المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع الشيطان



راضية بقدر الله
26 Jun 2009, 05:42 PM
قال عبد الله بن آدم : حاورت الشيطان الرجيم ، في الليل البهيم ، فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلى المسجد ، فقال لي : عليك ليل طويل فارقد .


قلت : أخاف أن تفوتني الفريضة .
قال: الاوقات طويلة عريضة .



قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة .
قال : لا تشدد على نفسَك في الطاعة .

فما قمت حتى طلعت الشمس . فقال لي في همس : لا تأسف على ما فات ، فاليوم كله أوقات . وجلست لآتي بالأذكار ، ففتح لي دفتر الأفكار .
فقلت : أشغلتني عن الدعاء . قال : دعه إلى المساء .
وعزمت على المتاب . فقال : تمتع بالشباب .
قلت : أخشى الموت . قال : عمرك لا يفوت .
وجئت لأحفظ المثاني ، قال : رَوّح نفسك بالأغاني .
قلت : هي حرام . قال : لبعض العلماء كلام .
قلت : أحاديث التحريم عندي في صحيفة . قال : كلها ضعيفة .
ومرت حسناء فغضضت البصر ، قال : ماذا في النظر؟
قلت : فيه خطر . قال : تفكر في الجمال ، فالتفكر حلال .
وذهبت إلى البيت العتيق ، فوقف لي في الطريق ، فقال : ما سبب هذه السفرة ؟
قلت : لآخذ عمرة .
فقال : ركبت الأخطار ، بسبب هذا الاعتمار ، وأبواب الخير كثيرة ، والحسنات غزيرة .
قلت : لابد من إصلاح الأحوال .
قال : الجنة لا تدخل بالأعمال . فلما ذهبت لألقي نصيحة ، قال : لا تجر إلى نفسك فضيحة.
قلت : هذا نفع للعباد . فقال : أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد .
قلت : فما رأيك في بعض الأشخاص ؟ قال : أجيبك عن العام والخاص .
قلت : أحمد بن حنبل ؟ قال : قتلني بقوله : عليكم بالسنة ، والقرآن المنزل .
قلت : فابن تيمية ؟ قال : ضرباته على رأسي باليومية .
قلت : فالبخاري ؟ قال : أحرَق بكتابه داري .
قلت : فالحجاج ؟
قال : ليت في الناس ألف حجاج ، فلنا بسيرته ابتهاج ، ونهجه لنا علاج .
قلت : ففرعون ؟ قال : له منا كل نصر وعون .
قلت : فصلاح الدين ، بطل حطين ؟ قال : دعه فقد مرّغنا بالطين .
قلت : فأبو جهل ؟ قال : نحن له إخوة وأهل .
قلت : فأبو لهب ؟ قال : نحن معه أينما ذهب .
قلت : فلينين ؟ قال : ربطناه في النار مع استالين .
قلت : فالمجلات الخليعة ؟ قال : هي لنا شريعة .
قلت : فالدشوش ؟ قال : نجعل الناس بها كالوحوش .
قلت : فالمقاهي ؟ قال : نرحب فيها بكل لاهي .
قلت : ما هو ذكركم ؟ قال : الأغاني .
قلت : وعملكم ؟ قال : الأماني .
قلت : وما رأيكم في الأسواق ؟ قال : علمنا بها خفّاق ، وفيها يجتمع الرفاق .
قلت : فحزب البعث الاشتراكي
قال : قاسمته أملاكي ، وعلمته أورادي وأنساكي .
قلت : كيف تضل الناس ؟
قال : بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات .
قلت : وكيف تضل الحكام ؟
قال : بالتعطش للدماء ، وإهانة العلماء ، ورد نصح الحكماء ، وتصديق السفهاء .
قلت : فكيف تضل النساء ؟
قال : بالتبرج والسفور ، وترك المأمور ، وارتكاب المحظور .
قلت : فكيف تضل العلماء ؟
قال : بحب الظهور ، والعجب والغرور ، وحسد يملأ الصدور .
قلت : فيكف تضل العامّة ؟
قال : بالغيبة والنميمة ، والأحاديث السقيمة ، وما ليس له قيمة .
قلت : فكيف تضل التجّار ؟
قال : بالربا في المعاملات ، ومنع الصدقات ، والإسراف في النفقات .
قلت : فيكف تضل الشباب ؟
قال : بالغزل والهيام ، والعشق والغرام ، والاستخفاف بالأحكام ، وفعل الحرام .
قلت : فما رأيك في إسرائيل ؟
قال : إياك والغيبة ، فإنها مصيبة ، وإسرائيل دولة حبيبة ، ومن القلب قريبة .
قلت : فالجاحظ ؟ قال : الرجل بين بين ، أمره لا يستبين ، كما في البيان والتبيين.
قلت : فأبو نواس ؟ قال : على العين وعلى الرأس ، لنا من شعره اقتباس .
قلت : فأهل الحداثة ؟ قال : أخذوا علمهم منا بالوراثة .
قلت : فالعلمانية ؟
قال : إيماننا علماني ، وهم أهل الدجل والأماني ، ومن سمّاهم فقد سماني .
قلت : فما تقول في واشنطن ؟
قال : خطيبي فيها يرطن ، وجيشي بها يقطن ، وهي لي موطن ..
قلت : فما رأيك في الدعاة ؟
قال : عذبوني وأتعبوني وبهدلوني وشيبوني يهدمون ما بنيتُ ، ويقرؤون إذا غنيتُ ، ويستعيذون إذا أتيتُ .
قلت : فما تقول في الصحف ؟


قال : نضيع بها أوقات الخلف ، ونذهب بها أعمار أهل الترف ، ونأخذ بها الأموال مع الأسف .
قلت : فماذا فعلتَ بالغراب ؟
قال : سلطته على أخيه فقتله ودفنه في التراب ، حتى غاب .
قلت : فما فعلتَ بقارون ؟
قال : قلت له : احفظ الكنوز ، يا ابن العجوز ، لتفوز ، فأنت أحد الرموز .
قلت : فماذا قلتَ لفرعون ؟
قال : قلت له : يا عظيم القصر ، قل : أليس لي ملك مصر ، فسوف يأتيك النصر.
قلت : فماذا قلتَ لشارب الخمر ؟
قال : قلت له : اشرب بنت الكروم ، فإنها تذهب الهموم ، وتزيل الغموم ، وباب التوبة معلوم .
قلت : فماذا يقتلك ؟
قال : آية الكرسي ، منها تضيق نفسي ، ويطول حبسي ، وفي كل بلاء أمسي .
قلت : فمن أحب الناس إليك ؟
قال : المغنّون ، والشعراء الغاوون ، وأهل المعاصي والمجون ، وكل خبيث مفتون .
قلت : فمن أبغض الناس إليك ؟
قال : أهل المساجد ، وكل راكع وساجد ، وزاهد عابد ، وكل مجاهد .
قلت : أعوذ بالله منك ، فاختفى وغاب ، كأنما ساخ في التراب ، وهذا جزاء الكذاب .




*** منقول ***