TaRiQ_BiN_ZiAd1
20 Dec 2003, 10:36 PM
<div align="center">رسمتُ بريشتي لوحة ...
أحكي بها ما رآهُ كيانُ إنسان ...
عاصَر حياتَه .. مُعاصرةً يعجَزُ عن وصفِها أيّ كلام ...
استوسَد أحجارَ الأرضِ في وقتِ المَنام ...
والتَحفَ بنورِ القمرِ الساطع .. رغبةً للوِئام ...
رأيتُه يبكي ويبكي ...
كانت دموعه تنهمِرُ انهمارَ مطرٍ غزيرٍ من مزنٍ مُثقلةِ الأوزان ...
وكانت يدهُ تسبِق دموعهُ إلى عينيه ...
خوفاً من أنظارِ البشرِ المتلاحمةِ على كلّ شيءٍ دنيءٍ في هذا الزمان ...
اقتربتُ منه فجأة ...
سألته ...
لما هذا البُكاء أيها الإنسان ؟
نظَر إليّ وقال :
لا تقُل إنسان ...
فقُلت :
احكي لي .. إذاً من تكون ؟؟
قال :
لقد قلّبتني هذه الحياه على عدةِ أمصار ...
لقد جزعتني هذه الأقدار ...
كلّما نظرتُ إلى القمَر ...
تذكّرتُ الأب الحنون ...
الذي كنتُ أحبّه بجنون ...
أذكر أنه ذهب لعملِه يوماً من الأيام ...
ولم يعد بعدها للأنام ...
وتفاجأتُ بتشييعِ جنازتِه في ذلك الوقت .. الوقتُ الذي كسب الرّهان ...
كنتُ أتساءل !!
أين ذهب ؟؟
ولماذا ؟؟
كنتُ أسألُ أمّي الحنون !!
كنتُ أرتشِفُ منها أيّ كلمة ...
أيةَ همسه ...
ولكنها كانت تقولُ لي ...
قدَرٌ من الله الواحِدِ المنّان ...
سِرتُ على كلامها ...
واستنزفتُ حياتي لحمايتِها من عبدة الأوثان ...
فقد كُنّا في قريةٍ قد استعمرها يهودٌ وكثيرٌ من الكفرةِ الغِلمان ...
وفي يومٍ من الأيام ...
مرضتُ .. وأصبحتُ مُقعد الفِراش ...
وقد كنتُ أرفضُ لأمّي الخروج في تِلك الساعات الرّباش ...
حتى اشتدّ عليّ ألمِي ...
فخرجَت على مرأىً مِنّي ...
وأنا أصرخ .. لا تخرجي .. لا تخرجي ...
ولم أسمَع سِوى صدى صوتي ...
هدأ المكانُ فجأة ...
سمعتُ أصواتَ النّيران ...
تتقاذفُ في أجواء هذا المكان ...
يا إلهي !!!
أذكرُ أنني سمعتُ صرخه .. وصرخه .. وصرخه ...
تئنّ في أذني أنيناً .. إلى الآن ...
وقفتُ على قدمَي ...
خرجتُ مُنكباً على وجهي ...
خائفٌ من مصيرٍ حتميّ ...
التفتُ يمنةً ويسرة ...
فرأيتُ جثةً هامده ...
مُمسِكةً بقربةِ ماء ...
لقد كانت .. أمي ...
كانت تُريدُ أن تُسقيَني من ماءٍ باردٍ .. زُلال ...
يُخفّفُ عليّ آلامَ هذا الإعياءُ المُتَعال ...
أشخَص بصري ...
ودارت حياتي كلّها .. كمُسلسلٍ عصريّ ...
وتذكّرتُ لحظة فُقدانِ أبي ...
تذكّرتُ معاناةَ أمي بعدها لتربيَتي ...
تذكّرتُ كيف كانت .. تجلب لي الغذاء .. وقتَ الصِّغَر ...
تذكّرتُ كيفَ كانت .. تبتسِمُ في وجهِي عند انتهائها من كلّ صلاةٍ .. وترسمُ ليَ العِبَر ...
تذكّرتُ كيف كانت .. تُقبّلُ جبيني .. في الصّغَرِ والكِبَر ...
لقد كانت كل شيءٍ في حياتي ...
كنتُ أحاولُ رسمَ البسمةِ على شِفاهها الحسِناتِ ...
أردتُ أن أكون لها كلّ شيء ...
لم أُرِدها أن تكون بحاجةِ لأيّ شيء ...
حتى شجرتَنا .. كنتُ أسقيها دوماً .. حتى تكونَ لها فَيء ...
وبعدَ هذا كلّه ...
أرى نفسي وحيداً ...
ضعيفاً ...
منهاراً ...
هُنا .. وحدي ...
يالها من دنياً .. تُعدِمُ معنى الضمائر ...
وتُحوّل البيوتَ إلى مقابِر ...
وتقسو على الضعيفِ المُحتاجِ إلى الصغائر ...
هل عرفتَ أنني لستُ بكيان ...
إنما أنا نكرةً في هذا الزمان ...
تلاعبت بيَ أمواج هذا الدّهر الغريبِ المِقدام ...
عُذراً أيها الرجل ...
لا تبتئِس ...
فلستُ سِوى بقايا أشلاءِ إنســـــان ...
واعتبِر كلماتي تمتماتٍ مِن ضعيفِ وجدان ...
فقدَ في حياتِهِ مُسمّى أصلِ الحنان .. ( الأبَوان ) ...</div>
<marquee direction=right>طارق بن زياد</marquee>
أحكي بها ما رآهُ كيانُ إنسان ...
عاصَر حياتَه .. مُعاصرةً يعجَزُ عن وصفِها أيّ كلام ...
استوسَد أحجارَ الأرضِ في وقتِ المَنام ...
والتَحفَ بنورِ القمرِ الساطع .. رغبةً للوِئام ...
رأيتُه يبكي ويبكي ...
كانت دموعه تنهمِرُ انهمارَ مطرٍ غزيرٍ من مزنٍ مُثقلةِ الأوزان ...
وكانت يدهُ تسبِق دموعهُ إلى عينيه ...
خوفاً من أنظارِ البشرِ المتلاحمةِ على كلّ شيءٍ دنيءٍ في هذا الزمان ...
اقتربتُ منه فجأة ...
سألته ...
لما هذا البُكاء أيها الإنسان ؟
نظَر إليّ وقال :
لا تقُل إنسان ...
فقُلت :
احكي لي .. إذاً من تكون ؟؟
قال :
لقد قلّبتني هذه الحياه على عدةِ أمصار ...
لقد جزعتني هذه الأقدار ...
كلّما نظرتُ إلى القمَر ...
تذكّرتُ الأب الحنون ...
الذي كنتُ أحبّه بجنون ...
أذكر أنه ذهب لعملِه يوماً من الأيام ...
ولم يعد بعدها للأنام ...
وتفاجأتُ بتشييعِ جنازتِه في ذلك الوقت .. الوقتُ الذي كسب الرّهان ...
كنتُ أتساءل !!
أين ذهب ؟؟
ولماذا ؟؟
كنتُ أسألُ أمّي الحنون !!
كنتُ أرتشِفُ منها أيّ كلمة ...
أيةَ همسه ...
ولكنها كانت تقولُ لي ...
قدَرٌ من الله الواحِدِ المنّان ...
سِرتُ على كلامها ...
واستنزفتُ حياتي لحمايتِها من عبدة الأوثان ...
فقد كُنّا في قريةٍ قد استعمرها يهودٌ وكثيرٌ من الكفرةِ الغِلمان ...
وفي يومٍ من الأيام ...
مرضتُ .. وأصبحتُ مُقعد الفِراش ...
وقد كنتُ أرفضُ لأمّي الخروج في تِلك الساعات الرّباش ...
حتى اشتدّ عليّ ألمِي ...
فخرجَت على مرأىً مِنّي ...
وأنا أصرخ .. لا تخرجي .. لا تخرجي ...
ولم أسمَع سِوى صدى صوتي ...
هدأ المكانُ فجأة ...
سمعتُ أصواتَ النّيران ...
تتقاذفُ في أجواء هذا المكان ...
يا إلهي !!!
أذكرُ أنني سمعتُ صرخه .. وصرخه .. وصرخه ...
تئنّ في أذني أنيناً .. إلى الآن ...
وقفتُ على قدمَي ...
خرجتُ مُنكباً على وجهي ...
خائفٌ من مصيرٍ حتميّ ...
التفتُ يمنةً ويسرة ...
فرأيتُ جثةً هامده ...
مُمسِكةً بقربةِ ماء ...
لقد كانت .. أمي ...
كانت تُريدُ أن تُسقيَني من ماءٍ باردٍ .. زُلال ...
يُخفّفُ عليّ آلامَ هذا الإعياءُ المُتَعال ...
أشخَص بصري ...
ودارت حياتي كلّها .. كمُسلسلٍ عصريّ ...
وتذكّرتُ لحظة فُقدانِ أبي ...
تذكّرتُ معاناةَ أمي بعدها لتربيَتي ...
تذكّرتُ كيف كانت .. تجلب لي الغذاء .. وقتَ الصِّغَر ...
تذكّرتُ كيفَ كانت .. تبتسِمُ في وجهِي عند انتهائها من كلّ صلاةٍ .. وترسمُ ليَ العِبَر ...
تذكّرتُ كيف كانت .. تُقبّلُ جبيني .. في الصّغَرِ والكِبَر ...
لقد كانت كل شيءٍ في حياتي ...
كنتُ أحاولُ رسمَ البسمةِ على شِفاهها الحسِناتِ ...
أردتُ أن أكون لها كلّ شيء ...
لم أُرِدها أن تكون بحاجةِ لأيّ شيء ...
حتى شجرتَنا .. كنتُ أسقيها دوماً .. حتى تكونَ لها فَيء ...
وبعدَ هذا كلّه ...
أرى نفسي وحيداً ...
ضعيفاً ...
منهاراً ...
هُنا .. وحدي ...
يالها من دنياً .. تُعدِمُ معنى الضمائر ...
وتُحوّل البيوتَ إلى مقابِر ...
وتقسو على الضعيفِ المُحتاجِ إلى الصغائر ...
هل عرفتَ أنني لستُ بكيان ...
إنما أنا نكرةً في هذا الزمان ...
تلاعبت بيَ أمواج هذا الدّهر الغريبِ المِقدام ...
عُذراً أيها الرجل ...
لا تبتئِس ...
فلستُ سِوى بقايا أشلاءِ إنســـــان ...
واعتبِر كلماتي تمتماتٍ مِن ضعيفِ وجدان ...
فقدَ في حياتِهِ مُسمّى أصلِ الحنان .. ( الأبَوان ) ...</div>
<marquee direction=right>طارق بن زياد</marquee>