المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرقيب



رضا1
06 Jul 2009, 01:22 PM
الرقيب


ورد هذا الاسم في القرآن ثلاث مرات في سورة المائدة في قوله تعالى مخاطبا عيسى عليه السلام يوم القيامة في مشهد عظيم وموقف جسيم((وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ((
فمن هم الناجون في ذلك اليوم.
اسمعوا رعاكم الله
لن ينجوا إلا اهل الصدق والإخلاص((قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم (119) للهِ مُلْكُ السَّمَوَتِ وَالاَْرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ((

وجاء ذكر الرقيب في قوله تعالى في آية من سورة النساء(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقِيباً(
قال ابن جرير في قوله (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقِيباً ً)يعني ان الله لم يزل عليكم رقيباً حفيظاً محصاًً عليكم أعمالكم ومتفقداً احوالكم.
وجاء ذكر الرقيب في سورة الأحزاب في قوله جلّ في علاه(وكان الله على كل شئ رقيبا(
قال الزجاج:
الرقيب هو الحافظ الذي لا يغيب عن ما يحفظه(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(
وقال الحليمي:-
الرقيب هو الذي لا يغفل عن ما خلق
وفي نونية ابن القيم:
هو الرقيب على الخواطر واللواحظ***كيف بالأفعال والأركان
قال السعدي:-
الرقيب:المطلع على ما أكنته الصدور القائم على كل نفس بما كسبت
الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نضام وأكمل تدبير فهو سبحانه رقيب على الأشياء بعلمه الذي وسع كل شئ.
)رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا(
وهو رقيب على الأشياء ببصره الذي لا تأخذه سنة ولا نوم
وهو رقيب على الأشياء بسمعه المدرك لكل حركة وكلام.
فأين أثر هذا في حياتنا؟
إنه يسمع ويرى ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أين أثر هذا في تصرفاتنا, في معاملاتنا, في عباداتنا.
جاء في السير بعد معركة بدر وبعد أن عادت قريش تجر أذيال الهزيمة وبعد أن تلقت الدرس من معسكر الإيمان قعد صفوان ابن أمية وعمير ابن وهب في الحجر فأخذا يتذاكران أصحاب القليب وكان صفوان ابن أمية قد قُتل أبوة وأخوه يوم بدر فقال عمير لصفوان لولا صبية صغار لا أحد يرعاهم بعدي وديون ركبتني لذهبت إلى المدينة وقتلت محمداً
فقال صفوان:
دينك عليّ وأنا أرعى صغارك على أن تقتل محمداً
فاتفقا
ولا ثالث معهما إلا الله.
الله الذي يعلم السر وأخفى.
وصل عمير إلى المدينة متظاهرا بأنه جاء لدفع الفداء عن ابنه (وهب)الذي كان اسيراًعند المسلمين
فرآه عمر رضي الله عنه فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد وقال:-
يا رسول الله هذا عدو الله عمير جاء متوشحاً سيفه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم((أدخلوه علىّ((
فجاء به عمر وقد أخذ بتلابيبه فأوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال(أغسله يا عمر(
ثم قال(أدنوا يا عمير)
فدنا ثم قال:- أنعم صباحاً يامحمد.
وكانت هذه تحية الجاهلية
فقال النبي صلى الله عليه وسلم((قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير أكرمنا بالسلام تحية أهل الجنة تحيتهم يوم يلقونه سلام)) ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم((ما جاء بك يا عمير((
فقال جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه.
قال((فما بال السيف في عنقك((
قال((قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئ يوم بدر((
قال((اصدقني يا عمير مالذي جئت من اجله))
قال((ما جئت إلا لذاك((
قال((اسمع بل قعدت انت وصفوان ابن امية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب ثم قلت أنت لولا دين علىّ وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً فتحمّل لك صفوان ابن امية بالدين ورعاية العيال على أن تقتلني له والله حائل بينك وبين ذلك((
فقال عمير((أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان والله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله وانا أشهد ان لاإله إلا الله وأنك رسول الله0فالحمدلله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم((فقهوا أخاكم في دينه وعلموه القرآن وأطلقوا أسيره((
الله أكبر ولا إله إلا الله0تدبر في قوله جل ّفي علاه((يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا((
اين أثر هذه الآيات في حياتنا!
بل أين أثر قوله جل ّفي علاه((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ((
إذا ماخلوت الدهر يوماً***فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة***ولا ان مايخفى عليه يغيب
ألم ترى أن اليوم أسرع ذاهبٍ***وأن غداً للناظرين قريب
قال ابن كثير:-
إن عميراً هذا بعد أن هداه الله للإسلام استأذن الرسول صلى الله عليه وسلم في العودة إلى مكة ليكون داعيةً إلى الإسلام.
فقال:-يا رسول الله إني كنت جاهداً على إخفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام لعل الله أن يهديهم وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.
فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم.
فلحق بمكة وكان صفوان يتوقع وصوله بين آونة وأُخرى فكان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكبٌ قبل عمير فأخبر صفوان عن إسلامه فغضب غضباً شديداً وحلف أن لا يكلمه ابداً ولا ينفعه ابداً
قال ابن إسحاق:-
فلما قدم عمير مكة وكان شجاعا مهيبا جاهر اهل مكة بإسلامه ولم يجرؤا على التعرض له.
واخذ يدعوا إلى الإسلام.
اسألك بالله من أين اتت هذه الشجاعه.
لما دخل موسى وهارون على فرعون((قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى(45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى(46(((
فأخذ صفوان يدعوا إلى الإسلام ويؤذي من خالفه اذا شديداً فأسلم على يديه خلق كثير.
لكن قل لي وقولي لي:- كيف ألم عمير!
اسلم يوم استشعر عظمة الله ورقابة الله وإحاطة الله بكل شئ
فهلاّ استشعرنا ذلك واستشعرنا قوله تعالى((وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59(((
))لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء((
ومن اسمائه جلّ في علاه:-
الحفيظ:وهو الذي حفظ خلقه وأحاط علمه بما أوجده وحفظ أولياؤه من وقوعهم في الذنوب والهلكات ولطف بهم في الحركات والسكنات وأحصى على العباد أعمالهم وجزاؤهم
هل تعرف معنى(احفظ الله يحفظك(
معناها:
احفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه
وحفظ ذلك هو الوقوف عند أوامره بلإمتثال وعند نواهيه بلإجتناب وعند حدوده فلا نتجاوزها
المعنى: فعل الواجبات جميعا وترك المحرمات جميعا.
وقد مدح الله عباده الذين يحفظون حدوده فقال في معرض بيانه لصفات المؤمنين الذين اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة فقال من صفاتهم((لتَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ((
نعم بشرهم إذا حفظوا أوامره وحدوده حفظهم في دينهم ودنياهم وفي أولاهم وأخراهم.
ومن أعظم ما يجب على العباد حفظه من حقوق الله هو التوحيد.
وهو أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً.
روى البخاري من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( يا معاذ ابن جبل
قال:لبيك,لبيك يارسول الله وسعديك.

قال:هل تدري ماحق الله على العباد.
قال:قلت الله ورسوله أعلم.
قال:فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً.
ثم سار ساعة ثم قال( يا معاذ ابن جبل
قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك.
قال: هل تدري ماحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك.
قال: قلت الله ورسوله أعلم.
قال: إن فعلوا ذلك حقهم عليه أن لا يعذبهم((
فهذا هو حق العظيم الذي أمر الله سبحانه عباده أن يحفظوه ويراعوه.
ومن أجل حفظه أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وكان الله وكان الله رقيبا على الجميع ليعلم أن قد بلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عدداً.
فمن حفظ توحيده في الدنيا حفظه الله تعالى من عذابه يوم القيامة وسلّمه وأمنّه وكان له عند الله عهداً أن يدخله الجنة ويجيره من النار وإن عُذب بسبب ذنوبه إن لم يتب منها فإنه ايظاً محفوظ بتوحيده من الخلود في النار مع الكفار الذين ضيعوا هذا الحق العظيم .
ومن أعظم ماأمر الله بحفظه من الواجبات الصلاة الصلاة وما أدراك ما الصلاة .
قال سبحانه(حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)
وقال(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)
فمن حافظ على الصلوات وحفظ أركانها حفظه الله من نقمه وعذابه وكانت له نجاة يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلم(إكلفوا من العمل ماتطيقون واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة(
قال ابن القيم رحمه الله(والصلاة مجلبة للرزق,حافظة للصحة, دافعة للأذى,مطردة للأدواء’مقوية للقلب , مبيضة للوجه, مفرحة للنفس,مذهبة للكسل,منشطة للجوارح,ممدة للقوة, شارحة للصدر, مغذية للروح,منورة للقلب,حافظة للنعمة,جالبة للبركة, مبعدة من الشيطان,مقربة من الرحمن.
وللصلاة تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب قواهما ودفع المواد الرديئة عنهما وماابتلى رجلان
بعاهة أو داء أو محنة أو بلية ألا كان المصلي منهما أقل وعاقبته اسلم.
وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا لاسيما اذا أُعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً0فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة ولا استجلبت مصالحها بمثل الصلاة
وسر ذلك:
أن الصلاة صلة بالله عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها وتقطع عنه من الشرور أسبابها.
تأمل في قوله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل((ياابن آدم اركع لي من اول النهار أربع ركعات أكفيك آخره((
ومن حفظ الله للمصلين ان صلاتهم تنهاهم عن الفحشاء والمنكر.
اما من ضيعها فقد توعده الله بالهلاك والشر العظيم قال سبحانه(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً(
فكيف هي صلاتنا
هل حفظناها
هل راقبنا الله فيها
هل تدبرنا قوله تعالى((‏الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين((





وصلى الله على نبينا محمد