طيف المدينة
20 May 2009, 05:11 AM
روايات حزينة تبكي ذكريات جميلة مضت وآمال تستشرف غداً آمناً
العيص شبه خاوية بعد نزوح 90% من السكان
شبكة أخبار -http://www.a5baar.com/images/news/watan.jpg
المدينة المنورة، العيص: مخلد الحافظي
لم يكن أحد يتوقع أن يختفي سكان العيص من منازلهم وشوارعهم وقراهم وهجرهم بين عشية وضحاها، لتتحول نوافذ البيوت وأحواشها وساحاتها وكل شبر فيها بعد قصة الرحيل المر إلى شاهد يسجل ذكريات الحدث الصعب.
هكذا حولت الهزات المتوالية التي ضربت العيص وقراها تلك المنطقة الوادعة إلى بلدة شبه خاوية إلا من ضجيج المعدات وأنفاس بعض من بقوا فيها خصوصا العاملين في الدوائر الحكومية وبعض المحال التجارية وبعض السكان، الذين لم تقو قلوبهم على ترك مدينتهم التي أودعوها كل أسرارهم وذكريات حياتهم.
"الوطن" جالت في شوارع العيص وقراها تتصفح ملامح المكان الذي كان يعج بالحياة بعد أن نزح منه أكثر من 90% من سكانه عقب تطور وتيرة الهزات التي ضربتها. وهكذا باتت ملاعبها الرياضية خالية من الشباب والأطفال، الذين كانوا يمارسون بها رياضتهم، فيما بقيت بعض مقاهي كبار السن فيها خالية إلا من مقاعدها التي كانت تتدفق بحديث الكبار.
مدارس العيص هي الأخرى لم تكن ببعيدة عن ذلك المشهد الحزين، حيث باتت معظمها مغلقة بعد أن اضطر معلموها وطلابها لتركها إثر الهزات التي حذرت الجهات المعنية من خطورتها ليتوزعوا مجبرين على عدد من المناطق في المدينة وينبع وجدة وعدد من المناطق الأخرى.
بعض من التقت بهم "الوطن" من المواطنين والمقيمين وبعض من باتوا يلملمون بقايا أغراضهم استعدادا للرحيل رووا قصة رباطة جأش أهالي العيص الذين تمسكوا بأرضهم إلى أن أجبرتهم الظروف أخيرا على ترك منازلهم كرها، بعد أن تطور الوضع فيها إثر تحذيرات الجهات المعنية من خطورة الوضع.
يقول العم محمد بائع في أحد المحلات التجارية، إنه يحق للعيص أن تبكي أهلها، مشيرا إلى أنه افتقد حس الأطفال حين كانوا يخرجون من المدارس بحثا عن البسكويت والعصير والذي لا يجد من يبحث عنه إلا بعض العابرين هنا أو هناك.
ويضيف أنه لم يفقد الأمل في أن تعود الأمور كما كانت إلى وضعها السابق، مشيرا إلى أنه متأكد أن الجميع يتضرع إلى الله بأن تنزاح هذه الغمة قريبا.
وفي طريقها للقراصة، شاهدت "الوطن" عددا ممن تبقى من المواطنين الذين باتوا مقتنعين إثر الهزات المتوالية بأنه لا مناص من ترك المنازل والاتجاه إلى مناطق الأمان. وقد خلت قرية
القراصة وهدمة من السكان. والتقت "الوطن" ببعض رعاة المواشي حيث قال عامل سوداني قابلناه في الطريق إن الناس- ورغم كل الظروف التي مروا بها- لم يفقدوا الأمل بالله، فهم تعودوا على العودة إلى المنازل للاطمئنان عليها وعلى أغنامهم مع إشراقه كل فجر جديد.
ويقول العامل عثمان إن جميع سكان القراصة غادروها بأمر من الدفاع المدني نظرا لقرب القرية من خطر الهزات الأرضية والبراكين. وحين سألناه عن وضع الأغنام بالقرية، أكد لنا أن الوضع ما زال مطمئنا. وقال إن البعض قرر خلال حدوث الهزات أن يأخذ جميع أغنامه معه ويذهب بها بعيدا عن مواقع الخطر.
أم محمد، التي دخلت عقدها السابع تقول إنها لم تتخيل أن تخرج مجبرة من منزلها الذي عاشت به سنوات حياتها، مؤكدة أن الهزة الأخيرة التي ضربت العيص وأبواق الدفاع المدني التي تنبه المواطنين إلى ضرورة الرحيل أجبرتها على أن تترك منزلها وأن تغيب حتى عن قبر زوجها الذي دفن في مقبرة تجاور منزلها.
ورصدت "الوطن" في ذات السياق إغلاق جميع المحلات التجارية والمطاعم وكذلك محلات الملابس النسائية وأدوات التجميل والعطورات وكذلك إغلاق جميع مخابز الأفران. وذكر أحد أصحاب هذه المحلات أن الوضع الاقتصادي لهذه المحلات التجارية بات متأزما نظرا لقلة الدخل وخلو المدينة من السكان. ولذلك اضطر أصحاب هذه المحلات -بحسب وصفه- إلى إغلاقها مؤكدا أن المدينة بكاملها تعيش وضعا اقتصاديا ضعيفا للغاية.
ويقول المواطن عبدالله الجهني إنه أوقف مشروع بناء منزله خشية من الهزات التي قد تسبب له خسائر كبيرة في حال تطور الوضع خصوصا في ظل نزوح عدد من العمالة.
كما رصدت "الوطن" توقف أعمال البناء في 7 مبان مدرسية للبنين والبنات بمحافظة العيص. كما تم تأجيل عدد من الزيجات والمناسبات بسبب الظروف الحالية التي تعيشها المدينة.
العيص شبه خاوية بعد نزوح 90% من السكان
شبكة أخبار -http://www.a5baar.com/images/news/watan.jpg
المدينة المنورة، العيص: مخلد الحافظي
لم يكن أحد يتوقع أن يختفي سكان العيص من منازلهم وشوارعهم وقراهم وهجرهم بين عشية وضحاها، لتتحول نوافذ البيوت وأحواشها وساحاتها وكل شبر فيها بعد قصة الرحيل المر إلى شاهد يسجل ذكريات الحدث الصعب.
هكذا حولت الهزات المتوالية التي ضربت العيص وقراها تلك المنطقة الوادعة إلى بلدة شبه خاوية إلا من ضجيج المعدات وأنفاس بعض من بقوا فيها خصوصا العاملين في الدوائر الحكومية وبعض المحال التجارية وبعض السكان، الذين لم تقو قلوبهم على ترك مدينتهم التي أودعوها كل أسرارهم وذكريات حياتهم.
"الوطن" جالت في شوارع العيص وقراها تتصفح ملامح المكان الذي كان يعج بالحياة بعد أن نزح منه أكثر من 90% من سكانه عقب تطور وتيرة الهزات التي ضربتها. وهكذا باتت ملاعبها الرياضية خالية من الشباب والأطفال، الذين كانوا يمارسون بها رياضتهم، فيما بقيت بعض مقاهي كبار السن فيها خالية إلا من مقاعدها التي كانت تتدفق بحديث الكبار.
مدارس العيص هي الأخرى لم تكن ببعيدة عن ذلك المشهد الحزين، حيث باتت معظمها مغلقة بعد أن اضطر معلموها وطلابها لتركها إثر الهزات التي حذرت الجهات المعنية من خطورتها ليتوزعوا مجبرين على عدد من المناطق في المدينة وينبع وجدة وعدد من المناطق الأخرى.
بعض من التقت بهم "الوطن" من المواطنين والمقيمين وبعض من باتوا يلملمون بقايا أغراضهم استعدادا للرحيل رووا قصة رباطة جأش أهالي العيص الذين تمسكوا بأرضهم إلى أن أجبرتهم الظروف أخيرا على ترك منازلهم كرها، بعد أن تطور الوضع فيها إثر تحذيرات الجهات المعنية من خطورة الوضع.
يقول العم محمد بائع في أحد المحلات التجارية، إنه يحق للعيص أن تبكي أهلها، مشيرا إلى أنه افتقد حس الأطفال حين كانوا يخرجون من المدارس بحثا عن البسكويت والعصير والذي لا يجد من يبحث عنه إلا بعض العابرين هنا أو هناك.
ويضيف أنه لم يفقد الأمل في أن تعود الأمور كما كانت إلى وضعها السابق، مشيرا إلى أنه متأكد أن الجميع يتضرع إلى الله بأن تنزاح هذه الغمة قريبا.
وفي طريقها للقراصة، شاهدت "الوطن" عددا ممن تبقى من المواطنين الذين باتوا مقتنعين إثر الهزات المتوالية بأنه لا مناص من ترك المنازل والاتجاه إلى مناطق الأمان. وقد خلت قرية
القراصة وهدمة من السكان. والتقت "الوطن" ببعض رعاة المواشي حيث قال عامل سوداني قابلناه في الطريق إن الناس- ورغم كل الظروف التي مروا بها- لم يفقدوا الأمل بالله، فهم تعودوا على العودة إلى المنازل للاطمئنان عليها وعلى أغنامهم مع إشراقه كل فجر جديد.
ويقول العامل عثمان إن جميع سكان القراصة غادروها بأمر من الدفاع المدني نظرا لقرب القرية من خطر الهزات الأرضية والبراكين. وحين سألناه عن وضع الأغنام بالقرية، أكد لنا أن الوضع ما زال مطمئنا. وقال إن البعض قرر خلال حدوث الهزات أن يأخذ جميع أغنامه معه ويذهب بها بعيدا عن مواقع الخطر.
أم محمد، التي دخلت عقدها السابع تقول إنها لم تتخيل أن تخرج مجبرة من منزلها الذي عاشت به سنوات حياتها، مؤكدة أن الهزة الأخيرة التي ضربت العيص وأبواق الدفاع المدني التي تنبه المواطنين إلى ضرورة الرحيل أجبرتها على أن تترك منزلها وأن تغيب حتى عن قبر زوجها الذي دفن في مقبرة تجاور منزلها.
ورصدت "الوطن" في ذات السياق إغلاق جميع المحلات التجارية والمطاعم وكذلك محلات الملابس النسائية وأدوات التجميل والعطورات وكذلك إغلاق جميع مخابز الأفران. وذكر أحد أصحاب هذه المحلات أن الوضع الاقتصادي لهذه المحلات التجارية بات متأزما نظرا لقلة الدخل وخلو المدينة من السكان. ولذلك اضطر أصحاب هذه المحلات -بحسب وصفه- إلى إغلاقها مؤكدا أن المدينة بكاملها تعيش وضعا اقتصاديا ضعيفا للغاية.
ويقول المواطن عبدالله الجهني إنه أوقف مشروع بناء منزله خشية من الهزات التي قد تسبب له خسائر كبيرة في حال تطور الوضع خصوصا في ظل نزوح عدد من العمالة.
كما رصدت "الوطن" توقف أعمال البناء في 7 مبان مدرسية للبنين والبنات بمحافظة العيص. كما تم تأجيل عدد من الزيجات والمناسبات بسبب الظروف الحالية التي تعيشها المدينة.