المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليس من الخشوع!!



للخير نسعى
07 Nov 2009, 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال فضيلة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الشنقيطي حفظه الله تعالى
في كتابه (( اليوم الآخر حكم ومشاهد )) ص 75 ـ 76. عند حديثه عن فوائد معرفتنا باليوم الآخر :
ومنها كذلك ( أي من فوائد معرفتنا باليوم الآخر )؛ أن معرفة اليوم الآخر وما يتعلق به, علاج للقسوة والغفلة. فنحن من هذه الدار نصاب بكثير من الأمراض, كثير منا يشعر ـ فقط ـ بالأمراض البدنية, وينسى الأمراض القلبية, والنفسية والإيمانية .... وهي أمراض في بعض الأحيان تكون أخطر وأكبر من أمراض البدن. ومن هذه الأمراض القسوة, فالقلوب تقسو فيمر عليه (أي الإنسان) القرآن كاملاً, يسمعه من أوله إلى آخره, فلا تقطر له دمعة!.. ولا يرتعش رعشة!... ولا يرتجف ارتجافه واحدة!... وما ذلك إلا من قسوة القلب وقد قال تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } الزمر 23.
وقال تعالى:{ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً{107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً{108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً{109}الإسراء 107ـ 109.
وقال تعالى:{لتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ{82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{83}
المائدة 82ـ83.
وهذه القسوة أثرها بارز في عصرنا هذا , وفي أمتنا في هذه العصور, فقلما تجد من هو خاشع إذا سمع القرآن تأثر به, تتأثر الناس بأصوات القُرَّاء فالقارئ الذي يعجبهم حُسن صوته يتأثرون ويتفاعلون مع قراءته , وليس ذلك بالخشوع, لأن الخشوع يتعلق بالمعنى لا باللفظ, ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه تخوف على أمته ست خصال منها (( نشو يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل ليس أفقههم ولا أفضلهم يغنيهم غناء )) ؛ يعجبهم صوته فقط , فيقدمونه ليغني لهم. لذلك نحتاج إلى الخشوع ونحتاج إلى رقة القلب, ولا شك أن رقة القلب من حياته. قد أخرج مالك في الموطأ وأحمد في الزهد عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه أن عيسى بن مريم يقول : (( لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله فتقسوَ قلوبكم, فإن القلب القاسي بعيد من الله, ولكن لا تعلمون. ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب, وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد. وإنما الناس مبتلى ومعافىً؛ فارحموا أهل البلاء, واحمدوا الله على العافية )).

للخير نسعى
07 Nov 2009, 08:46 PM
"دُمُوع الْقُرَّاءِ" لِمُؤَلِّفِهِ مُحَمَّد شُومَان الرَّمْلِيّ ، نَاقِلاً عَنْهُ الشَّيْخُ مُحَمَّد الْمُقَدَّم فِي رِسَالَتِهِ الْمَوْسُمَةِ بِـ "عُودُوا إِلَى خَيْرِ الْهَدِيِ" ، بِتَصَرُّفٍ ...


• الْبُكَاءُ عِنْدَ تِلاَوَةِ الْقُرْءَانِ وَسَمَاعِهِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ ، وَلاَ هُوَ الْمُرَادُ فِي الْأَصْلِ ، إِنَّمَا الْمَقْصُودُ حُضُورُ الْقَلْبِ وَتَدَبُّرُهُ لِمَا يَتْلُو وَيَسْمَعُ ، فَيُحْدِثُ لَهُ ذَلِكَ إِيمَانًا وَيَقِينًا ، وَرَغْبَةً وَرَهْبَةً ، وَمَحَبَّةً وَشَوْقًا ، تُوجِبُ لَهُ هَذِهِ الْأُمُورُ خُضُوعًا وَخُشُوعًا ، وَذُلاًّ وَانْكِسَارًا ، يُصَاحِبُ ذَلِكَ رِقَّةٌ وَبُكَاءٌ .
فَهَذَا الْبُكَاءُ يُمْدَحُ وَيُثْنَى عَلَى صَاحِبِهِ ، لاَ الْبُكَاءُ الْمُجَرَّدُ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي ذَكَرْتُ ، الْعَارِي عَنِ الْخُشُوعِ الَّذِي وَصَفْتُ ، وَلاَ الْبُكَاءُ الْمُتَكَلَّفُ أُوِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ وَجْهُ الْخَلْقِ .

وَلَقَدْ رَأَيْتُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرَّاءِ خَاصَّةً مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ يَتَصَنَّعُونَ الْبُكَاءَ ، وَيَتَكَلَّفُونَهُ إِلَى الْغَايَةِ ، فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَسْتَجْلِبُ الْبُكَاءَ وَيَسْتَخْرِجُهُ مِنْ رَأْسِهِ قَسْرًا ، ضِدَّ مَا كَانَ علَيْهِ السَّلَفُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يَكْظِمُونَهُ ، وَيَرُدُّونَهُ مَا اسْتَطَاعُوا .

وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ إِذَا كَانَ مَعَ النَّاسِ أَنْ يُخْفِيَ بُكَاءَهُ مَا اسْتَطَاعَ ، وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ فَلْيَبْكِ مَا شَاءَ ، لَكِنْ لاَ يُحَدِّثُ بِهِ بَعْدُ .

وَلَقَدْ رَأَيْتُ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَنْ يَتَجَهَّزُ لِلْبُكَاءِ قَبْلَ الصَّلاَةِ!، وَرَأَيْتُ مَنْ يُقَدِّمُ الْإِمَامَ إِلَى الصَّلاَةِ ، وَيَقُولُ لَهُ : "اِبْكِ يَا شَيْخُ!".

وَرَأَيْتُ مَنْ يَبْكِي أَثْنَاءَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُوَلَى! بَلْ إِنَّ بَعْضَهُمْ لَتَخْرُجُ مِنْهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ مَخْنُوقَةً مِنَ الْبُكَاءِ!.

مَا هَكَذَا كَانَ السَّلَفُ! كَانُوا يَبْكُونَ فِي مَوَاضِعِ الْبُكَاءِ ، وَيَبْكُونَ غَلَبَةً لاَ تَصَنُّعًا ، وَيَبْكُونَ لِمَا تُحْدِثُهُ الْآَيَاتُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْخُشُوعِ وَالرِّقَّةِ ، لاَيَبْكُونَ رِيَاءً وَسُمْعَةً .

وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ لاَ تَكَادُ تُفْهَمُ قِرَاءَتُهُ لِكَثْرَةِ بُكَائِهِ .
وَاللَّهِ لَوْ كَانَ هَذَا غَلَبَةً ، لَعَذَرْنَاهُ إِذَا أَحْسَنَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ ، لَكِنْ هُوَ التَّكَلُّفُ!.
إِنَّهُ لَيَبْكِي إِذَا قَرَأَ آَيَاتِ الْوَعِيدِ ، وَيَبْكِي إِذَا قَرَأَ آَيَاتِ الرَّجَاءِ ، وَيَبْكِي إَذَا قَرَأَ آَيَاتِ الطَّلاَقِ ، وَيَبْكِي إِذَا قَرَأَ آَيَاتِ الْمِيرَاثِ!(*).

إِنَّ هَذَا يُذَكِّرُنِي بِحِكَايَةٍ هِيَ كَالطُّرْفَةِ ، رَأَيْتُهَا فِي "أَخْبَار الْحَمْقَى" لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: [ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْجَاحِظِ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بِنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ: كَانَ لِي جَارٌ مِنَ أَهْلِ فَارِسٍ ، وَكَانَ طَوَالَ اللَّيْلِ يَبْكِي ، فَأَنْبَهَنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ بُكَاؤُهُ وَنَحِيبُهُ ، وَهُوَ يَشْهَقُ ، وَيَضْرِبُ عَلَى رَأْسِهِ وَصَدْرِهِ ، وَيُرَدِّدُ آَيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا نَزَلَ بِهِ ؛ قُلْتُ: لَأَسْمَعَنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ الَّتِي قَتَلَتْ هَذَا ، وَأَذْهَبَتْ نَوْمِي ، فَتَسَمَّعْتُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا الْآَيَةُ : ((وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذَىً))].اهـ.

وَصَلَّيْتُ مَرَّةً خَلْفَ بَعْضِهِمْ فَنَاحَ طَوَالَ الصَّلاَةِ ، وَبَعْضُ مَنْ خَلْفَهُ يَبْكُونَ ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِالدُّعَاءِ وَالنِّيَاحَةِ وَالتَّأَوُّهَاتِ فِي الصَّلاَةِ وَاَثْنَاءَ الْقِرَاءَةِ! وَيُخْرِجُونَ الْمَنَادِيلَ مِنْ جُيُوبِهِمْ ، وَيَمْسَحُونَ وُجُوهَهُمْ ، وَيَتَحَرَّكُونَ هَكَذَا وَهَكَذَا . اهـ.
ـــــــــــــــــــــــــ

(*) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُصْطَفَى بْنِ الْمُقَدَّمِ - أَيَّدَهُ اللَّهُ - ، فِي حَاشِيَةِ رِسَالَتِهِ مُعَلِّقًا :
هَذَا كَلاَمٌ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّهُ لاَ عَجَبَ إِطْلاَقًا فِي أَنْ يَبْكِيَ الْقَارِئُ مِنْ كُلِّ آَيِ الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ خُشُوعًا وَتَعْظِيمًا لِأَنَّهُ كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنَّمَا النَّكِيرُ عَلَى الْمُرَائِي بِبُكَائِهِ أَيًّا كَانَ مَوْضُوعُ الْآَيَاتِ الْكَرِيمَةِ ، قَالَ تَعَالَى : ((لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)) .

ـــــــــــــــــــــــــ
وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

الرحال99
07 Nov 2009, 10:01 PM
جزاكم الله خير وبارك فيكم
. (http://www.ala7ebah.com/)

دمعة خشوع
08 Nov 2009, 07:19 PM
اللهم اجعلنا من الخاشعين عند ذكرك ...
موضوع مهم جدا ومفيد للغاية ....
هذه الحالة أرى أنها سائدة في مجتمعنا كثيرا...
جزيت أخي الكريم الجنة على ما قدمت من مفيد.

دمـ تبتسم ـوع
12 Nov 2009, 10:21 PM
جزاكم الله خير وبارك فيكم