور الغامدي أن تفتي بالأختلاط .. مع العلم أن الهيئة جهاز حكومي مهمتها الرقابة الاجتماعية وليس التبرير لاشياء محرمة حيث تنص النقطة الثالثة من المادة الأولى على كون الاختلاط والتبرج من المحرمات الشرعيية وفق اللائحة التنفيذية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو بذلك يعارض نصاً من اللوائح التنفيذية لمرجعه الوظيفي ، كما أنه يُفهم من الفتوى الاباحة المطلقة وليس الحاجة والضرورة .


انه من الموسف أن الكل يدلي بدلوه في هذا المجال حتى من لا علم له بنصوص الشريعة وهذا جلي فيما كتبه بعض الكتاب مقلداً لمن يراه صواباً وكان الجدير باخواننا الذين يكتبون أن يردوا العلم إلى الله ثم إلى علماء الشريعة وأعني بالعلماء العاملين بما علموا إستدلالاً لقول الله تعالى عن الملائكة ( قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ) وهذا تقديس وتنزيه لربنا عز وجل الذي له العلم المطلق والحكمة البالغة .. ونحن نعلم أن نصوص الشريعة من القران العظيم والسنة الشريفة تصدقه بعضه بعضاً ويوضح بعضه بعضا وليس الأمر كما يزعمه بعض الجهلة من تعارض النصوص بل إن التعارض في العقول والأذهان .


كما أن بعض من يدعون انهم علماء عصرنا الحاضر يقولون ان الحجاب عادة وليس عبادة .. وأقول أنه يجب على من من يدعى العلم والمعرفة أن يعمل بالادلة الشرعية لا بارا ء الرجال لان الانسان خطاء ولكن يجب التمسك بالميزان الذي جاء به رسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم .


إن عامة الناس أصبحوا في حيرة من أمرهم ويريدون من لجنة الإفتاء وعلى راسهم سماحة مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن يصدروا بيان يفيدوا الناس عن صحة ما أفتاء به الدكتور أحمد الغامدي ( والتي عنونتها جريدة عكاظ بعنوان هيئة الأمر بالمعروف تفتي بجواز الإختلاط ) مع العلم أن المجتمع كله كان يعتمد على فتاوى الشيخين الكبيرين عالما الأمة الشيخ بن باز والشيخ بن عثيميين يرحمها الله وهما من العلماء الذين يعتمد عليهم والذين أفتوا بعدم جواز الإختلاط ، وعليه فإننا بحاجة من علمائنا الأجلاء أيضاح مايلي حتى يزال الغموض وتنجلي الغُمة .


1 / هل كانت فتاوي علمائنا الأفاضل أمثال الشيخ بن باز وابن عثيمين يرحمها الله صحيحة أم لا . ؟


2 / من يحق له الفتوى وهل ما قاله الشيخ أحمد الغامدي في مقاله عن الإختلاط وغيره صحيح أم لا . ؟


3 / هل الفتوى تتغير بتغير الزمن .. وهل ما كان حراماً في الماضي أصبح حلالاً في الوقت الحاضر أم أن الفتاوى تعتمد على نصوص شرعية لا يجب الخروج عنها ؟


ولعل سماحة المفتي واعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء يسمحوا لي بان أذكر بعض ما يتجاذبه الناس من أحاديث في المجالس وهم يسألون باستغراب ويريدون الإجابة :


أ / إذا كان الإختلاط حلال .. فما الداعي إلى إنشاء قاعتين للأفراح أحداهما للرجال . . وأخرى للنساء وهذا يزيد التكلفة المادية على المادية العريس.


ب / وأيضاً لماذا نعمل مدارس خاصة بالأولاد وأخرى بالبنات ما دام مفتين العصر الحاضر يفتون بجواز الإختلاط .


ج / ثم ما هي النصوص الشرعية التي تجلي الغُمة وتوضح للناس صحة ما يفتون به من جواز الإختلاط . أفيدونا يا سماحة المفتي أفادكم الله مع أن ولاة أمرنا يحفظهم الله يحكمون بما أنزل الله وخادم الحرمين الشريفين جعل القران هو دستور هذه البلاد
حفظ الله هذا البلد وحفظ له علمائه المخلصين الذين يفتون بما نص عليه القران والسنة النبوية .

د / عبد العزيز بن ذياب الغامدي
كبير جيولوجيين
ومستشار وكيل الوزارة للثروة المعدنية ( سابقاً )
وكاتب صحفي

سفري بعيد وزادي قليل
21 Jan 2010, 03:39 AM
وهل الغامدي أهل للفتوى !!
سبحان الله تجاسر على الفتوى من لاعلم له
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ‏"‏ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ‏"‏‏.‏ قَالَ الْفِرَبْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ نَحْوَهُ‏.‏ أخرجه البخاري / كتاب العلم /باب كيف يقبض العلم
(اللهم إنا نسألك علماً نافعاً...آمين)

شذى المسك
21 Jan 2010, 06:36 AM
الله يثيبك على مابينة في هذا الموضوع الذي أشغال عامة الناس وعلمائها
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

همي الدعوه
23 Jan 2010, 04:02 AM
الرد المنضبط على تعقيب المختلط

سمير بن خليل المالكي


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام
على من لا نبي بعده .
أما بعد ، فقد قرأت ما عقب به الغامدي على من رد عليه اختلاطه في مقالاته عن الاختلاط ، فوجدت تعقيبه لا يقل سخفا وجهالة عن مقالاته السابقة ، ولم يأت فيه بجديد ، سوى التأكيد والتأييد لمغالطاته وأخطائه ، وهذا مما يدل على أن الرجل قصد أن يلبس على العوام دينهم ، وأن يقذف الشبهات لإضلالهم ، وأن مقالاته السابقة لم تكن هفوة عابرة ولا زلة طارئة .
وقد أكد لنا ، أن بضاعته في العلم مزجاة ، بل وفي الأدب أيضا ، لأنه أطلق للسانه وقلمه العنان ، في التنقص بمخالفيه ، ورميهم بما يشاء من تهم ، دون النظر في عظم قدر من خالفه ، وهم جماهير أئمة السلف والخلف .
لكنه جبن أن يصرح بالطعن فيهم ، فصب جام سفهه على كل من رد عليه ، مع أن الرادين عليه قد نقلوا كلام أئمة السلف ، وفقهاء المذاهب الأربعة ، وشراح الأحاديث ، ولم يخترعوا قولا منكرا ، أو يؤسسوا مذهبا باطلا ، كما فعل "المختلط " .
* و قد نقلت من قبل ، جملة من نصوص السنة الصحيحة ، و أقوال أئمة السلف في الرد على هذا " المختلط "، ولا حاجة إلى تكرار ما ذكرته في تفنيد شبهاته وأباطيله .
لكن لما قرأت تعقيبه الأخير في موقع " العربية نت " ، رأيت أن أتعقبه في بعض ما ذكره ، مع أنه لم يأت فيه بجديد سوى الإصرار على المعاندة والاستكبار .

* * * * *

@ زعم " المختلط " أن مقالاته السابقة كانت : " ردا على ذلك المد الباطل على حقوق الشريعة والوطن" !
قلت : من أحق بأن يتصف عمله ودعوته ب " المد الباطل على حقوق الشريعة والوطن " ، هل هم الذين استمسكوا بالعروة الوثقى والحبل المتين ، واقتفوا هدي سيد المرسلين ، وسلف الأمة الماضين ، على اختلاف عصورهم ومذاهبهم ؛ أم الذين جعلوا القرآن عضين ، وخالفوا سنن المتقين ، وتنكبوا الصراط المستقيم ، اتباعا لأهوائهم ونزواتهم ؟
" و المد بالباطل في الشريعة " ، قد عرفناه في أسلافهم من المفسدين
من دعاة " التغريب " ، ودعاة " تحرير المرأة " ، ولم يأت هؤلاء "الخلوف " بجديد ، سوى اجترار شبهات الأولين ، فالأصل واحد ، والفروع كثيرة ، لكنها تسقى جميعا وتقتات من مصدر كدر آسن .

* وأما" المد بالباطل في الوطن " ، فما رزئت الأوطان ، على مر العصور والأزمان ، بأسوأ من هؤلاء المتعالمين ، يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون .
يزعمون من أكثر من نصف قرن بأن نكبة الأوطان سببها عزل النساء عن الاختلاط بالرجال في ميادين الحياة !
ويدعون أن تخلف البلدان الإسلامية سببه العفاف و الحجاب ، والمباعدة بين النساء والرجال الأجانب !
وما رأينا واحدا من أولئك صنع إبرة
فما فوقها ، ولا أسهم قيد أنملة في منفعة تعود على العباد والبلاد ، غير الثرثرة ، وإشغال الأمة بما لا فائدة فيه في معاش ولا في معاد .
مضت عشرات العقود على دعواتهم الفجة فماذا كانت النتيجة ؟
ماذا صنعت دعوة قاسم أمين وطه حسين ورفاعة الطهطاوي وهدى شعراوي ونوال السعداوي . . ، وعشرات من دعاة " التغريب" وأدعياء التجديد والحضارة والدفاع عن حقوق ( ! ) المرأة ؟
هل جلبت دعواتهم الآفنة ذرة خير أو نفع لأوطانهم ، في علم أو صناعة أو تجارة أو زراعة أو غيرها من سبل المعيشة والرخاء ؟
إن التأريخ يشهد ، أن كل أولئك الناعقين لم يكن لهم أي مساهمة ، ولو يسيرة ، في شيئ مما يزعمونه من بناء الحضارة المدنية .
وهؤلاء " المخلطون " المعاصرون هم على نفس الشاكلة ، وما رأيناهم يوما قد شاركوا في نهضة أو في عمران ، ولا قدموا نفعا للأوطان والبلدان .

* وفي مقابل أولئك وهؤلاء ، ترى مئات ، بل ألوفا ، من دعاة الخير والإصلاح ، في القديم والحديث ، ممن كانت له مساهمة كبرى في بناء الأمة ، وتربية الأجيال على العفاف والاستقامة .
وترى ألوفا من أصحاب العلوم والمعرفة التجريبية و الصناعة والتجارة وغيرها ، ممن نفع الله بهم العباد والبلاد ، في مختلف ميادين الحياة والمعاش ، ولم يزعم واحد منهم أن تخلف البلدان وضعف الأوطان ، سببه المباعدة بين أنفاس النساء والرجال .
بل حتى عقلاء الأمم المتقدمة في الصناعة والحضارة المدنية ، لم يزعموا مثل ما زعمه أولئك الناعقون
من دعاة " الاختلاط " و "التقارب " بين الجنسين .
ويكفينا شاهدا على ما ذكرنا أن كل عباقرة التأريخ في شتى العلوم والصناعات ، التي بنيت عليها جميع الحضارات ، ليس فيها شاهد واحد على ما يزعمه " الأفاكون " .

* فمن قديم الزمان ، كانت هناك حضارات بناها علماء وحكماء ، في مختلف العلوم ، كالرياضيات والطبيعة والطب والكيمياء .
منهم : جالينوس وبقراط وفيثاغورس وبطليموس . . . وعشرات من المشاهير القدماء ، وكلهم ذكران ، ليس فيهم امرأة واحدة ، وما بلغنا أنه كان عندهم اختلاط أو مماسة للنساء ، ومع ذلك أسسوا حضارات قديمة اعتمد عليها كثير ممن جاء بعدهم من العلماء .

* واستمر الأمر كذلك ، حتى جاء الإسلام ، وامتدت حضارته قرونا من الزمان ، ولم يكن للاختلاط دور في بناء حضارته ، وعلو شأن دولته ، وإنما اقتصر دور النساء فيها على نطاق ضيق ، بضوابط شرعية في الستر و الحجاب ، والمباعدة عن الاختلاط بالرجال .
أما الصناعات والسياسات ، وغيرها من العلوم ، في تلك العصور الذهبية للإسلام ، التي حكمت نصف العالم ، فقد خلت من مشاركة النساء ، فضلا عن مخالطتهن أو مماستهن للرجال .

* وحتى النهضة الغربية الحديثة ، ليس للنساء فيها مشاركة " ظاهرة " لشيئ من تلك المخترعات ، ولم يكن للاختلاط دور في بنائها ، وإنما كان الاختلاط ، ولا يزال ، عادة من عاداتها،
لم يزعم أحد أن وجوده سبب لوجودها ، ولا أن عدمه سبب لعدمها .
فهل يزعم عاقل أن " أرشميدس " ، مثلا ، قد استعان بإحدى النساء في تجاربه ، أو أنه اختلط بهن في مختبره ؟
وقل مثل ذلك عن " لافوزيه " و " نيوتن " و " أينشتاين " و " جاليليو " و " أديسون " و "ماركوني " و " ماجلان " و مئات غيرهم من مشاهير العلماء ، الذين أسسوا الحضارة المدنية الحديثة .
(و لاحظ أيضا ، أنهم كلهم ذكور ) !

* * * * * *

@ و زعم " المخلط " أيضا أن كل من رد عليه " كانت لهم أغراض يريدون تحقيقها من خلال ذلك التصعيد المقصود " . كذا قال .
قلت : لم يفصح لنا عن شيئ من " أغراضهم " ، مع أن المقام يستدعي البيان والتوضيح ، لا الكتمان والتلميح .
وليت شعري، ماهي تلك "الأغراض"
التي " يريد تحقيقها " من يدعو إلى فصل النساء عن الرجال في ميادين العمل والتعليم ؟
الظاهر أن المخلط ، لكثرة ما ثرثر به عن " الاختلاط " ، قد اختلط عليه الأمر وانقلبت لديه الموازين ، فإن العادة جرت على أن يكون هناك " مآرب " و" أغراض " لدعاة الاختلاط والرذيلة ، لا لدعاة العفاف والفضيلة .
و إن كل العقلاء يجمعون على أن من يدعو إلى الخلوة بالنساء ، وإردافهم خلف الرجال الأجانب ! ومس الأيدي والشعور ( !! ) ، هو الذي لديه أغراض ومآرب ، لا من احتاط في أمر الاختلاط ، ودعا إلى المباعدة بين النساء و الرجال الأجانب .

* * * * * *

@ وزعم " المخلط " كذلك ، أن مخالفيه استدلوا بأحاديث ضعيفة جهلا منهم بوجوه الضعف ، وتقليدا منهم لمن صححها .
@ كما ذكر أيضا أنهم قلدوا من سبقهم من العلماء المجتهدين ، في فهمهم وتوجيهم للأدلة التي استدل بها " المخلط " ، وتعصبوا لأقوالهم من غير تمحيص لها ، وأن أولئك المجتهدين مأجورون على اجتهادهم الذي أخطأوا فيه ( ! )
وأما من قلدهم في اجتهادهم ممن رد عليه ، فليس لهم عذر ، لأنهم تركوا الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تدل على جواز الاختلاط ، والخلوة ، ومس الشعور والأيدي ، والالتصاق بالأبدان في ركوب الدواب ( وما شابهها ، مثل : الدراجات العادية والنارية والبحرية ) !

@ واستدل ، بحديث " الشبهات " المشهور ، ثم قال " فالمشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، وإنما يعلمها من وفقه الله من المجتهدين . وأهل الاجتهاد مؤتمنون على البيان بالبرهان والدليل ، وليس بالهوى والتعصب والأقاويل " . انتهى .
قلت: سأبدأ ردي على هذا "المتعالم "
من آخر ما قاله هنا ، وبعدها سأرجع إلى تفنيد أوله .
فحديث " الشبهات " ، قد قسم فيه صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام : حلال بين ، وحرام بين ، وأمور مشتبهات .
ثم نص على وجوب اتقاء المتشابهات
وبين أن من واقعها فقد واقع الحرام
وهذا من أصرح الأدلة التي تنقض كل مقالات هذا "المخلط " ، وتنسفها نسفا .
فإن النصوص قد تواترت على وجوب الحجاب والستر ، والمباعدة بين الرجال والنساء ، وغض البصر .
وحذرت من الفتنة بالنساء ، وسدت كل الذرائع المفضية إلى ذلك .
وحرمت الخلوة بالمرأة ، والدخول عليها ، وسفرها من غير محرم ،
و الخضوع بالقول ، و إظهار ما يخفى من زينتها ، ولو كان في أسفل القدم ،
إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في الكتاب والسنة الصحيحة .
ومعلوم أنه إذا حرم الأدنى والأخف ، في " الضرر و الفتنة " ، حرم الأعلى والأشد ، من غير شك ولا مرية .
فكان تحريم المصافحة ومس الشعر
والتلاصق ، بأي صفة كانت ، في ركوب الدواب ، أو في غير ذلك ، أظهر في المنع وأولى بالتحريم .
وقد وردت نصوص مشتبهات ، قد يفهم منها إباحة تلك المحرمات ، فماذا نصنع ؟
هل نقضي بها على المحكمات البينات ، فنكون من أهل الزيغ والفتنة ، الذين قال الله فيهم {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } ؟
أم نرد المتشابه إلى المحكم ، ونكون في زمرة الراسخين في العلم الذين يقولون { آمنا به كل من عند ربنا } ؟
روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " [ ح 4547 ] .
و ذكر الحافظ في الفتح [ 8 / 211 ]
أن أول ما ظهر في الإسلام من اتباع المتشابهات من النصوص ، كان بفعل الخوارج ، وقد فسر ابن عباس بهم الآية .
قلت : فتبين أن استدلال " المختلط " بحديث " الشبهات " حجة عليه ، لا له ، كما هو ظاهر لكل عاقل .
وهذا يقودنا إلى الكلام على مسألة "الاستدلال " ، التي خلط فيها كل المخالفين ، من القرون الأولى حتى عصرنا الحاضر .

* وذلك أن المستدل بنص من القرآن والحديث ، يلزمه أن ينظر أولا إلى فهم السلف لهذه النصوص ، فإنهم أعلم وأحكم ممن جاء بعدهم ، على وجه العموم ، بدءا بالصحابة ، ثم التابعين ، ثم تابعيهم . . وهلم جرا .
أما الاستقلال بالنظر في النصوص وأخذ الأحكام منها ، دون الرجوع إلى فقه سلف الأمة ، فإنه سبيل أهل الزيغ والفتنة .
ولم تظهر الفرق في هذه الأمة إلا بالاستقلال بالنظر والتفقه في النصوص ، دون الرجوع إلى فهم السلف .
وقد استدل الخوارج بآيات من القرآن ، لكنهم لم يفهموها فهم الراسخين من علماء الأمة ،
فضلوا وأضلوا .
هذا مع أنهم وصفوا في الأحاديث الصحيحة بصفات لم يحظ بها جل من جاء بعدهم من المخالفين .
منها : كثرة القراءة ، والاجتهاد في الصلاة والصيام والعبادة .
وضلت القدرية بعد أيضا ، بسبب استقلالها في فهم نصوص القرآن في القدر ، دون الرجوع إلى فهم الراسخين من السلف .
وكل الفرق بعد ذلك ، إنما كان ضلالها بسبب خطئها في الاستدلال .
فليس العبرة بصحة الدليل ، فحسب ، بل لا بد من صحة الاستدلال به على المطلوب .
ومن ثم وضع الأئمة المصنفات في أصول الفقه والتفسير والحديث ، حتى تضبط العلوم بضوابط وقواعد ، منعا من التخبط والشطط ، والخلط في الفهم والاستنباط .
وأول من وضع قواعد العلوم الشرعية ، الإمام الشافعي ( ت 204 )
في كتاب " الرسالة " ، بطلب من الإمام عبدالرحمن بن مهدي .
ثم تتابعت بعد ذلك مصنفات الأصول والقواعد ، في الفقه والتفسير والحديث ، وأفردت لها مصنفات مستقلة .
فمن رام فهم نصوص الوحي والاستدلال بها دون الرجوع إلى فهم الراسخين في العلم بها ، ودون التقيد بقواعد العلوم وأصولها ، فإنه سيختلط عليه الحق والباطل ، وستلتبس عليه الأمور ، كما التبست على من سبقه من أهل الزيغ والضلال .
و لهذا فقد تواتر عن علماء الأمة نصوص في وجوب اتباع مذهب السلف الأولين ، و التحذير من اتباع أهواء المضلين .
فقال ابن مسعود " من كان مستنا فليستن بمن قد مات . . " .
وقال غيره " عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس . . " .
وقال آخر " من انسدت عليه أبواب مذهب السلف الحق ، عميت عليه أنباء التحقيق " .
وقال كثير من المتأخرين " كتاب وسنة ، بفهم سلف الأمة " .

* و مسألة التصحيح والتضعيف ونقد الأحاديث والآثار ، قد أفرد لها أئمة الحديث مصنفات ذكروا فيها قواعد عامة لضبط هذا العلم ، لكنهم لم يقصدوا من ذلك أن يقحم الجهال والأغمار أنفسهم ويحشروا أنوفهم في الحكم على الأحاديث ، دون الرجوع إلى حكم الراسخين من علماء الحديث ، وعلى رأسهم أئمة الجرح والتعديل ، وأصحاب الصحاح والمسانيد والسنن المشهورة .
ومعلوم أن قواعد الحديث ، وهو ما يسمى بعلم " المصطلح " ، وعلم
" الجرح والتعديل " ، من أشد العلوم غموضا ، وأصعبها على الفهم ، ومع ذلك فإن المتطفلين عليه في زماننا هذا كثيرون ! ومنهم هذا "المختلط "
الذي ظن أنه بقراءة بعض مصنفات " الجرح والتعديل " ، المختصرة ، فإنه يكون أهلا لأن يصحح أو يضعف .
وكأن المسألة أشبه بمسائل الضرب الحسابية ، التي تدرس للطلاب في مراحل التعليم الأولية ، فيستعين الطالب بجدول الضرب في حلها !
وليس الأمر بهذه السهولة ، فإن نقد الروايات من أدق العلوم وأعمقها .
ولهذا تجد من يتكلم في الجرح والتعديل والنقد هم جهابذة الحفاظ ، وهم أقل من القليل بالنسبة للآلاف المؤلفة من رواة الحديث والأثر في كل عصر .
ومنهج أصحاب الصحاح ، وعلى رأسهم البخاري ومسلم ، انتقاء الروايات ، فإنهم لا يقبلون كل أحاديث الثقات الأثبات ، كما أنهم لا يردون كل أحاديث الضعفاء ، ولهذا تجد في رجال الصحيحين من رمي بشيئ من الضعف ، فيظن الجهال بأن الشيخين قد فات عليهما معرفة ما في هؤلاء الرواة من الضعف ، فيبادر إلى تضعيف الروايات .

* ونضرب على ذلك بمثال و هو : خالد القطواني ، فقد ترجم له الحافظ في " التهذيب " [ 3 / 116 ] وذكر الاختلاف في تضعيفه وتوثيقه ، ومع ذلك فقد أخرج له الشيخان .
ولو اقتصر الناقد على بعض ما ذكر في ترجمته في" الميزان " للذهبي ،
أو "التقريب " لابن حجر ، لحكم على كل رواياته بالضعف ، وليست هذه طريقة أهل العلم في نقد الروايات .

* ومثله شهر بن حوشب ، فقد أخرج له مسلم في الشواهد ، وارتضاه الإمام أحمد حتى قال عنه
" ما أحسن حديثه " ، وقال عنه البخاري " حسن الحديث " ، و وثقه ابن معين وغيره . انظر التهذيب [ 4 / 369 ] .
وقال عنه الإمام الذهبي في الميزان [ 4/ 284 ] " قد ذهب إلى الاحتجاج به جماعة" .
وقد حسن الحافظ ابن حجر أحاديثه في أكثر من موضع في الفتح ، ومنها حديث أسماء في منع مصافحة النساء ، انظر الفتح [ 13 / 204 ] ، كما ذكرت ذلك في ردي السابق على " المختلط " .
وإنك لتعجب حين ترى مثل هذا الجاهل الذي ضعف حديث شهر بن حوشب ، بناء على ما قيل فيه في "التقريب "، مع أن صاحب" التقريب "
نفسه حسن إسناده !
وهذا يؤكد ما ذكرته من أن مذهب الأئمة في نقد الأسانيد لا يعتمد على ما في التراجم المختصرة ، كالتقريب ونحوه .
* ويقال أيضا عن سنن أبي داود والنسائي والترمذي ومسند أحمد وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان ، ما قيل في الصحيحين ، إلا أن شروط هؤلاء في الرجال وفي الروايات أقل من شروطهما .
وقد حكم الترمذي بالصحة أو الحسن على كثير من الروايات التي في إسنادها رواة مختلف فيهم ، وليس ذلك جهلا من الترمذي بحالهم ولا ذهولا عما قيل فيهم ، ولكنه اختيار وتمحيص منه لمروياتهم .
و تفصيل الكلام على هذه المسائل يطول جدا وإنما قصدت الإشارة إليه هنا ، حتى لا يغتر من لا علم عنده بكلام هذا "المختلط " ، ويلتبس عليه الأمر .

* وسأضرب بعض الأمثلة مما ذكره "المختلط " في مقالاته السابقة ، في الحكم على الأسانيد ، بدون علم ، ظنا منه أنه أهل لذلك .

1 _ ضعف حديث أميمة بنت رقيقة " إني لا أصافح النساء " ، لأن في إسناده محمد بن المنكدر .
قلت : هكذا يقذف بالباطل ويهرف بما لا يعرف ، ثم ينعي على غيره بأنهم مقلدة متعصبون !
فإنه لم يأت بنص واحد عن أحد من الأئمة في تضعيف هذا الحديث .
ومحمد بن المنكدر ممن أخرج له الجماعة ، و ترجم له الحافظ في " التهذيب " [ 9 / 473 ] وذكر توثيق الأئمة له ، ومنهم العجلي والشافعي، وقال ابن عيينة " كان من معادن الصدق " ، وقال يعقوب بن شيبة
" صحيح الحديث جدا " ، وقال إبراهيم بن المنذر " غاية في الحفظ والإتقان والزهد ، حجة " .
قلت : و هذا الحديث رواه مالك في الموطأ [ 2 / 982] و صححه الترمذي [ 1 /302 ] وغيره ، ولا يلتفت إلى تضعيف هذا المتعالم" المخلط " .

2 _ ضعف حديث معقل بن يسار " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد ، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " .
قال " المختلط " < أخرجه الطبراني ،
واختلف فيه رفعا ووقفا ، والموقوف أرجح ، إلا أنه ليس مما له حكم الرفع ، وإسناد المرفوع ضعيف ، لضعف شداد بن سعيد وتفرده به > .
كذا قال .
قلت : هكذا يطعن في الروايات مثل هذا الجاهل المتعالم ، بدون أن يستند إلى قول أحد ممن يعتد به من أهل العلم ، وكأنه من كبار علماء الحديث و حفاظ الآثار .
ثم يرمي غيره ، بهتانا وزورا ، بالتعصب والجمود والتقليد !
وكأنه يقول : لا تقلدوا في حكمكم على الروايات والأسانيد أئمة الحديث
السابقين ولا اللاحقين ، فقد كفيتكم مؤنة ذلك ، فما عليكم سوى الأخذ بقولي !

إذا قالت حذام فصدقوها & فإن القول ما قالت حذام

قلت : وهذا الحديث قد قال عنه المنذري في " الترغيب والترهيب "
[ 3 / 66 ] < رجال الطبراني ثقات رجال الصحيح > .
وقال مثل ذلك الهيثمي في " مجمع الزوائد " [ 4 / 329 ] .
وليس في إسناده مطعن ، فإن رواته ثقات ، وشداد بن سعيد أخرج له مسلم مقرونا ، و ترجم له الحافظ في التهذيب [ 4 / 316 ] ، ونقل توثيق الأئمة له ، أحمد وابن معين والبزار والنسائي وأبي خيثمة .
وقال ابن عدي " لم أر له حديثا منكرا ".
وترجم له الذهبي في " الميزان "
[ 2 / 265 ] وقال " صالح الحديث ".

3 _ حديث أبي هريرة " ليس للنساء وسط الطريق " .
هذا الحديث ذكره " المختلط " ، وقال عنه " إسناده ضعيف جدا ، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر ، سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي ،
قال البخاري فيه : منكر الحديث ، ذاهب الحديث " .
وضعف " المختلط " أيضا ، شواهد هذا الحديث التي يتقوى بها ، كحديث أبي أسيد وغيره .
قلت : أولا : قد ذكرت من قبل أن منهج أئمة الحديث هو انتقاء الروايات ، وأنهم لا يردون كل أحاديث من رمي بالضعف ، خاصة إذا كان الضعف من قبل سوء الحفظ .
ثانيا : هناك أحاديث صححها الأئمة ، لا لذاتها ، وإنما لغيرها .
و صغار طلبة العلم في الحديث يعلمون أن من الأحاديث ما هو صحيح لذاته ، أو حسن لذاته .
و منها ما هو صحيح لغيره ، أو حسن لغيره .
فالأحاديث المروية بأسانيد فيها ضعف ، إذا كان لها شواهد أو متابعات ، فإنها تتقوى بها ، وترتقي إلى الحسن أو إلى الصحة .
وحديث أبي هريرة ، إذا سلمنا جدلا ، بضعف إسناده ، فإن شواهده الأخرى تقويه .
وحسبك أن الحديث قد أخرجه ابن حبان في صحيحه [ موارد 1969 ] ، وهذا يعني أن ابن حبان ، وهو من كبار حفاظ الحديث ، ومن أئمة الجرح والتعديل ، قد سبر هذا الحديث ، ثم رأى أنه صحيح ، ومن ثم أخرجه في كتابه الذي التزم فيه بالصحة .
قال السيوطي في ذكر مراتب الصحاح ، بعد أن ذكر أن أعلاها البخاري ، ثم مسلم :

وابن خزيمة ويتلو مسلما & وأوله البستي ثم الحاكما

فجعله في المرتبة الرابعة ، بعد صحيح ابن خزيمة .
* وشريك بن عبدالله بن أبي نمر ، قد أخرج له أصحاب الصحاح والسنن ، انظر ترجمته في التهذيب [ 4 / 337 ]
وقد وثقه جمع من الأئمة وروى عنه مالك والثوري .
وقال عنه الذهبي في الميزان [ 2 / 269 ] " تابعي صدوق " .
* وأما مسلم بن خالد الزنجي ، فقد ترجم له في التهذيب [ 10 / 128 ] ، وذكر أنه كان من فقهاء مكة وروى عنه الشافعي .
وممن وثقه وقبله : ابن معين وابن عدي والدارقطني .
وذكره ابن حبان في ثقاته ، وقال " كان يخطئ أحيانا " .
ومثل هذا لا يرد حديثه مطلقا ، بل يرد ما أخطأ فيه ، أو خالف ، أو تفرد .
ولهذا صحح له ابن حبان حديثه هذا ، مع أنه قال فيه " كان يخطئ أحيانا "
قلت : وأنى لمثل هذا " المختلط " أن يفهم مثل هذه المسائل الحديثية التي استعصى فهمها على كثير من الناس ، إلا من رزقه الله فهما ثاقبا ، وقصدا حسنا ، وأفنى عمره في البحث والطلب .
والذي يظهر أن هذا " المختلط " ،
قد اعتمد كثيرا على غيره من الباحثين ، ثم نسب الجهد لنفسه ، لأنه أشار في مقاله الأول إلى بحث جاسم المشاري الذي نشر في صحيفة الجزيرة ، وامتدحه ، ووصفه بأنه بحث علمي مؤصل " ندر في شموله مثله . . . " الخ .
ثم ذكر في هذا " الموقع " أنه قد بحث هذه المسألة من قبل بحثا مطولا ، ولم يذكر شيئا عن بحث المشاري !
فإذا كان الأمر كما قال ، فلماذا صدر مقاله السابق بذكر بحث المشاري والإشادة به بمثل ذلك التهويل ، وأغفل ذكره هنا ؟
وقد ذكر المشاري أنه اعتمد في بحثه على بعض الباحثين .
فتبين من هذا أن تلك المقالات عبارة عن تجميع وتلفيق لما كتبه بعض الباحثين ( المجهولين ) ! تبناها أولا ،
المشاري ثم الغامدي .
فكيف يرضى لنفسه أن يقلد _ في الخطأ والباطل _ أولئك المجهولين ، وينعي على غيره في متابعتهم _ في الحق والصواب _ لأئمة المسلمين ؟!
* تنبيه : ذكر " المختلط " في مقاله السابق حديث أبي سعيد الخدري
" خير صفوف الرجال أولها " الحديث
وقال " أخرجه أبو يعلى ، وإسناده صحيح " .
قلت : أولا : هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم وأصحاب السنن ، من حديث أبي هريرة . انظر جامع الأصول [ 5 / 606 ] .
ثانيا : وأما حديث أبي سعيد في مسند أبي يعلى [ 2 / 354 ] ، فهو بلفظ
" خير صفوف الرجال المقدم ، وشرها المؤخر . . " .
قلت : فمن كان هذا مبلغ علمه في البحث والتخريج ، كيف يصح أن يحشر أنفه في الجرح والتعديل ، ونقد الأسانيد ، ويرمي غيره بالجهل والتعصب والتقليد ؟

* * * * * *

ومن هنا تعلم أخي القارئ أن هؤلاء المخلطين موغلون في الجهل ، وأنهم
لا حظ لهم من العلم إلا الثرثرة والتلبيس على العوام ، وأن ادعاءهم بأن مخالفيهم متعصبون ومقلدون وكاتمون للحق .. الخ . إنما يقصدون به منع هذه الأمة من اتباع هدي سلفها ، والتشكيك في فقه أئمتها وفهم علمائها ، حتى يتسنى لهم نشر جهالاتهم وضلالاتهم .
وقد سبقهم إلى تلك الدعاوى الباطلة كل الفرق الضالة .
فالخوارج زعموا أنهم أهل للاجتهاد والاستقلال بفهم النصوص ، دون الرجوع إلى فقه الصحابة والسلف .
والرافضة كفرت الصحابة الأخيار ، وطعنت في رواة الأحاديث والآثار .
والجهمية رموا سلف الأمة وعلماءها بالجهل ، ووصفوهم بأنهم " نابتة و حشوية " .
* وكذلك العلمانيون المعاصرون ، ومن قلدهم من المخالفين ، ما تركوا وصفا مقيتا إلا أطلقوه على علماء الأمة وخيارها ، فهم في نظرهم : مقلدة ، متعصبة ، متشددة ، متخلفة ، مشككة في نيات العامة ، معادون للمرأة منتهكون لحقوقها !
قال الله تعالى { زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة }
وقال الشاعر :

إذا وصف الطائي بالبخل مادر & وعير قسا بالفهاهة باقل
وطاولت الأرض السماء سفاهة & وفاخرت الشهب الحصا والجنادل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة & وقال الدجى يا صبح لونك حائل
فيا موت زر إن الحياة مريرة & ويا نفس جدي إن دهرك هازل
* * * * * * *
وبعد ، فإني قد أطلت كثيرا في الرد على ما ذكره الغامدي في تعقيبه على من رد عليه ، ولم أرد الإطالة ، ولكن هذا المتحاذق قد دأب على قذف الشبه بكلام لا يمت إلى العلم ولا للأدب بصلة ، فأردت أن أبين للقراء مبلغ جهله ، وأفند بعض شبهاته .
هذا وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويلهمنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويلهمنا اجتنابه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



وكتب : سمير المالكي

20 / 1 / 1431 هجرية .


صيد الفوائد

همي الدعوه
23 Jan 2010, 06:01 AM
من فضلك يا ( د. أحمد الغامدي ) .. لا تكذب ..!

فهد بن صالح العجلان


بسم الله الرحمن الرحيم


لا بأس يا د أحمد الغامدي،
قل في (الاختلاط) و ( الحجاب) و (ركوب المرأة خلف الرجل) و (تمشيطها لرأس الرجل) ما تشاء.
وصفّ بقدميك وبأعلى صوتك مع قناة العربية وصحيفة عكاظ والمواقع الليبرالية وأعمدة الزوايا الصحفيّة الذين يتقطّعون غيرةً على الأحكام الشرعيّة والضوابط الدينية، وملتزمون بشكل حرفيّ بكل ضوابط الإسلام في المرأة، فلا تخرج المرأة في هذه المواضع إلا بكل حشمة وستر وصيانة.
لن أقول لك حرفاً في ذلك.
المهمّ يا دكتور أن تحافظ على صفتي (الصدق) و (الأمانة ) فيما تكتب وتنقل.
لا يعنيني رأيك واجتهادك، الضروري عندي أن يكون هذا الرأي بعيداً عن ممارسات (الكذب) و (التلبيس ) و (المخادعة ) بأساليب السطو على نقولات العلماء وكتبهم والبتر منها، مما تلطّخ به مقالك الأخير في موقع العربية.
وأنا هنا أتعمّد أن أبتدئ هذه المقالة باتهام الدكتور بالكذب والتلبيس والسرقة العلميّة، وإن كان الذوق الصحفي والكتابي يحتّم على الكاتب أن يخفي مثل هذه التهم في قالب لفظي تقتضيه دبلوماسية الكتابة ولياقتها، إلا أنّي متعمّد لهذا الاتهام الصارخ حتى يأخذها عليّ القارئ الكريم فيأخذني إلى نهاية المقالة ويحاسبني على صحّة ما أقول، ويقف معي خطوة خطوة مع مشوار عمليات الكشف عن حالات السطو والقطع والكذب والتلبيس التي ظهرت فيها بصمات الدكتور بكلّ احتراف.


الأكذوبة الأولى:
من أمانة الدكتور ونزاهته العلميّة التامّة أنّ جزءاً لا بأس به من مقالته الأخيرة قد اختلسها ببراءة من كتابات أناس آخرين، وليت الدكتور حينما أبى إلا السرقة العلميّة، ليته هجم على كتب أساطين العلم الكبار أو على الأقل كتب بعض المعاصرين حتى تكون المادّة المسروقة علماً محترماً من حرزٍ مليء – يعني إذا سرقت فاسرق جمل- لكنّ الدكتور قد انتهب جزءاً منها من مقالة صحفية متواضعة، وطارت بها الفضيحة من موقعٍ ليبراليّ.
لا أطيل عليك، فقد تناقل الناس في الشبكة خبر هذا الأمر، فتابع هذه الهمّة العاليّة في السرقات العلميّة والهجوم العنيف على مقالات الآخرين مما لم تسلم منه حتى الأقواس والفواصل
---
الأكذوبة الثانية:
يقول الدكتور:
( لم تكن مسألة الاختلاط بهذا المعنى المتأخر محل بحث عند المتقدمين مما يدل على أنه أمر طبيعي في عداد المباحات)
لم تكن محلّ بحث إطلاقاً!
وكانت أمراً طبيعياً في عداد المباحات!


إن كان الدكتور يقول (رأيي في الاختلاط أنه مباح) فهذا رأي ليس من خطّة المقالة أن تتعرّض له، أما أن يقرّر أن هذه المسألة لم تبحث لدى الفقهاء المتقدّمين ، وهي من المسلّمات الفقهية فهو حكم لو قاله الغامدي قبل أسابيع لقلنا خطأ علمي ناتج عن نقص معرفيّ حادّ، ولافتضح فيه مع من افتضح، أمّا أن يقولها الآن بعد أن ظهرت المقالات العلمية المتعدّدة التي تكشف أن مسألة الاختلاط من المسائل الفقهية الأصيلة في فقه المذاهب جميعاً، وأن مفهوم الاختلاط حاضر بشكل كبير جداً لدى الفقهاء في التحليل والتحريم فهذه ممارسة تدليسية غير نزيهة.
-وهذا رابط مقالة الشيخ الفاضل (عبد العزيز الطريفي) في اختيار نماذج لنصوص فقهيّة في تحريم الاختلاط في كلّ قرن من القرون الإسلاميّة:
http://www.saaid.net/female/0152.htm (http://www.saaid.net/female/0152.htm)


-وهذا رابط تقرير الباحث المبدع (إبراهيم السكران) حول حضور الاختلاط في الأبواب الفقهية المختلفة لدى كافة المذاهب الأربعة:
http://www.saaid.net/female/0160.htm (http://www.saaid.net/female/0160.htm)


-وفي توضيح دلائل الاختلاط، انظر مقالة الشيخ الفاضل الدكتور: عبد الله العنقري:
http://www.saaid.net/female/0166.htm (http://www.saaid.net/female/0166.htm)


-ومقالة الشيخ الفاضل: عبد الله السعد:
http://www.saaid.net/female/0159.htm (http://www.saaid.net/female/0159.htm)


---
الأكذوبة الثالثة:
قال الدكتور أحمد:
( وقد أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر، بقوله: وفي الحديث - يقصد حديث نزول آية الحجاب - من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به - يقصد أزواج النبي "صلى الله عليه وسلم" - فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين..)
وهذا المقطع على قصره، قد حشاه الدكتور بمقدرة علميّة رائعة على حشر أكثر من حالة كذب وتلبيس.
- الدكتور أحمد ينقل لكم هنا: أن ابن حجر قد أكّد خصوصية أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم في آية الحجاب.


فهل كان ابن حجر فعلاً يرى أن الحجاب خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم؟


طبعاً، لا، بل قول ابن حجر في الحجاب من المشهور جداً لدى طلاب العلم الشرعي.
والدكتور أحمد بنزاهته المعتادة قطع عنكم النصّ، ولعلّه نسي أن يكمله، فسنذكره لكم كاملاً حتى تتّضح بصمات التلبيس والمخادعة.
يقول ابن حجر :
( في الحديث من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين قال عياض فرض الحجاب مما اختصصن به فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وأن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز ثم استدل بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها انتهى وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن وقد كن بعد النبي صلى الله عليه و سلم يحججن ويطفن وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص)


لاحظ أولاً: أن ابن حجر أورد قول القاضي عياض في الخصوصيّة وردّ عليه قوله، وردّ على دليله وبينه بوضوح، لكنّ الدكتور فهم من هذا شيئاً آخر فقال ( أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر)!
فهذا القول الذي يردّه ابن حجر ويناقش قائله يصبح بكلّ براءة ونزاهة علميّة قولاً لابن حجر وتأكيداً منه!
والطريف في الموضوع: أن الحافظ ( ابن حجر) قد ذكر موضع آخر من فتح الباري (9/337) الإشارة إلى تعقّبه لرأي القاضي عياض في نفس المقطع الذي اجتزأه الدكتور فقال وذكرت هناك التعقب على عياض في زعمه أن أمهات المؤمنين كان يحرم عليهن ابراز اشخاصهن ولو كن منتقبات متلففات)


فابن حجر يريد أن يؤكّد في موضع آخر أنه قد سبق أن تعقّب القاضي عياض في هذا الاستدلال حتى يفهمه القارئ، ولم يدر –رحمه الله- أنه سيأتي بعده بقرون من يقرأ نفس المقطع الذي يحيل عليه ليفهم منه أن ابن حجر يؤكّد الخصوصية التي يقول بها القاضي عياض!


1- فابن حجر ( يردّ ويناقش ويعترض ويخطئ )القاضي عياض في دعوى الخصوصية، فيأتي الدكتور فيفهم منه أن ابن حجر ( يؤكّد الخصوصيّة).
2- ومناقشة ابن حجر متوجهة إلى دعوى أن الحجاب الخاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم هو حجبهنّ بالكليّة فلا يراهنّ أحد ولو من وراء لباس، فيأتي الدكتور ويجعل الخصوصية هنا هي خصوصية حجاب الوجه!


فما ينفيه ابن حجر ينقلب بنزاهة قادر إلى تأكيدٍ منه، والخصوصيّة التي يتكلّم عنها تنتقل إلى خصوصيّة أخرى، ثمّ يتباهى الدكتور بعدها وبثقة مفرطة بأن ( لا غضاضة في المناظرة) وليس مع أي أحد، بل لا بدّ من (مؤهّل لذلك)!



وربّما يأتي الدكتور أحمد بعده ليقول لنا بذكاء بالغ أنه قد قال (أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر) ولم يقل بأنّ ابن حجر يرى (خصوصيّة الحجاب لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم).


فإن كان ذكاء الدكتور يريد به هذا فهو تلبيس آخر، لأنّ إدراك خصوصية النبيّ صلى الله عليه وسلم ببعض الأحكام هذا من المعلوم ضرورة لدى صغار المسلمين، بل هو مقطوع به في القرآن الكريم، وبالتالي فأي معنى لأن تنقل لنا نصّاً عن ابن حجر في حكم ضروري، ومتقرر قطعاً في القرآن، إلا محاولة إيهام القارئ بأنّ هذا النصّ يصبّ في مسيل أنّ الحجاب خاصّ بأزواجّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ما نفاه ابن حجر في نفس النصّ.


وربّما تشتدّ حدّة الذكاء لدى الدكتور فيقول: قد نصّ ابن حجر في المقطع على (مشروعيّة الحجاب لأمهات المؤمنين).
فأقول: إن مشروعية الحجاب لهنّ، لا يعني أنّ هذا من خصوصيتهنّ.


وأقوال ابن حجر في مشروعية الحجاب لجميع النساء، ووجوب تغطية جميع البدن مشهورة مستفاضة، بل إنّه من أول كتابه (فتح الباري) إلى آخره لا يكاد يأتي على حديثٍ فيه كشف المرأة أو مخالطتها للرجال إلا ويذكر أنّه كان قبل نزول آية الحجاب.


يقول مثلاً كما في فتح الباري( 8/458):
( قوله بعد ما نزل الحجاب أي بعد ما نزل الأمر بالحجاب والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن)
وقال في موضع آخر (9/324):
( والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب ومشروعيته وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور لما نزلت وليضربن بخمرهن على جيوبهن اخذن ازرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الاجانب والذي ذكر عياض أن الذي اختص به أمهات المؤمنين ستر شخوصهن زيادة على ستر اجسامهن)
وقال أيضاً (8/490):
( قوله فاختمرن أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع)


وبالتالي .. فالزجّ باسم ابن حجر في دعوى الخصوصية من قبل الدكتور أحمد هو تلبيس ومخادعة على كلا الوجهين،
فأينما نظرتَ إلى سبب إيراد الدكتور لكلام ابن حجر فهو تلبيس،
-إن كان أورد كلامه ليبين لنا أن ابن حجر يقول بالتخصيص فهو كذب على ابن حجر لأن ابن حجر قد ردّ على هذه الخصوصية،
-وإن كان أراد فقط أن ابن حجر يتكلم عن خصوصية النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الأحكام فلا معنى لذكر هذا الحكم البدهي إلا محاولة التلبيس والمخادعة، فالدكتور بهذا النصّ إن سلم من (الكذب الصريح) لن يسلم من (الغشّ والتلبيس) المكشوف، فليختر أيهما شاء.


---
الأكذوبة الرابعة:
نسب الدكتور إلى الإمام أحمد – رحمه الله - أنّه يفرّق بين حجاب أمهات المؤمنين وبين حجاب غيرهنّ فقال:
( وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يفرق بين "حجاب أمهات المؤمنين" وباقي النساء. قال الأثرم: قلت لأبي عبدالله (يعني أحمد بن حنبل) كأن حديث نبهان: "أفعمياوان أنتما" لأزواج النبي "خاصة"، وحديث فاطمة بنت قيس "اعتدّي عند ابن أم مكتوم" لسائر النساء؟ قال: نعم. أنظر "المغنى" لابن قدامة 7/28(


ومن يقرأ نصّ كلام الإمام أحمد، ومقدمة الدكتور، يفهم أن الإمام أحمد يرى أن الحجاب خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو على الأقلّ أنّ ثمة فرق بين الحجابين.


وبما أننا فهمنا الآن ممارسات الدكتور البهلوانية في قطع وبتر نصوص الفقهاء، فلو رجعنا إلى كتاب المغني لوجدنا أنّ النصّ المذكور جاء في سياق مسألة وهي (حكم نظر المرأة إلى الرجل) وليس في مسألة الحجاب ولا حتى في مسألة نظر الرجل إلى المرأة،
وسأنقل لكم النصّ كاملاً من المغني (7/456) حتى تروا بأعينكم أمانة العلم ومستوى الديانة عند الدكتور.
( فصل : فأما نظر المرأة إلى الرجل ففيه روايتان .. ( وبعد أن ساق الروايتين ودليل كلّ رواية) .. فأما حديث نبهان فقال أحمد : نبهان روى حديثين عجبيبين يعني هذا الحديث وحديث [ إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه ] وكأنه أشار إلى ضعف حديثه إذ لم يروه إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول وقال ابن عبد البر : نبهان مجهول لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث وحديث فاطمة صحيح فالحجة به لازمة ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم كذلك قال أحمد و أبو داود قال الأثرم قلت لأبي عبد الله كان حديث نبهان لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم خاصة وحديث فاطمة لسائر الناس ؟ قال نعم : وإن قدر التعارض فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال )


فالنصّ بأكمله ليس فيه حديث عن الحجاب في قبيل ولا دبير، النصّ كلّه عن نظر المرأة للرجل، والفقهاء الحنابلة يجيزونه بناء على حديث فاطمة، ويجيبون عن حديث (أفعمياوان) بأنّه حديث ضعيف أولاً، وبأنّ على فرض صحته يحمل على خصوصيته بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، خصوصية نظرهنّ وليس حجابهنّ أو نظر الناس إليهنّ.
هذا هو الفهم البدهي من قراءة النصّ، وهو قد جاء في سياق واضح لكلّ من وصل إلى النصّ، لكنّ نزاهة الدكتور تأبى إلا أن تقرأ النصّ بشكل آخر!


وإن أردنا أن نحسن الظنّ، فهذا المقطع الذي نقله الدكتور هو من المواضع التي اتهم بسرقتها، فلعلّ الدكتور قد أحضرها مع المسروقات بكلّ أمانة ولم يدر ما حقيقة التلبيس المتحقق فيها.


---
الأكذوبة الخامسة:
نقل الدكتور عن ابن عاشور النصّ التالي:
(قال الطاهر بن عاشور: هذا أمر خصصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرا لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، ونزول الوحي فيها وتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلالها يكسبها حرمة. إلى أن قال رحمه الله وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء، وهذا قول عامة أهل العلم(


وأنا أحيي الدكتور على نزاهته العلميّة حين تورّع كرماً فأشار بقوله ( إلى أن قال رحمه الله) إلى وجود نقص يريد حذفه، وهذه أمانة علميّة يشكر عليها.
لكنّ (ورعه العلمي) لم يستمرّ طويلاً، فلم يكد الدكتور يرجع الكلام لابن عاشور حتى ألحق بها ( وهذا قول عامّة أهل العلم) وهو شيء مهول أن يكون قول ابن عاشور هو قول عامّة أهل العلم، وأن يكون هذا من تقرير ابن عاشور، لكن المخزي أن هذا من كلام الدكتور وليس له علاقة بابن عاشور إطلاقاً، وقد أقحمها الدكتور - بكلّ أمانة -في سياق واحد وبلا أي تمييز بين كلامه وكلام ابن عاشور.


لا أحب التدقيق كثيراً، وسأحسن الظنّ بالدكتور، وسأرمي بها في قائمة السبعين عذراً من دون نظر.
لكن قوله ( وعامّة أهل العلم) فيه مجازفة علميّة، وتلبيس على المكشوف، وافتراء مقيت على كلام العلماء.


وحتى أكون دقيقاً أكثر، ولأن الغامدي قد أقحمها في كلام ابن عاشور،
فلا ندري هل هي تبع لكلام ابن عاشور .. فيقصد الغامدي بها:
أن القول بلزوم النساء للبيوت في قوله تعالى (وقرن في بيوتكنّ) هو قول عامة أهل العلم؟
أو أنّ هذه العبارة تابعة لما بعدها من قول الدكتور (وكون الحجاب خاص بأمهات المؤمنين هو ما فهمه كبار الصحابة،) وبالتالي فيقصد الدكتور :
أنّ قول عامة أهل العلم هو اختصاص أمهات المؤمنين بالحجاب؟


طبعاً: الدكتور لم يذكر لنا من ( عامّة أهل العلم ) أحداً من المتقدمين، ولم يذكر سوى ابن عاشور، ولو كان لديه نصوص جاهزة عن أحد من العلماء لما تأخر لحظة في إيرادها، فمن يسطو على النصوص ويقلّعها من جذورها فلا أراه سيتأخر عن نصوص واضحة في صالحه، فلو وجد نصّاً أو أكثر بل لو وجد عشرين أو ثلاثين نصاً لأوردها جميعاً، ولوضعت لها قناة العربية حلقات متلاحقة، ولو احتاج الأمر أن يتوقف بث القناة لأجل ذلك فأظنّ انّ القناة ستبحث بجديّة في هذا الأمر.
لنعد للاحتمالين:
على طريقة القانونيين، سنسجّل هذا الاحتمال لمصلحة الغامدي، وسنبحث في كلا الاحتمالين، ونحمل هذه العبارة على أحسن المحامل اللائقة به والمبرئة لساحته:
الاحتمال الأول:
أن تكون العبارة: أن لزوم النساء للبيت خاصّ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا قول عامّة أهل العلم.


وحين نرجع لكلام المفسّرين في قول الله تعالى ( وقرن في بيوتكنّ) لا نجد أحداً من المفسّرين طوال قرون الإسلام المتطاولة قد نصّ على هذا القول قبل ابن عاشور –رحمه الله-.


بل نجد نصوص كثيرٍ منهم تقرّر عموم الآية لجميع النساء.


قال ابن كثير في تفسيره (6/408):
(هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك)
وقال القرطبي في الجامع (14/177):
(إن كان الخطاب لنساء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع)
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (5/229):
(وفيه الدلالة على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت منهيات عن الخروج)
وقال الألوسي في روح المعاني (22/6):
(والمراد على جميع القراءات أمرهن رضي الله تعالى عنهن بملازمة البيوت وهو أمر مطلوب من سائر النساء)
وقد نظر في الآية كثير من المفسّرين فلم يشر أحد منهم إلى خصوص ذلك الحكم بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم على سبيل المثال:
ابن جرير الطبري في جامع البيان 20/257
الواحدي في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز865
البيضاوي 373
الخازن في تفسيره 5/258
الرازي في التفسير25/168
السعدي في تيسير الكريم الرحمن 663
وغيرهم كثير.
كما نصّ آخرون على عموم الحكم، أو أشاروا إلى ما يفهم منه عموم الحكم، ومنهم على سبيل المثال:
السمعاني في تفسيره 4/279
الثعالبي في الكشف والبيان 3/302
الشنقيطي في أضواء البيان6/314


وبإمكاني هنا: أن أبيّن أن ظاهر الآية وسياقها قاطع بأن الحكم لا يمكن أن يكون خاصاً بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، لكنّ هدف هذه المقالة يقتضي عدم التعرّض لأي مناقشة أو اعتراض على دليل، وإنما بيان أساليب الخطأ والتدليس والتلبيس التي يمارسها الدكتور في مقالته.
فهذه أقوال المفسّرين، فأين هم ( عامة أهل العلم) .. ؟
لا أدري.



يتبع

همي الدعوه
23 Jan 2010, 06:05 AM
الاحتمال الثاني:
أن يكون المراد من قول الدكتور :
أن قول عامّة أهل العلم أن الحجاب الوارد في قوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وحين نرجع مع الدكتور إلى كلام المفسّرين لنبدأ في عدّ عشرات العلماء الذين يدخلون في عامة أهل العلم تتعجّب أن لا تجد أحداً منهم يقول بهذا الكلام.

تجد أولاً:
من ينصّ بوضوح أن الآية عامّة لجميع النساء، ومن هم:
1- الواحدي في الوجيز ( 1/871) حيث قال:
(إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم في أمر فخاطبوهن من وراء حجاب وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذا آية الحجاب بينهن وبين الرجال).
2- وابن كثير في تفسيره (6/456):
(لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب، بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم)
3-والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن14/226:
(في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها)
4- والماوردي في النكت والعيون4/419
( فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ) أمرن وسائر النساء بالحجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء .)
5- والنسفي في تفسيره 3/250 :
(من خواطر الشيطان وعوارض الفتن ، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال وكان عمر رضي الله عنه يجب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت)
6- والشوكاني في فتح القدير 4/422
({ أطهر لقلوبكم وقلوبهن } أي أكثر تطهيرا لها من الريبة وخواطر السوء التي تعرض للرجال في أمر النساء واللنساء في أمر الرجال وفي هذا أدب لكل مؤمن وتحذير له من أن يثق بنفسه من الخلوة مع من لا تحل له والمكالمة من جون حجاب لمن تحرم عليه)
7- والجصاص في أحكام القرآن 5/242:
( قوله تعالى وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله يعني بما بين في هذه الآية من إيجاب الإستئذان وترك الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي ص - وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين باتباعه والإقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته).
8-والشنقيطي في أضواء البيان 36/109
( بما ذكرنا، تعلم أن في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء، لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصل اللفظ خاصًّا بهن؛ لأن عموم علّته دليل على عموم الحكم فيه).

فهؤلاء (8) من المفسّرين قد نصّوا صراحة على عموم الآية.

وأما غيرهم،فنجد أن فئة أخرى لم تتطرّق إلى الخصوصيّة في شيء، وإنما توضّح مفهوم الآية ومعناه من غير أي إشارة إلى ذلك،
ومن المعلوم أن كون الخطاب في الآية متجهاً إلى أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا أمر معلوم ضرورة،
لكنّ الإشكال: هل هو خاصّ بهنّ؟
فإهمال الحديث عن هذه النقطة يدلّ على أن هذه المسألة لم تكن مجال بحث لديهم، وإلا فقوله تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلّقوهن لعدتهن) و ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم قطعاً لكنّه ليس خاصا به.

فهنا إذن نجد أن عددا كبيراً من المفسرين لم يشر إلى أي تقرير يفهم منه الخصوصية، ومنهم:
1-الثعلبي في الكشف والبيان 8/50-60
2- السيوطي في الدرّ المنثور 12/106-116
3- ابن أبي زمنين في تفسيره 2/51
4- البيضاوي في تفسيره 383
5- الخازن في التفسير5/271-273
6- الشربيني في السراج المنير 3/225
7- السعدي في تفسيره 670
8- السمعاني في تفسيره4/301
9- الطبري في جامع البيان20/305-311
10- العز بن عبد السلام في اختصاره 1/916
11- الفخر الرازي 25/181
12- مقاتل بن سليمان 3/53
13- السمرقندي في بحر العلوم 3/66
14- أبو السعود في التفسير 7/112
15- ابن الجوزي في زاد المسير6/412-416
16- البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 6/125-126
17- الزمخشري في الكشّاف 3/562-563

فهؤلاء (17) مفسّراً لم يشر أي أحد منهم إلى أي خصوصية.

وحتى هؤلاء الذين لم يشيروا إلى أي خصوصية،
قد نصّ عامّتهم في تفسيره لقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابييهن) قد نصّوا على أن الحجاب الساتر لجميع البدن عامّ لجميع النساء، ومن الأمثلة:
1- قال الخازن في تفسيره 5/277:
(جمع جلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار , وقيل الملحفة وكل ما يستتر به من كساء , وغيره، قال ابن عباس : أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة).
2- وقال الشربيني في تفسيره السراج المنير3/225:
(أي : يقربن {عليهن} أي : على وجوههن وجميع أبدانهن فلا يدعن شيئاً منها مكشوفاً)
3- وقال في تفسير الجلالين 1/559:
(وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة)
4- وقال البيضاوي في تفسيره 386:
(يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة).
وقد وافقهم جمع غفير، انظر:
5- السمعاني في تفسيره 4/307
6- العزّ بن عبد السلام في تفسيره 1/920
7- الفخر الرازي 25/184
8- السيوطي في الدرّ المنثور 12/141-146
9- مقاتل بن سليمان 3/53
10- الثعلبي في الكشف والبيان 8/64
11- أبو حيان في البحر المحيط 7/240
12- البغوي في تفسيره 6/377
13- الألوسي في روح المعاني 22/89
14- البقاعي في نظم الدرر 6/135
15- الزمخشري في الكشاف 3/569
16- الكيا الهراسي في أحكام القرآن 4/66

فهؤلاء (16) مفسّراً قد نصّوا على أن الحجاب عامّ في استدلالهم في آية أخرى.

كما أن مجموعة من المفسّرين قد نصّوا على خصوصية أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم بالحجاب لا كما يريد أن يفهمه الغامدي من كون حجاب الوجه هو الخاصّ بهنّ، بل من جهة مزيد تستّر لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يظهر منهن شيء من شخوصهن ولا يراهنّ أحد حتى من وراء الجلباب.
قال ابن جزّي في التسهيل في علوم التنزيل:
(كن لا يجوز للناس كلامهن إلا من وراء حجاب ، ولا يجوز أن يراهن متنقبات ولا غير متنقبات ، فخصصن بذلك دون سائر النساء).
وقال ابن عادل الدمشقي في اللباب في علوم الكتاب 15/583:
(فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأةٍ من نساء رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - مُنْتقِبة كانت أو غير مُنْتَقِبة ).
وبمثل ذلك قال البغوي في تفسيره6/370
فهؤلاء ثلاث من المفسّرين قد نصّوا على مزيد خصوصية لهنّ وليست راجعة إلى أصل الحجاب.

فعجباً .. كلّ هؤلاء المفسّرين الذين قد قاربوا (30) عالماً مختلفي المذاهب والبقاع والأزمنة، كلّ هؤلاء لا يحولون بين (د أحمد ) وبين أن يقول ( عامّة أهل العلم) على خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين!

ولو أنّ الدكتور قال: بجواز كشف المرأة لوجهها كما ذهب إليه جملة من الفقهاء المتأخرين، لغضضنا الطرف عنه، أمّا أن يأتي إلى نصوص القرآن فيخصّص ما يشاء، ويقيّد ما يريد، ثمّ يقول ( عامّة أهل العلم) على ما أقول، ثمّ نفتّش فلا نجد إلا عالماً معاصراً هو ابن عاشور، فهذا هو المنهج التدليسي المعوجّ الذي لا نريد.

فهذه العبارة التي أقحمها الدكتور في سياق كلام ابن عاشور، إن أحسنّا الظنّ جداً بالدكتور، وقرأناها ببراءة علميّة، فسواءً حملناه على الاحتمال الأول أو الاحتمال الآخر ، هي على كلّ حالّ لن تسلم من (تهوّر علمي) و (مجازفة غير موضوعية) فيها من التلبيس والتدليس ما لا يخفى على لبيب.

وقد كتب الشيخ الفاضل: عبد العزيز الطريفي في الجواب عن هذه الشبهة المقال التالي:
http://www.saaid.net/female/0182.htm (http://www.saaid.net/female/0182.htm)

==
الأضحوكة الأخيرة.
وهي بالأمانة ليست كذباً بالمعنى الدقيق، لكنّها لطرافتها وحلاوتها أحببتَ أن أختم بها كذبات الدكتور:
يجيز الدكتور أحمد أن يتوضأ الرجل مع المرأة جميعاً من إناء واحد في وقت واحد ولو أدّى هذا بطبيعة الحال إلى حصول تماسّ بين يد الرجل والمرأة أو تكشّف من قبل المرأة.

ويستدلّ بحديث أن النساء والرجال كانوا يتوضؤون جميعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بيّن له الكثير أنّه لا أحد من العلماء يفهم هذا الحديث على الوجه الذي تفهمه يا دكتور أحمد، فهو إما قبل الحجاب أو ليست بالصورة التي تفهم.

أبى الرجال إلا الاستدلال بالمرويات الحديثية على قوله الغريب.

يستدلّ على ذلك فيقول:
( ـ الجواب عن بعض اعتراضاتهم على ما أخرجه البخاري من
طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله جميعاً". )
وحين نرجع لصحيح البخاري (1/50) نجد البخاري قد أورد هذا الحديث في باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة.

ويقول الدكتور:
( ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: من الإناء الواحد جميعا
ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد ندلي فيه أيدينا)
ونذهب إلى سنن أبي داود فنجد أبا داود ( 1/29) يجعله في باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة، والمقصود به الحكم الفقهي الشهير في حكم وضوء الرجل بما يفضل عن وضوء المرأة.

ويواصل الجزم فيقول:
(وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه(
وحين نرجع إلى صحيح ابن حبّان نجد هذا الإمام يجعله في صحيحه (4/74) في باب الوضوء بفضل المرأة،
وقال ( ابن حبّان ) قبل هذا الحديث:
(ذكر ترك إنكار المصطفى صلى الله عليه و سلم على من فعل هذا الفعل المزجور عنه)

ويواصل الدكتور:
(ما صح عن أم صبية رضي الله عنها قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد(
وحين نرجع إلى الكتب الحديثية التي أوردت هذا الحديث نجد البيهقي في سننه (1/190) يذكره في سياق أحاديث الواردة في النهي عن الوضوء بفضل المرأة، وكذلك أبو داود في سننه (1/29) ) وابن أبي شيبة في مصنفه (1/35) وابن الأثير في جامع الأصول (7/87) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/25).

ويستشهد بقول صاحب التثريب فيقول:
( قال العراقي في طرح التثريب: وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما(
ولهذا المقطع قصّة طريفة، أعترف بعدها بكلّ إنصاف بأن الدكتور قنّاص بارع.

خذوا خبرها.
يقول الحافظ العراقي قبل هذه العبارة مباشرة: (طرح التثريب1/442)
(أَطْلَقَ ابْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ وُضُوءَ النِّسَاءِ ، وَالرِّجَالِ جَمِيعًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الرِّجَالَ مِنْ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الزَّوْجَاتِ أَوْ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرَى مِنْهَا مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ وَلِذَلِكَ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابَ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ )
ثمّ جاءت العبارة التي نقلها الدكتور، وهي عبارة عن إشكالٍ أورده العراقي وردّ عليها:
(لَيْسَتْ أُمُّ صَبِيَّةَ هَذِهِ زَوْجَةً وَلَا مَحْرَمًا نَعَمْ قِيلَ : إنَّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ قِيسٍ ، وَإِنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةَ حَمْزَةَ وَقِيلَ : إنَّ زَوْجَةَ حَمْزَةَ غَيْرُهَا ، وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَزَوْجَةُ الْعَمِّ لَيْسَتْ مَحْرَمًا .
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْخَصَائِصِ فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيلُ عِنْدَ أُمِّ حَرَامٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ)

فلم يلتفت الدكتور لتوضيح وشرح الحافظ العراقي من قبل هذه الجملة، ولم يعبأ بجواب الحافظ العراقي بعد هذه الجملة ، المهمّ هو أن يقتنص هذه الجملة!

الطريف أنّ الكتب الحديثية التي روت هذه الأحاديث كانت متفقة على حمل هذه الأحاديث على صورة معينة، فكانت هذه الأحاديث دالة عندهم على الوضوء بفضل ماء المرأة، وأنّها دالة على الرخصة في ذلك بعد النهي الوارد فيها، ولم يكن أحد منهم يشير إلى أنها دالة على حالة اختلاط ومماسة ووضوء مشترك بين رجل وامرأة أجنبية حتى جاء الدكتور الكبير فقال:
( فهذا النص صحيح وصريح ودلالته واضحة جدا على إباحة الاختلاط(

ولله في خلقه شؤون!

--
أما بعد:
لا تظنّ أن ما سبق هو نتاج قراءة نقديّة للأعمال الكاملة للدكتور أحمد الغامدي، أو يذهب خيالك إلى أنّي تتبعتها من مدوّنة كاملة تجمع عشرات مقالات الدكتور، كلّ ما سبق هو من مقالة واحدة فقط، وهي آخر منتجات الدكتور العلميّة الصادرة حتى الآن، ومع ذلك لم تسلم من كلّ هذا التلبيس والتشويه.
قد كان حرياً بالدكتور أحمد الغامدي قبل أن يتباهى بما هو عليه من علم وحضور لدروس المشايخ، كان حرياً أن يلتزم بالقيم الضرورية التي هي قبل طلب العلم، بل هي من الضروريات لكلّ أحد فما بالك بطلبة العلم الشرعي والمفتين في دين الله، قد كان حرياً به بدلاً من الهجوم على أهل العلم الشرعيّ أن يتحلّى بالصدق والأمانة فيقرّر ويفتي لكن من دون كذب على أحد، ومن دون ممارسة للتدليس والمراوغة، وكيف يكون مفتياً في دين الله، وموقعاً عن رب العالمين، ومعلماً للناس للحلال والحرام في شريعتهم وهو بهذه الصفة من الصدق والأمانة، فالصدق والأمانة أولاً، وبعدها يكون الحديث معه عن فائدة مثل هذه الفتاوى والآراء التي تدعو المرأة إلى الالتزام بالضوابط الشرعيّة ، وتسوّق عبر شاشات الفساد والتبرّج الأخلاقي، وينفخ فيها من أصوات وأقلام المشمئزّين من الأحكام الشرعيّة، وبعد الصدق والأمانة سيفهم الدكتور حقيقة حاله حين يقف في مظاهرة عامّة تدعو لتحرير المرأة من قيمها وأخلاق دينها، وتخرج فيها النساء متبرّجات بأشدّ من تبرّج الجاهلية الأولى فيصفّ معهم الدكتور ويصرخ بصراخهم ويظنّ أنّه على منهج الاعتدال والهدي النبوي بمجرّد أنه يحمل –أثناء هذه المظاهرة- ويضع على صدره لافتة صغيرة تقول (بحسب الضوابط الشرعيّة) ..!

صيد الفوائد

همي الدعوه
08 Feb 2010, 02:12 AM
الرد المنضبط على تعقيب المختلط


سمير بن خليل المالكي


بسم الله الرحمن الرحيم
الرد المنضبط على تعقيب المختلط

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام
على من لا نبي بعده .
أما بعد ، فقد قرأت ما عقب به الغامدي على من رد عليه اختلاطه في مقالاته عن الاختلاط ، فوجدت تعقيبه لا يقل سخفا وجهالة عن مقالاته السابقة ، ولم يأت فيه بجديد ، سوى التأكيد والتأييد لمغالطاته وأخطائه ، وهذا مما يدل على أن الرجل قصد أن يلبس على العوام دينهم ، وأن يقذف الشبهات لإضلالهم ، وأن مقالاته السابقة لم تكن هفوة عابرة ولا زلة طارئة .
وقد أكد لنا ، أن بضاعته في العلم مزجاة ، بل وفي الأدب أيضا ، لأنه أطلق للسانه وقلمه العنان ، في التنقص بمخالفيه ، ورميهم بما يشاء من تهم ، دون النظر في عظم قدر من خالفه ، وهم جماهير أئمة السلف والخلف .
لكنه جبن أن يصرح بالطعن فيهم ، فصب جام سفهه على كل من رد عليه ، مع أن الرادين عليه قد نقلوا كلام أئمة السلف ، وفقهاء المذاهب الأربعة ، وشراح الأحاديث ، ولم يخترعوا قولا منكرا ، أو يؤسسوا مذهبا باطلا ، كما فعل "المختلط " .
* و قد نقلت من قبل ، جملة من نصوص السنة الصحيحة ، و أقوال أئمة السلف في الرد على هذا " المختلط "، ولا حاجة إلى تكرار ما ذكرته في تفنيد شبهاته وأباطيله .
لكن لما قرأت تعقيبه الأخير في موقع " العربية نت " ، رأيت أن أتعقبه في بعض ما ذكره ، مع أنه لم يأت فيه بجديد سوى الإصرار على المعاندة والاستكبار .

* * * * *

@ زعم " المختلط " أن مقالاته السابقة كانت : " ردا على ذلك المد الباطل على حقوق الشريعة والوطن" !
قلت : من أحق بأن يتصف عمله ودعوته ب " المد الباطل على حقوق الشريعة والوطن " ، هل هم الذين استمسكوا بالعروة الوثقى والحبل المتين ، واقتفوا هدي سيد المرسلين ، وسلف الأمة الماضين ، على اختلاف عصورهم ومذاهبهم ؛ أم الذين جعلوا القرآن عضين ، وخالفوا سنن المتقين ، وتنكبوا الصراط المستقيم ، اتباعا لأهوائهم ونزواتهم ؟
" و المد بالباطل في الشريعة " ، قد عرفناه في أسلافهم من المفسدين
من دعاة " التغريب " ، ودعاة " تحرير المرأة " ، ولم يأت هؤلاء "الخلوف " بجديد ، سوى اجترار شبهات الأولين ، فالأصل واحد ، والفروع كثيرة ، لكنها تسقى جميعا وتقتات من مصدر كدر آسن .

* وأما" المد بالباطل في الوطن " ، فما رزئت الأوطان ، على مر العصور والأزمان ، بأسوأ من هؤلاء المتعالمين ، يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يؤمرون .
يزعمون من أكثر من نصف قرن بأن نكبة الأوطان سببها عزل النساء عن الاختلاط بالرجال في ميادين الحياة !
ويدعون أن تخلف البلدان الإسلامية سببه العفاف و الحجاب ، والمباعدة بين النساء والرجال الأجانب !
وما رأينا واحدا من أولئك صنع إبرة
فما فوقها ، ولا أسهم قيد أنملة في منفعة تعود على العباد والبلاد ، غير الثرثرة ، وإشغال الأمة بما لا فائدة فيه في معاش ولا في معاد .
مضت عشرات العقود على دعواتهم الفجة فماذا كانت النتيجة ؟
ماذا صنعت دعوة قاسم أمين وطه حسين ورفاعة الطهطاوي وهدى شعراوي ونوال السعداوي . . ، وعشرات من دعاة " التغريب" وأدعياء التجديد والحضارة والدفاع عن حقوق ( ! ) المرأة ؟
هل جلبت دعواتهم الآفنة ذرة خير أو نفع لأوطانهم ، في علم أو صناعة أو تجارة أو زراعة أو غيرها من سبل المعيشة والرخاء ؟
إن التأريخ يشهد ، أن كل أولئك الناعقين لم يكن لهم أي مساهمة ، ولو يسيرة ، في شيئ مما يزعمونه من بناء الحضارة المدنية .
وهؤلاء " المخلطون " المعاصرون هم على نفس الشاكلة ، وما رأيناهم يوما قد شاركوا في نهضة أو في عمران ، ولا قدموا نفعا للأوطان والبلدان .

* وفي مقابل أولئك وهؤلاء ، ترى مئات ، بل ألوفا ، من دعاة الخير والإصلاح ، في القديم والحديث ، ممن كانت له مساهمة كبرى في بناء الأمة ، وتربية الأجيال على العفاف والاستقامة .
وترى ألوفا من أصحاب العلوم والمعرفة التجريبية و الصناعة والتجارة وغيرها ، ممن نفع الله بهم العباد والبلاد ، في مختلف ميادين الحياة والمعاش ، ولم يزعم واحد منهم أن تخلف البلدان وضعف الأوطان ، سببه المباعدة بين أنفاس النساء والرجال .
بل حتى عقلاء الأمم المتقدمة في الصناعة والحضارة المدنية ، لم يزعموا مثل ما زعمه أولئك الناعقون
من دعاة " الاختلاط " و "التقارب " بين الجنسين .
ويكفينا شاهدا على ما ذكرنا أن كل عباقرة التأريخ في شتى العلوم والصناعات ، التي بنيت عليها جميع الحضارات ، ليس فيها شاهد واحد على ما يزعمه " الأفاكون " .

* فمن قديم الزمان ، كانت هناك حضارات بناها علماء وحكماء ، في مختلف العلوم ، كالرياضيات والطبيعة والطب والكيمياء .
منهم : جالينوس وبقراط وفيثاغورس وبطليموس . . . وعشرات من المشاهير القدماء ، وكلهم ذكران ، ليس فيهم امرأة واحدة ، وما بلغنا أنه كان عندهم اختلاط أو مماسة للنساء ، ومع ذلك أسسوا حضارات قديمة اعتمد عليها كثير ممن جاء بعدهم من العلماء .

* واستمر الأمر كذلك ، حتى جاء الإسلام ، وامتدت حضارته قرونا من الزمان ، ولم يكن للاختلاط دور في بناء حضارته ، وعلو شأن دولته ، وإنما اقتصر دور النساء فيها على نطاق ضيق ، بضوابط شرعية في الستر و الحجاب ، والمباعدة عن الاختلاط بالرجال .
أما الصناعات والسياسات ، وغيرها من العلوم ، في تلك العصور الذهبية للإسلام ، التي حكمت نصف العالم ، فقد خلت من مشاركة النساء ، فضلا عن مخالطتهن أو مماستهن للرجال .

* وحتى النهضة الغربية الحديثة ، ليس للنساء فيها مشاركة " ظاهرة " لشيئ من تلك المخترعات ، ولم يكن للاختلاط دور في بنائها ، وإنما كان الاختلاط ، ولا يزال ، عادة من عاداتها،
لم يزعم أحد أن وجوده سبب لوجودها ، ولا أن عدمه سبب لعدمها .
فهل يزعم عاقل أن " أرشميدس " ، مثلا ، قد استعان بإحدى النساء في تجاربه ، أو أنه اختلط بهن في مختبره ؟
وقل مثل ذلك عن " لافوزيه " و " نيوتن " و " أينشتاين " و " جاليليو " و " أديسون " و "ماركوني " و " ماجلان " و مئات غيرهم من مشاهير العلماء ، الذين أسسوا الحضارة المدنية الحديثة .
(و لاحظ أيضا ، أنهم كلهم ذكور ) !

* * * * * *

@ و زعم " المخلط " أيضا أن كل من رد عليه " كانت لهم أغراض يريدون تحقيقها من خلال ذلك التصعيد المقصود " . كذا قال .
قلت : لم يفصح لنا عن شيئ من " أغراضهم " ، مع أن المقام يستدعي البيان والتوضيح ، لا الكتمان والتلميح .
وليت شعري، ماهي تلك "الأغراض"
التي " يريد تحقيقها " من يدعو إلى فصل النساء عن الرجال في ميادين العمل والتعليم ؟
الظاهر أن المخلط ، لكثرة ما ثرثر به عن " الاختلاط " ، قد اختلط عليه الأمر وانقلبت لديه الموازين ، فإن العادة جرت على أن يكون هناك " مآرب " و" أغراض " لدعاة الاختلاط والرذيلة ، لا لدعاة العفاف والفضيلة .
و إن كل العقلاء يجمعون على أن من يدعو إلى الخلوة بالنساء ، وإردافهم خلف الرجال الأجانب ! ومس الأيدي والشعور ( !! ) ، هو الذي لديه أغراض ومآرب ، لا من احتاط في أمر الاختلاط ، ودعا إلى المباعدة بين النساء و الرجال الأجانب .

* * * * * *

@ وزعم " المخلط " كذلك ، أن مخالفيه استدلوا بأحاديث ضعيفة جهلا منهم بوجوه الضعف ، وتقليدا منهم لمن صححها .
@ كما ذكر أيضا أنهم قلدوا من سبقهم من العلماء المجتهدين ، في فهمهم وتوجيهم للأدلة التي استدل بها " المخلط " ، وتعصبوا لأقوالهم من غير تمحيص لها ، وأن أولئك المجتهدين مأجورون على اجتهادهم الذي أخطأوا فيه ( ! )
وأما من قلدهم في اجتهادهم ممن رد عليه ، فليس لهم عذر ، لأنهم تركوا الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تدل على جواز الاختلاط ، والخلوة ، ومس الشعور والأيدي ، والالتصاق بالأبدان في ركوب الدواب ( وما شابهها ، مثل : الدراجات العادية والنارية والبحرية ) !

@ واستدل ، بحديث " الشبهات " المشهور ، ثم قال " فالمشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، وإنما يعلمها من وفقه الله من المجتهدين . وأهل الاجتهاد مؤتمنون على البيان بالبرهان والدليل ، وليس بالهوى والتعصب والأقاويل " . انتهى .
قلت: سأبدأ ردي على هذا "المتعالم "
من آخر ما قاله هنا ، وبعدها سأرجع إلى تفنيد أوله .
فحديث " الشبهات " ، قد قسم فيه صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام : حلال بين ، وحرام بين ، وأمور مشتبهات .
ثم نص على وجوب اتقاء المتشابهات
وبين أن من واقعها فقد واقع الحرام
وهذا من أصرح الأدلة التي تنقض كل مقالات هذا "المخلط " ، وتنسفها نسفا .
فإن النصوص قد تواترت على وجوب الحجاب والستر ، والمباعدة بين الرجال والنساء ، وغض البصر .
وحذرت من الفتنة بالنساء ، وسدت كل الذرائع المفضية إلى ذلك .
وحرمت الخلوة بالمرأة ، والدخول عليها ، وسفرها من غير محرم ،
و الخضوع بالقول ، و إظهار ما يخفى من زينتها ، ولو كان في أسفل القدم ،
إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في الكتاب والسنة الصحيحة .
ومعلوم أنه إذا حرم الأدنى والأخف ، في " الضرر و الفتنة " ، حرم الأعلى والأشد ، من غير شك ولا مرية .
فكان تحريم المصافحة ومس الشعر
والتلاصق ، بأي صفة كانت ، في ركوب الدواب ، أو في غير ذلك ، أظهر في المنع وأولى بالتحريم .
وقد وردت نصوص مشتبهات ، قد يفهم منها إباحة تلك المحرمات ، فماذا نصنع ؟
هل نقضي بها على المحكمات البينات ، فنكون من أهل الزيغ والفتنة ، الذين قال الله فيهم {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } ؟
أم نرد المتشابه إلى المحكم ، ونكون في زمرة الراسخين في العلم الذين يقولون { آمنا به كل من عند ربنا } ؟
روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه ، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم " [ ح 4547 ] .
و ذكر الحافظ في الفتح [ 8 / 211 ]
أن أول ما ظهر في الإسلام من اتباع المتشابهات من النصوص ، كان بفعل الخوارج ، وقد فسر ابن عباس بهم الآية .
قلت : فتبين أن استدلال " المختلط " بحديث " الشبهات " حجة عليه ، لا له ، كما هو ظاهر لكل عاقل .
وهذا يقودنا إلى الكلام على مسألة "الاستدلال " ، التي خلط فيها كل المخالفين ، من القرون الأولى حتى عصرنا الحاضر .

* وذلك أن المستدل بنص من القرآن والحديث ، يلزمه أن ينظر أولا إلى فهم السلف لهذه النصوص ، فإنهم أعلم وأحكم ممن جاء بعدهم ، على وجه العموم ، بدءا بالصحابة ، ثم التابعين ، ثم تابعيهم . . وهلم جرا .
أما الاستقلال بالنظر في النصوص وأخذ الأحكام منها ، دون الرجوع إلى فقه سلف الأمة ، فإنه سبيل أهل الزيغ والفتنة .
ولم تظهر الفرق في هذه الأمة إلا بالاستقلال بالنظر والتفقه في النصوص ، دون الرجوع إلى فهم السلف .
وقد استدل الخوارج بآيات من القرآن ، لكنهم لم يفهموها فهم الراسخين من علماء الأمة ،
فضلوا وأضلوا .
هذا مع أنهم وصفوا في الأحاديث الصحيحة بصفات لم يحظ بها جل من جاء بعدهم من المخالفين .
منها : كثرة القراءة ، والاجتهاد في الصلاة والصيام والعبادة .
وضلت القدرية بعد أيضا ، بسبب استقلالها في فهم نصوص القرآن في القدر ، دون الرجوع إلى فهم الراسخين من السلف .
وكل الفرق بعد ذلك ، إنما كان ضلالها بسبب خطئها في الاستدلال .
فليس العبرة بصحة الدليل ، فحسب ، بل لا بد من صحة الاستدلال به على المطلوب .
ومن ثم وضع الأئمة المصنفات في أصول الفقه والتفسير والحديث ، حتى تضبط العلوم بضوابط وقواعد ، منعا من التخبط والشطط ، والخلط في الفهم والاستنباط .
وأول من وضع قواعد العلوم الشرعية ، الإمام الشافعي ( ت 204 )
في كتاب " الرسالة " ، بطلب من الإمام عبدالرحمن بن مهدي .
ثم تتابعت بعد ذلك مصنفات الأصول والقواعد ، في الفقه والتفسير والحديث ، وأفردت لها مصنفات مستقلة .
فمن رام فهم نصوص الوحي والاستدلال بها دون الرجوع إلى فهم الراسخين في العلم بها ، ودون التقيد بقواعد العلوم وأصولها ، فإنه سيختلط عليه الحق والباطل ، وستلتبس عليه الأمور ، كما التبست على من سبقه من أهل الزيغ والضلال .
و لهذا فقد تواتر عن علماء الأمة نصوص في وجوب اتباع مذهب السلف الأولين ، و التحذير من اتباع أهواء المضلين .
فقال ابن مسعود " من كان مستنا فليستن بمن قد مات . . " .
وقال غيره " عليك بآثار من سلف ، وإن رفضك الناس . . " .
وقال آخر " من انسدت عليه أبواب مذهب السلف الحق ، عميت عليه أنباء التحقيق " .
وقال كثير من المتأخرين " كتاب وسنة ، بفهم سلف الأمة " .

* و مسألة التصحيح والتضعيف ونقد الأحاديث والآثار ، قد أفرد لها أئمة الحديث مصنفات ذكروا فيها قواعد عامة لضبط هذا العلم ، لكنهم لم يقصدوا من ذلك أن يقحم الجهال والأغمار أنفسهم ويحشروا أنوفهم في الحكم على الأحاديث ، دون الرجوع إلى حكم الراسخين من علماء الحديث ، وعلى رأسهم أئمة الجرح والتعديل ، وأصحاب الصحاح والمسانيد والسنن المشهورة .
ومعلوم أن قواعد الحديث ، وهو ما يسمى بعلم " المصطلح " ، وعلم
" الجرح والتعديل " ، من أشد العلوم غموضا ، وأصعبها على الفهم ، ومع ذلك فإن المتطفلين عليه في زماننا هذا كثيرون ! ومنهم هذا "المختلط "
الذي ظن أنه بقراءة بعض مصنفات " الجرح والتعديل " ، المختصرة ، فإنه يكون أهلا لأن يصحح أو يضعف .
وكأن المسألة أشبه بمسائل الضرب الحسابية ، التي تدرس للطلاب في مراحل التعليم الأولية ، فيستعين الطالب بجدول الضرب في حلها !
وليس الأمر بهذه السهولة ، فإن نقد الروايات من أدق العلوم وأعمقها .
ولهذا تجد من يتكلم في الجرح والتعديل والنقد هم جهابذة الحفاظ ، وهم أقل من القليل بالنسبة للآلاف المؤلفة من رواة الحديث والأثر في كل عصر .
ومنهج أصحاب الصحاح ، وعلى رأسهم البخاري ومسلم ، انتقاء الروايات ، فإنهم لا يقبلون كل أحاديث الثقات الأثبات ، كما أنهم لا يردون كل أحاديث الضعفاء ، ولهذا تجد في رجال الصحيحين من رمي بشيئ من الضعف ، فيظن الجهال بأن الشيخين قد فات عليهما معرفة ما في هؤلاء الرواة من الضعف ، فيبادر إلى تضعيف الروايات .

* ونضرب على ذلك بمثال و هو : خالد القطواني ، فقد ترجم له الحافظ في " التهذيب " [ 3 / 116 ] وذكر الاختلاف في تضعيفه وتوثيقه ، ومع ذلك فقد أخرج له الشيخان .
ولو اقتصر الناقد على بعض ما ذكر في ترجمته في" الميزان " للذهبي ،
أو "التقريب " لابن حجر ، لحكم على كل رواياته بالضعف ، وليست هذه طريقة أهل العلم في نقد الروايات .

* ومثله شهر بن حوشب ، فقد أخرج له مسلم في الشواهد ، وارتضاه الإمام أحمد حتى قال عنه
" ما أحسن حديثه " ، وقال عنه البخاري " حسن الحديث " ، و وثقه ابن معين وغيره . انظر التهذيب [ 4 / 369 ] .
وقال عنه الإمام الذهبي في الميزان [ 4/ 284 ] " قد ذهب إلى الاحتجاج به جماعة" .
وقد حسن الحافظ ابن حجر أحاديثه في أكثر من موضع في الفتح ، ومنها حديث أسماء في منع مصافحة النساء ، انظر الفتح [ 13 / 204 ] ، كما ذكرت ذلك في ردي السابق على " المختلط " .
وإنك لتعجب حين ترى مثل هذا الجاهل الذي ضعف حديث شهر بن حوشب ، بناء على ما قيل فيه في "التقريب "، مع أن صاحب" التقريب "
نفسه حسن إسناده !
وهذا يؤكد ما ذكرته من أن مذهب الأئمة في نقد الأسانيد لا يعتمد على ما في التراجم المختصرة ، كالتقريب ونحوه .
* ويقال أيضا عن سنن أبي داود والنسائي والترمذي ومسند أحمد وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان ، ما قيل في الصحيحين ، إلا أن شروط هؤلاء في الرجال وفي الروايات أقل من شروطهما .
وقد حكم الترمذي بالصحة أو الحسن على كثير من الروايات التي في إسنادها رواة مختلف فيهم ، وليس ذلك جهلا من الترمذي بحالهم ولا ذهولا عما قيل فيهم ، ولكنه اختيار وتمحيص منه لمروياتهم .
و تفصيل الكلام على هذه المسائل يطول جدا وإنما قصدت الإشارة إليه هنا ، حتى لا يغتر من لا علم عنده بكلام هذا "المختلط " ، ويلتبس عليه الأمر .

* وسأضرب بعض الأمثلة مما ذكره "المختلط " في مقالاته السابقة ، في الحكم على الأسانيد ، بدون علم ، ظنا منه أنه أهل لذلك .

1 _ ضعف حديث أميمة بنت رقيقة " إني لا أصافح النساء " ، لأن في إسناده محمد بن المنكدر .
قلت : هكذا يقذف بالباطل ويهرف بما لا يعرف ، ثم ينعي على غيره بأنهم مقلدة متعصبون !
فإنه لم يأت بنص واحد عن أحد من الأئمة في تضعيف هذا الحديث .
ومحمد بن المنكدر ممن أخرج له الجماعة ، و ترجم له الحافظ في " التهذيب " [ 9 / 473 ] وذكر توثيق الأئمة له ، ومنهم العجلي والشافعي، وقال ابن عيينة " كان من معادن الصدق " ، وقال يعقوب بن شيبة
" صحيح الحديث جدا " ، وقال إبراهيم بن المنذر " غاية في الحفظ والإتقان والزهد ، حجة " .
قلت : و هذا الحديث رواه مالك في الموطأ [ 2 / 982] و صححه الترمذي [ 1 /302 ] وغيره ، ولا يلتفت إلى تضعيف هذا المتعالم" المخلط " .

2 _ ضعف حديث معقل بن يسار " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد ، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " .
قال " المختلط " < أخرجه الطبراني ،
واختلف فيه رفعا ووقفا ، والموقوف أرجح ، إلا أنه ليس مما له حكم الرفع ، وإسناد المرفوع ضعيف ، لضعف شداد بن سعيد وتفرده به > .
كذا قال .
قلت : هكذا يطعن في الروايات مثل هذا الجاهل المتعالم ، بدون أن يستند إلى قول أحد ممن يعتد به من أهل العلم ، وكأنه من كبار علماء الحديث و حفاظ الآثار .
ثم يرمي غيره ، بهتانا وزورا ، بالتعصب والجمود والتقليد !
وكأنه يقول : لا تقلدوا في حكمكم على الروايات والأسانيد أئمة الحديث
السابقين ولا اللاحقين ، فقد كفيتكم مؤنة ذلك ، فما عليكم سوى الأخذ بقولي !

إذا قالت حذام فصدقوها & فإن القول ما قالت حذام

قلت : وهذا الحديث قد قال عنه المنذري في " الترغيب والترهيب "
[ 3 / 66 ] < رجال الطبراني ثقات رجال الصحيح > .
وقال مثل ذلك الهيثمي في " مجمع الزوائد " [ 4 / 329 ] .
وليس في إسناده مطعن ، فإن رواته ثقات ، وشداد بن سعيد أخرج له مسلم مقرونا ، و ترجم له الحافظ في التهذيب [ 4 / 316 ] ، ونقل توثيق الأئمة له ، أحمد وابن معين والبزار والنسائي وأبي خيثمة .
وقال ابن عدي " لم أر له حديثا منكرا ".
وترجم له الذهبي في " الميزان "
[ 2 / 265 ] وقال " صالح الحديث ".

3 _ حديث أبي هريرة " ليس للنساء وسط الطريق " .
هذا الحديث ذكره " المختلط " ، وقال عنه " إسناده ضعيف جدا ، فيه شريك بن عبدالله بن أبي نمر ، سيئ الحفظ، وفيه مسلم بن خالد الزنجي ،
قال البخاري فيه : منكر الحديث ، ذاهب الحديث " .
وضعف " المختلط " أيضا ، شواهد هذا الحديث التي يتقوى بها ، كحديث أبي أسيد وغيره .
قلت : أولا : قد ذكرت من قبل أن منهج أئمة الحديث هو انتقاء الروايات ، وأنهم لا يردون كل أحاديث من رمي بالضعف ، خاصة إذا كان الضعف من قبل سوء الحفظ .
ثانيا : هناك أحاديث صححها الأئمة ، لا لذاتها ، وإنما لغيرها .
و صغار طلبة العلم في الحديث يعلمون أن من الأحاديث ما هو صحيح لذاته ، أو حسن لذاته .
و منها ما هو صحيح لغيره ، أو حسن لغيره .
فالأحاديث المروية بأسانيد فيها ضعف ، إذا كان لها شواهد أو متابعات ، فإنها تتقوى بها ، وترتقي إلى الحسن أو إلى الصحة .
وحديث أبي هريرة ، إذا سلمنا جدلا ، بضعف إسناده ، فإن شواهده الأخرى تقويه .
وحسبك أن الحديث قد أخرجه ابن حبان في صحيحه [ موارد 1969 ] ، وهذا يعني أن ابن حبان ، وهو من كبار حفاظ الحديث ، ومن أئمة الجرح والتعديل ، قد سبر هذا الحديث ، ثم رأى أنه صحيح ، ومن ثم أخرجه في كتابه الذي التزم فيه بالصحة .
قال السيوطي في ذكر مراتب الصحاح ، بعد أن ذكر أن أعلاها البخاري ، ثم مسلم :

وابن خزيمة ويتلو مسلما & وأوله البستي ثم الحاكما

فجعله في المرتبة الرابعة ، بعد صحيح ابن خزيمة .
* وشريك بن عبدالله بن أبي نمر ، قد أخرج له أصحاب الصحاح والسنن ، انظر ترجمته في التهذيب [ 4 / 337 ]
وقد وثقه جمع من الأئمة وروى عنه مالك والثوري .
وقال عنه الذهبي في الميزان [ 2 / 269 ] " تابعي صدوق " .
* وأما مسلم بن خالد الزنجي ، فقد ترجم له في التهذيب [ 10 / 128 ] ، وذكر أنه كان من فقهاء مكة وروى عنه الشافعي .
وممن وثقه وقبله : ابن معين وابن عدي والدارقطني .
وذكره ابن حبان في ثقاته ، وقال " كان يخطئ أحيانا " .
ومثل هذا لا يرد حديثه مطلقا ، بل يرد ما أخطأ فيه ، أو خالف ، أو تفرد .
ولهذا صحح له ابن حبان حديثه هذا ، مع أنه قال فيه " كان يخطئ أحيانا "
قلت : وأنى لمثل هذا " المختلط " أن يفهم مثل هذه المسائل الحديثية التي استعصى فهمها على كثير من الناس ، إلا من رزقه الله فهما ثاقبا ، وقصدا حسنا ، وأفنى عمره في البحث والطلب .
والذي يظهر أن هذا " المختلط " ،
قد اعتمد كثيرا على غيره من الباحثين ، ثم نسب الجهد لنفسه ، لأنه أشار في مقاله الأول إلى بحث جاسم المشاري الذي نشر في صحيفة الجزيرة ، وامتدحه ، ووصفه بأنه بحث علمي مؤصل " ندر في شموله مثله . . . " الخ .
ثم ذكر في هذا " الموقع " أنه قد بحث هذه المسألة من قبل بحثا مطولا ، ولم يذكر شيئا عن بحث المشاري !
فإذا كان الأمر كما قال ، فلماذا صدر مقاله السابق بذكر بحث المشاري والإشادة به بمثل ذلك التهويل ، وأغفل ذكره هنا ؟
وقد ذكر المشاري أنه اعتمد في بحثه على بعض الباحثين .
فتبين من هذا أن تلك المقالات عبارة عن تجميع وتلفيق لما كتبه بعض الباحثين ( المجهولين ) ! تبناها أولا ،
المشاري ثم الغامدي .
فكيف يرضى لنفسه أن يقلد _ في الخطأ والباطل _ أولئك المجهولين ، وينعي على غيره في متابعتهم _ في الحق والصواب _ لأئمة المسلمين ؟!
* تنبيه : ذكر " المختلط " في مقاله السابق حديث أبي سعيد الخدري
" خير صفوف الرجال أولها " الحديث
وقال " أخرجه أبو يعلى ، وإسناده صحيح " .
قلت : أولا : هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه مسلم وأصحاب السنن ، من حديث أبي هريرة . انظر جامع الأصول [ 5 / 606 ] .
ثانيا : وأما حديث أبي سعيد في مسند أبي يعلى [ 2 / 354 ] ، فهو بلفظ
" خير صفوف الرجال المقدم ، وشرها المؤخر . . " .
قلت : فمن كان هذا مبلغ علمه في البحث والتخريج ، كيف يصح أن يحشر أنفه في الجرح والتعديل ، ونقد الأسانيد ، ويرمي غيره بالجهل والتعصب والتقليد ؟

* * * * * *

ومن هنا تعلم أخي القارئ أن هؤلاء المخلطين موغلون في الجهل ، وأنهم
لا حظ لهم من العلم إلا الثرثرة والتلبيس على العوام ، وأن ادعاءهم بأن مخالفيهم متعصبون ومقلدون وكاتمون للحق .. الخ . إنما يقصدون به منع هذه الأمة من اتباع هدي سلفها ، والتشكيك في فقه أئمتها وفهم علمائها ، حتى يتسنى لهم نشر جهالاتهم وضلالاتهم .
وقد سبقهم إلى تلك الدعاوى الباطلة كل الفرق الضالة .
فالخوارج زعموا أنهم أهل للاجتهاد والاستقلال بفهم النصوص ، دون الرجوع إلى فقه الصحابة والسلف .
والرافضة كفرت الصحابة الأخيار ، وطعنت في رواة الأحاديث والآثار .
والجهمية رموا سلف الأمة وعلماءها بالجهل ، ووصفوهم بأنهم " نابتة و حشوية " .
* وكذلك العلمانيون المعاصرون ، ومن قلدهم من المخالفين ، ما تركوا وصفا مقيتا إلا أطلقوه على علماء الأمة وخيارها ، فهم في نظرهم : مقلدة ، متعصبة ، متشددة ، متخلفة ، مشككة في نيات العامة ، معادون للمرأة منتهكون لحقوقها !
قال الله تعالى { زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة }
وقال الشاعر :

إذا وصف الطائي بالبخل مادر & وعير قسا بالفهاهة باقل
وطاولت الأرض السماء سفاهة & وفاخرت الشهب الحصا والجنادل
وقال السهى للشمس أنت ضئيلة & وقال الدجى يا صبح لونك حائل
فيا موت زر إن الحياة مريرة & ويا نفس جدي إن دهرك هازل

* * * * * * *
وبعد ، فإني قد أطلت كثيرا في الرد على ما ذكره الغامدي في تعقيبه على من رد عليه ، ولم أرد الإطالة ، ولكن هذا المتحاذق قد دأب على قذف الشبه بكلام لا يمت إلى العلم ولا للأدب بصلة ، فأردت أن أبين للقراء مبلغ جهله ، وأفند بعض شبهاته .
هذا وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويلهمنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويلهمنا اجتنابه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتب : سمير المالكي
20 / 1 / 1431 هجرية .

صيد الفوائد

حفيدة السلف
08 Feb 2010, 01:38 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

همي الدعوه
23 Feb 2010, 02:37 PM
عاجل: العلامة البراك يفتى بكفر مستحل الاختلاط وقتله بعد استتابته شرعاً ، ويوجه رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين صحيفة حرف - محمد سعيد- الرياض

أصدر العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك بياناً قوياً تضمن التحذير الشديد ضد مشروع الاختلاط والتغريب في المملكة العربية السعودية ، وقد حصلت حرف على نسخة من هذا البيان ، وهذا نص البيان :"

تحذير من فتنة الدعوة إلى الاختلاط


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:


فإن الاختلاط بين الرجال والنساء في ميادين العمل والتعليم ـ وهو المنشود للعصرانيين ـ حرامٌ؛ لأنه يتضمن النظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بين الرجال والنساء، وكل ذلك طريق إلى ما بعده.
والباعث للعصرانيين الداعين إلى هذا الاختلاط أمران:
الأول: النزعة إلى حياة الغرب الكافر، فعقولهم مستغرِبة، ويريدون تغريب الأمة؛ بل يريدون فرض هذا التغريب.
الثاني: اتباع الشهوات، قال تعالى: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا))

ومن استحل هذا الاختلاط ـ وإن أدى إلى هذه المحرمات ـ فهو مستحل لهذه المحرمات، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتدا، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله، والأصل في ذلك أن من جحد معلوما من دين الإسلام بالضرورة كفر لأنه مكذب أو غير ملتزم بأحكام الشريعة، وهذا مقرر ومعروف عند علماء الإسلام، أعني تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء على الوجه المذكور، ومضى العمل بعدم الاختلاط عند المسلمين في جميع القرون حتى استولى الكفار من اليهود والنصارى على كثير من البلاد الإسلامية، وهو ما يسمى بالاستعمار، وكان تغريب المرأة وحملها على التمرد على أحكام الإسلام وآدابه باسم تحرير المرأة هو أهمَ وسيلة اتخذوها لتغيير مجتمعات المسلمين وتغريبها، ونشر فاحشة الزنا فيها، من خلال مؤسسات الفجور كدور السينما وبيوت الرقص والغناء.

وقد كانت بلادنا المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين في منأى عن ذلك إذ سلمها الله من وطأة الاستعمار النصراني، وقد أنعم الله على هذه البلاد بدعوة الإصلاح وتجديد دعوة التوحيد على يد الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله، الدعوة التي لا نزال نتمتع بآثارها ولله الحمد، ولكن أعداء الإسلام قد غاظهم أن تبقى هذه البلاد على أصالتها وطهر مجتمعها وعفة نسائها، فاتخذوا من الدعوة إلى ما يسمى حقوق المرأة أداة للوصول إلى مآربهم، فطالبوا بنزع الحجاب، والتخلص من المحرم، واختلاط المرأة بالرجال في العمل والتعليم، بل طالبوا بتسوية المرأة بالرجل في كل شيء، وهذا مصداق قوله تعالى: ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا))، وفُسِّر الذي يتبعون الشهوات بالزناة واليهود والنصارى، كما صرح به ابن كثير وهو المأثور عن السلف رحمهم الله.

ولا تستغرب أيها المسلم أن الإنسان قد يكفر بكلمة وهو لا يشعر، فلا تأمن على نفسك، بل الحذر الحذر! وفي الحديث: ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم)) رواه البخاري.

ومما يحسن التنبيه إليه أن كل من رضي بعمل ابنته أو أخته أو زوجته مع الرجال أو بالدراسة المختلطة فهو قليل الغيرة على عرضه، وهذا نوع من الدياثة، لأنه بذلك يرضى بنظر الرجال الأجانب إليها، وغير ذلك مما يجر إليه الاختلاط.
وإني بهذه المناسبة أتوجه إلى ولاة الأمر وفقهم الله ليقفوا هذه الفتنة فتنة الدعوة إلى الاختلاط، ويحموا مجتمعنا من أسباب الفساد بسد أبوابه، نصرة لله ورسوله، وأداء لأمانة المسؤولية، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) وفق الله ولاة أمورنا لما فيه الخير لهذه الأمة، وحفظ الله بلادنا من كيد الكائدين وأطماع الحاقدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عبد الرحمن بن ناصر البراك

8 ربيع الأول1431هـ"