المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في رحاب آيه 1



ابو ريتاج
03 Jul 2009, 11:40 AM
أخلاق الرسول القائد


يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين” (159).


في هذه الآية الكريمة يتحدث الحق سبحانه وتعالى عن جانب من أخلاق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من قيادة حكيمة وأخلاق كريمة، وأنه عليه أفضل الصلاة والسلام لم يقابل مخالفة المخالفين له والفارين عنه بالانتقام منهم وإنزال العقوبات بهم، وإنما قابل ذلك بالحلم واللين والسياسة الرشيدة، فقال: “فبما رحمة من الله لنت لهم”.


والمعنى: فبسبب رحمة عظيمة فياضة منحك الله إياها يا محمد كنت ليناً مع أتباعك في كل أحوالك، ولكن بدون إفراط أو تفريط، فقد وقفت من أخطائهم التي وقعوا فيها في غزوة أحد موقف القائد الحكيم الملهم فلم تعنفهم على ما وقع منهم وأنت تراهم قد استغرقهم الحزن والهم. بل كنت لينا رفيقا معهم.


رؤوف رحيم


وهكذا القائد الحكيم لا يكثر من لوم جنده على أخطائهم الماضية، لأن كثرة اللوم والتعنيف قد تولد اليأس وإنما يلتفت إلى الماضي ليأخذ منه العبرة ويغرس في نفوس الذين معه ما يحفز هممهم ويشحذ عزائمهم. فالشدة في غير موضعها تفرق ولا تجمع وتضعف ولا تقوى، ولذا قال: “ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك”. أي ولو كنت “يا محمد” كريه الخلق، خشن الجانب في أقوالك وأفعالك، قاسي القلب لا تتأثر بما يصيب أصحابك “لانفضوا من حولك” أي لتفرقوا عنك ونفروا منك.


فالجملة الكريمة تنفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم القسوة والغلظة في الظاهر والباطن، إذ القسوة الظاهرية تبدو أكثر ما تبدو في الفظاظة التي هي خشونة الجانب، وجفاء الطبع، والقسوة الباطنية تكون بسبب يبوسة القلب، وغلظة النفس وعدم تأثرها بما يصيب غيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم كان مبرأ من كل ذلك، ويكفي أن الله تعالى قد قال في وصفه: “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”.


ولقد كان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم مداراة الناس، إلا أن يكون في المداراة حق مضيع، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض”.


عفو ومشورة


ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بما يترتب على الرفق والبشاشة فقال: “فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر”. أي أنه يترتب على لين جانبك أيها الرسول الكريم مع أصحابك ورحمتك بهم أن تعفو عنهم فيما وقعوا فيه من أخطاء تتعلق بشخصك أو ما وقعوا فيه من مخالفات أدت إلى هزيمتهم في أحد، فقد كانت زلة منهم وأدبهم الله عليها. وعليك أن تلتمس من الله تعالى أن يغفر لهم ما فرط منهم، إذ في إظهارك ذلك تأكيد لعفوك عنهم، وتشجيع لهم على الطاعة والاستجابة لأمرك، وأن تشاورهم في الأمر، أي في أمر الحرب وغيره مما تجري فيه المشاورة في العادة من الأمور التي تهم الأمة.


وقد جاءت هذه الأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم على أحسن نسق وأحكم ترتيب، لأن الله تعالى أمره أولا بالعفو عنهم فيما يتعلق بخاصة نفسه، فإذا ما انتهوا إلى هذا المقام، أمره أن يستغفر لهم ما بينهم وبين الله تعالى لتنزاح عنهم التبعات، فإذا صاروا إلى هذه الدرجة أمره بأن يشاورهم في الأمر لأنهم قد أصبحوا أهلا لهذه المشاورة، أي: فإذا عقدت نيتك على إتمام الأمر وإمضائه بعد المشورة السليمة وبعد أن تبين لك وجه السداد فيما يجب أن تسلكه فبادر بتنفيذ ما عقدت العزم على تنفيذه و”توكل على الله” أي اعتمد عليه في الوصول إلى غايتك، فإن الله تعالى يحب المعتمدين عليه، المفوضين أمورهم إليه مع مباشرة الأسباب التي شرعها لهم.

ريحانة
03 Jul 2009, 03:54 PM
بارك الله فيكم..