BO_SHROOQ
24 Aug 2004, 12:42 PM
<div align="center">كلنا يسعى لكسب رضى الله ونيل الجنة .. لا أظن أن عاقلا يختلف
معي في ذلك .. إلا أن طرقنا تختلف ..
فمنا من يكثر من قيام الليل ومنا من يكثر من الصدقات
ومنا من ومن ومن .. فلكل أعماله التي تميزه عن غيره
ولكن دعونا نتأمل هذه القصة :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال :
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة
فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه
بيده الشمال .. فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ..
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا
فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول !!
تمنى الصحابة لو كانوا مثل هذا الرجل .. وتشوقوا لمعرفة عمله الذي
جعله من أهل الجنة .. وأظن أننا نود معرفة ذلك أيضا ..
حسنا .. لنكمل القصة إذا :
قرر عبد الله بن عمر محاولة اكتشاف هذا العمل .. فذهب
هذا الصحابي للرجل وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام بحجة أن
هناك خصومة قد وقعت بينه وبين أبيه .. فوافق الرجل ..
وفي هذه الأيام كان الصحابي يراقب الرجل في كل تصرفاته
فلم يجده كثير صيام ولا كثير قيام .. فلقد كان ينام الليل ويفطر النهار
فاحتار الصحابي في أمره .. فما العمل الذي جعله من أهل الجنة ...
لقد راقب هذا الصحابي فعل الجوارح .. إلا أنه لم يطلع على القلوب ..
فعلمها عند مقلب القلوب .. وقد تكون أعمال القلوب أحيانا أعظم
من أعمال الجوارح ..
قرر الصحابي أن يروي القصة كاملة للرجل ليعرف منه العمل العظيم
الذي يقوم به .. فقال له :
يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ..
ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات ..
فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي بك .. فلم أرك عملت كبير
عمل .. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال الرجل :
" ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من
المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه "
فأعلنها ابن عمر صريحة مدوية :
هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق !!
ياله من عمل صعب .. أيعقل أن لا يحمل الرجل على أي مسلم من المسلمين
ذرة من غضب أو غل .. إنه فعلا عمل عظيم ..
تأمل حاله صلى الله عليه وسلم حين ضربه قومه فأدموه فمسح الدم
وهو يقول :
" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "
وقصة النبي يوسف عليه السلام مع إخوته نموذج رائع لسلامة
الصدر فبعد أن ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه ودخوله السجن
إلى غير ذلك مما هو معروف مكن الله له وجعله على خزائن مصر
فلما ترددوا عليه وعرفوه قالوا :
( تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين )
فما كان منه إلا أن قَال :
( لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
ثم تأمل معي موقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع مسطح بن أثاثة
إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح
ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى :
( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله
لكم والله غفور رحيم )
فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح ..
وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش
يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ولاترك ساحات
القتال بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم ..
ثم استمع إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو يقول :
" إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين
فأفرح به ومالي به سائمة " ..
أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دخلوا عليه وهو مريض فرأوا وجهه
يتهلل بالنور فكلموه في ذلك فقال :
" ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين :
كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني .. والأخرى كان قلبي سليما للمسلمين"
أماعُلبة بن زيد فإنه لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة
ولم يجد ما ينفقه بكى وقال :
" اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به .. اللهم إني أتصدق على
كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض "
ثم أصبح مع الناس .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أين المتصدق بعرضه البارحة ؟
فقام عُلبة رضي الله عنه .. فقال : النبي صلى الله عليه وسلم :
" أبشر فوالذي نفس محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة "
وانظر إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويعذب على
يد المعتصم .. وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحس
بألم في جسده قال :
" اللهم اغفر للمعتصم "
سبحان الله !! يستغفر لمن كان سببا في ألمه .. إنه منطق عظيم لا تعرفه
إلا الصدور التي حملت قلوبا كبيرة عنوانها : سلامة الصدر...
فهلا سلمت صدورنا للمسلمين وصفت ؟
عن أبي مالك الأشعري أنه قال : لما قضى رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم صلاته أقبل علينا بوجهه فقال :
" ياأيها الناس اسمعوا واعقلوا.. إن لله عزوجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء ..
يغبطهم الأنبياء والشهداء على منازلهم وقربهم من الله "..
فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال :
يا رسول الله .. ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء .. يغبطهم الأنبياء
والشهداء على مجالسهم وقربهم .. انعتهم لنا ..
فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي فقال :
" هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل .. لم تصل بينهم أرحام متقاربة ..
تحابوا في الله وتصافوا .. يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم
عليها فيجعل وجوههم نورا وثيابهم نور.. يفزع الناس يوم القيامة
ولا يفزعون .. وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
رواه الإمام أحمد والطبراني
فمتى نطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد حتى نسعد بصحبة
الأبرار الصالحين .. ونفوز بالقرب من رب العالمين ؟!!
أسأل الله أن ييسر هذا العمل علينا
اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا .. اللهم آمين ..</div>
معي في ذلك .. إلا أن طرقنا تختلف ..
فمنا من يكثر من قيام الليل ومنا من يكثر من الصدقات
ومنا من ومن ومن .. فلكل أعماله التي تميزه عن غيره
ولكن دعونا نتأمل هذه القصة :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا جلوسا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال :
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة
فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه
بيده الشمال .. فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك
فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى ..
فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا
فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول !!
تمنى الصحابة لو كانوا مثل هذا الرجل .. وتشوقوا لمعرفة عمله الذي
جعله من أهل الجنة .. وأظن أننا نود معرفة ذلك أيضا ..
حسنا .. لنكمل القصة إذا :
قرر عبد الله بن عمر محاولة اكتشاف هذا العمل .. فذهب
هذا الصحابي للرجل وطلب منه أن يظل عنده لبضعة أيام بحجة أن
هناك خصومة قد وقعت بينه وبين أبيه .. فوافق الرجل ..
وفي هذه الأيام كان الصحابي يراقب الرجل في كل تصرفاته
فلم يجده كثير صيام ولا كثير قيام .. فلقد كان ينام الليل ويفطر النهار
فاحتار الصحابي في أمره .. فما العمل الذي جعله من أهل الجنة ...
لقد راقب هذا الصحابي فعل الجوارح .. إلا أنه لم يطلع على القلوب ..
فعلمها عند مقلب القلوب .. وقد تكون أعمال القلوب أحيانا أعظم
من أعمال الجوارح ..
قرر الصحابي أن يروي القصة كاملة للرجل ليعرف منه العمل العظيم
الذي يقوم به .. فقال له :
يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ..
ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات
يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات ..
فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فأقتدي بك .. فلم أرك عملت كبير
عمل .. فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال الرجل :
" ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من
المسلمين غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه "
فأعلنها ابن عمر صريحة مدوية :
هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق !!
ياله من عمل صعب .. أيعقل أن لا يحمل الرجل على أي مسلم من المسلمين
ذرة من غضب أو غل .. إنه فعلا عمل عظيم ..
تأمل حاله صلى الله عليه وسلم حين ضربه قومه فأدموه فمسح الدم
وهو يقول :
" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "
وقصة النبي يوسف عليه السلام مع إخوته نموذج رائع لسلامة
الصدر فبعد أن ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه ودخوله السجن
إلى غير ذلك مما هو معروف مكن الله له وجعله على خزائن مصر
فلما ترددوا عليه وعرفوه قالوا :
( تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين )
فما كان منه إلا أن قَال :
( لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
ثم تأمل معي موقف أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع مسطح بن أثاثة
إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح
ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى :
( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله
لكم والله غفور رحيم )
فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح ..
وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش
يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ولاترك ساحات
القتال بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم ..
ثم استمع إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو يقول :
" إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدا من بلدان المسلمين
فأفرح به ومالي به سائمة " ..
أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دخلوا عليه وهو مريض فرأوا وجهه
يتهلل بالنور فكلموه في ذلك فقال :
" ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين :
كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني .. والأخرى كان قلبي سليما للمسلمين"
أماعُلبة بن زيد فإنه لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة
ولم يجد ما ينفقه بكى وقال :
" اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به .. اللهم إني أتصدق على
كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض "
ثم أصبح مع الناس .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
أين المتصدق بعرضه البارحة ؟
فقام عُلبة رضي الله عنه .. فقال : النبي صلى الله عليه وسلم :
" أبشر فوالذي نفس محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة "
وانظر إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويعذب على
يد المعتصم .. وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحس
بألم في جسده قال :
" اللهم اغفر للمعتصم "
سبحان الله !! يستغفر لمن كان سببا في ألمه .. إنه منطق عظيم لا تعرفه
إلا الصدور التي حملت قلوبا كبيرة عنوانها : سلامة الصدر...
فهلا سلمت صدورنا للمسلمين وصفت ؟
عن أبي مالك الأشعري أنه قال : لما قضى رسول الله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم صلاته أقبل علينا بوجهه فقال :
" ياأيها الناس اسمعوا واعقلوا.. إن لله عزوجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء ..
يغبطهم الأنبياء والشهداء على منازلهم وقربهم من الله "..
فجثا رجل من الأعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال :
يا رسول الله .. ناس من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء .. يغبطهم الأنبياء
والشهداء على مجالسهم وقربهم .. انعتهم لنا ..
فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤال الأعرابي فقال :
" هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل .. لم تصل بينهم أرحام متقاربة ..
تحابوا في الله وتصافوا .. يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم
عليها فيجعل وجوههم نورا وثيابهم نور.. يفزع الناس يوم القيامة
ولا يفزعون .. وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
رواه الإمام أحمد والطبراني
فمتى نطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد حتى نسعد بصحبة
الأبرار الصالحين .. ونفوز بالقرب من رب العالمين ؟!!
أسأل الله أن ييسر هذا العمل علينا
اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا .. اللهم آمين ..</div>