أبو محمد ..
28 May 2009, 10:49 AM
ولستُ مُتشــدداً
----
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله وبعد :
خاتمة رسالة موجهة إلى أخٍ تأثر بكلام العلمانيين .
----
أخي الحبيب : والله والله إني لأحبك في الله .. وما تجرأت بكتابة ما قرأت إلا حباً فيك ونصحاً لك من باب قوله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(1)
------------
(1) رواه البخاري 13 ومسلم 45 عن أنس
------------
وقد تقول في نفسك أنتم متشددون أنتم كذا وكذا كما يتهمنا معظم الناس بذلك خاصة البعيدين منهم عن المساجد .
ولكن أخي في الله ما أتيت لك إلا بما رأيته أنت مع تأكيده بالأدلة من الكتاب والسنة .
أما وصف الناس لنا بالتشدد فهو أحد مضار هذا الجهاز الخبيث – مستقبل الفضائيات - الذي صنع بين الناس وطلبة العلم فجوة عميقة ، بل وجعل كثير من الناس لا يفرقون بين المتشدد والمتساهل والمعتدل المتوسط ولا يفرقون بين ما أحل الله وبين ما حرم , ومن يأتي يبين لهم الصواب قالوا له أنت متشدد .
ولكن من فضل الله ومنِّهِ وكرمه أن كثيراً ممن يحضرون المساجد ويلتقون بالمستقيمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عرفوا الحق فتراهم يحبونهم و يسألونهم إذا استعصت عليهم مسائل ويستمعون لدروسهم وهذا من فضل الله أن شرح الصدور لدعوة الحق ..
دعوة أهل السنة والجماعة .
أما البعيدون عن المساجد وعن طلبة العلم ،، القريبون من الفضائيات وأهل السوء ، لا زالوا يعتقدون فينا التشدد ويبغضوننا
ولهؤلاء أقول :
نحن لسنا بمتشددين
وهل التشدد أن نقول قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال ابن القيم :
العلم قال الله قال رسوله ..... قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ..... بين الرسول وبين قول فقيه
وهل التشدد أن نهتم بديننا كما أمرنا بذلك ربنا .
وهل التشدد أن ننهج منهج سلف أمتنا ومن تبعهم .
وهل التشدد أداء الصلوات الخمس في المسجد وطلب العلم وتعليم الناس أركان الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات .
وهل التشدد هو التزامنا بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في العبادات والمعاملات والسلوكيات .. وربنا يقول ((ولكم في رسول الله أسوة حسنة))
إذاً فـمـا هـو الـتـشـدد ؟
دلونا على شيء فينا من التشدد خالفنا فيه نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نتركه ,
إن التشدد مذموم في شرعنا قال النبي صلى الله عليه وسلم «هلك المتنطعون»(2) أي هلك المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم .
------------
(2) رواه مسلم (2670) عن ابن مسعود
------------
ولكن لا تدعونا إلى التساهل !
فهناك تشدد وتساهل وتوسط ..
فأما المتساهل المُفَرِط فمن تمسك بقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الدين يسر»(3)
------------
(3) رواه البخاري (39) عن أبي هريرة
------------
ففهمه أنه لو ترك شيئاً مما أوجب الله أو فعل شيئاً مما حرم الله من المظاهر وغيرها كالتشبه والإسبال وغيرها من الأمور التي رتب عليها الشرع العذاب ، فالدين عند هذا يسر لأن هذه شكليات لا جوهريات .
التساهل هو الإيمان أن الله غفور رحيم والذهول والنسيان عن أنه شديد العقاب .
ومثال هؤلاء المرجئة : وهم فرقة من فرق الإسلام من أهل البدع يقولون أن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن كامل الإيمان لا يفرق عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بل لا يفضل حتى على الأنبياء ولو كان زانياً سارقاً خماراً .. أو غيرها من الذنوب لأن المهم عندهم هو الإيمان وهو عندهم الإقرار والتصديق فقط .
وأما المتشدد , فمن أخذ بعزائم الله وشدائده وترك رخصه وغفرانه وتيسيره ,
فمن ترك مستحباً أو فعل مكروهاً عنده ، يعده فاسقاً وصاحب الكبيرة عنده كافر .
فالتشدد هو الإيمان بأن الله جبار منتقم شديد العقاب سريع الحساب والذهول والنسيان أنه غفور رحيم ودود حليم ,
ومثال هؤلاء الخوارج : وهم فرقة من فرق الإسلام من أهل البدع يعتقدون أن من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب فهو كافر يُقتل ،، فكفروا المسلمين .. لأن الغيبة كبيرة ، والحكم بغير ما أنزل الله كبيرة وكل الناس تقريباً يقعون في هذه الأمور إلا من رحم الله . وقد تطور بعضهم فألحق الصغائر بالكبائر !
أما المعتدل فهو من وفقه الله للنظر في الأمرين والجمع بين عزائم الله ورخصه وعسره ويسره .
التوسط هو الإيمان بأن الله هو الرحمن الرحيم وأنه ذو انتقام شديد البطش والعقاب .
(( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم))
(( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ))
ومثال هؤلاء أهل السنة والجماعة .
فالدين يسر ، نعم .. لكن بأحكامه وشرائعه
بأن جعل للكفر موانعاً وشروطاً
وللصلاة رخصاً
وللصيام والحج الاستطاعة
وللزكاة الغنى ..
لا أنه يسر بترك الصلاة أو قضاءها وجمعها من غير عذر ,
لا أنه يسر بترك بعض الأوامر والواجبات وفعل بعض النواهي كالإسبال وحلق اللحية والتشبه والسفور واستماع الأغاني ..
لا ..
لا أخي في الله
لابد من وضع النقاط على الحروف .
لابد من وضع الفروق.
وأكرر وأعيد لسنا متشددين
بل مسلمون
متوسطون معتدلون متبعون ,
فإن أبيتَ إلا أن تحكم علينا بالتشدد لإتباعنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور وحذو القدة بالقدة ..
فأقول وأنا أؤمن بأني لست متشدداً :
إن كان تابع أحمدَ متشدداً ..... فأنا المقرُ بأني متشددُ
=====--=====
أخي الحبيب : إني أحبك في الله مراراً وتكراراً ,وأتمنى أن تفهمني , فهل اقتنعتَ بما ذكرتُ ؟
إن كانت الإجابة نعم
فالحمد لله وكم يسعدني ذلك ,
وما الهداية إلا من عند الله فنسأله تعالى الثبات وأن يوفقنا لما يحب ويرضى .
وإن كانت الإجابة بالنفي ,
فأعد النظر مرة أخرى وأعد القراءة بتمعن وبتدبر لعلك تصل معي إلى الحق المنشود , ولا بأس لو تأخرتَ ساعة أخرى في إعادة قراءته فإن المسألة خطيرة جد خطيرة .
اعلم أخي أننا في هذه الدنيا الفانية نسير بل نُسَيَّر إلى يوم الامتحان . واعلم أن كل دقيقة بل كل ثانية تمر من عمرنا بل كل دقة من دقات قلوبنا تقربنا من موعدنا موعد اللقاء ,
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب .....متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
هو الموت فاصنع ما أنت صانع .....وأنت لكأس الموت لابد جارع
ومن ثم العرض ..
يعرض علينا كل ما عملناه من يوم البلوغ إلى يوم الخروج
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
فمنا من يمسك صحيفته بيمينه
(( فيقول هآؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه * فهو في عيشة راضية ))
ومنا من يمسكها بشماله
(( فيقول ياليتني لم أوتَ كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه ))
ثم
(( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ))
وماذا فيه ؟
كل صغيرة وكبيرة
(( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال ِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً ))
فلابد أن نعمل لتكون ملفاتنا بيضاء نقية ,
لابد أن نهتم بملفاتنا الأخروية كما نهتم بملفاتنا الدنيوية في المرافق الحكومية
وكيف يكون هذا الاهتمام ؟
بالعمل الصالح
ولدتك أمك باكياً مستصرخاً ..... والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا ..... في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
فلندرك أنفسنا قبل أن
(( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون))
قبل أن
(( ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاً ))
واعلم
(( إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ))
أُخيا لا أقول لك اعتزل الناس إلى كهف بعيد , فهذا ليس من الإسلام في شيء ولكن أقول لك
«ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم»(4)
------------
(4) حديث أبي هريرة في البخاري (7288) ومسلم
------------
((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ))
لأن
(( من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ))
واعلم أنه
(( إنما يتقبل الله من المتقين )).
هذا
وإن أصبتُ فمن الله وحده ,
وإن أخطأت فمني ومن الشيطان الرجيم أعاذنا الله منه ومن وساوسه اللهم آمين.
وأسأل الله لي وللمسلمين عامة الهداية والتوفيق إلى ما يحب ربنا ويرضى والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أبو محمد (أحمر العين)
23/ذو القعدة/1418هـ
21/3/1998م
----
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله وبعد :
خاتمة رسالة موجهة إلى أخٍ تأثر بكلام العلمانيين .
----
أخي الحبيب : والله والله إني لأحبك في الله .. وما تجرأت بكتابة ما قرأت إلا حباً فيك ونصحاً لك من باب قوله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»(1)
------------
(1) رواه البخاري 13 ومسلم 45 عن أنس
------------
وقد تقول في نفسك أنتم متشددون أنتم كذا وكذا كما يتهمنا معظم الناس بذلك خاصة البعيدين منهم عن المساجد .
ولكن أخي في الله ما أتيت لك إلا بما رأيته أنت مع تأكيده بالأدلة من الكتاب والسنة .
أما وصف الناس لنا بالتشدد فهو أحد مضار هذا الجهاز الخبيث – مستقبل الفضائيات - الذي صنع بين الناس وطلبة العلم فجوة عميقة ، بل وجعل كثير من الناس لا يفرقون بين المتشدد والمتساهل والمعتدل المتوسط ولا يفرقون بين ما أحل الله وبين ما حرم , ومن يأتي يبين لهم الصواب قالوا له أنت متشدد .
ولكن من فضل الله ومنِّهِ وكرمه أن كثيراً ممن يحضرون المساجد ويلتقون بالمستقيمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عرفوا الحق فتراهم يحبونهم و يسألونهم إذا استعصت عليهم مسائل ويستمعون لدروسهم وهذا من فضل الله أن شرح الصدور لدعوة الحق ..
دعوة أهل السنة والجماعة .
أما البعيدون عن المساجد وعن طلبة العلم ،، القريبون من الفضائيات وأهل السوء ، لا زالوا يعتقدون فينا التشدد ويبغضوننا
ولهؤلاء أقول :
نحن لسنا بمتشددين
وهل التشدد أن نقول قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال ابن القيم :
العلم قال الله قال رسوله ..... قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ..... بين الرسول وبين قول فقيه
وهل التشدد أن نهتم بديننا كما أمرنا بذلك ربنا .
وهل التشدد أن ننهج منهج سلف أمتنا ومن تبعهم .
وهل التشدد أداء الصلوات الخمس في المسجد وطلب العلم وتعليم الناس أركان الصلاة والصيام والحج وغيرها من العبادات .
وهل التشدد هو التزامنا بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في العبادات والمعاملات والسلوكيات .. وربنا يقول ((ولكم في رسول الله أسوة حسنة))
إذاً فـمـا هـو الـتـشـدد ؟
دلونا على شيء فينا من التشدد خالفنا فيه نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نتركه ,
إن التشدد مذموم في شرعنا قال النبي صلى الله عليه وسلم «هلك المتنطعون»(2) أي هلك المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم .
------------
(2) رواه مسلم (2670) عن ابن مسعود
------------
ولكن لا تدعونا إلى التساهل !
فهناك تشدد وتساهل وتوسط ..
فأما المتساهل المُفَرِط فمن تمسك بقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الدين يسر»(3)
------------
(3) رواه البخاري (39) عن أبي هريرة
------------
ففهمه أنه لو ترك شيئاً مما أوجب الله أو فعل شيئاً مما حرم الله من المظاهر وغيرها كالتشبه والإسبال وغيرها من الأمور التي رتب عليها الشرع العذاب ، فالدين عند هذا يسر لأن هذه شكليات لا جوهريات .
التساهل هو الإيمان أن الله غفور رحيم والذهول والنسيان عن أنه شديد العقاب .
ومثال هؤلاء المرجئة : وهم فرقة من فرق الإسلام من أهل البدع يقولون أن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن كامل الإيمان لا يفرق عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بل لا يفضل حتى على الأنبياء ولو كان زانياً سارقاً خماراً .. أو غيرها من الذنوب لأن المهم عندهم هو الإيمان وهو عندهم الإقرار والتصديق فقط .
وأما المتشدد , فمن أخذ بعزائم الله وشدائده وترك رخصه وغفرانه وتيسيره ,
فمن ترك مستحباً أو فعل مكروهاً عنده ، يعده فاسقاً وصاحب الكبيرة عنده كافر .
فالتشدد هو الإيمان بأن الله جبار منتقم شديد العقاب سريع الحساب والذهول والنسيان أنه غفور رحيم ودود حليم ,
ومثال هؤلاء الخوارج : وهم فرقة من فرق الإسلام من أهل البدع يعتقدون أن من ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب فهو كافر يُقتل ،، فكفروا المسلمين .. لأن الغيبة كبيرة ، والحكم بغير ما أنزل الله كبيرة وكل الناس تقريباً يقعون في هذه الأمور إلا من رحم الله . وقد تطور بعضهم فألحق الصغائر بالكبائر !
أما المعتدل فهو من وفقه الله للنظر في الأمرين والجمع بين عزائم الله ورخصه وعسره ويسره .
التوسط هو الإيمان بأن الله هو الرحمن الرحيم وأنه ذو انتقام شديد البطش والعقاب .
(( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم))
(( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ))
ومثال هؤلاء أهل السنة والجماعة .
فالدين يسر ، نعم .. لكن بأحكامه وشرائعه
بأن جعل للكفر موانعاً وشروطاً
وللصلاة رخصاً
وللصيام والحج الاستطاعة
وللزكاة الغنى ..
لا أنه يسر بترك الصلاة أو قضاءها وجمعها من غير عذر ,
لا أنه يسر بترك بعض الأوامر والواجبات وفعل بعض النواهي كالإسبال وحلق اللحية والتشبه والسفور واستماع الأغاني ..
لا ..
لا أخي في الله
لابد من وضع النقاط على الحروف .
لابد من وضع الفروق.
وأكرر وأعيد لسنا متشددين
بل مسلمون
متوسطون معتدلون متبعون ,
فإن أبيتَ إلا أن تحكم علينا بالتشدد لإتباعنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور وحذو القدة بالقدة ..
فأقول وأنا أؤمن بأني لست متشدداً :
إن كان تابع أحمدَ متشدداً ..... فأنا المقرُ بأني متشددُ
=====--=====
أخي الحبيب : إني أحبك في الله مراراً وتكراراً ,وأتمنى أن تفهمني , فهل اقتنعتَ بما ذكرتُ ؟
إن كانت الإجابة نعم
فالحمد لله وكم يسعدني ذلك ,
وما الهداية إلا من عند الله فنسأله تعالى الثبات وأن يوفقنا لما يحب ويرضى .
وإن كانت الإجابة بالنفي ,
فأعد النظر مرة أخرى وأعد القراءة بتمعن وبتدبر لعلك تصل معي إلى الحق المنشود , ولا بأس لو تأخرتَ ساعة أخرى في إعادة قراءته فإن المسألة خطيرة جد خطيرة .
اعلم أخي أننا في هذه الدنيا الفانية نسير بل نُسَيَّر إلى يوم الامتحان . واعلم أن كل دقيقة بل كل ثانية تمر من عمرنا بل كل دقة من دقات قلوبنا تقربنا من موعدنا موعد اللقاء ,
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب .....متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
هو الموت فاصنع ما أنت صانع .....وأنت لكأس الموت لابد جارع
ومن ثم العرض ..
يعرض علينا كل ما عملناه من يوم البلوغ إلى يوم الخروج
(( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
فمنا من يمسك صحيفته بيمينه
(( فيقول هآؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه * فهو في عيشة راضية ))
ومنا من يمسكها بشماله
(( فيقول ياليتني لم أوتَ كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * ياليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه ))
ثم
(( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ))
وماذا فيه ؟
كل صغيرة وكبيرة
(( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال ِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً ))
فلابد أن نعمل لتكون ملفاتنا بيضاء نقية ,
لابد أن نهتم بملفاتنا الأخروية كما نهتم بملفاتنا الدنيوية في المرافق الحكومية
وكيف يكون هذا الاهتمام ؟
بالعمل الصالح
ولدتك أمك باكياً مستصرخاً ..... والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا ..... في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
فلندرك أنفسنا قبل أن
(( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون))
قبل أن
(( ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاً ))
واعلم
(( إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ))
أُخيا لا أقول لك اعتزل الناس إلى كهف بعيد , فهذا ليس من الإسلام في شيء ولكن أقول لك
«ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم»(4)
------------
(4) حديث أبي هريرة في البخاري (7288) ومسلم
------------
((فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ))
لأن
(( من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ))
واعلم أنه
(( إنما يتقبل الله من المتقين )).
هذا
وإن أصبتُ فمن الله وحده ,
وإن أخطأت فمني ومن الشيطان الرجيم أعاذنا الله منه ومن وساوسه اللهم آمين.
وأسأل الله لي وللمسلمين عامة الهداية والتوفيق إلى ما يحب ربنا ويرضى والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أبو محمد (أحمر العين)
23/ذو القعدة/1418هـ
21/3/1998م