المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درر منثــورة من تفسيـر ابن السعـدي رحمه الله .. متجدد..



دمـ تبتسم ـوع
23 Nov 2009, 09:55 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انقل لكم هنـــآ

درر منثورة مختارة من تفسير ابن السعـدي رحمهـ الله



:11910288185985:



الدرة الأولى
قوله تعالى في سورة البقرة: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة) (البقرة:74)

تشبيه قسوة القلب بالأحجار مع أن في الموجودات ما هو أشد صلابة منها هي لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب بخلاف الأحجار

دمـ تبتسم ـوع
23 Nov 2009, 10:02 PM
الدرة الثانية

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر: 10)

ذكر الله في هذا الدعاء نفي الغل عن القلب، الشامل لقليل الغل وكثيره، الذي إذا انتفى ثبت ضده، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين

دمـ تبتسم ـوع
23 Nov 2009, 10:07 PM
الدرة الثالثة

معنى قوله تعالى‏ ‏{‏ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} (النساء:17)

أي‏:‏ قريب من فعلهم للذنب الموجب للتوبة، فيكون المعنى‏:‏ أن من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب، وأناب إلى الله وندم عليه، فإن الله يتوب عليه، بخلاف من استمر على ذنوبه وأصر على عيوبه، حتى صارت فيه صفاتٍ راسخةً، فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة‏.‏
والغالب أنه لا يوفق للتوبة ولا ييسر لأسبابها، كالذي يعمل السوء على علم تام ويقين وتهاون بنظر الله إليه، فإنه سد على نفسه باب الرحمة‏.‏
نعم قد يوفق الله عبده المصر على الذنوب عن عمد ويقين لتوبة تامة ‏التي‏ يمحو بها ما سلف من سيئاته وما تقدم من جناياته، ولكن الرحمة والتوفيق للأول أقرب،
ولهذا ختم الآية الأولى بقوله‏:‏ ‏{‏وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا‏}‏، فمِن علمه أنه يعلم صادق التوبة وكاذبها، فيجازي كلا منهما بحسب ما يستحق بحكمته، ومن حكمته أن يوفق من اقتضت حكمته ورحمته توفيقَه للتوبة، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله عدمَ توفيقه والله أعلم.‏

دمـ تبتسم ـوع
23 Nov 2009, 10:11 PM
الدرة الرابعة


قوله تعالى في سورة الأحزاب:
‏{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)‏}





يأمر تعالى المؤمنين بتقواه، في جميع أحوالهم، في السر والعلانية، ويخص منها، ويندب للقول السديد، وهو:


القول الموافق للصواب، أو المقارب له عند تعذُّر اليقين، من قراءة، وذِكر، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وتعلُّم عِلْم وتعليمه، والحرص على إصابة الصواب في المسائل العلمية، وسلوك كل طريق يوصل لذلك وكل وسيلة تعين عليه.


ومن القول السديد:




لِين الكلام ولطفه، في مخاطبة الأنام، والقول المتضمن للنصح والإشارة، بما هو الأصلح‏.
ثم ذكر ما يترتب على تقواه، وقول القول السديد، فقال:
{يُصْْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ‏} أي‏:‏ يكون ذلك سببًا لصلاحها، وطريقًا لقبولها، لأن استعمال التقوى تتقبل به الأعمال كما قال تعالى‏: {‏إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}
، ويوفق فيه الإنسان للعمل الصالح، ويصلح اللّه الأعمال ‏أيضًا بحفظها عما يفسدها،
وحفظ ثوابها ومضاعفته....

كما أن الإخلال بالتقوى، والقول السديد سبب لفساد الأعمال، وعدم قبولها، وعدم تَرَتُّبِ آثارها عليها‏



</I>

تاج الوقار
24 Nov 2009, 12:15 AM
درر رائع للشيخ ابن السعدي

لاحرمكِ الله الاجر يافاضلة

دمـ تبتسم ـوع
24 Nov 2009, 10:46 PM
الدرة الخامسة



قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (الأحزاب59)

والجلباب الذي يكون فوق الثياب كالملحفة والخمار ونحوها، أي: يغطين بها وجوههن وصدورهن،

ثم ذكر حكمة ذلك بقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} لأنهن إن لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما استهين بهن، فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.

</I>

دمـ تبتسم ـوع
24 Nov 2009, 10:48 PM
الدرة السادسة

التأمل في الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات الكريمة من مفاتيح فهم القرآن وتدبره،

ومثاله: قوله تعالى: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة : 118)
فلم تختم الآية بقوله ( الغفور الرحيم )، لأن المقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذ إلهاً مع الله، فناسب ذكره العزة والحكمة وصار أولى من ذكر الرحمة.

دمـ تبتسم ـوع
24 Nov 2009, 10:49 PM
الدرة السابعة

قال الله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (الحجر:95)

{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} بك وبما جئت به، وهذا وعد من الله لرسوله، أن لا يضره المستهزئون،
وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة، وقد فعل تعالى؛ فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة....

</I>

دمـ تبتسم ـوع
24 Nov 2009, 10:52 PM
الدرة الثامنة

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة218

هذه الأعمال الثلاثة هي عنوان السعادة وقطب رحى العبودية، وبها يعرف ما مع الإنسان من الربح والخسران.

فأما الإيمان: فلا تسأل عن فضيلته، وكيف تسأل عن شيء هو الفاصل بين أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأهل الجنة من أهل النار؟ وهو الذي إذا كان مع العبد قبلت أعمال الخير منه، وإذا عدم منه لم يقبل له صرف ولا عدل ولا فرض ولا نفل

وأما الهجرة: فهي مفارقة المحبوب المألوف لرضا الله تعالى، فيترك المهاجر وطنه وأمواله وأهله وخلانه تقربا إلى الله ونصرة لدينه.

وأما الجهاد: فهو بذل الجهد في مقارعة الأعداء، والسعي التام في نصرة دين الله وقمع دين الشيطان، وهو ذروة الأعمال الصالحة، وجزاؤه أفضل الجزاء.
وهو السبب الأكبر لتوسيع دائرة الإسلام وخذلان عباد الأصنام وأمن المسلمين على أنفسهم وأموالهم وأولادهم.

فمن قام بهذه الأعمال الثلاثة - على لأوائها ومشقتها - كان لغيرها أشد قياما به وتكميلا.

فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجين رحمة الله لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة.

وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة، وأما الرجاء المقارن للكسل وعدم القيام بالأسباب فهذا عجز وتمن وغرور، وهو دال على ضعف همة صاحبه ونقص عقله بمنزلة من يرجو وجود الولد بلا نكاح، ووجود الغلة بلا بذر وسقي، ونحو ذلك.

وفي قوله: " أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ " إشارة إلى أن العبد - ولو أتى من الأعمال بما أتى به - لا ينبغي له أن يعتمد عليها ويعول عليها بل يرجو رحمة ربه ويرجو قبول أعماله ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه.

ولهذا قال: "وَاللَّهُ غَفُورٌ" أي: لمن تاب توبة نصوحا "رَحِيمٌ" وسعت رحمته كل شيء، وعم جوده وإحسانه كل حي.

وفي هذا دليل على أن من قام بهذه الأعمال المذكورة حصل له مغفرة الله إذ "الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" وحصلت له رحمة الله.
وإذا حصلت له المغفرة اندفعت عنه عقوبات الدنيا والآخرة التي هي آثار الذنوب التي قد غفرت واضمحلت آثارها.
وإذا حصلت له الرحمة حصل على كل خير في الدنيا والآخرة.
بل أعمالهم المذكورة من رحمة الله بهم، فلولا توفيقه إياهم لم يريدوها، ولولا إقدارهم عليها لم يقدروا عليها، ولولا إحسانه لم يتمها ويقبلها منهم.
فله الفضل أولا وآخرا، وهر الذي من بالسبب والمسبب.

</I>

دمـ تبتسم ـوع
24 Nov 2009, 10:53 PM
الدرة التاسعة

من الفوائد في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ} (الجمعة:11)

أنه ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات والشهوات
أن يذكرها بما عند الله من الخيرات، وما لمؤثر رضاه على هواه.

طيف المدينة
23 Dec 2009, 07:18 PM
جزاكِ الله خير
ووفقكِ لخيري الدنيا والآخرهـ ..

وما توفيقي إلا بالله
25 Dec 2009, 11:15 PM
بارك الله فيكم ونفع الله بكم

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:39 PM
نستكمل ما بدأناه من الدرر المباركة..


..........



الدرة العاشرة



قال الله تعالى: {أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (البقرة5)


"أُولَئِكَ" أي الموصوفون بتلك الصفات الحميدة "عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ" أي: على هدى عظيم, لأن التنكير للتعظيم.
وأي هداية أعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنة للعقيدة الصحيحة والأعمال المستقيمة؟!!.
وهل الهداية في الحقيقة إلا هدايتهم وما سواها مما خالفها فهي ضلالة.
وأتى بـ "على" في هذا الموضع الدالة على الاستعلاء وفي الضلالة يأتي بـ "في" كما في قوله: "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" لأن صاحب الهدى مستعمل بالهدى, مرتفع به, وصاحب الضلال منغمس فيه محتقر.


ثم قال: "وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب.
حصر الفلاح فيهم لأنه لا سبيل إلى الفلاح إلا بسلوك سبيلهم، وما عدا تلك السبيل فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها إلى الهلاك.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:41 PM
الدرة الحادية عشرة



قال الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً) (الأحزاب:6)

النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين، وأقرب لهم من أنفسهم في أمور الدين والدنيا، وحرمة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على أمته كحرمة أمهاتهم، فلا يجوز نكاح زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من بعده.
وذوو القرابة من المسلمين بعضهم أحق بميراث بعض في حكم الله وشرعه من الإرث بالإيمان والهجرة (وكان المسلمون في أول الإسلام يتوارثون بالهجرة والإيمان دون الرحم, ثم نسخ ذلك بآيه المواريث) إلا أن تفعلوا -أيها المسلمون- إلى غير الورثة معروفا بالنصر والبر والصلة والإحسان والوصية, كان هذا الحكم المذكور مقدرا مكتوبا في اللوح المحفوظ، فيجب عليكم العمل به.

وفي الآية:
وجوب كون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلى العبد من نفسه، ووجوب كمال الانقياد له،

وفيها وجوب احترام أمهات المؤمنين، زوجاته صلى الله عليه وسلم، وأن من سبهن فقد باء بالخسران.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:42 PM
الدرة الثانية عشر


قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الكهف:7)


لقد اغتر بزخرف الدنيا وزينتها الذين نظروا إلى ظاهرها دون باطنها، فصحبوا الدنيا صحبة البهائم، وتمتعوا بها تمتع السوائم، همهم تناول الشهوات، من أي وجه حصلت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، وفوات لذاته، لا لما قدمت يداه من التفريط والسيئات.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:43 PM
الدرة الثالثة عشر

قوله تعالى: (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (الأعراف:99)

في هذه الآية تخويف بليغ، فإن العبد لا ينبغي أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفا أن يبتلى ببلية تسلب إيمانه، ولا يزال داعيا بالثبات، وأن يسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:45 PM
الدرة الرابعة عشر

قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (سورة البقرة: 124 - 125)

يخبر تعالى، عن عبده وخليله، إبراهيم عليه السلام، المتفق على إمامته وجلالته، الذي كل من طوائف أهل الكتاب تدعيه، بل وكذلك المشركون: أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات، أي: بأوامر ونواهي، كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده، ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء والامتحان من الصادق، الذي ترتفع درجته، ويزيد قدره، ويزكو عمله، ويخلص ذهبه، وكان من أجلِّهم في هذا المقام، الخليل عليه السلام.
فأتم ما ابتلاه الله به، وأكمله ووفاه، فشكر الله له ذلك، ولم يزل الله شكورا فقال: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} أي: يقتدون بك في الهدى، ويمشون خلفك إلى سعادتهم الأبدية، ويحصل لك الثناء الدائم، والأجر الجزيل، والتعظيم من كل أحد.

وهذه - لعمر الله - أفضل درجة، تنافس فيها المتنافسون، وأعلى مقام، شمر إليه العاملون، وأكمل حالة حصلها أولو العزم من المرسلين وأتباعهم، من كل صديق متبع لهم، داع إلى الله وإلى سبيله.
فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام، وأدرك هذا، طلب ذلك لذريته، لتعلو درجته ودرجة ذريته، وهذا أيضا من إمامته، ونصحه لعباد الله، ومحبته أن يكثر فيهم المرشدون، فلله عظمة هذه الهمم العالية، والمقامات السامية.

فأجابه الرحيم اللطيف، وأخبر بالمانع من نيل هذا المقام فقال: {لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} أي: لا ينال الإمامة في الدين، من ظلم نفسه وضرها، وحط قدرها، لمنافاة الظلم لهذا المقام، فإنه مقام آلته الصبر واليقين، ونتيجته أن يكون صاحبه على جانب عظيم من الإيمان والأعمال الصالحة، والأخلاق الجميلة، والشمائل السديدة، والمحبة التامة، والخشية والإنابة، فأين الظلم وهذا المقام؟

ودل مفهوم الآية، أن غير الظالم، سينال الإمامة، ولكن مع إتيانه بأسبابها.

ثم ذكر تعالى، نموذجا باقيا دالا على إمامة إبراهيم، وهو هذا البيت الحرام الذي جعل قصده، ركنا من أركان الإسلام، حاطا للذنوب والآثام، وفيه من آثار الخليل وذريته، ما عرف به إمامته، وتذكرت به حالته

فقال: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ} أي: مرجعا يثوبون إليه، لحصول منافعهم الدينية والدنيوية، يترددون إليه، ولا يقضون منه وطرا، {و} جعله {أَمْنًا} يأمن به كل أحد، حتى الوحش، وحتى الجمادات كالأشجار.
ولهذا كانوا في الجاهلية - على شركهم - يحترمونه أشد الاحترام، ويجد أحدهم قاتل أبيه في الحرم، فلا يهيجه، فلما جاء الإسلام، زاده حرمة وتعظيما، وتشريفا وتكريما.

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} يحتمل أن يكون المراد بذلك، المقام المعروف الذي قد جعل الآن، مقابل باب الكعبة، وأن المراد بهذا، ركعتا الطواف، يستحب أن تكونا خلف مقام إبراهيم، وعليه جمهور المفسرين، ويحتمل أن يكون المقام مفردا مضافا، فيعم جميع مقامات إبراهيم في الحج، وهي المشاعر كلها: من الطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، ومزدلفة ورمي الجمار والنحر، وغير ذلك من أفعال الحج.

فيكون معنى قوله: {مُصَلًّى} أي: معبدا، أي: اقتدوا به في شعائر الحج، ولعل هذا المعنى أولى، لدخول المعنى الأول فيه، واحتمال اللفظ له.

{وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} أي: أوحينا إليهما، وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشرك، والكفر والمعاصي، ومن الرجس والنجاسات والأقذار، ليكون {لِلطَّائِفِينَ} فيه {وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} أي: المصلين، قدم الطواف، لاختصاصه بالمسجد [الحرام]، ثم الاعتكاف، لأن من شرطه المسجد مطلقا، ثم الصلاة، مع أنها أفضل، لهذا المعنى.


وأضاف الباري البيت إليه لفوائد، منها:

أن ذلك يقتضي شدة اهتمام إبراهيم وإسماعيل بتطهيره، لكونه بيت الله، فيبذلان جهدهما، ويستفرغان وسعهما في ذلك.
ومنها: أن الإضافة تقتضي التشريف والإكرام، ففي ضمنها أمر عباده بتعظيمه وتكريمه.
ومنها: أن هذه الإضافة هي السبب الجاذب للقلوب إليه.</I>

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:46 PM
الدرة الخامسة عشر

قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة:276)

وهذا عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق، أن الإنفاق ينقص المال، وأن الربا يزيده، فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعال ، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته وامتثال أمره، فالمتجرىء على الربا يعاقبه الله بنقيض مقصوده، وهذا مشاهد بالتجربة.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:47 PM
الدرة السادسة عشر

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}البقرة3

قال: "وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ" لم يقل: يفعلون الصلاة, أو يأتون بالصلاة، لأنه لا يكفي فيها مجرد الإتيان بصورتها الظاهرة، فإقامة الصلاة:

إقامتها ظاهرا، بإتمام أركانها، وواجباتها، وشروطها.
وإقامتها باطنا، بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها، وتدبر ما يقوله ويفعله منها.

فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" وهي التي يترتب عليها الثواب.
فلا ثواب للعبد من صلاته، إلا ما عقل منها.
ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافلها.

ثم قال: "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" يدخل فيه:

النفقات الواجبة كالزكاة، والنفقه على الزوجات والأقارب، والمماليك ونحو ذلك.
والنفقات المستحبة بجميع طرق الخير.

ولم يذكر المنفق عليهم، لكثرة أسبابه وتنوع أهله، ولأن النفقة من حيث هي، قربة إلى الله.

وأتى بـ "من" الدالة على التبعيض, لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءا يسيرا من أموالهم، غير ضار لهم ولا مثقل, بل ينتفعون هم بإنفاقه، وينتفع به إخوانهم.

وفي قوله: "رَزَقْنَاهُمْ" إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم، ليست حاصلة بقوتكم وملككم، وإنما هي رزق الله، الذي خولكم، وأنعم به عليكم.
فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده، فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم، وواسوا إخوانكم المعدمين.

وكثيرا ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن، لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة، متضمنة الإحسان على عبيده.
فعنوان سعادة العبد، إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق.
كما أن عنوان شقاوة العبد، عدم هذين الأمرين منه، فلا إخلاص ولا إحسان.</I>

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:48 PM
الدرة السابعة عشر

شأن أهل الإيمان مع القرآن: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً) (الأنفال:2)
لأنهم يلقون السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم، لأن التدبر من أعمال القلوب،
و لأنه لابد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، أو وجلاً من العقوبات، و ازدجاراً عن المعاصي.</I>

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:49 PM
الدرة الثامنة عشر


وصف الله كتابه بأنه (مثاني)


أي تثنى فيه القصص والأحكام، والوعد والوعيد، وتثنى فيه أسماء الله وصفاته، وكذلك القلب يحتاج دائماً إلى تكرار معاني كلام الله تعالى عليه، فينبغي لقاريء القرآن، المتدبر لمعانيه، أن لا يدع التدبر في جميع المواضع منه، فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير، ونفع غزير .

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:51 PM
الدرة التاسعة عشر


التأمل في الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات الكريمة من مفاتيح فهم القرآن وتدبره، ومثاله: قوله تعالى: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118)


فلم تختم الآية بقوله: (الغفور الرحيم)، لأن المقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذ إلهاً مع الله، فناسب ذكره العزة والحكمة وصار أولى من ذكر الرحمة.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:52 PM
الدرة العشرون

من فوائد قصة موسى مع الخضر :

أن من ليس له صبر على صحبة العالم والعلم، فإنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:54 PM
الدرة الحادية والعشرون

قال الله تعالى: (فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (الأعراف/99)


في هذه الآية تخويف بليغ، فإن العبد لا ينبغي أن يكون آمناً على ما معه من الإيمان، بل لا يزال خائفا أن يبتلى ببلية تسلب إيمانه، ولا يزال داعيا بالثبات، وأن يسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن؛ فإن العبد - ولو بلغت به الحال ما بلغت - فليس على يقين من السلامة.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:55 PM
الدرة الثانية والعشرون

قال الله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) (النساء:8)

يؤخذ من هذا المعنى، أن كل من تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر.

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:57 PM
الدرة الثالثة والعشرون

من القواعد التي تعينك على التدبر:

أن تعلم أن الله إذا أمر بشيء كان ناهياً عن ضده، و إذا نهى عن شيء كان آمراً بضده،
فمثلاً: إذا أمر بالتوحيد وبر الوالدين هو نهى عن الشرك وعقوق الوالدين،
و إذا نهى عن إضاعة الصلاة والجزع و التسخط، كان ذلك أمراً بالمحافظة على الصلاة ولزوم الصبر،
و على هذا فقس...

دمـ تبتسم ـوع
19 Jan 2010, 09:59 PM
الدرة الرابعة والعشرون

حذف جواب الشرط يدل على تعظيم الأمر وشدته في مقامات الوعيد

وذلك كقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [السجدة: 12]
{وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} [سـبأ: 51]
{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [البقرة: 165]
{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 30]
{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [الأنعام: 27]

فحذْف الجواب في هذه الآيات وشبهها أولى من ذِكْره، ليدل على عظمة ذلك المقام، وأنه لهوله وشدته وفظاعته لا يعبَّر عنه بلفظ ولا يُدرك بالوصف، مثله قوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر:5]أي لما أقمتم على ما أنتم عليه من التفريط والغفلة واللهو.

الرحال99
19 Jan 2010, 10:41 PM
جزاكم الله خير وكتب اجركم

تاج الوقار
02 Feb 2010, 12:21 AM
ماشاء الله رائع اختنا

جزاكِ الله خيرا يافاضلة

استمري

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:44 AM
بارك الله في كل من تواجد هنا


نستكمل الدرر~


..................


الدرة الخامسة والعشرون


قال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} (الحج:37)


فالعبادات إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور الذي لا لب فيه، والجسد الذي روح فيه.

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:46 AM
الدرة السادسة والعشرون

بعد أن أباح الله تعالى التعجل في الحج لمن اتقاه قال: {وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (البقرة:203)

فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله تعالى، فلهذا حث الله تعالى على العلم بذلك.

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:47 AM
الدرة السابعة والعشرون

في قول موسى عليه السلام للخضر: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} (الكهف:66)

التأدب مع المعلم، وخطابه بألطف خطاب، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقاره إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هو وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جداً، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:48 AM
الدرة الثامنة والعشرون

إذا منع الله عباده المؤمنين شيئا تتعلق به إرادتهم، فتح لهم بابا أنفع لهم منه وأسهل وأولى،

كقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (البقرة:106)
وقوله: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ} (النساء:130)

وفي هذا المعنى آيات كثيرة .

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:49 AM
الدرة التاسعة والعشرون

قال الله تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً}(مريم4)

"رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي" أي: وهى وضعف, وإذا ضعف العظم, الذي هو عماد البدن, ضعف غيره.
"وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" لأن الشيب دليل الضعف والكبر, ورسول الموت, ورائده, ونذيره.
فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه, وهذا من أحب الوسائل إلى الله, لأنه يدل التبري من الحول والقوة, وتعلق القلب بحول الله وقوته.

"وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا" أي: لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة.
بل لم تزل بي حفيا, ولدعائي مجيبا.
ولم تزل ألطافك تتوالى علي, وإحسانك واصلا إلي.
وهذا توسل إلى الله, بإنعامه عليه, وإجابة دعواته السابقة.
فسأل الذي أحسن سابقا, أن يتمم إحسانه لاحقا.

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:51 AM
الدرة الثلاثون


قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}آل عمران159


فهل يليق بمؤمن بالله ورسوله، ويدعي اتباعه والإقتداء به، أن يكون كلاًّ على المسلمين، شرس الأخلاق، شديد الشكيمة عليهم، غليظ القلب، فظ القول، فظيعه؟!

دمـ تبتسم ـوع
26 Feb 2010, 12:53 AM
الدرة الحادية والثلاثون

قال الله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38

أي: جميع الحيوانات الأرضية والهوائية من البهائم والوحوش والطيور كلها " أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ " خلقناها كما خلقناكم، ورزقناها كما رزقناكم، ونفذت فيها مشيئتنا وقدرتنا، كما كانت نافذة فيكم.
" مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ " أي: ما أهملنا ولا أغفلنا في اللوح المحفوظ شيئا من الأشياء،بل جميع الأشياء صغيرها وكبيرها مثبتة في اللوح المحفوظ على ما هي عليه،فتقع جميع الحوادث طبق ما جرى به القلم.
وفي هذه الآية دليل على أن الكتاب الأول قد حوى جميع الكائنات، وهذا أحد مراتب القضاء والقدر، فإنها أربع مراتب:

* علم الله الشامل لجميع الأشياء،
* وكتابه المحيط بجميع الموجودات،
* ومشيئته وقدرته العامة النافذة في كل شيء،
* وخلقه لجميع المخلوقات حتى أفعال العباد.

ويحتمل أن المراد بالكتاب هذا القرآن، أن المعنى كالمعنى في قوله تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ " .

وقوله: " ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ " أي: جميع الأمم تجمع وتحشر إلى الله في موقف القيامة, في ذلك الموقف العظيم الهائل، فيجازيهم بعدله وإحسانه ويمضي عليهم حكمه الذي يحمده عليه الأولون والآخرون أهل الماء وأهل الأرض.