المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجمل أقوال أئمة السلف في ذم الإرجاء وأهله



قائد_الكتائب
09 Sep 2009, 09:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الذهبي رحمه الله: (غلاة المعتزلة، وغلاة الشيعة، وغلاة الحنابلة، وغلاة الأشاعرة، وغلاة
المرجئة، وغلاة الجهمية، وغلاة الكرامية قد ماجت بهم الدنيا وكثروا، وفيهم أذكياء وعباد
وعلماء، نسأل الله العفو والمغفرة لأهل التوحيد، ونبرأ إلى الله من الهوى و البدع، ونحب السنة
وأهلها، ونحب العالم على ما فيه من الإتباع والصفات الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ،
إنما العبرة بكثرة المحاسن) [سير أعلام النبلاء].

* * *

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالمتأمل في كتابات المعاصرين من الإسلاميين يحسب أن فرق الضلالة التي حذر منها المصطفى
صلى الله عليه وسلم قد اختفت من الساحة ولم يبقى منها إلا فرقة الخوارج، فهذه الفرقة تمثل
الشغل الشاغل للجماعات الإسلامية على اختلاف مشاربها، وكأن الأرض عندهم قد طُهّرت من
الكفر والردة والزندقة العلمانية ولم يبق فيها إلا ضلال الخوارج! وكأن خوارج اليوم ألوف مألفة
وجنود مجندة تستعد للانقضاض على الخلافة الراشدة التي ينعم تحت ظلها أهل الإسلام!

الخوارج في زماننا، لمن عرفهم، شرذمة متفرقة محدودة التأثير بالمقارنة مع بقية الفرق الضالة،
يرون أن الأصل في الناس اليوم هو الكفر ويتوقفون أو يكفرون من يُظهر الإسلام ولا يَظهر عليه
ناقض من نواقضه، مع فضاضة وغلظة في الطبع وكبر يذكر بسلفهم من أهل النهروان، فكم عدد
هؤلاء على الساحة الإسلامية اليوم وكم نسبة ضحاياهم مقابل ضحايا العلمانين وأنصار الصليبيين
الذين لا يكادون يذكرون بسوء؟

أمّا تهمة الخارجية، فهي تهمة قديمة تلاحق أهل السنة و التوحيد في كل زمان ومكان و لم يسلم
منها الإمام أحمد ولا ابن تيمية و لا ابن عبد الوهاب ولا كل من سار على منهجهم واتبع طريقتهم
واقتدى بإبراهيم عليه السلام ومن معه في البراءة من الشرك والمشركين. وأهل الباطل من كفرة
مرتدين ورهبان ضالين يجدون في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخوارج مطية لصد
الناس عن كل دعوة إصلاحية بتهمة الحرورية، جاهلين أو متجاهلين أن سبب تعدد ذكرهم في
الأحاديث الصحيحة ليس لأن خطرهم بهذه الدرجة التي يصورها المبطلون، إنما هو لأنها أول فرقة
ظهرت في من ينتسب للإسلام، فسن بها صلى الله عليه وسلم سنة التعامل مع غيرها من فرق
الضلالة. وقد زامنها وجاء من بعدها من الفرق ما يفوق ضلالها أضعافا مضاعفة بل ويخرجها
من الملة بالكلية، ورغم ذلك لم يأت فيها أي حديث صحيح. فهذه السبئية قد زامنت ظهور الخوارج
و فرخت الرفض والباطنية اللذان يجران على المسلمين إلى اليوم أشد الويلات بسبب دولهم التي
رعت هذا الإلحاد على امتداد العصور المتأخرة. وقل مثل ذلك عن بدعة القدر التي أدركها صغار
الصحابة وكفروا مبتدعيها، وبدعة التجهم التي صارت تعصف بالأمة في الإيمان والتوحيد ولم يسلم
منها إلا من رحم الله، بلوغا إلى بدعة التصوف التي أفرزت بدع الطرقية و شركيات القبورية. فهل
الخوارج أضل من هؤلاء؟

وفي المقابل نجد أن الإرجاء الذي هو موضوعنا هنا، قد صار المذهب الرسميّ لعامة المسلمين
وخاصتهم - إلا من رحم الله - و صار صك غفران لكل زنديق وملحد وفتح الباب واسعا أمام
الدعوات العلمانية لتتحلل من الشريعة وتنشر الفجور والإباحية، ورغم ذلك لا ترى في التحذير منه
إلا بعض الكتب والمقالات، يعد أصحابها على أصابع اليد الواحدة.

والأعجب من هذا أن القلة الباقية التي كتبت في هذا الباب لم تكتب فيه إلا من باب تحصيل الشهادات و الترف العلمي أو الفتوى النظرية، وأعمال هذه الطائفة و واقعها يخالف ما قررته من فساد هذا المذهب و زيغ منتحليه، بل إن الكثير من هذه الأعمال ترقيع للمرتدين و تقرير للإرجاء في أقبح صوره: الإرجاء الغالي الذي كفّر السلف القائلين به.

وقد رأيت مستعينا بالله جمع ما يمكن جمعه من أقوال أئمة السلف المتقدمين في التحذير من هذا
المذهب الباطل وبيان خطره على الأمة، خاصة أن الكثير من دعاته اليوم لا يستحي من نسبة
أقواله للسلف بل و لخيارهم من الصحابة رضوان الله عليهم، فكان بذلك تلبيسهم أشد وضررهم أعظم.

وسأذكر قبل ذلك - بعون الله سبحانه - نبذة مختصرة عن أبرز أصول الإرجاء القديمة والمعاصرة
في مسمى الإيمان والكفر، حتى تتضح صورة هذا المذهب الخبيث أمام القارئ ويتوقاه أضعاف ما
يتوقى مذهب الخوارج لأن خطره كما بين السلف أشد، لما فيه من تمييع للدين يتماشى مع طبيعة
البشر في التساهل والتنصل من التكاليف الشرعية.

فنقول وبالله التوفيق:

الإرجاء لغة هو التأخير و قد سمي المرجئة مرجئة لتأخيرهم العمل وإخراجه من مسمى الإيمان،
وهذا غير المذهب المنسوب إلى الحسن بن محمد بن الحنفية في إرجاء أمر عثمان وعلي رضي
الله عنهما وعدم الشهادة لهما بالجنة، كما جاءت الأحاديث في ذلك.

وأول من ظهر من فرق الإرجاء في الإيمان مرجئة فقهاء الكوفة من الأحناف القائلين بأن الإيمان
هو الاعتقاد والقول وأن العمل ليس من الإيمان، وقد ألزم السلف الصالح مرجئة الفقهاء بإخراج
الأعمال من المكفرات كما أخرجوها من الإيمان. فلجأوا إلى القول بأن الأعمال المكفرة دليل على
كفر القلب، لعدم قدرتهم على إنكار ما أجمعت الأمة على كفر فاعله، فهم يتفقون مع السلف في
التكفير بالمكفرات، بل هم أكثر من توسع فيها في أبواب الردة من كتب الفقه دفعا لتهمة الإرجاء.

لكنهم يجعلون الأعمال المكفرة دليلا على الكفر ولا يجعلونها كفرا مجردا كما دلت نصوص الكتاب
والسنة وكما أجمع علماء الأمة، فالخلاف معهم خلافُ تصورٍ لعلة الحكم وليس خلافا في الحكم
نفسه، وهذه مسألة هامة يجب مراعاتها حتى لا ننسب لمرجئة الفقهاء من هم منه براء.

وقد أعقبهم وزاد عليهم في الضلالة مرجئة الجهمية القائلين بأن الإيمان هو المعرفة وأن الكفر
هو التكذيب والجحود، ولهم قول يوافق مرجئة الفقهاء في التكفير بالمكفرات و اعتبارها دليلا على
الكفر، إلا أن المشهور من مذهبهم عدم التكفير بالمكفرات والشركيات وإلحاقها بالمعاصي التي
دون الكفر، كالزنا والسرقة والشرب. وهؤلاء يسمون أيضا غلاة المرجئة وقد كفرهم السلف كنافع
و وكيع وأبي عبيد واحمد بن حنبل والحميدي وابن القيم و غيرهم، رحمهم الله جميعا.

ومن فرقهم أيضا مرجئة المتكلمين من أشاعرة وماتريدية، وهم يقولون بقول الجهمية في تعريف
الإيمان بالتصديق وبقول مرجئة الفقهاء في جعل المكفرات دليلا على كفر الباطن وانتفاء التصديق.

أما المرجئة المعاصرون، أدعياء السلفية، فهم من شر طوائف البدع المنتسبة إلى الإسلام
وخطرهم أشد من خطر غيرهم لأنهم ينسبون بدعتهم إلى السلف الصالح ويزعمون إتباع الأثر
والحديث ويشتغلون بنشر تصانيف السلف النافعة فيدسون فيها سمهم الزعاف، ويصدون عن
مذهب السلف بأقوال السلف أنفسهم في التحذير من أهل البدع من أمثالهم، فتلبس حالهم على
الكثير من الناس، والله المستعان. يقولون بقول السلف في تسمية الإيمان و يشرحونه بتعريف
مرجئة الفقهاء، ويتخبطون في مسألة الكفر على أقوال: فمنهم من لا يرى الكفر بالقول و العمل
إطلاقا، وينكر التكفير بالمكفرات المجمع على التكفير بها، ومنهم من يرى أنها دليل على الكفر،
ومنهم من ينتقي من المكفرات، فيرى أن بعضها مخرج من الملة والبعض الآخر غير مخرج،
مجاراة لهوى الطواغيت المشرعين مع الله سبحانه! فالتشريع واستحلال المحرمات القطعية
والتحاكم إلى طواغيت الشرق والغرب والمظاهرة الصريحة للكفار في قتال المسلمين عندهم كفر
دون كفر، وهم في المقابل يتشددون في شركيات العوام، وبعضهم لا يعذرهم بعذر إطلاقا بل
ويعتبرهم كفارا أصليين! وقد أضافوا إلى هذا شناعات أخرى مثل تكفير الدعاة بمحض التوحيد
و الجهاد واستحلال دمائهم وتحريض الطواغيت عليهم وتأثيم نواياهم والحكم على خواتيمهم عند
الله سبحانه، رغم أنهم لا يعتدّون بالحكم على الظواهر في تكفير المرتدين، و يحرمون دماء
المشركين من غير ذمة ولا عهد صحيح! وأحمق من رأيت منهم دعيّ علم زنيم يعتبر جملة
من أعيان مشايخ التوحيد المعاصرين طواغيتا لأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله - على حد
زعمه - ، ويقصد بذلك الخلافات العلمية، بينما يرى أن تشريع و تحكيم القوانين الوضعية
الطاغوتية كفر دون كفر! فأيّ ضلال فوق هذا الضلال؟

وقد أحدث هؤلاء الجهمية ضوابطا وشروطا للتكفير لا يقوم عليها دليل ولم يسبقهم إليها عالم
معتبر، كاشتراط قصد الكفر لتكفير من جاء بالكفر مختارا، و الامتناع من تكفير الأعيان والاقتصار
على تجريم الفعل والتكفير العام دون الفاعل أو تعليق حكم التكفير على شيخ أو شيخين دون
غيرهم من علماء الأمة، فعطلوا بذلك حكم الردة وتوابعه من أحكام فقهية وولاء وبراء وهجرة
وجهاد، وفتحوا الأبواب للزنادقة للتحكم في رقاب المسلمين، فكانت بذلك الفتنة والفساد الكبير
الذي توعد الله به من ترك معاداة أهل الكفر ومناصرة أهل الإسلام.

وبقية الفرق الإسلامية لا تخرج عن هذا الواقع في فهم الإيمان مع ما اختصت به من ضلالات
أخرى قد تبلغ أحيانا الكفر الصراح، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أما عوام المسلمين اليوم فهم في
الغالب لا يعرفون ولا يثبتون للإسلام ناقضا! ويكتفون بمجرد الشهادة في إثبات حقيقة الإيمان،
جهمية خلّص لا ينكرون الصلاة على من مات يسب الله ورسوله، وبعضهم لا يرى حتى كفر اليهود
والنصارى تبعا لمشايخ الضلال الذين رفعهم الطاغوت لخدمته وسخر لهم وسائل إعلامه، فضربوا
في البلاد وضيعوا دين أهلها، فالله نسأل أن يريح الأمة من هذه الشرور وأن يمكن لأهل التوحيد
من نشر عقيدة السلف خالصة من شوائب الإرجاء والتجهم التي أفسد بها هؤلاء البلاد والعباد.

وإليك في الختام؛ أخي الموحد مجمل أقوال السلف الصالح في ذم الإرجاء وأهله، مع التنبيه
أن أكثرها كما هو ظاهر مقصود به مرجئة فقهاء الكوفة، وهم أهون فرق المرجئة ضلالا، وكان
فيهم – عفا الله عنهم - فقهاء وعبّاد وزهّاد ومجاهدين في سبيل الله، فلا تلتفت إلى ما يتناقله
المعاصرون - دون فهم - عن شيخ الإسلام ابن تيمية في اعتبار الخلاف بين السلف ومرجئة
الفقهاء "خلافا لفظيا" فكلامه رحمه الله ليس على إطلاقه، فهو في إثبات الوعيد لأهل الكبائر،
و الخلاف بينهم وبين السلف حقيقي من أكثر من وجه، وحسبك من ذلك إثباتهم إسلام من مات
مصرا على ترك الفرائض - كما يروج مرجئة العصر - ورد الأحاديث الثابتة في وصف الأعمال
بالإيمان، و ما كان السلف ليغلظوا عليهم بمثل هذه الشدة في خلاف لفظي كالخلاف في التفريق
بين مسمى الإيمان ومسمى الإسلام.

فكيف بمن كان حاله كحال من ذكرت عن المعاصرين! نسأل الله السلامة والعافية.

سعيد بن جبير رحمه الله (ت 95):
عن عطاء بن السائب قال: ذكر سعيد بن جبير المرجئة فضرب لهم مثلا قال: (مثلهم مثل الصائبين،
إنهم أتوا اليهود فقالوا: ما دينكم؟ قالوا: اليهودية، قالوا فما كتابكم؟ قالوا: التوراة، قالوا فمن
نبيكم قالوا: موسى، قالوا فماذا لمن تبعكم؟ قالوا: الجنة، ثم أتوا النصارى فقالوا: ما دينكم؟ قالوا:
النصرانية، قالوا فما كتابكم؟ قالوا: الإنجيل، قالوا فمن نبيكم قالوا: عيسى، ثم قالوا فماذا لمن
تبعكم؟ قالوا: الجنة، قالوا فنحن بين دينين) [1].

وعن المغيرة بن عتيبة عن سعيد بن جبير قال: (المرجئة يهود القبلة) [2].

وعن أم عبد الله بن حبيب عن أمه قالت سمعت سعيد بن جبير وذكر المرجئة فقال: (اليهود) [3].

وعن أيوب قال: قال سعيد بن جبير غير سائله ولا ذاكرا ذاك له: (لا تجالس طلقا). يعني أنه كان
يرى رأي المرجئة. وفي رواية أخرى قال: قال لي سعيد بن جبير: (ألم أرك مع طلق؟) قلت: بلى،
فما باله؟ قال: (لا تجالسه فإنه مرجئ)، قال أيوب: وما شاورته في ذلك ولكن يحق للمسلم إذا رأى
من أخيه ما يكرهه أن يأمره وينهاه[4].

وطلق هو طلق بن حبيب كان يرى الإرجاء.
قال عنه أيوب: ما أدركت بالبصرة أعبد منه ولا أبر بوالديه منه.

وعن العلاء بن رافع أن ذرا - أبا عمر - أتى سعيدا بن جبير يوما في حاجة فقال: (لا، حتى تخبرني
على أي دين أنت اليوم أو رأي أنت اليوم، فإنك لا تزال تلتمس دينا قد أضللته، ألا تستحي من رأي
أنت اليوم أكبر منه؟) [5].

وعن أبي الحجاف قال: قال سعيد بن جبير لذر: (يا ذر ما لي أراك كل يوم تجدد دينا؟) [6].

وعن أبي المختار الطائي قال: شكى ذر سعيد بن جبير إلى أبي البختري فقال: مررت فسلمت عليه
فلم يرد، فقال أبو البختري لسعيد بن جبير فقال سعيد: (إن هذا يجدد كل يوم دينا، والله لا أكلمه أبدا) [7].

وعن حبيب ابن أبي ثابت قال: كنت عند سعيد بن جبير في مسجد فتذاكرنا ذرا في حديثنا فنال منه،
فقلت: يا أبا عبد الله إنه لواد لك بحسن الثناء إذا ذكرك، فقال: (ألا تراه ضالا كل يوم يطلب دينه؟) [8].

إبراهيم النخعي رحمه الله (ت 96):
عن سعيد بن صالح قال: قال إبراهيم: (لفتنة المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة) [9].
وعن حكيم بن جبير قال: قال ابراهيم: (المرجئة أخوف عندي على أهل الإسلام من عدتهم
من الأزارقة) [10].

والأزارقة فرقة من فرق الخوارج، نسبة لنافع بن الأزرق.

وعن مسلم الملائي عن ابراهيم قال: (الخوارج أعذر عندي من المرجئة) [11].

وعن مؤمل قال سمعت سفيان يقول: قال إبراهيم: (تركت المرجئة الدين أرق من ثوب سابري) [12].

والثوب السابري نوع من الثياب رقيق.

وعن أبي يحيى النخعي عن أبيه عن إبراهيم قال: (ما أعلم أحمق في رأيهم من هذه المرجئة،
لأنهم يقولون مؤمن ضال ومؤمن فاسق) [13].

وعن الحسن بن عبيد الله قال: سمعت إبراهيم يقول لذر: (ويحك يا ذر ما هذا الدين الذي جئت به؟)
فقال ذر: ما هو إلا رأي رأيته. قال ثم سمعت ذرا يقول: إنه لدين الله عز وجل الذي بعث به نوحا
عليه السلام! [14].

وذر، هو الهمداني وكان مرجئا مع زهد وتعبد. قاتل الحجاج مع ابن الأشعث.

وعنه أيضا قال: (مر ابراهيم التيمي بإبراهيم النخعي فسلم عليه فلم يرد عليه) [15].

وعن ميمون بن أبى حمزة قال: قال لي إبراهيم النخعي: (لا تدعوا هذا الملعون يدخل علي بعد
ما تكلم في الإرجاء) – يعني حمادا – [16].

وحماد هو حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة وكان رأسا في الإرجاء.

وعن أبي حمزة التمار قال قلت لإبراهيم: ما ترى في رأي المرجئة فقال: (أوّه، لفقوا قولا فأنا
أخافهم على الأمة، والشر منهم كثير فإياك وإياهم) [17].

ووقال منصور عن ابراهيم: (كفى به عمى الذي يعمى عليه أمر الحجاج) قال وذكر الحجاج فقال:
(ألا لعنة الله على الظالمين) [18].

قلت: فكيف بمن يعمى عليه أمر الطواغيت المشرعين الذين يتولون اليهود والنصارى؟

مجاهد بن جبر رحمه الله (ت 104):
عن الوليد بن زياد قال: قال مجاهد: (يبدؤون فيكم مرجئة ثم يكونون قدرية ثم يصيرون مجوسا) [19].

قلت: ما أبعد نظره رحمه الله، فقد قال أحدهم في كتاب واحد أن العبد مؤمن وإن اجترح كل
المعاصي! و دعى لترك الجهاد حتى يخرج المهدي! ثم قال عن قول المجوس "دع ما لقيصر
لقيصر، وما لله لله"، أنها "كلمة حكيمة"!

نافع مولى ابن عمر رحمه الله (ت 117):
عن معقل بن عبيد الله العبسي قال: قلت لنافع: إنهم يقولون نحن نقر بالصلاة فريضة ولا نصلي
وإن الخمر حرام ونحن نشربها وأن نكاح الأمهات حرام ونحن نفعل، قال فنتر يده من يدي ثم
قال من فعل هذا فهو كافر[20].

ميمون بن مهران رحمه الله (ت 117):
عن أبي المليح قال: سئل ميمون عن كلام المرجئة فقال: (أنا أكبر من ذلك) [21].

محمد بن علي بن الحسين رحمه الله (ت 118):
عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين: (ما ليل بنهار أشبه من
المرجئة باليهود) [22].

قتادة بن دعامة رحمه الله (ت 118):
عن الأوزاعي قال: كان يحيى وقتادة يقولان: (ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة
من الإرجاء) [23].

محمد بن مسلم الزهري رحمه الله (ت 124):
عن الأوزاعي عن الزهري قال: (ما ابتُدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من هذه) [24] - يعني الإرجاء -

أبو إسحاق السبيعي رحمه الله (ت 127):
قال معمر بن راشد: كنا نأتي أبا إسحاق فيقول: من أين جئتم؟ فنقول: من عند حماد، فيقول:
(ماذا قال لكم أخو المرجئة؟) فكنا إذا دخلنا على حماد قال من أين جئتم؟ قلنا: من عند
أبي إسحاق، قال: إلزموا الشيخ فإنه يوشك أن يطفى، قال معمر: فمات حماد قبله[25].

يحيى بن أبي كثير رحمه الله (ت129):
عن الأوزاعي قال: كان يحيى وقتادة يقولان: (ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم
على الأمة من الإرجاء) [26].

أيوب السختياني رحمه الله (ت 131):
عن سلام بن أبي مطيع قال: كنت مع أيوب السختياني في المسجد الحرام فرآه أبو حنيفة فأقبل
نحوه، فلما رآه أيوب قال لأصحابه: (قوموا بنا لا يعدنا بجربه، قوموا بنا لا يعدنا بجربه) [27].

وقد أنكر عامة السلف على أبي حنيفة قوله بقول شيخه حماد بن أبي سليمان في الإيمان، ويذكر
أنه رجع عن هذا القول، وهو حري بذلك رحمه الله.

وعن سلام بن أبي مطيع قال: قال أيوب: (أنا أكبر من المرجئة) [28].

منصور بن المعتمر رحمه الله (ت 133):
عن جعفر الأحمر قال: قال منصور بن المعتمر في شيء: (لا أقول كما قالت المرجئة
الضالة المبتدعة) [29].

عن مفضل بن مهلهل عن منصور بن المعتمر قال: (هم أعداء الله، المرجئة والرافضة) [30].

مغيرة بن مقسم الضبي رحمه الله (ت 133):
عن الأسود بن عامر قال: سمعت أبا بكر بن عياش ذكر أبا حنيفة وأصحابه الذين يخاصمون
- أي في الإيمان - فقال: كان مغيرة يقول: (والله الذي لا إله إلا هو لأنا أخوف على الدين منهم
من الفساق) [31].

وقال جرير: كان المغيرة يقول: (حدثنا حماد قبل أن يصير مرجئا وربما قال قبل أن يفسد) [32].

سليمان الأعمش رحمه الله (ت 148):
عن الأسود بن عامر قال: سمعت أبا بكر بن عياش ذكر أبا حنيفة وأصحابه الذين يخاصمون فقال:
حلف الأعمش قال: (والله الذي لا إله إلا هو ما أعرف من هو شر منهم) [33].

قال جرير: ذكر الإرجاء عند الأعمش فقال: (ما ترجو من رأي أنا أكبر منه) [34].

محمد بن عجلان رحمه الله (ت 148):
قال الحميدي: حدثنا يحيى بن سليم أن سعيد بن سالم قال لابن عجلان: أرأيت إن أنا لم أرفع الأذى
عن الطريق، أكون ناقص الإيمان؟ فقال: (هذا مرجئ، من يعرف هذا؟) قال: فلما قمنا عاتبته، فرد
علي القول، فقلت: هل لك أن تقف فتقول يا أهل الطواف إن طوافكم ليس من الإيمان، وأقول أنا بل
من الإيمان، وننظر ما يصنعون؟ قال: تريد أن تشهّرني؟ قلت: فما تريد إلى قول إذا أظهرته شهّرك؟[35].

يتبع بإذن الله

ابوالبراء السلفي
10 Sep 2009, 03:50 AM
جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى وايدك بنصره وخذل المرجئة والمرتدين واعداء الدين

ناصر السنه
11 Sep 2009, 05:34 AM
باارك الله فيك شيخناا االغاالي