المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفاروق .. أنموذج في قوة الشخصية



الفراتي
06 Sep 2009, 01:18 PM
الفاروق .. أنموذج في قوة الشخصية
http://www.kasralsanam.com/rtb_uploaded_images/%D8%B9%D9%85%D8%B1%20%D8%A8%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D 8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8%20%D8%B1%D8%B6%D9%8A%20%D8% A7%D9%84%D9%84%D9%87%20%D8%B9%D9%86%D9%87.jpg (http://www.r-alnoor.com/vb/showthread.php?p=5713#post5713)




زيد بن محمد الزعيــبر


يحتاج الحديث عن قوة الشخصية ومواصفاتها إلى خبرة علمية وتجريبية , وما أحوجنا إلى تلك الموضوعات الهامة التي تقوم آداءنا الشخصي والعام , ولقد وجدت رجلا يعتبر نموذجا مميزا لقوة الشخصية وتميز الصفات هو الفاروق عمر بن الخطاب , وقد وردت عدة صفات في وصفه نحاول أن نلقي عليها نظرة موجزة وهي :


القوة البدنية الجسمانية: فقد قال عبد اللـه بن عمر: كان أبي أبيض تعلوه حمرة ، طوالاً ، أصلع ، أشيب , وقال غيره: كان أمهق - أي خالص البياض - ، طُوالاً ، آدم ، أعْسَرَ يَسَر , وقال أبو الرجاء العطاردي: كان طويلاً جسيماً ، شديد الصلع ، شدة الحمرة ، في عارضيه خفه , و قال سِماك: كان عمر يسرع في مشيته , فهذه بعض صفات عمر ، منها الطول والجسامة ، والإسراع الذي يدل على المبادرة والإقدام ، وهذه الصفات من القوة البنيانية والجسمانية قد تساعد أحياناً في كسب الإنسان القوة في الشخصية , ولكن ولاشك أن قوة الشخصية لا تتوقف عليها بحال .


أما الصفات الأخرى الهامة للشاب القوي الشخصية فهي كثيرة :
1. قوة العلاقة باللـه عز و جل: فكان عمر يمر بالآية من ورده فيسقط , حتى - يُزار - منها أياماً كما ذكر ذلك الحسن. ولذا قال عنه النبي – صلى الله عليه وسلم - كما روى ذلك الإمام مسلم : (( والذي نفسي بيده ما لَقِيك الشيطان قط سالكاً فجاً ، إلا سلك فجاً غير فَجِّك )). وما اكتسب عمر- رضي اللـه عنه - هذا الأمر إلا بقوة علاقته باللـه سبحانه , ولئن خسر الناس علاقتهم بربهم فإن شخصياتهم وآثارها وأعمالها ستصير بهدف دنيوي فارغ يسعى وراء حظ زائل , وستنكشف حقائق تلك الشخصيات عند تغير الظروف


2- العلم والفقه بالدين مع الحرص على ذلك: ولذا يقول ابن مسعود - رضي اللـه عنه -: لو أن عِلم عمر وُضِع في كفه ميزان ووُضِع عِلمُ أحياء الأرض في كفة لرجح عِلم عمر بعلمهم , فلا حزم بغير علم ولا تأثير بغير فهم وحكمة , وإنما بلغ عمر بما بلغ بعلم وقر في قلبه وظهر على جوارحه وعمله , فقد جمع بين العلم في الرأس وتطبيقه على الواقع .


3. البساطة وعدم التكلف: يقول أنس - رضي اللـه عنه- : رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه, وقال قتادة: كان عمر يلبس وهو خليفة ، جُبَّة من صوف مرقوعة بعضها بأدم , وقال عبداللـه بن عامر بن ربيعة: حججت مع عمر ، فما ضرب فسطاطاً ، ولا خِباء ، كان يلقي الكساء والنطع على الشجرة ، ويستظل تحته , فكان أنموذجا في البساطة ومثالا في عدم التكلف لازال يضرب حتى اليوم .


5. البعد عن الإعجاب بالنفس ، ولو أدى ذلك إلى إذلالها: يقول عبيد اللـه بن عمر بن حفص: إن عمر بن الخطاب حمل قربة على كتفه ، فقيل له في ذلك: فقال: إن نفسي أعجبتي فأردت أن أذلَّها , وكذا أقوياء الشخصية , يتحكمون في أنفسهم ولا تتحكم فيهم أهواؤهم ويوجهون رغباتهم ولا توجههم رغباتهم , ويؤدبون نفوسهم ويهذبونها بإبعادها عما يضرها وتقريبها مما ينفعها في الدنيا والآخرة




http://www.islamstory.com/uploads/Image/omarbn-alkthab.jpg




6. احترام حقوق الآخرين ، والورع في ذلك: ولذا قال محمد بن سيرين: قَدِم صِهرٌ لعمر عليه ، فطلب أن يعطيه عمر من بيت المال فانتهره عمر ، وقال: أردت أن ألقى اللـه ملكاً خائناً !؟ فلما كان بعد ذلك أعطاه من صلب ماله عشرة آلاف درهم.


7. الحرص على نفع الآخرين ، وخدمتهم ، ولو أدى ذلك أحياناً إلى هضم حقه: وهو خلق لا يستطيعه إلا الكبار ، قال أنس - رضي اللـه عنه- : تقرقر بطن عمر من أكل الزيت عام الرمادة؛ و كان قد حرم نفسه قال: فنقر بطنه بإصبعه ، وقال: إنه ليس عندنا غيره حتى يحيا الناس -أي غير الزيت -.


8 . قبوله النقد بصدر رحب : وما كان يسمعه من نقد لاذع لم يكن ليوفقه عن منهجه , فعن ابن عباس ، قال: لمَّا ولي عمر قيل له: لقد كان بعض الناس أن يحيد هذا الأمر عنك. قال: وما ذاك ؟ قال: يزعمون أنك فظ غليظ. قال: الحمد للـه الذي ملأ قلبي لهم رحمة، وملأ قلوبهم لي رعباً.


9 . شفافيته وعدله : فيروي أصحاب السير أن رجلا أوقفه على منبره وسأله عن ثوبه الذي يلبسه – وكان رجلا طوالا – وكيف له بثوبين ؟! فقال : قم يا عبدالله بن عمر , فقام عبد الله وبين للناس أنه قد أعطى اباه ثوبه فجمعهما في ثوب واحد , ولربما كان الرجل يوقفه ويسأله ويعاتبه وهو يستمع ويحسن ذلك ولربما جاءه بعض العامة يشتكون له من بعض أمرائهم فيأخذ الحق من الأمير للعامي سواء يسواء , ولما جاءه رسول فارس وسأل عنه , لم يجد له قصرا ولا حرسا وقيل له إنه نائم تحت ظل شجرة , فراح ونظر إليه ولكأنه خاطب نفسه فقال : عدلت فأمنت فنمت يا عمر !







--------------------------
مستفاد من :
1. سير أعلام النبلاء ، للذهبي ، المجلد الثامن والعشرون.
2. مختصر صحيح مسلم ، للزبيدي ، بتحقيق الألباني.