همي الدعوه
02 Aug 2009, 02:40 AM
سعادتي في إيماني
د. بدر عبد الحميد هميسه
المؤمن الحق هو الذي يجد السعادة الحقة في مصلاه ، وبين صفحات مصحفة وعند مناجاته لربه ،وفي حبه الخير للناس.
ورحم الله ابن تيمية يوم قال \" أنا جنتي وبستاني في صدري أنا اتجهت فهي معي لا تفارقني ... أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة \" .
قال احد الصالحين :والله أنا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!.
ولله در القائل الباحث عن السعادة :
فليتك تحلو والحياة مريـرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خـراب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
ومن تأمل السعادة في أسبابها وجد لديه الكثير منها عيبنا أننا نبحث عما ينقصنا وإن كان قدراً مقدوراً ونغفل عما بين أيدينا من نعم .
ابحث عن السعادة في المقابر تجد أنك حي ترزق .ابحث عنها في المشافي تجد أنك صحيح معافى. انظر إلى من ضل وانكب على وجهه تجد أنك تمشي على صراط مستقيم .[ وقليل من عبادي الشكور ].
وطمأنينة القلب هي من أعظم نعم الله على المؤمن، وذلك أن سكون النفس واستقرارها هو الدافع للخير والشعور بالغبطة والسعادة، وبقيمة الحياة وهدفها، والثقة بالله ووعده.
ولذا كانت طمأنينة القلب هي حصنه الحصين الذي يستعصى على الشياطين، وذلك أن النفس المطمئنة والقلب الثابت لا سبيل إلى زعزعته بإذن الله.
قال الله تعالى { {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
فالآية الكريمة تدلنا دلالة واضحة على أن من أراد الاطمئنان والسعادة والنجاح عليه بذكر الله .
فدائماً أجعل لسانك رطباً بذكر الله , فهناك أذكار تجعلك سعيداً راضياً وأذكار تفتح لك أبواب الرزق والنجاح, ودائماً التجأ إلى الله فلا منجأ ولا ملجأ إلا إليه فهو مفرج الكرب , وهو ميسرنا إما إلى طريق الفوز والنجاة وإما إلى طريق الخسارة والهلاك.
فدائماً وأبداً لا تقطع صلتك بربك فاذكره في السراء يذكرك في الضراء , وهذا هو المفتاح الدائم والشامل لجميع البشرية للنجاح و السعادة .
يذكر أن زوجاً قال لزوجته بغضب : لأشقينَّك . فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني .فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !فقال الزوج في دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي .
فلقد فهمت هذه المرأة المعنى الحقيقي للسعادة .
يقول أحد السلف واصفاً حاله وهو في غمرة السعادة الحقيقية : إنه لتمر عليّ ساعات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي عيش رغيد .
قال ابن القيم رحمه الله ( كما في مدارج السالكين ) : في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
إذا أيها الأحبة السعادة لا يمكن أن تحصل إلا بالإيمان واليقين في المقام الأول .
والإيمان هو السياج الذي يحمى المسلم من القلق والضياع. وهو الذي يدفعه إلى عمل الخير وتحقيق السلام والطمأنينة مع النفس ومع الناس، ومع جميع الكائنات.
قال الشاعر العربي:
ولست أرى السعادة جمع المال ** ولكـن التـقي هـو السـعيد
وتقوى الله خير الـزاد ذخـرًا ** وعنـد الله للأتقــى مزيـد
فالمؤمن قوي الإيمان.. لا يعرف الخوف والقلق، ولا يخشى الموت؛ لأن الآجال بيد الله تعالى، ولا يخاف فوات الرزق؛ لأن الله قد ضمنه له، ولا يقنط لأن القنوط كفر ومعصية.
ولا يأسى على ما فات, ولا يهتم بما هو آت، فهو في معية الله – تعالى - وفي كنفه ورعايته.
إن الإيمان الصحيح لا يمكن أن يتصادم مع الفطرة السليمة، فلقد خلق الله – تعالى – الإنسان لغاية سامية، وهدف نبيل, وجاء الإيمان ليجيب عن تساؤلات الإنسان: من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟ فهذه الأسئلة الخطيرة التي تلح على الإنسان في كل عصر، وتقضى الجواب الذي يقنع العقل ويشفي العليل، لا يمكن أن يعرف جوابها الحق إلا من الوحي والرسل، وقد جاءت به عقيدة الإسلام في أوضح صورة وأكملها.
وسبب ذلك واضح : فإن المؤمنين بالله – الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة – معهم أصول وأُسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، وأسباب القلق والهم والأحزان ..
فيتلقون المحاب والمسارّ بقبولٍ لها ، وشكر عليها ، واستعمال لها فيما ينفع ، فإذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها ، والطمع في بقائها وبركاتها ، ورجاء ثواب الشاكرين ، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرَّات التي هذه ثمراتها ، ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته ، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، والصبر الجميل لما ليس لهم منه بُدٌّ ، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة ، والتجارب والقوة ، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمورٌ عظيمة تضمحل معها المكاره ، وتحل محلها المسار والآمال الطيبة ، والطمع في فضل الله وثوابه ، كما عبَّر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح فقال : \" عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن \" (رواه مسلم رقم (2999) .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره
إن المسلمون قد انتصروا على صناديد الكفر من قريش في غزوة \" بدر \" ليس بكثرة العدد ولا العتاد انما بقوة إيمانهم وثقتهم بنثر الله .
جانبِ اللهوَ والبَطالةَ واحْذَرْ *** مِن هوَى النفسِ إن أردتَ السَّعادَهْ
واعبُد اللّهَ ما استطعتَ بصدقٍ *** مَطْلبُ العارفين صِدْقُ العبادَهْ
وتحصل السعادة بالإيمان من عدة جوانب :
أ - إن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى وحده لا شريك له إيمانا كاملا صافيا من جميع الشوائب ، يكون مطمئن القلب هادئ النفس ، ولا يكون قلقا متبرما من الحياة بل يكون راضيا بما قدر الله له شاكرا للخير صابرا على البلاء . إن خضوع المؤمن لله تعالى يقوده إلى الراحة النفسية التي هي المقوم الأول للإنسان العامل النشط الذي يحس بأن للحياة معنى وغاية يسعى لتحقيقها قال الله تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } .
ب- إن الإيمان يجعل الإنسان صاحب مبدأ يسعى لتحقيقه فتكون حياته تحمل معنى ساميا نبيلا يدفعه إلى العمل والجهاد في سبيله وبذلك يبتعد عن حياة الأنانية الضيقة ، وتكون حياته لصالح مجتمعه وأمته التي يعيش فيها ، فالإنسان عندما يعيش لنفسه تصبح أيامه معدودة وغاياته محدودة أما عندما يعيش للفكرة التي يحملها فإن الحياة تبدو طويلة جميلة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتها لوجه الأرض ، وبذلك يتضاعف شعوره بأيامه وساعاته ولحظاته .
ج - إن الإيمان ليس فقط سببا لجلب السعادة بل هو كذلك سبب لدفع موانعها . ذلك أن المؤمن يعلم أنه مبتلى في حياته وأن هذه الابتلاءات تعد من أسباب الممارسة الإيمانية , فتتكون لديه المعاني المكونة للقوى النفسية المتمثلة في الصبر والعزم والثقة بالله والتوكل عليه , والاستغاثة به والخوف منه , وهذه المعاني تعد من أقوى الوسائل لتحقيق الغايات الحياتية النبيلة وتحمل الابتلاءات المعاشية .
اللهم اجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة .
صيد الفوائد
د. بدر عبد الحميد هميسه
المؤمن الحق هو الذي يجد السعادة الحقة في مصلاه ، وبين صفحات مصحفة وعند مناجاته لربه ،وفي حبه الخير للناس.
ورحم الله ابن تيمية يوم قال \" أنا جنتي وبستاني في صدري أنا اتجهت فهي معي لا تفارقني ... أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة \" .
قال احد الصالحين :والله أنا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف!.
ولله در القائل الباحث عن السعادة :
فليتك تحلو والحياة مريـرة *** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر *** وبيني وبين العالمين خـراب
إذا صح منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
ومن تأمل السعادة في أسبابها وجد لديه الكثير منها عيبنا أننا نبحث عما ينقصنا وإن كان قدراً مقدوراً ونغفل عما بين أيدينا من نعم .
ابحث عن السعادة في المقابر تجد أنك حي ترزق .ابحث عنها في المشافي تجد أنك صحيح معافى. انظر إلى من ضل وانكب على وجهه تجد أنك تمشي على صراط مستقيم .[ وقليل من عبادي الشكور ].
وطمأنينة القلب هي من أعظم نعم الله على المؤمن، وذلك أن سكون النفس واستقرارها هو الدافع للخير والشعور بالغبطة والسعادة، وبقيمة الحياة وهدفها، والثقة بالله ووعده.
ولذا كانت طمأنينة القلب هي حصنه الحصين الذي يستعصى على الشياطين، وذلك أن النفس المطمئنة والقلب الثابت لا سبيل إلى زعزعته بإذن الله.
قال الله تعالى { {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
فالآية الكريمة تدلنا دلالة واضحة على أن من أراد الاطمئنان والسعادة والنجاح عليه بذكر الله .
فدائماً أجعل لسانك رطباً بذكر الله , فهناك أذكار تجعلك سعيداً راضياً وأذكار تفتح لك أبواب الرزق والنجاح, ودائماً التجأ إلى الله فلا منجأ ولا ملجأ إلا إليه فهو مفرج الكرب , وهو ميسرنا إما إلى طريق الفوز والنجاة وإما إلى طريق الخسارة والهلاك.
فدائماً وأبداً لا تقطع صلتك بربك فاذكره في السراء يذكرك في الضراء , وهذا هو المفتاح الدائم والشامل لجميع البشرية للنجاح و السعادة .
يذكر أن زوجاً قال لزوجته بغضب : لأشقينَّك . فقالت الزوجة في هدوء : لا تستطيع أن تشقيني كما لا تستطيع أن تسعدني .فقال الزوج في حنق : وكيف لا أستطيع ؟فقالت الزوجة في ثقة : لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي لحرمتني منها ، ولكنها في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون !فقال الزوج في دهشة : وما هو ؟ فقالت الزوجة في يقين : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي .
فلقد فهمت هذه المرأة المعنى الحقيقي للسعادة .
يقول أحد السلف واصفاً حاله وهو في غمرة السعادة الحقيقية : إنه لتمر عليّ ساعات أقول فيها : إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي عيش رغيد .
قال ابن القيم رحمه الله ( كما في مدارج السالكين ) : في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله ، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته ، وصدق معاملته ، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه ، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا ) .
إذا أيها الأحبة السعادة لا يمكن أن تحصل إلا بالإيمان واليقين في المقام الأول .
والإيمان هو السياج الذي يحمى المسلم من القلق والضياع. وهو الذي يدفعه إلى عمل الخير وتحقيق السلام والطمأنينة مع النفس ومع الناس، ومع جميع الكائنات.
قال الشاعر العربي:
ولست أرى السعادة جمع المال ** ولكـن التـقي هـو السـعيد
وتقوى الله خير الـزاد ذخـرًا ** وعنـد الله للأتقــى مزيـد
فالمؤمن قوي الإيمان.. لا يعرف الخوف والقلق، ولا يخشى الموت؛ لأن الآجال بيد الله تعالى، ولا يخاف فوات الرزق؛ لأن الله قد ضمنه له، ولا يقنط لأن القنوط كفر ومعصية.
ولا يأسى على ما فات, ولا يهتم بما هو آت، فهو في معية الله – تعالى - وفي كنفه ورعايته.
إن الإيمان الصحيح لا يمكن أن يتصادم مع الفطرة السليمة، فلقد خلق الله – تعالى – الإنسان لغاية سامية، وهدف نبيل, وجاء الإيمان ليجيب عن تساؤلات الإنسان: من أين؟ وإلى أين؟ ولماذا؟ فهذه الأسئلة الخطيرة التي تلح على الإنسان في كل عصر، وتقضى الجواب الذي يقنع العقل ويشفي العليل، لا يمكن أن يعرف جوابها الحق إلا من الوحي والرسل، وقد جاءت به عقيدة الإسلام في أوضح صورة وأكملها.
وسبب ذلك واضح : فإن المؤمنين بالله – الإيمان الصحيح المثمر للعمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق والدنيا والآخرة – معهم أصول وأُسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ، وأسباب القلق والهم والأحزان ..
فيتلقون المحاب والمسارّ بقبولٍ لها ، وشكر عليها ، واستعمال لها فيما ينفع ، فإذا استعملوها على هذا الوجه أحدث لهم من الابتهاج بها ، والطمع في بقائها وبركاتها ، ورجاء ثواب الشاكرين ، أموراً عظيمة تفوق بخيراتها وبركاتها هذه المسرَّات التي هذه ثمراتها ، ويتلقون المكاره والمضار والهم والغم بالمقاومة لما يمكنهم مقاومته ، وتخفيف ما يمكنهم تخفيفه ، والصبر الجميل لما ليس لهم منه بُدٌّ ، وبذلك يحصل لهم من آثار المكاره من المقاومات النافعة ، والتجارب والقوة ، ومن الصبر واحتساب الأجر والثواب أمورٌ عظيمة تضمحل معها المكاره ، وتحل محلها المسار والآمال الطيبة ، والطمع في فضل الله وثوابه ، كما عبَّر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح فقال : \" عجباً لأمر المؤمن إن أمره كلَّه خير ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن \" (رواه مسلم رقم (2999) .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمن يتضاعف غنمه وخيره وثمرات أعماله في كل ما يطرقه من السرور والمكاره
إن المسلمون قد انتصروا على صناديد الكفر من قريش في غزوة \" بدر \" ليس بكثرة العدد ولا العتاد انما بقوة إيمانهم وثقتهم بنثر الله .
جانبِ اللهوَ والبَطالةَ واحْذَرْ *** مِن هوَى النفسِ إن أردتَ السَّعادَهْ
واعبُد اللّهَ ما استطعتَ بصدقٍ *** مَطْلبُ العارفين صِدْقُ العبادَهْ
وتحصل السعادة بالإيمان من عدة جوانب :
أ - إن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى وحده لا شريك له إيمانا كاملا صافيا من جميع الشوائب ، يكون مطمئن القلب هادئ النفس ، ولا يكون قلقا متبرما من الحياة بل يكون راضيا بما قدر الله له شاكرا للخير صابرا على البلاء . إن خضوع المؤمن لله تعالى يقوده إلى الراحة النفسية التي هي المقوم الأول للإنسان العامل النشط الذي يحس بأن للحياة معنى وغاية يسعى لتحقيقها قال الله تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } .
ب- إن الإيمان يجعل الإنسان صاحب مبدأ يسعى لتحقيقه فتكون حياته تحمل معنى ساميا نبيلا يدفعه إلى العمل والجهاد في سبيله وبذلك يبتعد عن حياة الأنانية الضيقة ، وتكون حياته لصالح مجتمعه وأمته التي يعيش فيها ، فالإنسان عندما يعيش لنفسه تصبح أيامه معدودة وغاياته محدودة أما عندما يعيش للفكرة التي يحملها فإن الحياة تبدو طويلة جميلة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتها لوجه الأرض ، وبذلك يتضاعف شعوره بأيامه وساعاته ولحظاته .
ج - إن الإيمان ليس فقط سببا لجلب السعادة بل هو كذلك سبب لدفع موانعها . ذلك أن المؤمن يعلم أنه مبتلى في حياته وأن هذه الابتلاءات تعد من أسباب الممارسة الإيمانية , فتتكون لديه المعاني المكونة للقوى النفسية المتمثلة في الصبر والعزم والثقة بالله والتوكل عليه , والاستغاثة به والخوف منه , وهذه المعاني تعد من أقوى الوسائل لتحقيق الغايات الحياتية النبيلة وتحمل الابتلاءات المعاشية .
اللهم اجعلنا من السعداء في الدنيا والآخرة .
صيد الفوائد